بعد فراقك.....

[دفئ المطر]

هكذا أحضروك.....
و على هذا الشكل كفنوك.....


في الماضي عندما كنت أسمع أن شخصا ما قد مات ...
كان يحزنني هذا الخبر....لكن.....
لم أشعر بصعوبة الموت و بمعناها الحقيقي سوى عند وفاتك يا جدي....

أتذكرك عندما أحضروك....لنلقي عليك آخر نظرة....
حملوك و صعدوا بك للأعلى مغطا بكفنك.....

الجميع يبكي بهدوء.....
كل ابنائك...احفادك...دخلوا لغرفتك ....
اقتربت منك..قبلت جبينك و لحد الآن لا ازال اشم رائحك....
و على شفتي رطوبة خدك و برودة جسمك....


اتذكر كل التفاصيل يا جدي...
إبنتك التي هي أمي بعدما ودعتك سقطت مغما عليها....
لقد سقطت بين يدي يا جدي.....

كلما اتذكر هذا الموقف تنهمر دموعي كالسيل على وجنتاي ...
أيقضتها مما كانت فيه....
بالكاد استطاعت الوقوف على قدميها...
[أريد أبي....يا أبي ذهبت و تركتني....]
لحقت بك لتراك لآخر مرة....


أعادوا إخراجك من المنزل مثلما أدخلوك....
أخذوك الى مكان لن تعود منه اليناا يا جدي ...
الصدمة تتجلى في كل ما نفعله....
كأننا من دون وعي....






و هنا وضعوك ....
في هذا المكان دفنوك....
و منه لن تعود اليناا يا جدي...

و أمام هذا المكان وقفت لأقول لك ...
جدي أحبك كثيراا لقد ذهبت و للأبد عنا...
جدي في هذا المكان الموحش سندفن فيه جميعااا....
جدي هل ستشتااق لنا؟؟...
جدي هل سترى أحبتك من سبقوك؟؟...
جدي لقد غادرتناا و لن نراك مرة آخرى يا جدي....
جدي هل أنت بخير ؟...
جدي كيف حالك الآن؟...
جدي ....و جدي ...و جدي.....


بعد وفاتك.....
بدأت أثار فقدانك تظهر ....
جدتي ....بعدما اخروجك من المنزل ....
لم ترغب بالبقاء معناا تبكي ....متأثرة....غير واعية بما تفعله...
وجهها مصفر....تنظر الينا و تقول ....[خذوني إليه.....أريد ان أكون معه....رحلت و تركتني....]
يغمي عليها تارتا ثم تستعيد وعيها تارتا آخرى.....

أتدري يا جدي
أن جدتي قد مرضت بقلبها
أخذناها الى المستشفى كادت ان تغادرنا هي الاخرى
لولا رحمة ربي علينا

أما بناتك فكل واحدة تختلف أثار صدمة فقدانك عليها...
فمنها من أخذت الى المستشفى...
و منها من ستجري عملية....
و منها ...


كل بناتك يا جدي من النوع اللاتي يخبئن كل شيء في قلوبهن...
و هذا ما زاد الطين بلتا...

أمي تقول [ بابا راح و خلالي حرقة في قلبي ...راح و ماشفتوش ...]
أما أنا يا جدي فأقول

[ يا ليتني قلت لك و انت حي كم أحبك و كم أفتخر بك لانك اروع الرجال....
جدي كنت اختبئ من وراء الباب....باب غرفتك و ورشتك لأراك من بعيد.....
كنت دائما ابتسم و تغمرني سعادة كبيرة عندما أراك.....
جدي آسفة لأني لم اقل لك اني احبك جداا ...انا نادمة لاني لم احضنك يوماا لاكون اول من تجرأ و قام بهذا ....
آسفة يا جدي حقااا آسفة...
لو أنك تعود الان فقط
لأضمك الى صدري و أقبل جبينك و أخبرك أني أحبك كثيرااا
فقط لو أنك تعود...