![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 16 | ||||
|
![]() اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 17 | |||
|
![]() آميييييين |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 18 | |||
|
![]() سورةُ النِّسَاء دليلُ قولِهم : إنَّما العفوُ ما كان عن مَقدِرَةٍ قال الله تعالى : ﴿ لاَ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَ كَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً . إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوۤءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ﴾ ( النّساء : 148-149 ) . في هاتين الآيتين فائدتان : الأولى : أنّ الله أباح للمظلوم أن يعامل الظّالم بالعدل فينتصر منه ، لكنّه لو عفا عنه لكان هو الفضل الّذي ندب الله عباده إليه ، وهذان الأمران كثيراً ما يجتمعان في آي القرآن ، كما في قوله تعالى :﴿ وَ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ ( الشّورى : 40 ) ، و قوله : ﴿ وَ لَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ من سَبِيلٍ . إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَق أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَ لَمَن صَبَرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ ﴾ ( الشّورى : 41-43 ) ، و قوله : ﴿ وَ إِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ للصَّابِرينَ ﴾ ( النّحل : 126 ) ، و هما العدل و الإحسان المذكوران في قوله تعالى في سورة النّحل ( 90 ) : ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَ ٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾ ، و هما الحقّ الجائز استيفاؤه من الصّداق و العفو المندوب إليه فيه في سورة البقرة ( 237 ) في حقّ المطلّقة غير الممسوسة و المفروض لها في قوله :﴿ وَ إِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنكَاحِ وَ أَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾ ، و هما الإنظار و التّصدّق المذكوران في حقّ المَدين في سورة البقرة أيضًا ( 280 ) في قوله : ﴿ وَ إِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَ أَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ، و هما القصاص و التّصدّق المذكوران في سورة المائدة ( 45 ) في قوله : ﴿ وَ كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَ ٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَ ٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَ ٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَ ٱلسّنَّ بِٱلسّنّ وَ ٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ﴾ . الفائدة الثانية : الله ممدوحٌ بكلّ اسمِ تسمّى به ، و بكلّ صفةٍ اتّصف بها ، و ذلك على سبيل الانفراد ، فإذا قرن اسمٌ من أسمائه بآخر أو بصفةٍ من صفاته كان كمالاً في كمالٍ ، قال ابن القيّم في " تهذيب السّنن " ( 5/179 ) : " و هذا نوعٌ آخر من الثّناء عليه غير الثّناء بمفردات تلك الأوصاف العليّة ، فله سبحانه من أوصافه العلى نوعا ثناءٍ : نوعٌ متعلِّقٌ بكلّ صفةٍ على انفرادها ، و نوعٌ متعلِّقٌ باجتماعها ، و هو كمالٌ مع كمالٍ ، وهو عامَّة الكمال " ، ثمّ مَثَّل لذلك ببعض الآيات ، منها هذه الآية الّتي اخترناها من سورة النّساء ، ثمّ قال : " و هذا يُطلع ذا اللُّبِّ على رياضٍ من العلم أنيقاتٍ ، و يَفتحُ له باب محبّة الله و معرفته ، والله المستعان و عليه التُّكلان " و بيَّن رحمه الله في " جلاء الأفهام " ( 1/318 ) أنّ اجتماع هذين الاسمين : ( العفُوّ و القَدير ) من اجتماع معنى الإكرام بمعنى العظمة ؛ و ذلك لأنّ العفوَ من معاني الإكرام و الإحسان إلى الخلق ، و أمّا القدرةُ فمن معاني العظمة كما هو ظاهرٌ ، و انظر أيضاً " مدارج السّالكين " ( 1/36-37 ) . و قد قرن الله هنا بين اسمه العفوّ و اسمه القدير لحكمةٍ بالغةٍ ، و هي أنّ عفو المجني عليه عن الجاني محبّبٌ شرعًا إذا كان عن مقدرةٍ ، و لم أرَ من نبّه على هذه الفائدة القرآنيّة البديعة قبل الإمام البخاري رحمه الله ، و ذلك فيما نقله عن إبراهيمَ النّخعي رحمه الله ، فقد قال في " صحيحه " ( 5/99 – مع الفتح ) : " باب الانتصار من الظّالم ؛ لقوله جلّ ذكره : ﴿ لاَ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَ كَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ﴾ ( النّساء ( 148 ) ﴿ وَ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ ﴾ ( الشّورى : 39 ) ، قال إبراهيم : كانوا يكرهون أن يُستذلّوا ، فإذا قدروا عفَوْا " ، و هذا الأثر وصله سفيان في " تفسيره " ( 1/168 ) و ابن أبي حاتم في " تفسيره " كما في " تفسير ابن كثير " بسندٍ صحيح ، و انظر " تغليق التّعليق " لابن حجر ( 3/332-333 ) ، ثمّ أتبعه البخاري بقوله : " باب عفو المظلوم ؛ لقوله تعالى : ﴿ إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوۤءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ﴾ ، ﴿ وَ جَزَآءُ سَيئَةٍ سَيئَةٌ ﴾ ( الشورى : 40 ) قال ابن حجر في " الفتح " ( 5/100 ) : " أي و قوله تعالى :﴿ وَ جَزَآءُ سَيئَةٍ سَيئَةٌ مثْلُهَا ﴾ إلخ ، وكأنّه يشير إلى ما أخرجه الطّبري عن السُّدِّي في قوله :﴿ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوۤءٍ ﴾ : أي عن ظلمٍ ، وروى ابن أبي حاتم عن السُّدِّي في قوله : ﴿ وَ جَزَآءُ سَيئَةٍ سَيئَةٌ مثْلُهَا ﴾ ، قال : إذا شتمك شتمته بمثلها من غير أن تعتدي ، ﴿ وَ جَزَآءُ سَيئَةٍ سَيئَةٌ مثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ ، وعن الحسن : رُخّص له إذا سبّه أحدٌ أن يَسُبَّه ، وفي الباب حديثٌ أخرجه أحمد و أبو داود من طريق ابن عجلانَ (1) عن سعيدٍ المقبُري عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه و سلّم قال لأبي بكر : ما من عبدٍ ظُلم مظلمةً فعفا عنها إلاّ أعزّ الله بها نَصْرَه (2) " . و من السّنّة الصّحيحة التي جاء التّصريح فيها بما دلّت عليه آيةُ الباب ما رواه ابن حبّانَ في " صحيحه " ( 6217 ) و حسّنه الألبانيّ في " السّلسلة الصّحيحة " ( 3350 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنّه قال : " سأل موسى ربّه عن ستّ خصالٍ كان يظنّ أنّها له خالصة ، و السّابعة لم يكن موسى يحبّها ، قال يا ربّ ! أيّ عبادك أتقى ؟ قال : الّذي يذكر و لا ينسى ، قال : فأيّ عبادك أهدى ؟ قال : الَّذي يتّبع الهدَى ، قال : فأيّ عبادك أحكم ؟ قال : الَّذي يحكم للنَّاس كما يحكمُ لنفسه ، قال : فأيُّ عبادك أعلم ؟ قال : عالم لا يشبع من العلم ، يجمع علم النَّاس إلى علمه ، قال : فأيُّ عبادك أعزُّ ؟ قال : الَّذي إذا قدر غفر ، قال : فأيُّ عبادك أغنى ؟ قال : الَّذي يرضى بما يؤتى ، قال : فأيُّ عبادك أفقر ؟ قال :صاحبٌ منقوصٌ ، قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ليس الغنىَ عن ظهر ، إنمَّا الغنى غنى النَّفس ، و إذا أراد اللهُ بعبدٍ خيراً جعل غناه في نفسه و تُقاه في قلبه ، و إذا أراد الله بعبد شرًّا جعل فقره بين عينيه " ، و معنى " صاحبٌ منقوص " أي جشع ، مهما أعطيَ من خير لم يقنَع به ، فسّره ابن حبّان بهذا في الحديث نفسه بقوله : " يستقلُّ ما أوتيَ ، و يطلب الفضل " . فإن قلتَ : كيف مدح الله الّذين ينتصرون من البغاة ، فقال : ﴿ وَ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ ﴾ ، مع أنّه مدح العافين التّاركين للانتصار في غير ما آيةٍ ؟ كان توجيه ذلك بأربعة أجوبة : الأوَّل : أن يكون الانتصارُ بقدر البغي لا يزيد عليه ، و قليلٌ من النَّاس من يصبر على ترك المجاوزة ، فمن أجل صبره على العدل في مبادلة الجاني جنايتَه كان المدحُ ، و لئلاََّ يحصلَ الظُّلم عند دفع المظلمة أتبعه الله ببيانه ، فقال بعد الآية : ﴿ وَ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾ ، أشار إليه ابن حجر في " الفتح " ( 5/99 و 100 ) و القاري في " عمدة القاري " ( 12/291 ) . الثَّاني : أنّ مدحَ العفو مقرونٌ بالقدرة ، فإذا انعدمت كان الانتصار أولى ؛ لئلاَّ يجترئَ الفسَّاقُ على الصَّالحين ، كما ذكره أبو عبيدٍ في " غريب الحديث " (3 /59-60 ) ، و لأنَّ الانتصار يكون حينئذ من النَّهي عن المنكر ، فإن عفا ولم ينتصر فقد أعان على منكر ، و نقله الثَّعالبي في " الجواهر الحسان في تفسير القرآن " (4 /114 ) عن بعض العلماء . الثَّالث : أنّ الانتصار المحمودُ هو ما كان من الّذين إذا أصابهم بغيُ المشركين في الدّين انتصروا عليهم بالسَّيف ، قاله القاري في " عمدة القاري "( 12/291 ) . الرَّابع : أنّ الانتصار غيرُ العقوبة ؛ لأنَّه مجرَّد القدرة عليها ، فإذا أمكن الله المظلومَ من ظالمه و قدر عليه عفا عنه ، قاله ابن القيّم في " الرُّوح "( ص241-243 ) ، و ابن رجبٍ في " جامع العلوم و الحكم " (275 - 276) . و الحقّ أنّه لا منافاة بين هذه الأجوبة ، و لذلك جمعها كلَّها ابن القيّم بقوله في المصدر السّابق : " و الفرق بين العفو و الذُّلّ أنّ العفو إسقاط حقّك جُوداً وكرما و إحساناً مع قدرتك على الانتقام ، فتؤثر التّرك رغبة في الإحسان و مكارم الأخلاق ، بخلاف الذُّلّ فإنّ صاحبه يترك الانتقام عجزاً و خوفاً و مهانة نفس ، فهذا مذمومٌ غير محمودٍ ، و لعلَّ المنتقمَ بالحقّ أحسنُ حالاً منه ، قال تعالى : ﴿ وَ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ ﴾ (الشّورى 39) ، فمدحهم بقوّتهم على الانتصار لنفوسهم و تقاضيهم منها ذلك ، حتىَّ إذا قدروا على من بغى عليهم و تمكّنوا من استيفاء ما لهم عليه ندبهم إلى الخلق الشَّريف من العفو و الصَّفح ، فقال : ﴿ وَ جَزَآءُ سَيئَةٍ سَيئَةٌ مثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ ( الشّورى : 40 ) ، فذكر المقامات الثَّلاثة : العدلَ و أباحه ، و الفضلَ و ندب إليه ، و الظُّلمَ و حرَّمه ، فإن قيل : فكيف مدحهم على الانتصار و العفو و هما متنافيان ؟ قيل : لم يمدحهم على الاستيفاء و الانتقام ، و إنّما مدَحهم على الانتصار ، و هو القدرة و القوّة على استيفاء حقّهم ، فلمّا قدروا ندبهم إلى العفو، قال بعض السّلف في هذه الآية : كانوا يكرهون أن يستذلُّوا ، فإذا قدروا عفوا ، فمدحهم على عفو بعد قدرة ، لا على عفو ذلّ و عجز و مهانة ، وهذا هو الكمال الَّذي مدح سبحانه به نفسه في قوله : وكان الله عفوًّا قديراً (3) ، ﴿ وَ ٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ( البقرة : 218 ) ، و في أثرٍ معروفٍ : حملةُ العرش أربعة : اثنان يقولان : سبحانك اللَّهمَّ ربَّنا و بحمدك ، و لك الحمد على حلمك بعد علمك ، و اثنان يقولان : سبحانك اللَّهمَّ ربَّنا و بحمدك ، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ، و لهذا قال المسيح صلوات الله و سلامه عليه : ﴿إِن تُعَذبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَ إِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ ( المائدة : 118 ) أي إن غفرت لهم غفرت عن عزَّةٍ : و هي كمال القدرة ، و حكمةٍ : و هي كمال العلم ، فغفرتَ بعد أن علمت ما عملوا و أحاطت بهم قدرتك ؛ إذ المخلوق قد يغفر لعجزه عن الانتقام وجهله بحقيقة ما صدر من المسيء ، و العفو من المخلوق ظاهره ضيمٌ و ذلٌّ ، و باطنه عزٌّ و مهابةٌ ، وانتقامٌ ظاهره عزّ و باطنه ذلّ ، فما زاد الله بعفوٍ إلا عزًّا ، و لا انتقم أحدٌ لنفسه إلاَّ ذلَّ و لو لم يكن إلا بفوات عزّ العفو ، و لهذا ما انتقم رسول الله لنفسه قطُّ ، و تأمّل قوله سبحانه : ﴿ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ ( الشّورى : 39 ) ، كيف يُفهَمُ منه أنَّ فيهم من القوّة ما يكونون هم بها المنتصرين لأنفسهم ، لا أنّ غيرهم هو الّذي ينصرهم ، و لمّا كان الانتصار لا تقف النّفوس فيه على حدّ العدل غالباً – بل لا بدّ من المجاوزة - شرع فيه سبحانه المماثلة و المساواة ، و حرّم الزّيادة و ندب إلى العفو ، و المقصود أنّ العفو من أخلاق النّفس المطمئنّة ، و الذلَّ من أخلاق الأمّارة ، و نكتة المسألة أنّ الانتقام شيءٌ و الانتصار شيءٌ ، فالانتصار أن ينتصر لحقّ الله و من أجله ، ولا يقوى على ذلك إلاّ من تخلّص من ذلّ حظّه و رِقِّّ هواه ، فإنّه حينئذٍ ينال حظًّا من العزّ الّذي قسم الله للمؤمنين ، فإذا بُغيَ عليه انتصر من الباغي من أجل عزّ الله الّذي أعزّه به ؛ غيرةً على ذلك العزّ أن يُستضام و يُقهر ، و حميّةً للعبد المنسوب إلى العزيز الحميد أن يُستذلّ ، فهو يقول للباغي عليه : أنا مملوكٌ من لا يُذَلّ مملوكه و لا يُحِبّ أن يُذلّه أحدٌ ، و إذا كانت نفسه الأمّارة قائمةً على أصولها لم تحبّ بعد طلبه إلاّ الانتقام و الانتصار لحظّها و ظفرها بالباغي تشفيًّا فيه و إذلالاً له ، و أمّا النّفس الّتي خرجت من ذلّ حظّها و رقّ هواها إلى عزّ توحيدها و إنابتها إلى ربّها ، فإذا نالها البغي قامت بالانتصار حميّةً و نصرةً للعزّ الّذي أعزّها الله به و نالته منه ، و هو في الحقيقة حميّةٌ لربّها و مولاها ، و قد ضُرب لذلك مثلٌ بعبدين من عبيد الغَلَّة حرّاثين ، ضرب أحدهما صاحبَه ، فعفا المضروب عن الضّارب نصحًا منه لسيّده و شفقةً على الضّارب أن يعاقبه السيّد ، فلم يجشم سيّده خلقه عقوبته و إفساده بالضّرب ، فشكر العافي على عفوه ، و وقع منه بموقعٍ ، و عبدٌ آخر قد أقامه بين يديه ، و جمّله و ألبسه ثيابًا يقف بها بين يديه ، فعمد بعض سُوَّاس الدّوابّ و أضرابهم و لطّخ تلك الثّياب بالعَذرَة أو مزّقها ، فلو عفا عمّن فعل به ذلك لم يوافق عفوُه رأيَ سيّده و لا محبّته ، وكان الانتصار أحبّ إليه و أوفق لمرضاته ؛ كأنّه يقول : إنّما فعل هذا بك جُرأةً عليّ و استخفافاً بسلطاني ، فإذا أمكنه من عقوبته فأذلّه و قهره و لم يبق إلاّ أن يَبطش به ، فذلّ و انكسر قلبه ، فإنّ سيّده يحبّ منه أن لا يعاقبه لحظةً ، و أن يأخذ منه حقّ السيّد ، فيكون انتصاره حينئذٍ لمحض حقّ سيده لا لنفسه ، كما رُوي عن عليٍّ رضي الله عنه أنّه مرّ برجلٍ فاستغاث به ، و قال : هذا منعني حقّي و لم يعطني إيّاه ، فقال : أعطه حقّه ، فلمّا جاوزهما لَجَّ الظّالم و لطَمَ صاحب الحقّ ، فاستغاث بعليٍّ ، فرجع و قال : أتاك الغوث ، فقال له : استقدمته ، فقال : قد عفوت يا أمير المؤمنين ، فضربه عليٌّ تسع دِرَر و قال : قد عفا عنك من لطمته ، و هذا حقّ السّلطان ، فعاقبه عليٌّ لمّا اجترأ على سلطان الله و لم يدعه ، و يشبه هذا قصّة الرّجل الّذي جاء إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه ، فقال : احملني ؛ فوالله ! لأنا أفرسُ منك و من ابنك ، و عنده المغيرةُ بن شعبة ، فحسر عن ذراعه و صَكَّ بها أنفَ الرّجل فسال الدّمُ ، فجاء قومه إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه ، فقالوا : أَقِدنا من المغيرة ، فقال : أنا أُقيدكم من وزَعَة الله (4) ؟! لا أُقيدكم منه ، فرأى أبو بكر أنّ ذلك انتصارٌ من المغيرة و حميّةٌ لله و للعزّ الّذي أعزّ به خليفةَ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؛ ليتمكّن بذلك العزّ من حسن خلافته و إقامة دينه ، فترك قَودَه لاجترائه على عزّ الله و سلطانه الّذي أعزّ به رسوله ودينه و خليفته ، فهذا لونٌ ، والضّرب حميّةً للنّفس الأمّارة لونٌ " . فيتلخّص من هذه الأجوبة أنّ العفو هو الجادّة المسلوكة الفضلى عند القدرة ، و لذلك جاء في " تفسير البغوي " ( 4/129-130 ) : " قال ابنُ زيدٍ : جعل الله المؤمنين صِنفين : صِنفٌ يعفونَ عن ظالميهم فبدأ بذكرهم ، و هو قوله : ﴿ وَ إِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ ( الشّورى : 37 ) ، و صنفٌ ينتصرون من ظالميهم ، و هم الّذين ذكروا في هذه الآية " ، ثمّ ذكر كلام إبراهيمَ النّخعي . قلتُ : و كذلك ختَمَ آية الانتصار بآية العفو ، فقال : ﴿ فَمَنْ عَفَا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾ ( الشّورى : 40 ) ، لكن على حدّ قول القائل : إذا قيل حلمٌ قُلْ للحلم موضعٌ ..... و حلمُ الفتى في غير موضِعِه جهلُ و قول الآخر : كلُّ حلمٍ أتى بغير اقتدارٍ ..... حجّةٌ لاجئٌ إليها اللِّّئامُ ______________________
(1) : في الأصل : من طريق عجلان ، وهو خطأٌ واضح من النّاسخ أو الطّابع . (2) : رواه أحمد ( 2/436 ) و أبو داود ( 4896-4897 ) ، وصحّحه الألبانيّ في " السّلسلة الصّحيحة " ( 2231 ) . (3) : الآية بلفظ : ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ﴾ . (4) : جمع وازع : و هو الّذي يتقدّم الصّف فيصلحه ، كما في " مختار الصّحاح " . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 19 | |||
|
![]() فـي كـل فاتحـة للقـول معتبـرة .......... حق الثناء علـى المبعـوث بالبقـرة بـه تـوسـل إذ نــادى بتوبـتـه .................. في البحر يونس و الظلماء معتكـره هود و يوسف كم خـوف بـه أمنـا .............. و لن يروع صوت الرعد من ذكـرهمضمون دعوه إبراهيم كـان و فـي ............. بيت الإله و في الحجر التمس أثـره ذو أمـه كـدوي النحـل ذكـرهـم ................ في كل قطر فسبحـان الـذي فطـره بكهف رحماه قـد لاذ الـورى و بـه ............. بشرى ابن مريم في الإنجيل مشتهـرة سمّاه طه و حـض الأنبيـاء علـى .............. حج المكان الذي مـن أجلـه عمـره قد افلح الناس بالنور الـذي عمـرو ا............ من نور فرقانـه لمـا جـلا غـرره أكابر الشعراء اللسـن قـد عجـزوا ................ كالنمل إذا سمعـت آذانهـم سـوره و حسبه قصـص للعنكبـوت أتـى .............. إذ حاك نسجا بباب الغار قـد ستـره في الروم قد شاع قدما أمـره و بـه ........... لقمـان وفـق للـدر الـذي نـثـره كم سجدة في طلى الأحزاب قد سجدت .......... سيـوفـه فـأراهـم بــه عـبـره سباهم فاطـر السبـع العـلا كرمـا ...........لمن بياسين بين الرسـل قـد شهـره في الحرب قد صفت الأملاك تنصره........... فصار جمع الأعادي هازمـا زمـره لغافر الذنـب فـي تفصيلـه سـور .......... قد فصلت لمعـان غيـر منحصـره شوراه أن تهجـر الدنيـا فزخرفهـا............ مثل الدخان فيعشي عين مـن نظـره عزت شريعته البيضـاء حيـن أتـى ...............أحقاف بدر و جنـد الله قـد نصـره فجـاء بعـد القتـال الفتـح متصـلا ...............و أصبحت حجرات الدين منتصـرة بقـاف و الذاريـات الله أقسـم فـي .............أن الـذي قالـه حـق كمـا ذكـره في الطور أبصر موسى نجم سـؤددهو .......... الأفق قد شق إجـلالا لـه قمـره أسرى فنـال مـن الرحمـن واقعـة ............... في القرب ثبـت فيـه ربـه بصـره أراه أشيـاء لا يقـوى الحديـد لهـا ...............و فـي مجادلـه الكفـار قــد أزره في الحشر يوم امتحان الخلق يقبل في .......... صف من الرسـل كـل تابـع أثـره كـف يسبـح لله الحـصـاة بـهـا ....................فاقبل إذا جاءك الحـق الـذي قـدره قـد أبصـرت عنـه الدنيـا تغابنهـا ................نالت طلاقا و لم يصرف لها نظـره تحريمـه الحـب للدنيـا و رغبتـه .................. عن زهرة الملك حقا عندمـا نظـره في نون قد حقت الأمـداح فيـه بمـا ............... أثنـى بـه الله إذ أبـدى لنـا سيـره بجاهـه سـال نـوح فـي سفينتـه ................ سفن النجاة و موج لبحر قـد غمـره و قالت الجن: جـاء الحـق فاتبعـوا ............ مزمـلا تابعـا للحـق لـن يــذره مدثـرا شافعـا يـوم القيامـة هـل ............... أتى نبي لـه هـذا العـلا زخـره؟ في المرسلات من الكتب انجلى نبـأ .............عن بعثه سائر الأخبـار قـد سطـره ألطافه النازعـات اليـم فـي زمـن ................ يوم به عبس العاصـي لمـا ذعـره إذ كورت شمس ذات اليوم و انفطرت ........... سماؤه و دعـت ويـل بـه الفجـرة و للسماء انشقاق و البـروج خلـت .............. من طارق الشهب و الأفلاك مستترة فسبح اسم الذي فـي الخلـق شفعـه .............. و هل أتاك حديث الحوض إذ نهـره كالفجر في البلد المحـروس غرتـه.............. و الشمس من نوره الوضاح مستنره و الليل مثل الضحى إذ لاح فيه ألـم ............ نشرح لك القول في أخباره العطـرة و لو دعا التين و الزيتون لا ابتـدرا ............. إليه في الحين و اقرأ تستبـن خبـره في ليله القدر كم قد حاز من شـرف ........... في الفجر لم يكن الإنسان قـد قـدره كم زلزلـت بالجيـاد العاديـات لـه .............. أرض بقارعـه التخويـف منتشـرة لـه تكاثـر آيـات قـد اشتـهـرت ............... في كل عصـر فويـل للـذي كفـره ألم تر الشمس تصديقـا لـه حبسـت .......... على قريش و جاء الـروح إذ أمـره أرأيـت أن إلـه العـرش كـرمـه ............. بكوثر مرسـل فـي حوضـه نهـره و الكافرون إذا جاء الورى طـردوا .......... عن حوضه فلقد تبـت يـدا الكفـرة إخلاص أمداحه شغلـي فكـم فلـق ........... للصبح أسمعت فيه النـاس مفتخـرة أزكى صلاتي على الهادي و عترتـه ........ و صحبه و خصوصا منهـم عشـره |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 20 | |||
|
![]() بارك الله فيك |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 21 | |||
|
![]() محاولات يا أخي أين أنا من شعراء ووزن الكلمة شكرا لك على إهتمامك وجزاك الله كل خير |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 22 | |||
|
![]() merci merci شكرا شكرا شكرا thank you |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 23 | |||
|
![]() مشكووووووووووووووور جدا |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 24 | |||
|
![]() بارك الله فيك |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 25 | |||
|
![]() آميييييييييييييييييييين |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 26 | |||
|
![]() سورةُ المائدة سرُّ التّعبيرِ بالرّكوعِ وَ إرادةِ الصّلاةِ كلِّها قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَ هُمْ رَاكِعُونَ ﴾ ( المائدة : 55 ) . معلوم ٌ أنّ الله كثيراً ما يحثّ عباده على أداء الصّلاة بذكر جزءٍ منها ، و غالباً ما ينوّه بالسّجود ، مثل قوله تعالى : ﴿ منْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ ءانَآءَ ٱللَّيْلِ وَ هُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ ( آل عمران : 113 ) ، و قوله : ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ منْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ﴾ ( الفتح : 29 ) ، و قوله : ﴿ وَ مِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ﴾ ( الإنسان : 26 ) ، و قد ذكر أهل العلم أنّ الحكمة في ذلك أنّ السّجود أقربُ حالةٍ يكون فيها العبد من ربّه ؛ لما رواه مسلم ( 482 ) عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربّه و هو ساجدٌ ، فأكثروا الدّعاء " ، و قد دلّ على هذا من القرآن قوله تعالى : ﴿ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَ ٱسْجُدْ وَ ٱقْتَرِب ﴾ ( العلق : 19 ) ، فتأمّل كيف جمع بين السّبب و المسبّب ، أي بين السّجود و الاقتراب ! لكن جاء التّنويه في آية المائدة هذه بالصّلاة بذكر الرّكوع لا السّجود ، حيث قال عزّ و جلّ : ﴿ وَ هُمْ رَاكِعُونَ ﴾ ، فما وجهه ؟ الجواب : لعلّ الحكمة في ذلك أنّ الله أراد مدح هؤلاء لا بمجرّد أداء الصّلاة ، و لكن بما يدلّ على معنىً زائدٍ على الأداء ، و هذا المعنى مضمّنٌ في كلمة الرّكوع و يكون ممّا اختصّت به هذه الكلمة ، و ممّا لا يخفى على القارئ – إن شاء الله – أنّ في الرّكوع ميزةَ إدراك الجماعة ، فمن أدرك الرّكوع مع الإمام فقد أدرك الرّكعة بخلاف السّجود ؛ فعن ابن مُغفّل قال : قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : " إذا وجدتم الإمام ساجداً فاسجدوا ، أو راكعاً فاركعوا ، أو قائماً فقوموا ، و لا تعتدّوا بالسّجود إذا لم تدركوا الرّكعة " أخرجه إسحاق بن منصور المروَزي في " مسائل أحمد و إسحاق " – كما في " السّلسلة الصّحيحة " للألباني ( 1188 ) – و البيهقي ( 2/89 ) ، و صحّحه الشّيخ الألباني هناك ، فدلّ هذا السّياق القرآنيّ الكريم على التّنويه بشأن الجماعة زيادةً على التّنويه بالمحافظة على الصّلاة نفسها . و آية المائدة هذه شبيهة بآية البقرة ( 43 ) الّتي يقول الله فيها : ﴿ وَ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَ آتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَ ٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ ﴾ ، وقد نبّه عليه ابنُ تيمية في " منهاج السّنّة " ( 7/273 ) ، فقال في آية البقرة : " قيل : المرادُ به الصّلاة في الجماعة ؛ لأنّ الرّكعة لا تدرك إلاّ بإدراك الرّكوع " . و تتميماً للفائدة أقول : فقد اخترع الحاقدون على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حديثاً كذباً على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يستنتجون منه أنّ عليًّا رضي الله عنه أحقّ بالخلافة من غيره ؛ لأنّ آية المائدة نزلت فيه زعموا ، فروَوْا أنّ سائلاً أتى يسألُ النّاسَ و هم في الصّلاة ، و كان عليٌّ رضي الله عنه راكعاً و في أصبعه خاتَمٌ ، فمدّ يده إليه ليسحبَ الخاتم من يده ، و على الرَّغم من أنّ هذه القصّة لا تحتاج إلى بيان كذبها لسخافتها و سخافة عقول مصدّقيها فضلاً عن واضعيها ، فإنّني أحببتُ أن أنقل ردّ ابنِ تيمية رحمه الله على من استدلّ بها من أولئك ؛ بُغية أن يميّز القارئُ الّذي هداه الله إلى السّنّة الفرقَ الكبير بين أهل النّور و البصيرة و أهل الظّلام و العمى ، قال ابنُ تيمية رحمه الله في " منهاج السّنة " ( 32-30/2 ) : " و قد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترًى : أنّ هذه الآية نزلت في عليٍّ لمّا تصدّق بخاتمه في الصّلاة ، و هذا كذبٌ بإجماع أهل العلم بالنّقل وكذبه بيّنٌ من وجوهٍ كثيرةٍ : - منها أنّ قوله ﴿ الّذين ﴾ صيغة جمع ، و عليٌّ واحد . - و منها أنّ الواو ليست واو الحال (1) ؛ إذ لو كان كذلك لكان لا يسوغ أن يُتولّى إلاّ من أعطى الزّكاة في حال الرّكوع ، فلا يُتولّى سائر الصّحابة و القرابة . - و منها أنّ المدح إنّما يكون بعمل واجبٍ أو مستحبٍّ ، و إيتاء الزّكاة في نفس الصّلاة ليس واجباً و لا مستحبًّا باتّفاق علماء الملّة ؛ فإنّ في الصّلاة شُغلاً (2) . - و منها أنّه لو كان إيتاؤها في الصّلاة حسناً لم يكن فرقٌ بين حال الرّكوع و غير حال الرّكوع ، بل إيتاؤها في القيام و القعود أمكَن . - و منها أنّ عليًّا لم يكن عليه زكاةٌ على عهد النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم (3) . - و منها أنّه لم يكن له أيضًا خاتمٌ و لا كانوا يلبسون الخواتم ، حتّى كتب النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم كتاباً إلى كسرى ، فقيل له : إنّهم لا يقبلون كتاباً إلاّ مختوماً ، فاتّخذ خاتماً من وَرِقٍ و نقش فيها : محمّدٌ رسولُ الله (4) . - و منها أنّ إيتاء غير الخاتم في الّزكاة خيرٌ من إيتاء الخاتم ، فإنّ أكثر الفقهاء يقولون لا يجزئ إخراج الخاتم في الزّكاة . - و منها أنّ هذا الحديث فيه أنّه أعطاه السّائل ، و المدح في الزّكاة أن يخرجها ابتداءً ويخرجَها على الفور لا ينتظر أن يسأله سائلٌ . - و منها أنّ الكلام في سياق النّهي عن موالاة الكفّار والأمر بموالاة المؤمنين ،كما يدلّ عليه سياقُ الكلام ، و سيجيء - إن شاء الله - تمام الكلام على هذه الآية ؛ فإنّ الرّافضة لا يكادون يحتجّون بحجّة إلاّ كانت حجّة عليهم لا لهم ، كاحتجاجهم بهذه الآية على الوِلاية الّتي هي الإمارة ، و إنّما هي في الوَلاية التي هي ضدّ العداوة ، و الرّافضة مخالفون لها ، و الإسماعيليّة و النُّصَيريّة و نحوُهم يوالون الكفّار من اليهود و النّصارى و المشركين و المنافقين ، و يعادون المؤمنين من المهاجرين و الأنصار و الّذين اتّبعوهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين ، و هذا أمرٌ مشهورٌ فيهم ، يعادون خِيارَ عباد الله المؤمنين و يوالون اليهود و النّصارى و المشركين من التّرك و غيرهم ، و قال تعالى : ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الأنفال : 64 ) ، أي اللهُ كافيك وكافي من اتّبعك من المؤمنين ، و الصّحابة أفضلُ من اتّبعه من المؤمنين و أوّلهُم " . فانظر - أخي السّنّيّ ! – إلى ما هداك الله إليه من الحقّ المبين ، و ما في كتاب الله من بلاغةٍ تجعل العقول المتدبّرة و اقفةً أمام إعجازه متحيّرةً ، و قابلها بتلك السّخافة الّتي نجّاك الله منها ، و احمد الهادي عزّ و جلّ . _____________________ (1) : أي في قوله تعالى : ﴿ وَ هُمْ رَاكِعُونَ﴾ . (2) : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :" كنّا نسلّم على النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم و هو في الصّلاة فيردّ علينا ، فلمّا رجعنا من عند النّجاشيّ سلّمنا عليه فلم يردّ علينا ، و قال : إنّ في الصّلاة شغلا " متّفقٌ عليه . (3) : لأنّه كان فقيراً ؛ فقد قال ابن عبّاس : " لمّا تزوّج عليٌّ فاطمة قال له رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : أعطها شيئاً ، قال : ما عندي شيءٌ ! قال : أين دِرعك الحُطميَّة ؟ " رواه أبو داود ( 2125 ) ، و صحّحه الألبانيّ فيه ، قال في " عون المعبود " ( 6/114 ) شارحاً كلمة ( الحطميّة ) : " بضمّ الحاء المهملة و فتح الطّاء المهملة منسوبة إلى الحطم ، سميّت بذلك ؛ لأنّها تحطّم السّيوف ، و قيل : منسوبة إلى بطنٍ من عبد القيس يقال له : حُطمة ابن مُحارب ، كانوا يعملون الدّروع ، كذا في النّهاية " . (4) : الحديث أخرجه البخاري ( 65 ) و مسلم ( 2092 ) عن أنس بن مالكٍ قال : " لمّا أراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن يكتب إلى الرّوم ، قال : قالوا : إنّهم لا يقرؤون كتاباً إلاّ مختوماً ، قال : فاتّخذ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم خاتماً من فضّة ، كأنّي أنظر إلى بياضه في يد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم نقشُه : ( محمّدٌ رسول الله ) " . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 27 | |||
|
![]()
|
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
متجدد.., صورة, فائدة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc