كان الله و لا مكان
قال الشيخ محمد خليل هراس في شرح الواسطية :
إن قصارى ما يقوله المتحذلق منهم في هذا الباب : إن الله تعالى كان ولا مكان ، ثم خلق المكان ، وهو الآن على ما كان قبل المكان .
فماذا يعني هذا المخرف بالمكان الذي كان الله ولم يكن ؟ ! هل يعني به تلك الأمكنة الوجودية التي هي داخل محيط العالم ؟ ! فهذه أمكنة حادثة ، ونحن لا نقول بوجود الله في شيء منها ؛ إذ لا يحصره ولا يحيط به شيء من مخلوقاته .
وأما إذا أراد بها المكان العدمي الذي هو خلاء محض لا وجود فيه ؛ فهذا لا يقال : إنه لم يكن ثم خلق ؛ إذ لا يتعلق به الخلق ، فإنه أمر عدمي ، فإذا قيل : إن الله في مكان بهذا المعنى ؛ كما دلت عليه الآيات والأحاديث ؛ فأي محذور في هذا ؟ ! بل الحق أن يقال : كان الله ولم يكن شيء قبله ، ثم خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، وكان عرشه على الماء ، ثم استوى على العرش ، وثم هنا للترتيب الزماني لا لمجرد العطف .