ذم التعصب والمتعصبين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ذم التعصب والمتعصبين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-02-14, 20:03   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي ذم التعصب والمتعصبين

قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى:


وإذا كان الرجل متبعا لأبى حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى فاتبعه كان قد أحسن في ذلك ولم يقدح ذلك في دينه ولا عدالته بلا نزاع بل هذا أولى بالحق وأحب إلى الله ورسوله ممن يتعصب لواحد معين غير النبي كمن يتعصب لمالك أو الشافعي أو أحمد أو أبى حنيفة ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي إتباعه دون قول الإمام الذي خالفه فمن فعل هذا كان جاهلا ضالا بل قد يكون كافرا فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس إتباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمة دون الإمام الآخر فإنه يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل بل غاية ما يقال أنه يسوغ أو ينبغي أو يجب على العامي أن يقلد واحد لا بعينه من غير تعيين زيد ولا عمرو وأما أن يقول قائل إنه يجب على العامة تقليد فلان أو فلان فهذا لا يقوله مسلم .


ومن كان مواليا للأئمة محبا لهم يقلد كل واحد منهم فيما يظهر له أنه موافق للسنة فهو محسن في ذلك بل هذا أحسن حالا من غيره ولا يقال لمثل هذا مذبذب على وجه الذم،وإنما المذبذب المذموم الذي لا يكون مع المؤمنين ولا مع الكفار بل يأتي المؤمنين بوجه ويأتي الكافرين بوجه كما قال تعالى في حق المنافقين "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس" إلى قوله "ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا " وقال النبي عليه الصلاة والسلام " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة" قال الله في حقهم "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" وقال تعالى في حقهم "ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ماهم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون" فهؤلاء المنافقون الذين يتولون اليهود الذين غضب الله عليهم ماهم من اليهود ولا هم منا مثل من أظهر الإسلام من اليهود والنصارى والتتر وغيرهم وقلبه مع طائفته فلا هو مؤمن محض ولا هو كافر ظاهرا وباطنا فهؤلاء هم المذبذبون الذين ذمهم الله ورسوله وأوجب على عباده أن يكونوا مؤمنين لا كفارا ولا منافقين بل يحبون لله ويبغضون لله ويعطون لله ويمنعون لله، قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم "إلى قوله تعالى "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون" وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق" الآية وقال تعالى "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهمأو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه" وقال تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم " وفى الصحيحين عن النبي أنه قال "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" وفى الصحيحين عنه أنه "قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه" وفى الصحيحين عنه أنه قال "المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه " وفى الصحيحين أنه قال "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه" وقال "والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أخبركم بشيء إذا فعلتوه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"،


وقد أمر الله تعالى المؤمنين بالاجتماع والائتلاف ونهاهم عن الافتراق والاختلاف فقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" إلى قوله "لعلكم تهتدون" إلى قوله "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه "قال ابن عباس رضي الله عنهما تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة .فأئمة الدين هم على منهاج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والصحابة كانوا مؤتلفين متفقين وإن تنازعوا في بعض فروع الشريعة في الطهارة أو الصلاة أو الحج أو الطلاق أو الفرائض أو غير ذلك فإجماعهم حجة قاطعة


ومن تعصب لواحد بعينه من الأئمة دون الباقين فهو بمنزلة من تعصب لواحد بعينه من الصحابة دون الباقين كالرافضي الذي يتعصب لعلي دون الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة وكالخارجي الذي يقدح في عثمان وعلي رضي الله عنهما فهذه طرق أهل البدع والأهواءالذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم مذمومون خارجون عن الشريعة والمنهاج الذي بعث الله به رسوله فمن تعصب لواحد من الأئمة بعينه ففيه شبه من هؤلاء سواء تعصب لمالك أو الشافعي أو أبى حنيفة أو أحمد أو غيرهم .ثم غاية المتعصب لواحد منهم أن يكون جاهلا بقدره في العلم والدين وبقدر الآخرين فيكون جاهلا ظالما، والله يأمر بالعلم والعدل وينهى عن الجهل والظلم قال تعالى "وحملها الإنسان أنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات" إلى آخر السورة ،


وهذا أبو يوسف ومحمد أتبع الناس لأبى حنيفة وأعلمهم بقوله وهما قد خالفاه في مسائل لا تكاد تحصى لما تبين لهما من السنة والحجة ما وجب عليهما إتباعه وهما مع ذلك معظمان لإمامهما لا يقال فيهما مذبذبان بل أبو حنيفة وغيره من الأئمة يقول القول ثم تتبين له الحجة في خلافه فيقول بها ولا يقال له مذبذب فإن الإنسان لا يزال يطلب العلم والإيمان فإذا تبين له من العلم ما كان خافيا عليه اتبعه وليس هذا مذبذبا بل هذا مهتد زاده الله هدى وقد قال تعالى "وقل رب زدني علما ".فالواجب على كل مؤمن موالاة المؤمنين وعلماء المؤمنين وأن يقصد الحق ويتبعه حيث وجده ويعلم أن من اجتهد منهم فأصاب فله أجران ومن اجتهد منهم فأخطأ فله أجر لاجتهاده وخطؤه مغفور له وعلى المؤمنين أن يتبعوا إمامهم إذا فعل ما يسوغ فإن النبي قال "إنما جعل الإمام ليؤتم به" وسواء رفع يديه أو لم يرفع يديه لا يقدح ذلك في صلاتهم ولا يبطلها لا عند أبى حنيفة ولا الشافعي ولا مالك ولا أحمد ولو رفع الإمام دون المأموم أو المأموم دون الإمام لم يقدح ذلك في صلاة واحد منهما ولو رفع الرجل في بعض الأوقات دون بعض لم يقدح ذلك في صلاته وليس لأحد أن يتخذ قول بعض العلماء شعارا يوجب إتباعه وينهى عن غيره مما جاءت به السنة بل كل ما جاءت به السنة فهو واسع مثل الأذان والإقامة فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة" وثبت عنه في الصحيحين أنه علم أبا محذورة الإقامة شفعا شفعا كالأذان فمن شفع الإقامة فقد أحسن ومن أفردها فقد أحسن ومن أوجب هذا دون هذا فهو مخطئ ضال ومن والى من يفعل هذا دون هذا بمجرد ذلك فهو مخطئ ضال .


وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتر عليها كثرة التفرق والفتن في المذاهب وغيرها حتى تجد المنتسب إلى الشافعي يتعصب لمذهبه على مذهب أبى حنيفة حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى أبى حنيفة يتعصب لمذهبه على مذهب الشافعي وغيره حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى احمد يتعصب لمذهبه على مذهب هذا أو هذا وفى المغرب تجد المنتسب إلى مالك يتعصب لمذهبه على هذا أو هذا وكل هذا من التفرق والاختلاف الذي نهى الله ورسوله عنه ، وكل هؤلاء المتعصبين بالباطل المتبعين الظن وما تهوى الأنفس المتبعين لأهوائهم بغير هدى من الله مستحقون للذم والعقاب وهذا باب واسع لا تحتمل هذه الفتيا لبسطه فإن الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين، والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية، فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع وجمهور المتعصبين لا يعرفون من الكتاب والسنة إلا ما شاء الله بل يتمسكون بأحاديث ضعيفة أو آراء فاسدة أو حكايات عن بعض العلماء والشيوخ قد تكون صدقا وقد تكون كذبا وإن كانت صدقا فليس صاحبها معصوما يتمسكون بنقل غير مصدق عن قائل غير معصوم ويدعون النقل المصدق عن القائل المعصوم وهو ما نقله الثقات الإثبات من أهل العلم ودونوه في الكتب الصحاح عن النبي فإن الناقلين لذلك مصدقون باتفاق أئمة الدين والمنقول عنه معصوم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى قد أوجب الله تعالى على جميع الخلق طاعته وإتباعه قال تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" وقال تعالى "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم"


وقال أيضا رحمه الله في نفس المصدر:

ولا يجوز لأحد أن يرجح قولا على قول بغير دليل ولا يتعصب لقول على قول ولا لقائل على قائل بغير حجة بل من كان مقلدا لزم حكم التقليد فلم يرجح ولم يزيف ولم يصوب ولم يخطئ ومن كان عنده من العلم والبيان ما يقوله سمع ذلك منه فقبل ما تبين أنه حق ورد ما تبين أنه باطل ووقف ما لم يتبين فيه أحد الأمرين والله تعالى قد فاوت بين الناس في قوى الأذهان كما فاوت بينهم في قوى الأبدان ، وهذه المسألة ونحوها فيها من أغوار الفقه وحقائقه ما لا يعرفه إلا من عرف أقاويل العلماء ومآخذهم فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته فانه من العوام المقلدين لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون


قال رحمه الله تعالى في درء التعارض

وكثير من هذه الطوائف يتعصب على غيره ويرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع المعترض في عينه ويذكر من تناقض أقوال غيره ومخالفتها للنصوص والمعقول ما يكون له من الأقوال في ذلك الباب ما هو من جنس تلك الأقوال أو أضعف منها أو أقوى منها

والله تعالى يأمر بالعلم والعدل ويذم الجهل والظلم كما قال تعالى: { وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما }

وقال تعالى: { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا }

وقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ القضاة ثلاثة : قاضيان في النار وقاض في الجنة فرجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ] رواه أهل السنن ، ومعلوم أن الحكم بين الناس في عقائدهم وأقوالهم أعظم من الحكم بينهم في مبايعهم وأموالهم ، وقد قال تعالى : { فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير }.


وقد رأيت من كلام الناس في هذا الباب وغيره ألوانا لا يسعها هذا الموضع وكثير من نزاع الناس يكون نزاعا لفظيا أو نزاع تنوع لا نزاع تناقض ، فالأول مثل أن يكون معنى اللفظ الذي يقوله هذا هو معنى اللفظ الذي لا يقوله هذا وإن اختلف اللفظان فيتنازعان لكون معنى اللفظ في اصطلاح أحدهما غير معنى اللفظ في اصطلاح الآخر وهذا كثير ، والثاني أن يكون هذا يقول نوعا من العلم والدليل صحيحا ويقول الآخر نوعا صحيحا ، وكثير من نزاع الناس في هذا الموضع من هذا الباب وكثير منه نزاع في المعنى والنزاع المعنوي: إما أن يكون في ثبوت شيء وانتفائه وإما أن يكون في وجوب شيء وسقوطه .









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:04   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قال شيخ الإسلام ابن تيمية [20/164]:
" وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون ".










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:05   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
ذم الإسلام التعصب ونهى الشرع عنه سواء أكان التعصب لشخص أو قبيلة أو مال أو جاه أو غيره, بل ونسب الإسلام العصبية إلى الجاهلية ووصفها بالمنتنة؛ تقبيحاً لها وتنفيراً من شأنها.
والعصبية لها صور شتى؛ فمنها العصبية من أجل الدنيا كعصبية الرجل لذاته ومبالغته في نرجسيته, وكعصبية الرجل لولده وأهله وقبيلته, وكعصبية الرجل لبلده وجنسيته وازدراءه من دونه من الجنسيات ولو كانوا مسلمين, ومن أدهى صور العصبية الحديثة التعصب لناد أو فريق رياضي تعصباً قد يودي بحياة صاحبه في حمأة الانفعال, وقد حدث وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي في غزاة، فكسع رجل من المهاجرين - أي ضرب - رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال رسول الله: « ما بال دعوى الجاهلية؟ » قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: « دعوها فإنها منتنة ».

إن الافتخار بالآباء والاعتزاز بالانتماء القبلي قد يدفع المرء إلى النار التي حذرنا الله منها؛ ذلك أنه قد يفتخر بالكفرة من آبائه وأجداده، وما دفعه لذلك إلا العصبية الجاهلية، وتعالوا بنا نسمع هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: انتسب رجلان على عهد رسول الله فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، فمن أنت لا أم لك. فقال رسول الله: « انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام، فقال أحدهما: أنا فلان ابن فلان حتى تسعة، فمن أنت لا أم لك؟ قال: أنا فلان ابن فلان ابن الإسلام، قال: فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن هذين المنتسبين، أما أنت أيها المنتمي إلى تسعة من النار، فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة».
فياله من مرض فتاك قد يودي بالمحبة ويذهب الألفة ويغري العداوة بين الأحباب ويفرق بين الأقران ويثير الحروب بين القبائل والعشائر, ويزرع الضغائن بين من يفترض أنهم بنيان مرصوص.
وأما التعصب للمال والدنيا والإخلاد إليها فقد سماها الشرع عبادة عياذاً بالله, فقد جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع ».

ومن صور العصبية أيضاً التعصب الديني, ومنه المذهبية المذمومة التي يقدم فيها الأتباع قول المذهب على قول الله ورسوله, والصورة الأضيق من صور هذا النوع هي صورة التعصب للشيخ حتى لو خالف الدليل الصحيح من الكتاب والسنة.

ومن صور التعصب الحديثة التعصب لجماعة أو حزب, فتجد المنتمي إليه يدين بالولاء لأصحاب جماعته دون غيرهم من المسلمين, وهذا مذموم لا محالة فالله قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي الجميع إخوة في الدين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه»، وفي الصحيح: « والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه »، وفي الصحيح أيضا: « إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثله »، والأحاديث في هذا كثيرة، وفي الصحيح: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»، وفي الصحيح أيضا: « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا » وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، وقال أحمد حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا عبد الله أخبرنا مصعب بن ثابت حدثني أبو حازم قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس» [تفرد به أحمد ولا بأس بإسناده] وقوله تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } يعني الفئتين المقتتلتين، { وَاتَّقُوا اللَّـهَ } أي في جميع أموركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتقاه".

وقد وصفت السنة المطهرة التعصب لشيخ أو عالم حبر واتباعه حتى لو خالف الدليل بالعبادة.
قال صاحب معارج القبول: "وقد سمى الله تعالى طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله، سمى ذلك عبادة وأنه اتخاذ لهم أربابا من دون الله فقال تعالى: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ } [التوبة: 31] الآية.
قال عدي بن حاتم رضي الله عنه حين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوها: إنا لسنا نعبدهم. قال: « أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ » قال: بلى، قال: « فتلك عبادتكم إياهم ».
فالتعصب لعالم أو شيخ حال مخالفته للكتاب والسنة تعصب مذموم قد يورد صاحبه المهالك.

ومما تنفطر منه القلوب في عصرنا الحاضر تقليد بعض صغار الأسنان لبعض الدعاة الذين يلتصقون بهم في سب وتجريح دعاة آخرين قد يكونوا من الربانيين العاملين.
فليعلم هؤلاء أن لحوم العلماء مسمومة وليعدوا للسؤال أمام الله عز وجل جواباً من الآن على خوضهم فيما لا يحسنون وتعاليهم على من بذلوا أوقاتهم وأموالهم وأبدانهم في الدعوة إلى الله عز وجل, وقد يكونوا من أوليائه سبحانه الذين توعد الله بالمحاربة من بارزهم بالعداوة.
روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال: « من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ».


وقد تواترت الآثار عن أئمة السلف الدالة على ضرورة ووجوب اتباع الدليل وترك التقليد الأعمى والتعصب المذموم.


قال العلامة الألباني رحمه الله:
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها:
1/ أبو حنيفة رحمه الله:
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن مثبت رحمه الله وقد روي عنه أصحابه أقوالا شتى وعبارات متنوعة كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة لها:
1- "إذا صح الحديث فهو مذهبي" [ابن عابدين في "الحاشية" 1 / 63].
2- "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه" [ابن عابدين في "حاشيته على البحر الرائق" 6 / 293]، وفي رواية: "حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي"، زاد في رواية: "فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا".
وفي أخرى: "ويحك يا يعقوب -هو أبو يوسف- لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد".
3- "إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي" [الفلاني في "الإيقاظ" ص 50].


2/ مالك بن أنس رحمه الله:
وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال:
1- "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" [ابن عبد البر في "الجامع" 2 / 32].
2- "ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم" [ابن عبد البر في "الجامع" 2 / 91].
3- قال ابن وهب: سمعت مالكا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال: "ليس ذلك على الناس"، قال: "فتركته حتى خف الناس فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟ قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه »، فقال: إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع". [مقدمة "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم ص 31 - 32].


3/ الشافعي رحمه الله:
وأما الإمام الشافعي رحمه الله فالقول عنه في ذلك أكثر وأطيب وأتباعه أكثر عملا بها وأسعد فمنها:
1- "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لخلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي" ["تاريخ دمشق" لابن عساكر 15 / 1 / 3].
2- "أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد" [الفلاني ص 68]
3- "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت"، وفي رواية: "فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد" [النووي في "المجموع" 1 / 63].
4- "إذا صح الحديث فهو مذهبي" [النووي 1 / 63].
5- "أنتم أعلم بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث صحيح فأعلموني به أي شيء يكون: كوفيا أو بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا" [الخطيب في "الاحتجاج بالشافعي" 8 / 1].
6- "كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي" [أبو نعيم في "الحلية" 9 / 107].
7- "إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب" [ابن عساكر بسند صحيح 15 / 10 / 1].
8- "كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني" [ابن عساكر بسند صحيح 15 / 9 / 2].
9- "كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي وإن لم تسمعوه مني" [ابن أبي حاتم 93 - 94].


4/ أحمد بن حنبل رحمه الله:
وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعا للسنة وتمسكا بها حتى كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي، ولذلك قال:
1- "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا" [ابن القيم في "إعلام الموقعين" 2 / 302]،
وفي رواية: "لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير"،
وقال مرة: "الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير" [أبو داود في "مسائل الإمام أحمد" ص 276 - 277].
2- "رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار" [ابن عبد البر في "الجامع" 2 / 149].
3- "من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة" [ابن الجوزي في "المناقب" ص 182].


تلك هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلا ولا تأويلا وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مباينا لمذهبهم ولا خارجا عن طريقتهم بل هو متبع لهم جميعا ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وليس كذلك من ترك السنة المثبتة لمجرد مخالتفها لقولهم بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة والله تعالى يقول: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وقال: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور: 63].


قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة وربما أغلظوا في الرد لا بغضا له بل هو محبوب عندهم معظم في نفوسهم لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع
ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورا له بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه".

قلت: كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مر وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة؟ بل إن الشافعي رحمه الله أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها أو أخذ بخلافها؟ ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها انفرادا واجتماعا في مجلد ضخم قال في أوله: "إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم".


ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم اتباعا للسنة:
ولذلك كله كان أتباع الأئمة ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها بل قد تركوا كثيرا منها لما ظهر لهم مخالفتها للسنة حتى أن الإمامين: محمد بن الحسن وأبا يوسف رحمهما الله قد خالفا شيخهما أبا حنيفة في نحو ثلث المذهب، وكتب الفروع كفيلة ببيان ذلك ونحو هذا يقال في الإمام المزني وغيره من أتباع الشافعي وغيره ولو ذهبنا نضرب على ذلك الأمثلة لطال بنا الكلام ولخرجنا به عما قصدنا إليه في هذا البحث من الإيجاز فلنقتصر على مثالين اثنين:
1- قال الإمام محمد في "موطئه" ص 158: قال محمد: "أما أبو حنيفة رحمه الله فكان لا يرى في الاستسقاء صلاة وأما في قولنا فإن الإمام يصلي بالناس ركعتين ثم يدعو ويحول رداءه" إلخ.
2- وهذا عصام بن يوسف البلخي من أصحاب الإمام محمد ومن الملازمين للإمام أبي يوسف كان يفتي بخلاف قول الإمام أبي حنيفة كثيرا لأنه لم يعلم الدليل وكان يظهر له دليل غيره فيفتي به، ولذلك كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه كما هو في السنة المتواترة عنه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعه من العمل بها أن أئمته الثلاثة قالوا بخلافها وذلك ما يجب أن يكون عليه كل مسلم بشهادة الأئمة الأربعة وغيرهم كما تقدم.

فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأصلح قلوبنا بالإيمان واغفر لنا يا رحمن.


المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:06   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قال العلامة يحيى المعلمي اليماني -رحمه الله تعالى- في كتابه [التنكيل (197/2)]: (فتش نفسك تجدك مبتلى بمعصية أو نقص في الدين، وتجد من تبغضه مبتلى بمعصية أو نقص آخر ليس في الشرع بأشد مما أنت مبتلى به! فهل تجد استشناعك ما هو عليه مساوياً لاستشناعك ما أنت عليه، وتجد مقتك نفسك مساوياً لمقتلك اياه؟ وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من ان تُحصى وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي، فيلوح لي فيها معنى فأقرره تقريراً يعجنبي، ثم يلوح لي ما يخدش ذلك المعنى، فأجدني أتبرم بذلك الخدش، وتنازعني نفسي الى تكلف الجواب عنه، وغض النظر عن مناقشته ذلك الجواب، وانما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته هذا مع أنه لم يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف اذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لو لم يلح الخدش ولكن رجلاً آخر اعترض علي به؟ فكيف لو كان المعترض ممن أكرهه؟)










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:07   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

نظم بعضهم أقوال الأئمة الأربعة على لسانهم فقال :

وقول أعلام الهدى لا يعمل
بقولنا بدون نص يقبل
فيه دليل الأخذ بالحديث
وذاك في القديم والحديث
قال أبو حنيفة الإمام
لاينبغي لمن له اسلام
أخذ باقوالي حتى تعرضا
على الحديث والكتاب المرتضى
ومالك إمام دار الهجرة قال
وقد أشار نحو الحجرة
كل كلام منه ذوقبول
ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتموا
قولي مخالفاً لما رويتموا
من الحديث فاضربوا الجدار
بقولي المخالف الأخبار
وأحمد قال لهم لاتكتبوا
ما قلته بل أصل ذلك اقبضوا
فاسمع مقالات الهداة الأربعة
واعمل بها فإن فيها منفعة
وقمعها لكل ذي تعصب
والمنصفون يكتفون بالنبي









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:09   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قال تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} (البقرة: 145).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند ذكر الفوائد المستنبطة من هذه الآية:
ومنها: شدة عناد هؤلاء الذين أوتوا الكتاب؛ وأنهم مهما أوتوا من الآيات فإنهم لن ينصاعوا لها، ولن يتبعوها.
ويشبه هؤلاء من بعض الوجوه من يتعصب لمذهبه ــــ ولو علم أن الحق في خلافه ــــ إحسانًا للظن بمَن قلدهم؛ ولو أتيتهم بكلام من كلام مشايخهم قالوا: على العين والرأس! ولهذا أكثر شيخ الإسلام ــــ رحمه الله ــــ في «الفتوى الحموية» النقول عن العلماء من الأشاعرة وغيرهم؛ وقال: «إنه ليس كل مَن نقلنا قوله فإننا نقول به؛ ولكن لما كان بعض الطوائف منتحلاً إلى إمام أو مذهب، صار لو أُتي بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم"، وهذا من الدعوة بالحكمة؛ فإنه يقنع المعارض بما لا يمكنه نفيه ومعارضته، إذا أتى إليه بشيء من كلامهم مقلَّده لا يمكنه أن يحيد عنه.
وهؤلاء المتعصبون للمذاهب إذا قلنا لهم: هذا الإمام الشافعي، والإمام مالك، والإمام أحمد والإمام أبو حنيفة كلهم ينكرون تقليدهم مع مخالفة الكتاب، والسنة، ويقولون: «اضربوا بأقوالنا عُرض الحائط إذا خالفت الكتاب، والسنة»؛ ولهم عبارات في هذا المعنى كثيرة؛ وإذا كانوا يقولون هكذا فإن الذين يتعصبون لهم مع مخالفة الدليل لم يقلدوهم حقيقة؛ ولو قلدوهم حقيقة لكانوا إذا بين لهم الدليل أخذوا به كما أمر به هؤلاء الأئمة؛ لكنهم لم يقلدوهم حقيقة؛ بل تعصبوا تعصبًا لا يُحمدون عليه ما دام قام الدليل على خلافه؛ أما إذا لم يقم الدليل عند الإنسان ــــ سواء كان ممن يطلب الدليل، ويستطيع أن يعرف الحكم بالأدلة؛ أو لم يكن كذلك ــــ فهذا على كل حال يعذر إذا قلّد مَن يرى أنه أقرب إلى الحق؛ أما مع وضوح الدليل، وبيانه فإن التقليد حرام؛ ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن التقليد بمنزلة أكل الميتة يحل للضرورة، أما مع وجود لحم مذكّى فلا تأكل الميتة؛ فمع وجود الدليل من الكتاب، والسنة، وتبينه للإنسان فإنه لا يحل له أن يقلِّد؛ ولهذا لم يأمر الله بسؤال أهل العلم إلا عند عدم العلم فقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [النحل: 43، 44]؛ أما إذا كنا نعلم بالبينات، والزبر فلا نسألهم؛ ونأخذ من البينات والزبر.









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح رسالة
في ذم التعصب
لشيخ الإسلام ابن تيمية

لفضيلة الشيخ الدكتورسليمان بن سليم الله الرُّحيلي-حفظه الله





Ta3sb01.lite.mp3

Ta3sb02.lite.mp3

Ta3sb03.lite.mp3

Ta3sb04.lite.mp3

Ta3sb05.lite.mp3









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:15   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى(22/251):
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِالِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ الِافْتِرَاقِ وَالِاخْتِلَافِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} إلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَةِ.
فَأَئِمَّةُ الدِّينِ هُمْ عَلَى مِنْهَاجِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
وَالصَّحَابَةِ كَانُوا مُؤْتَلِفِينَ مُتَّفِقِينَ، وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فِي الطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَرَائِضِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ.
وَمَنْ تَعَصَّبْ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ دُونَ الْبَاقِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَعَصَّبْ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ دُونَ الْبَاقِينَ.
كَالرَّافِضِيِّ الَّذِي يَتَعَصَّبُ لِعَلِيٍّ دُونَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ.
وَكَالْخَارِجِيِّ الَّذِي يَقْدَحُ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَهَذِهِ طُرُقُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ مَذْمُومُونَ، خَارِجُونَ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَالْمِنْهَاجِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَمَنْ تَعَصَّبَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِعَيْنِهِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، سَوَاءٌ تَعَصَّبَ لِمَالِكٍ أَوْ الشَّافِعِيِّ أَوْ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِمْ.
ثُمَّ غَايَةُ الْمُتَعَصِّبِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِقَدْرِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَبِقَدْرِ الْآخَرِينَ، فَيَكُونُ جَاهِلًا ظَالِمًا، وَاَللَّهُ يَأْمُرُ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ، وَيَنْهَى عَنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ} إلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وَهَذَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَتْبَعُ النَّاسِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَعْلَمُهُمْ بِقَوْلِهِ، وَهُمَا قَدْ خَالَفَاهُ فِي مَسَائِلَ لَا تَكَادُ تُحْصَى، لِمَا تَبَيَّنَ لَهُمَا مِنْ السُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا اتِّبَاعُهُ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ مُعَظِّمَانِ لِإِمَامِهِمَا.
لَا يُقَالُ فِيهِمَا مُذَبْذَبَانِ ؛ بَلْ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ الْقَوْلَ ثُمَّ تَتَبَيَّنُ لَهُ الْحُجَّةُ فِي خِلَافِهِ فَيَقُولُ بِهَا، وَلَا يُقَالُ لَهُ مُذَبْذَبٌ ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَزَالُ يَطْلُبُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ.
فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا كَانَ خَافِيًا عَلَيْهِ اتَّبَعَهُ، وَلَيْسَ هَذَا مُذَبْذَبًا ؛ بَلْ هَذَا مُهْتَدٍ زَادَهُ اللَّهُ هُدًى.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.
فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ مُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُلَمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْ يَقْصِدَ الْحَقَّ وَيَتَّبِعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ، وَيَعْلَمَ أَنَّ مَنْ اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَنْ اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ لِاجْتِهَادِهِ، وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ.










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:16   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

التعصب
للأحزاب و الطوائف
سلبياته ، أسبابه ، سبل علاجه
كما يراها المحدث / محمد ناصر الدين الألباني (*)
إياد محمد الشامي

التعصب للأحزاب و الطوائف
لم يستخدم الشيخ الألباني لفظ التحزب و إنما استخدم لفظ ( التكتل ) بديلاً عنه حيث يعني بالتكتل خلاف ما يعنيه غيره إلا أنه أوضح أن هذا اللفظ ( التكتل ) يعني عند غيره لفظ ( التحزب ) .
وقال الشيخ إن الهدف الوحيد من هذا التكتل هو تجميع المسلمين كلهم على الكتاب والسنة . واستدل بقوله تعالى : { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } . ( الأنعام : 153 ) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: يد الله مع الجماعة ( رواه النسائي و ابن حبان غيرهما و ذكره الألباني في صحيح الجامع برقم 5934 ) ( الألباني د.ت ، 1/594 ) . و كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية ) ( رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، و حسن الألباني في مشكاة المصابيح برقم 1067 ) ( التبريزي : 1405 هـ ، 1/ 235 ) .
و يقصد الشيخ بالتكتل قوله : نحن نريد بالتكتل أن يتعاون المسلمون على فهم الكتاب والسنة و على تطبيقه في حدود استطاعتهم و نريد من هذه الكلمة ما يراد من كلمة الحزبية في العصر الحاضر . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور )

سلبيات التعصب للأحزاب و الطوائف :
يذكر الشيخ الألباني العديد من سلبيات التحزب و يحث المسلمين على تجنب هذه السلبيات قائلاً : " إن الإسلام يحارب هذا التفرق الذي ينافي التكتل ، ولكن التكتل ينافي التحزب أيضاً ، لأن التحزب يعني التعصب لطائفة من الطوائف الإسلامية ضد الطوائف الأخرى ، ولو كانوا على الحق فيما هم سائرون فيه " ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ) . و نذكر جملة من هذه السلبيات :

1- معاداة من لا ينتمي للحزب :
يبين الشيخ الألباني أن من آثار سلبيات التعصب للطوائف و الأحزاب أنهم يعادون من لم يكن في تكتلهم و في منهجهم و لو كان أخاً مسلماً صالحاً ، فهم يعادونه لأنه لم ينضم لهذا التكتل الخاص أو التحزب الخاص . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور )

2- الهيمنة الفكرية و عدم إعطاء الحرية لأفراد الحزب :
قال الشيخ الألباني : قد وصل بهم أن حزباً منهم يفرض على كل فرد من أفراد الحزب أن يتبنوا أي رأي يتبناه الحزب مهما كان هذا الرأي لا قيمة له من الناحية الإسلامية . و إذا لم يقتنع ذلك الفرد برأي من آراء الحزب . فُصل ولم يعتبر من هذا الحزب الذين يقولون أنه حزب إسلامي . و معناه أنهم يعودون إلى ما يشبه اليهود والنصارى في اتباعهم لأحبارهم و رهبانهم في تحريمهم و تحليلهم . فقد قال الله تعالى : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ( التوبة : 31 ) . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور )

سبب التعصب للأحزاب والطوائف :
يرى الشيخ الألباني أن هناك سبباً رئيساً أدى إلى ظهور التعصب للأحزاب والجماعات والطوائف يتمثل في عدم تبني الكتاب و السنة و نهج السلف الصالح نظاماً و منهاجاً عملياً . وقد أوضح الشيخ هذا الأصل في حديثه عن الأحزاب الموجودة اليوم أو الجماعات القائمة على الأرض الإسلامية فقد تعددت مناهجها و اختلفت نظمها اختلافاً كبيراً .

بين الشيخ رحمه الله أن " لفظة الأحزاب ليس على منهج الإسلام الذي قال ربنا عز وجل : { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{32} ( الروم : 32،33 ) . وقال في آية أخرى أن حزباً واحداً هو الذي يكون الحزب الناجح و الحزب الفالح وهو قوله تبارك و تعالى : { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( الأنعام : 153 ) ، فالأحزاب كثيرة و السبل عديدة ،و الآيتان تلتقيان في ذم التعدد الحزبي و التعدد الطرقي . ويبين ربنا عز وجل في كل منهما بصراحة أن الطريقة الموصلة إلى الله عز وجل إنما هو طريق واحد . و لقد زاد النبي صلى اله عليه وسلم كغالب عادته مع كثير من آيات ربه ، فزاد بياناً تلك الآيتان بمثل قوله صلى الله عليه وسلم و قد كان جالساً بين أصحابه جلسته الدالة على تواضعه ، كان جالساً على الأرض فخط عليها خطاً مستقيماً و خط حول هذا الخط المستقيم خطوطاً قصيرة ثم قرأ : { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( الأنعام : 153 ) ، ثم قال وهو يمر أصبعه الشريفة على الخط المستقيم . هذا صراط الله وهذه طرق على رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه . أما الحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم : تفرقت اليهود على إحدى وسبعين و تفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة و ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة . قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال هي الجماعة و في رواية أخرى ما أنا عليه و أصحابي . ( الترمذي : د . ت ، 5 / 26 ) وهذا الحديث يؤكد أن النجاة لا تكون بالتفرق والتحزب إلى أحزاب وشيع و طرق شتى و إنما بالانتماء إلى طريق واحدة و بسلوك طريق واحدة ألا وهو طريق محمد صلى الله عليه وسلم .
لا يبقى بعد ذلك إلا حزب واحد أثنى عليه الله عز وجل في القرآن { فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } ( المائدة : 56 ) . و الذي يرغب أن يكون في هذا الحزب الذي كتب له الفلاح في الدنيا و الآخرة فلا يمكن أن يحقق ذلك في نفسه إلا إذا عرف علامة هذه الحزب و نظامه ومنهجه " . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور )
و يبين الشيخ سمات هذا الحزب فيقول : إذا كان الطريق الموصل إلى تحقيق هذا الحزب واحداً فلا بد كذلك أن يكون المنهج واحداً . فإذا تعددت المناهج لتلك الجماعات أو الطوائف والأحزاب ، فلا شك أن التعدد لهذه المناهج فرع لتعدد الأحزاب و الجماعات .
وبين الشيخ رحمه الله أن قوله النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أنا عليه وأصحابي ) في وصفه للفرقة الناجية في غاية الأهمية ، وأن سبيل هذه الفرقة الناجية ليس ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فحسب بل إضافة إلى ذلك ما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ) فلذا على جميع التكتلات الإسلامية الموجودة أن تقتدي بالصحابة .

سبل علاج التعصب للأحزاب والطوائف والجماعات :
وجد الباحث مجموعة من آراء الشيخ حول علاج هذا التعصب للأحزاب و الجماعات والطوائف ، وكانت هذه الآراء على النحو التالي :

1- أن يقوم على هذا التكتل مجموعة من العلماء :
يقول الشيخ ناصر الدين رحمه الله : مشكلة أي تكتل في العالم الإسلامي هو فقدهم للعلماء الكثيرين ، فلا يكفي و احد أو اثنان أو ثلاثة أو خمسة أو عشرة ، و إنما يجب أن يكون هناك العشرات من العلماء و ذوي الاختصاصات المختلفة . فالتكتل الإسلامي يحتاج إلى أناس قد أوتوا حظاً من العلوم الضرورية . فهو ( التكتل ) يحتاج إلى أفراد مختلفين من كافة الاختصاصات . ينبغي أن لا نتصور أن من كان خطيباً مفوهاً أن يكون عالماً بالكتاب والسنة ، كما لا ينبغي أن نتصور العكس تماماً ، أن من كان عالماً بالكتاب و السنة أن يكون خطيباً مفوهاً ، أو أن يكون قد جمع العلوم كلها . أن يتوفر في شخص واحد كل المتطلبات التي تتطلبها الدعوة فهناك أفراد قليلون جداً جداًَ يعدون على الأصابع ، وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية . فهذا النقص الموجود في مجموع الأفراد إنما يكون بتكتل هؤلاء الأفراد و تطعيم كل علم بالآخر مما قام في مجموعة من الأفراد . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ،1/320 )

2- أن يكون هذا التكتل قائماً على الكتاب والسنة :
فيرى الشيخ الألباني أنه بعد تجمّع هؤلاء العلماء من كافة الاختصاصات فإن أول أمر يجب عليهم أن يهتموا به عند إقامة أي تكتل هو " أن يكون هذا التكتل قائماً على الكتاب والسنة .
فقال رحمه الله : علينا أن نسعى لإيجاد هؤلاء الأشخاص ثم أن يتكتلوا على عقيدة و على كلمة سواء و أن يسعوا في تطبيق هذا المنهج . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ، 1/320 )

3- أن يعطي هذا التكتل الحرية العلمية للأفراد :
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله : ينبغي على أي تكتل إسلامي صحيح أن يعطي للأفراد حريتهم العلمية . فلا مانع أن يكون في ذلك التكتل الإسلامي شخصان أحدهما يخالف الآخر . لأننا نعتقد ( أن كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف ) فقد كان في السلف الأول نوع من الاختلاف في بعض المسائل الشرعية . فما كان ذلك بالذي يلزم الحاكم المسلم بأن يفرض رأيه على كل مسلم يتبناه ولو كان مخالفاً لرأي الفرد . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ، 1/320 )

4- أن يفهم أفراد هذا التكتل الإسلام فهماً صحيحاً و يربوا عليه :
بين الشيخ الألباني أهمية أن يولي هذا التكتل اهتماماً كبيراً بأن يعمل على تكتيل جماعة من المسلمين يفهمون الإسلام فهماً صحيحاً في كل فروعه و أصوله و يربون أنفسهم على ذلك كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم في أول بعثته . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ، 1/322 ) .

5- الاهتمام الأكبر بالنوع لا بالعدد :
أكد الشيخ الألباني على أن يهتم هذا التكتل بالأفراد وقد عاب الشيخ رحمه الله على بعض الأحزاب و التكتلات التي تجمع بين السني و البدعي ، وبين السلفي و الخلفي . بل قد يكون في بعضهم من هو ليس من أهل السنة والجماعة . ( الألباني : سلسلة الهدى والنور ، 1/791 – 792 ) . لذا فعلى القائمين على التكتلات الإسلامية أن يهتموا بأن يكون أفراد هذا التكتل من أهل السنة و الجماعة أصحاب المنهج السلفي حيث قال رسول الله صى الله عليه وسلم في بيان الفرقة الناجية : ( إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا ومن هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي ) . ( الترمذي : د . ت ، 5 / 26 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:19   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

التعصب للفرق والأحزاب المعاصرة [أسبابه ، وعلاجه]

نشرت بواسطة: للشيخ سلطان العيد 15 يوليو, 2012 في المحاضرات العلمية عدد الزيارات :7956 اضف تعليق
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران : الآية 102] ، ﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء : الآية 1] ، ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 70-71] ، أما بعد :
التعصب أثر من آثار الفرق والأحزاب المعاصرة
فالتعصب أثر من آثار الفرق والأحزاب المعاصرة ، والتعبير بلفظ الفرق هو التعبير الصحيح ، واصطلح كثير من الناس على تسميتها في زماننا هذا بالجماعات ، فلربما عبرتُ بهذا اللفظ من باب أنه اصطلاح اشتهر عند كثير من الناس ، وإنما سُمِّيت هذه الجماعات بالفرق لأن نبينا محمدا – صلى الله عليه وسلم – حدَّث عن افتراق هذه الأمة الإسلامية ، فأخبر – عليه الصلاة والسلام – أن أهل الكتاب افترقوا إلى ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة (1 ) ، وهي ما كان على من كان عليه النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الأخيار الأبرار – رضي الله عنهم وأرضاهم – .
وموضوعنا هذا يشتمل على عدد من العناصر ، هي :
- بيان النصوص الشرعية في ذم التفرق في الدين ، والحث على الاجتماع .
- تاريخ الحزبية في الإسلام .
- خطر الفرق والأحزاب على أمة الإسلام .
- أنواع الأحزاب في زماننا .
- متى نشأت الأحزاب المعاصرة ، وسبب نشأتها .
- خطر الحزبيات على بلاد المسلمين .
- بيان المنهج الخفي لهذه الأحزاب الوافدة .
- بيان آثار الفرق والأحزاب المعاصرة على أمة الإسلام .
- واجب أهل العلم .
- فتاوى العلماء في الجماعات والفرق المعاصرة .
- موعظة لأولي الألباب .
التحذير من التفرق
لقد حذرنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – من التفرق ، والتعصب لغير الدين فقال – كما في الحديث الذي خرجه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – : « من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات مات مِيتة جاهلية ، ومن قاتل تحت راية عِمّية ( 2) ، يغضب لعصبة ، أو يدعو إلى عصبة ، أو ينصر عصبة ، فقتل فقِتْلة جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب بَرّها وفاجرها لا يتحاشى ( 3) من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهد ، فليس مني ولست منه » ( 4) .
يقول العلامة النووي – رحمه الله – ( 5) في قوله – صلى الله عليه وسلم – : « ومن قاتل تحت راية عمية » . هي بضم العين وكسرها ، لغتان مشهورتان ، والميم مكسورة مشددة ، والياء مشددة أيضا ، قالوا : هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه . كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور ، قال إسحاق بن راهَوَيْه: هذا كتقاتل القوم للعصبية .
وقال العلامة الطيبي : تحت راية عمية ، أي كناية عن جماعة مجتمعين على أمر مجهول ، لا يُعرف أنه حق ، أو باطل ، فيدعون الناس إليه ، ويقاتلون له .
يقول العلامة النووي ( 6) : أي يقاتل لشهوة نفسه وغضبه لها ، ويؤيد هذا الحديث المذكور بعده يغضب للعصبة ، ويقاتل لعصبة ، ومعناه إنما يقاتل عصبية لقومه وهواه .
يقول ابن الأثير – رحمه الله ( 7) – والعصبية أي الحمية ، والعصبي هو الذي يغضب لعصبته ، ويحامي عنهم ، والعصبية والتعصب هي المحاماة والمدافعة .
ويقول نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم- : « إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة ، كلها في النار إلا واحدة ، وهى الجماعة ، وإنها ستخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يَتَجارى الكَلَب ( 8) بصاحبه ، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله » (9 ) . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الترمذي والحاكم والبغوي وابن تيمية وابن كثير وابن حجر ، وفي هذا رد على من ضعّفه .
ويقول ابن مسعود – رضي الله عنه – مبينا نصيحة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتحذيره من اتباع هذه الأهواء والفرق والجماعات المحدثة : خط لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطا ثم قال : « هذا سبيل الله » . ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ، وقال : « هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه » . ثم قرأ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 153] » ( 10) .
وعن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : وعظنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – موعظة ، وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله أوصنا كأنها وصية مودع . قال : « أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي ، فإنه من يَعِش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسكوا بها ، وَعَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة » (11 ) .
وأوصانا نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – بالتمسك بكتاب الله وسنته – عليه الصلاة والسلام – فإن فيهما النجاة في الدنيا والآخرة ، فقال : « تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض » ( 12) .
حرص السلف على السنة
وكان السلف – رضي الله عنهم – حريصين أشد الحرص على سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يدَعونها لأي أمر ، فكان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – يقول : لست تاركا شيئا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يعمل به إلا عملت به ، فإني أخشى – إن تركتُ شيئا من أمره – أن أزيغ ( 13) .
ومما يبين ما كان عليه الصحابة – رضي الله عنهم – من الحرص على السنة ، والتمسك بها ، وأن هذا سبيل النصر والعز والتمكين لأمة الإسلام ، في أول الزمان وآخره ما قاله أبو هريرة – رضي الله عنه – حيث قال : والذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استُخلف ما عُبد الله . ثم قال الثانية ، ثم قال الثالثة ، فقيل له : مَهْ (14 ) يا أبا هريرة . فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وجّه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام ، فلما نزل بذي خشب قُبض النبي – صلى الله عليه وسلم – وارتدت العرب حول المدينة ، واجتمع إليه أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا : رُدّ هؤلاء ، توجه هؤلاء إلى الروم ، وقد ارتدت العرب حول المدينة . فقال : والذي لا إله إلا هو ، لو جرَّت الكلاب بأرجل أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – ما رددت جيشا وجهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ولا حللت لواء عقده . فوجه أسامة ، فجعل لا يمر بِقَبيل (15 ) يريدون الارتداد إلا قالوا : لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم . فلقُوا الروم ، فهزموهم وقتلوهم ، ورجعوا سالمين ، فثبتوا على الإسلام (16 ) .
فانظر إلى تمسك أبي بكر – رضي الله عنه – بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مع عِظم الفاجعة بموت النبي – صلى الله عليه وسلم – وارتداد جماعة من العرب ، إلا أنه تمسك بهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فكانت النجاة والغلبة لأهل الإسلام ، وصدق نبينا – صلى الله عليه وسلم – حين قال : « قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، ومن يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بما عرفتم من سنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عَضّوا عليها بالنواجذ ، وعليكم بالطاعة ، وإن عبدا حبشيا ، فإنما المؤمن كالجمل الأَنِف ( 17) ، حيثما قِيد انقاد » ( 18) .
يقول الإمام مالك - رحمه الله وغفر له – : لا يُصلح آخرَ هذا الأمر إلا ما أصلَح أولَه .
لقد كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يعرفون نعمة الله عليهم بالتمسك بالسنة ، والهداية بها ، ويدركون ما أنعم الله به عليهم من النجاة من البدع والأهواء المضلة ، فكانوا يُحدّثون بنعمة الله – عز وجل – ويُحذرون مما يُذهبها .
ويقول أبو العالية الرياحي ( 19) – رحمه الله وغفر له – : أنعم الله علي بنعمتين ، لا أدري أيتهما أفضل : أن هداني للإسلام ، أم لم يجعلني حَرُوريًّا . أي خارجيا ، لأن فتنة الخوارج كانت في زمانه عظيمة .
ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه – اتبعوا ولا تبتدعوا ، فقد كُفيتم ، عليكم بالأمر العتيق ( 20) .
ويقول الإمام الأوزاعي - رحمه الله وغفر له – : عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوا لك بالقول .
ويقول الإمام أحمد ، إمام أهل السنة في زمانه في رسالته إلى مسدد : لا تشاور صاحب بدعة في دينك ، ولا ترافقه في سفرك .
ويقول الإمام البَرْبَهاري – رحمه الله – مبينا ما عليه أهل هذه الفرق والأحزاب المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة : مثل أصحاب البدع مثل العقارب ، يدفنون رءوسهم وأبدانهم في التراب ، ويُخرجون أذنابهم ، فإذا تمكنوا لدغوا .
فكذلك أهل البدع ، هم مختفون بين الناس ، فإذا تمكنوا ، فعلوا ما يريدون .
ويقول – رحمه الله وغفر له - : إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره ، فإن الذي أخفى عنك أكثر من الذي أظهره .
ويقول ابن الجوزي - رحمه الله – مبينا شيئا مما يتعلق بتربية الأولاد على السنة ، وإبعادهم عن أهل الأهواء ، والبدع المضلة : اللهَ اللهَ من مصاحبة هؤلاء . يعني أهل البدع .
فيجب منع الصبيان من مخالطتهم ، لألا يثبت في قلوبهم من ذلك شيء ، واشغلوهم بأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
ذم أهل البدع
فقد كان السلف – رضي الله عنهم – لا يهابون من ذم أهل التحزب والبدع والأهواء ، بل كانوا يحذرون منهم بأعيانهم ، لما في ذلك من المصلحة العظيمة لأهل الإسلام ، قال رجل للإمام أحمد : يا إمام لِم تتكلم في فلان وفلان ؟ فقال الإمام أحمد – رحمه الله وغفر الله له – : إذا سكتُّ أنا ، وسكتَّ أنت ، فمتى يتعلم الجاهل ؟
ويقول أبو نعيم : دخل الثوري يوم الجمعة ، فإذا الحسن بن صالح بن حي يصلي ، فقال الثوري – رحمه الله – : نعوذ بالله من خشوع النفاق . وأخذ نعليه وتحول عنه ، وقال : ذلك رجل يرى السيف على الأمة . أي يستبيح الخروج على ولاة الأمر ، فلذلك حذر منه .
واستمِع لهذه الحادثة التي جرت للإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله وغفر له – في التحذير من أهل الأهواء والبدع ، وعدم الاغترار بما يظهرونه من الزهد والرقائق والبكاء من خشية الله – سبحانه وتعالى – كما يزعمون ، يقول علي بن أبي خالد : قلت لأحمد بن حنبل : إن هذا الشيخ – لشيخ حضر معنا – هو جاري ، وقد نهيته عن رجل يحب أن يسمع قولك فيه ، حارث القصير – يعني الحارث المحاسبي – قال علي للإمام أحمد : وكنتَ يا إمام رأيتني معه . أي مع الحارث منذ سنين عديدة ، فقلت لي : لا تجالسه ، ولا تكلمه . فلم أكلمه حتى الساعة ، وهذا الشيخ يجالسه ، فما تقول فيه ؟ قال : فرأيت أحمد بن حنبل قد احمر لونه ، وانتفخت أوداجه وعيناه ، وما رأيته هكذا قط ، ثم جعل الإمام أحمد ينتفض ويقول : ذاك – أي الحارث المحاسبي – فعل الله به وفعل ، ليس يعرف ذاك إلا مَن خَبَرَه وعرفه ، أوه أوه ، ذاك لا يعرفه إلا مَن خبره وعرفه ، ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان ، فأخرجهم إلى رأي جهم ، فهلكوا بسببه . فقال الشيخ للإمام أحمد : يا أبا عبد الله ، يروي الحديث ، ساكن خاشع ، من قصته كذا وكذا . فغضب الإمام أحمد – رحمه الله – وجعل يقول : لا يَغُرّك خشوعه ولينه ، لا تَغترّ بتنكيس رأسه ، فإنه رجل سوء ذاك ، لا يعرفه إلا من خبره ، لا تكلمه ، ولا كرامة ، كل من حدث بأحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكان مبتدعا لا تجلس إليه ، ولا كرامة ، ولا نُعمى عين ، وجعل يقول ذاك .
يقول أبو القاسم : بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام ، فهجره أحمد بن حنبل ، فاختفى – أي الحارث – فلما مات لم يُصلّ عليه إلا أربعة نفر .
كان السلف – رضي الله عنهم – يفرحون بمصاحبة الشباب لأهل السنة ، لأنهم يتعلمون منهم السنة ، ويحزنون لمجالستهم أهل الأهواء والبدع ، يقول عمرو بن قيس : إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة فارجُه ، وإذا رأيته مع أهل البدعة فايأس منه ، فإن الشاب على أول نشوئه .
ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : « الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم مَن يُخالل » ( 21) . فهنيئا لمن رزقه الله فقيها يعلمه السنة ، أو يحذره من البدعة ، هنيئا لمن رزقه الله خليلا يدله على سبيل أهل السنة .
يقول ابن شَوْذَب : إن من نعمة الله على الشاب إذا تنسك أن يؤاخي صاحب سُنَّة ، يحمله عليها .
وإليك هذه الحادثة العجيبة المبينة لما كان عليه السلف الصالح – رضي الله عنهم – من الحذر من التحزب في الدين ، فقد روى أبو نعيم في حلية الأولياء ( 22) ، بإسناد صحيح عن مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير – وهو من كبار ثقات التابعين – قال : كنا نأتي زيد بن صوحان ، وكان يقول : يا عباد الله أكرموا وأجملوا ، فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين : الخوف والطمع . فأتيته ذات يوم ، وقد كتبوا كتابا ، فنسقوا كلاما من هذا النحو : إن الله ربنا ، ومحمدا نبينا ، والقرآن إمامنا ، ومن كان معنا كنا ، وكنا له ، ومن خالفنا كانت يدنا عليه ، وكنا وكنا . قال : فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا ، فيقولون : أقررت يا فلان ؟ حتى انتهوا إليّ ، فقالوا : أقررت يا غلام ? قلت : لا ، قال : لا تعجلوا على الغلام ، ما تقول يا غلام ? قال قلت : إن الله قد أخذ عليّ عهدا في كتابه ، فلن أحدث عهدي سوى العهد الذي أخذه الله – عز وجل – عليّ ، قال : فرجع القوم عن آخرهم ، ما أقر به أحد منهم ، قال : قلت لمُطَرِّف : كم كنتم ? قال : زهاء ثلاثين رجلا .
بهذا يتبين لنا نعمة الله – سبحانه وتعالى – علينا بالاجتماع على كتاب الله ، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ويتبين لنا كيف كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يحذرون من هذه الأهواء والبدع المضلة ، ولكن هل التفرق والتحزب كان موجودا في ذلك الزمن وانتهى في زماننا ؟
الجواب : لا ، فكلما بعُد العهد عن السلف الصالح – رضي الله عنهم – كلما كثرت الأهواء والبدع المضلة .
تاريخ الحزبية في الإسلام
أما عن تاريخ الحزبية في الإسلام ، فقد نشأت هذه الأحزاب والجماعات والفرق منذ النشأة الأولى للأمة الإسلامية ، وكان لها أثر سيئ في الأمة ، فمن أول تلك الأحزاب التي نشأت في الإسلام ، حزب عبد الله بن أُبيّ ابنُ سَلُولَ ، فإنه كان في المدينة ، وكان أهل المدينة يريدون أن يجعلوه أميرا عليهم ، وقد صنعوا له تاجا ، فلما هاجر النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة ، انصرف الناس إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهجروا عبد الله بن أبي ابن سلول ، فحقد على الإسلام وأهله ، ولما رأى أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – ظاهرا ، أظهر الإسلام نفاقا ، وصار يكيد لأهل الإسلام هو وحزبه ، وهو الذي سعى في تفريق المسلمين ، وهو الذي قال : ﴿ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا ﴾ [سورة المنافقون : الآية 7] ، وهو الذي قال : ﴿ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ﴾ [سورة المنافقون : الآية 8] ، لكن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يرد كيده ، وما يبثه من شبهات ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصبر عليه ، خشية أن يُقال : إن محمدا يقتل أصحابه .
ثم بعد ذلك نشأ حزب عبد الله بن سبإ اليهودي ، الذي أظهر الإسلام ، لكنه كان يكيد لأهل الإسلام في زمن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – وذلك أن الناس اجتمعوا على عثمان بعد مقتل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فكانت الخَيْرات عظيمة ، وكان الرزق واسعا ، لكن هذا الرجل لما رأى تآلف أهل الإسلام ، سعى لتفريقهم ، وكان شعاره هو ومن معه من أتباعه الطعن في العلماء والأمراء ، فسعى هذا الرجل بالفتنة ، واجتمع حوله أناس من الجهلة ، وممن لا يعرفون مقاصده ، فحاصروا عثمان في بيته ، حتى قُتِل – رضي الله عنه وأرضاه – وكان – رضي الله عنه – أشرف من يمشي على الأرض في زمانه ، بعد وفاة أبي بكر وعمر ، وذلك أن أهل السنة يرون أن أفضل الناس بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي – رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين – .
وفي زمن علي – رضي الله عنه – نشأت فرقة أخرى وهي فرقة عبد الله بن وهب الراسبي ، وهذا الرجل كان من الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – والخوارج كفروا عليا ، ومن معه من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واستباحوا دماءهم وأموالهم ، ففي الصحيح ( 23) أنهم أغاروا على سرح المسلمين ، وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت ، ونزعوا البيعة ، وولوا عبد الله بن وهب الراسبي أميرا عليهم ، واجتمعوا يوم النهروان ، فنصحهم أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فلم يرجعوا ، وهجمت هذه الفرق المبتدعة على أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – يريدون مقاتلتهم ، فأمر علي – رضي الله عنه – أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – بقتالهم ، عملا بوصية النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث قال : « لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد » ( 24) . فقتلهم علي بن أبي طالب ، ولم يبق منهم إلا القليل ، منهم عبد الرحمن بن ملْجَم ، الذي كَمَن لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – لما خرج للصلاة ، فضربه بسيف شحذه شهرا ، وسقاه السم شهرا ، فمات علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وأرضاه – .
ثم بعد ذلك نشأت الفرق ، كالمرجئة ، والشيعة ، والمعتزلة ، كل هذه الفرق نشأت في أواخر عهد أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وما بعد ذلك .
أما في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – وزمن أبي بكر وعمر ، فكان الناس على منهاج واحد ، في أصول الدين وفروعه .
وقد استمرت هذه الفرق والأحزاب والجماعات تخرج في أهل الإسلام ، وبقيت منهم بقية لها تأثير يزيد أحيانا ، ويقل أحيانا أخرى ، وما زال الأمر هكذا حتى رأينا تأثير هذه الفرق ، في الأحزاب والجماعات المعاصرة ، فما من جماعة ، أو حزب ، أو فرقة معاصرة ، إلا فيها أثر تلك الأفكار المتقدمة ، بل إن بعضهم يوافق الخوارج تماما في مذهبهم ، مع أنه لم يقرأ ما كان عليه الخوارج ، لأن الشيطان سوّل لهم ، كما سول لمن قبلهم .
خطر الأحزاب والجماعات كبير جدا
إذن فخطر هذه الأحزاب والجماعات على أهل الإسلام ، وعلى دولة الإسلام كبير جدا ، فقد قتل عثمان – رضي الله عنه – وقتل علي – رضي الله عنه – وافترقت الأمة الإسلامية بعد ذلك إلى فرق وأحزاب بسبب هذه الجماعات ، وما زالوا يخرجون على أمة الإسلام في كل زمن ، وفي كل حين ، يُفرّقون الجماعة ، ويضربون المسلمين بعضهم ببعض .
ومن آخر ما أضرت به هذه الجماعات أهل الإسلام ما جرى في الدولة السعودية ، وذلك أن الناس كانوا في القرن الثاني عشر قد بدل كثير منهم ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – وما عليه أهل السنة ، فحدثت الأهواء والفرق والجماعات والأحزاب ، وكانت الغلبة لأهل الأهواء ، ونشأ في أهل الإسلام من يُعَظّم القبور ، ويدعو أهلها من دون الله – عز وجل – ويطلب منهم المدد ، ويبني على القبور القباب ، ويتقرب إليها بالذبائح والنذور ، وصار لأهل الأهواء والتصوف صولة وجولة ، حتى قام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – بالدعوة إلى توحيد رب العالمين ، وحصل بينه وبين أمير الدرعية محمد بن سعود معاهدة الدرعية ، حيث تعاهدا فيها على نصرة التوحيد والسنة ، ومحاربة الأهواء والبدع المضلة ، فقاموا بالدعوة إلى توحيد رب العالمين ، فعند ذلك قام عليهم أهل الأهواء والأحزاب والفرق والجماعات ، وأثاروا حولهم الشكوك والأكاذيب والأباطيل ، وخاطبوا الناس وكاتبوهم ، شرقا وغربا ، يحذرون من الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ، ومَن معه من أهل التوحيد والسنة .
وقد ذكر بعض المؤرخين أن أهل الأهواء في نجد كانوا يرسلون الرسائل لأهل اليمن ، ولأهل الشام ، ولأهل مصر ، ولأهل الحجاز ، وغيرها من البلدان ، يُحَرّضونهم على دعوة الإمام المجدد ، ويكذبون عليه الأكاذيب ، حتى إن بعضهم كاتب الخليفة العثماني ، يطلب منه الفتك بهذا الرجل ودعوته ، لكن أهل السنة صبروا على هذه الجماعات والفرق ، وحاربوها أشد المحاربة ، فكانت الغلبة لأهل هذه الدعوة ، حتى دخلوا – بحمد الله – البلد الحرام في سنة ألف ومائتين وعشرين تقريبا ، وهدموا ما كان في ذلك البلد من القباب التي بنيت على قبور الأولياء والصالحين ، وقام لأهل السنة – ولله الحمد والمنة – عِزّ ودولة في ذلك الزمان ، لكن هذه الفرق والجماعات ما زالت تكيد لهم بالليل والنهار ، فحرضوا الناس عليهم ، حرضوا أهل الأهواء ، واتهموا الإمام المجدد – رحمه الله – بتهم كثيرة ، منها أنه لا يُعظّم الأولياء والصالحين ، ومنها أنه يدعي النبوة ، وغير ذلك من الأكاذيب والافتراءات ، فعند ذلك جيّشوا الجيوش لحرب هذا الإمام ، حتى وصلت إلى نجد ، وحاصرت الدرعية سنة ألف ومائتين وثلاثة وثلاثين ، ثمانية أشهر – كما يقول الإمام عبد الرحمن بن حسن – رحمه الله وغفر له – وقتل من أهل السنة عدد كبير ، وسقطت دولتهم ، وتفرقوا ، وعادت الأهواء والبدع مرة ثانية ، حتى أنعم الله – عز وجل – علينا بقيام الدولة السعودية الثانية ، على يد الإمام تركي بن عبد الله .
فانظروا إلى آثار هذه الفرق والأحزاب على دولة أهل السنة ، فهذه الفرق والأحزاب إذا تُركت دون مواجهة هدمت دولة الإسلام .
ومن خطرها في الدولة السعودية الثالثة ، والتي قامت على يد الملك عبد العزيز – رحمه الله وغفر له – لما قام الملك عبد العزيز ، وعلم أهل تلك الفرق والأحزاب أنه يدعو إلى ما دعى إليه سلفه ، إلى هذه الدعوة ، دعوة أهل السنة ، إلى الدعوة إلى التوحيد والسنة ، قاموا عليه ، وحاربوه أشد المحاربة ، حتى إن الملك عبد العزيز – رحمه الله – لما دخل الحجاز ومكن الله – عز وجل – أهل التوحيد من تلك البلاد ، وأزالوا ما فيها من البدع والقبوريات – حتى ذكر بعض المؤرخين أن الملك عبد العزيز – رحمه الله – لما دخل الحجاز هدم أكثر من ثمانين قبة ، منها قبة كانت على قبر أبي طالب ، بناها العثمانيون والصوفية ، ومنها قبة على قبر عبد المطلب ، وغيرها من القباب – فهدمها ، ودعا إلى توحيد رب العالمين ، فاستقام الناس على السنة ، فأغاظ ذلك أهل الأهواء والبدع ، فكتب أولئك سؤالا مكونا من سبع وعشرين فقرة ، موجها إلى علماء العالم الإسلامي ، يُحَرّضون فيه على هذه الدولة ، وعلى هذه الدعوة ، يقولون : هل يجوز أن يمكن الوهابيون من بيت الله الحرام ، وهم يفعلون كذا وكذا ، وهم لا يحبون الأولياء والصالحين ، ولا يقرون بكراماتهم ، ويهدمون معالم الإسلام ، ويقصدون بها تلك القباب التي بنيت على قبور الأولياء والصالحين ، إلى غير ذلك من الأباطيل ، لكن الإمام عبد العزيز – رحمه الله – صبر على كذبهم وأباطيلهم ، وكان يرد عليهم ، وكان في موسم الحج يقول : نحن ندعو إلى السلفية ، ونحن على الدعوة السلفية ، وما يتهموننا به من أمور ، هي أباطيل وأكاذيب . وكان يرد عليهم ، وكذلك يرد عليهم العلماء .
ومن أواخر ما أصيبت به هذه البلاد من نكبات هذه الجماعات والفرق والأحزاب ، ما حصل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، فقد قام أهل الأهواء والبدع بنشر الأكاذيب والأباطيل ضد هذه الدولة ، فمن ذلك أنهم اتهموا منهج أهل هذه البلاد ، ودعوتها السلفية ، بأنها هي سبب التكفير والتفجير ، وهذا من الباطل والبهتان ، فإن أسباب التكفير والتفجير معلومة في عدد من بلاد العالم الإسلامي ، وهي هذه الجماعات التي نشأت على غير هدي السلف الصالح – رضي الله عنهم وأرضاهم – .
ومنهم من قال : إن الدرر السنية ، التي جمعت فيها رسائل وفتاوى علماء الدعوة السلفية ، التي قامت عليها بلادنا ، هي سبب التكفير والتفجير ، وهذا من الكذب والباطل والبهتان ، فإن الناس يعلمون براءة أهل هذه الدعوة من هذه الأكاذيب ، بل إن علماء هذه الدعوة ، ومن يقومون على الفتوى فيها ، هم من أول مَن أنكر هذه التفجيرات الآثمة .
منهج هذه الفرق والجماعات
فهذه الجماعات بعد هذه الأحداث يقومون ببعض الأمور ، التي يزعمون أن فيها مواجهة للكفار ، وانتصارا للمسلمين ، لكنهم يفعلون ذلك من باب ذر الرماد في العيون ، وإلا فهم يريدون دولة التوحيد ، فلذلك يقومون بعمل واحد موجه للكفار ، ثم يقومون بعشرات الأعمال التي توجه لبلاد التوحيد والسنة تكفيرا وتفجيرا وسبًّا وإيذاء وإفسادا للشباب .
أقسام الفرق والأحزاب
وهذه الأحزاب الموجودة في زماننا هذا تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أولا : أحزاب خارجة عن دين الإسلام ، كحزب البعث ، وكالأحزاب العلمانية .
ثانيا : أحزاب تقوم على النعرات الجاهلية ، والعصبيات القبلية والقوميات العرقية ، وهي من دعوى الجاهلية التي نهى عنها النبي – صلى الله عليه وسلم – ووصفها – عليه الصلاة والسلام – بالمنتنة .
ثالثا : أحزاب تتسمى بالإسلام ، وهي على مذاهب ، ونحل شتى ، وهم في بعدهم عن السنة وأهلها ، ما بين مستقل ومستكثر .
وهذه الجماعات والأحزاب والفرق الإسلامية أضر من غيرها ، من جهة أن تلك الأحزاب العلمانية والكفرية واضحة وظاهرة ، فلا يغتر بها شبابنا ، لكنهم يغترون بهذه الفرق والأحزاب التي تنسب نفسها للإسلام ، والتي تظهر شيئا من الانتصار للدين ، فيغتر بها مَن لا علم عنده .
وقد نشأت هذه الأحزاب والفرق المعاصرة عندما تسلط الغربيون على بلاد الإسلام ، واحتلوا عددا من دوله ، فقام بعض الناس من أجل نصرة الدين ، ورأوا أن خير سبيل لنصرة الدين إنشاء هذه الأحزاب والجماعات ، وهم إنما يفعلون ذلك تأثرا بالمحتل الغربي الكافر ، فإن الغربيين قد طرحوا على الناس أسلوبهم السياسي الديمقراطي ، المبني على التفرق والتعددية والحزبية ، ويرون أن هذا هو الأصل ، وأن في هذا تحررا ورُقيّا وتمدنا ، فقلدهم من قلدهم من أهل الإسلام ، وأنشئوا هذه الأحزاب والجماعات يظنون أن في هذا نصرة للدين .
والواجب على أهل الإسلام أن يعملوا بكتاب الله ، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وألا يأخذوا كل ما عند الغرب ، فإن أولئك الغربيين لا علم عندهم بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وديننا قد نهي فيه عن التفرق في الدين ، وإنشاء هذه الأحزاب تجعل المسلمين شِيَعا وفرقا متناحرة ، والغربيون يفرحون بكل مسلم يقلدهم في هذا الأسلوب الديمقراطي .
سبب دخول الجماعات إلى المملكة العربية السعودية
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – لما سُئل عن سبب دخول الجماعات إلى المملكة العربية السعودية ، قال : كثرة الاختلاط بالوافدين . فأهل هذه البلاد – ولله الحمد والمنة – نشئوا على التوحيد والسنة ، ونشئوا على طريقة واحدة ، ليس بينهم اختلاف ، ولا تباغض ، ولا عداوة ، ولا أحزاب ، ولا جماعات ، فلما اختلط بعضهم بمن يحمل هذه الأفكار تأثر بها .
ومما يجب أن نعلمه ، أن العلماء يرفضون وجود مثل هذه الجماعات بيننا ، وعامة الناس كذلك يرفضون ذلك ، ولا يريدون التفرق في الدين والاختلاف ، لكن هؤلاء جاءوا بطرق ملتوية فاغتر بهم من اغتر من عامة المسلمين .
ولا شك أن الاعتراف بالداء سبب من أسباب العلاج ، إذ لا يمكن أن نعالج أمرا ، ونحن لا نعترف به ، ولا نقر بوجوده ، ومن يرى أن إهمال وجود هذه الجماعات ، وإنكار وجود من تأثر بها ، يميت هذه الدعوات ، مخطئ ، لأن بلادنا ليست معصومة ، فهي كغيرها من البلاد ، تتأثر ، وفينا الصالح ، وفينا من هو دون ذلك ، لكننا – ولله الحمد والمنة – نسعى للإصلاح ، ونسعى لمعالجة الخطر










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:20   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع
أساليب أصحاب الفرق والجماعات والأحزاب
إن أصحاب هذه الجماعات والفرق ، لما دخلوا بلادنا بثوا عددا من الشبه التي تحميهم ، وتعينهم على نشر فكرهم ، وضم الشباب إليهم ، ومن ذلك أنهم ألزموا من يتكلم عن مساوئهم وأخطائهم ، أن يذكر حسناتهم أيضا ، وقد أنكر علماؤنا ذلك ، وقالوا : إن ذكر حسنات المحذَّر منه يُرَغّب فيما عنده من بدعة وهَوًى ، والسلف – رضي الله عنهم – كانوا يقولون : من عقوبة المبتدع ألا تذكر محاسنه .
ومن ذلك أنهم قالوا : إنما جئنا من أجل إدخال التنظيم الدعوي والتربوي ، دون العقدي ، وهم في هذا كذَبَة ، فإنه لا يمكن لإنسان ينتمي إلى جماعة ، أو حزب ، أن يتوقف عن بث منهجه وعقيدته التي يدين بها ، وهؤلاء يستغلون التنظيم الدعوي والتربوي ، من أجل ضم الشباب إلى فكرتهم ومنهجهم وعقيدتهم .
ومن ذلك أنهم شغلونا بالغزو الفكري سنوات طويلة ، ثم تبين بعد ذلك أن هذه الجماعات هي التي غزتنا ، ووجد في شبابنا من ينتمي إليها ، ومن يسب دولتنا وعلماءنا ، مع توقيره لرموز تلك الجماعات ، بل منهم من يرى أن دولتنا ليست دولة مسلمة ، فيستبيح دماءنا ، ودماء رجال الأمن .
ومن ذلك أنهم يسعون لاسقاط من يخالفهم ، أو يحذر منهم ، بأمور يخدعون بها الشباب ، ويُلبسون بها على العامة ، فيتهمون أهل العلم الذين يحذرون منهم ، بأنهم من أتباع السلطان ، أو عملاء له .
ومن ذلك أنهم يقولون : هذا ضد الدعوة ، أو إنه يفرق بين المسلمين ، أو إنه يثير الفتنة . ولا شك أن السكوت عن هؤلاء وفتنتهم هو الذي يثير الفتنة بين أهل الإسلام .
ومن ذلك أنهم سعوا لإذابة حاجز النُّفرة من أهل الأهواء والبدع ، بدعوى التسامح والتقارب بين المذاهب الإسلامية ، وبدعوى الأخُوّة بين المسلمين ، وبدعوى التعاون بين الجماعات الإسلامية ، وأخذ ما عندهم ، فيقولون : نأخذ ما عندهم من الخير ، فإذا فتح لهم هذا الباب ، أخذوا الشباب ، وصرفوهم إلى جماعتهم .
ومن ذلك أيضا أنهم يُظهرون شيئا من الدين للتلبيس ، وجمع الأتباع كالدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – ويعنون بذلك الدعوة إلى جماعتهم ، والانضمام إلى طريقتهم .
ومن ذلك أنهم يُظهرون الجهاد في سبيل الله – سبحانه وتعالى – ونصرة المستضعفين من المؤمنين ، يقصدون من ذلك أن تجاهد معهم ، وتنضم إلى جماعتهم ، وتقاتل دون ضوابط ، ووصل الحال بهم إلى أن قاتلونا .
ومن ذلك أنهم يظهرون إنكار المنكر ، ويستغلون هذا الأمر في إيغار الصدور على ولاة الأمر ، فيظهرون بعض المنكرات ، ويعظمون بعض الأمور ، وبالتالي ينضم الشباب إليهم ، ويقال لهم : انظروا إلى العلماء ، لا ينكرون المنكرات . وبالتالي يترك الشباب أهل العلم .
ومن ذلك مساعدة المحتاجين ، فيظهرون بعض الأمور التي يستطيعون من خلالها جمع التبرعات ، ثم تُصرف لمصالح جماعتهم ، بل للتخريب في بلاد الإسلام .
ومن ذلك أنهم يدعون إلى الحكمة ، ويقصدون بالحكمة عدم الكلام في شأنهم ، فيقولون : لا تتكلم في إخوانك المسلمين ، ولا تتكلم في هذه الفرق والأحزاب ، لأننا الآن في مواجهة حتمية مع الكفار ، فلنقاتل الكفار ، ثم بعد ذلك نتكلم في هذه الجماعات والفرق ، فيموت من يموت من المسلمين على بدعته ، بل قد يموت على شركه ، فهل يترك مثل هذا حتى ننتصر على الكفار ؟
لقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحذر من الأهواء والبدع ، حتى في أشد الأوقات وأصعبها ، فعندما خرج – صلى الله عليه وسلم – إلى خيبر ، مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط ، يعلقون عليها أسلحتهم ، فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنوط ، كما لهم ذات أنواط . فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : « سبحان الله هذا كما قال قوم موسى ﴿ اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ [سورة الأعراف : الآية 138] ، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم » (25 ) .
ومن ذلك التشكيك في كل ما ثبت عنهم من ضلالاتهم ، فإذا صح عنهم فعل شيء هو من الضلال الذي لا شك فيه ، قالوا : ينبغي أن تتثبت .
ومن ذلك أنهم قد يحتجون بكلام بعض أهل العلم ممن أثنى عليهم ، فلا شك أن هذه الجماعات أول ما وفدت أفكارها إلى بلادنا كانوا يظهرون شيئا من التوحيد والسنة ، والدعوة إلى الخير ، لكن لما تبينت حقيقتهم لأهل العلم حذروا منهم ، ومن هؤلاء المشايخ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – الذي كان قد أثنى على بعض هذه الجماعات لما وفدت إلى المملكة العربية السعودية ، لكن لما تبين له حال هذه الجماعات حذر منها – رحمه الله وغفر له – حتى إنه قبل وفاته كان يقول عن بعض هذه الجماعات – التي كان قد أثنى عليها سابقا – : إنها داخلة في الثنتين والسبعين فرقة الهالكة .
فالمنهج الخفي الذي تقوم عليه هذه الجماعات هو الذي أخفى صورتها الحقيقية ، حتى فوجئ الناس بظهور شباب يحملون أفكارا مخالفة لما عليه العلماء ، ولما عليه أهل هذه البلاد ، لكن – ولله الحمد والمنة – كلام أهل العلم في التحذير من هذه الجماعات كان له أثر عظيم في إزالة كثير من آثارها ، قال حذيفة – رضي الله عنه – : كان الناس يسألون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ( 26) .
فلا بد أن نعرف سبل أهل الضلال ووسائلهم ، حتى نحذرها ، قال الله – عز وجل – ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 55] ، أي لتظهر طريقتهم ، حتى يحذروا هذا الشر .
هذا المنهج الخفي يقوم على عدة أمور
وهذا المنهج الخفي يقوم على عدة أمور ، يسلكها أهل الأهواء ، إذا دخلوا إلى بلد ، لا يتمكنون من إظهار بدعتهم ، أو من إظهار فِرقتهم وجماعتهم وحزبهم ، وهذه الأمور هي :
أولا : إخفاء محاسن ولاة الأمر : فلا يظهرون شيئا من محاسنهم ، ويكرهون الحديث عن محاسنهم ، ليوهموا الناس أنه ليس عندهم شيء من الخير ، وبالتالي يكرههم الناس ، فيتهيأ الشباب للخروج على ولاة أمرهم ، وإذا حصل من ولاة الأمر شيء من الخير شككوا في نياتهم ، فقالوا : إنهم يفعلون ذلك لمقاصد أخرى ، مثل الحفاظ على الملك ، ونحو ذلك .
ثانيا : إظهار معايب ولاة الأمر ، والتشهير بهم على المنابر : ويرون أن هذا هو الطريق إلى نصرة الدين ، وإنما يفعلون ذلك ليفصلوا الشباب عن ولاة أمرهم وعلمائهم ، يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله – إن التشهير بولاة الأمر على المنابر ليس من منهج أهل السنة والجماعة .
ثالثا : تبني جراحات المسلمين : فيظهرون أمام العامة أن الأمة الإسلامية مصابة في كثير من البلدان ، وأنهم هم الذين سيتولون نصرة هذا الدين ، يتجاوزن بذلك ولاة الأمور ، ليظهروا أمام الناس أنهم أنصار الدين ، وأن ولاة الأمور قد قصروا في نصرة المسلمين ، فينتج عن هذا أن يُفتح لهم الباب لجمع التبرعات ، كما فعلت الفرق التي تتبنى التكفير والتفجير ، في بلادنا ، وهم حين يظهرون مناصرة المسلمين ، لا يتقيدون بالضوابط الشرعية ، فتراهم – مثلا – يخرجون للجهاد بدون إذن ولي الأمر ، وبدون إذن الوالدين ، وبدون قدرة على نصرة المستضعفين أيضا ، لا يراعون أنه قد يكون بين دولتنا ، وتلك الدولة الكافرة عهد ، لأن الله – سبحانه وتعالى – قيد نصرة المستضعفين من المسلمين ، بألا يكون بيننا وبينهم عهد ، قال الله – عز وجل – ﴿ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ﴾ [سورة الأنفال : الآية 72] .
رابعا : إسقاط كبار العلماء : لأن الناس يسألون العلماء عن هذه الجماعات الوافدة إلينا ، سواء جماعة التبليغ ، أو الإخوان ، أو التكفير والهجرة ، أو التحرير ، أو غير ذلك من الجماعات ، فالعلماء – كما هو معروف من فتاواهم – كالشيخ ابن باز ، والفوزان وغيرهما من المشايخ يحذرون من هذه الجماعات ، ويرون أنها داخلة في الفرق التي حذرنا منها النبي – صلى الله عليه وسلم – .
فمن فضل الله علينا أننا نشأنا على هذه الدعوة السلفية النقية الصافية ، فهل يجوز أن ننصح الناس بترك هذه الدعوة ، إلى تلك الدعوات ؟ لا أظن أن عاقلا يقول هذا الكلام أبدا ، حتى من يدافع عنهم ، لا يمكن أن يقول هذا الكلام .
وهؤلاء يتهمون كبار العلماء بأنهم لا يفقهون الواقع ، وأنهم علماء السلطان ، لأنهم يفتون بما فيه مصلحة الدولة ، إلى غير ذلك من الكلام الذي تعرفونه ، وكل هذا باطل ، والقصد منه سحب البساط من تحت أقدام العلماء خامسا .
خامسا : إعلاء قيمة من يسير على طريقتهم : ومن هو منضم إلى جماعتهم ، أو حزبهم ، ومن هو متعاطف معهم ، وأصحاب هذه الفرق يعرفون من يتعاطف معهم ، فيرفعون قدره ، ويظهرونه على أنه العالم الزاهد ، الذي يصدع بالحق ، على أنه قائد الجيل ، على أنه رُبَّان الصحوة ، على أنه المجاهد ، إلى غير ذلك من الألفاظ التي يطلقونها في شأن هؤلاء ، فينخدع بذلك عوامّ الناس ، ومن لا علم عنده بما تنطوي عليه سرائرهم .
سادسا : ليّ أعناق النصوص لتوافق أهواءهم : فتراهم يستدلون ببعض النصوص الشرعية التي يحملونها على غير محملها ، فيتأولونها من أجل تقرير أن التفرق في الدين هو الأصل ، فلا مانع من أن يكون كل واحد منضما لجماعة أو حزب من الأحزاب ، ولا شك أن هذا فهم خاطئ لنصوص الكتاب والسنة .
ويدخل في هذا تلاعبهم بالنصوص ، والمصطلحات الشرعية ، فيقصدون بالجهاد ذلك الذي يفعلونه من التفجير والتخريب في بلاد المملكة العربية السعودية ، وبدون ضوابط ، وكذلك البيعة والسمع والطاعة ، لكنها ليست لولي الأمر ، إنما السمع والطاعة لمن بايعوه في الخفاء .
ومن ذلك إنكار المنكر ، ويقصدون به التشهير بولاة الأمر ، وإثارة الناس ضدهم حتى يخرج الناس في تظاهرات وفوضى ، فعند ذلك يتمكن أهل الأهواء من عمل ما يريدون .
ومن ذلك أنهم جعلوا من الورع ألا تتكلم في أهل الأهواء والبدع ، وهذا ليس بصحيح ، لأن الكلام فيهم هو من الجهاد في سبيل الله ، ومن الذّبّ عن السنة ، كما تقدم عن الإمام أحمد – رحمه الله وغفر له – .
ومن ذلك أنهم سلكوا مسلك التلبيس والتشكيك ضد من يحذّر من أحزابهم ، واتهامه بأنه يصنّف الناس بالظن ، وهذا ممنوع ، إذ لا يجوز لنا أن نصنف شخصا بأنه حزبي ، أو بأنه مبتدع ، بدون دليل ، فهذا من التكلم في الناس بالباطل ، والله – عز وجل – لا يرضى بذلك ، لكن التصنيف بعد اليقين مما جاءت به الشريعة ، فالله – عز وجل – بين أن الناس صنفان : مؤمنون وكفار ، وأهل السنة فرّقوا الناس إلى أهل السنة ، وأهل البدعة ، وإلى مطيع وعاصٍ ، بل أنت تفرق بين الناس ، حتى الدول الكافرة تفرق بين الناس ، فتراهم يقسمون الدول إلى ثلاثة أقسام : دول صديقة ، ودول معادية ، ودول محايدة ، فالتصنيف إذا كان بحق فلا بأس به ، وهو من دين الله – عز وجل – .
ومن ذلك وصفهم الكلام في هذه الجماعات بأنه غيبة وهمز ولمز وهمز ، وهذه مغالطة ، يقول ابن أبي عياش لما سئل عن السني من هو ؟ قال : هو الذي إذا ذُكرت عنده الأهواء يغضب . فمن يطلب إحسان الظن بهؤلاء ، وعدم كشف أمرهم ، يضر ببلاد المسلمين ، فكشف أمرهم ، والتحذير منهم ، من باب النصرة لديننا ولدولتنا .
فإذا سكتنا عن هذه الجماعات والأحزاب الوافدة إلينا ليقعن في بلادنا ما وقع فيها من قبل ، من التفرق والفوضى ، وتسلط أهل الأهواء والبدع ، وهذه الأحزاب لا ترضى أن يبقى على الساحة إلا حزبها وجماعتها ، تفرقوا في الدين ، لكنهم اجتمعوا على معاداة أهل السنة ، كلهم لا يرضون بقيام دولة أهل التوحيد والسنة ، وهم يعادوننا الليل والنهار ، فلماذا نجبن نحن ، ولا نبين لعامة مساوئ هؤلاء وخطرهم ، والله – عز وجل – قد أمرنا بالبلاغ المبين ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [سورة آل عمران : الآية 187] .
إذن لا بد من البلاغ المبين لعامة الناس ، فهذا الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ، لما وقعت الفتنة في نجد كتب رسالة موجودة في الدرر السنية لأحد أهل العلم ، طلب منه تبيين هذه الفتنة ، والتحذير ممن يتكلم بها .
لا بد أن نحذر عامة المسلمين من هذه الأهواء والفرق والجماعات الوافدة إلينا لئلا ينحرف الشباب ، فالسكوت عن البدع والأهواء ، وعدم التحذير منها ، ومن أهلها ، هو الذي يوقع الناس في الفتنة ، فمنهج التخفي والتقية هو منهج الجماعات السرية ، وهم كما قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – : إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة ، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة .
ولهذا يحرصون على مخاطبة الشباب بعيدا عن نظر الآباء والعلماء وولاة الأمر ، وقد يدعونهم مثلا للإعداد للجهاد ، فيخرج إليه في جبل من الجبال ، أو في بلد من البلدان ، ثم يربونه على منهجهم .
ويحضرني هنا فتوى اللجنة الدائمة عندما سئلت عن الجماعات الدعوية المعاصرة ، كالتبليغ والإخوان والتحرير والهجرة ، هل يجوز التعاون معها ؟ فأجابت بقولها : الواجب التعاون مع الجماعة التي تسير على منهج الكتاب والسنة ، وما عليه سلف الأمة في الدعوة إلى توحيد الله – سبحانه – وإخلاص العبادة له ، والتحذير من الشرك ، ومناصحة الجماعات المخالفة ، لذلك فإذا رجعت إلى الصواب ، فإنه يتعاون معها ، وإن استمرت على المخالفة ، وجب الاتبعاد عنها ، والالتزام بالكتاب والسنة .
والشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – له فتوى في التحذير من جماعة التبليغ ، وبين أنها جماعة ضلالة وبدعة ، وهذا الكلام موجود في فتاوى الشيخ ابن باز – رحمه الله – فقد سئل : هل تُقرون الدخول في هذه الجماعات ؟ يعني جماعة الإخوان ، وجماعة التبليغ ، وجماعة الجهاد وجماعة كذا ؟ فأجاب : ننصح بالاجتماع على كلمة واحدة ، والاجتماع على طلب العلم ، والتفقه في الكتاب والسنة ، والسير على منهج أهل السنة والجماعة ، أما التحزب للإخوان المسلمين ، أو جماعة التبليغ ، أو كذا وكذا ، فلا ننصح بهذا ، فهذا غلط .
وسئل – رحمه الله – عن واجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات والجماعات ، في كثير من الدول الإسلامية ، فقال : الواجب على المسلمين توضيح الحقيقة ، ومناقشة كل جماعة ، أو جمعية ، ونصح الجميع بأن يسير في الخط الذي رسمه الله لعباده ، ودعا إليه نبينا – صلى الله عليه وسلم – ومن تجاوز هذا ، أو استمر في عناده ، لمصالح شخصية ، أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله ، فإن الواجب التشهير به ، والتحذير منه ، حتى يجتنب الناس طريقتهم .
وسئل الشيخ ابن باز - رحمه الله – أيضا عن حديث افتراق الأمة الإسلامية إلى ثلاث وسبعين فرقة ، وهل الإخوان والتبليغ من ضمن الثنتين والسبعين ؟ قال : تدخل في الثنتين والسبعين ، من خالف عقيدة أهل السنة ، دخل في الثنتين والسبعين . وهذا في شرحه للمنتقى ، قبل وفاته بسنتين .
وسئل الشيخ ابن العثيمين – رحمه الله – هل هناك نصوص من كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – فيها إباحة تعدد الجماعات ؟ فأجاب : ليس في الكتاب ، ولا في السنة ما يبيح تعدد الجماعات والأحزاب ، بل إن في الكتاب والسنة ما يذم ذلك .
وقال – رحمه الله – في كتابه الصحوة الإسلامية : تعدد الجماعات ظاهرة مرضية ، وليست ظاهرة صحية ، والذي أرى أن تكون الأمة حزبا واحدا ، ينتمي إلى كتاب الله ، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – .
وسئل الشيخ الفوزان عن حديث افتراق الأمة ، فأجاب بقوله : هذه الثلاث والسبعون هي أصول الفرق ، ثم تشعبت منها فرق كثيرة ، وما الجماعات المعاصرة الآن ، المخالفة لجماعة أهل السنة ، إلا امتداد لهذه الفرق ، وفروع عنها .
وسئل : هل يجوز للعلماء أن يبينوا للشباب والعامة خطر التحزب والتفرق والجماعات ؟ فأجاب : نعم يجب بيان خطر التحزب ، وخطر الانقسام والتفرق ، ليكون الناس على بصيرة من دينهم ، لأن العوام ينخدعون بهم .
وسئل الشيخ الفوزان – حفظه الله ورعاه – هل السلفية حزب من الأحزاب ؟ وهل الانتساب لها يذم ؟ فأجاب – حفظه الله – بقوله : السلفية هي الفرقة الناجية ، هم أهل السنة والجماعة ، ليست حزبا من الأحزاب التي تسمى الآن أحزاب ، وإنما هم حزب الله وجنده ، فالسلفية من كان على مذهب السلف ، على ما كان عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه ، فهي ليست حزبا من الأحزاب العصرية . ثم قال : القول إن الجماعة السلفية واحدة من الجماعات الإسلامية . هذا غلط ، فالجماعة السلفية هي الجماعة الأصلية التي يجب اتباعها ، والسير على منهجها ، والانضمام إليها .
وأختم بفتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، مفتي عام المملكة العربية السعودية ، فقد ورد في كتاب مجمع فتاوى علماء أهل السنة في التحذير من الجماعات المعاصرة ما نصه : السؤال ما حكم تعدد الفرق في الساحة من إخوان وتبليغ وهجرة وجهاد وتكفير وغير ذلك ؟ فأجاب – حفظه الله ورعاه – بقوله : إن ديننا يدعونا إلى أن نكون أمة واحدة ، فما يجري في الساحة الإسلامية من هذه الأحزاب : تبليغيون ، إخوانيون ، جهاد ، تكفير ، ونحو ذلك ، كل هذا سبب لتفريق كلمتنا ، وتشتيت شملنا ، وتسلط العدو علينا ، ليضرب بعضنا ببعض ، وهذا التقسيم دليل على أن كل فرقة لها منهج غير منهج الجماعة الأخرى .
أسأل الله – سبحانه وتعالى – بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا ، أن يُرِيَنا الحق حقا ، ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ، ويرزقنا اجتنابه ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
تعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، المفتي العام للمملكة ، ورئيس هيئة كبار العلماء
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله ، وعلى آله على وصحابته أجمعين ، وعلى التابعين لهم باحسان إلى يوم الدين وبعد :
فالله – جل وعلا – قال لنا في كتابه العزيز ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [سورة الأنبياء : الآية 92] ، وقال ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [سورة المؤمنون : الآية 52] ، فأمتنا أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – أمّة واحدة ، في أهدافها ، وفي اتجاهاتها ، وفي مناهجها ، وفي سلوكها ، وفي كل شئون حياتها ، لأنها لها رب واحد ، ونبي واحد ، آمنت بالإسلام دينا ومنهجا .
الأمة كالجسد الواحد
فهذه الأمة كالجسد الواحد ، وكالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضا ، أمتنا الإسلامية أمة واحدة ، آمنت بالله ربا ، وبالقرآن نظاما ودستورا ، وبالقبلة اتجاها وقصدا ، فالقبلة واحدة ، والكتاب واحد ، والسنة واحدة ، والمعبود هو الله – جل وعلا – نعبده لأنه كامل الذات والصفات ، فهو ربنا وإلهنا ومعبودنا وخالقنا ، ليس لنا رب سواه ، ولا نعبد إلا إياه .
إن الله أمرنا بالاجتماع والاتحاد وتآلف القلوب ، وحذرنا من الفرقة والاختلاف ، فقال ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [سورة آل عمران : الآية 103] ، وحبله كتابه وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – نعتصم بهذا الحبل ، ونتمسك به ، ونجتمع على ذلك ، ونتواصى بالبقاء على هذا الاجتماع ، ويحذر بعضنا بعضا من الفرقة والاختلاف ، قال الله – تعالى – ﴿ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة آل عمران : الآية 105] فإن الافتراق يسبب الاختلاف واضطراب الآراء وانقسام الأمة والله يقول ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة الأنفال : الآية 45-46] .
والمؤمن يتعصب لكتاب الله ، ولسنة رسول الله ، بمعنى أنه يرى أنهما الحكمان ، وأنهما المرجعان حقا ، لأن الله يقول ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [سورة النساء : الآية 59] ، وذمَّ الذين لا يرجعون إلى أهل العلم والخير بقوله ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [سورة النساء : الآية 83] .
المسلم يتعصب للإسلام
فالمسلم يتعصب للإسلام ، ويدافع عن الإسلام ، ويدعو إلى الإسلام ، وينشر الإسلام ، ويحببه للقلوب ، ويبين محاسنه وخصائصه وفضائله ، والمسلم يدعو إلى اجتماع الكلمة ، وتآلف القلوب ، ويعلم أن أهل القبلة إخوانه الذين عبدوا الله ، ولم يشركوا به شيئا ، هؤلاء إخوانه وأعوانه ، يجب أن يسعى فيما يقرب القلوب ، ويجمع الكلمة ، ويوحد الصف ، ويقطع دابر النزاع ، ويُنهي الخصام والاختلاف .
فالاختلاف بين الناس واقع ، ولا بد ، ولا يمكن أن يخلو مجتمع من اختلاف وجهات النظر ، وتباين الآراء ، أحيانا لكن المؤمن – الذي قصدُه الله والدار الآخرة – لا يزيد الشر شرا ، ولا يزيد البلاء بلاء ، ولكن يعالج هذا البلاء ، ويعالج هذا الاختلاف ، فإن هذا الاختلاف بين الناس نار ، والنار إذا أُوقدت بالحطب زاد اشتعالها ولهيبها ، وعظم استعارها ، ولكن إذا قوبلت بما يُطفئ لهبها ، ويُضَيّق الخناق عليها ، تلاشت حتى تنطفئ ، وأنا أعلم أن في الساحة اختلافا ، لكن الواجب علينا جميعا أن نسعى فيما يجمع الكلمة ، ويلم الشأن ، فيما يعالج القضايا ، ويُنهي الخصام ، فيما يوحد الصف ، نسعى لننظر ما هي أسباب هذا الخلاف ؟ وهل هذا الخلاف يمكن أن نعالجه بحكمة وبصيرة ودعوة إلى الله وتحبيب الخير الناس ؟
مجرد الاختلاف لا يوجب المقاطعة
ومجرد الاختلاف لا يوجب المقاطعة ، أو الوقوف موقف العداء ، إلا إذا كان الخلاف ضد عقيدة أصل الإسلام ، وأساس الملة ، وأما الاختلافات في الأمور الجانبية ، فيجب أن نعالجه بحكمة وبصيرة ، وأن يسعى الجميع في لَمّ الشمل ، وألا نترك لعدو متربص يسعى في تفريق كلمة الأمة وتشتيتها وتقسيمها وتفريقها ، حتى تكون له السيطرة على الجميع .
أنا أعلم أن هناك من يخالفني ، ولكن ما موقفي مع هذا الخلاف ؟ هل أسعى في أن أزيده اتساعا ، وأزيده انتشارا ، أو أحاول تقليله وتضعيفه وتضييق الخناق عليه ، وتضييق شقة النزاع ، السعي للتآلف والتراحم بين الناس ؟
لا يمكن أن نرى أنه لا بد أن يتطابق الناس تماما ، إذ لا يخلو الأمر من خلاف ، ووجود منازع ، ولا بد أن نعالج هذا النزاع ، وهذا الخلاف ، وهذا التباين ، بالطرق الشرعية التي أوضح بها الحق ، وأبين بها الخطأ .
ثم قد يكون الذي يخالفني في شيء يتفق معي في أشياء كثيرة ، فما دام يوافقني في أشياء كثيرة ، فهذا الخلاف الذي بيني وبينه ، قد يكون لسوء الفهم ، وعدم إدراكه لأخطائه ، أو سوء تصوره لما عندي ، فلا بد إذا من مناظرات وحوارات هادفة ، نقصد من ورائها إيصال كلمة الحق ، وجمع الكلمة ، نقصد من خلالها وحدة الأمة ، فإن الأمة اليوم ممتَحَنة في دينها ، ممتحنة في عقيدتها ، مستهدفة من قِبَل أعدائها ، فيجب أن نسعى للمّ شملها ، وأن يكون هدفها إصلاح الأحوال ، مهما وجدنا لذلك سبيلا .
نسأل الله أن يوحد قلوبنا ، ويجمع صفوفنا ، ويعيذنا من الفرقة والاختلاف ، ويجمع قلوبنا على طاعته ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، وألف بين قلوبهم ، وأصلح ذات بينهم ، واهدهم سُبل السلام ، وأخْرِجهم من الظلمات إلى النور ، وجنبهم الفواحش ، ما ظهر منها ، وما بطن ، اللهم أصلح وليّ أمرنا ، وولي عهده ، ووفقهم لما فيه خير الإسلام والمسلمين ، واجمع بهما كلمة الأمة ، ووحّد بهما صفوفها على الخير والتقوى ، وصلى الله على محمد .
الأسئلة
السؤال الأول : يقول السائل : هناك بعض الفرق الحزبية التي تنشر فكر التكفير والخروج على الحكام والعلماء ، فنرجو من سماحتكم أن توضحوا الموقف الصحيح من كتب أهل الأهواء والبدع التي كانت سببا في انتشار هذه الفرق الحزبية .
الجواب : التكفير منشؤه من أناس لا علاقة لهم بالعلم ، فهذه أمور تبناها أناس لا علم عندهم ، ولا بصيرة ، ولا صلة لهم بالشرع ، هذه أفكار جاءت لأناس أغرار ، ليس عندهم وعي ، ولا فهم صحيح ، خدعهم بها من خدعهم ، حتى ظنوا أنها حقيقة ، وما أظن أن هذه الأشياء تصدر من مسلمين ، هذه غالبا تصدر من أعداء الإسلام ، لكنهم تستروا بأناس أغرار ، لا بصيرة ولا علم عندهم ، خدعوهم فانخدعوا ، فهؤلاء لا علم عندهم يستطيعون من خلاله أن يفرقوا بين الحق والباطل ، فظنوا أن كل ما قيل لهم صحيح ، فهناك فئات مرتبطة بأعداء الإسلام ، وإن تظاهرت بالإسلام بيننا ، لكنها تسعى في الشر والفساد ، وإلا فالمؤمن حقا يرى أن التكفير والتفجير أمور يرفضها الإسلام ويأباها ، فهي شر وبلاء ، نسأل الله العافية .
السؤال الثاني : يقول السائل : هناك بعض الفرق نختلف معها في بعض الجزئيات ، فهل لنا أن نقول : إن مَن لم يأتِ بمكفر فهو من أهل السنة والجماعة ؟
الجواب : إذا كان يعبد الله وحده لا يشرك مع الله غيره ، مؤمنا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ورسولا ، متمسكا بالشريعة ، عاملا بها ظاهرا وباطنا ، ووجد عنده شيء من المخالفة ، وهذا حال الناس جميعا ، لا يمكن أن يتوافق الناس في كل الجزئيات ، لا بد أن يكون هناك خلاف ، ولو نظرنا إلى أنفسنا ، لرأينا النقص أيضا فينا ، فإذا كان الأمر كذلك ، فإن الأمور تقدر بقدرها .
وليعلم أن هذا الزمن مع كثرة وسائل الإعلام ، ووسائل النشر ، جاءتنا هذه الشرور ، ونحن يجب أن نقاوم الأمور باعتدال ووسطية تضمن التحام الصف ، ونعالج هذه المخالفات بما نستطيع ، لعلنا أن نوفق ، لا بد من عمل جاد دءوب لتضييق دائرة الخلاف بين المسلمين .
السؤال الثالث : يقول السائل : هل تعتبر المذاهب الأربعة من التحزب ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب : حاشا وكلا ، فأئمة المذاهب الأربعة أئمة معتبرون ، وهم من أهل الخير والصلاح والإمامة في الدين ، قيض الله لهم تلاميذ نقلوا فتاواهم وآراءهم ، فالإمام النعمان بن ثابت أبو حنيفة ، وإمام دار الهجرة مالك بن أنس ، والإمام الشافعي محمد بن إدريس ، وإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ، هؤلاء أئمة هدى ، ودعاة خير ، يتبرءون من كل قول قالوه إذا خالف السنة .
السؤال الرابع : يقول السائل : كثر الكلام عن الأحزاب والجماعات والفرق ، وكل حزب وجماعة تدعي أنها على الحق ، فما هو الفرق بين الحزب والجماعة والفرقة ، وما هي الفرق التي في النار ، وهل الجماعات الموجودة الآن خارجة عن الفرقة الناجية ؟ وجزاكم الله خيرا .
الجواب : ينبغي أن نجعل الأصل واحدا ، وهو أن من اتبع كتاب الله ، وسنة رسوله ، وعمل بهما ظاهرا وباطنا ، فهو على الحق المستقيم ، ومن خالفهما ، فهو بعيد على قدر المخالفة ، نحن لا ننظر للناس إلا من ميزان الكتاب والسنة ، لا يهمني اسمه ، ولكن يهمني الفعل ، هل أفعالهم واتجاهاتهم ومناهجهم ، توافق الكتاب والسنة ، أم تخالفها ؟ فالكتاب والسنة هما الميزان العادل ، نزن به الأقوال والأفعال ، فما وافق الكتاب والسنة فحق مقبول ، وما خالفهما فباطل مردود .










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-14, 20:21   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع 2
الهوامش
( 1) سيأتي نص الحديث وتخريجه بعد قليل .
( 2) قيل : هو فِعِّيلة من العمَاء : الضَّلالة ، كالقِتال في العَصَبِيَّة والأهواء . النهاية : عما .
( 3) أي لا يَفْزع لذلك ، ولا يَكْتَرث له ولا يَنْفِرُ منه . النهاية : حوش .
( 4) أخرجه أحمد (2/296 ، رقم 7931) ، ومسلم (3/1476 ، رقم 1848) .
( 5) شرح النووي على مسلم 12/238 .
( 6) شرح النووي على مسلم 12/239 .
( 7) النهاية : عصب .
( 8) الكَلَب بالتحريك : داء يَعْرِض للإنسان من عَضِّ الكَلْب الْكَلِبِ فيُصِيبُه شِبْه الجُنون ، فلا يَعَضُّ أحدا إلاّ كَلِب ، وتَعْرِض له أعْراضٌ رَدِيئة ، ويَمْتَنِع من شُرْب الماء حتى يموت عَطَشًا . النهاية : كلب .
( 9) أخرجه أحمد (4/102 ، رقم 16979) ، وأبو داود (4/198 ، رقم 4597) ، وابن أبي عاصم في السنة (1/7 ، رقم 2) ، والحاكم (1/218 ، رقم 443) ، والطبراني (19/377 ، رقم 885) . وصححه الألباني في الصحيحة 204 .
( 10) أخرجه أحمد (1/435 ، رقم 4142) ، والنسائي في الكبرى (11109) . وحسنه الألباني في المشكاة 166 .
( 11) أخرجه أحمد (4/126 ، رقم 17184) ، وأبو داود (4/200 ، رقم 4607) ، والترمذي (5/44 ، رقم 2676) وقال : حسن صحيح . وابن ماجه (1/15 ، رقم 42) . وصححه الألباني في المشكاة 165 .
( 12) أخرجه الحاكم (1/172 ، رقم 319) ، والدارقطني (4/245) . وصححه الألباني في صحيح الجامع 2937 .
( 13) أخرجه أحمد (1/6 ، رقم 25) ، والبخاري (3/1126 ، رقم 2926) ، ومسلم (3/1381 ، رقم 1759) .
( 14) هو اسمٌ مَبْنِيٌّ على السُّكُونِ بمعنى اسْكُتْ . النهاية : مهه .
( 15) القَبيل : الجماعة من الناس ، يكونون من الثلاثة فصاعدًا من قوم شتى ، كالزِّنْج والرُّوم والعرب ، وقد يكونون من نحو واحد ، وربما كان القَبيل من أَب واحد كالقَبِيَلةِ . اللسان : قبل .
( 16) أخرجه البيهقي في الاعتقاد (1/345) ، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة (2/47) ، وابن عساكر (2/60) . وحسن إسناده صاحب كنز العمال 14066 .
( 17) الجمل الأَنِف الذّليل المؤاتي ، الذي يأْنَفُ من الزَّجْر ، ومن الضرب ، ويُعطي ما عنده من السير عَفْوا سَهْلا ، كذلك المؤمن ، لا يحتاج إلى زجر ، ولا عِتاب ، وما لزمه من حقّ صبرَ عليه وقام به . اللسان : أنف .
( 18) أخرجه أحمد (4/126 ، رقم 17182) ، وابن ماجه (1/16 ، رقم 43) . وصححه الألباني في الصحيحة 937 .
( 19) هو رفيع بن مهران ، أبو العالية الرياحي البَصْرِيّ ، له ترجمة في تهذيب الكمال 9/214 .
( 20) أخرجه الدارمي (1/80 ، رقم 205) ، والبيهقي في شعب الإيمان (2/407 ، رقم 2216) ، والطبراني (9/154 ، رقم 8770) قال الهيثمي (1/181) : رجاله رجال الصحيح .
( 21) أخرجه أبو داود (4/259 ، رقم 4833) ، والترمذي (4/589 ، رقم 2378) وقال : حسن غريب . وحسنه الألباني في الصحيحة 927 .
( 22) حلية الأولياء 2/112 .
( 23) أخرجه مسلم (2/748 ، رقم 1066) .
( 24) أخرجه أحمد (3/4 ، رقم 11021) ، والبخاري (4/1581 ، رقم 4094) ، ومسلم (2/742 ، رقم 1064) .
( 25) أخرجه أحمد (5/218 ، رقم 21950) ، الترمذي (4/475 ، رقم 2180) وقال : حسن صحيح .
( 26) أخرجه البخاري (3/1319 ، رقم 3411) ، ومسلم (3/1475 ، رقم 1847) .










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-17, 12:14   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قال شيخ الإسلام :-

واختلاف أهل البدع هو من هذا النمط
فالخارجي يقول ليس الشيعي على شيء
والشيعي يقول ليس الخارجي على شيء
والقدري النافي يقول ليس المثبت على شيء
والقدري الجبري المثبت يقول ليس النافي على شيء
والوعيدية تقول ليست المرجئة على شيء
والمرجئة تقول ليست الوعيدية على شيء
بل ويوجد شيء من هذا بين أهل المذاهب الأصولية والفروعية المنتسبين إلى السنة
فالكلابي يقول ليس الكرامى على شيء
والكرامي يقول ليس الكلابي على شيء
والأشعري يقول ليس السالمي على شيء
والسلمي يقول ليس الأشعري على شيء
ويصنف السالمي كأبي على الأهوازي كتابا في مثالب الأشعري
ويصنف الأشعري كابن عساكر كتابا يناقض ذلك من كل وجه وذكر فيه مثالب السالمية
وكذلك أهل المذاهب الأربعة وغيرها
لا سيما وكثير منهم قد تلبس ببعض المقالات الأصولية وخلط هذا بهذا
فالحنبلي والشافعي والمالكي يخلط بمذهب مالك والشافعي وأحمد شيئا من أصول الأشعرية والسالمية وغير ذلك ويضيفه إلى مذهب مالك والشافعي وأحمد
وكذلك الحنفي يخلط بمذاهب أبي حنيفة شيئا من أصول المعتزلة والكرامية والكلابية ويضيفه إلى مذهب أبي حنيفة
وهذا من جنس الرفض والتشيع لكنه تشيع في تفضيل بعض الطوائف والعلماء لا تشيع في تفضيل بعض الصحابة.

والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده

ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة

فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين


فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه -دون أصحاب غيره- حيث داروا

فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط بخلاف أصحاب عالم من العلماء فإنهم قد يجمعون على خطأ

بل كل قول قالوه ولم يقله غيرهم من الأمة لا يكون إلا خطأ

فإن الدين الذي بعث الله به رسوله ليس مسلَّما إلى عالم واحد وأصحابه

ولو كان كذلك لكان ذلك الشخص نظيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شبيه بقول الرافضة في الإمام المعصوم

ولا بد أن يكون الصحابة والتابعون يعرفون ذلك الحق الذي بعث الله به الرسول قبل وجود المتبوعين الذين تنسب إليهم المذاهب في الأصول والفروع

ويمتنع أن يكون هؤلاء جاءوا بحق يخالف ما جاء به الرسول
فإن كل ما خالف الرسول فهو باطل

ويمتنع أن يكون أحدهم علم من جهة الرسول ما يخالف الصحابة والتابعين لهم بإحسان
فإن أولئك لم يجتمعوا على ضلالة
فلابد أن يكون قوله إن كان حقا مأخوذا عما جاء به الرسول موجودا فيمن قبله
وكل قول قيل في دين الإسلام مخالف لما مضى عليه الصحابة والتابعون لم يقله أحد منهم بل قالوا خلافه فإنه قول باطل

والمقصود هنا أن الله تعالى ذكر أن المختلفين جاءتهم البينة وجاءهم العلم
وإنما اختلفوا بغيا ولهذا ذمهم الله وعاقبهم
فإنهم لم يكونوا مجتهدين مخطئين
بل كانوا قاصدين البغي عالمين بالحق معرضين عن القول وعن العمل به
________________
انتهى كلام شيخ الإسلام من كتاب "منهاج السنة النبوية"










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-15, 07:39   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

رحم الله شيخ الاسلام ونفعنا الله بعلمه










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-15, 12:48   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باهي جمال مشاهدة المشاركة
رحم الله شيخ الاسلام ونفعنا الله بعلمه
امين...............









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ذم التعصب والمتعصبين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:28

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc