حقيقة الوهابية"موقف ابن باديس و البشير الإبراهيمي من الوهابية" - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حقيقة الوهابية"موقف ابن باديس و البشير الإبراهيمي من الوهابية"

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-08, 08:27   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
محمد جديدي التبسي
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية محمد جديدي التبسي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك

موضوع غاية في الروعة والفائدة


جزاك الله خيرا أخي الكريم









 


قديم 2012-04-09, 22:12   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










قديم 2012-04-12, 16:32   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن حيـاة
الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس - رحمه الله -
هو الإمام المصلح المجدِّد الشيخ عبد الحميد بن محمَّد بن المصطفى بن المكِّي ابن باديس القسنطيني الجزائري، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
وُلد بقسنطينة سنة (1308ه) وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، مشهورة بالعلم والفضل والثراء والجاه، عريقة في التاريخ، يمتدُّ نسبُها إلى المعزّ بن باديس الصنهاجي، فهو في مقابل اعتزازه بالعروبة والإسلام لم يُخْفِ أصله الأمازيغي، بل كان يُبدِيه ويُعلِنُه، ولعلَّ من دواعي الافتخار به قيام سلفه بما يحفظ الدين ويصون الشريعة، فقد كان جدُّه الأوَّل يناضل الإسماعيلية الباطنية، وبدع الشيعة في إفريقية، فصار خلفًا له في مقاومة التقليد والبدع والحوادث، ومحاربة الضلال والشركيّات.
وقد أتمَّ حفظ القرآن الكريم في أوَّل مراحل تعلُّمه بقسنطينة في السنة الثالثة عشر من عمره على يد الشيخ «محمَّد المَدَّاسي»، وقُدّم لصلاة التراويح بالناس على صغره، وأخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام على يد شيخه «حَمدان لُونِيسي»، وقد أثَّر فيه القرآن الكريم وهزَّ كيانه، ليكرِّس فيه بعد ذلك ربع قرن من حياته في محاولة إرجاع الأمَّة الجزائريـة إلى هذا المصدر والنبع الربَّاني بما يحمله من حقيقة توحيدية وهداية أخلاقية، وهو طريق الإصلاح والنهوض الحضاري.
وفي سنة (1327ه) التَحَق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلَّاء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في الحاضرة التونسية العلاّمة «محمَّد النخلي القَيْرَوَانِي»، المتوفَّى سنة (1342ه)، والشيخ «محمَّد الطاهر بن عاشور»، المتوفَّى سنة (1393ه)، فضلًا عن مُربِّين آخَرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نموِّ استعداده، وتعهَّدوه بالتوجيه والتكوين، كالبشير صفر، وسعد العياض السطايفي ومحمَّد بن القاضي وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطِّلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من التغيرات السياسية والتحولات الدينية، مثل حركة «جمال الدين الأفغاني»(1)، و«محمَّد عَبدُه»(2)، و«محمَّد رشيد رضا»(3) في مصر، و«شَكِيب أَرسَلان»(4)، و«الكواكبي»(5) في الشام وغيرهم، فكان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية، والملازمات المستمرَّة لرجال العلم والإصلاح الأثرُ البالغ في تكوين شخصيَّته ومنهاجه في الحياة.
وبعد تخرّجه وتأهيله بشهادة التطويع (سنة 1330ه) عاد من تونس متأهِّبًا بطموح قويٍّ للتفرُّغ للتدريس المتمثِّل في بدايته في عقد حلقات دراسية بالجامع الكبير، غير أنَّ صعوبات واجهته في بداية نشاطه العلمي حالت دون تحقيق طموحه وآماله، وبعد طول تأمُّل رأى أنَّ من المفيد تزامنًا مع موسم الحجِّ أن يؤدِّي الفريضة مغتنمًا الفرصة في رحلته المشرقية للاتِّصال بجماعة العلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، الأمر الذي يسمح له بالاحتكاك المباشر وتبادل الرأي معهم، والتعرُّف على مواقع الإصلاح الديني، فضلًا عن الاطِّلاع على حقيقة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في المشرق العربي. وفي أثناء وجوده بالحجاز حضر دروسَ العلماء من مختلف البلدان الوافدين إلى هذه البقاع المقدَّسة كالشيخ «حسين الهندي» الذي نصحه بالعودة إلى الجزائر لاحتياجها إلى علمه وفكره، وقد قدَّمه بعض الشيوخ لإلقاء دروسٍ بالمسجد النبوي الذين كانوا يعرفون مستواه، وقد تعرَّف على كثيرٍ من شباب العائلات الجزائرية المهاجرة، مثل: «محمَّد البشير الإبراهيمي» (المتوفّى 1382ه). وقد استفاد الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله تعالى ـ من مختلف مدارس الإصلاح الديني بالمشرق التي ظهرت في العالم الإسلامي على يد الشيخ «محمَّد بن عبد الوهَّاب»(6) المتوفَّى سنة (1206ه)، والذين تأثَّروا بدعوته كالأمير الصنعاني المتوفى سنة (1182ه)، وتلميذه الإمام «محمَّد بن عليّ الشوكاني» المتوفَّى سنة (1250ه)، و«محمَّد رشيد رضا»، المتوفّى سنة (1354ه) وغيرهم، وليس التجديد والإصلاح الديني وليد العصر الحديث فحسب، وإنَّما يضرب بجذوره في أغوار الماضي الإسلامي العريق.
وبعد عودته إلى قسنطينة (سنة 1332ه) أسهم في بلورة الإصلاح الديني ميدانيًّا وتطبيق مناهجه التربوية عمليًّا، وساعده زملاؤه الأفاضل من العلماء الذين شَدُّوا عَضُده وقَوَّوْا زناده، فكان تعاونهم معه في هذه المهمَّة الملقاة على عاتق الدعاة إلى الله تعالى منذ فجر النهضة دافعا قويًّا وعاملًا فعَّالًا في انتشار دعوته وسطوع نجمه، وذيوع صيته، ومن أمثال هؤلاء الذين آزروه وساندوه: الشيخ العربي التبَسِّي، والشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي، والشيخ العُقْبِي، والشيخ مبارك الميلي وغيرهم، كـما ساعده أيضًا الواقع الذي كانت تمرُّ به الجزائر بين الحربين العالميتين.
وقد شرع الإمام ابن باديس ـ رحمه الله تعالى ـ في العمل التربوي، وانتهج في دعوته منهجًا يوافق الإصلاح الديني في البُعد والغاية، وإن كان له طابع خاصٌّ في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية، يظهر أعلاها في إصلاح عقيدة الجزائريِّين بالدرجة الأولى، ببيان التوحيد الذي يمثِّل عمود الدعوة السلفية، وما يضادُّه من الشرك؛ ذلك لأنَّ التوحيد هو غايةُ إيجاد الخلق، وإرسالِ الرسل، ودعوةُ المجدِّدين في كلِّ العصور والأزمان، لذلك كانت دعوته قائمة على أخذ العقيدة من الوحيين وعلى فهم الأوَّلِين، والتحذير من الشرك ومظاهره، ومن بدعة التقليد الأعمى، ومن علم الكلام وجنايته على الأُمَّة؛ ذلك لأنَّ من أهمِّ أسباب ضياع التوحيد ابتعادَ الناس عن الوحي وفُشُوَّ علم الكلام والخوض فيه واتِّباع طرق أهله الضالَّة عن سواء السبيل، ومرض الجمود الفكري والركون إلى التقليد والزعم بأنَّ باب الاجتهاد قد أُغلق في نهاية القرن الرابع حيث قال رحمه الله: «كما أُدخِلَت على مذهب أهل العلم بدعة التقليد العامِّ الجامد التي أماتت الأفكار، وحالت بين طلَّاب العلم وبين السُّنَّة والكتاب، وصيَّرتهما ـ في زعم قوم ـ غير محتاج إليهما من نهاية القرن الرابع إلى قيام الساعة، لا في فقه ولا استنباط ولا تشريع، استغناءً عنهما ـ زعموا ـ بكتب الفروع من المتون والمختصرات، فأعرض الطلَّاب عن التفقُّه في الكتاب والسُّنَّة وكتب الأئمَّة، وصارت معانيها الظاهرة ـ بَلْهَ الخفية ـ مجهولة حتَّى عند كبار المتصدِّرين»(7)، وقال في معرض ذكر منهاج الخارجين عن منهاج السلف من المتكلِّمين والمتصوِّفة وغيرهم: «قلوبنا معرَّضة لخطرات الوسواس، بل للأوهام والشكوك، فالذي يثبِّتـها ويدفع عنها الاضطراب ويربطها باليـقين هو القرآن العظيم، ولقد ذهب قوم مع تشكيكات الفلاسفة وفروضهم، ومُماحكات المتكلِّمين ومناقضاتهم، فما ازدادوا إلَّا شكًّا، وما ازدادت قلوبهم إلَّا مرضًا، حتَّى رجع كثير منهم في أواخر أيَّامهم إلى عقائد القرآن وأدلَّة القرآن، فشُفُوا بعدما كادوا كإمام الحرمين والفخر الرازي»(8)، وفي مقام آخر حال ترجمته للعلَّامة محمَّد رشيد رضا يقول ـ رحمه الله تعالى ـ: «دعاه شغفه بكتاب «الإحياء» إلى اقتناء شرحه الجليل للإمام المرتضى الحسيني، فلمَّا طالعه ورأى طريقته الأثرية في تخريج أحاديث «الإحياء» فُتِحَ له باب الاشتغال بعلوم الحديث وكتب السُّنّة، وتخلُّص مِمَّا في كتاب «الإحياء» من الخطإ الضارِّ ـ وهو قليل ـ، ولا سيما عقيدة الجبر والتأويلات الأشعرية والصوفية، والغلوّ في الزهد وبعض العبادات المبتدعة»(9)، وقال أيضًا: «نحن معشر المسلمين قد كان مِنَّا للقرآن العظيم هجر كثير في الزمان الطويل، وإن كنَّا به مؤمنين، بَسَط القرآن عقائد الإيمان كلّها بأدلّتها العقلية القريبة القاطعة، فهجرناها وقلنا: تلك أدلَّة سمعية لا تحصِّل اليقين، فأخذْنا في الطرائق الكلامية المعقَّدة، وإشكالاتها المتعدِّدة، واصطلاحاتها المحدثة، مِمَّا يصعّب أمرها على الطلبة فضلًا عن العامّة»(10).
لذلك ظهرت عنايته الأكيدة بتربية الجيل على القرآن وتعليم أصول الدين وعقائده من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إذ كان همُّه تكوين رجال قرآنيِّين يوجِّهون التاريخ ويُغيِّرون الأُمَّة، وقد تجلَّى ذلك في بعض مقالاته حيث يقول رحمه الله: «فإنَّنا والحمد لله نربِّي تلامذتنا على القرآن من أوَّل يوم، ونوجِّه نفوسهم إلى القرآن في كلّ يوم…».
أمَّا المحور الثاني فيتمثَّل في إصلاح عقلية الجزائريِّين، وذلك بإصلاح العقول بالتربية والتعليم، لتكوين أجيال قائدة في الجزائر، تعمل على بعث نهضة شاملة تخرج بها من حالة الجمود والركود إلى الحيوية والنشاط، وقد كان يرى أنَّ تحقيق هذه النهضة المنشودة يتوقَّف بالدرجة الأولى على إصلاح الفرد الجزائري وتكوينه من الناحية الفكرية والنفسية.
والمحور الثالث يظهر في إصلاح أخلاق الجزائريِّين، ذلك الميدان الذي تدهور كثيرًا نتيجة لفساد العقول وفساد العقيدة الدينية، وقد كانت عنايته به بالغة بتطهير باطن الفرد الذي هو أساس الظاهر، وتهذيب النفوس وتزكيتها وإنارة العقول وتقويم الأعمال، وإصلاح العقيدة حتَّى يعمل الفرد على تغيير ما بنفسه لكي يغيِّر اللهُ ما به من سوء وانحطاط، عملًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11].
هذا، وقد اعتبر الشيخ عبد الحميد بن باديس أنَّ سبيل النجاة والنهوض يكمن في الرجوع إلى فقه الكتاب والسُّنَّة وعلى فهم السلف الصالح، ذلك لأنَّ علماء السلف إن اتَّفقوا فاتِّفاقهم حُجَّة قاطعة، وإن اختلفوا فلا يجوز لأحد أن يخرج عن أقوالهم، وفي هذا المضمون يقول الشيخ ابن باديس رحمه الله: «لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوَّع الذي نذوقه ونقاسيه، إلَّا بالرجوع إلى القرآن: إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقُّه فيه، وفي السُّنَّة النبوية شرحُه وبيانه، والاستعانةِ على ذلك بإخلاص القصد وصحَّة الفهم والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن ربّ العالمين»(11).
وفي نصيحة نافعة ووصيَّة جامعة يقول رحمه الله تعالى: «اعلموا جعلكم الله من وعاة العلم ورزقكم حلاوة الإدراك والفهم، وجمَّلكم بعزَّة الاتِّباع، وجنَّبكم ذِلَّة الابتداع أنَّ الواجب على كلِّ مسلم في كلِّ مكان وزمان أن يعتقد عقدًا يتشرَّبه قلبه، وتسكن له نفسه، وينشرح له صدره، ويلهج به لسانه، وتنبني عليه أعماله، أنَّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان، وقواعد الإسلام، وطرائق الإحسان، إنَّما هو في القرآن والسنَّة الثابتة الصحيحة وعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وأنَّ كلَّ ما خرج عن هذه الأصول، ولم يحظ لديها بالقَبول قولًا كان أو عملًا أو عقدًا أو احتمالًا، فإنَّه باطل من أصله، مردود على صاحبه، كائنًا من كان في كلِّ زمان ومكان، فاحفظوها، واعملوا بها تهتدوا وترشدوا إن شاء الله تعالى»(12).
ولَـمَّا رأى رحمه الله تعالى أنَّ الحلقات العلمية في المؤسَّسات التربوية والدروس المسجدية لا تفي بنشر دعوته على نطاق واسع وشامل، ولا تحقِّق غاياتِها الساميةَ المسطَّرة لها، إلَّا بتعزيزها بالعمل الصَّحفيِّ مع توفير شروط نجاحه بتأمين مطبعة خاصَّة له على وجه الامتلاك، أقبل على تطبيق فكرته في سبيل الإصلاح وتجديد الدين بتأسيس أوَّل صحيفة جزائرية بالعربية وُسمت ب «المنتقد» كمرحلة معضدة قصد الدخول في التطبيق العملي لمقاومة المناهج العقدية والسلوكية التي كان ينشرها رجال التصوُّف(13) وأرباب الطرقية من الزوايا وأماكن الأضرحة والقبور، وقد تغلغل كثير من تلك الضلالات والمعتقدات الفاسدة في صفوف الدهماء والعوامِّ وعند بعض الأوساط المثقَّفة، وتجسّد شعارها في عبارة «اعتقد ولا تنتقد»، وقد كان اختياره لعنوان صحيفته يهدف إلى القضاء على هذا الشعار أوَّلًا، وتحطيم فحواه كدعوة ثانيًا، أي تحذير الناس مِمَّا يحتويه الشعار من ضلالات ومفاسد مبنًى ومعنًى، وإرادة التغيير مع الالتزام بالنقد الهادف ببيان الحقيقة بنزاهة وصدق وإخلاص. غير أنَّ هذه الصحيفة لم تُعمَّر طويلًا وتوقَّفت بسبب المنع الصادر من قبل الحكومة الفرنسية بإيعاز من خصوم الدعوة والحقِّ.
لكن هذا التوقُّف لم يَثْنِ عزيمة الشيخ العلَّامة ابن باديس عن السعي إلى إصدار مجلّة «الشهاب» خلفًا «للمنتقد» تعمل على نفس المبدإ والغاية، وتؤدِّي رسالتها النبيلة بكلِّ صمود، مصدَّرة في الغالب بآيات مفسّرة وأحاديث مشروحة إلى غاية سنة (1358ه).
وقد أخذ الشيخ العلَّامة رحمه الله يكثِّف عمله، ويوسِّع نشاطه، ويعمِّق فكرته، من منبر المسجد والدروس المسجدية إلى منبر المجلَّة إلى دعوة الأوساط السياسية المختلفة إلى الاتحاد والتغيير، مجسِّدًا طموحه بتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريِّين (سنة 1351ه ـ 5 ماي 1932م) برئاسته، فظهر دورها الفعَّال في الإصلاح الديني والاجتماعي على نطاق واسع، وقد تبلور نهجه في الإصلاح بالقضاء على التخلُّف ومظاهره، وتحذير الأُمَّة من الشرك بمختلف أنواعه، وإزالة الجمود الفكري ومحاربة التقاليد والبدع المنكرة، والعادات الشركية المستحكمة، ومقاومة الأباطيل والخرافات المتمكِّنة من المتنكِّرين للتوحيد من الصوفيِّين والقبوريِّين والطرقية وغيرهم، وذلك بتعريف الأُمَّة بدينها الحقِّ، والعمل بتعاليمه وأحكامه، والتحلِّي بفضائله وآدابه، والدعـوة إلى النهضة والحضارة في إطار إصلاح الدين والمجتمع، وذلك بواسطة نشاطات مختلفة.
كان للنشاط الصحفي دور بارز بصفته وسيلة للسياسة والتهذيب بتكوين القادة وتوجيه الطاقات والجهود مسلَّحةً بالعلم والمعرفة، وبثّ الوعي بين الأوساط الشعبية، فأُسِّست:
ـ صحيفة أسبوعية «السنة المحمّدية» (8 ذي الحجّة 1351ه)، ثمَّ خلفتها:
ـ جريدة «الشريعة المطهِّرة» (الصادرة بتاريخ 24 ربيع الأوَّل 1352ه)، ثمَّ تلتها بعد منعها:
ـ صحيفة «الصراط السوي» (الصادرة بتاريخ 21 جمادى الأولى 1352ه)، وهذه الأخيرة أيضًا منعتها الحكومة الفرنسية أسوة بأخواتها، ولكن جمعية العلماء لم تلبث أن أسَّست جريدة «البصائر» (الصادرة بتاريخ أوَّل شوَّال سنة 1354ه)، حيث بقيت هذه الجريدة لسانَ حال الجمعية مستمرَّة في أداء رسالتها بالموازاة مع مجلَّة «الشهاب» التي ظلَّت ملكًا له ومستقلَّة عن الجمعية، حيث كان ينطق فيها باسمه الشخصي لا بوصفه رئيسًا للجمعية حفاظًا على مصير جمعية العلماء وجريدتها التي استمرَّت بعد وفاته إلى غاية (1376ه)، وإن تخلَّل انقطاع في سلسلتها الأولى عند اقتراب الحرب العالمية الثانية.
وفي هذه المرحلة اتّخذ الشيخ عبد الحميد بن باديس شعار «الحقّ، والعدل، والمؤاخاة في إعطاء جميع الحقوق للذين قاموا بجميع الواجبات»، رجاء تحقيق مطالب الشعب الجزائري بطريق سلميّ، ولكنَّه بعد عودة وفد المؤتمر من باريس (1355ه) اقتضت طبيعة المرحلة الجديـدة إزاحته واستبداله بشعار آخر وهو: «لنعتمد على أنفسنا، ولنَتَّكِل على الله»، تعبيرًا عن العزم على الكفاح وغلق القلوب على فرنسا إلى الأبد والاستعداد للدخول في معركة ضارية، كما عبَّر عن ذلك بقوله رحمه الله مخاطبًا الشعب الجزائري: «…وإن ضيَّعت فرنسا فرصتها هذه، فإنَّنا نقبض أيدينا ونغلق قلوبنا إلى الأبد… واعلم أنَّ عملك هذا على جلالته ما هو إلَّا خطوة ووثبة، وراءها خطوات ووثبات، وبعدها إمَّا الحياة وإمَّا الممات»، وهذه الحقيقة عبَّر عنها أيضًا في مقال آخر سنة (1356ه) بلفظ «المغامرة والتضحية» وهي طريق الكفاح والحرب للخلاص من فرنسا، وظلَّ ابن بـاديس وفيًّا لهذا المسلك الشمولي في مواجهته للاستعمار خلال كلِّ سنوات نشاطه السياسي المندرج في نشاطه العامِّ، إلى أن توفِّي مساء الثلاثاء 8 ربيع الأوَّل 1359ه الموافق 16 أفريل 1940م، ودفن بقسنطينة. تغمَّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه.
هذا، وقد عمل ابن باديس خلال فترات حياته على تقريب القرآن الكريم بين يدي الأُمَّة، مفسِّرًا له تفسيرًا سلفيًّا، سالكًا طريق رُوّاد التفسير بالمأثور، معتمِّدًا على بيان القرآن للقرآن، وبيان السُّنَّة له، آخذًا في الاعتبار أصول البيان العربي، كما كانت عنايته فائقة بالسُّنَّة المطهَّرة وبالعقيدة الصحيحة التي تخدم دعوته الإصلاحية، فوضع كتابه «العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية»، على نهج طريق القرآن في الاستدلال المتلائم مع الفطرة الإنسانية، بعيدًا عن مسلك الفلاسفة ومنهج المتكلِّمين، وحارب البدع والتقليد والشرك ومظاهره والتخلُّف ودعا إلى النهضة والحضارة في إطار إصلاح الدِّين والمجتمع، وقد سانده علماءُ أَفَاضِلُ في دعوته ومهمَّته النبيلة، كما ساعدته خبرته بعلوم العربية آدابِها وقواعدها، لذلك جاء أسلوبه في مختلف كتاباته سهلًا مُمتنعًا، بعيدًا عن التعقيد اللفظي، وكذا شعره الفيَّاض، هذا بغضِّ النظر عمَّا كان عليه من اطِّلاعٍ على المذاهب الفقهية المختلفة كما هو ملموس في فتاويـه المتعدِّدة، فضلًا عن مذهب مالك رحمه الله، ومِن علمٍ بالأصول متمرِّسًا بأسلوبه ومتزوِّدًا بقواعده مع الإدراك الصحيح والفهم التامِّ.
تلك هي بعض الجوانب من حياته وشخصيته وسيرته مختصرة، فرغم الفترة الزمنية القصيرة نسبيًّا التي عاشها ابن باديس رحمه الله إلَّا أنَّ ما خلَّفه من كتابات هامَّة في الصحف والمجلَّات وكتبٍ قيِّمة، كان له أثر بالغ، لا تزال هذه الكتابات والمقالات تُؤخذ منها دروس وعِظات للمتأمِّل، وهي حاليًّا مصدر اهتمام الباحثين داخل القطر الجزائري وخارجه. كلُّ هذه الآثار أحيت ذِكرَه، وخَلَّدت اسمه، وأكَّدت عظمة شخصيته الفكرية وريادته في النهضة والتجديد والإصلاح(14).










قديم 2012-04-16, 07:53   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي صلاح التعليم أساس الإصلاح

صلاح التعليم أساس الإصلاح
من آثار الإمام عبد الحميد بن باديس (4/ 78)


لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم(١)، فإنّما العلماء من الأمّة بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسد كلّه، وإذا فسد فسد الجسد كلّه،

وصلاح المسلمين إنّما هو بفقههم الإسلام وعملهم به، وإنّما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون، فإذا أردنا إصلاح المسلمين فلنصلح علماءهم.

ولن يصلح العلماء إلاّ إذا صلح تعليمهم، فالتعليم هو الذي يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل حياته وما يستقبل من علمه لنفسه وغيره فإذا أردنا أن نصلح العلماء فلنصلح التعليم، ونعني بالتعليم التعليم الذي يكون به المسلم عالما من علماء الإسلام يأخذ عنه الناس دينهم ويقتدون به فيه.


ولن يصلح هذا التعليم إلاّ إذا رجعنا به للتعليم النبوي في شكله وموضوعه في مادته وصورته فيما كان يعلم صلى الله عليه وآله وسلم وفي صورة تعليمه، فقد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم أنّه قال إنّما بعثت معلما)(٢)، فماذا كان يعلم؟ وكيف كان يعلم؟
كان صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الناس دينهم من الإيمان والإسلام والإحسان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في جبريل في الحديث المشهورهذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم)(٣) وكان يعلمهم هذا الدين بتلاوة القرآن عليهم كما قال تعالى: ﴿إِنّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البَلْدَةِ الذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْء وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ القُرْآنَ﴾(٤)،

من آثار الإمام عبد الحميد ابن باديس -رحمه الله-









قديم 2012-07-19, 11:00   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










B18

وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين .



ومن ذلك القبيل هذه الآية الكريمة ، فإنها تضمنت واحدة من حكم التذكير وهي رجاء انتفاع المذكر به ، لأنه تعالى قال هنا : وذكر ، ورتب عليه قوله : فإن الذكرى تنفع المؤمنين .

ومن حكم ذلك أيضا خروج المذكر من عهدة التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد جمع الله هاتين الحكمتين في قوله : قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون [ 7 \ 134 ] .

ومن حكم ذلك أيضا النيابة عن الرسل في إقامة حجة الله على خلقه في أرضه ؛ لأن الله تعالى يقول : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل [ 4 \ 165 ] .

[ ص: 444 ] وقد بين هذه الحجة في آخر " طه " في قوله : ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك [ 20 \ 134 ] .

وأشار لها في القصص في قوله : ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين [ 28 \ 47 ] .

وقد قدمنا هذه الحكم في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى : عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم [ 5 \ 105 ] .


من علامات السعادة والفلاح: أنَّ العبد كُلَّما زيدَ في عِلْمِه زِيْدَ في تواضعهِ ورَحْمَتِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عملهِ زِيدَ في خَوْفِهِ وحذَرِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عمرهِ نَقَصَ مِنْ حِرْصِهِ، وكُلَّما زِيدَ في مالهِ زِيْدَ في سَخَائِهِ وبذلهِ، وكُلَّما زيدَ في قَدْرِهِ وَجَاهِهِ زيدَ في قُرْبِهِ مِنَ النَّاسِ وقضاءِ حوائجهم والتَّواضع لهم.

وعلامات الشَّقاوة: أنَّه كُلَّما زيدَ في عِلْمِهِ زيدَ في كِبْرِهِ وتِيْهِهِ، وكُلَّما زيدَ في عَمَلِهِ زيدَ في فَخْرِهِ واحتقارِهِ للنَّاسِ وحسن ظنِّه بنفسهِ، وكُلَّما زيدَ في عُمرهِ زيدَ في حرصهِ، وكُلَّما زيدَ في مالهِ زيدَ في بُخْلِهِ وإمْسَاكهِ، وكُلَّما زيدَ في قَدْرِهِ وجَاهِهِ زيدَ في كِبْرِه وتِيْهِهِ، وهذه الأمورُ ابتلاءٌ مِنَ الله وامتحانٌ يبْتلي بها عبَادهُ فيَسْعدُ بها أقوامٌ ويَشْقَى بها أقوامٌ”.
قال أبوالدرداء رضي الله عنه: “علامة الجهلِ ثلاثة: العجبُ، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأنْ ينهى عن شيءٍ ويأتيه”












قديم 2012-10-05, 21:07   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل










قديم 2012-10-05, 21:51   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك









قديم 2012-11-17, 20:38   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل










قديم 2012-11-17, 22:55   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
اسلام الجزائري
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بــــآرك الله فيك أخي الفاضل وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك










قديم 2012-11-20, 21:41   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل










قديم 2012-11-21, 17:25   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
ksamir
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ksamir
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم وفق واعن الشيخ المناضل والمجاهد في سبيل الله محمود عبد الرازق الرضواني على إظهار كلمة الحق والتوحيد آميــــــن










قديم 2012-11-21, 18:36   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
طلحة الخير
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم ارحم المجددين










قديم 2012-11-24, 17:12   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
farestlemcen
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية farestlemcen
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلحة الخير مشاهدة المشاركة
اللهم ارحم المجددين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل









قديم 2012-11-24, 17:55   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
أكرم مسلم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










قديم 2012-11-24, 22:37   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
rouge et noir
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

انا سأختصر كل ما قلته في 4 كلمات : الوهابية = أتباع قرن الشيطان النجدي

لا داعي للكذب و التحريف و تقويل مالم يقله علمائنا الاجلاء









 

الكلمات الدلالية (Tags)
التسير, الإبراهيمي, الوهابية", الوهابية"موقف, باديس, دقيقة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc