كان أبي الميسور الحال يحملني من ريفنا الى المدرسة أين يضعني بين يدي الحارس الذي أعتقد أن علاقة الحزب الطيبة تربطه به وبالمدير ويتركني متوجها الى عمله فأتسلل الى الفناء مفتخرا بمعرفتي بالحارس وكأن الأرض بساط يحلق بي الى القُرَنَاِء , نلتقي ميسورنا ومستورنا تحلق أعين أكثرنا بين الفينة والأخرى الى السيد المعلم فقد يلحظ حركة أو يسمع كلمة وسط الجمع العابث في صمت فيختلط الحابل بالنابل بين من قال ومن لم يقل . وسط المواعض والحذر توضع الواجبات المنزلية على المنضدة بعد مراقبة الأضفار والأزرار وعوالق الغبار أما إذا رن جرس الخروج فوادعنا له وهو ينظر من خلف زاوية أنفه أشبه بالتودُّدِ اليه فالأم لم تكن متحكمة بالبيت مثل اليوم كي تنقذك أو تأمر الأب بسب المعلم إذا ضربك لأي سبب فرحم الله أيامنا لم نكن نعرف كلمة "السبب" ورحم الله المعلم الأشم الأنوف الذي كان يستقيل ولا يُمرِّغ أنفه تحت أرجل النساء ورحم الله أبي لم تكن أمي لتتجرَّأ على إنقاذي من بين يديه إذا لواني تحت إبطه وأشهر عصا الطاعة.
ملاحظة :الموضوع : كتبته ردا على موضوع الأخ رضا ": نداء"
أرجو ألا يُحذف فلقد كتبته شوقا لأبي ( رحمه الله ).