ظنــت طائفــة مــن النــاس أن المــرضَ الــذي تسبّــبَ فــي ضعــفِ المسلميــن هــو تسلّــطُ الحُكّــامِ الظَلمــةِ عليهــم وجَورُهــم وظُلمُهــم .
وبنــاء علــى ذلــك ظنــت الــدواءَ : هــو السعــيُ فــي إسقــاط هــؤلاءِ الحُكّــام ، وشحــنُ نفــوسِ النــاسِ تجاهَهُــم والخــروجُ عليهــم وإشغــالُ النــاسِ بِعُيوبِهــم ومــا يفعلونــه مــن ظُلــمٍ وجَــور .
وهــذا غيــرُ صحيــح وذلــك لأنّ الحُكــامَ الظلمــة هــم عقوبــةٌ يسلطهُــم اللهُ علــى الظالميــن ، بسبــب ذنوبِهــم وتفريطِهــم , قــال تعالــى : ( وَكَذَلِــكَ نُوَلِّــي بَعْــضَ الظَّالِمِيــنَ بَعْضــاً بِمَــا كَانُــوا يَكْسِبُــونَ ) ،
فليــس الحكــامُ الظلمــةُ هــم الــدّاء ، يقــول الطرطوشــي رحمــه الله : “ لــم أزل أسمــعُ النــاسَ يقولــون : ” أعمالُكُــم عُمّالُكــم –أي أعمالُكــم هــي التــي تحكُمُكُــم- كمــا تكونــوا يُولــى عليكــم ” إلــى أن ظَفَــرتُ بهــذا المعنــى فــي القــرآن , قــال الله تعالــى : ” وَكَذَلِــكَ نُوَلِّــي بَعْــضَ الظَّالِمِيــنَ بَعْضًــا ” .
وكــان يُقــالُ : “ مــا أنكــرتَ مــن زمانِــك , فإنمــا أفســدَهُ عليــكَ عملُــك ” .
وقــال عبــدُ الملــك ابــنُ مَــروان –وكــان واليــاً علــى المسلميــن - : ” مــا أنصفتمونــا يــا معشــرَ الرعيــةِ ، تريــدون منّــا سيــرةَ أبــي بكــرٍ وعمــرَ ، ولا تسيــرون فينــا ولا فــي أنفسِكــم بسيرتهمــا؟! “ .