![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() أولاً : مفهوم الأخوة الإيمانية : 1- الأخوة الإيمانية امتداد لمحبة الله وتوحيده : ثبتت رابطة الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ذكره ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) [ الحجرات : 10] ، فهي رابطة بعقد الله سبحانه وتعالى ، وإن أول ما يميز هذه الرابطة أنها في ذاته سبحانه وتعالى ، فمفهوم الأخوة الإسلامية هي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده ، فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته ، فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ومن يقرب من الرسل والصديقين والمؤمنين . يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) [ التوبة : 71] هكذا بهذا العموم ، فالأخوة الإيمانية تفتح لكل موحد باب عظيم للأخوة في كل أنحاء الأرض ، وما أجمله من شعور ، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا ، له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه ، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى ،فالأخوة الإيمانية فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية ، وفي هذا إلماحة إلى ضلال أولئك الذين يفرقون المسلمين والموحدين على أساس ولاءات عصبية ، وجنسيات وتابعيات مقيتة ، تفتت الأمة وتمزقها ، وتضع الحدود التي تفصل بين أبنائها . ورحم الله القائل : يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد 2- الأخوة الإيمانية أخوة في طريق تعمير الأرض وتحرير الإنسان : مما يميز الأخوة الإيمانية كذلك أنها لقاء بين الموحدين على مهام عظيمة ، وأعمال كبيرة ، تسمو بالمسلم إلى المهمة الأصيلة في تعمير الأرض بالخير ، ونشر العدل في الأرض ، ومحاربة الطواغيت ؛ فهي إذاً أخوة في سبيل تحقيق مهام جِسام في حياة البشرية لا يقدر عليها المسلم بمفرده ، وإنما تتآزر جهود المؤمنين وطاقاتهم مجتمعة لتحقيق هذه المهام العِظام . أخوة الإسلام أخوة لبناء دولة الإسلام ....وهو ما يطلق عليه أخوة المنهج . وأخوة الإسلام أخوة في طريق إزالة الطواغيت ونشر العدل في الأرض ....وهو ما يطلق عليه أخوة السلاح . وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحابة الكرام من مهاجرين وأنصار في رباط أخوة إيمانية ، أبدعت نواة لدولة حضارية عمّرت الأرض بمنهج الله تعالى . 3- الأخوة الإيمانية أخوة فوق كل العصبيات الأرضية كمثل الجسد الواحد : إن الاخوة الإيمانية أخوة إيديولوجية ، تنطلق من أسس عقدية ، فالمؤمنون والمؤمنات .. ربهم واحد ، ورسولهم واحد وقدوتهم واحدة ، وكتابهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، ومنهجهم واحد ، ومعتقدهم واحد ، وقائدهم وأميرهم واحد . فهم كالجسد الواحد الذي تسكنه روح واحدة ويديره عقل واحد وله تطلعات وأهداف واحدة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )[1] ، فهي فوق أخوة النسب ، وهي فوق أخوة القبيلة ، وهي فوق أخوة الوطن ...فوق كل الأخوات الأرضية ...تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية .
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() ثانياً : فضل التآخي بالله والتحابب فيه : وردت نصوص كثيرة في بيان فضل الأخوة في الله ، والتلاقي عليه ، والتحابب فيه ، ورتبت عليها الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الدنيا والآخرة ... وهذه طائفة منها : 1- الأخوة في الله نعمة الله وفضله : يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [ آل عمران : 103] فجعل المولى عز وجل الأخوة منحة إلهية ، ونفحة ربانية يهبها الله للمخلصين الصادقين ، يمحى بها الأحقاد الجاهلية ويزيل بها العداوة والبغضاء فتتوحد القلوب ، وتتآلف النفوس على المنهج الواحد ، والعقيدة والواحدة . 2- الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى : تحصيل محبة الله تعالى غاية قلوب الموحدين ، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الأخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم . · جاء عن النبي صلى اله عليه وسلم (أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ )[1] . ·عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْهَجِيرِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ) .[2] 3- المتآخون في الله في ظل الله تعالى : ·روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) .[3] ·عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ - وذكر منهم - وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ) .[4] ويكفى المتاحبين والمتآخين في الله شرفاً وفضلاً أن يكونوا تحت عرش الله يوم يخاف الناس وتكون الشمس منهم مقدار ميل . 4- منازل المتآخين في الله غبطة الأنبياء والشهداء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )[5]. 5- الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكمال عراه : ·يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ).[6] ·ويقول صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .[7] ·ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ).[8] خصال حسنة وطيبة ، وآثار حميدة للأخوة الإيمانية رتبتها هذه الباقة العطرة من نصوص الوحي الشريف . [1] رواه مسلم رقم ( 4656) وقال النووي في شرح الحديث : (و ( المدرجة ) بفتح الميم والراء هي الطريق , سميت بذلك لأن الناس يدرجون عليها , أي يمضون ويمشون . قوله : ( لك عليه من نعمة تربها ) أي تقوم بإصلاحها , وتنهض إليه بسبب ذلك .) [2] رواه أحمد رقم ( 20995) وهو صحيح . [3] رواه مسلم رقم ( 4655) . [4] رواه البخاري رقم ( 620) . [5] أخرجه أبو داود برقم ( 3060) وفيه انقطاع وباقي رجاله ثقات . [6] أخرجه الترمذي برقم ( 2445) . [7] متفق عليه خ برقم ( 15) م ( 60) . [8] متفق عليه خ ( 12 ) م ( 64) . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() ثالثاً : حقوق وواجبات الأخوة الإيمانية : الأخوة الإيمانية واجب ديني ، وفريضة شرعية وليسن مجرد موقف نفسي أو تنظير فلسفي ، ، بل هي مجموعة من الأعمال تظهر إلى حيز الوجود ، وتعبّر عن حقيقة الأخوة وها هنا بيان مجمل هام لواجبات الأخوة بعضهم تجاه بعض ، والتي تمليها مجموعة من النصوص الشرعية الصحيحة ، وهي مضمنة أيضا مجموعة من المستحبات التي يندب النهوض للقيام بها . فعلى كل موحد صادق أن يراجع نفسه ويرى علاقته بأخوته ومدى تطابقها مع تعليمات الشريعة السمحة . 1- محبته في الله وموالاته ، والمداومة على ذلك ما دام الأخ على عقد الإيمان : دلت النصوص أن على الموحدين أن يتبادلوا الحب في ذات الله عز وجل ، وتسود روح الأخوة فيما بينهم وقد سبقت النصوص في بيان فضل التحاب بالله . أما في بيان الوجوب فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا)[1] ويقول ابن هشام في السيرة النبوية : ( قال ابن إسحاق : ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى فقال : إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله ، تبارك وتعالى ، قد افلح من زينه اله في قلبه ، وادخله الإسلام بعد الكفر ، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه احسن الحديث وأبلغه ، أحبوا ما أحب الله ، أحبوا الله من كل قلوبكم ، ولا تملوا كلام الله وذكره ، ولا تقس عنه قلوبكم ، فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي ، وقد سماه الله خيرته من الأعمال ، ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث ، ومن كل ما أوتى الناس الحلال والحرام ، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، اتقوه حق تقاته اصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم ، وتحابوا بروح الله بينكم ، أن الله يغضب أن ينكس عهده ، والسلام عليكم ) .[2] وهذا الحديث نص في وجوب التحاب في الله تعالى بين المؤمنين ، فهو أمر والأمر محمول على الوجوب ، كما هو معلوم في أصول الفقه إلا بصارف يصرفه للندب أو الاستحباب . وقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يخبروا بعضهم بهذه المحبة ، روى أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره قال : (َ مَرَّ رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ جَالِسٌ فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا فِي اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتَهُ بِذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَأَخْبِرْهُ تَثْبُتْ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ أَوْ قَالَ أُحِبُّكَ لِلَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي فِيهِ ) . [3] وأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يتعاهدوا هذه المحبة وينموها عن طرق متعددة ، منها الإهداء من غير تكلّف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ ). [4] وأرشدهم إلى السلام لإدامة المحبة فقال صلى الله عليه وسلم : (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ) . وغيرها من الإرشادات التي سوف نأتي على معظمها في باقي الواجبات والتي يفد معظمها دوام المحبة بين الاخوة ورعايتها . وعلى ذلك فإني أقول إن المحبة بين المؤمنين هي ركن الأخوة الذي تدور عليه ، فينبغي على المتحابين في الله ، أن يتفقدوا أنفسهم وقلوبهم بين وقت وآخر ، وينظروا هل خالط هذه المحبة ما ينغصها ويكدرها ويخرجها عن حقيقتها أم لا . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() - المواساة وحسن الصحبة والعشرة : |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() - المواساة وحسن الصحبة والعشرة : |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() 4-التعاون والتآزر فيما بين الأخوان على البر والعمل الصالح : |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() رابعاً : محاذير في طريق الأخوة :[1] 1-الغيبة والنميمة و والتجسس والسخرية و التعيير والغمز : قد نهى الله سبحانه وتعالى الذين آمنوا أن يغتاب بعضهم بعضاً ، فقال تعالى : (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) [ الحجرات : 12] . والغيبة أن يذكر الإنسان أخاه في غيبته بما يكره ، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ . قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ) فمن ذكر أخاه في غيبته بما يكره مما هو فيه فتلك هي الغيبة ، ومن ذكر أخاه في غيبته بما يكره مما ليس فيه ، فقد بهته ، أي كذب عليه واتهمه بما ليس فيه . والغيبة من القبائح الاجتماعية التي لا يليق بالذين آمنوا أن يرتكبوها ، فيغتاب بعضهم بعضاً ، وقد حرمها الله ونهى عنها ، لما فيها من تقطيع أواصر الأخوة الإيمانية ، وإفساد المودات ، وبذر بذور العداوات ، وذلك لأن الغيبة في الغالب لا تبقى سرّاً ، بل يصل العلم بها لمن ذكر غيبته بما يكره ، فقلَ في الناس من يكتم حديثاً ، وعندئذٍ يغضب ممن ذكره ، ويحقد عليه ، وينتقم منه بمثل عمله أو بأقبح منه ، وفي نشر معايب الناس بين الناس تشجيع على الاستهانة بها وارتكاب مثلها أو أقبح منها ، لا سيما إذا كان المتحدث عنه من المعروفين بالاستقامة ، أو من مستورين هذا الحال ، أو ممن يشار إليه بالبنان ، أو من الدعاة إلى الخير . وللتنفير من الغيبة جعلها الله مثل من يأكل لحم أخيه ميتاً ، فقال تعالى : (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) كما سبق ، وذلك أن من يذم أخاه المؤمن ويتحدث عن نقائصه ومعايبه ، ويؤذيه أذى يشبه أذى من يعضه ويأكل لحمه ، فإذا كان ذلك في غيبته وعلى غير شعور منه ، كان كمن يعضّه ويأكل لحمه وهو ميت لا يحس ألم العضّ والأكل . وقد وردت كثير من الأحاديث في التحذير من الغيبة ليس هذا موطن بسطها . أما فيما يتعلق بالتجسس والتحسس، فالتجسس على الناس هو تبع عوراتهم وهم في خلواتهم ، إما بالنظر إليهم وهم لا يشعرون ، وإما باستراق السمع وهم لا يعلمون ، وإما بالإطلاع على مكتوباتهم ووثائقهم وأسرارهم وما يخفوه من أعين الناس دون أذن منهم . وقد نهى الله المؤمنين الموحدين عن التجسس على إخوانهم المؤمنين ، ما داموا ظاهري الاستقامة غير مجاهرين بالمعصية وكان ما يخفونه من أمورهم من السلوك الشخصي الذي يخّصهم ، ولا يتعلق بكيد يكيدونه للمسلمين . وقد نهى الله عن التجسس ، لأن من حق المسلم أن يخلوا بنفسه دون أن يطلع عليه أحد إلا الله ، ومن حقه أن يستر قبائحه ومعاصيه إذا كان له منها شيء ، وليس من حق المجتمع أن يراقبه في خلواته الخاصة ، حتى يجاهر بذنبه أو يكشف صفحة نفسه وما يخفى من مخالفاته ومعاصيه . قال تعالى : ( ولا تجسسوا ) والتجسس والتحسس كلاهما يولد في المجتمع الأحقاد ، ويورث العداوات والبغضاء ، إذ يشعر المتجسس عليه بأنه مشكوك في أمره غير موثوق ، وهما يكشفات عورات الناس ، ويتسببان في نشر الفاحشة في الذين آمنوا . أما النميمة، فالنميمة هي السعي بين الناس بالإفساد ، لتحريض الناس بعضهم على بعض ، والإيقاع بينهم ، وشحن قلوبهم بالعداء والضغينة ، والنميمة قد تكون للإفساد بين صديقين ، أو شريكين ، أو زوجين ، أو قريبين ، أو حبيبين أو أسرتين ، أو قبيلتين ، أو شعبين ، أو دولتين ، أو أي فريقين ، بينهما صلات ، ومودات . وهي أخبث وسائل التفريق الشيطانية ، وقد أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النمام لا يدخل الجنة ، روى مسلم في صحيحه عن حذيفة : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ )[2] . أما فيما يتعلق بالغمز واللمز والتعيير والسخرية ، فاللمز هو أن يعيب الإنسان أخيه في وجهه بكلام ولو خفيّ ، ورب لمز خفي هو أشد من طعن صريح ، وأعمق من جرحاً في داخل النفس ، لأنَ فيه بالإضافة إلى الطعن والتجريح بالعيب معنى استغباء الملموز واستغفاله ، فكأن اللامز يشعر اللذين في المجلس أن الملموز غبي لا ينتبه إلى الطعن الذي يوجه ضده في رمز الكلام . اللمز والغمز قبيحة اجتماعية تورث الأحقاد والأضغان ، وتقطع أواصر الأخوة الإيمانية ، وهو ظلم وعدوان وفي النهي عن اللمز يقول تعالى : ( ولا تلمزوا أنفسكم ) [ الحجرات : 11] ، ونلاحظ أن القرآن عبر عن لمز الأخ الموحد لأخيه بلمز نفسه وكأنهم جسد واحد . وكذلك السخرية فإن السخرية تنافي ما يوجبه الحق ، وهي ظلم قبيح ، وإيذاء للأخ وعدوان على كرامته ، وإيذاء لنفسه وقلبه ، ومن آثارها أنها تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة والتوادّ والتراحم ، وتبذر بذور العداوة والبغضاء ، وتولد الرغبة بالانتقام. يقول الله تعالى : (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ )[ الحجرات : 11] ، وهذا التحقير الاستصغار الذي تعبر عنه السخرية إما أن يكون له من ظاهر ما يسخر منه مبرر ، وإما أن لا يكون له مبرر مطلقاً ، وإنما كانت السخرية نوع من المقاومة العدوانية لذات الشخص المسخور منه ، أو لفكرته أو لعمله ، وكلا الأمرين ظلم قبيح وعدوان منكر يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ )[3] فهذه المنكرات الاجتماعية لها أثر كبير في تمزيق الأخوة وتشقيق جسدها ، وبذر بذور الحقد والضغينة ، وهو ما لا يرضاه المولى عز وجل ، وهو ما لا يجب أن يظهر في المجتمع المسلم . 2- الغضب والحسد يحرقان الأخوة : الغضب شعلة محرقة من النار ، تحرق الأخوة الإيمانية ، وتنزع بالإنسان لسلوك الشيطان ، ومن نتائج الغضب الحقد والحسد ولذلك فإن الدين نهى عن الغضب أشد النهي ، وأرشد لعلاجه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم موصياً الرجل الذي طلب الوصية : ( لَا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ لَا تَغْضَبْ ) [4]، وحقيقة الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام ، يقول ابن قدامة المقدسي : " متى قويت نار الغضب والتهبت ، أعمت أصحابها ، وأصمته من كل موعظة ، لأن الغضب يرتفع للدماغ ، فيغطي على معادن الفكر ، وربما تعدى إلى معادن الحس ، فتظلم عينيه حتى لا يرى بعينيه "[5]. ومدح الله سبحانه وتعالى الذين يكظمون غيظهم وغضبهم ، فقال تعالى في معرض المدح : ( والكاظمين الغيظ )[آل عمران : 134] ، وفي الحديث : (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ )[6] . وكذلك الحسد ، والحسد من شر معاصي القلوب ، ومعاصي القلوب أشد إثماً من كثير من معاصي الجوارح ، نظراً إلى آثارها الخطيرة على السلوك . وعلة داء الحسد ترجع إلى الإفراط في الأنانية وحب الذات ، مع ضعف في الإيمان بكمال حكمة الله تعالى ، الأمر الذي يفضي إلى الاعتراض على الله في حكمته التي وزع على مقتضاها عطاءه بين خلقه ليبلوهم فيما آتاهم ، فضرره من هذه الناحية يمس جانب الإيمان ويؤثر فيه . وداء الحسد قديم في الناس ، روى الإمام أحمد الترمذي عن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ )[7]. ونهى النبي عن الحسد فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( ولا تحاسدوا )[8]. يقطع الحسد وشائج المودّات ، وصلات القربات ، ويفسد الصداقات ، ويولد الناس العداوات ، ويفكك افراد المجتمع ، ويباعد بين الجماعات . إن مثل الحسد كمثل مقراض خبيث ، يمشي بين الناس فيقطع الأربطة التي تصل بعضهم ببعض على أساس الأخوة والمودة ، ويضع مكانها بذرة العداوة والبغضاء والحقد . في حين أن التربية الأخلاقية الإسلامية تبني المجتمع الإسلامي على أساس الأخوة ، ذات الأربطة المتينة التي تجعل المجتمع بمثابة جسد واحد . 3- العداوة والحقد : إن الحقد وما في معناه من : الضغن ، والوغر ، والدوى ، والغل يعني : حبس أو إمساك العداوة والبغضاء في الصدر للعجز عن التشفي حالا مع التربص أو التحين للتعبير عنها بصورة من الصور ، أو شكل من الأشكال , " والحقد هو العداوة الدفينة في القلب ، والعداوة هي كراهية يصاحبها رغبة بالانتقام من الشخص المكروه إلى حدّ إفنائه وإلغائه من الوجود ، ومن مرادفات الحقد تقريباً : كلمة الغل ، فالغل هو العداوة المتغلغلة في القلب ، ومن مرادفاته أيضا : الضغن ، والشحناء ، فهي جميعا كلمات تدور حول معنى واحد أو معان متقاربة ، ترجع بوجه عام إلى معنى العداوة " [9]، وقد نهى الشرع الحنيف عن البغضاء ، والحقد ، في نصوص كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : (لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ )[10]، وهذا نص صريح في النهي عن الحقد والضغينة وعن الهجران ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (َ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) [11]. 4- الكبر ورؤية الذات والغرور : الكبر هو إظهار الأخ إعجابه بنفسه بصورة تجعله يحتقر الآخرين في أنفسهم وينال من ذواتهم ، ويترفع عن قبول الحق ، وقد جاء الوعيد الشديد في الكتاب والسنة المطهرة على هذا الخلق الذميم ، لما له من آثار مدمرة على نفس المتكبر وعلى نفوس أخوته ، فالقلوب جبلت على بغض من يترفع عليها ويحتقرها ويقلل من شأنها ، فالكبر ينشر البغض بين الأخوة ، كما أن المتكبر يهلك نفسه بستر الحق وبرفضه لقبوله ، وفي ذلك يقول تعالى : ( وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) [ البقرة : 266] ويقول تعالى مبيناً مصير المتكبر : (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) [ غافر : 35] ، ويقول رسول الله صلى عليه وسلم : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ )[12] . ويتولد عن داء الكبر الذي تصاب به النفوس أنواع قبيحة من السلوك الداخي والخارجي ، فالمستكبر قد يجحد الحق الذي لغيره ، ولا يعترف له يه ، لأنه لا يريد أن يخضع لغيره ، أو لا يريد أن يتفوق عليه أو يساويه في الامتياز أحد . وحين لا يملك تغيير الواقع فيما عليه إلا أن يستره بغمطه وجحوده وتنقيصه ، وبالتعالي عليه في تصرفات وأعمال من شأنها إشعار الآخرين بأنه ذو امتياز أسمى مما لغيره . والغرور بالنفس ينفخ في صدور المستكبرين حتى يروا أنفسهم عظماء كبراء ، وهم في واقع حالهم صغار جداً ، إن شعورهم حول أنفسهم شعور هوائي صنعته الأوهام ، لا يصاحبه نماء حقيقي فيما تملكه ذات المستكبر من خصائص وقوى معنوية أو مادية . وربما يغشى الكبر على البصائر فيعميها على رؤية الحق حقاً والباطل باطلاً ومن أجل ذلك تتمادى في طغيانها . وما يزال الغرور بالنفس ينتفخ وينتفخ ، وتنتفخ النفس به ، حتى تنفجر وتتمزق ، أو تصطدم بما يهشمها ويحطمها ، وهذا من السنن الربانية الدائمة التي تقدم شواهدها من الواقع الإنساني ، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً . 6-آفات أخرى مع التقصير في تأدية واجبات الأخوة : وهناك آفات كثيرة تأثر في الأخوة الإسلامية وتضعفها ، مثل : الهجر ، والجفاء والغلظة ، والفضول ، والغيرة ، والغدر ، والطمع ، وسوء الظن ، والشك والريبة ، والشماتة ، والبيع على البيع ، والخطبة على الخطبة ، .....وغيرها كثير من الأمور التي نبه عليها الشرع في نصوص عديدة وليس هنا مكان بسطها ، وأردت التنويه لبعض الأمور التي تسيء للأخوة في الله ، وكذلك فإن التقصير في تأدية واجبات الأخوة الإيمانية التي سبق ذكر طرف منها ، له أثر كبير في تمزيق الأخوة الإيمانية وأضعافها ، نسأل الله أن يجنب الأخوة هذه الآفات ، ويحققهم بتحقيق أوامر الله تعالى وواجبات الشرع الحنيف تجاه الأخوة في الله . [1] استفدنا في صياغة عدد من المحاذير من كتاب الأخلاق الإسلامية للشيخ حبنكة مع تعديلات وإضافات فآجره الله. [2] مسلم رقم ( 151) . [3] الترمذي رقم ( 1850) وقال : قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَفِي الْبَاب عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي أَيُّوبَ . [4] البخاري رقم ( 5651). [5] مختصر منهاج القاصدين ( 179) . [6] أبو داود وغيره رقم ( 4147) وهو صحيح . [7] الترمذي ( 2434) صحيح . [8] سبق تخريجه . [9] الأخلاق الإسلامية ( 1/875) [10] البخاري رقم ( 5605). [11] مسلم رقم ( 4652) . [12] رواه مسلم رقم ( 131) . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() خامساً : نماذج مشرقة: حفظ لنا التاريخ نماذج مشرقة ، وصفحات مضيئة ، من صور الأخوة في الله تعالى ، رسمتها شخصيات الجيل الفريد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان ، وننقل هنا بعض الصورة المبرزة عسى أن تكون منارة للسائرين في طريق الله تعالى : أ – عن أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ) [1] . ب – عن عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو : ( أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ قَالُوا لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي )[2] . وذلك لأنهم إنما قالوا ما قالوا تولياً لله ورسوله ، ومعاداة لأعدائه ، وليس لحظ النفس أو شهوة الانتقام وشهد بذلك خاتمة أنبياء الله عليه وعلى آله صلوات وتسليمات وتبريكات من الله . فكيف حال وسائل الإعلام ، التابعة للأنظمة المتسلطة على رقاب المسلمين هذه الأيام التي تمدح الكفار والمرتدين والمنافقين ، والفسقة والزناة واللوطيين ، والمأبونيين ليل نهار ، وتسخر من المؤمنين وتسبهم وتصفهم بأقذع النعوت من التطرف ، والإرهاب والجمود ، والتخلف والظلامية !!! أليس هؤلاء قد عظموا الكافرين وعادوا الموحدين ، وهم يخوضون في غضب ربَ العالمين ؟! نسأل الله العافية . ج – عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( ثم أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا قال فبعث إليه فلم يزل يبعث إليه واحدا إلى آخر حتى تداولها سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة إلى آخر الآية ) [3] هـ - قضى ابن شبرمة حاجة كبيرة لبعض إخوانه ، فجاء بهدية ، فقال أبن شبرمة : ما هذا ؟ قال أخوه : لما أسديته إلي من معروف . قال أبن شبرمة : خذ مالك عافاك الله ، إذ سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضاءها ، فتوضأ للصلاة وكبَر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى . وهكذا فإن أمثلة الإخاء في الله المشرقة لاتعد ولا تحصى ، على أن السلف الصالح كانوا يعيشون في ظلال الأخوة الإسلامية الوارفة متحابين متكاتفين متعاونين متفانيين رحماء بينهم ، أذلة على المؤمنين من إخوانهم ، أشداء على الكفار ، وأعزة عليهم . فحيا على رجال نجباء يتآخون في الله ، ويحيوا تاريخ أمتنا التليد ، ويصوغوا فجر صحوة تهز البيرق ، وتعيد المجد لأمة المجد . يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد وحدة قد شادها الله أضاءت للأبد وتسامت بشعار قل هو الله أحد يا أخي المسلم إنا دعاة الحق المبين ورسول الله وافى رحمة للعالمين وكتاب الله يهدي بسناه الحائرين وهو للكون ضياء وهدى للعالمين يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد يا أخي المسلم والإسلام دين للإله في حماه قد تساوى كل فرد بسواه فبلال كعلي ليس من فرق تراه كلنا لله عبد وله تعلوا الجباه |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc