و الله أن لم أكن يوما من أيام دراستي في الثانوية مهتما بالفلسفة ، بل كنت أرى فيها شرا مستطيرا ! ، و مما زاد في كرهي لها آنذاك أن الأستاذة التي كانت تدرسنا مادة الفلسفة كانت دائما تميل إلى مذهب المعتزلة و ترجح أقوالهم في كثير من المسائل التي تطرحها ، و أحيانا كنت أتجادل معها في القسم أمام الزملاء ، و لا زلت أحتفظ ببعض الذكريات الطريفة معها - ربما أتمكن من حكايتها لكم-
المهم أنني بعد الدراسة في الجامعة بدأت أطالع و أهتم بتنويع معلوماتي ، فكنت لا أتوقف في محطة علمية واحدة ، بل سرعان ما آخذ منها بغيتي ثم أطير إلى محطة أخرى لأنهل من كل بستان زهرة كما يقال
ثم امتدت يدي مرة أخرى إلى كتب الفلسفة بعد أن كنت نافرا منها نفور السمك من سنارة الصياد ! فبدأت أقرأ أولا في كتب الفلاسفة العظماء كابن رشد و أبي حامد الغزالي و أبي حاتم الرازي ، ثم أيضا بعض الكتاب المعاصرين كزكريا إبراهيم و حسن حنفي و محمد عابد الجابري
فالحقيقة أنني ندمت بعد ذلك على أنني حرمت نفسي لسنوات مضت من مطالعة كتب الفلسفة ، ليس لأن كل ما فيها صواب فهذا غير صحيح ، و لكن لأن المعلومات التي قد يكتسبها الإنسان من مطالعة كتب الفلسفة ، تطبع فيه القدرة على التحليل و النقد ، و تجعله قادرا على التمييز بين مختلف الأساليب و الأفكار ، و حسبكم أن ابن تيمية مثلا كان قائما بخلاصة هذا العلم
المهم أنني أحاول أن أقول ، أن على الطالب أن لا يقصي علما من العلوم التي تخدم تخصصه من النظر ، بل يقرأها و يستفيد منها حتى و لو كان فيها أخطاء ، أو آراء تخالف تصوراته
و قد يجد الكثير من الطلبة أن مادة الفلسفة مملة و جافة ، و لكن على الطالب أن يصبر على قراءتها ، لأنها فعلا مهمة في تكوين الملكة العلمية
أشكرك أختي على إتاحة الفرصة لي عبر هذا الموضوع ، و أسأل الله لك التوفيق و النجاح ، و لكل الطلبة