بسم الله الرحمان الرحيم
يا قارئ خطي تمعن في كلامي جيدا ولا تلقي عليه نظرة سطحية فتحسبه مجرد كلام أو تحدي إنما هو تبيان للحق وذب عن السنة
ودفاع عن أهل الحق فقد قال العلي القدير في محكم تنزيله :
{ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
وعليه نصرة أهل الحق والوقوف أمام كل مبتدع مختل وكل ملحد مشكك :
و يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتّى يأتي أمر اللّه عزّ وجلّ
وهم على ذلك )) .
فتبيان الحق هو أمر الله عز وجل وحقه على العبيد يقول تعالى :
{بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}
إن هذا الطريق وحش ومتعب فلو رجعنا إلى سيرة النبي المختار عليه الصلاة و السلام لعرفنا ان صاحب الحق دائما يعاني ويكون مظلوما
يقول الشيخ الفوزان حفظه الله :
" من تمسك بالسنة سيلقى عنتآ وتعبآ وأحتقارآ وأزدراء من الناس لكن عليه أن يصبر ولا يتضعضع عن الحق "
و أنا جئت ناصحا لم اتي لكي اتحدى أو انصر رايي على حساب راي اخر ولا جئت لتحقيق انتصار أو بغية تعالم وتفاخر
إنما جئت لنصرة الحق وازالة الابهام ودحض قول كل مبتدع يتربص بدين الاسلام وكل ملحد يشكك في تعاليم هذا الدين الحنيف .
يا أختنا في الله لقد قلت لك اقرئي عن الامام البخاري كيف حقق الحديث وكيف كان يجمعها ومن خلال كلامك
تبين لي أنك لم تسعي في ذلك سبيلا ولكن لا باس بذلك فأنا سأوفر عليك عناء البحث ليس تطييبا لخاطر أو حبا لإنتصار
وإنما كما ذكرت سالفا فهو تبيان للحق و ازالة لغموض حتى لا يغتر من لا يعرف أصول هذا الدين ولا يتبع هؤلاء الناس
الذين يطعنون في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكانت حجتهم في بطلان الحديث عندهم هو أن عقولهم لا تتقبل هذا الكلام.
سأختصر كلامي في بضعة أسطر حتى لا أكثر على من يريد أن يزال الإبهام عنه و أن لا يتيه بإذن الله ولا يسقط في شباك الذين يخططون لهدم هذا الدين :
الأسباب التي دعت البخاري لتأليف صحيحه :
ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه فتح الباري أسبابا ثلاثة دعت الإمام البخاري رحمه إلى تأليف كتابه الجامع الصحيح:
أحدها: أنه وجد الكتب التي ألفت قبله بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين والكثير منها يشمله التضعيف
فلا يقال لغثه سمين, قال فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب في صحته أمين.
الثاني: قال وقوّى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهوية
وساق بسنده إليه أنه قال: "كنا عند إسحاق بن راهوية فقال: "لو جمعتم كتاباً مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم", قال: "فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الصحيح".
الثالث: قال: وروينا بالإسناد الثابت عن محمد بن سليمان بن فارس قال سمعت البخاري يقول:
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب بها عنه, فسألت بعض المعبرين فقال لي: "أنت تذب عنه الكذب فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح".
و الفائدة من كلام ابن حجر رحمه الله أن البخاري جمع صحيحه لان من كان من قبله من يروي احاديثا ضعيفة
وكذلك اتباعا لوصية شيخه ابن راهوية ... والامر الاهم انه ما راه في منامه
ولو رأينا إلى مدى عناية البخاري بصحيحه لفهم كل عاقل أنه لما أرادو أن يهدمو هذا الدين ويخلو بتعاليمه فلم يجدو سبيلا الى ذلك إلا في الطعن في هذا الكتاب المبارك باذن الله :
نقل جمع من العلماء عن هذا الامر ومنهم الفربري رحمه الله عن الامام البخاري أنه قال :
ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين"، ونقل عمر بن محمد البحيري عنه أنه قال:
"ما أدخلت فيه (يعني الجامع الصحيح) حديثا إلا بعد ما استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته".
وللعلم أن الامام البخاري سافر في عدة بلدان جمعا لهذه الاحاديث وكان مرة يسافر لمدة شهرين طلبا لحديث واحد فقط
فاين نحن واين همتنا فالله المستعان . وبالرغم من هذا فان الامام البخاري كان يضع شروطا حتى يقبل الحديث عنده
فشرطه كان اللقيا والسماع أي :
حتى يقبل الحديث عند البخاري ويدرجه ضمن صحيحه أن يكون الراوي قد لقى شيخه الذي روى عنه
و أن يكون قد سمع منه هذا الحديث .
فأين المجال لتكذيب الأحاديث التي جاءت في صحيح البخاري .
وقد قلت لك سابقا أن العلماء قد أجمعو ان كل ما في الصحيح صحيح
نعم هذا صحيح و اذا كان يرى شيخنا الالباني هذا العلامة الفذ رحمه الله و ما كان يراه العلماء من قبله أمثال الدارقطني
رحمهم الله جميعا أن بعض ما جاء في البخاري ضعيف . لكن راي الاغلبية و اقول هنا الاجماع ان ما في الصحيح كله صحيح .
ولكن هذا رايهم وهذا اجتهادهم وليكن في علمك أن هؤلاء جهابذة محققون وعلماء افذاذ فيستعلمون الحجج
ولهم شروط و اسباب لرد الحديث لا نساويهم مع من يردون الحديث بعقولهم .
والامر الذي تعجبت منه حقيقة عندما قلتي انه هناك احاديثا في الصحيح تطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم
وفي صحابته الكرام
اعلمي اختاه ان هذه الاحاديث منسوبة الى البخاري وهو لم يذكرها في صحيحه
و انهم لما ارادو ان يطعنو في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم امثال الروافض الشيعة الاخباث نسبو مثل هذه الاحاديث
الى الصحيح ولك ان تبحثي في ذلك وانه ان شاء الله سيتبين لك الحق .
أتمنى أني قد وفقت في هذا الامر . وأسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم وأن ياخذ بكل من يتربص بدين الاسلام
وان يرد كيد كل حاقد و أن يدحض سبيل كل مبتدع .
اللهم استجب لدعاءنا واللهم ارنا حق حقه ورازقنا اتباعه وارنا الباطل واجنبنا اتباعه .
واختم كلامي بما قاله شيخنا العلامة ابن القيم رحمه الله :
يقول بعض السلف الصالح : عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل
ولا تغتر بكثرة الهالكين.