![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
راي الشيخ محمد فركوس في الوهابية
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 91 | ||||
|
![]()
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 92 | |||
|
![]() بارك الله فيك |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 93 | |||
|
![]() |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 94 | |||
|
![]() |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 95 | ||||
|
![]() اقتباس:
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 96 | |||
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و أصحابه و من سار على نهحه و اقتفى آثاره الى يوم الدين و بعد: إنّ السلفيةَ تُطلَقُ ويرادُ بها أحد المعنيين: الأول: مرحلةٌ تاريخيةٌ معيّنةٌ تختصُّ بأهل القرون الثلاثة المفضّلة، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» وهذه الحِقبة التاريخيةُ لا يصحُّ الانتساب إليها لانتهائها بموت رجالها. والثاني: الطريقةُ التي كان عليها الصحابةُ والتابعون ومَن تبعهم بإحسان من التمسّك بالكتاب والسُّـنَّة وتقديمهما على ما سواهما، والعمل بهما على مقتضى فهم السلف الصالح، والمراد بهم: الصحابة والتابعون وأتباعهم من أئمّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى، الذين اتفقتِ الأُمَّة على إمامتهم وعدالتهم، وتَلَقَّى المسلمون كلامَهم بالرِّضا والقَبول كالأئمّة الأربعة، والليثِ بنِ سَعْدٍ، والسُّفيانَين، وإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، والبخاريِّ، ومسلمٍ وغيرِهم، دون أهلِ الأهواء والبدعِ ممّن رُمي ببدعة أو شهر بلقبٍ غيرِ مرضيٍّ، مثل: الخوارج والروافض والمعتزلة والجبرية وسائر الفرق الضالَّة. وهي بهذا الإطلاق تعدُّ منهاجًا باقيًا إلى قيام الساعة، ويصحّ الانتسابُ إليه إذا ما التُزِمت شروطُهُ وقواعِدُهُ، فالسلفيون هم السائرون على نهجهم المُقْتَفُونَ أثرَهم إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها، سواء كانوا فقهاءَ أو محدّثين أو مفسّرين أو غيرَهم، ما دام أنهم قد التزموا بما كان عليه سلفُهم من الاعتقاد الصحيح بالنصّ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمّة والتمسّك بموجبها من الأقوال والأعمال لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:«لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»، ومن هذا يتبيّن أنّ السلفيةَ ليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً يُنَزَّل فيها المتبوعُ مَنْزِلةَ المعصوم، ويتخذ سبيلاً لجعله دعوة يدعى إليها، ويوالى ويعادى عليها، وإنما تدعو السلفيةُ إلى التمسُّك بوصية رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتفقت عليه الأمّة، فهذه أصولٌ معصومة دون ما سواها. وهذا المنهج الربانيُّ المتكاملُ ليس من الحزبية الضيّقةِ التي فرّقت الأمّةَ وشتّتت شملَها، وإنما هو الإسلام المصفَّى، والطريقُ القويمُ القاصدُ الموصلُ إلى الله، به بعث اللهُ رسلَه وأنزل به كتبَه، وهو الطريقُ البيِّنةُ معالِمُه، المعصومةُ أصولُه، المأمونةُ عواقِبُه؛ أمّا الطرقُ الأخرى المستفتحة من كلّ باب فمسدودة، وأبوابها مغلقة إلاّ من طريق واحد، فإنه متّصلٌ بالله موصولٌ إليه، قال تعالى:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153] وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه:«خطّ لنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم خطَّا ثمّ قال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ» ثم خطّ خطوطًا عن يمينه وشماله، ثمّ قال: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾، وقد جاء في «تفسير ابنِ كثيرٍ: «أنّ رجلاً سأل ابنَ مسعود رضي الله عنه: ما الصراطُ المستقيم؟ قال: تَرَكَنَا محمّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادٌّ وعن يساره جوادٌّ، ثمّ رجال يدعون من مرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثمّ قرأ ابن مسعود الآية». وعليه يُدرك العاقلُ أنه ليس من الإسلام تكوين أحزابٍ متصارعةٍ ومتناحرةٍ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53]، فقد ذّمّ الله التحزّب والتفرّق في آياتٍ منها: قوله تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159]، وفي قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ﴾[آل عمران: 105]، وإنما الإسلام حزب واحد مفلح بنصّ القرآن، قال تعالى:﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وأهلُ الفلاح هم الذين جعل الله لهم لسانَ صِدْقٍ في العالمين، ومقامَ إحسانٍ في العِلِّـيِّين، فساروا على سبيل الرشاد الذي تركنا عليه المصطفى صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الموصلِ إلى دار الجِنان، بيِّنٌ لا اعوجاجَ فيه ولا انحرافَ قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ»واللهُ سبحانه وتعالى إِذْ سَمَّى في كتابه الكريمِ الرعيلَ الأوَّلَ ﺑ «مسلمين» لأنّ هذه التسميةَ جاءت مطابقةً لما كانوا عليه من التزامهم بالإسلام المصفّى عقيدةً وشريعةً، فلم يكونوا بحاجةٍ إلى تسميةٍ خاصّةٍ إلاّ ما سمّاهم اللهُ به تمييزًا لهم عمّا كان موجودًا في زمانهم من جنس أهل الكفر والضلال، لكن ما أحدثه الناس بعدهم في الإسلام من حوادث وبدع وغيرها ممَّا ليس منه، سلكوا بها طرق الزيغ والضلال، فتفرّق بهم عن سبيل الحقّ وصراطه المستقيم، فاقتضى الحال ودعت الحاجة إلى تسميةٍ مُطابقةٍ لِمَا وَصَفَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الفرقةَ الناجيةَ بقوله:«مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ومتميّزة عن سُبُل أهل الأهواء والبدع ليستبين أهل الهدى من أهل الضلال. فكان معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ﴾ ، إنما هو الإسلام الذي شرعه الله لعباده مجرّدًا عن الشركيات والبدعيات، وخاليًا من الحوادث والمنكرات في العقيدة والمنهج، ذلك الإسلام الذي تنتسب إليه السلفية وتلتزم عقيدتَه وشريعتَه وتؤسِّسُ دعوتَها عليه، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «لا عيبَ على مَن أظهر مذهبَ السلفِ وانتسبَ إليه واعتزى إليه، بل يجب قَبول ذلك منه باتفاق، فإنّ مذهبَ السلفِ لا يكون إلاّ حقًّا»هذا، وللسلفية ألقابٌ وأسماءٌ يُعرفون بها، تنصب في معنى واحد، فهي تتفق ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، منها: «أصحاب الحديث والأثر» أو «أهل السُّنَّة»، لاشتغالهم بحديث رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وآثارِ أصحابه الكرام رضي الله عنهم مع العمل على التمييز بين صحيحِها وسقيمها وفهمها وإدراك أحكامها ومعانيها، والعملِ بمقتضاها، والاحتجاجِ بها، وتسمى ﺑ «الفرقة الناجية» لأنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «إِن بَني إِسرائيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّة، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلّها في النّارِ إلا مِلَّة واحدة» فقيل له: ما الواحدة؟ قال: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيومَ وَأَصْحَابي»، وتسمى -أيضًا- ﺑ «الطائفة المنصورة»، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(وتسمى ﺑ «أهل السُّنَّة والجماعة» لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»(، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(، والمراد بالجماعة هي الموافقةُ للحقّ الذي كانت عليه الجماعةُ الأولى: جماعةُ الصحابة رضي الله عنهم، وهو ما عليه أهلُ العلم والفقه في الدِّين في كلّ زمان، وكلُّ من خالفهم فمعدود من أهلِ الشذوذ والفُرقة وإن كانوا كثرة قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ فَارَقُوا الجَمَاعَةَ، وَإِنَّ الجَمَاعَةَ مَا وَافَقَ الحَقَّ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ»( والنبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وصف الفِرقةَ الناجيةَ بقوله:«مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»، وهذا التعيين بالوصف يدخل فيه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه دخولاً قطعيًّا ولا يختصّ بهم بل هو شاملٌ لكلّ من أتى بأوصاف الفِرقة الناجية إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومن عليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في معرض تعيين الفرقة الناجية: «وبهذا يتبيّن أنّ أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنّة، الذين ليس لهم متبوع يتعصّبون له إلاَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمّتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعًا لها: تصديقًا وعملاً وحبًّا وموالاةً لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملةَ إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا يُنَصِّبُون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم وجُمل كلامهم إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بل يجعلون ما بعث به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونههذا، ولا يعاب التسمي ﺑ «السلفية» أو ﺑ «أهل السنة والجماعة» أو ﺑ «أهل الحديث» أو ﺑ «الفِرقة الناجية» أو «الطائفة المنصورة»؛ لأنه اسم شرعيٌّ استعمله أئمة السلف وأطلقوه بحسَب الموضوع إما في مقابلة «أهل الكلام والفلسفة» أو في مقابلة «المتصوفة والقبوريين والطُّرُقيِّين والخُرافِيِّين» أو تُطلق بالمعنى الشامل في مقابلة «أهل الأهواء والبدع» من الجهمية والرافضة والمعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرِهم. لذلك لما سُئل الإمام مالك -رحمه الله- مَن أهلُ السُّنَّة؟ قال: «أهل السُّنَّة الذين ليس لهم لقب يعرفون به لا جهمي ولا قدري ولا رافضي» ومراده -رحمه الله- أنّ أهل السُّنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه، وبقوا متمسّكين بوصيّته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من غير انتساب إلى شخص أو جماعة، ومن هنا يُعلم أنّ سبب التسمية إنما نشأ بعد الفتنة عند بداية ظهور الفِرق الدينية ليتميّز أهلُ الحقّ من أهل الباطل والضلال، وقد أشار ابنُ سيرين -رحمه الله- إلى هذا المعنى بقوله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعتِ الفتنةُ، قالوا: سمّوا لنا رجالَكم، فيُنظَرُ إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثُهم» هذا الأمر الذي دعا العلماءَ الأثباتَ والأئمّةَ الفحولَ إلى تجريد أنفسهم لترتيب الأصول العظمى والقواعدِ الكبرى للاتجاه السلفي والمعتقد القرآني، ومن ثمَّ نسبته إلى السلف الصالح لحسم البدعة، وقطع طريق كلّ مبتدع. قال الأوزاعي -رحمه الله-:«اصبر نفسك على السنّة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفّ عمّا كَفُّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم»هذا، والسلفية إذ تحارب البدعَ والتعصّبَ المذهبيَّ والتفرّقَ إنما تتشدّد في الحقّ والأخذ بعزائم الأمور والاستنان بالسنن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا بـاطل فيه، وصِدق لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواء مبانيه وأركانه أو مظاهره من: تقصير الثوب وإطالة اللحية والسواك والجلباب، ونحو ذلك كلّها من الدِّين، والله تعالى يأمرنا بخصال الإسلام جميعًا وينهانا عن سلوك طريق الشيطان، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾[البقرة: 208] وقد ذمَّ الله تعالى بني إسرائيلَ الذين التزموا ببعض ما أُمروا به دون البعض بقوله تعالى:﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: 85]. والحكم المسبق على المعيّن بدخول النار والمنعِ من دخول الجنة بتركه للهدي الظاهري للإسلام ليس من عقيدة أهل السنة لكونه حكمًا عينيًّا استأثر الله به، لا يشاركه فيه غيره، وقد بين الله سبحانه وتعالى أنّ استحقاق الجنة ودخولها إنما يكمن في إخلاص العبادة لله سبحانه واتباع نبيه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وقد ذمَّ الله تعالى مقالة أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ فالسلفيةُ لا تهوِّن من شأن السنّة مهما كانت، فلا تهدر من الشرع شيئًا ولا تهمل أحكامَه، بل تعمل على المحافظة على جميع شرعه: علمًا وعملاً ودعوةً قَصْدَ بيانِ الحقّ وإصلاحِ الفساد، وقد أخبر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن الغرباء: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» والسلفيةُ ليست بدعوةٍ مُفرِّقة، وإنما دعوة تهدف إلى وحدة المسلمين على التوحيد الخالص، والاجتماع على متابعة الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والتزكيةِ بالأخلاق الحسنة، والتحلي بالخصال الحميدة، والصدعِ بالحقّ وبيانِه بالحجّة والبرهان، قال تعالى:﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ فقد كان من نتائج المنهج السلفي: اتحاد كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربهم، واجتماعهم باتباع نبيِّهم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولاً واحدًا لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة واختلفت عنهم الأزمنة، ويتعاونون مع غيرهم بالتعاون الشرعي الأخوي المبني على البرّ والتقوى والمنضبط بالكتاب والحكمة. هذا، والسلفية تتبع رسولها في الصدع بكلمة الحقّ ودعوة الناس إلى الدين الحقّ، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ والبقاء في البيوت والمساجد من غير تعليم ولا دعوة إخلالٌ ظاهر بواجب الأمانة وتبليغ رسالات الله، وإيصال الخير إلى الناس، قال تعالى:﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ فيجب على الداعية أن يدعو إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على علم ويقين وبرهانٍ على نحو ما دعا إليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، قال تعالى:﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ والعلم إذا لم يَصْحَبْهُ تصديقٌ ولم يؤازِرْهُ عملٌ وتَقْوَى لا يُسَمَّى بصيرةً، فأهلُ البصيرةِ هم أولوا الألباب كما قال تعالى:﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ ومن منطلق الدعوة إلى الإسلام المصفّى من العوائد والبدع والمحدَثات والمنكرات كان الانتساب إلى «أهل السُّـنَّة والجماعة» أو «السلفية» عِزًّا وشَرَفًا ورمزًا للافتخار وعلامةً على العدالة في الاعتقاد، خاصّةً إذا تجسّد بالعمل الصحيح المؤيَّد بالكتاب والسنّة، لكونها منهج الإسلام في الوحدة والإصلاح والتربية، وإنما العيب والذّمُّ في مخالفة اعتقاد مذهب السلف الصالح، في أي أصل من الأصول، لذلك لم يكن الانتساب إلى السلف بدعةً لفظيةً أو اصطلاحًا كلاميًّا لكنه حقيقة شرعية ذات مدلول محدّد.. وأخيرًا؛ فالسلف الصالح هم صفوة الأمّة وخيرها، وأشدّ الناس فرحًا بسنّة نبيّهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأقواهم استشعارًا بنعمة الإسلام وهدايته التي منَّ الله بها عليهم، متمثلين لأمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته قال سبحانه:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ قال ابن القيم رحمه الله تعالى:«الفرح بالعلم والإيمان والسنة دليل على تعظيمه عند صاحبه، ومحبّته له، وإيثاره له على غيره، فإذا فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبّته له ورغبته فيه، فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له، ولا يحزنه فواتُه، فالفرح تابع للمحبة والرغبة» نسأل الله أن يُعزَّ أولياءَه، ويُذِلَّ أعداءَه، ويهديَنا للحقِّ، ويرزقَنا حقَّ العِلم وخيرَه وصوابَ العمل وحُسنَه، فهو حَسْبُنَا ونعم الوكيل، وعليه الاتكال في الحال والمآل، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الشيخ العلامة أبي عبد المعزّ محمّد علي فركوس - حفظه الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 97 | |||
|
![]() جزاك الله خيرا على الموضوع القيم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 98 | |||
|
![]() الحكم على الناس بدخول الجنة أو النار |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 99 | |||
|
![]() اسجل
حذف تعليقي ؟! |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 100 | |||
|
![]()
جوزيت خيرا يا أخي الكريم
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 101 | |||
|
![]() الحمد لله الذي جعل لهذا المنهج من يذوب عنه بالحجة والدليل.فهو حقا الاسلام.بارك الله فيكما على هذه التفصيلات القيمةوالمفيدة .كتبها الله في ميزان حسناتكم وجعلها ذخرا لكم ليوم القيامة. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 102 | |||
|
![]() سنظل نكررها ونعيد التذكير بها حتى ترسخ في الاذهان،لا شيء اسمه السلفية في زماننا،هي بدعة جاءت بها الوهابية السعودية لتضليل العوام ومحدودي المستوى المعرفي العام،والديني على وجه الخصوص،قلنا لكم بأن ليس كل الناس عواما وجهلة حتى تمرروا عليهم بضاعتكم،اذا كان ال سعود انفسهم يشهدون باتفاقهم مع الوهابيين،كيف تنكرون انتم ذلك ؟؟ ام كنتم شهداء وقتها،ام اطلعتم على الغيب؟؟؟ والوهابية ليست عيبا حتى تخجلوا بها ،هي طائفة وفرقة مسلمة لها راي معين نحترمه ،مادام انه لا يخرج عن معتقد اهل السنة والجماعة،واجماع المسلمين؟؟اما راي الشيخ فركوس في الوهابية،هل تنتظرون منه ان يذم مدرسته ومنهجه؟؟وشهادة الابن هنا لاتجوز؟؟انما انظروا شهادة علماء المسلمين خارج المدرسة الوهابية مثل الازهر الشريف،القيروان ،الزيتونة،القرويين ،الشلم ،العراق ،تركيا أباكستان ،اندوسيا،ماليزيا.....وهذا هو السواد الاعظم الذي يجب ان يسأل ويستشار. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 103 | ||||
|
![]() اقتباس:
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 104 | |||
|
![]() انك تهذي بما لا تعي وهل الحق مرتبط بالسواد الاعظم الا ترى ان ذكر الكثرة جاء في القران مذموما .الحق احق ان يتبع ولو كان مع الفرد الواحد.والغريب اني اراك تصنف الناس وتسب التصنيف تلك اذا قسمة ظيزى راجع نفسك اخي الكريم .ولا تجعل نفسك كالمنبه يشغلك الاخرين وفقنا الله واياك لمعرفة الحق واتباعه. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 105 | |||
|
![]() النهضة العربية الحديثة(جزء1) 1-1-مدخــل 4 إن مصطلح "النهضة العربية الحديثة " الذي راج استعماله في النصف الثاني من القرن 19، لا يمثل مفهوم النهضة في أروبا. فإن كانت هذه الأخيرة قد تمثلت في إحياء التراث اليوناني والروماني للعودة إلى اكتشاف العمل الذي غيّبته الكنيسة أحقابا متتالية، وهي المرحلة التي مهدت لعصر الأنوار (القرن 18) ثم الحداثة الأوروبية (القرن 19)، فإن النهضة العربية الحديثة التي واكبت الحداثة الأوروبية كانت بمعنى النهوض لمقاومة التدخل الأوروبي والاحتلال الأجنبي، وهذا النهوض كان يجب أن يكون في آن واحد قيما وحركة : القيام بمعنى استرجاع القوى والاستعداد، والحركة بمعنى مواجهة التهديد الخارجي. هذا ينطبق كل الانطباق على الشام ومصر. أما الجزيرة العربية، وتحديدا منطقتي نجد والحجاز، فقد كانتا أقل معانات من التدخل الأجنبي، بسبب وعورة مسالكها وقساوة صحرائها مما ترك للقبائل العربية مجالا واسعا لحكم نفسها بنفسها. ولم يتعدّ الوجود العثماني في هذه البلاد المترامية الأطراف السواحل الغربية المطلة على البحر الأحمر وبعض المدن الهامة كمكة والمدينة في الحجاز وحيل في الشمال. غير أن تناحر القبائل الدائم وعجزها بالتالي عن بناء دولة موحدة قوية، حال دون استفادة حقيقة من ذلك الاستقلال الداخلي، وأبعد عرب الجزيرة عن جمع كلمة عرب المشرق والتأثير فيهم كما كان على عهد الخلفاء الراشدين. ولم يبدأ هذا الدور في تاريخ عرب نجد والحجاز إلا بعد استمالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأمير الدرعية النجدي محمد بن السعود في النصف الأول من القرن 18، والذي كان فاتح عهد لعمل وحدي في الجزيرة من منطلقين ديني –إصلاحي وضم سياسي إلى سلطة السعوديين المتوسعة على حساب الهاشميين والعثمانيين. ولم ينته هذا الدور الذي بدأ في النصف الأول من القرن 18 إلا بعد حوالي قرنيين من الزمن ذلك سنة 1932 بتأسيس ما يعرف اليوم بالمملكة العربية السعودية . ومن المعلوم أنه عندما سقطت الإمبراطورية العثمانية، وقع المشرق العربي تحت حكم إمبراطوريتين استعماريتين : هما بريطانيا وفرنسا. وهكذا فإن المشروع القومي العربي الذي كان من الممكن أن ينشئ الدولة العربية الواحدة، على الأقل في قسم واسع من المشرق العربي، قد وجد نفسه يواجه وضعية جديدة تماما، تمثلت في وقوع العرب مباشرة في قبضة الإنجليزية أو الفرنسية الذين قاموا بتقسيم العالم العربي، وأمعنتا في تجزئة كثير من أقطاره وعلى رأسها بلاد الشام أو سورية الكبرى. ولما كان الاستعمار الأوروبي الذي تسلط على الأقطار العربية متعدد الجنسيات، فقد عمل على ربط كل قطر عربي بأحد المراكز الاستعمارية في أروبا، إضافة إلى تنوع وجوده القانوني (استعمار رسمي، انتداب، حماية ). فقد ترتب عن هذا التنوع الاستعماري القانوني تنوع أهداف الحركات الاستقلالية العربية عربيا ودوليا. ولا ريب في أن يكون هذا التنويع القانوني يهدف عند منظريه إلى هدهدة شعوب أقطار عربية وتنميتهم بالرحيل عن أقطارهم حين تأمن وتستقر من جهة، ومن جهة أخرى كان هذا التنويع القانوني يهدف إلى خلق اختلاف بين الأقطار العربية المستعمرة نفسها، من حيث جعل كل قطر عربي يرى أن القانون في قاموس الاستعمار يختلف عن وضع القطر العربي المجاور. والنهضة العربية الحديثة بمفهوم أوسع نهضتان: الأولى سياسية قومية أجملنا الحديث عن أهم مميزاتها ومنطلقاتها في الأسطر السابقة، وسنتبع بالتفصيل نشوءها وتطورها إلى غاية قيام الدولة العربية القطرية المعاصرة في الشام، والثانية دينية ثقافية وعلمية عملت على إصلاح المجتمع والدولة ومد الحركة القومية بالمنطلقات الفكرية والنماذج الإنسانية في دائرة الانتماء الحضاري الإسلامي وهو الغالب البارز وهذا ما سوف نتناوله في القسم الثاني من عملنا هذا. 1-2-الدعوة الوهابية وآل سعود شريكا النهضة القومية في الجزيرة العربية4 نشأت الدعوة الوهابية في مطلع القرن 18. وكانت في منطلقها دعوة إصلاحية دينية، ثم كان من أمرها أن ترقت حتى بلغت في نطاقها دور النهضة الإسلامية بالمفهوم الديني، (محاربة الشرك، و إصلاح العقيدة الإسلامية) وتحقيق الوحدة السياسية داخل الجزيرة العربية، بل طمحت وعملت لتكون زعيمة الجامعة الإسلامية بدلا من العثمانيين[1]. عندما تبنها وروج لها آل سعود. بشر منشئ الدعوة الوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب، المولود ببلدة العونية (أو العينية) سنة 115ه-1703 م المتوفى بالدرعية سنة 1202 ه-1791 م بالدعوة في لين ورفق بين قومه، كما أرسل بالدعوة إلى أمراء الحجاز والعلماء في الأقطار الأخرى، ولما اضطهد في بلده خرج الى الدرعية مقر آل سعود فاستمال إليه محمدا بن السعود وهو أكبر أمراء نجد، فقبل الدعوة ودخل فيها، فاكتسب محمد بن عبد الوهاب بذلك مكانة أدبية عالية ومنزلة اجتماعية رفيعة وقوة حربية، فنشرت الدعوة في جميع جزيرة العرب باللسان عند من يقابلها وبالسيف عند من لا يقابلها، فتكونت بالتدريج وحدة دينية سياسية في جميع الصحراء العربية. ولما مات محمدا بن السعود سنة 1765م خلفه ابنه عبد العزيز الذي واصل عمل أبيه بفتح الرياض بعد سنوات من النزال معها في المرة الأولى واسترجاعها مرة أخرى سنة 1772م. وبعد إخضاعه نجدا، استولى عبد العزيز على الأماكن المقدسة ودحر الأتراك فيها.وقد كانت حكومته على عنفها مكينة عادلة، فانقطع التعدي وأمن الناس السرقات وانتشر الأمان وسادت الطمأنينة والراحة، وعُكف على العلم والتهذيب، فكان في كل واحة مدرسة، وفي كل قبيلة بدوية عدد من المعلمين. وبين 1792-1795 م استولى عبد العزيز علي الاحساء، ثم وجه قوته لقتال الشريف غالب أمير مكة، ولما بلغ الباب العالي استفحال أمر الوهابيون أمر سليمان باشا والي بغداد بتجهيز حملة عليهم ،فسير جيشا إلى الاحساء م يظفر بهم، بل زحف الوهابيين نحو العراق. وبين 1801-1802م هاجم خمسة عشر ألف مقاتل (15000) مدينة كربلاء فاقتحموها وذبحوا قسما من أهلها، ونهبوا مشهد الحسين بن علي رضي الله عنه، وأخذوا كل النفائس التي جلبها الزوار العجم. ولم يثقل ذلك على ضمائرهم لأنهم كانوا ينظرون إلى كل من يعظم القبور نظرهم الى الكافر. وكان سبب هذه النكبة هو تعدي إحدى القبائل الشيعية على قافلة وهابية. وقد عزم شاه الفرس فتح علي على تجهيز الجيش قوامه مائة ألف مقاتل (100.000)لحرب الوهابيين في عقر دارهم، وكذلك سليمان باشا والي بغداد أخذ في إعداد جيش جرار يتولى قيادته بنفسه.لكن فاجأت الفرس حرب مع الروس، وفاجأت سلميان باشا ثورة في الأكراد، فانشغل الطرفان عن قتال الوهابيين. وفي سنة 1803 اغتيل عبد العزيز من قبل شيعي فارسي، وقيل من أحد شيعة العراق قتل أولاده في واقعة كربلاء. وقد خلفه ابنه سعود، فاقتفى أثر أبيه في الغزو والفتوحات، فاستولى على البحرين1804 وغزا بلاد عمان، فصدرت الأوامر الى علي باشا والي بغداد بتجهيز حملة على الوهابيين من عرب وكرد، وأعانه في ذلك عبد الله باشا والي الشام وشريف باشا قائد جدة. وخيّم جيش علي باشا مدة شهر في الحلة م يقم إلا بمنوشات خفيفة، ثم استدعي إلى كردستان لإخماد نار ثورة قامت فيها. وفي سنة 1807م حاول الوهابيون دون جدوى اقتحام مشهد علي رضي الله عنه في العراق،وفي السنة الموالية 1808م اجتاح الوهابيون عانة على الفرات، تم اتجهوا إلى دمشق وكان عليها يوسف باشا، فأخذوه على غرة فاضطر إلى مصانعتهم ووعدهم بقبول الدعوة الوهابية هو وأهل المدينة. وقد أدى إليهم مبلغا من المال على شرط أن لا يتعرضوا لقافلة الحجيج، فوافق الوهابيون على ذلك، ثم عادوا فنهبوا الحجيج وعادوا إلى حصار دمشق، وكان الوالي قد حصّنها بعد رحيلهم أول مرة، فلم يستطيعوا اقتحام خطوطه الدفاعية. وفي هذه الظروف أحس الأمير سعود بتنامي اهتمام الدولة العثمانية بشأنه، فتقرب الى أعدائها، فاقترب من شركة الهند الإنجليزية وكذا ملك الفرس. ولم ييئس الوهابيون من الهجوم على العراق من جديد، وسورية،ففشلوا في الهجوميين. 1-3- حروب العثمانيين ضد الوهابيين 4 وقفت الدولة العثمانية على تنامي خطر الوهابيين على نفوذها في الجزيرة وفي المشرق، فعزمت على كسر شوكتهم، فاستنجدت بمحمد علي والي مصر وزودته بضباط غربيين فنظموا له جيشا قويا، ودربه تدريبا على الطريقة الغربية وجهزوه بالأسلحة النارية الغربية، وكان غالب هذا الجيش مؤلف من المقاتلين الألبان الأشداء، وقد أسند محمد علي قيادة الجيش لأبنه طوسون، فتقدم نحو المدينة المنورة فهزمه الوهابيون، فأرسل محمد علي الى ولده مدادا واستعمل طاوسن من جهته قبائل البدو وقائد من قادة الوهابيين، فزحف طوسون المدينة المنورة ودخلها سنة 1812م بعد حصار طويل دام خمسة وسبعين يوما، ثم دخل مكة المكرمة في نفس السنة. و إن انهزم الوهابيين في المدينة ومكة فقد انتصروا في طرابة، شمال الجزيرة، على الجيش المصري بقيادة مصطفى بيك، الأمر الذي جعل محمد علي يقدم بنفسه إلى جدة سنة 1813م. لكنه لم يمنع الوهابيين من استرجاع بلدة قنفذة على ساحل البحر الأحمر، وهلك الأمير سعود بن عبد العزيز في الدرعية عام 1229ه-1814م على الحال الذي أوضحنا. فقام مقامه أكبر أبنائه عبد الله الذي كان أضعف أمير في هذا الدور من تاريخ السعوديين، إذ استرجع المصريون في عهده القصير قنفذة وسيطر طوسون على القصيم. ولم يوقف عبد الله زحف طوسون على المدينة المنورة إلا طلبه الصلح من طوسون. فقبل هذا الأخير على شرط أن يعترف عبد الله بن سعود بسيادة السلطان العثماني.فتم الصلح على ذلك فرجع محمد علي وابنه طاوسون إلى مصر لكن عادت الحرب بين مصر وآل سعود بسبب تباطئ عبد الله في الذهاب الى السلطان العثماني في الآستانة حسب الاتفاق المبرم بينه وبين طوسون. ويوم 28 سبتمبر1816 م وصل إبراهيم بن محمد علي على رأس الجيش المصري إلى ينبع بحرا، وصعد إلي المدينة المنورة، ومنها قصد ديار ابن السعود، فحاصر الرسّ وفتحها عنوة، ثم زحف الى بريدة وعُنيزة من القصيم ثم على شقرا ثم حاصر الدرعية ابتداء من أبريل 1816م. وبعد حصار طويل وقع خلاله تقتيل عريض لسكان الدرعية، عجز عبد الله عن صد المصريين، طلب الصلح واستسلم لإبراهيم، وانتهى به المطاف في الآستانة أين أعدمه السلطان العثماني بساحة أياصوفيا سنة 1818 1-4-إعادة تأسيس الدولة السعودية وتطورها4 خلف مشاري أخاه عبد الله في قيادة قومه، فاستولى على الدرعية بعد عودة إبراهيم باشا الى مصر. فأرسل محمد علي القائد حسين بك فظفر بمشاري وقبض عليه وأرسله إلى مصر فمات في الطريق. وحتى لا يجتمع السعوديون من جديد هدم المصريون أسوار الدرعية وتركوا فيها حامية وقائدا. ولما آلت قيادة الحامية إلى خالد باشا الذي كان مبالغا في ظلم النجديين، ثار هؤلاء بقيادة تركي بن عبد الله الذي كان مختفيا بالبصرة في لعراق، فدخل الدرعية على رأس اتباعه ففر خالد باشا إلي القصيم، وجعل تركي الرياض مقر لإقامته وإمارته، وعاد الجيش المصري إلى نجد بقيادة حسين باشا فلجأ الوهابيون إلى صحاري اليمامة فتبعهم حسين باشا إلى تلك الفيافي القاحلة فخانه الإدلاء فهلك أكثر جيشه من العطش. ولهذا السبب سئم محمد علي من قتال الوهابيين فترك تركي يقيم إمارته في الرياض حتى مقتله من قبل أحد أقاربه حوالي سنة 1830. وقاد النجديين من بعده ابنه فيصل. وبعد بداية مضطربة بدأت بقتاله لقاتلي أبيه واحتلال المصريين للرياض وفراره منها ثم عودته إليها و إلقاء القبض عليه وسجنه بمصر، وتمكنه من الفرار من سجنه والعودة إلي نجد، وتمكن فيصل بن تركي من الاستلاء على الاحساء والقطيف، وغزا بلاد عمان، وكان يقود جيشه أبنه عبد الله إلا أن المنافسة قامت بين هذا وأخيه سعود على الإمارة فضعّف انقسامهما أمر الدولة الوهابية. وكان أقوى خصوم السعوديين في هذا الدور آل رشيد والأتراك، وقد سيطر آل الرشيد على القسم الشمالي من نجد وأسسوا إمارتهم في حائل، وظلت سيطرة آل سعود على الرياض والخرج و القسم الجنوبي. وكان عبد الله وسعود يتنافسان عليها ثم ظهر أخ ثالث وهو عبد الرحمان بن فيصل الذي بايعه أهل الرياض حاكما وإماما، ثم تنازل بعد سنة لأخيه عبد الله. غير أن عبد الرحمن بن فيصل عاد فتحالف مع آل سعود في الرياض ضد آل الرشيد. وحول محمد بن الرشيد التخلص منه، فدارت مناوشات بين الرجلين انتهت بهزيمة عبد الرحمن ولجوئه إلى الكويت عام 1300ه-1883م. وقام بعده ابنه عبد العزيز لاسترجاع مجد أجداده فقام سنة 1901 م بحملة على المناطق الموالية لآل سعود في الجنوب والرياض التي كانت بعيدة عن مركز نفوذ ابن الرشيد. وقد التف حوله عبد العزيز أنصار وبعض القبائل، وقد أزعج ذلك أمير حائل محمد بن الرشيد حليف الدولة العثمانية، فاستنجد بها ابن الرشيد، فأخذت تقيم الصعوبات في طريف عبد العزيز ومنعه من تلقي العون من الاحساء. وبالرغم من فشل محاولته الأولى لاسترجاع الرياض أعد المحاولة بعض بضعة أشهر فاستولى على المدينة، ثم تابع عبد العزيز قتال خصومه الذين كان أبرزهم ابن الرشيد وحلفاءه الأتراك. وخلال هذه الأحداث شعر عبد العزيز بقوة خصومه، فاتصل بالحكومة البريطانية طالبا منها التدخل لمنع الحكومة التركية من مساعدة ابن الرشيد وإرسالها إمدادات حربية له (1904م). غير أن الحكومة البريطانية قد فضلت التريث وعدم إثارة تركية : فقد كانت هناك مصالح أهم كانت بريطانيا تريد تسويتها مع تركيا وألمانيا، تتعلق بمد الخط الحديدي إلى بغداد، وكانت بريطانيا تريد أيضا التفاهم مع روسيا للوصول إلى اتفاق بخصوص إيران. ثم إن الإنجليز قد توقعوا أن ضعف تركيا وأزمتها الداخلية وأطماع الدول الكبرى في ممتلكتها كانت ترشحها للانحصار داخل حدودها والانسحاب من مناطق نفوذها غير الهامة إما عاجلا أم آجلا. غير أن هذا لم يمنع عبد العزيز من الاستلاء على القسم الجنوبي من نجد ثم على القصيم سنة 1906 م، فانسحب الأتراك من هذه المناطق، وبانسحابهم ضعف موقف آل الرشيد، ثم ازداد ضعفا بعد مقتل زعيمهم عبد العزيز بن متعب وكثرة اختلافهم. بعدها جابه عبد العزيز خصوما متعددين في آن واحد هم الحسين شريف مكة، الذي هاجم نجد وآل الرشيد، وثورة أبناء أعمامه في الجنوب، وخرج منتصرا على الجميع. كما استغل فرصة ضعف تركيا بعد حرب البلقان واستولى على إقليم الاحساء سنة 1913 بمساعدة الإنجليز. وأتناء الحرب العالمية الأولى سعت بريطانيا لإقرار نوع من الوفاق المؤقت بين عبد العزيز والشريف حسين، يحول دون مهاجمة عبد العزيز للشريف حسين أو تهديده له. و من المعروف أن بريطانيا كانت في ذلك الوقت تفاوض الشريف حسين للانتفاع بمركزه كشريف مكة، وسليل الهاشميين في مقاومة الأتراك. وهكذا عقدت بريطانيا مع عبد العزيز "معاهدة صداقة" عرفت بمعاهدة القطيف (1915م). وكانت في غير صالح عبد العزيز لما تضمنته من الشروط التي تحد من سيادته. وقد بقى عبد العزيز على الحياد أثناء الحرب العالمية الأولى، فلم يستجب لضغوط الإنجليز عليه ليحارب الأتراك،. ولا انظم إلى الثورة العربية بقيادة الشريف حسين الهاشمي[2] وهذا الموقف مكنه من تدعيم سلطته الداخلية واحتلال كل الأراضي الخاضعة لآل الرشيد وضمها إلى سلطته النجدية عند انتهاء عام 1921م وبعد الحرب العالمية الأولى كانت الحجاز دولة على رأسها الشريف حسن بن علي، وفي العراق دولة لنجله فيصل وفي شرق الأردن إمارة يحكمها نجله الأخر عبد الله، وكانت بريطانيا تؤيدهم جميعا. واستأنفت الحرب بين السعوديين والهاشميين، فوقعت مناوشات بين نجد والعراق وبين نجد وشرق الأردن، وقد اضطلع الإنجليز في مؤتمرات الصلح التي عقدها الطرفان المتقاتلان بدور الوسيط المهدئ. وقد تمكن السعوديون في هذه المرحلة من احتلال مناطق الجوف ووادي سرحان وغيرها،كما استولوا بين 1922و1926م على إمارة عسير التي كان يحكمها آل عائض والادارسة. وفي سنة 1343هـ و1924م زحف السعوديون على الحجاز وهزموا الجيش الهاشمي في موقعة "الهدى" وكان ذلك سببا في تنازل الملك حسين بن علي عن العرش لنجله الأكبر علي بن الحسين الذي حاول، دون جدوى، صد السعوديين ومنعهم من دخول مكة، فانتقل إلى جدة فاسحا لهم المجال. وقد شجع هذا الاستعمار السعوديين على مواصلة الزحف على معاقل الهاشميين، حتى احتلوا المدينة المنورة(1925م ). وبعد وساطة إنجليزية طلبها الملك علي بن الحسين، اتفق الطرفان المتنازعان على أن يتنازل هذا الأخير عن العرش. وهكذا بسط السعوديون سلطتهم على الحجاز كله،(1926م)، بينما لجأ الملك الهاشمي إلى أخيه فيصل في العراق. وتلاشت وانتهت هكذا الدولة الحجازية التي أسسها الملك حسين، وبدأت المملكة العربية السعودية تتكامل منذ ذلك الحين حتى وحد الملك عبد العزيز سنة 1932م بين أجزاء المملكة الحجازية والسلطنة النجدية والإمارات الأخرى بالتسمية المعروفة الآن وهي المملكة العربية السعودية، واتخذ مكة عاصمة لها. النهضة العربية الحديثة(جزء2) نشأت النزعة القومية والوطنية القطرية في الشعوب الإسلامية في أول عهدها نشوءا مبهما خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، ولم تنجل النزعة القومية التي مصدرها العصبية الجنسية الممقوتة إلا في خلال النصف الأخر من القرن نفسه. وقد ظهرت في "المصلحين" الأتراك في منتصف القرن التاسع عشر لتشربهم المبادئ الغربية واقتباسهم الآراء والأفكار الأوروبية في الجنسية، مما كان السبب في ظهور العصبية الجنسية فيهم قبل ظهورها في سواهم من الشعوب الإسلامية. والسبب المباشر في ظهور العصبية الجنسية التركية، إنما كان تكرار هجمات أوربة على تركية، لذا كان الأتراك كلما ازدادت الحملات الأوروبية على الأقطار العثمانية تقطع منها ما استطاعت، ازداد الترك حبا لوطنهم وتفانيا في سبيله، حتى كانت غاية الترك في عصبيتهم الجنسية تترك جميع العناصر المنضوية تحت الرعاية العثمانية على اختلاف العرق والدين، بحيث يكون من ذلك كله، حسب المصلحين الأتراك السالفي الذكر، هو الأمة التركية شعورا ولسانا. لكن غاية العصبية التركية قد اصطدمت بقوة بالعصبيات النصرانية المنافسة لها في البلقان، وكانت هذه اسبق ظهورا في الإمبراطورية العثمانية، وبالعصبية الجنسية العربية التي قد شرعت تظهر ظهورا جليا في هذا العهد. وقد خفّف السلطان عبد الحميد، الذي تولى السلطة سنة 1876م من حدة تنازع العصبيات في الإمبراطورية، إذ كان مقاوما شديدا للعصبية الجنسية التركية، وكان يرى أن من شأن هذه العصبيات، في فترة تكالب أوربا على الإمبراطورية، إن تحول بينه وبين تحقيق غايته الكبرى وهي الجامعة الإسلامية. وقد كتب بهذا الصدد في مذكرته: "لم تكن لدي الطاقة ولا القوة لمحاربة الدول الأوروبية بمفردي، ولكن الدول الكبرى التي تحكم الشعوب مسلمة عديدة في أسيا، مثل إنجلترا وروسيا، ترتعد من سلاح الخلافة الذي احمله (...) إن الدولة العثمانية تضم أجناسا متعددة من الأتراك وعرب و ألبان وبلغار ويونانيين وزنوج وعناصر أخرى، ورغم هذا فوحدة الإسلام تجعلنا أ فردا أسرة واحدة (...) يجب أن نقترب من بعضنا البعض أكثر واكثر، فلا أمل في المستقبل إلا بهذه الوحدة". وأخذ السلطان عبد الحميد في استمالة العرب والمسلمين قاطبة، وأغدق كثيرا من نعمه على أمراء العرب والمسلمين أشرافهم وزعمائهم. فقد استقدم على سبيل المثال الأسرة الهاشمية على رأسها الشريف حسين و أبنائه إلى استنبول، وبعض زعماء مسلمي الهند والتركستان، وكان أبو الهدى الصيادلي الحلبي السوري من مستشاريه الخاصين في شؤون سورية، خير الدين التونسي، والذي تبوّأ الوزارة في السلطنة، وغيرهم كثير. هذا من جهة، ومن جهة أخرى وظّف السلطان عبد الحميد الشيخ جمال الدين الأفغاني لبث فكرة الجامعة الإسلامية وتقريب وجهات النظر بين تركية و إيران. وفي الوقت ذاته أنشأ السلطان عبد الحميد المسالك الحديدية التي تفي بأغراض عسكرية كانت إليها الحاجة في سورية والحجاز : فسهل ذلك على السلطان ترسيخ قدمه وإعزاز مواقفه وشأنه في الأقطار العربية المشرقية. وكانت السكة الحديدية الحجازية من خير ما أنشئ لفائدة العرب، ولا سيما أهل سورية. وقد حدد السلطان عبد الحميد في مذكراته أهدافه سكة الحديد الحجازية بما يلي: " المهم إتمام خط سكة الحديد بين دمشق ومكة في أسرع وقت، ففي هذا تقوية للروابط بين المسلمين،كما فيه أيضا اتخاذ هذه الرابطة - بعد تقويتها- صخرة صلبة تتحطم عليها الخيانات والخدع الإنجليزية". هذا وقد كان شديد الارتياب في جماعة "تركية الفتاة" وهي جماعة من المثقفين والمستغربين الأتراك،في الغالب[3]رأوا أن إنقاذ الدولة التركية من الانهيار لا يكون إلا بنظام برلماني بالمفهوم الأوروبي. وكانت جماعة سرية بدأت في التشكل عام 1860م. وقد دعم الإنجليز تحت غطاء الماسونية جماعة مناستر، و دعم الألمان (وكانوا في تسابق فرض النفوذ وإحداث القلاقل الداخلية لتركيا) دعموا جماعة سالونيك. وقد تغلغل داخل صفوف هذه الجماعة، بعض اليهود، أشهرهم ايمانويل قراصو، وبعض الماسونيين النشيطين، منهم : أحمد رضا، رئيس شعبة جمعية "الاتحاد والترقي " في باريس ابتداء من ديسمبر سنة 1907. وتذهب بعض الدراسات الحديثة إلى التأكيد، بما لا يدع مجالا للشك أن زعيم الانقلابين، الذين أطاحوا بالسلطان عبد الحميد، ألغى الخلافة سنة 1924 وسلخ تركية من أصالتها الإسلامية، و أعنى مصطفى كمال، قد كان من يهود الدونمة.[4] وقد أثمرت جهود السلطان عبد الحميد، فزادت أسباب التواصل بين الأقطار العربية كما توفرت وسائل الثورة ضد التدخل الأوروبي، فكانت كل حملة من حملات الاعتداء الغربي على الشرق الأدنى تجمع الترك والعرب وتحملانهم على أن ينسوا أو على الأقل يتناسوا نزاعاتهم، وينصرفون للوقوف جنبا إلى جنب إزاء العدو الخارجي المشترك. وهذا في الأعم الغالب، غير أنه في العقود الستة بعد منتصف القرن التاسع عشر أخذت النزعة الجنسية والشعور القومي يظهران ويشتدان في بعض المثقفين العرب. وقد كانت سورية هذه النزعة، لأن سورية كانت هي القطر العربي الخاضع لتركية عندئذ، والأكثر من سائر الأقطار العربية تعرضا لتلقي الروح الغربية والمؤثرات الأوروبية. وقد قامت حركتان قوميتان : الأولى قبل 1877م والثانية أثناء الحرب العامية الروسية خلال نفس السنة (1877).أما الأولى فقد كانت رد فعل لا يحمل برنامجا. و أما الثانية فقد نادى أصحابها بتحطيم " النير التركي"، وإنشاء مملكة عربية متحدة الأقطار، اتحادا قائما على استقلال كل قطر في داخله (كفيدرالية)، وتشمل جميع الأقطار العربية على رأسها زعيم ديني، غلب أن يكون شريف مكة[5]. وكان نظام الحكم المقترح مزيجا بين البرلمانية الأوروبية والشورى الإسلامية على نمط الخلافة الراشدة والنموذج الوهابي الذي استلهم منا وأقام حكومة نجد. وقد سهُل على الدولة العثمانية احتواء هاتين الحركتين لقلة أتباعهما، وضعف وسائلهما. وعادت الحركة العربية للظهور في أواخر القرن التاسع عشر في شكل قلاقل واضطرابات، فسارعت الحكومة التركية إلى اضطهادها رجالها، وكان أكثرهم من السوريين، فنفتهم لتأمن من شرهم. فاستقر حال بعضهم في مصر وهي عندئذ تحت الحكم البريطاني، وبعضهم الأخر في غرب أروبا، ثم شرعوا جميعهم في العمل الحثيث لتأسيس حركة قوية منظمة، فأنشأوا " الجمعية الوطنية العربية " بباريس سنة1895م. وقد كانت الثورة التي قام بها في الحجاز واليمن ضد الأتراك سنة 1905 م محفزا هاما للحركة العربية في نشر دعوتها واغتنام الفرصة للتشهير بالأتراك، بل ذهب بعض رجال الحركة إلى طلب تدخل فرنسا، وكان هذا سبيل نجيب عازوري[6] الذي كتب كتابا طبع بباريس باللغة الفرنسية سنة 1905م، وتحت عنوان : يقظة الأمة العربية، ولم ير عازوري أي مستقبل للأمة العربية إلا على يد الدولة الأوروبية، وتحديدا فرنسا التي اعتبرها عازوري "دولة التي لها أسمى حق تاريخي و الأمة (الفرنسية) التي يقدسها الجميع في الشرق الأدنى " إن ما ذهب إليه جورج انطونيوس في كتابه يقظة العرب : تاريخ حركة العرب القومية، الصادر منذ 1939 باللغة الإنجليزية من لندن ابتداء، ثم المعرب بعد ذلك والمطبوع عدة طبعات، ما ذهب إليه انطونيوس في كتابه هذا لابد أن يعدل على ضوء الدراسات الحديثة: فكتاب عازوري ورسالته لم يتوصلا بالفعل إلى قلب المعركة، على حد تعبير انطونيوس، لكن هذا ليس لأن الحملة قد أديرت بلغة أجنبية ومن باريس، بل لان الكتاب لم يكن موجها إلى الجمهور العربي في المقام الأول. انه كان موجها إلى الجمهور الفرنسي المهم سياسيا، إذ كان عازوري في 1905 م أن تتنازل فرنسا تنازلات عريضة في الشرق الأدنى لإنجلترا، وذلك من منطلق المعارضة للحكم الحمدي. وقد قرئ الكتاب بعناية من قبل السلطات العثمانية. وفي السنة التي تلت نشر كتاب عازوري، ظهر تفنيد مؤيد للعثمانيين بقلم عربي مسيحي آخر، بالفرنسية مرة أخرى، ومطبوع في باريس أيضا، ندّد فيه مؤلفه بعازوري واعتبره عميلا لمصالح الروم الكاثوليك.[7] وفي نفس السنة التي صدر فيها هذا الكتاب الأخير، نشرت الجمعية الوطنية العربية من باريس ايضا، منشورا موجها إلى الدول العظمى بينت فيه غاياتها، وهي : الاستقلال عن الدولة التركية، وإنشاء الإمبراطورية العربية، من وادي دجلة والفرات إلى قناة السويس، ومن البحر المتوسط حتى بحر عُمان، يرأسها سلطان عربي ذو حكومة دستورية حرة. أما ولاية الحجاز عندئذ ،وفيها المدينة المنورة فيتألف منها مملكة مستقلة يرأسها ملك جامع بين كونه ملكا وخليفة لجميع المسلمين. غير أن الدول العظمى (إنجلترا وفرنسا وألمانيا وروسيا) كانت مشغولة وقتذاك بالتآمر المنسق على الدولة العثمانية، والعمل على الإطاحة بالسلطان عبد الحميد لأغراض أخرى غير أغراض العرب. لهذا لم تلتفت إنجلترا وفرنسا بالخصوص لمطالب العرب إلتفاتة تغير مجرى الأمور، فضلت الأوضاع على ما كانت عليه قبل 1906م وان توالت دون انقطاع الاضطرابات في البلاد العربية الخاضعة لتركية. وهكذا، ففي أواخر عهد السلطان عبد الحميد اشتد قلق العرب، وتنازعهم عاملان : عامل الاضطراب والثورة القومية، وعامل الجامعة الإسلامية المقتضية جمع كلمة المسلمين لمقاومة الاعتداء الأوروبي. 2-2-تطور مسار الحركة القومية العربية في عهد الاتحاديين المطالبة بحكم ذاتي لا مركزي (1909-1916) 4 ولما وقعت ثورة "تركية الفتاة" (أو الاتحاد والترقي أو اختصارا الاتحاديين) سنة 1908م ظنت الأقطار العربية أن الأمور سوف تتغير، إذ كان الاتحاديون ينادون بإشراك كل عناصر الإمبراطورية في الحكم، عندما كانوا معارضين للسلطان عبد الحميد وقبل الإطاحة به وكان نواب العرب وممثلوهم في البرلمان العثماني الجديد، قد طلبوا أن يمنحوا قسطا معلوما من الاستقلال الداخلي: أي حكم ذاتيا لا مركزيا، فرفض الاتحاديون مطلب نواب العرب ذلك لشدة ما كانوا عازمين عليه من القيام بتتريك العناصر غير التركية في جميع الإمبراطورية. ونتيجة ذلك اشتد سخط الأقطار العربية، وعاد الاضطراب يقع ويشتد وتتوسع الهوة بين الأتراك والعرب وتتعمق، حتى دُفع العرب دفعا إلى العمل على الانفصال أثناء الحرب العالمية الأولى. إن جميع الحركات والمساعي التي قام بها العرب بعد سنة 1908م، كانت أوسع مجالا ونطاقا، وابعد أفقا ومرمى، واصبح زعماء النهضة القومية في الأقطار الخاضعة لتركية على صلة وثيقة تصل بينهم. وهكذا وقع عقد مؤتمر عربي بباريس من 18 الى 23 جوان 1913م، وقد نظمته "جمعية العربية الفتاة" [8]و "حزب اللامركزية" [9]، الذي أسس 1912 م بالقاهرة. وقد ترأس المؤتمر عبد الحميد الزهراوي (كان من ممثلي ولاية دمشق في البرلمان العثماني لسنة 1908 وانتخب شكري غانم نائبا له، وشارل دباس أمينا للسر، وكان معظم المشاركين الشباب السوري واللبناني، سواء منهم من كان مقيما في الوطن العربي أو خارجه. وقد اجمع المشاركون في المؤتمر، عن طريق التصويت المباشر، على تقديم المطالب التالية للدولة العثمانية : 1-رورة الإسراع بالإصلاحات الحقيقية في المملكة العثمانية 2-ق العرب في التمتع بحقوقهم السياسية، باشتراكهم إشراكا فعليا في الإدارة المركزية للمملكة العثمانية. 3- الإنشاء، في كل ولاية عربية، لإدارة لا مركزية من صلاحيتها النظر في حاجاتها. 4-جوب ترسيم اللغة العربية في الولايات العربية، وجعلها لغة التعليم فيها الى جانب اللغة التركية. 5-حلية الخدمة العسكرية في الولايات العربية، إلا في حالة حرب أو ثورة . 6-نح الأرمن حكما ذاتيا في إطار الدولة العثمانية. وقد تقرر أن تقدم مطالب المؤتمر الى سفير الدولة العثمانية في باريس، وان تقدم أيضا للحكومات "المتحابة مع الدولة العثمانية "، والغرض من ذلك استمداد كلمة خير منها للحكومة العثمانية ". وقد ثم الاتفاق بين وفد المؤتمر العربي ومندوب الاتحاديين- وجاءت الوثيقة في اثني عشر بندا- ملخصها القبول المبدئي من طرف الحكومة التركية بإدراج اللغة العربية الى جانب اللغة التركية في التعليم والتعامل بها رسميا في البلاد العربية، وكذا خدمة الجنود العرب في البلاد القريبة منهم، وإرسالهم بالنسبة عادلة من جميع المملكة العثمانية الى اليمن والحجاز وعسير[10] وقد تمت الموافقة المبدئية كذلك بأن يكون في هيئة الوزارة ثلاثة على الأقل من العرب، ومثل ذلك من المستشارين أو المعاونين في النظارات. كما اتفقوا على تعيين اثنين أو ثلاثة عرب في كل مجلس من مجالس شورى الدولة العثمانية، وأكثر من هذا العدد في دوائر هامة في الدولة. وأخيرا، تعيين خمسة ولاة على الأقل من العرب، وعشرة متصرفين، واثنين من كل ولاية في مجلس الأعيان. لكن حكومة الاتحاديين تنكرت لهذه الوعود، ورفضت إشراك العرب في السلطة الفعلية، كما رفضت استقلال العرب الذاتي واكتفت بالموافقة على إدراج اللغة العربية في التعليم الابتدائي والثانوي، أدرجها تدريجيا في التعامل الرسمي في الولايات العربية. وكان انعقاد المؤتمر العربي في باريس تنبيها جادا للدولة العثمانية، التي وقفت على الدور البارز الذي اضطلع به السوريون في الحركة العربية. ولقمع هذه الحركة عينت الحكومة التركية جمال باشا واليا على سورية في شهر ديسمبر 1913م وقد كان قبل هذا التعيين مديرا لفرع الجواسيس في جمعية الاتحاد والترقي. فتتبع نشطاء الجمعيات العربية، واعدم العديد منهم بين سنتين 1915-1916م. وسبب هذه القسوة عليهم، حسب بعض المصادر، أن السلطات العثمانية قد ضبطت في القنصليتين البريطانية والفرنسية في سوريا، بعد قيام الحرب العالمية الأولى وكان الإنجليز والفرنسيون أعداءها في هذه الحرب ضبطت وثائق فيها أسماء بعض نشطاء الجمعيات العربية كما علمت منها كذلك بعض مساعي هؤلاء، وأعضاء الجمعيات السرية. فكان هذا سببا في معاقبة الجميع وتنصيب المشانق وإعدام جمهرة من المواطنين السوريين،كان أبرزهم :عبد الحميد الزهراوي، الذي ترأس المؤتمر العربي في باريس (1913)م، وعبد الغني العريسي، أحد الأعضاء البارزين في جمعية الفتاة، ومحرر في جريدة المفيد، لسان حال هذه الجمعية، وكان سكرتير اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي في باريس. وكذا الإخوان محمد ومحمود المحمصاني، ونوري القاضي، وجرجي حداد، وسليم الجزائري، والشيخ أحمد طبارة، وشكري العسلي …الخ وقد سعى الشريف حسين وابنه فيصل في محاولة أخيرة لتسوية الأمور مع تركية [11] فاتصل الشريف حسين بالمسؤولين الكبار في استنبول، وطلب منح سورية نظام الحكم لا مركزي ومنح أسرة الحسين بن علي مكانة ممتازة في الحجاز. وكان قد طلب العفو عن رجال الحركة العربية. وكذلك حاول فيصل- الذي كان في دمشق حين صدور الحكم على الزعماء- السعي لدي جمال باشا لتخفيف تلك الأحكام عن المتهمين السياسيين في دمشق وبيروت، لكن الحكومة التركية لم تستجب لطلبيهما. بل ساءت العلاقة بين الشريف حسين والأتراك مع مر الأيام : فعمل هؤلاء على إقصائه من مركزه الديني ومركزه في الحجاز، كما عارض الأتراك توارت الأسرة الحسينية حكم إمارة الحجاز. وقد ازدادت العلاقة سوءا لما رفض الشريف حسين الإعلان عن تأييد الأتراك في الحرب العالمية الأولى، ودعوة المسلمين إلى الجهاد ضد الحلفاء، متذرعا بقرب الفرنسيين والإنجليز من إمارته. وقد تأكد للشريف حسين، بعد وقوع وثائق الوالي التركي في دمشق وهيب باشا، في يدي ابنه عليا، أن الأتراك كانوا عازمين على الإطاحة بحكمه، وقد كلفوا والي دمشق بالغدر به. وكان نشطاء الحركات العربية الذين أفلتوا من المشانق والذين لم يكتشف أمرهم قد اخذوا يتصلون بالشريف حسين، الذي تجلى له ولهم أن الحل الوحيد هو إعلان الثورة على الحكم العثماني في البلاد العربية. 2-3-الثورة العربيـة4 ساعد اتصال نشطاء الحركة العربية في سورية بالحسين وفيصل، على تحويل اتجاههم من فكرة اللامركزية ضمن نطاق الدولة العثمانية، إلى السعي للحصول على الاستقلال بالثورة بتتأيد بريطانيا، وكثمن لمساندتها في الحرب. وبدأت هذه الاتصالات عندما أوفد زعماء الحركة العربية مبعوثا إلى الحسين في مكة، هو فوزي البكري، للتشاور في الأمور العربية، ثم تطورت هذه الاتصالات عندما مر فيصل بدمشق في طريقه إلى استنبول لرفع شكوى والده من الولي التركي. وهناك اتصل بأعضاء "جمعية العهد " و"جمعية الفتاة"، فعرفوا منه بما كان يجري من الاتصالات بين والده وبين بريطانيا. بعدها وضع زعماء الحركة العربي بيانا تضمن مطالب العرب في الاستقلال عن الأتراك لقاء قيامهم بثورة على تركية، وعلى أساس الحصول من بريطانيا على ضمان استقلال البلاد العربية بعد انتهاء الحرب. وقد كان هذا البيان (الذي دعي ميثاق دمشق) محددا لحدود البلاد العربية. وقد حمله فيصل بن الحسين معه إلى مكة وقد تعهدت بريطانيا للشريف حسين بما يلي : 1-تشكيل حكومة مستقلة في داخليتها وخارجيتها، وتكون حدودها شرقا من بحر فارس ومن الغرب بحر القلزم (البحر الأحمر) والحدود المصرية والبحر الأبيض المتوسط وشمالا ولاية حلب والموصل الشمالية إلى نهر الفرات ومجتمعة مع الدجلة التي مصبها في بحر فارس، ما عدا مستعمرة عدن فإنها خارجة عن هذه الحدود. 2-تعهد بريطانيا بالمحافظة على هذه الحكومة، وصيانتها من أي تعدّ خارجي أو داخلي. 3- ُتسَلم البصرة إلى الحكومة العربية بمجرد إتمام هذه الأخيرة لتشكيلاتها المادية على أن تعين بريطانيا ماديا لتحقيق ذلك. 4- دعم بريطانيا للحكومة العربية بالسلاح والذخيرة والمال مدة الحرب.[12] لكن الغدر البريطاني والفرنسي والأوروبي عامة كان مبيّتا : إن بريطانيا وفرنسا كانتا قد وقعتا معاهدة سرية في مارس 1915م قسمتا بموجبها الأقطار العربية الخاضعة لتركية، فحصلت فرنسا على حق الامتياز على سواها في سورية وخولت بريطانيا نفس ذلك في العراق. ولم تفصل الدولتان إذ ذاك في مسالة تعيين حدود كل جهة. كذلك فقد اتفقت بريطانيا مع فرنسا وروسيا في ماي 1916م، في المعاهدة السرية المعروفة بمعاهدة سايكس-بيكو، على اقتسام ممتلكات الدولة العثمانية والبلاد العربية فحصلت روسيا على القسطنطينية وأميال على جانبي البسفور مع قسم كبير من شرق الأناضول، أما فرنسا فقد كان من نصيبها القسم الأعظم من سورية، وقسم صغير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل في العراق. بينما كانت حصة الأوسط لبريطانيا التي حصلت على قسم يمتد من أقصى الجنوب سورية عبر العراق يشمل بغداد والبصرة. والقسم الواقع بين الخليج العربي، والمنطقة المخصصة لفرنسا، وتضم حيفا، وعكا على الساحل، وقسم صغير من المنطقة الداخلية، وان تصبح هذه الأقسام مناطق نفوذ إنجليزية – فرنسية. هذا، وقد احتوت هذه المعاهدة تفصيلات تضمن مصالح الدولتين السياسية والاقتصادية في البلاد العربية. و أما فلسطين، فقد وضعت تحت إدارة دولية خاصة. وقد لعبت الحركة الصهيونية دورا كبيرا في الضغط على الوزراء البريطانيين لأخذ مثل هذا القرار، إذ كانت المنافسة على فلسطين بين بريطانيا وفرنسا على اشدها منذ أيام نابليون، وكان اليهود يفضلون أن يكونوا تحت حكم بريطانيا. وهكذا، كان هذا التدويل خطوة أولى في استبعاد فرنسا عن فلسطين ومقدمة لجعلها في المستقبل تحت النفوذ البريطاني[13]. وانطلقت الثورة العربية في هذه الظروف يوم 10جوان 1916 من الحجاز. وكان قد وصله عدد كبير من الضباط العرب الذين كانوا في الجيش العثماني، فأخذوا ينظمون جيوش الثورة، ويشرفون على المعارك. وقد خاض هذه الثورة رجال من مختلف الأقطار العربية، من سوريين، وعراقيين، ولبنانيين، وحجازيين، وفلسطينيين، ومصريين. كذلك أوفدت بريطانيا وفرنسا ضباطا وخبراء عسكريين إلى الحجاز لتنظم جيوش الثورة العربية، وكان من أبرزهم وأخبثهم أدهاهم رجل مخابرات البريطانية طوماس إدورد لورنس [14] احتل الشريف حسين بصفته "ملك الحجاز"، احتل الحجاز في يناير 1917 ماعدا المدينة المنورة التي صمدت إلى ما بعد الحرب. وقد تصدت الجيوش العربية بنجاح لحملة تركية ألمانية،كانت تحاول السيطرة على عدن والبحر الأحمر. ثم احتلت جيوش الثورة العربية العقبة في 6 يوليو 1917م والتي أصبحت مقر قيادة الثورة، وانتقل إليها فيصل بن الحسين. كما زحفت الجيوش البريطانية المدعومة بالجيوش العربية نحو الشمال فاحتلت غزة والخليل ويافا، وبيت لحم. واحتل النبِي القدس يوم 9 ديسمبر 1917، [15]ثم تقدمت تلك الجيوش إلى شرق الأردن، فاحتلت معان، وعمان، (بفتح العين) بعد معارك عديدة. وبعدها درعا، ثم دخلت جيوش الثورة دمشق في أول أكتوبر 1918م وقد استمرت الجيوش العربية بزحفها في الاتجاه البري إلى ما وراء دمشق، فدخلت حمص وحماة من جهة، ومن جهة أخرى استمرت الزحف الساحلي الذي بدأ في حيفا وعكا، إلى صور وصيدا، وبيروت، وطرابلس، وبذلك استكمل الاستلاء على بلاد الشام وشكل فيصل بعد ذلك مباشرة حكومة عربية في دمشق، ورفعت اللأعلام العربية على المدن السورية واللبنانية .[16] ولما وضعت الحرب أوزارها، وقبل إقرار الأوضاع شرعيا ودوليا، قسمت البلاد السورية إلى ثلاث مناطق بإشراف الجنرال اللنبي، وكانت المنطقة الأولى الشرقية وتشمل شرق الأردن ودمشق وحمص وحماة وحلب برئاسة الأمير فيصل. و الثانية كانت المنطقة الغربية: وشملت لبنان، ولاية بيروت، (أي صور وصيدا وطرابلس واللاذقية)، وقضائي وإنطاكية، والاسكندر ون اللذين كانتا تابعتين لحلب وكانت هذه المنطقة تابعة للإدارة الفرنسية، والمنطقة الثانية شملت فلسطين، وكانت تابعة للإدارة البريطانية. وعلى هذا الأساس شكل فيصل حكومة عربية من سوريين وفلسطينيين ولبنانيين وعراقيين وحجازيين في دمشق التي أصبحت مركز الثقل العربي حينذاك مراجع مختارة -الدباغ مصطفى، الجزيرة العربية، بيروت1963 -د.حراز،سيدرجب، الدولة العثمانية وشبه الجزيرة العربية1840-1909، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1970. -د.الحلواني، سعيد بدير، العلاقات بين مصر والحجاز ونجد في القرن 19، القاهرة، 1993. -د.عبد الرحيم عبد الرحمن، الدولة السعودية الأولى، معهد البحوث والدراسات العربية القاهرة ،1975. -عثمان بن عبد الله بن بشر، تاريخ نجد، جزءان، المملكة العربية السعودية،1974. -العجلاني، منير، تاريخ البلاد العربية السعودية، بيروت، د،ت،ط. -العقاد، صلاح، جزيرة العرب في العصر الحديث،1969. -د.العيدروس، محمد حسن، تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الكويت، ط 1، 1996 . -د.قدورة زاهية، تاريخ العرب الحديث، شبه الجزيرة العربية، كياناتها السياسية، دار النهضة العربية، بيروت، د.ت.ط -لوثروب ستودارد، ترجمة عجاج نويهض وتعليق الامير شكيب أرسلان، حاضر العالم الإسلامي، جزءان ، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، ط4 1973 -وهبة حافظ، جزيرة العرب في القرن العشرين، القاهرة ،1946. 3-2- مراجع باللغة الأجنبية4 Shirley Ray and Malin Basil ,saudi arabia ,London ,1979. Corancez ,L.A.O.Histoire des wahabies depuis leur origine jusqu’à la fin de 1809 . Paris . Tomiche .F .J , L’Arabie séoudite , Paris , P.U.F.1969 3-3- ببليوغرافية مختارة 4-طزنيوس جورج، يقظة العرب: تاريخ حركة العرب القومية، عدة طبعات، لبنان -خوري يوسف، المشاريع الوحدانية العربية 1913-1989 دراسة توثيقية، مركز دراسات الوحدة العربية ط:21990 م -أسعد داغر، ثورة العرب : مقدماتها، أسبابها، نتائجها، بقلم أحد أعضاء الجمعيات العربية، القاهرة، 1916 -سليمان موسى، الحركة العربية : مسيرة المرحلة الأولى للنهظة العربية الحديثة، 1908- 1924، بيروت دار النهار، 1970 م -لوثروب ستودارد، ترجمة عجاج نويهض وتعليق الأمير شكيب ارسلان، حاضر العالم الاسلامي، جزءان، در الفكر للطباعة والنشر، ط 4، 1973م -قدورة زاهية، تاريخ العرب الحديث، دار النهضة العربية، بيروت، ط2، 1975م [1]نظر الوهابيون ثم السعوديون الذين تبنوا الدعوة الوهابية، الى الأتراك نظرة خاصة إذا كانوا يقبرونهم غير منسجمين في العقيدة مع ما أمر به الشرع الإسلامي بتشجيعهم لبناء القبب والأضرحة مما قد يفضى عند الوهابيين الى الشرك الأكبر .وهذا وقد اعتبروهم مختصي الخلافة الإسلامية التي لا يجب أن تخرج في زعمهم من دائرة العرب في الجزيرة . [2] ساءت العلاقة بين الشريف حسين والأتراك إلى حد عملت فيه الدولة العثمانية على إقصائه من مركزه الديني ومركزه في الحجاز ،وكانت تعارض أن تتوارث أسرة الشريف الحسين حكم إمارة الحجاز.وعند قيام الحرب العامية الأولى اتصل السلطان العثماني بالشريف حسين ليؤيد الأتراك في حربهم ضد الحلفاء، ويدعوا المسلمين إلى الجهاد .فاعتذر الشريف حسين عن فعل ذلك علنا،واكتفى بالتأيد سرا خشية من انتقام الانجليز والفغرنسيين الذين كانوا قريبين من امارته .فلم يرق موقفه هذا لأتراك الذين عملوا منذ ذلك الحين على عزله .وتأكد هذا الأمر عند الشريف حسين عندما وقعت وثائق الوالي التركي وهيب باشا في يد الأمير علي بن الحسين،والتي جاء في أحدها تكليف الوالي التركي بالغدر بالشريف حسين . [3] كما كان آخرون منهم نزهاء ، عملوا على الاقتباس من الغرب ما يساعد على النهضة التركية ، دون أن يلفظوا فكرة الجامعة الاسلامية ،وابرزهم أنور باشا ، الذي قتل من طرف الروس في تركستان بعد الحرب العالمية الأولى ،أين كان يقاتل في صفوف المقاومين التركستانيين المسلمين . [4] طالع كتاب الظابط السامي التركي المتقاعد الذي لم يذكر اسمه تحت عنوان : الرجل الصنم ،كمال اتاتورك ، ترجمة عبد الله عبد الرحمان ، مؤسسة الرسالة ط،4، لبنان ،1982 . [5] هل كان هؤلاء على صلة بالانجليز ؟ ان السلطان عبد الحميد قد ذهب الى ان الانجليز كانوا يعملون حثيثا على جعل الشريف حسين أمير مكة خليفة المسلمين . وهل كان انتقال الشريف حسين وابنائه الى اسطنبول سنة 1894 م ومكوثه بها إلى غاية 1909 م بطلب من السلطان العثماني ، احتياطا للأمر وتجنبا لاتصال الإنجليز بالشريف حسين ؟ [6] من مواليد سنة 1870 في عازور ، وهي قرية في جنوب لبنان ، ويدعى والده جرجس حنا عازوري ، زاول تعليمه في اسطنبول ،ثم في باريس ،واصبح ابتداء من سنة 1898 م موظفا عثمانيا بصفة نائب والي بيت المقدس ،غادر فلسطين الى مصر سنة 1904م بعد خلاف مع كاظم بك والي بيت المقدس. [7] : وهو كتاب: Farid kassab, le nouvel empire arabe la curie romaine et le prétendu péril juif universel réponse à M.N. Azoury Paris , Giard et Briere ,1906 [8] أسسهها جماعة من الشباب السوريين الذين كانوا يدرسون بباريس [9] تسميته الكاملة هي : حزب اللامركزية الادارية العثماني [10] كانت الدولة العثمانية تخوض حربا في هذه البقاع [11] أقام الشريف حسين بالاستانة (عاصمة الدولة العثمانية وقتذاك ) مع ابنائه عليا وعبد الله وفيصلا. وقد دعاه الى تركية السلطان عبد الحميد الثاني،وقد كان سفره اليها سنة 1894م . ولم يعد الى الحجاز الا في سنة 1909 م معينا شريف على مكة وأمير للحجاز ، وقد انتخب فيصل نائبا عن جدة في مجلس النواب التركي،فشد الرحال ثانية الى اسطنبول سنة 1913م وبقى خلا السنوات التي تليها ينتقل بين العاصمة التركية والبلاد العربية . [12] وهذه الاتفاقية والتعهد البريطاني غير اتفاقية حسين - ماك ماهون ،والتي كانت عبارة عن رسالة بتاريخ 24/10/1915. والتي تحصر الحكومة العربية المزمع إنشاؤها بعد الحرب في حدود أضيق من المعاهدة أعلاه، وبشيء من التخفظ ،وبالطبع ،فقد تنكرت بريطانيا بعد الحرب لوجود مثل هذه الوعود منها للشريف حسين . [13] وقد وعد بلفور البريطاني بتاريخ 02/11/1917 اليهود باقامة وطن لهم في فلسطين .وقد كثرت شكوك العرب في نوايا الحلفاء أثناء الحرب ، فكان هؤلاؤ يطمؤنون العرب ويؤكدون لهم صدق وعودهم ، وكان اخر بيان في هذا الاتجاه البيان الانجليزي الفرنسي المشترك بتاريخ 7 نوفمبر1918 [14] أعان كثيرا الحركة الصهيونية في فلسطين [15] وقد وقف على قبر صلاح الدين الايوبي وقال:" ها قد عدنا ياصلاح الدين " [16] العلم العربي ،هو علم المملكة الأردنية اليوم |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
أحمد, الشيخ, الوهابية, فركوس |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc