نعم حين تخلو العلاقة من كل غرض دنوي,و تتحول الصداقة إلى (حب في الله)...عندما تسكن الروح ,و تأنس و كيف لا تأنس و قد توحدت في غيرها ,و غدت روحا واحدة.
صديقي الذي أحسبه أخا في الله يشدني من عضدي .... (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا)
صديقي تسعدني صحبته (ورجلان تحابا في الله ,اجتمعا عليه ,وافترقا عليه)
و يسعد الإنسان بصديقه إذ كان اختاره هو عن قناعة لا ذاك الذي وضعته الظروف في طريقه......
صديقي الذي يغدو أخا في الله أشجعه على أن يتكلم عن نفسه و عن أخباره و لا أحرجه بالمزاح.....
صديقي لا ألومه عن أمر مضى وانتهى و هو لا يلومني عن أمر فات و انقضى....
صديقي أشكو إليه آلامي و أحزاني ,و يستر عيوبي......
و لا بد من شكوى إلى ذي قرابة**يواسيك او يسليك أو يتوجع
(إنما المومنون إخوة)
قالت العرب (رب أخ لم تلده أمك)و الأخ هنا هو ذاك الصديق الذي تأنس به الروح و تداوي به الجروح ,في عالم كثرت فيه عذابات الروح و آلام الجروح
و الصداقة علاقة جميلة في وسط طغت عليه المادة,و غاب فيه الضمير ,و هي تأخذ بيد المتحابين ,و تسمو بهم إلى عوالم وجدانية لتحررهم من سجن المادة , و أسر المصالح الشخصية المبيتة مسبقا .و من رُزق بصديق صادق صدوق فقد رُزق الخير كله ...فإذا وجدت من أخيك وُدا فلتتمسك به فقلما تصيب ذلك....
و تتوثق عرى الصداقة إذا خلت من كل تكلف بين المتحابين و غاب ضمير المخاطب و الغائب و حل مكانهما ضمير المتكلم فأصبحت تنادي صديقك بيا *أنــــــــا*
و لكن ما هي إلا كلمات خطتها أناملي و صدقت بها مشاعري و لكن....بكت عليها عيني و نزف بها قلبي الضعيف الذي كثيرا ما انصدم في مشاعر زائفة و قلوب جاحدة ....صديق بالكلمة و عدو بالظلمة ....يبخلك و يحسدك ...يتمنى ان يكون أحسن منك في لحظة لم تتصور أن هذا الذي ناديته يا *أنا*أصبح وحشا شرسا و عدوا بشعا لا يتمنى الخير إلا لنفسه...هذه الحقيقة و تلك كلمات نخدع بها أنفسنا لتستمر الحياة ......
يا أنا حسبتك أنا و لكن شاءت الظروف وبرهنت الأزمنة انك *أنت*و ستظل *أنت*إلى أن تتغير المشاعر و تصدق النوايا و يتغير القدر و تحلو السويعات....سويعات الرضا و التقى و الحب و العطاء و التضحية و سماحة الروح و الرقي بها إلى أعلى الدرجات....و الله المستعان
أخ ......مفقود......بل موجود معك و هو هناك ......تنتظره لساعات ......موعد زائف......مشاعر تجمدت...و كيف لا تتجمد و قد تجمدت كل المشاعر النبيلة الطاهرة النقية......و لكن كل هذا لا يهم مادام القلب طاهرا و الحب صادقا ....حبك لوجه الله هذا أعظم حب و أطهر صفة....فرحماه يا رب من هذا الزمان