هذا نص نثري لابن باديس وهو خطبة تحت عنوان
**
**قانون الثامن مارس المشؤوم**
**-الحَمْدُ لله والصّلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فقد كنت أود أنّ اجتماعنا قد كان لإطلاعكم على ما تم من أعمال العاملين في خدمة الدين ولغة الدين... وددت لو كان اجتماعنا كذلك، ولكن أنَّى يكون كذلك ؟ وقد استحوذت الأنانية على نفوس فأنستنا حق غيرها، واستولى عليها الغرور فحقّر في نظرها كل ما سواها، فصُمت آذان عن سماع كلمة الحق، وقد أخترق الآفاق دويها... وعميت أبصار عن رؤية شمس الحقيقة، وقد غمرت الكون أضواؤها... وكان أعظم البلاء على من كان من الأمم في مثل حالنا، نشقى ليسعد غيرنا، ونموت ليحيا سوانا، وإذا حيينا فبدون حقوق الحياة، واذا متنا فبدون ثمرات الموت، ثم لا ينتهي بلاؤنا عند هذا حتى يتناول اعز عزيز علينا.... هو ديننا ولغة ديننا، هو القران ولغة القران.
ب-أيها الإخوان هاهو هذا العزيز المفدى قد كشف في محاربته القناع، وأحيط به من كل جانب، وأديرت فيه الآراء، ودبرت له المكائد، ثم رمي عن قوس واحدة بالسهم المسموم: بقانون الثامن مارس المشؤوم، ذلكم القانون الذي شاهدتم أثره في المدارس والمكاتب المغلقة، وأفواج الصبيان والصبيات المشردة، وفي وقفات المحاكم التي وقفتموها والمغارم التي دفعتموها، والسجون التي دخلتموها، وما لقيتم وتلقون من جهد وعنت. اشهد انه لم ترم الجزائر المسلمة بمثل هذا السهم على كثرة الرمي وتفنن الرماة. فقد كان كل ما أصابها هو في بدنها، وفي غير معقد البقاء منها، أما هذا السهم فهو في روحها، في صميم فؤادها، في مصدر حياتها.
ج-إخواني ها أنذا قد ألقيت عليكم باسمكم خطابا هادئا أملاه العقل والوجدان، وحسبي وحسبكم شعلة الإيمان المقدسة التي تنير بصائرنا فنسير بها وراء حقنا في صراط مستقيم. "فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم".***