سلسلة منهجية : بين منهجين - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سلسلة منهجية : بين منهجين

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-02-06, 16:29   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الجزائري مشاهدة المشاركة
هل لك أن تدلنا على صاحب هذه التأصيلات ؟
بارك الله فيك
هو احد المشايخ السلفيين وهو من كتاب موقع كل السلفيين
ولا يعنينا الكاتب بقدر ما يعنيننا ما يكتب








 


قديم 2014-02-06, 20:18   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ibra34
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي الجزائري مشاهدة المشاركة
هل لك أن تدلنا على صاحب هذه التأصيلات ؟
اقتباس:
هذه المقالات للشيخ ابي العباس حفظه الله
بين منهجين (1) :مبنى الحكم على الرجال هل هو اجتهادي أو نصيّ ؟.
رابط المقال الأصلي:
https://kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=10965









قديم 2014-02-07, 07:16   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ibra34 مشاهدة المشاركة
رابط المقال الأصلي:
https://kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=10965
بارك الله فيك









قديم 2014-02-07, 18:34   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومحمد17 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
هو احد المشايخ السلفيين

أبا محمد !!! اتق الله ، أتضحك على الناس كما ضحك عليك مخ=شرب=فو منتدى كل الخلفيين

أتكذب علنا و تزعم أنّ أبا العباس ـ وهو من مجاهيل النت و غير معروف إلاّ في منتدى الحلبيّ ـ من المشايخ السلفيين .

لا حول و لا قوة إلا بالله ، أوصل بك الغلو إلى هذه الدرجة ؟؟؟؟

و أنت تزعم أنّك تحارب الغلو ـ هداك الله ـ .


وهو من كتاب موقع كل السلفيين

هذا الموقع قد حذر منه العلماء ، و لكن لتعنتكم و تكبركم على الحق ضربتم كلامهم عرض الحائط .

ولا يعنينا الكاتب بقدر ما يعنيننا ما يكتب

ما شاء الله على الأصول الجديدة التي تعلمتها من أبي العباس

هكذا هم المميعة يأخذون من كل من هب و دب فوقعوا في الخلط و الخبط


.
و لي عودة إن شاء الله .









قديم 2014-02-07, 18:57   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
ibra34
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ما جاء في المقال كلام صحيح فالجرح والتعديل مرده لاجتهاد العالم وفهمه، ولهذا اختلف علماء الجرح والتعديل في بعض الأشخاص، وهكذا أي اجتهاد راجع إلى غلبة ظن المجتهد ....
وأرجوا من الإخوة أن يبينوا أي خطأ وجدوه في المقال لنستفيد جميعاً.










قديم 2014-02-07, 20:16   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمار مشاهدة المشاركة
و لي عودة إن شاء الله .
أهلا وسهلا بك
في انتظار فوائدك









قديم 2014-02-07, 20:17   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ibra34 مشاهدة المشاركة
ما جاء في المقال كلام صحيح فالجرح والتعديل مرده لاجتهاد العالم وفهمه، ولهذا اختلف علماء الجرح والتعديل في بعض الأشخاص، وهكذا أي اجتهاد راجع إلى غلبة ظن المجتهد ....
وأرجوا من الإخوة أن يبينوا أي خطأ وجدوه في المقال لنستفيد جميعاً.
أحسنت بارك الله فيك









قديم 2014-02-07, 21:27   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ibra34 مشاهدة المشاركة
ما جاء في المقال كلام صحيح فالجرح والتعديل مرده لاجتهاد العالم وفهمه، ولهذا اختلف علماء الجرح والتعديل في بعض الأشخاص، وهكذا أي اجتهاد راجع إلى غلبة ظن المجتهد ....
وأرجوا من الإخوة أن يبينوا أي خطأ وجدوه في المقال لنستفيد جميعاً.

تبصير كل ذي عينين بحقيقة المنهج المنشود في سلسلة حلقات "بين منهجين"


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد: فبعد مطالعة في سلسلة حلقات ومقالات لأحد الكتاب العراقيين وفقنا الله تعالى وإياه إلى السداد ونصرة الحق، وهي كتابات في مسائل منهجية وأصول علمية ثار فيها الخلاف بين المعاصرين من المشايخ وطلبة العلم وغيرهم، فجاء الكاتب المشار إليه وكتب مقالات متعددة يبين فيها سعة الخلاف بين المتنازعين، حتى أنه صنَّف مخالفيه بكونهم فرقة سمَّاها بـ(فرقة التبديع والإقصاء) أو (غلاة التبديع) أو (غلاة التجريح)؛ مع أنه يذم التصنيف المعاصر كما سنرى إنْ شاء الله تعالى!، وبيَّن -أعانه الله تعالى للرجوع إلى الحق- أنَّ الخلاف بين الطرفين كبير حتى قال في أحد مقالاته: ((ومشايخنا جلهم يتبنى بطلان اختيارات هذه الفرقة في كثير من أحكامهم على المعينين ومواقفهم منهم؛ بل وحتى كثير من قواعدهم))!!، وهذا بالطبع خلاف ما قاله شيخه الذي يدافع عنه الشيخ علي الحلبي وفقه الله تعالى حين قال في رجائه لمنتداه: ((إخواني الأفاضل: صِلَتِي بفضيلةِ الشيخ ربيع بن هادي حفظهُ اللـهُ صلةٌ مَضَى عليها ما يزيدُ على الرُّبْعِ قَرْن، وهي صِلَةٌ عاليةٌ كبيرةٌ؛ لها صُورُها، ووجوهُها، وعُمقُها، وكِبَرُ قَدْرِها، فإنِ اختلفْنا في مسألةٍ أو مسائلَ وهي ليست مِن الأصولِ والحمدُ لله؛ فإنَّ هذا لنْ يكونَ سبباً في صَدْعِ أُخُوَّتِنا، وكسرِمَوَدَّتِنا، فمَن فَرِحَ بشيءٍ مِن ذلك؛ فلْيَكْسِرْ قَلَمَهُ، ومَن ينتظِر شيئاً مِن ذلك -مِن جهتِي علىالأقلّ!-؛ فليُراجِعْ نفسَه، فالمرجوُّ -رجاءً حارًّا شديداً-: الحِفاظُ على منزلتِه، ومكانتِه، وسَبْقِهِ، وسُنَّتِهِ، ومحبَّتِهِ؛ مع الحرصِ الشديدِ على ذلك))، فشيخه يقول: ((فإنِ اختلفْنا في مسألةٍ أو مسائلَ وهي ليست مِن الأصولِ)) بينما الكاتب قد بيَّن أنَّ الخلاف كبير وفي أكثر أصول وقواعد الدعوة السلفية؛ بل وفي أساسيات ومفهوم هذه الدعوة المباركة!!، ثم إنَّ الكاتب عفا الله تعالى عنه قد تجاسر على منزلة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى بما لم يسبقه إليه أحد سوى أهل الأهواء!، ووصفه بأوصاف لا تليق، وعرَّض به كثيراً في مقالاته وأشار إلى تناقضاته في القول والفعل والحكم كما يزعم، وتحامل عليه بطريقة غريبة؛ وإنْ زعم أنه لم يصرِّح باسمه!، وأنَّ هذا من قبيل "ما بال أقوام"!!، وأنه يقدِّر الشيخ ربيعاً ولا يطعن به لكنَّه لا يُقدِّسه!!!، لكن طعوناته في الشيخ لا تخفى على أصغر طلبة العلم السلفيين فضلاً عمن فوقهم!، فضلاً عن طريقته في نقل كلام الشيخ من كتبه أو مجالسه المعروفة ثم يلحقه بوصفه بأوصاف السوء وأحكام الجور، فضلاً عن تعليقات أصحابه على مقالاته التي وضعت النقاط على الحروف وصرَّحوا بما لم ينكره عليهم، بل وقد صرَّح هو في أحد مقالاته قائلاً: ((لو أحبَّ البازمول أن أزيده من أقوال العلماء الكبار ومواقفهم من "الشيخ ربيع" وطروحاته لفعلتُ ففي الجعبة المزيد!!!))، وقال أخيراً في نكاته على مبادرة الإصلاح الأخيرة: ((إنَّ الخلاف ليس بين شيخنا الحلبي من جهة, وأحمد بازمول من جهة أخرى!!؛ بل هو خلاف (بين منهجين)؛ فإنْ كان "الشيخ ربيع" قد اكتفى بأن تمثل مقالات تلميذه أحمد بازمول منهجه وتوجهه؛ فضلاً عن ملاحظاته ومآخذاته على كتاب شيخنا الحلبي –وله ذلك قطعاً-؛فكذلك شيخنا الحلبي قد يرتضي أن تبقى ردودنا نحن (تلامذته) على ما أثاره (البازمول) من شبهات على كتاب شيخنا ومنهجه؛ لتكون ممثلة لتوجهه ومنهجه –كذلك-؛ لاسيّما وأنَّكتابه (منهج السلف الصالح) هوكتاب تأصيل وتقرير، لا كتاب جدل وأخذورد؛ والشبهة إذا وقعت تعين ردها ورد طلب مَنْ يُطالب بعدم التعرض لها))، والغريب أنَّ شيوخه وأصحابه أرادوا كبح اندفاعه – سياسة! - بقوة السلطان، فقبل ذلك منهم على مضض منه؛ كما قال هو في أحد مقالاته: ((وهنا ثمة تنبيه: وهو أنَّ التعديل الذي جرى على ديباجةالموضوع ليس مني، وإنما من الأخوة في الإشراف؛ لأنَّ الديباجة تضمنت عبارةلا توافق سياسة المنتدى، لا أنها خرجت زلة قلم عن غير قناعة مني، فطلب مني بعض الأفاضل تعديلها فأذنتُ له بأن يعدل "هو" الديباجة بالصيغة التي يراها مناسبة, وإلا فأنا قناعتي في القوم بحمد الله واحدة لم تتغير, ووالله ما ازددتُ إلا قناعة بهم))، وقال: ((لكنَّ البازمول وشلته معتادون أنَّ كلَّ حرف يصدر ممن يخالفهم يتعلق بـ"الشيخ ربيع" فإنما يراد به الطعن بـ"الشيخ ربيع", وكأنَّ المسكين يجهل أنَّ "الشيخ ربيع" غير معصوم, وأنَّ منيخالف "الشيخ ربيع" لو أراد أن يطعن فيه فهو غير محتاج لأن يلمِّح فحسبه لأن ينظر في موقع الأثري, أو ما كتبه الشيخ أبو الحسن المأربي، ليخرج بحصيلة وافرة مما يمكن أنيستخدم كمبررات واضحة وصريحة للطعن في "الشيخ ربيع", وليس أحد في منتدانا فوق سلطان العلم, فمن أخطأ يرد عليه كائنا من كان؛ اعتبر البازمول هذا طعناً أو لا،فالعبرة بما يعتبره العقلاء لا بما يعتبره البازمول وشلته، لكنَّ مشرفنا العام "شيخنا الحلبي حفظه الله ومن معه من إخوانه في الإشراف" حريصون على أن لا يكون هذا المنتدى ساحة للطعن في العلماء, فهم ينزهونه عن النزول إلىمستوى المنتديات التي تنشر للبازمول مقالاته, وإلا .... ؟؟؟؟)).
وإذا كانت مصادر طعونه في الشيخ ربيع هي الأكاذيب التي أشاعها عنه الأفاكون!؛ فلا غرابة أن يظهر الكاتب بهذه الصورة من التحامل على الشيخ ربيع حفظه الله تعالى.
ثم لا أدري ما وجه التهديد بـ((إلا....؟؟؟؟)) بعد هذه الجرأة والطعون والردود، ماذا في جعبته بعد ذلك؟! نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
وأنا أستطيع أن أجمع له ولغيره طعوناته في الشيخ ربيع من جميع مقالاته لأبرهن أنَّ الكاتب متحامل ومندفع وجريء في ذلك الطعن وقد ابتعد عن الموضوعية في ردوده وابتعد عن الاعتدال في أحكامه، ولكني قلتُ في نفسي: وما ضرَّ الشيخ ربيع بمثل هذه الطعونات من مثل هذا الكاتب!!، ثم إني هنا لستُ بصدد بيان هذا اللمز والتعريض والطعن الذي أكثر منه هذا الكاتب في ذلك العالم الراسخ حتى طفحت به مقالاته وإنْ سمَّاه هو ومَنْ اغترَّ به فقالوا: ((هذا ردٌ وليس طعناً))!، ولكني أذِّكر الكاتب بالنصيحة السلفية: ((لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أعراض منتقصيهم معلومة، ومَنْ وقع فيهم بالثلب: ابتلاه الله قبل موته بموت القلب))، فلعلَّه يتذكَّر، والذكرى تنفع المؤمنين، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وباب التوبة مفتوح فبادر إليه أخي قبل أن يُغلق، ولا يغرك الذين يصفقون لك ولا الذين يدفعونك ولا الذين يستعملونك فإنهم لن ينفعوك بل سييضروك عاجلاً وآجلاً.
ثم إنَّ الكاتب عفا الله تعالى عنه لم يكتف بتلك المقالات حتى أنشأ سلسلة من الحلقات لبيان سعة الخلاف بين منهج الطرفين، وهو بهذا الصنيع يُخالف كذلك نهج مشايخه الذين يدافع عنهم حيث قالوا في بيانهم الموثَّق في مكة حيث قالوا فيه: ((وأنَّ الأصلَ احتواءُ أيِّ خِلاف علميٍّ بين السلفيِّين؛ ليستمروا على ما هم عليه من وحدة المنهج والعقيدة، وسلامة الصدور والقلوب))!!، فأين هو من هذا التوجيه؟! أم أنَّ هذا التوجيه يعمل مع المأربي وأمثاله ولا يعمل مع الشيخ ربيع وأصحابه؟!
وكذلك لستُ بصدد الرد المفصَّل على كتاباته ومقالاته؛ لأنَّ ذلك يحتاج إلى وقت كثير!، ثم تعقبه بعد ردود وتعليقات ومجادلات!، ولستُ متفرِّغاً لذلك، والأمر قد كُتب فيه الكثير ولا حاجة لترديد الكلام وإعادته، ولولا أني لم أطلع على أحد ردَّ على سلسلته المشار إليها لما تعنيتُ هذا الرد أصلاً، وبخاصة وقد رأيتُ البعض من العراقيين وغيرهم قد اغترَّ بها!!.
وكان هذا الرد في أول أمره كلمة مختصرة أبين فيها سمات هذه السلسلة من حيث الإجمال!، ثم رأيتُ أنَّ البعض سيطالبني بالبرهان والبيان المفصَّل، فكان هذا الرد المطوَّل!!.
وإنما السبب في طول الرد أنَّ سلسلة الكاتب تشتمل إلى الآن على أربع عشرة حلقة، وأغلب حلقاته مطوَّلة جداً، وأنا مضطر أن أنقل مقاطع من كلامه ثم الحقه بالرد والتعليق، والرد عليه لابد أن يكون مشتملاً على نقول لأهل العلم، مما اضطرني ذلك إلى الإطالة مع الاعتذار للجميع.
ثم إني لستُ هنا بصدد بيان أي الطرفين من أطراف الخلاف هو المحق، وإنما كتبتُ لتبصير البعض وتحذيرهم -ليس من منهج الطرف الأول ولا من منهج الطرف الثاني- وإنما من منهج متولِّد جديد يظهر للمتأمِّل بوضوح في سلسلة ومقالات هذا الكاتب؛ هذا المنهج الحادث المبني على الأخذ بكل الأقوال التي هي من اجتهادات العلماء في مسألة ما، فكل ما صدر عن أحد من أهل العلم من باب الاجتهاد في مسائل الخلاف المعاصرة يسوغ لمن بعدهم أن يقولوا به ولا يسوغ فيه الإنكار!!؛ بل ويكون أصلاً علمياً عنده!، ولو قيل اجتهاداً، بل ولو كان قولاً قديماً، مع إنَّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يقول في [مجموع 10\383]: ((كل واحد من الناس قد يؤخذ من قوله وأفعاله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وما من الأئمة إلا مَنْ له أقوال وأفعال لا يتبع عليها؛ مع أنه لا يذم عليها)).
وهذا المسلك يُذكِّرنا بكلمة قالها العلامة الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات [4/142] في حق مَنْ يبيح التخير من أقوال المجتهدين إذا كان في المسألة قولان؛ حيث قال: ((فإنه إذا أفتى بالقولين معاً على التخيير؛ فقد أفتى في النازلة بالإباحة وإطلاق العنان؛ وهو قول ثالث خارج عن القولين، وهذا لا يجوز له))، أي لو أنَّ بعض أهل العلم أفتى في مسألة بالمنع وأفتى آخر بالجواز، فمن قال: يتخير الإنسان أحد القولين، فإنَّ هذا قول ثالث في المسألة؛ وهو خارج عن أقوال المجتهدين!!.
ومنهج التخيير هذا بدوره يؤدي إلى المنهج الواسع الأفيح الذي يراد به إدخال الفرق والأحزاب المعاصرة في مصطلح السلفية أهل السنة والجماعة!، هذا المنهج الحادث الذي أصَّله المأربي حيث قال في شريط له: ((الموفَّق مَنْ يقرأ تراجم السلف يتخذ من طريقة السلف في فهمهم لكلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم منهجاً واسعاً أفيح يسع الأمة ويسع أهل السنة))، وقد ردَّ مشايخ الكاتب هذا في بيانهم حيث قالوا: ((وأما دعوى بعض الناس أنَّ منهج أهل السنة "واسع" فهي كلمة باطلة!؛ لما يبنى عليها منإدخال أهل البدع في السنة، والتهوين من ضلالاتهم وانحرافاتهم))!!.
وهذا المنهج المتولِّد يُذكِّرنا كذلك بمسلك خطير كان سلفنا الصالح يذمُّونه ويُحذِّرون منه، وهو مسلك تتبع رخص العلماء، الذي صار اليوم عند الكثير هو المنهج الوسط وهو الحنيفية السمحة وهو الفقه المقاصدي وهو التيسر والتخفيف الذي جاء به الإسلام!!؛ كما زعموا؛ حتى قال أحدهم: ((ما العيب في أن يأخذ الناس بالأيسر في كل مذهب فقهي؟!))، وزعم بعضهم: أنَّ الاختلاف رحمة في هذه الأمة للتوسع في الأقوال وعدم التحجر على رأي واحد!، وشنَّع آخر على مَنْ لازم القول الموافق للدليل ونصره ودعا إليه فقال: ((لقد حجَّرت واسعاً))!.
وإذا كان الأخذ مِن كل مذهب ما هو الأهون فيما يقع من المسائل: هو المقصود بـ"تتبع الرخص" كما قال العلماء؛ فإنَّ بناء الأصول على كل ما هو الأهون والأسهل والأرفق والأوسع من كلام أهل العلم من غير متابعة لهم بدافع قوة الدليل وإنما بدافع الرغبة في إتباع الأيسر أو الأخف أو الأوسع، هو من نفس باب تتبع الرخص، فكيف إذا أضيف إليه التوسع في عبارات أهل العلم، وتحميل كلامهم ما لا يحتمل؟، ووضعه في غير مناسبته ولا محله الذي قصدوه؛ فالأمر حينئذ أكبر وأشد.
قال العلامة الشاطبي في الموافقات [4/141-142]: ((حكى الخطابي في مسألة البتع المذكور في الحديث عن بعض الناس أنه قال: "إنَّ الناس لما اختلفوا في الأشربة وأجمعوا على تحريم خمر العنب واختلفوا فيما سواه؛ حرمنا ما اجتمعوا على تحريمه وأبحنا ما سواه"!، قال: "وهذا خطأ فاحش؛ وقد أمر الله تعالى المتنازعين أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول"، قال: "ولو لزم ما ذهب إليه هذا القائل للزم مثله في الربا والصرف ونكاح المتعة؛ لأنَّ الأمة قد اختلفت فيها"، قال: "وليس الاختلاف حجة!، وبيان السنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين" هذا مختصر ما قال. والقائل بهذا راجع إلى أن يتبع ما يشتهيه، ويجعل القول الموافق حجة له، ويدرأ بها عن نفسه، فهو قد أخذ القول وسيلة إلى إتباع هواه لا وسيلة إلى تقواه!، وذلك أبعد له من أن يكون ممتثلاً لأمر الشارع، وأقرب إلى أن يكون ممن اتخذ إلهه هواه، ومن هذا أيضاً: جعل بعض الناس الاختلاف رحمة للتوسع في الأقوال وعدم التحجير على رأي واحد!)).
قلتُ: حديث البتع المشار إليه هو في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وهو نبيذ العسل وكان أهل اليمن يشربونه؟ فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)).
وللعلماء تحذير شديد في بيان خطر مسلك تتبع الرخص والتخيّر من أقوال المجتهدين:
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى: ((من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام)).
وقال الإمام سليمان التيمي رحمه الله تعالى: ((لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله)).
ونقل الحافظ ابن عبد البر في بيان العلم وفضله قول سليمان ثم قال بعده: ((هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً)).
وقال العلامة ابن مفلح في الآداب الشرعية [1/209-210]: ((وقد نصَّ الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره: على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجباً أو حراماً ثم يعتقده غير واجب ولا حرام بمجرد هواه!؛ مثل: أن يكون طالباً لشفعة الجوار فيعتقد أنها حق له، ثم إذا طُلبت منه شفعة الجوار اعتقد أنها ليست ثابتة!، أو مثل: من يعتقد إذا كان أخاً مع جد أنَّ الإخوة تقاسم الجد، فإذا صار جداً مع أخ اعتقد أنَّ الجد لا يقاسم الإخوة!، وإذا كان له عدو يفعل بعض الأمور المختلف فيها كشرب النبيذ المختلف فيه ولعب الشطرنج وحضور السماع أنَّ هذا ينبغي أن يهجر وينكر عليه، فإذا فعل ذلك صديقه اعتقد أنَّ ذلك من مسائل الاجتهاد التي لا تنكر!؛ فمثل هذا ممن يكون في اعتقاده حل الشيء وحرمته ووجوبه وسقوطه بحسب: هواه!!، وهو مذموم مجروح خارج عن العدالة، وقد نص أحمد رضي الله عنه وغيره: على أنَّ هذا لا يجوز.
أما إذا تبين له رجحان قول على قول؛ إما بالأدلة المفصَّلة إنْ كان يعرفها أو يفهمها، وإما بأن يرى أحد الرجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر وهو أتقى لله فيما يقوله فيرجع عن قول إلى قول لمثل هذا، فهذا يجوز، بل يجب!؛ وقد نص الإمام أحمد على ذلك))
قلتُ: وهذا حال المتلونين في هذا العصر.
وروى الحافظ البيهقي بإسناده عن إسماعيل القاضي أنه قال: ((دخلت على المعتضد بالله، فدفع إليّ كتابًا، فنظرت فيه، فإذا قد جمع له من الرُّخص من زلل العلماء، وما احتج به كل واحد منهم. فقلت: مصنِّفُ هذا زنديق!. فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت؛ ولكن مَنْ أباح المسكر النبيذ لم يبح المتعة!، ومَنْ أباح المتعة لم يبح المسكر!، وما مَنْ عالم إلا وله زلَّة!!، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه!!!؛ فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب))
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((لو جاز إتباع أيّ مذهب شاء لأفضى إلى أن يلتقط رخص المذاهب متبعًا لهواه!، ويتخير بين التحليل والتحريم والوجوب والجواز، وذلك يؤدي إلى الانحلال مَنْ رِبْقَةِ التكليف))
وقال شيخ الإسلام في المجموع [20/213-214]: ((أما إذا قدر على الاجتهاد التام الذي يعتقد معه أنَّ القول الآخر ليس معه ما يدفع به النص فهذا يجب عليه إتباع النصوص!؛ وإنْ لم يفعل كان متبعاً للظن وما تهوى الأنفس، وكان من أكبر العصاة لله ولرسوله، بخلاف مَنْ يقول: قد يكون للقول الآخر حجة راجحة على هذا النص وأنا لا أعلمها؟ فهذا يقال له: قد قال الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، والذي تستطيعه من العلم والفقه في هذه المسألة قد دلَّك على أنَّ هذا القول هو الراجح، فعليك أن تتبع ذلك!، ثم إن تبين لك فيما بعد أنَّ للنص معارضاً راجحاً كان حكمك في ذلك حكم المجتهد المستقل إذا تغير اجتهاده. وانتقال الإنسان من قول إلى قول لأجل ما تبين له من الحق هو محمود فيه، بخلاف إصراره على قول لا حجة معه عليه وترك القول الذي وضحت حجته!، أو الانتقال عن قول إلى قول لمجرد عادة وإتباع هوى!؛ فهذا مذموم))
وقال في [الفتاوى الكبرى 6/92]: ((إنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور: لا يجوز أن يتبع فيها!، مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين؛ واعتبر ذلك بمناظرة الإمام عبد الله بن المبارك قال: "كنا بالكوفة فناظروني في ذلك يعني "النبيذ المختلف فيه" فقلتُ لهم: تعالوا فليحتج المحتج منكم عن مَنْ يشاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالرخصة، فإنْ لم يتبين الرد عليه عن ذلك الرجل بشدة صحت عنه، فاحتجوا، فما جاؤوا عن أحد برخصة إلا جئناهم بشدة، فلما لم يبق في يد أحد منهم إلا عبد الله بن مسعود وليس احتجاجهم عنه في شدة النبيذ بشيء يصح عنه إنما يصح عنه أنه لم ينبذ له في الجَرِّ إلا حَذِراً. قال ابن المبارك: فقلتُ للمحتج عنه في الرخصة؛ يا أحمق عد إنَّ ابن مسعود لو كان ها هنا جالساً فقال: هو لك حلال، وما وصفنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشدة، كان ينبغي لك أن تحذر أو تجر أو تخشى؟ فقال قائلهم: يا أبا عبد الرحمن؛ فالنخعي والشعبي وسمى عدة معهما كانوا يشربون الحرام؟!! فقلت لهم: عدوا عند الاحتجاج تسمية الرجال؛ فربَّ رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا وعسى أن يكون منه زلة أفلأحد أن يحتج بها؟! فإنْ أبيتم، فما قولكم في عطاء وطاووس وجابر بن زيد وسعيد بن جبير وعكرمة؟ قالوا: كانوا خياراً، قلتُ: فما قولكم في الدرهم بالدرهمين يداً بيد؟ فقالوا: حرام، فقال ابن المبارك: إنَّ هؤلاء رأوه حلالاً؛ فماتوا وهم يأكلون الحرام!!، فبقوا وانقطعت حجتهم. قال ابن المبارك: ولقد أخبرني المعتمر بن سليمان قال: رآني أبي وأنا أنشد الشعر، فقال لي: يا بني لا تنشد الشعر، فقلت له: يا أبت كان الحسن ينشد وكان ابن سيرين ينشد، فقال لي: أي بني إنْ أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله!!".
وهذا الذي ذكره ابن المبارك متفق عليه بين العلماء، فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة!، وهذا باب واسع لا يحصى، مع أنَّ ذلك لا يغض من أقدارهم، ولا يسوغ إتباعهم فيها!، كما قال سبحانه: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، قال ابن مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك وغيرهم: "ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم"، وقال سليمان التيمي: "إنْ أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله"، قال ابن عبد البر: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في هذا المعنى ما ينبغي تأمله ...)) [وذكر رحمه الله تعالى جملة من الآثار] ثم قال: ((وهذه آثار مشهورة رواها ابن عبد البر وغيره، فإذا كنا قد حُذِّرنا من "زلة العالم"!، وقيل لنا: أنها أخوف ما يخاف علينا، وأمرنا مع ذلك أنْ لا يرجع عنه!، فالواجب على مَنْ شرح الله صدره للإسلام إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلد بها، بل يسكت عن ذكرها إلى أن يتيقن صحتها، وإلا توقف في قبولها!، فما أكثر ما يحكى عن الأئمة ما لا حقيقة له، وكثير من المسائل يخرجها بعض الأتباع على قاعدة متبوعة؛ مع أنَّ ذلك الإمام لو رأى أنها تفضي إلى ذلك لما إلتزمها!!، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، ومن علم فقه الأئمة وورعهم علم أنهم لو رأوا هذه الحيل وما أفضت إليه من التلاعب بالدين لقطعوا بتحريم ما لم يقطعوا به أولاً)).
وقال العلامة الشاطبي في [الموافقات 4/145]: ((تتبع الرخص ميل مع أهواء النفوس، والشرع جاء بالنهي عن إتباع الهوى، فهذا مضاد لذلك الأصل المتفق عليه. ومضاد أيضاً لقوله تعالى: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"، وموضع الخلاف موضع تنازع؛ فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس!، وإنما يرد إلى الشريعة، وهى تبين الراجح من القولين فيجب إتباعه!؛ لا الموافق للغرض))
ويقول في [الموافقات 4/134]: ((فإنَّ ذلك يفضي إلى تتبع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي؛ وقد حكى ابن حزم الإجماع على أنَّ ذلك فسق لا يحل. وأيضاً فإنه مؤد إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها؛ لأنَّ حاصل الأمر مع القول بالتخيير: أنَّ للمكلف أن يفعل إنْ شاء ويترك إنْ شاء؛ وهو عين إسقاط التكليف، بخلاف ما إذا تقيد بالترجيح؛ فإنه متبع للدليل، فلا يكون متبعاً للهوى ولا مسقطاً للتكليف))
وقال العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين [4/222]: ((لا يجوز للمفتي تتبع الحيل المحرمة والمكروهة، ولا تتبع الرخص لمن أراد نفعه!، فإنَّ تتبع ذلك فسق، وحرم استفتاؤه)).
ويقول كذلك في إعلام الموقعين [1/68]: ((الرأي الباطل أنواع؛ أحدها: الرأي المخالف للنص، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه، ولا تحل الفُتْيا به ولا القضاء!، وإنْ وقع فيه مَنْ وقع بنوع تأويل وتقليد))
فجعل رحمه الله تعالى القول بالرأي المخالف للنص ولو كان قال به صاحبه بنوع تأويل أو تقليد قول باطل، ولا يحل الإفتاء بذلك الرأي.
ويقول العلامة الألباني رحمه الله تعالى كما نقله شيخ الكاتب في [منهج السلف الصالح]: ((الآثار السلفية إذا لم تكن متضافرة متواترة؛ فلا ينبغي أن يؤخذ عن فرد من أفرادها منهج، هذا المنهج خلاف ما هو معلوم عن السلف أنفسهم)).
وفي فتوى اللجنة الدائمة رقم 2171 في 28/10/1398هـ؛ ورد السؤال الآتي:
س: ما الحكم في المسائل الخلافية؛ هل نتبع القول الأرجح والدليل الأقوى، أو نتبع الأسهل والأيسر، انطلاقاً من مبدأ التيسير لا التعسير؟
الجواب: إذا كان في المسألة دليلٌ شرعي بالتخيير كان المكلَّف في سعة فله أن يختار الأيسر، انطلاقاً من مبدأ التيسير في الشريعة مثل الخصال الثلاث في كفارة اليمين: الإطعام والكسوة والعتق، لِما ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه: ((ما خُيِّرَ بين أمرينِ إلا اختارَ أيسَرَهُمَا ما لَم يكن إثْماً, فإن كان إثْماً كان أبعدَ الناس منه)).
أمَّا إن كانت مجرَّد أقوالٍ لمجتهدينَ؛ فعليه أن يتَّبع القول الذي يشهدُ له الدليل أو الأرجح دليلاً إنْ كان عنده معرفة بالأدلة صحة ودلالة، وإنْ كان لا خبرة له بذلك فعليه أن يسأل أهل العلم الموثوق بهم، لقوله تعالى: "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"، فإنْ اختلفوا عليه الأخذ بالأحوط له في دينه، وليس له أن يتبع الأسهل من أقوال العلماء فيعمل به؛ فإنَّ تتبع الرخص لا يجوز!، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم)) [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى].
وسئل العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى؛ فضيلة الشيخ: هل ينكر على المرأة التي تكشف الوجه، أم أنَّ المسألة خلافية، والمسائل الخلافية لا إنكار فيها؟!
الجواب: ((لو أننا قلنا: المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق!، ذهب الدين كلّه حين تتبع الرخص!، لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس!. نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أنَّ لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الإمام الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان.
المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين: قسم مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أنَّ الخلاف ثابت حقاً وله حكم النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد، أما عامة الناس فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم!؛ لئلا ينفلت العامة!!، لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمرُّ عليك لك أن تأخذ به،لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: "العوام على مذهب علمائهم". فمثلاً عندنا هنا في المملكة العربية السعودية أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها، فنحن نلزم نساءنا بذلك، حتى لو قالت لنا امرأة: أنا سأتبع المذهب الفلاني وكشف الوجه فيه جائز، قلنا: ليس لك ذلك؛ لأنك عامية ما وصلت إلى درجة الاجتهاد، وإنما تريدين إتباع هذا المذهب لأنه رخصة، وتتبع الرخص حرام!!.
أما لو ذهب عالم من العلماء الذي أدَّاه اجتهاده إلى أنَّ المرأة لا حرج عليها في كشف الوجه، ويقول: إنها امرأتي سوف أجعلها تكشف الوجه، قلنا: لا بأس، لكن لا يجعلها تكشف الوجه في بلاد يسترون الوجوه، يمنع من هذا؛ لأنه يفسد غيره، ولأن المسألة فيها اتفاق على أنَّ ستر الوجه أولى، فإذا كان ستر الوجه أولى فنحن إذا ألزمناه بذلك لم نكن ألزمناه بما هو حرام على مذهبه، إنما ألزمناه بالأولى على مذهبه، ولأمر آخر هو ألا يقلده غيره من أهل هذه البلاد المحافظة، فيحصل من ذلك تفرق وتفتيت للكلمة. أما إذا ذهب إلى بلاده، فلا نلزمه برأينا، ما دامت المسألة اجتهادية وتخضع لشيء من النظر في الأدلة والترجيح بينها. القسم الثاني من قسمي الخلاف: لا مساغ له ولا محل للاجتهاد فيه، فينكر على المخالف فيه؛ لأنه لا عذر له))
وفي لقاء الباب المفتوح سُئل الشيخ عن: الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلماء في مسألة من المسائل الفرعية؟ فكان من ضمن جوابه رحمه الله تعالى أن قال: ((ولكن المحذور: أن تذهب إلى عالم ترضاه في علمه ودينه وتستفتيه، ثم إذا أفتاك بما لا يوافق هواك ضربت بفتواه عرض الحائط!، ثم ذهبت إلى رجل آخر لعله أيسر؛ فهذا هو الحرام؛ لأنَّ هذا تلاعب بدين الله، وما أكثر الذين يفعلون ذلك!!؛ يستفتي هذا العالم فإذا لم يوافقه على هواه، قال: أذهب إلى فلان، ذهب إلى فلان فوجد قوله أشد من الأول قال: "كل هؤلاء ما عندهم علم"!!، فيأتي الثالث والرابع والخامس حتى يصل إلى ما يوافق هواه، فحينئذ يقول: ألقت عصاها واستقر بها النوى... كما قر عيناً بالإياب المسافر؛ هذا هو الذي لا يجوز)).
وقال الشيخ ربيع المدخلي في رده على مَنْ يستدل ببعض النقول عن الشيخ الإسلام لمشروعية الموازنة في الحكم على الأعيان [منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف ص61]: ((لقد ذهبتم تفتشون في تراث السلف لعلكم تجدون فيه من كلامهم ومواقفهم ما توقفون به السلفيين الظالمين في نظركم عند حدهم!؛ فلم تجدوا من كلام ولا مواقف أحد منهم، من الصحابة، من القرن الأول للتاريخ الإسلامي إلى القرن الثامن، لم تجدوا شيئاً إلا نتفاً من كلام ابن تيمية الذي كانت حياته كلها جهاداً ونضالاً وهجوماً على أهل البدع؛ فإذا أدرك أنه قد دمَّر معاقلهم، وثلَّ عروشهم أدركته رقة تشبه رقة أبي بكر على أسرى قريش يوم بدر؛ فيقول كلمات في قوم قد يكونون قريبين إلى السنة ولهم مع ذلك جهاد يدافعون فيه عن السنة وعن وأهلها؛ فتأخذون تلك النتف وتسمونها: "منهج أهل السنة والجماعة"!، وتشنون بها الغارة على البقية من المجتهدين من أهل السنة الذين تكالبت عليهم فرق الضلال والبدع؛ إنَّ هذه النتف التي تجدونها في كلام ابن تيمية لا يجوز أن نسميها منهج ابن تيمية!، فضلاً عن أن نسميها منهج أهل السنة والجماعة)).
وسُئل الشيخ عبد الرحمن البراك في [شرح أحاديث الفتن والحوادث ص98-99]: متى نطلق على العمل أنَّ المسألة أنها خلافية؛ حيث إذا ناقشنا أحدهم في مسألة، قال: هي مسألة خلافية!، فأصبح مشاكل؟! فأجاب بقوله: ((مسألة خلافية؛ لا، فيه مسائل إجماع ومسائل خلاف، والخلاف مراتب ودرجات، ولا صارت خلافية، يعني: هذه يتصور لك إنك تختار، هذا لم يقل أحد من أهل العلم: إنَّ المسائل الخلافية إنَّ الإنسان فيها مخير!؛ تختار وتشتهي من أقوال العلماء على التشهي!، لا، طالب العلم عليه أن يتقي الله ويتحرى ما يقتضيه الدليل!، والعامي عليه أن يقلد!، ويتبع مَنْ يثق بعلمه ودينه وإنْ خالف هواه.
وبعدين ما سبب المسألة الخلافية؟! هل الشبهات؟! الآن تذرع كثير من أهل الأهواء إلى الوصول إلى مرادهم بقولهم: هذه مسألة خلافية!، وهذه لو صارت مسألة خلافية: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ" يعني: من سلك هذا المسلك يصدق عليه أنه، يعني: مثل ما قال البعض: "من تتبع الرخص تزندق"، يعني: رخص العلماء، الرخص التي تكون من بعض العلماء بسبب اجتهادٍ ما من الاجتهادات!؛ العالم هذا مجتهد؛ لكن أنت لست بمجتهد؛ أنت متبع لهواك!)).
قلت بعد هذه النقول من المتقدمين والمتأخرين: فهناك فرق بين الاستدلال بكلام أهل العلم في الخلاف، وبين التشهي والتخير من أقوالهم وتتبع رخصهم، فلابدَّ من التنبه لهذا الفرق. ومسلك تتبع رخص العلماء مسلك خطير وعواقبه وخيمة، وقد قيل قديماً: ((مَنْ تتبع الرخص فقد تزندق))، ونُقل عن أحد المتزندقة أنه قال:

الشافعي مـن الأئمـة قائــل *** اللعب بالشطرنج غير حـرام!
وأبـو حنيفة قال وهـو مصدق *** في كل ما يروي من الأحكام
شرب المثلث والمربـع جائز! *** فاشرب على أمنٍ من الآثـام
وأبـاح مالكٌ الفقـاح! تكرمـاً *** في بطن جارية وظهر غـلام
والحبرُ أحمدُ حـلَّ جلدَ عُميـرة! *** وبذاك يستغنى عن الأرحـام
فازنِ ولط واشـرب وقـامر*** واحتجج في كل مسألة بقول إمام!

وهناك مسلك هو أعظم خطراً من تتبع الرخص؛ ألا وهو التلفيق بين أقوال المجتهدين!، فيأتي أحدهم بقول أحد المجتهدين في جزء من مسألة، ثم يأتي بقول الآخر في جزئها الآخر، ثم يُزاوج القولين فيخرج منها قول مركب لا يقرُّه أحد المجتهدين!، كمن تزوج امرأة بلا ولي ولا شهود؛ مقلّدًا الإمام أبا حنيفة في عدم اشتراط الولي، ومقلّدًا الإمام مالكًا في رواية له في عدم اشتراط الشهادة بذاتها وأنه يكفي إعلان الزواج، فهذا الزواج غير صحيح؛ لأنه لا يجيزه الإمام أبو حنيفة ولا الإمام مالك على هذه الصورة الملفّقة!؛ لأنه تولّد منه قول آخر مخالف لرأي هؤلاء العلماء على كيفية لا يصححونها، ولا يصح أيضًا شرعاً؛ لأنه مخالف للأدلة الصحيحة الواردة في هذه المسألة، وهنا نتذكر الإسناد الملفَّق الذي وقع فيه الحاكم في المستدرك، وهو معلوم فلا حاجة للتفصيل.
وهذا التلفيق رأيته كثيراً في جملة من المقالات في المواقع والمنتديات؛ ومنها بعض مقالات الكاتب!!.
والفرق بين التلفيق وبين تتبع الرخص؛ هو أنَّ التلفيق جمع بين أقوال العلماء وتصرف فيها بقول لا يصححه أحد من المجتهدين، وقد ينتج عن ذلك إحداث قول جديد في المسألة لم يقل به مجتهد!!، بينما الأخذ بالرُّخص ليس فيه إحداث قول جديد وإنما يأخذ برخصة قالها أحد العلماء!، وكذلك قد يقع الملفِّق في مخالفة إجماع العلماء؛ بخلاف الآخذ بالرُّخص؛ فإنه يكون قد أخذ بقول أحد العلماء لهوى في نفسه وليس لإتباع الدليل.
ولا بد أن نعلم أنَّ الإفتاء برخصة أحد أهل العلم في حال الضرورة أو الحاجة الملحَّة مع صحة المقصد ومن غير شبهة ولا مفسدة هي علامة على سعة العلم؛ كما قال سفيان الثوري: ((إنَّ العِلمَ عندنا الرُّخصة من ثقة، فأما التشديد فيحسنه كل أحد)).
ولنشرع الآن في بيان تتبع الرخص والتلفيق بين أقوال أهل العلم الذي سلكه الكاتب في سلسلته!؛ والذي ظنَّه البعض أنه استدلال بكلام أهل العلم!!، هذا بالإضافة إلى بيان أنَّ الكاتب يناقش في بعض المسائل في غير محل النزاع!، ويحمل كلام بعض أهل العلم ما لا يحتمل!، ويضعه في غير موضعه!، مع التعليق على ما يحتاج إلى تعليق من كلامه إتماماً للفائدة؛ والله الموفِّق.









قديم 2014-02-07, 21:33   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

مع حلقته الأولى: (مبنى الحكم على الرجال هل هو اجتهادي أو نصي؟)


في هذه الحلقة؛ بدأ الكاتب ـ وفقني الله تعالى وإياه إلى السداد ـ في بيان أنَّ مسألة الحكم على المعينين مبناها على الاجتهاد الذي يحتمل الرد والقبول حالها كحال المسائل الفقهية؛ وذكر في ذلك نقولاً عن أهل العلم، واستثنى من ذلك ما ورد به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم على البعض أنهم من أهل الجنة والإيمان وفي الحكم على البعض الآخر أنهم من أهل النار والنفاق؛ فإنَّ هذا ملزم.
ثم بنى على ذلك أحكام:
مثل قوله: ((لا إلزام بمسائل الاجتهاد, ولا يسوغ إلزام طالب العلم، بل ولا العامي؛ إذا كان لهم نوع نظر وبحث واستدلال بخلاف ما ترجح عندهم))
قلتُ: وهذه مسألة "الإلزام في مسائل الاجتهاد" سيفرد لها الكاتب حلقة كاملة وهي الثالثة؛ فيؤجل الكلام فيها هناك.
ولا أدري لِمَ أقحم الكاتب مرتبة "العامي" في مثل هذه المسألة؟! مع أنَّ الواجب على العامي التقليد وهو مُلزم بقول العالم كما تقدَّم في بعض النقول في مقدمة هذا التعليق، والكاتب نفسه في حلقته الثالثة قال: ((لاإلزام بالأحكام النقدية إلا للمقلِّدين))!.
وأحب أن أنبِّه القرَّاء الكرام أنَّ الحشد الذي جمعه الكاتب من أقوال الأئمة إنما فيه: أنَّ الكلام على الرجال من مسائل الاجتهاد!، وهذا لا خلاف فيه!!، وإنما أصل النزاع: هل مسائل الاجتهاد فيها إلزام؟ أم ليس فيها إلزام مطلقاً؟!
وقد قال الكاتب نفسه في مقاله [لا إلزام إلا بالشرع أو بالتزام العبد]: ((لا بد لنا من أن نبين أي القولين هو الحق: أهو الذي يتبناه شيخنا وقرره في كتابه في مواضع عدة, أم القول الذي تتبناه فرقة التبديع والإقصاء؛ من الإلزام بموارد الاجتهاد؟))
بينما قال في أخر حلقته الأولى هذه: ((وما هذا التفرق والتفريق المتقصَّد في إطلاق مثل هكذا أوصاف على طوائف من السلفيين إلا بسببعدم ضبط هذا الأصل: وهوأنَّ "الأحكام على الرجال مبنية على الاجتهاد"، وأنَّ للمسائل المبنية على الاجتهاد أحكام لا ينبغي إغفالها, فمن أغفلها أو تجاهلها أفضى به ذلك إلى الاختلاف ومن ثم التفرق... وبعد هذا العرض الموجز, علمنا حقيقة الفرق بين المنهجين؛ منهج السلفالذي قرره شيخنا وسار عليه, ومنهج بعض المعاصرين الممتهنين لتصنيفالمسلمين والسلفيين, وأي المنهجين هو الحادث))
فأقول له: ألم تقل في أحد مقالاتك: ((أما مسألة الإلزام بمسائل الاجتهاد؛ فقد اختصر الدكتور علينا كثيراً حيث صرح بحقيقة اختيار فرقة التبديع والإقصاء فيما ينقمونه على الشيخعلي الحلبي بقوله: "وأهل السنة لا يطلبون من الحلبيوأمثاله إلا القيام بواجب نصرة الحق وأهله، ورد الظلم والبغي على أهل السنة في أموراجتهادية"،وتنبَّه على قوله"في أمور اجتهادية"))، أليس هذا قولك؟!
فمخالفك يقر أنَّ الكلام في الأعيان من الأمور الاجتهادية!؛ فلماذا هذا الحشد من أقوال أهل العلم في غير محل النزاع؟! والغريب أكثر؛ أنَّ الكاتب سيعزز هذا الحشد بحشد آخر في حلقته الثالثة!!.
قلتُ: فأصل الخلاف هو: هل في مسائل الاجتهاد إلزام أم لا؟ وليس الخلاف: هل الكلام على الرجال من مسائل الاجتهاد أم لا؟! فلينتبه لذلك.
فطرف من المختلفين يقول: ليس كل مسائل الاجتهاد لا إلزام فيها؛ بل إنْ ظهر فيها الحق وجب إتباعه، ولا يُحتج بخلاف الأئمة على عدم وجوب إتباع الحق الذي ظهر في المسألة أو الحكم على المعيَّن.
والطرف الآخر يقول: لا إلزام في المسائل الفقهية والحكم على المعينين إلا بالنص أو الإجماع.
هذا هو أصل الخلاف؛ وتفرَّع عليه الكلام في قاعدة: ((الجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل المجمل)) هل هي ملزمة؟، وهل يُشترط في قبول الجرح أو التجريح الإجماع أم لا؟! وهل قاعدة: ((لا ينبغي أن يكون خلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف بيننا)) صحيحة أم لا؟
وأما ما نقله الكاتب عن شيخه أنه نقل في كتابه [منهج السلف الصالح] كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى الذي يُشير فيه إلى عدم الإلزام في موارد الاجتهاد؛ حيث قال رحمه الله تعالى: ((وأما الأقوال والأفعال التي لم يُعلم قطعاً مخالفتها للكتاب والسنة؛ بل هي من موارد الاجتهادالتي تنازع فيها أهل العلم والإيمان: فهذه الأمور قد تكون قطعية عند بعضمن بيَّن الله له الحق فيها، لكنه لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولميبن لهم))
قلتُ: ما هو حد "البيان" الذي يكون فيه إلزام الآخر؟! لم تحدده أنت ولا شيخك من قبل، لأنَّ عبارة شيخ الإسلام: ((لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولم يبن لهم))، نفهم منها: إمكانية الإلزام إذا بان الأمر للآخر، فمتى يبن لكم وأشرطة المجروحين وكتاباتهم بين أيديكم صريحة ليس فيها لبس تدل على الانحراف والزيغ؟! قولوا لنا: متى؟!
ثم في العبارة إشارة ترد على مَنْ لا يُلزم إلا بالإجماع، لأنَّ شيخ الإسلام قيد الإلزام بالبيان في مسائل الاجتهاد.
وكذلك الكلام محله فيما لا يُعلم قطعاً أنه مخالف للشريعة؛ أما ما يُعلم قطعاً مخالفته للشريعة فيُلزم به؛ وهذا حال أكثر المجروحين اليوم، أنهم يأتون بما نعلم قطعاً مخالفته للشريعة، فلا يتنزَّل كلام شيخ الإسلام على مثل هؤلاء.
ثم أقول: إنَّ كلام شيخ الإسلام المتقدِّم لو رجعنا إلى موضعه في المجموع [10/378-387] لوجدنا أنَّ شيخ الإسلام عقد فصلاً في حكم مَنْ يقع في المخالفات الشرعية من أهل التصوف، وما يظهر عليهم من شطحات وأحوال، والكلام الذي نقله الكاتب وشيخه في حال [مَنْ يسلم له حاله]؛ وله معنيان كما قال شيخ الإسلام: إما أنه لا يُذم ولا يُلام ولا يأثم لكن مع الإنكار والتخطئة، وإما أنه يُصوَّب ويُحمد ويؤجر؛ ومع هذا فشيخ الإسلام اشترط في هذا فقال: ((وتسليم الحال في مثل هذا: إذا عُرف أنه معذور، أو عُرف أنه صادق في طريقه، وإنَّ هذا الأمر قد يكون اجتهاداً منه؛ فهذه ثلاثة مواضع يسلم إليه فيها حاله، لعدم تمكنه من العلم وخفاء الحق عليه فيها على وجه يعذر به)) فليس الأمر على إطلاقه إذاً!!.
ثم بعد الكلام الذي نقله الكاتب؛ ذكر شيخ الإسلام حكم الذي [لا يسلم إليه حاله] وهو الذي يُذم ويأثم وذكر له صور من حال الصوفية ومنها: ((أو يُعرف منه أنَّ الحق قد تبين له وأنه متبع لهواه)) ففي هذه الحالة يُلزم بالحق، وهذا يؤكِّد ما تقدَّم.
ثم واصل في ذكر الصور التي يلام فيها أصحابها ويأثمون، وبعدها ختم الفصل بقوله: ((فهؤلاء ونحوهم ممن يخالف الشريعة ويبين له الحق فيعرض عنه: يجب الإنكار عليهم بحسب ما جاءت به الشريعة من اليد واللسان والقلب، وكذلك أيضا ينكر على من اتبع الأولين المعذورين في أقوالهم وأفعالهم المخالفة للشرع؛ فإنَّ العذر الذي قام بهم منتف في حقه فلا وجه لمتابعته فيه. ومن اشتبه أمره من أي القسمين هو؟ توقف فيه، فإنَّ الإمام إنْ يخطئ في العفو خير من أنْ يخطئ في العقوبة؛ لكن لا يتوقف في رد ما خالف الكتاب والسنة، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد"، فلا يسوغ الخروج عن موجب العموم والإطلاق في الكتاب والسنة بالشبهات، ولا يسوغ الذم والعقوبة بالشبهات، ولا يسوغ جعل الشيء حقاً أو باطلاً أو صواباً أو خطأ بالشبهات))
قلتُ: فمَنْ بان له الحق في موارد الاجتهاد وأعرض عنه يجب الإنكار عليه، ولا يعذره كونه متبعاً في قوله أحد المجتهدين المعذورين، ولا يُتوقف في رد كل ما خالف الكتاب والسنة من أي كائن كان.
أما قول الكاتب: ((لا إنكار في مسائل الاجتهاد))
قلتُ: نعم، لا إنكار لمن قلَّد غيره في مسائل الاجتهاد؛ فقد سُئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 20/207]: عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد فهل ينكر عليه أم يجهر؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين؟
فأجاب بقوله: ((الحمد لله؛ مسائل الاجتهاد مَنْ عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنكر عليه ولم يجهر، ومَنْ عمل بأحد القولين لم ينكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان فإنَّ كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا قلَّد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين، والله أعلم))
لكن هذا ليس على الإطلاق؛ فقد قال شيخ الإسلام [الفتاوى الكبرى 1/159]: ((ومسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الإنكار إلا ببيان الحجة وإيضاح المحجة؛ لا الإنكار المجرد المستند إلى محض التقليد فإنَّ هذا فعل أهل الجهل والأهواء))
وقال [منهاج السنة 1/44]: ((المسألة اجتهادية فلا تنكر إلا إذا صارت شعاراً لأمر لا يسوغ فتكون دليلاً على ما يجب إنكاره، وإنْ كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد))
ولا يجوز إجماعاً لمن تمسَّك في مسائل الاجتهاد بأحد القولين أن ينكر على الآخر بغير حجة، ولكن مَنْ تبين له القول الراجح في مسائل الاجتهاد وجب عليه قبوله وإتباعه؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 1/164]: ((إنَّ مثل هذه المسألة أو نحوها من مسائل الاجتهاد؛ لا يجوز لمن تمسَّك فيها بأحد القولين أن ينكر على الآخر بغير حجة ودليل فهذا خلاف إجماع المسلمين؛ فقد تنازع المسلمون في جبن المجوس والمشركين وليس لمن رجَّح أحد القولين أن ينكر على صاحب القول الآخر إلا بحجة شرعية، وكذلك تنازعوا في متروك التسمية وفي ذبائح أهل الكتاب إذا سموا عليها غير الله وفي شحم الثرب والكليتين وذبحهم لذوات الظفر كالإبل والبط ونحو ذلك مما حرمه الله عليهم وتنازعوا في ذبح الكتابي للضحايا ونحو ذلك من المسائل، وقد قال بكل قول طائفة من أهل العلم المشهورين؛ فمن صار إلى قولٍ مقلِّدٍ لقائله لم يكن له أن ينكر على من صار إلى القول الآخر مقلد لقائله؛ لكن إنْ كان مع أحدهما حجة شرعية وجب الانقياد للحجج الشرعية إذا ظهرت!، ولا يجوز لأحد أن يرجِّح قولاً على قول بغير دليل، ولا يتعصب لقول على قول ولا لقائل على قائل بغير حجة؛ بل مَنْ كان مقلداً لزم حل التقليد فلم يرجح ولم يزيف ولم يصوِّب ولم يخطِّئ، ومن كان عنده من العلم والبيان ما يقوله سمع ذلك منه؛ فقبل ما تبين أنه حق ورد ما تبين أنه باطل ووقف ما لم يتبين فيه أحد الأمرين، والله تعالى قد فاوت بين الناس في قوى الأذهان كما فاوت بينهم في قوى الأبدان))
وأما مَنْ يقصد: أنَّ مسائل الخلاف لا إنكار فيها!!؛ فهذه المقولة قد كفانا مؤنة ردها شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 6/92] فقال: ((وقولهم: "مسائل الخلاف لا إنكار فيها" ليس بصحيح؛ فإنَّ الإنكار إما أن يتوجَّه إلى القول بالحكم، أو العمل. أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً، وإنْ لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند مَنْ يقول "المصيب واحد" وهم عامة السلف والفقهاء. وأما العمل: فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار؛ كما ذكرناه من حديث شارب النبيذ "المختلف فيه"، وكما يُنقض حكم الحاكم إذا خالف سنة؛ وإنْ كان قد اتبع بعض العلماء!. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ: فلا ينكر على مَنْ عمل بها مجتهداً أو مقلداً.
وإنما دخل هذا اللبس من جهة أنَّ القائل يعتقد: أنَّ مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد!؛ كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة: أنَّ مسائل الاجتهاد لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل: حديث صحيح لا معارض من جنسه، فيسوغ له - إدا عُدم ذلك فيها – الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها، وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعنٌ على مَنْ خالفها من المجتهدين؛ كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها، مثل: كون الحامل المتوفى عنها تعتد بوضع الحمل، وإنَّ الجِماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل، وإنَّ ربا الفضل والمتعة حرام، وإنَّ النبيذ حرام، وإنَّ السنة في الركوع الأخذ بالركب، وإنَّ دية الأصابع سواء، وإنَّ يد السارق تقطع في ثلاثة دراهم ربع دينار، وإنَّ البائع أحق بسلعته إذا أفلس المشتري، وإنَّ المسلم لا يقتل بالكافر، وإنَّ الحاج يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، وإنَّ التيمم يكفي فيه ضربة واحدة إلى الكوعين، وإنَّ المسح على الخفين جائز حضراً وسفراً؛ إلى غير ذلك مما لا يكاد يحصى.
وبالجملة: مَنْ بلغه ما في هذا الباب من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها فليس له عند الله عذر بتقليد مَنْ ينهاه عن تقليده ويقول: "لا يحل لك أن تقول ما قلتُ حتى تعلم من أين قلتُ" أو يقول: "إذا صح الحديث فلا تعبأ بقولي")).
ثم تكلَّم رحمه الله تعالى عن حرمة الحيل ثم قال: ((لو فرضنا أنَّ الحيل من مسائل الاجتهاد -كما يختاره في بعضها طائفة من أصحابنا وغيرهم- فإنا إنما بينا الأدلة الدالة على تحريمها كما في سائر مسائل الاجتهاد، فأما جواز تقليد مَنْ يخالف فيها ويسوِّغ الخلاف فيها وغير ذلك فليس هذا من مواضع الكلام فيه، وليس الكلام في هذا مما يختص هذا الضرب من المسائل!؛ فلا يحتاج إلى هذا التقرير أن يجيب عن السؤال بالكلية، وحينئذ: فمن وضح له الحق وجب عليه إتباعه!، ومَنْ لم يتضح له الحق فحكمه حكم أمثاله في مثل هذه المسائل))
من هذا النقل؛ تتبين لنا أمور:
الأول:قول القائل "مسائل الخلاف لا إنكار فيها" ليس بصحيح على إطلاقه؛ فإذا كان القول يُخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره بالاتفاق، وإنْ لم يكن كذلك فيُنكر بمعنى رده وبيان ضعفه. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ويسوغ فيها الاجتهاد فلا إنكار على مَنْ اجتهد فيها أو قلَّد إلا بالحجة والدليل.
الثاني:مسائل الخلاف أعم من مسائل الاجتهاد؛ فالمسألة قد تكون خلافية ولا تكون اجتهادية، وذلك حين يظهر فيها القول الراجح ظهوراً بيناً حتى تصير من المسائل القطعية، فيغلط مَنْ يظن أنَّ كل مسألة خلافية هي اجتهادية!، وأغلط منه مَنْ يجعل مسألة خلافية من مسائل الاجتهاد حتى لا ينكر عليه أحد!!.
الثالث:مسائل الاجتهاد هي المسائل التي ليس فيها دليل صحيح السند ظاهر الدلالة، أو يكون فيها دليل لكن له معارض من جنسه.
الرابع: أنَّ هناك مسائل كثيرة اختلف فيها سلف الأمة إلى قولين، وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها بالأدلة التي لا معارض لها؛ فليس لأحد بعد ذلك العذر في تقليد أصحاب القول المرجوح، وهو ملزم بقبول القول الراجح.
الخامس: في مسائل الاجتهاد؛ مَنْ وضح له الحق وجب عليه إتباعه، ومَنْ لم يتضح له فحكمه حكم المخطئ في مسائل الاجتهاد.
أما قول الكاتب: ((لا طعن على مَنْ خالف الراجح في مسائل الاجتهاد))
قلتُ: هذا في حق "مَنْ خفي عليه القول الراجح"، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 33/134]: ((ومَنْ قال بالقول المرجوح وخفي عليه القول الراجح كان حسبه أن يكون قوله سائغاً))، وأما إن اتضح له الحق فيجب عليه إتباعه، فإن أصرَّ على مخالفة الحق صار متبعاً لهواه فيُنكر عليه، وإنْ كانت المخالفة بدعة أو منكرات فإنَّ صاحبها الذي يدعو لها أو الذي أعلنها أو أظهرها يعاقب عليها وإنْ كان مجتهداً لكف ضرره على الناس كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 10/375-376]: ((وكذلك يعاقب مَنْ دعا إلى "بدعة" تضر الناس في دينهم وإنْ كان قد يكون معذوراً فيها في نفس الأمر لاجتهاد أو تقليد، وكذلك يجوز قتال البغاة وهم "الخارجون على الإمام أو غير الإمام" بتأويل سائغ مع كونهم عدولاً... وكذلك نقيم الحد على مَنْ شرب "النبيذ المختلف فيه" وإنْ كانوا قوماً صالحين؛ فتدبر كيف عوقب أقوام في الدنيا على ترك واجب أو فعل محرم بيِّن في الدين أو الدنيا وإنْ كانوا معذورين فيه؛ لدفع ضرر فعلهم في الدنيا))
ثم كثرة المخالفات بدعوى الاجتهاد قد تؤول إلى وجود أصل فاسد كما قال الكاتب في أحد حلقاته القادمة تبعاً للإمام الشاطبي: ((مع التنبيه إلى: أنَّ كثرة الأخطاء في الجزئيات الفرعية في باب "الحكمعلى المعينين" بدعوى الاجتهاد السائغ قد تؤول أو تدل عل وجود انحراف في أصل هذاالموضوع الذي تكرر الخطأ منه في فروعه))، وفي هذا تقييد لما أطلقه الكاتب في حلقته الأولى هذه فقال: ((وعدم التبديع بالأمور الاجتهادية هو الحق الذي لا ينبغي المحيص عنه)).
وأما قول الكاتب: ((لا ينسب لله تعالى حكم في مسائل الاجتهاد))
قلتُ: إن قصد حكم في الظاهر فنعم، أما حكم في الباطن فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وهو يبين حكم اختلاف قول العالم الواحد في المسألة الواحدة [المجموع 29/41]: ((وهذا الاختلاف في عين المسألة أو نوعها من العلم قد يسمى تناقضاً أيضاً؛ لأنَّ التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات، فإذا كان في وقت قد قال: إنَّ هذا حرام، وقال في وقت آخر فيه أو في مثله: إنه ليس بحرام، أو قال ما يستلزم أنه ليس بحرام، فقد تناقض قولاه وهو مصيب في كليهما عند من يقول إنَّ كل مجتهد مصيب!، وأنه ليس لله في الباطن حكم على المجتهد غير ما اعتقده!!. وأما الجمهور الذين يقولون: إنَّ لله حكماً في الباطن علمه العالم في إحدى المقالتين ولم يعلمه في المقالة التي تناقضها، وعدم علمه به مع اجتهاده مغفور له، مع ما يثاب عليه من قصده للحق واجتهاده في طلبه، ولهذا يشبِّه بعضهم تعارض الاجتهادات من العلماء بالناسخ والمنسوخ في شرائع الأنبياء مع الفرق بينهما: بأنَّ كل واحد من الناسخ والمنسوخ ثابت بخطاب حكم الله باطناً وظاهراً؛ بخلاف أحد قولي العالم المتناقضين، هذا فيمن يتقي الله فيما يقوله مع علمه بتقواه وسلوكه الطريق الراشد. وأما أهل الأهواء والخصومات فهم مذمومون في مناقضاتهم لأنهم يتكلمون بغير علم ولا حسن قصد لما يجب قصده))
وقال في [المجموع 20/27]: ((والصحيح ما قاله أحمد وغيره: أنَّ عليه أن يجتهد، فالواجب عليه الاجتهاد ولا يجب عليه إصابته في الباطن إذا لم يكن قادراً عليه، وإنما عليه أن يجتهد فإنْ ترك الاجتهاد أثم، وإذا اجتهد ولم يكن في قدرته أن يعلم الباطن لم يكن مأموراً به مع العجز، ولكن هو مأمور به وهو حكم الله في حقه بشرط أن يتمكن منه، ومَنْ قال: إنه حكم الله في الباطن بهذا الاعتبار فقد صدق، وإذا اجتهد فبين الله له الحق في الباطن فله أجران كما قال تعالى: "ففهمناها سليمان")).
وقبل أن أنهي التعليق على هذه الحلقة؛ أحب أن أبين مسألتين كان حقاً على الكاتب في حلقته هذه أن يبينهما لئلا يلتبس الأمر على القراء بين النظرية والتطبيق أو بين التأصيل والواقع؛ وهذه المسألتان هما:
الأولى: ليس كل اجتهاد يكون سائغاً أو مقبولاً؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 29/44]: ((فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور، وصاحب الهوى المحض مستوجب العذاب، وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء)).
فالاجتهاد منه ما يسوغ ومنه ما لا يسوغ؛ قال شيخ الإسلام [المجموع 28/234]: ((وإنْ كان المخطئ المجتهد مغفوراً له خطؤه وهو مأجور على اجتهاده؛ فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب؛ وإنْ كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله. ومَنْ علم منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يذكر على وجه الذم والتاثيم له، فإنَّ الله غفر له خطأه، بل يجب لما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبته والقيام بما أوجب الله من حقوقه من ثناء ودعاء وغير ذلك))، وقال في قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع امرأة مالك بن نويرة [المنهاج 5/520]: ((وبالجملة فنحن لم نعلم أنَّ القضية وقعت على وجه لا يسوغ فيها الاجتهاد؛ والطعن بمثل ذلك من قول مَْن يتكلم بلا علم، وهذا مما حرمه الله ورسوله)).
الثانية: أنَّ الاجتهاد السائغ الذي لا تهدر مكانة صاحبه له شروط؛ وهي:
أ- أن يكون الرجل جليلاً له مكانة عند المسلمين وله آثار حسنة، ومعروفاً بالانتصار لأهل السنة والرد على أهل البدع.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 6/92 ]: ((إنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور؛ لا يجوز أن يتبع فيها مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين))
وقال في الهروي وأمثاله [درء التعارض 1/283]: ((ثم إنه ما من هؤلاء إلا مَنْ له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف؛ لكن لما التبس عليهم هذا لأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة -وهم فضلاء عقلاء- احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم مَنْ يعظِّمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم مَنْ يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوساطها؛ وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات))
ب- أن يكون اجتهاد العالم أو زلته في دقيق العلم.
قال شيخ الإسلام [المجموع 20/166]: ((ولا ريب أنَّ الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة وإنْ كان ذلك في المسائل العلمية؛ ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة، وإذا كان الله يغفر لمن جهل تحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم، فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه إذا كان مقصوده متابعة الرسول بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته ويثيبه على اجتهاداته، ولا يؤاخذه بما أخطأ تحقيقاً لقوله: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"))
بينما قال في [المجموع 42/172]: ((مَنْ خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافاً لا يعذر فيه: فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع)).
ج- أن يقصد الحق.
د- أن يستفرغ وسعه في طلب الحق.
ﻫ- أن يسلك سبيل الحق.
قال شيخ الإسلام في [درء التعارض 1/283]: ((ولا ريب أنَّ من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخطأ في بعض ذلك؛ فالله يغفر له خطأه تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"))
وقال [المجموع 20/30]: ((والمجتهد المخطئ له أجر؛ لأنَّ قصده الحق، وطلبه بحسب وسعه))
وقال [المجموع 13/125]: ((ولم يقل أحد من السلف والصحابة والتابعين: إنَّ المجتهد الذي استفرغ وسعه في طلب الحق يأثم؛ لا في الأصول ولا في الفروع)).
بينما قال في [المجموع 3/317]: ((فمن كان خطؤه لتفريطه فيما يجب عليه من إتباع القرآن والإيمان مثلاً، أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها، أو لإتباع هواه بغير هدى من الله: فهو الظالم لنفسه؛ وهو من أهل الوعيد، بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطناً وظاهراً الذي يطلب الحق باجتهاده كما أمره الله ورسوله فهذا مغفور له خطؤه))
أقول: وأكثر مَنْ يُدَّعى لهم أنهم اجتهدوا وأخطئوا وأنَّ اجتهادهم سائغ فلا ينكر عليهم ولا يذموا هم في الحقيقة لم يحققوا هذا الشروط بتمامها، أما مَنْ حقق هذه الشروط فلا ينبغي أن يُذكر على وجه الذم ولا أن تهدر مكانته في نفوس المسلمين، بل الواجب أن يُعتذر له وإلا لهلك أكثر فضلاء الأمة، لكن لا يمنع هذا من الإنكار عليه وبيان خطئه أو أخطائه بالحجة والدليل، بل والتحذير منها؛ فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول في الإمام الهروي رحمه الله تعالى [منهاج السنة 5/359]: ((وأما "الفناء" الذي يذكره صاحب المنازل؛ فهو الفناء في توحيد الربوبية لا في توحيد الإلهية!، وهو يثبت توحيد الربوبية مع نفي الأسباب والحِكَم كما هو قول القدرية المجبرة كالجهم بن صفوان ومن اتبعه والأشعري وغيره. وشيخ الإسلام وإنْ كان رحمه الله من أشد الناس مباينة للجهمية في الصفات، وقد صنَّف كتابه "الفاروق في الفرق بين المثبتة والمعطلة" وصنَّف كتاب "تكفير الجهمية" وصنَّف كتاب "ذم الكلام وأهله"، وزاد في هذا الباب حتى صار يوصف بالغلو في الإثبات للصفات؛ لكنه في القدر على رأي الجهمية نفاة الحِكَم والأسباب!،والكلام في الصفات نوع والكلام في القدر نوع))، ويقول فيه العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى [مدارج السالكين 1/148]: ((فرحمة الله على أبي إسماعيل فتح للزنادقة باب الكفر والإلحاد فدخلوا منه، وأقسموا بالله جهد أيمانهم إنه لمنهم وما هو منهم، وغرَّه سراب الفناء، فظن أنه لجة بحر المعرفة وغاية العارفين، وبالغ في تحقيقه وإثباته فقاده قسراً إلى ما ترى))، ويقول فيه في موضع آخر [المدارج 3/394]: ((شيخ الإسلام حبيبنا؛ ولكن الحق أحب إلينا منه، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: "عمله خير من علمه"!، وصدق رحمه الله فسيرته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد أهل البدع لا يشق له فيها غبار، وله المقامات المشهورة في نصرة الله ورسوله، وأبى الله أن يكسو ثوب العصمة لغير الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، وقد أخطأ في هذا الباب لفظا ومعنى؛ أما اللفظ فتسميته فعل الله الذي هو حق وصواب وحكمة ورحمة، وحكمه الذي هو عدل وإحسان، وأمره الذي هو دينه وشرعه: تلبيساً!!؛ فمعاذ الله ثم معاذ الله من هذه التسمية، ومعاذ الله من الرضى بها والإقرار عليها والذب عنها والانتصار لها، ونحن نشهد بالله أنَّ هذا تلبيس على شيخ الإسلام، فالتلبيس وقع عليه ولا نقول وقع منه، ولكنه صادق لُبِّس عليه، ولعلَّ متعصباً له يقول: أنتم لا تفهمون كلامه؛ فنحن نبين مراده على وجهه إن شاء الله، ثم نتبع ذلك بما له وعليه...))، والله تعالى أعلم.
وقال الكاتب: ((ولهذا يعلم من له أدنى نظر في كتب الجرح والتعديل مقدار التفاوت الكبيربين أحكام أئمة هذا الفن في الرجال, حالهم في ذلك حال اختلاف أئمة الفقهفي مسائله))
قلتُ: وإذا كان الأمر كذلك؛ فقد تبين ما هو الواجب على المسلم في حال اختلاف الأئمة في مسائل الفقه؛ ويتنزَّل عليه حينئذ اختلافهم في مسائل الحكم على الرجال، وسيأتي مزيد من الإيضاح.









قديم 2014-02-07, 21:36   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

مع حلقته الثانية: منهج الموازنة في حال تقويم ونقد المخالف


ذكر الكاتب في هذا الحلقة؛ أنَّ مسألة الموازنة في كلام أهل العلم المعاصرين منحصرة في حالتين؛ فقال: ((وأكتفي بنقل أقوال المجتهدين من أئمة الدعوة السلفية المعاصرين في هذه المسألة, ففيها عصارة نظرهم واجتهادهم؛ونحن إنما لهم تبع في هذا النظر، فجمعت أقوالهم في هذه المسألة فوجدتها منحصرة في حالتين وعلى النحو التالي:
الحالة الأولى: الموازنة في معرض ترجمة المخالف وتقويمه؛فهنا لا بد من ذكر ما له من حسنات, وما وقع فيه من زلات...
الحالة الثانية: في معرض النقد والتحذير من الأخطاء؛ففي هذه الحالة الأصل: عدم ذكر حسنات وممادح المنقود، لأنَّ المقصود التحذيرمن الشخص؛ وذكر محاسنه مفضي إلى تقليل قيمة النقد.
..))
وفي كل حالة من الحالتين استدل الكاتب بأقوال أئمة الدعوة السلفية المعاصرة.
ثم فرَّع على الحالة الثانية مسألتين؛ فقال: ((ويتفرع -عن هذه الحالة- مسألتان:
المسألة الأولى: بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود...
المسألة الثانية: جواز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة؛ ولا يعني بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود, أنَّ ذكر الحسنات محرم, فنفي الوجوب لا يستلزممنه إثبات التحريم؛والأدلة على مشروعية ذكر حسنات المنقود كثيرة منها: قوله تعالى: ((ويسألونك عن الخمر والميسر, قلفيهما إثم كبير ومنافع للناس, وإثمهما أكبر من نفعهما)), ففي هذه الآيةإشارة إلى محاسن الخمر لبيان أنَّ مفسدتها أرجح من مصلحتها, فلا ينبغي أنيغتر بما فيها من مصالح. ومنها حديث عائشةأنها قالت: (واستأجر رسولالله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الديل: هادياً خريتاً؛ وهوعلى دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال،فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث)، ففيه دلالة على أنَّ المشرك (وهو من أعظم ألفاظ الجرح), يجوز أن تذكر حسناته لبيان ما فيه من أمور يمكن لأهل الإسلام الاستفادة منها
)).
قلتُ: الكاتب ذكر هنا حالتين لمسألة (الموازنة بين الحسنات والسيئات عند ذكر أهل البدع)، بينما سيذكر في الحلقة الثامنة أنَّ للمسألة ستة حالات!!، وفرق هناك بين حالة الترجمة وحالة التقويم!!، وسيأتي الكلام عن ذلك في وقته؛ إنْ شاء الله تعالى.
لكن الذي يحتاج أن نقف عنده هنا؛ أنَّ الكاتب جوَّز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة!، وانتبهوا إلى لفظة (المنقود) أي في حالة النقد والتحذير!، ثم تأملوا معي سعة دلالة لفظتي (الحاجة والمصلحة).
ومَنْ من الناس اليوم ممن يُثني على أهل البدع مَنْ لا يدَّعي هذا؟!
لتعلموا أنَّ مآل هذا التأصيل في هذا التفريع الثاني هو نقض للتأصيل المذكور في الحالة الثانية!!.
وأما الاستدلال؛ فهو على طريقة القائلين ببدعة الموازنة!، فالآية أولاً منسوخة بآية أخرى ذكرت أنَّ عواقب الخمر وخيمة ومفاسده عظيمة من غير الإشارة إلى شيء من منفعته!، فهل من العدل والإنصاف الأخذ ببعض الكتاب والإعراض عن البعض الآخر؟! ثم الإشارة إلى شيء من منفعة الخمر في الآية المنسوخة؛ هل سيق من باب العدل والموازنة في نقد الأشياء فضلاً عن الأعيان؟! أم سيق من باب الإخبار بواقع الحال عند بعض الناس؟! حيث كان في الخمر منفعة لهم من جهة ثمن بيعها ولذتها، ومنفعة الميسر كانت فيما يصاب به من أموال بالقمار، أتعتبر هذه منافع في الخمر والميسر من حيث ذاتهما، أم من حيث مستعملهما؟!
على هذا القياس الباطل؛ يكون البغاء فيه منفعة ولم يذكرها الله عز وجل؟! لأنَّ الباغيات ينتفعن بالمال والبغاة ينتفون باللذة!!، وهكذا كل الفواحش والمنكرات، نعوذ بالله من الهوى والفواحش.
وإنما كانت الآية الأولى تمهيداً وتقدمة لتحريم الخمر والميسر؛ فالخطاب موجَّه إلى المتعلِّقين بهما بشبهة أنَّ فيهما منفعة لهم، فخرج الجواب في دفع تلك الشبهة المقترنة بالهوى.
وكذلك حديث الخريت؛ فقول عائشة لم يكن في موضع التحذير منه!، ولم تذكر حسناته من باب العدل والموازنة!، وإنما من باب الإخبار بواقع حاله!!
وكذلك وصف شيخ الإسلام لبعض الكفار والمنافقين والمبتدعة بشدة الذكاء، إنما هو من باب الإخبار بواقع حالهم، ومن باب التأنيب حيث لم ينتفعوا من ذلك بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، أو من باب المقارنة بمن هو دونهم في تلك الصفة؛ بمعنى أنَّ هؤلاء مع ذكائهم ضلوا فكيف بمن هو دونهم؟!
والكاتب جعل ذلك كله من باب العدل في الموازنة بين الحسنات والسيئات في موضع التحذير والنقد!!!
ثم قال الكاتب: ((وأما من استدل بما تقدم من النصوص الشرعية وغيرها علىوجوب ذكر حسنات المنقود فقد أبعد النجعة, وينظر في رد هذا الاستدلال علىالوجوب ونقضه كتاب الشيخ ربيع حفظه الله "منهج أهل السنة والجماعة فينقد الرجال والكتب والطوائف" ففيه الكفاية والغنية))
قلتُ: ومثله مَنْ أجاز ذكر الحسنات والسيئات في حال التحذير والنقد والرد، فقد كفانا الشيخ حفظه الله تعالى الرد عليه كذلك.
وأما ما نقله عن أئمة الدعوة السلفية المعاصرة في بيان جواز ذكر حسنات المبتدع إذا اقتضت المصلحة لذلك بشرط الأمن من مضرتها على الناس؛ فسيأتي الكلام عنه في الحلقة الثامنة، بإذن الله تعالى، لأنَّ الكاتب سيعيده هناك!.
وأما قول الكاتب: ((وهذا الشيخ ربيع حفظه الله فيما سبق النقل عنه قد أشار إلى أنَّ الشيخ ابنباز كان يثني على جماعة التبليغ ويعرج على أخطائها في نفس المقالة؛ فأئمة الدعوة السلفية الثلاثة الكبار المعاصرين يختارون تفصيل القول فيمسألة الموازنة في نقد المخالف، وهو نفس التفصيل الذي اختاره شيخنا حفظهالله))
أقول: وهذا عين تتبع الرخص!، فالشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كان يُثني على جماعة الإخوان والتبليغ في أول الأمر، ثم تبين له أنهما من الفرق الثنتين والسبعين المتوعَّدة بالنار، فكيف يؤصِّل الكاتب هداه الله تعالى على فتوى عالم رجع عنها؟!
ما تقول أيها الكاتب: في فتوى قديمة أيضاً صدرت من مكتب مفتي عام المملكة في عهد الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بتاريخ 10/4/1414ﻫ أي بعد مذكرة توقيف سفر الحوالي وسلمان العودة بسبعة أيام، حيث سُئل فيها الشيخ ابن باز عن حكم الاستماع إلى أشرطة عائض القرني وسفر الحوالي وسلمان العودة وعبد الوهاب الطريري؟ وهل هم مبتدعة؟ وهل هم خوارج أم سلفيون؟ فقال الشيخ: ((أشرطتهم مفيدة، وليسوا مبتدعة، وليسوا خوارج، ولا تجوز غيبتهم، ويجب الذب عنهم كغيرهم من أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وليس واحد منهم معصوماً....))، هل نثني عليهم لأنَّ الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كان يثني عليهم قديماً؟!









قديم 2014-02-07, 22:12   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
ibra34
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك يا أبا عمار
ويبدو أن الأمر أدق من أن يفهمه كل الناس










قديم 2014-02-07, 22:28   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ارجو ان يكون الرد منك انت يا ابا عمار
ودعك من ردود رائد ال طاهر التي تنقلها










قديم 2014-02-07, 22:39   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

النقض الزاهر لتعقبات هذه الحلقة مما كتبه الأخ (رائد آل طاهر)

كنت قد تعقبت الأخ (رائد آل طاهر) على مقدمة موضوعه وإن شئت فقل (كتابه) الذي عنونه (تبصير كل ذي عينين بحقيقة المنهج المنشود في سلسلة حلقات (بين منهجين) ) , وذلك في مقال (النقض الزاهر على مقدمة الأخ (رائد آل طاهر) ) وهو على الرابط :
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=13962
وذكرت في ديباجة المقال أني سوف أفرِّق الرد على موضوع الأخ بمشاركات أضعها تحت كل حلقة من هذه السلسلة (بين منهجين) .
وقد كان الأخ (رائد) قد تعقبني في هذه الحلقة من سلسلة (بين منهجين) بجملة أمور ؛ أورِدُها ؛ ثم أبين –بعون الله- ما فيها من صواب وخطأ ؛ فأقول وبالله التوفيق :

الوقفة الأولى : قال الأخ المعترض : "ذكر الكاتب في هذا الحلقة؛ أنَّ مسألة الموازنة في كلام أهل العلم المعاصرين منحصرة في حالتين؛ فقال: ((وأكتفي بنقل أقوال المجتهدين من أئمة الدعوة السلفية المعاصرين في هذه المسألة, ففيها عصارة نظرهم واجتهادهم؛ ونحن إنما لهم تبع في هذا النظر، فجمعت أقوالهم في هذه المسألة فوجدتها منحصرة في حالتين وعلى النحو التالي:
الحالة الأولى: الموازنة في معرض ترجمة المخالف وتقويمه؛ فهنا لا بد من ذكر ما له من حسنات, وما وقع فيه من زلات...
الحالة الثانية: في معرض النقد والتحذير من الأخطاء؛ ففي هذه الحالة الأصل: عدم ذكر حسنات وممادح المنقود، لأنَّ المقصود التحذير من الشخص؛ وذكر محاسنه مفضٍ إلى تقليل قيمة النقد...))
وفي كل حالة من الحالتين استدل الكاتب بأقوال أئمة الدعوة السلفية المعاصرة".
قلت : والأخ الكاتب –وفقه الله- قد مرّ على ما تقدم من حكايتي لاختيار أئمة الدعوة السلفية المعاصرين غير أن يتعقبه ؛ فالظاهر من صنيعه موافقته عليه ؛ فليحفظ عنه .

الوقفة الثانية : قوله "ثم فرَّع على الحالة الثانية مسألتين؛ فقال: ((ويتفرع -عن هذه الحالة- مسألتان:
المسألة الأولى: بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود...
المسألة الثانية: جواز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة؛... والكاتب ذكر هنا حالتين لمسألة (الموازنة بين الحسنات والسيئات عند ذكر أهل البدع)، بينما سيذكر في الحلقة الثامنة أنَّ للمسألة ستة حالات!!، وفرق هناك بين حالة الترجمة وحالة التقويم!!، وسيأتي الكلام عن ذلك في وقته؛ إنْ شاء الله تعالى".
قلت : ونقض كلام المعترض من وجوه :
الأول : يبدو أن الأخ –وفقه الله- قد خلط بين موضوع الحلقتين الثانية والثامنة ؛ فأنا في هذه الحلقة قد جعلتها خاصة بمعرفة أقوال المعاصرين في مسألة (الموازنة في حال تقويم ونقد المخالف) .
وأما موضوع الحلقة الثامنة فهو (المدح والثناء على المخالفين من أهل البدع والأهواء) .
والأخ –هداه الله- لم يتنبه للفرق بين الموضوعين .
فذكري في (الحلقة الثامنة) للحالات الستة , وعدم ذكري لها في هذه الحلقة ؛ لأن شرطي –هنا-كما ذكرته في أول المقال- أني : "أكتفي بنقل أقوال المجتهدين من أئمة الدعوة السلفية المعاصرين في هذه المسألة , ففيها عصارة نظرهم واجتهادهم , ونحن إنما لهم تبع في هذا النظر".
وهناك –في الحلقة الثامنة- عمدت إلى أقوال المتقدمين والمتأخرين ؛ فخرجت بتلك الحالات ؛ ولعلها تزيد ؛ لكن هذه الحالات هي أبرز ما أداني إليها بحثي وتتبعي –القاصر.

الوجه الثاني : أما جمعي بين حالتي (التقويم والترجمة) فذلك لجمع الشيخ ابن عثيمين لهما ؛ فهما وإن اختلفا بالتوصيف لكنهما مشتركان بحكم وجوب (ذكر الحسنات والسيئات حال الترجمة أو التقويم) –عند الشيخ ابن عثيمين-؛ فلم أفرق بينهما –هنا- لأن الشيخ ابن عثيمين لم يفرِّق -وأنا إنما أحكي أقوال المعاصرين- .
بينما فرّقت بينهما –هناك- لأن المتقدمين من أهل العلم فرّقوا , وتكلموا على كل حالة التقويم –لحالها- .
فهل أدرك الأخ –وفقه الله- وجه صنيعي , وخطأه في تعقبه ؟!

الوقفة الثالثة : قوله "الذي يحتاج أن نقف عنده هنا؛ أنَّ الكاتب جوَّز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة!، وانتبهوا إلى لفظة (المنقود) أي في حالة النقد والتحذير!، ثم تأملوا معي سعة دلالة لفظتي (الحاجة والمصلحة).
ومَنْ من الناس اليوم ممن يُثني على أهل البدع مَنْ لا يدَّعي هذا؟!
لتعلموا أنَّ مآل هذا التأصيل في هذا التفريع الثاني هو نقض للتأصيل المذكور في الحالة الثانية!!".
قلت : ونقض هذه الدعوى من وجوه :
الأول : هل ادعاء أهل الباطل موافقتهم لطريقة أهل الحق , يوجب علينا أن نبطل طريقة أهل الحق -إن جهلنا بكيفية الرد على أهل الباطل- ؟؟
فأهل الحق يثبتون على حقهم , ويقبلون من أهل الباطل ما وافقوا فيه الحق , ويردون عليهم ما خالفوه فيه , ويعرون زيوف ادعائهم موافقة الحق ؛ لا أن يعمدوا إلى طريقة أهل الحق فيبطلونها , قطعا لتسلق أهل الباطل عليها ؟
للأسف ؛ صنيع غلاة التجريح هو هذا في كثير من الحالات وهذا عينة من ذلك !!

الوجه الثاني : قوله " أنَّ الكاتب جوَّز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة ... , وما نقله عن أئمة الدعوة السلفية المعاصرة في بيان جواز ذكر حسنات المبتدع إذا اقتضت المصلحة لذلك بشرط الأمن من مضرتها على الناس ".
قلت : حسبي أني قد اعتمدت في تجويزي لذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة على أدلة , وعلى أقوال أهل العلم المعاصرين , وهم –كما قلت- :
"الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- , حيث قال -كما في الفتوى التي نقلها عنه الشيخ ربيع في مقدمة كتابه (منهج أهل السنة في نقد الطوائف والكتب والجماعات)- : "المعروف في كلام أهل العلم نقد المساوئ للتحذير، وبيان الأخطاء التي أخطأوا فيها للتحذير منها، أما الطيب معروف، مقبول الطيب، لكن المقصود التحذير من أخطائهم، الجهمية... المعتزلة... الرافضة... وما أشبه ذلك ؛ فإذا دعت الحاجة إلى بيان ما عندهم من حق يبين".
وقال -كذلك- في مجموع الفتاوى والمقالات (9\352) : "الواجب على أهل العلم إنكار البدع والمعاصي الظاهرة بالأدلة الشرعية، وبالترغيب والترهيب والأسلوب الحسن، ولا يلزم عند ذلك ذكر حسنات المبتدع، ولكن متى ذكرها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لمن وقعت البدعة أو المنكر منه تذكيرا له بأعماله الطيبة، وترغيبا له في التوبة، فذلك حسن، ومن أسباب قبول الدعوة والرجوع إلى التوبة" .
ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حيث أوضح -رحمه الله- كما في سلسلة الهدى والنور (ش\572) : أنه ينبغي أن يراعي في جانب ذكر محاسن المنقود اختلاف المجالس والمصالح , فإن اقتضت مصلحة النقد ذكر الحسنات فعل , وإن لم يقتضها فلا يفعل , كما قال -رحمه الله- جوابا عن السؤال التالي : "السؤال : هل من منهج السلف في الرد على المخالف [اعتماد] أسلوب الموازنة , أي : ذكر حسنات المخالف وذكر سيئاته , أم انه تمحيص موضع المخالفة والرد عليها دون الالتفات إلى ما له من حسنات أخرى ؟.
الجواب : ذكر السيئات لا أظن أنه أمر وارد في الموضوع , ولعلك تريد أن تقول : الأخطاء والمخالفات , وليتك قلت المخالفات بدل السيئات , فتذكر : الأخطاء التي تخالف الكتاب والسنة , أما [القول] بأنه أساء بقوله : كذا وكذا .. ؛ فهذا ليس من أسلوب الدعوة , وهذا يختلف باختلاف المجالس , فإن وجد مجال بان يذكر [الحسنات] حسنا يفعل , ومن الممكن أن يذكر الحسنات فتضيع الفائدة بذكر الحسنات عن الحسنة الكبرى".
ومنهم كذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- كما في لقاءات الباب المفتوح (ش\127) حيث قال : "قلنا: إن الإنسان إذا كان يريد أن يقوِّم الشخص من حيث هو، فالواجب أن يذكر المحاسن والمساوئ؛ لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} , ولهذا كان العلماء عندما يتكلمون عن حياة الرجل، يذكرون محاسنه، ومثالبه.
أما إذا كنتَ في معرِض الرد عليه فلا تذكر مَحاسنه؛ لِمَا ذكرنا -فيما سَمعتم في السؤال- أنك إذا ذكرت المَحاسن ضعُف جانب الرد عليه، وربما يُعجب الإنسان بما عنده من المحاسن ويترك الأخطاء جانباً، هذا هو الطريق في ذكر محاسن الناس ومساوئهم.
ولكن إذا تحدثتَ عنه في أي مجلس من المجالس فإن رأيتَ في ذكر محاسنه فائدة فلا بأس أن تذكرها، وإن خفتَ من مضرة فلا تذكرها" .
فهؤلاء أعلام الدعوة السلفية الثلاثة قد قالوا بما نقلته –عنهم- , من تجويز ذكر حسنات المنقود عن الحاجة والمصلحة ؛ فإن كان ثمة اعتراض –من الأخ (رئد آل طاهر) فهو على قولهم يتوجه –من باب أولى- لأنهم عمدتي في قولي .
فمن عمدة الأخ في اعتراضه ؟؟!!.
وما وزنه أو وزنهم بالنسبة إليهم ؟؟.

وهذا التحفظ من الأخ (رائد) يدلل ويؤكد على أنه يتبنى خلاف ما يتبناه أئمة الدعوة السلفية المعاصرة الثلاثة في هذه القضية ؟.
وهذا هو مقصد سلسلة (بين منهجين) وهو يضاح مفارقة (غلاة التجريح) لمنهج أئمة لدعوة السلفية المعاصرين , وطريقتهم في مواقفهم من المخالفين .

الوجه الثالث : قوله " وانتبهوا إلى لفظة (المنقود) أي في حالة النقد والتحذير!، ثم تأملوا معي سعة دلالة لفظتي (الحاجة والمصلحة)".
قلت : تأملنا معك لفظة المنقود , ولفظة الحاجة والمصلحة ؛ ثم ماذا ؟؟؟
هل هذا التأمل سوف ينقض كلام الأئمة الكبار وتقريراتهم السابق نقلها عنهم أم أنه يؤكده ؟؟
فإن لم تستوعب المعنى ؛ فإليك هو : يجوز ذكر حسنات من يرد عليه وينتقد ويحذر من أخطائه –خروجا عن الأصل وهو المنع –لما تقدم- إن ترجح لدى الناقد أو المحذر وجود مصلحة معتبرة أو حاجة معتبرة ؛ تستدعي هذا الذكر كترغيبه بالتوبة –كما قال الشيخ ابن باز- .
ولنوضحه بمثال وهو : إن كان رجوع المبتدع أو من يثني على المبتدع مرهونا بمدح المبتدع -بما فيه- ترغيبا للمبتدع بترك بدعته , أو ترغيبا للمادح بترك البدعة التي يناصرها ويدافع عنها ؛ فيفعل ذلك ؛ فأي مصلحة أعظم من أن تكون سببا في هداية الحلق بترك الابتداع ولزوم السنة ؛ إلا عند من يرى أن مدح المبتدع -بما فيه- أعظم من مفسدة ترك المسلم للبدعة .
والمنع من مدح المبتدع –في مثل هذه الحالة- لا مصلحة فيه مطلقا ؛ فالمبتدع باق على بدعته , والمناصر للمبتدع باق على ذلك , ؛ والمادح للمبتدع باق على مدحه , ولكن هل في القوم من يفقه ؟؟!!
ولا تغفل –أخي- أن هذا الكلام –من الأخ المعترض- يتوجه –ابتداءً- إلى كلام المشايخ الثلاثة ؛ فهذه ألفاظهم , لا ألفاظي !!!
وهي دالة على معنى حق , وإن استنكره مثل الأخ رائد أو غيره ؛ فهذا الاستنكار -إن كان مبنيا على حسن فهم لكلام العلماء- فإنما يدلل على مفارقة الأخ رائد –ومن يؤيده في طرحه أو من هو يقلدهم في طرحهم- لهؤلاء الثلاثة في هذه المسألة .

الوجه الرابع : قول الأخ " ومَنْ من الناس اليوم ممن يُثني على أهل البدع مَنْ لا يدَّعي هذا؟!".
قلت : إن كان الأخ رائد قد استقرأ مقالات من يثني على أهل البدع ؛ فوجدهم –جميعا- يدعون أن المصلحة والحاجة تستدعي ذكر حسناتهم حال نقدهم ؛ فأنا لم أفعل ذلك , ولا أسلم باستقرائه ومستذكرا قول الإمام احمد (ومن زعم الإجماع فقد كذب) .
لكن الذي أعلمه –بناء على نظر القاصر- , أن من يثني على أهل البدع أصناف من أبرزهم :
الأول : يثني على أهل البدع لموافقته لهم على بدعهم .
الثاني : يثني على أهل البدع تقليدا منه لغيره .
الثالث : يثني على أهل البدع جهلا منه بحالهم .
الرابع : يثني على أهل البدع محبة منه لهم , رغم مخالفته لهم في بدعهم .
الخامس : يثني عليهم فيما أصابوا فيه الحق , ويذمهم فيما خالفوا فيه الصواب .
السادس : ذكر محاسن أهل البدع ليحذر الغير من الاغترار بهم بسببها .
السابع : يذكر محاسن أهل البدع ليبين أن مفاسد بدعهم أعظم ضررا على الدين وأهله من محاسنهم .

وأما إن كان مقصود الأخ في تساؤله : (مَنْ من الناس اليوم ممن يُثني على أهل البدع –في معرض نقدهم- لا يدَّعي هذا وجود المصلحة والحاجة لهذا المدح والثناء) .
قلت : إن كان هذا المقصود من كلامه ؛ فوالله نحن على خير إن كان كل من يثني على مبتدع يقر خطأه في بدعته ؛ بل ويرد عليه بدعته !! فلا خوف عند ذلك من مدحه للمبتدعة –بما فيهم- ؛ لكن هل الواقع كذلك ؟؟
وأما إن كان مدح المبتدع أو المردود عليه مفض إلى نقيض المقصود –من ذلك- ؛ فتركه هو المتعين لانتفاء القيد الذي ذكره العلماء وهو وجود (المصلحة والحاجة) ؛ فعند انتفاء ذلك يرجع الأمر إلى أصله وهو عدم ذكر حسنات المنقود , وتحريم ذكرها إن أفضى إلى الاغترار ببدعة المنقود .

الوقفة الخامسة : قوله –غفر الله له- "وأما الاستدلال؛ فهو على طريقة القائلين ببدعة الموازنة!".
قلت : يبدو أن الأخ يحفظ ألفاظا لا يفقه معانيها ؛ فأين وجه الشبه بين الاستدلال على جواز ذكر حسنات المنقودين عند الحاجة والمصلحة , وبين الاستدلال بالنصوص –نفسها- على وجوب ذكر حسنات المنقود –حال النقد- كما هي مقالة من يقول (بالموازنة البدعية)!!
فهل يدرك الأخ (رائد آل طاهر) البون الشاسع الواسع بين المناطين ؟؟

الوقفة السادسة : تعقبني على قولي " قوله تعالى {ويسألونك عن الخمر والميسر , قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس , وإثمهما أكبر من نفعهما} ففي هذه الآية إشارة إلى محاسن الخمر لبيان أن مفسدتها أرجح من مصلحتها , فلا ينبغي أن يغتر بما فيها من مصالح".
فقال : "فالآية أولاً منسوخة بآية أخرى ذكرت أنَّ عواقب الخمر وخيمة ومفاسده عظيمة من غير الإشارة إلى شيء من منفعته!، فهل من العدل والإنصاف الأخذ ببعض الكتاب والإعراض عن البعض الآخر؟! ثم الإشارة إلى شيء من منفعة الخمر في الآية المنسوخة؛ هل سيق من باب العدل والموازنة في نقد الأشياء فضلاً عن الأعيان؟! أم سيق من باب الإخبار بواقع الحال عند بعض الناس؟! حيث كان في الخمر منفعة لهم من جهة ثمن بيعها ولذتها، ومنفعة الميسر كانت فيما يصاب به من أموال بالقمار، أتعتبر هذه منافع في الخمر والميسر من حيث ذاتهما، أم من حيث مستعملهما؟!
على هذا القياس الباطل؛ يكون البغاء فيه منفعة ولم يذكرها الله عز وجل؟! لأنَّ الباغيات ينتفعن بالمال والبغاة ينتفون باللذة!!، وهكذا كل الفواحش والمنكرات، نعوذ بالله من الهوى والفواحش.
وإنما كانت الآية الأولى تمهيداً وتقدمة لتحريم الخمر والميسر؛ فالخطاب موجَّه إلى المتعلِّقين بهما بشبهة أنَّ فيهما منفعة لهم، فخرج الجواب في دفع تلك الشبهة المقترنة بالهوى".
قلت : مسكين أخانا (رائد) حيث خاض فيما لا علم له به , وبيان ذلك من وجهين :
الأول : أن النسخ إنما هو في الحكم ؛ لا بما تضمنته الآية من خبر عن أن في الخمر والميسر إثم ومنافع , وأن الإثم أكبر من المنافع ؛ والأخبار لا تنسخ –كما اظن أن الأخ المعترض يدركه- .
وشاهدي هو في الخبر –الغير منسوخ- لا في الحكم المنسوخ ؛ فلا وجه لاعتراض الأخ بالنسخ –أصلا- !!
ولهذا فقد استدل بهذه الآية نفسها شيخ الإسلام ابن تيمية على أن العين الواحدة يجتمع فيها أن تكون محمودة مذمومة ، مرضية مسخوطة ، محبوبة مبغوضة ؛ فقال –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (19\305) : "فهذه المسائل مسألة الفعل الواحد ، والفاعل الواحد، والعين الواحدة هل يجتمع فيه أن يكون محمودًا مذمومًا ، مرضيًا مسخوطًا ، محبوبًا مبغضًا ، مثابًا معاقبًا ، متلذذًا متألمًا، يشبه بعضها بعضًا ؟ والاجتماع ممكن من وجهين ، لكن من وجه واحد متعذر ، وقد قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}".
بل وقد استدل بهذه الآية الشيخ ابن عثيمين في مجموع فتاواه (9\318) على الموازنة بين جانب المفسدة والمصلحة فقال: "ولا شك أن بعض السفهاء يغترون بالصالح المغمور بالمفاسد، ولكن لا يغتر به أهل العقل والإيمان، ولهذا لما نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} ، تركهما كثير من الصحابة اعتبارا بالموازنة، والعاقل لا يمكن إذا وازن بين الأشياء أن يرجح جانب المفسدة؛ فهو وإن لم يأت الشرع بالتعيين يعرف ويميز بين المضار والمنافع".
ولو شئت لأطلت في نقل أقوال أهل العلم الذين أثبتوا العمل بهذه الآية للموازنة بين ما فيه منافع ومضار ؛ ولم يقل واحد منهم لا يستدل بها على ذلك و لأن الخمر لا منفعة ذاتية فيها –كما يلمح إليه الأخ المعترض-اجتهادا منه- !!

الوجه الثاني : إن ما زعمه الأخ (رائد) بقوله " كان في الخمر منفعة لهم من جهة ثمن بيعها ولذتها، ومنفعة الميسر كانت فيما يصاب به من أموال بالقمار، أتعتبر هذه منافع في الخمر والميسر من حيث ذاتهما , أم من حيث مستعملهما؟!".
قلت : يبدو أن الأخ رائد قد مال إلى أن الخمر لا منافع ذاتية فيها ؛ بل منفعتها (متوهمة) –لا حقيقة لها في نفسها لا من جهة التداوي بها , أو الاستيقاد بها , أو اتخاذها خلا -!! ؛ وهي نسبية تبعا لحال مستعملها , وهذا القول يتعارض مع –واقع الخمر- , ومع تقريرات أهل العلم , وبخاصة صريح قول شيخ الإسلام حيث استدل بالآية على أن الفعل الواحد ، والفاعل الواحد، والعين الواحدة هل يجتمع فيه أن يكون محمودًا مذمومًا .. إلخ.
والآن السؤال الذي نتوجه به إلى الاخ رائد : مَن مِن أهل العلم قال : أن لا منفعة ذاتية في الخمر ؟.
وأما الميسر فلا علاقة لنا بالحديث عنه , لأني لم أتطرق إليه في أصل موضوعي لكونه (معاملة) لا (عينا) , وكلامي حول الأعيان ؛ فهل أدرك الأخ المعترض سبب عدم تناولي للميسر في الآية ؟؟؟
وحسبنا –لإبطال زعم الأخ (رائد)- قول الشيخ (صالح آل الشيخ –حفظه الله-) في شريط (القمار وصوره) –ناسبا للمفسرين- : " السؤال بناه على مقدمة أو قاعدة ليست بصحيحة، قوله (الشارع لا يأمر بشيء إلا فيه خير محض) هذا غلط، لأن الشارع يأمر بالشيء إذا كان فيه خير محض أو غالب، وينهى عن الشيء إذا كان فيه ضرر محض أو غالب، لأن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتكميلها، فالخمر فيه منفعة، لهذا ذكر المفسرون عند قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} , من منافع الخمر منافع دنيوية في التجارات والأموال، ومن منافعها منافع بدنية يعني تعود على البدن بصحة إلى آخره فيما ذكره المفسرون، كذلك الميسر فيه منافع فيما ذكرتُ لكَ في المحاضرة، فإذن الشريعة تحرم ما كان خالص المضرّة، أو ما كانت مضرّته أكبر، والمضرة هنا في ميزان الشرع راجعة إلى مضرّة دنيوية، وإلى مضرّة أخروية".
ويكفينا هذا لنعرف أن الأخ المعترض قد تجرأ على قول ربنا سبحانه ؛ فعطل دلالة الآية المثبتة لوجود منافع في الخمر ؛ ليقيدها –من قبل نفسه- وأكرر –من قبل نفسه- ؛ بأن منافع الخمر المشار إليها في الآية ليست ذاتية , وإنما اعتبارية تبعا لمستعلمها لا لشيء إلا ليبطل الاستدلال بهذه الآية على ما تقدم!!.
فهل يا ترى يدرك الأخ (رائد) –وغيره من الأخوة- أي الطرحين هو ( الشبهة المقترنة بالهوى) !!!

الوجه الثالث : قال الأخ –المعترض-هداه الله- : "على هذا القياس الباطل؛ يكون البغاء فيه منفعة ولم يذكرها الله عز وجل؟! لأنَّ الباغيات ينتفعن بالمال والبغاة ينتفون باللذة!!، وهكذا كل الفواحش والمنكرات، نعوذ بالله من الهوى والفواحش".
قلت : عجيب أمر هذا الأخ , ينكر عليّ إثباتي أن في الخمر منافع –موافقة للّفظ القرآني , ولصريح أقوال العلماء- ؛ ثم هو يثبت منفعة في البغاء !!.
فإن قيل : هو أثبتها ليتوصل من خلال إثباتها لعدم اعتبار الشارع لها !
فأقول : وأنا كذلك أثبتُّ أن في الخمر منافع ؛ لكن لا اعتبار لها ؛ ولهذا قلت :" فلا ينبغي أن يغتر بما فيها من مصالح".
فأين الفرق ؟
الفرق هو أني أثبتُّ منفعة الخمر بنص القران وبفهم أهل العلم , والأخ أثبت منفعة الزنا برأيه المجرد !
وقياس منفعة الخمر على منفعة الزنا والبغاء لا يصح بحال , ولا هو يلزمني ولا غيري ؛ للاختلاف في المناط , وشرط صحة القياس وحدة المناط ؛ ذلك أن الخمر عين ذاتها مشتملة على منافع ومضار -حقيقية- , بينما الزنا فعل بين طرفين لا نفع حقيقي فيه سوى قضاء الشهوة وهي منفعة متوهمة لا عين لها .
وإن قيل : هو ذكر هذا الكلام ليثبت أن كل محرم مشتمل على منفعة فلا يلزم الشارع ان يذكرها .
قلت : نعم مقصده حق ؛ لكن ما علاقته بمسألة ذكر حسنات المنقود عند قيام المقتضى لذلك من حاجة أو مصلحة –معتبرتان- ؟!
هذا الكلام يتوجه كرد على من أوجب ذكر الحسنات والسيئات حال النقد ؛ وأنا أتبنى ما قرره أهل العلم الأكابر أن هذا الإيجاب من البدع ؛ فعلام يتكلف الأخ مناقشة مسائل خارجة عن محل لنزاع –أصلا- ؛ هذا لو كان يفقه محل النزاع –أصلاً- .

الوقفة السابعة : قوله "وكذلك حديث الخريت؛ فقول عائشة لم يكن في موضع التحذير منه! ولم تذكر حسناته من باب العدل والموازنة!، وإنما من باب الإخبار بواقع حاله!!".
قلت : ومن أين للاخ (رائد) , بل كيف فهم من كلامي ؛ بل كيف يتقول عليَّ : أني خرّجت الاستشهاد بهذا الحديث أو غيره على باب (ذكر الحسنات في موضع التحذير) , أو في باب (العدل والموازنة) ؛ بل أنا قد أوردت حديث عائشة حديث عائشة [استأجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر رجلا من بني الديل : هاديا خريتا وهو على دين كفار قريش] ؛ للتدليل على قولي : " المسألة الثانية : جواز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة .
ولا يعني بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود , أن ذكر الحسنات محرم , فنفي الوجوب لا يستلزم منه إثبات التحريم , , والأدلة على مشروعية ذكر حسنات المنقود كثيرة منها ... ".
فأين وجد أني قلت : (حال النقد) ؟؟؟!!! –مع أني أتبناه للحاجة والمصلحة- .
أو أين وجد قولي : أن ذكر حسنات المشرك داخل في باب العدل والموازنة معه !!!
اللهم إلا في ذهنه وعقله ؛ لا في كلامي ؛ وفرق بين ما يفهمه الأخ وبين ما أقوله كبير جدا- .
ومما يؤكد بطلان فهم الأخ , وتقوله على مقصدي ؛ أني قلت عقب إيرادي للحديث "ففيه دلالة على أن المشرك (وهو من أعظم ألفاظ الجرح) , يجوز أن تذكر حسناته لبيان ما فيه من أمور يمكن لأهل الإسلام الاستفادة منها".
فكان الأولى بالأخ (رائد) أن يناقشني فيما ظهر من كلامي (يجوز أن تذكر حسناته لبيان ما فيه من أمور يمكن لأهل الإسلام الاستفادة منها) والذي ذكرته للرد على من يحرم ذكر حسنات المنقود مطلقا (مبتدعا كان أو غيره) ؛ هل قد أصبت في الاستدلال به –وغيره- أو لا ؛ لا أن يحمله ما لا يحتمل , ويزعم أني استشهدت به على خلاف ما صرحت به من دلالة على مطلوبي !!!

أتمنى –حقيقة- ان يكون هذا هو مبلغ فهم الأخ فأعذره لقصور فهمه ؛ حتى لا أضطر للتشكيك بسلامة قصده –أعاذنا الله وإياه من الجهل والهوى- .

الوقفة الثامنة : قوله "وكذلك وصف شيخ الإسلام لبعض الكفار والمنافقين والمبتدعة بشدة الذكاء، إنما هو من باب الإخبار بواقع حالهم، ومن باب التأنيب حيث لم ينتفعوا من ذلك بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، أو من باب المقارنة بمن هو دونهم في تلك الصفة؛ بمعنى أنَّ هؤلاء مع ذكائهم ضلوا فكيف بمن هو دونهم؟!.
والكاتب جعل ذلك كله من باب العدل في الموازنة بين الحسنات والسيئات في موضع التحذير والنقد!!!".
قلت : ونقض كلام الأخ من ثلاثة أوجه :
الأول : قد وقع الأخ فيما أنكره عليّ حيث أثبت أن شيخ الإسلام وصف بعض الكفار والمنافقين والمبتدعة بشدة الذكاء ؛ وهذا شاء الأخ أم أباه مدح لهم ؛ وهو قد وجه مدح شيخ الإسلام هذا بما لا يتعارض مع توجيهي وإن كان –أبعد منه في احتماليته الأولى- ؛ فأنا قد قلت : "ومن هذا القبيل مدح شيخ الإسلام لأهل الكلام والنظر بشدة ذكائهم , ليصل إلى نتيجة مفادها أن من هو دونهم في الذكاء سيضل كما ضلوا لو شاركوهم في الإعراض عن الوحي , فقال في درء تعارض العقل والنقل (1\169) : "فإذا كان فحول النظر وأساطين الفلسفة الذين بلغوا في الذكاء والنظر إلى الغاية وهم ليلهم ونهارهم يكدحون في معرفة هذه العقليات ثم لم يصلوا فيها إلى معقول صريح يناقض الكتاب بل إما إلى حيرة وارتياب وإما إلى اختلاف بين الأحزاب ؛ فكيف غير هؤلاء ممن لم يبلغ مبلغهم في الذهن والذكاء ومعرفة ما سلكوه من العقليات" .
ومن هذا القبيل أيضا مدح شيخ الإسلام ابن تيمية لأبي عامر الفاسق المنافق لبيان أن أعداء الإسلام فيهم الذكي الدارس الذي يكيد بالدين وأهله ؛ فقال في درء تعارض العقل والنقل (7\67) : "وأما المسلمون المظهرون للإسلام فقد كان فيهم منافقون وفي المؤمنين سماعون لهم يتعلقون بأدنى شبهة يوقعون بها الشك والريب في قلوب المؤمنين وكان فيهم من له معرفة وذكاء وفضيلة وقراءة للكتب ومدارسة لأهل الكتاب مثل أبي عامر الفاسق الذي كان يقال له عامر الراهب الذي اتخذ له المنافقون مسجد الضرار".

الوجه الثاني : قوله " والكاتب جعل ذلك كله من باب العدل في الموازنة بين الحسنات والسيئات في موضع التحذير والنقد!!!".
قلت -ويؤسفني أن أقول- : هذا كذب –من الأخ- صراح !! لعل دافعه إليه قصور فهمه –وأتمنى ذلك- ؛ فأين وجدني –في هذه الحلقة أو في غيرها- أني قد خرجت الاستشهاد بقول شيخ الإسلام –هذا- على (باب العدل في الموازنة بين الحسنات والسيئات في موضع التحذير والنقد) –كم افتراه عليّ-.
فأنا قد استشهدت بقول شيخ الإسلام ابن تيمية للرد على من قال بحرمة ذكر حسنات المجروحين والمنقودين من أهل البدع والمخالفين حيث قلت :" المسألة الثانية : جواز ذكر حسنات المنقود عند الحاجة والمصلحة .
ولا يعني بدعية القول بوجوب ذكر حسنات المنقود , أن ذكر الحسنات محرم , فنفي الوجوب لا يستلزم منه إثبات التحريم , , والأدلة على مشروعية ذكر حسنات المنقود كثيرة منها ... ".
ومما يؤكد قولي –فضلا عمّا تقدم- أنيوكنت في الحلقة الثامنة من سلسلة (بين منهجين) قد نقلت كلام شيخ الإسلام ابن تيمية , وما ذكرته من أدلة هنا تحت مسألة باب الرد على من (لا يرى جواز ذكر حسنات المنقود ولو اقتضت الحاجة والمصلحة) .
فكيف سوّغ الأخ لنفسه أن ينسب إليّ أني أستشهدت بما تقدم من نصوص وأقوال لشيخ الإسلام تخريجا على أصل (العدل في الموازنة بين الحسنات والسيئات في موضع التحذير والنقد) !!! ولا حول ولا قوة إلا بالله .

الوجه الثالث : إن ذكر حسنات (المنقود = المجروح) قد يتعين في باب التقويم أو الترجمة –كما قاله الشيخ ابن عثيمين- ويحتاج إلى ومزيد بحث وتقييد- ؛ تخريجا على أصل العدل ؛ كما خرّجه الشيخ ابن عثيمين ؛ فيما تقدم من نقل فتاواه في أصل الموضوع ؛ حيث يقول –رحمه الله- في لقاءات الباب المفتوح (ش\121) : " وأما الإنسان إذا كتب عن حياة شخص فيجب أن يقول العدل، ما له وما عليه" .
وقال في لقاء الباب المفتوح (ص\67) : " كل إنسان مهما بلغ من العلم والتقوى فإنه لا يخلو من زلل، سواءً كان سببه الجهل أو الغفلة، أو غير ذلك؛ لكن المنصف كما قال ابن رجب رحمه الله في خطبة كتابه: القواعد: (المنصف من اغتفر قليلَ خطأِ المرء في كثير صوابه) ولا أحد يأخذ الزلات ويغفل عن الحسنات إلا كان شبيهاً بالنساء ؛ فإن المرأة إذا أحسنت إليها الدهر كله ثم رأت منك سيئة قالت: لَمْ أرَ خيراً قط، ولا أحد من الرجال يحب أن يكون بهذه المثابة -أي: بمثابة الأنثى- يأخذ الزلة الواحدة ويغفل عن الحسنات الكثيرة... ؛ عندما نريد أن نقوِّم الشخص يجب أن نذكر المحاسن والمساوئ؛ لأن هذا هو الميزان العدل ... ؛ فمن أراد أن يتكلم عن شخص على وجه التقويم فالواجب عليه أن يذكر محاسنه ومساوئه -هذا إذا اقتضت المصلحة ذلك-، وإلا فالكف عن مساوئ المسلمين هو الخير" .
وقال في لقاءات الباب المفتوح (ش\121) : "وأما الإنسان إذا كتب عن حياة شخص فيجب أن يقول العدل، ما له وما عليه. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين" .
وقال في لقاء الباب المفتوح (ش\67) : "ولكن عندما نريد أن نقوِّم الشخص يجب أن نذكر المحاسن والمساوئ؛ لأن هذا هو الميزان العدل".
ونزيد –أيضا- ما قاله في لقاءات الباب المفتوح (ش\127) : "قلنا: إن الإنسان إذا كان يريد أن يقوِّم الشخص من حيث هو، فالواجب أن يذكر المحاسن والمساوئ؛ لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} , ولهذا كان العلماء عندما يتكلمون عن حياة الرجل، يذكرون محاسنه، ومثالبه".
فهذه خمسة نقولات من الشيخ ابن عثيمين ذكرتها –لا للرد على الأخ رائد- ولكن لئلا يتوهم ظان أن إنكاري لتخريج الأخ السابق ؛ معناه : إ(نكاري لذكر حسنات المنقود (حال التقويم) تخريجا على أصل العدل الواجب) كما هو نص كلام الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- فلا عطر بعد عروس , ولا اعتبار بعد ذلك ببنيات الطريق فمن هم ؟؟؟ –وسيأتي في الحلقة الثامنة –إن شاء الله- مزيد تفصيل-!!

الوقفة التاسعة : قال الأخ "ثم قال الكاتب: ((وأما من استدل بما تقدم من النصوص الشرعية وغيرها على وجوب ذكر حسنات المنقود فقد أبعد النجعة, وينظر في رد هذا الاستدلال على الوجوب ونقضه كتاب الشيخ ربيع حفظه الله "منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف" ففيه الكفاية والغنية))
قلت: ومثله مَنْ أجاز ذكر الحسنات والسيئات في حال التحذير والنقد والرد، فقد كفانا الشيخ حفظه الله تعالى الرد عليه كذلك".
قلت : لا أدري إن كان الأخ رائد –وفقه الله- قد نظر في كتاب الشيخ ربيع –حفظه الله- ؛ حتى يزعم أن في كتاب (منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف) رد على من " مَنْ أجاز ذكر الحسنات والسيئات في حال التحذير والنقد والرد"!!
فإن كان لم ينظر فيه ؛ فكيف يحيل إليه ؟!
وإن كان قد نظر فيه فهو –إن أحسنَّا به الظن-لم يستوعب أو يستحضر ما فيه ساعة كتابته لإحالته السابقة!!
وإلا فهو غير فاهم لما في كتاب الشيخ ربيع –حفظه الله- حتى أنزله على غير موضوع الكتاب .
فكتاب الشيخ ربيع –حفظه الله- صنِّف للرد على الصويان وأمثاله ممن يرون (وجوب الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات خصوصا في أهل البدع) –كما عنونه الشيخ ربيع ثم شرع –حفظه الله-بعذ ذلك- يرد على الشبهات التي استدل بها (احمد الصويان) الذي قال بهذا الوجوب ؛ ثم هو –حفظه الله- ختم كتابه بخلاصة ما فيه فقال : "لقد تبين للقارئ المنصف أن ما يدعى من وجوب الموازنة بين المثالب والمحاسن في نقد الأشخاص والكتب والجماعات دعوى لا دليل عليها من الكتاب والسنة، وهو منهج غريب محدث.
وأن السلف لا يرون هذا الوجوب المدعى".
وأما إن كان لا يفرق بين القول (بوجوب الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات) , وبين القول (بجواز ذكر حسنات المنقود عند اما تقتضيه المصلحة أو الحاجة) ؛ فهذا شأنه ؛ ولا يعنينا الرد عليه بزيادة عمّا أوردناه من أقوال أئمة الدعوة السلفية الثلاثة (ابن باز , والألباني , والعثيمين) .

الوقفة العاشرة : قوله "وأما ما نقله عن أئمة الدعوة السلفية المعاصرة في بيان جواز ذكر حسنات المبتدع إذا اقتضت المصلحة لذلك بشرط الأمن من مضرتها على الناس؛ فسيأتي الكلام عنه في الحلقة الثامنة، بإذن الله تعالى، لأنَّ الكاتب سيعيده هناك!".
قلت : هذا القيد معتبر , وكنت قد قلت في الحلقة الثامنة من سلسلة (بين منهجين) : "وليس من الغلو ولا من الهوى ما ذهب إليه بعض أهل العلم من المنع من ذكر حسنات وممادح أهل البدع والأهواء المخالفين للكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة ... .
ويعظم هذا المنع ويتأكد بحسب أمرين اثنين :
أولهما : بحسب نوع المخالفة ؛ فكلما كانت المخالفة مما يعظم شأنها في الشريعة -كبدعة الحلول والاتحاد والتجهم ونحوها- كان المنع من الثناء على أربابها آكد وأقوى ... .
الثاني : بحسب أثر الثناء والمدح ؛ فالمدح والثناء المفضيان إلى تحسين ظن السامع بالمخالف المنحرف واعتقاد أنه على الجادة السوية يمنع منه سدا لذريعة التغرير".
وقد أرجأ الأخ –وفقه الله- الكلام حول صريح اختيارات أئمة الدعوة السلفية المعاصرين إلى الحلقة الثامنة ؛ فلننظر حينها ما عنده !!

الوقفة الحادية عشر : قوله "وأما قول الكاتب: ((وهذا الشيخ ربيع حفظه الله فيما سبق النقل عنه قد أشار إلى أنَّ الشيخ ابن باز كان يثني على جماعة التبليغ ويعرج على أخطائها في نفس المقالة؛ فأئمة الدعوة السلفية الثلاثة الكبار المعاصرين يختارون تفصيل القول في مسألة الموازنة في نقد المخالف، وهو نفس التفصيل الذي اختاره شيخنا حفظه الله))
أقول: وهذا عين تتبع الرخص!، فالشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كان يُثني على جماعة الإخوان والتبليغ في أول الأمر، ثم تبين له أنهما من الفرق الثنتين والسبعين المتوعَّدة بالنار، فكيف يؤصِّل الكاتب هداه الله تعالى على فتوى عالم رجع عنها؟!".
قلت : ونقض كلام الأخ من وجوه :
الأول : ما علاقة الأخذ بالرخص بموضوع استشهادي بموقف الشيخ ابن باز من جماعة التبليغ تحت باب (جواز ذكر حسنات المنقود للحاجة والمصلحة) ؛ وأنه –بشهادة الشيخ ربيع- كان "يثني على جماعة التبليغ ويعرج على أخطائها في نفس المقالة".
فالأخذ بالرخص –معناه-عند الأخ رائد-نفسه- : " الأخذ مِن كل مذهب ما هو الأهون ؛ فيما يقع من المسائل" .
فهل وجد الأخ رائد لأهل العلم المعاصرين والمتقدمين مذهبا شائعا عليه جماهيرهم يخالف ما ذكرت عن أئمتهم الكبار الثلاث –وليس الشيخ ابن باز فقط-؟؟؟!!!.
أم هل وجد عن الشيخ ابن باز –رحمه الله-نفسه- ما يخالف ما نقلته عنه من صريح قوله –أولا- , وتطبيقه بفعله –ثانيا- , ولو شئت لزدت أمثلة أخرى عديدة من صنيعه تدلل على تبنيه (جواز ذكر حسنات المنقودين للحاجة والمصلحة) ؛ فلينظرها في رسالة (أصول الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- في الرد على المخالف) , وكذلك رسالة (منهج الشيخ ابن باز في الرد على المخالفين) ؛ ففيهما غنية لكل طالب للحق .
فهل يفقه الأخ حقيقة تطبيقات معنى الرخصة أم أنه يعرف معناها دون تطبيقاتها -حتى زعم ـم صنيعي داخل في باب الرخص-؟!!
نعم يمكن أن يكون لقوله وجاهة –نوعا ما- لو كنت قد استدللت بصنيع الشيخ ابن باز على وجوب الموازنة البدعية , وهو مع ذلك لن يستقيم ؛ لأن صنيع الشيخ ابن باز لا يدل على الوجوب !!
ونحن بانتظار الأخ أو غيره ليبين لنا وجه المناسبة بين صنيعنا والأخذ بالرخص !!!

الوجه الثاني : ما علاقة تراجع الشيخ ابن باز عن قوله في جماعة التبليغ –كما يدعيه الأخ رائد- ؛ بموضوعنا ؟؟
فموضوعنا ليس حول حكم الشيخ ابن باز وفتواه في جماعة التبليغ ؟
وإنما حول منهجية الشيخ ابن باز مع المنقودين , ومثلنا لهذه المنهجية بصنيعه مع جماعة التبليغ ؟
فتراجع الشيخ ابن باز في حكمه على جماعة التبليغ ؛ ليس معناه تراجعه عن منهجيته في التعامل مع المنقودين والمجروحين , ومدحه لهم , وذكره لمحاسنهم ؛ فهذا شيء , وحكمه في جماعة التبليغ شيء آخر ؛ وإلا فهو –رحمه الله- قد انتقد أشخاصا وجماعات كثيرين , ثم هو أثناء النقد أو خارجه يمدح كثيرا منهم ؛ فهذه منهجيته ؛ فهل يستطيع الأخ رائد –أو غيره- أن يثبت لنا تراجع الشيخ ابن باز عن هذه المنهجية .

الوجه الثالث : إن مما يؤكد هذه المنهجية الثابتة عند الشيخ ابن باز , ما قاله الأخ رائد في موضوع وقفتنا التالية :

الوقفة الثانية عشر : قال الأخ –وفقه الله- : "ما تقول أيها الكاتب: في فتوى قديمة أيضاً صدرت من مكتب مفتي عام المملكة في عهد الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بتاريخ 10/4/1414ﻫ أي بعد مذكرة توقيف سفر الحوالي وسلمان العودة بسبعة أيام، حيث سُئل فيها الشيخ ابن باز عن حكم الاستماع إلى أشرطة عائض القرني وسفر الحوالي وسلمان العودة وعبد الوهاب الطريري؟ وهل هم مبتدعة؟ وهل هم خوارج أم سلفيون؟ فقال الشيخ: ((أشرطتهم مفيدة، وليسوا مبتدعة، وليسوا خوارج، ولا تجوز غيبتهم، ويجب الذب عنهم كغيرهم من أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وليس واحد منهم معصوماً....))، هل نثني عليهم لأنَّ الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كان يثني عليهم قديماً؟!".
قلت : وللإجابة على تساؤل الأخ , وربطا له بالوقفة السابقة أقول :
أولا : بعيدا عن دقة الأخ رائد في توصيفه –غير الدقيق- لملابسات اعتقال سفر الحوالي وسلمان العودة ؛ ففي هذه الفتوى من الشيخ ابن باز دليل واضح وصريح على أنه رغم توصيته (وزير الداخلية السعودي) بمنعهما من إلقاء المحاضرات والندوات والخطب والدروس العامة والتسجيلات حماية للمجتمع من أخطائهما هداهما الله وألهمهما رشدهما –إن لم يعتذرا ويلتزما بعدم العودة لما أخذ عليهما- لكنه بعد هذه التوصية أثنى عليهما ومدحهما , ونصح بسماع أشرطتهما ؛ وهذا يؤكد أن موقف الشيخ ابن باز من المخالفين وعلى رأسهما سفر وسلمان ؛ هو على خلاف موقف (غلاة التجريح) , وأن منهجيته في التعامل معهما ؛ يختلف تماما عن منهجية (غلاة التجريح) , وهذا الموقف منه –رحمه الله- يؤكد أن الشيخ ابن باز يرى جواز مدح من انتقدهم وحّذر من أخطائهم , وعدم موافقته على ظلمهم والبغي عليهم , وهو تأكيد لما سبق ذكرنا له في الوقفة السابقة .

ثانيا : إن اعتبار الأخ (رائد) أن هذه الفتوى قديمة ؛ فنعم على اعتبار صدورها قبل نحو (سبعة عشر عاما) ؛ وأما أنها قديمة باعتبار أن للشيخ ابن باز –رحمه الله- فتوى أخرى لاحقة –موثقة- مغايرة لمضمون هذه الفتوى ؛ فلا .
إذ هذه الفتوى التي ذكرها الأخ (رائد) في حق سفر الحوالي وسلمان العودة ؛ هي آخر فتوى موثقة منقوله عنه , ومن يزعم أن الشيخ قد غير موقفه فعليه أن يثبت ذلك –موثقا- ؛ وإلا فليمسك لسانه , ولا يتقول على الشيخ –رحمه الله-!!
ونحن لو أردنا أن نسلك مسلك (غلاة التجريح) لقلنا ؛ بما أن هذه الفتوى متأخرة عن التوصية بالمنع من إلقاء المحاضرات .. إلخ ؛ فتكون تلك هي القديمة , وهذه هي الجديدة ؛ ولا يعرف لها مخالف من موثق كلام الشيخ ابن باز ؛ فحينذاك تعتبر الفتوى القديمة لاغية ؛ والمتأخرة هي الثابتة !!!
لكن لا تعارض بين النقلين عن الشيخ ابن باز ؛ فهو –رحمه الله- أثبت لسفر الحوالي وسلمان العودة أخطاء حذر منها وانتقدها , ومدحهم ودافع عنهم لما يعرفه عنهم –رحمه الله- من موجب ذلك ؛ وهذا يتماشى مع ما قررناه من منهج سابق له ؛لكنه يتعارض تماما مع منهج (غلاة التبديع) !!

ثالثا : وأما للإجابة على تساؤل الأخ فأقول :
لو كنت مقلدا للشيخ ابن باز ؛ لقلت بما يقول –قطعا- , ولو كنت مقلدا للشيخ ربيع لقلت بما يقوله –قطعا- ؛ لكني بحمد الله لا أقلد الشيخ ابن باز , ومن باب أولى أني لا أقلد الشيخ ربيع –حفظه الله- , ولهذا أقول :
- أما ما كان من أشرطتهما التي فيها مخالفات شرعية –وليست كل أشرطتهم فيها مخالفات بل بعضها- فلا أنصح أحدا بسماعها –مطلقا- ؛ بل وأمنع من سماعها , كما أمنع من سماع غيرها مما فيه مخالفات .
- وأما ما كان من أشرطتهما نافع لا مخالفة فيه ؛ فيجوز سماعه ؛ لكن الأولى أن ينصح بسماع أشرطة العلماء المعروفين كأمثال الشيخ ابن باز والعثيمين والألباني –رحمهم الله-.
- ومن كان لا يعلم ما في أشرطتهم فليس له أن ينصح بسماعها , ولا بسماع غيرها مما لا يعرف ما فيه من خير أو شر ؛ بل يوجه لسماع الأكمل والأنفع للعلماء الأكابر .

تنبيه :
كنت قد ذكرت في نقضي لمقدمة مقال الأخ رائد أني سوف أفرِّق الرد على موضوع الأخ رائد بمشاركات أضعها تحت كل حلقة من هذه السلسلة (بين منهجين) ؛ لكنّي بعد أن أنهيت نقضي لتعقباته على الحلقة الثالثة والذي جاء –لوحده- في أكثر من (خمسين صفحة) ؛ خلصت بنتيجة -شاركني فيها غيري- , وهي :
أن ما سوده الأخ لا يستحق أن أشغل نفسي , أو أشغل إخواني بنشر تتمة الرد عليه ؛ فحسب من شاء من الأخوة أن يقيِّم مستوى باقي (تعقبات الأخ) ما تقدم من نقضي لمقدمته وتعقباته على الحلقتين الأولى والثانية ؛ ففيهما غنية لكل طالب حق للاستدلال على مستوى فهم الأخ لما يتكلم فيه ,أو لما يعترض عليه , او لما يستشهد أو يستدل به ؛ فهو كما يقال -عندنا في العراق- : (يثرد بَِصفِّ ) الماعون) ؛ لا بل هو –غالبا- (يثرد بعيدا عن الماعون) , وأما صاحب الهوى فلن يكفيه نشر باقي النقض .
بل أنا لو شئت أن أرُدَّ بما كتبه الأخ رائد على غلاة التجريح ؛ لوجدت فيما كتبه مجالا واسعا ورحبا !!
بل ولو أردت أن أردَّ على بعض –غير قليل- مما قرره الأخ (رائد آل طاهر) بما يقرره الشيخ ربيع المدخلي ؛ لفعلت !!

وما ذاك إلا لأن الأخ رائد –وفقه الله- خاض –مدفوعا!!- فيما لا علم له به –لا واقعا ولا شرعا- .
وليس هذا معناه أني لن أتم نقضي لباقي ما كتبه الأخ ؛ لا ؛ بل سوف أتمه –إن شاء الله- , ذاكرا فيه أوجه التعارض بين طروحات الأخ رائد وطروحات غلاة التجريح , وكذلك أوجه معارضة تقريرات الأخ رائد لتقريرات الشيخ ربيع –حفظهما الله- .
ثم بعد أن أنهيه : أحتفظ به في الدرج ؛ كما احتفظ بالكثير مما لا أرى مصلحة في نشره في الوقت الحالي , وأدخره ليومه –كما أدخر غيره-!!!
وأما من أشكل عليه شيء من (تشغيبات) الأخ (رائد) أو غيره من (المشغبين) فما عليه سوى أن يضع ما أشكل عليه تحت الحلقة التي يرى أن التشغيب أليق بأن يوضع تحتها ؛ وأنا -بعون الله تعالى- سوف أقوم ببيان في هذا التشغيب من حق –إن كان- أو باطل ومن ثم نقض هذا الباطل ؛ كما نقضناه فما تقدم من أمثلة , والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل .









قديم 2014-02-07, 22:40   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

النقض الزاهر لمقدمة ما كتبه الأخ (رائد آل طاهر)

وقفت البارحة ليلا على موضوع للأخ (رائد آل طاهر) منشور في (شبكة سحاب السلفية) تحت عنوان (تبصير كل ذي عينين بحقيقة المنهج المنشود في سلسلة حلقات "بين منهجين") ؛فوجدته أقرب إلى أن يكون كتابا منه إلى أن يكون مقالا , وعذره في ذلك طول مقالاتي المنشورة تحت عنوان (بين منهجين) –كما صرّح هو بذلك- وأوافقه عليه .
وقد صدّر الأخ لمقاله بمقدمة ؛ ثم أعقبها بتتبع لكل حلقة من حلقات سلسلة (بين منهجين) ؛ ثم ختمها بخلاصة ما زعمه منهجا أنشده من خلال سلسلة هذه الحلقات .
فآثرت أن أتعقب أخي (رائد) فيما كتب ؛ مفتتحا بهذا المقال الذي أتعقبه في مقدمته ؛ ومفرقا باقي التعقبات في مشاركات أضيفها تحت موضوع كل حلقة من حلقات (بين منهجين) , ثم أختمها –إن شاء الله- بتعقبه في خلاصة ما زعمه منهجا أنشده في سلسلتي –هذه- ؛ وأقول –مستعينا بالله :

أولا : صدّر الأخ الكريم موضوعه بالقول عن كتاباتي أنها " كتابات في مسائل منهجية وأصول علمية ثار فيها الخلاف بين المعاصرين من المشايخ وطلبة العلم وغيرهم، فجاء الكاتب المشار إليه وكتب مقالات متعددة يبين فيها سعة الخلاف بين المتنازعين".
قلت : وأصاب ؛ وهذا إقرار منه أن المسائل التي ناقشتها في سلسلة (بين منهجين) هي محور خلاف بين المعاصرين من المشايخ وطلبة العلم وغيرهم , وان كتاباتي جاءت مبينة لسعة الخلاف بين المتنازعين ؛ فهي -بإقراره- ليست من مسائل الإجماع التي اتفق عليها أهل العلم -كما يزعم غلاة التجريح- ؛ فليحفظ عنه هذا !!!

ثانيا : قال –وفقه الله- "حتى أنه صنَّف مخالفيه بكونهم فرقة سمَّاها بـ(فرقة التبديع والإقصاء) أو (غلاة التبديع) أو (غلاة التجريح)؛ مع أنه يذم التصنيف المعاصر كما سنرى إنْ شاء الله تعالى".
قلت : بل ووصفتهم أيضا بـ(بغير ذلك) ؛ فليضفها إلى سجله ؛ ثم ماذا ؟؟؟
وأما أني أذم التصنيف المعاصر ؛ فهذا محض تقول عار عن البينة –ولم يأت بها لاحقا-؛ وإنما الذي أذمه –ولا زلت- هو تصنيف السلفيين إلى جماعات ؛ ولم أنكر التصنيف مطلقا ؛ وهذا ما قلته في الحلقة التاسعة من سلسلة بين منهجين -مما قد نقله هو بنفسه ليتوصل به إلى الاتهام السابق- : ((ومن هذا القبيل؛ تصنيف السلفيين إلى: حدادية, وعرعورية, ومدخلية, ومغراوية، ومأربية, وجامية, وحربية, وحوينية, وحسانية... إلخ), وإخراج الجميع من دائرة السلفية بدعوى إماطة الأذى عن طريق الدعوة, وأنَّ هذا التصنيف هو من قبيل جهاد أهل البدع والأهواء))..
بل الكاتب –نفسه- قد أثبت –بنفسه- بطلان تعميمه هذا بأن قال في تعقبه على الحلقة التاسعة –بعد نقله لكلامي السابق-: "فلماذا لم تضف إلى استنكارك ورفضك للتصنيف تصنيف البعض بـ(القطبية، والسرورية، والبنائية، والحوالية ...)؟!
ما هو الضابط في قبولك تصنيف الناس بالسرورية مثلاً ورفضك لتصنيف البعض الآخر بالحدادية؟! مع أنَّ شيخك في حاشية كتابه [منهج السلف الصالح] قال: ((الحدادية غلاة في كل شيء))!.
وأيضاً أنت تقبل تصنيف البعض بـ(القطبية)".
فالان –بإقرار الكاتب نفسه- هل أن (أبا العباس) يذم التصنيف المعاصر مطلقا أم أنه يذم تصنيف السلفيين فقط ؟؟
وماذا نعتبر نسبته نفي التصنيف مطلقا إلى أبي العباس ؟؟
وأما موضوعة الحدادية فهي تهمة مطاطة لم يسلم منها الشيخ ربيع نفسه ؛ فهل أنت توافق على تصنيفه تحت هذه الخانة -يا من يقر تصنيف السلفيين- ؟؟!!

ثالثا : قوله "وبيَّن -أعانه الله تعالى للرجوع إلى الحق- أنَّ الخلاف بين الطرفين كبير حتى قال في أحد مقالاته: ((ومشايخنا جلهم يتبنى بطلان اختيارات هذه الفرقة في كثير من أحكامهم على المعينين ومواقفهم منهم؛ بل وحتى كثير من قواعدهم))!!، وهذا بالطبع خلاف ما قاله شيخه الذي يدافع عنه الشيخ علي الحلبي ...؛ فشيخه يقول: ((فإنِ اختلفْنا في مسألةٍ أو مسائلَ وهي ليست مِن الأصولِ)) بينما الكاتب قد بيَّن أنَّ الخلاف كبير وفي أكثر أصول وقواعد الدعوة السلفية؛ بل وفي أساسيات ومفهوم هذه الدعوة المباركة!!".
قلت : معاذ الله أن يكون مقصودي أو مرادي أن الخلاف بيننا وبين إخواننا (غلاة التجريح) هو في "وفي أكثر أصول وقواعد الدعوة السلفية؛ بل وفي أساسيات ومفهوم هذه الدعوة المباركة" فنسبة هذا القول إلي هو من قبيل التقول المحض الذي لم يقم الكاتب عليه بينة , سوى بتر كلامي من قيده في أوله , وتمسكه بمطلقه –بعد ذلك- .
ذلك أن سياق قولي كان في سياق الكلام حول (مسائل الخلاف التي أنكرت على شيخنا الحلبي) لا في أصول وقواعد الدعوة السلفية , وهذا تمام الكلام -الذي بتره الأخ رائد -غفر الله له- في مقال (لا إلزام إلا بالشرع أو بالتزام العبد) : "ومسائل الخلاف التي ينكر على شيخنا الحلبي وغيره عدم موافقة فرقة التبديع عليها هي –في أحسن أحوالها- من هذا القبيل ؛ فكيف ومشايخنا جلهم يتبنى بطلان اختيارات هذه الفرقة في كثير من أحكامهم على المعينين ومواقفهم منهم , بل وحتى كثير من قواعدهم".
كيف وأنا قد صرحت مرارا وتكرارا بمعنى قولي في ردي على أبي عمر العتيبي في أولى حلقاته : " وأنا –العبد الفقير- أخالف الشيخ ربيع في بعض أصوله في النقد , وفي كثير من أحكامه على المنتسبين للدعوة السلفية".
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=3924
ولا زلت أكرر هذا الكلام اليوم كما ذكرته بالأمس ولم أزدد بصوابه إلا يقينا .
نعم يستقيم قول الأخ –غفر الله له- إن كان يرى أن أقوال من وصفتهم –أنا-حينها- بـ(فرقة التبديع والإقصاء) هي (أصول وقواعد الدعوة السلفية) ؛ فعندئذ يقال له : نعم كلامك يصح أخي ؛ لكن على انحراف منك في فهم السلفية ومعرفة قواعدها وأصولها –ومعاذ الله أن يكون الأخ ممن يرى ذلك- .

رابعا : قول الكاتب –غفر الله له- "ثم إنَّ الكاتب عفا الله تعالى عنه قد تجاسر على منزلة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى بما لم يسبقه إليه أحد سوى أهل الأهواء!، ووصفه بأوصاف لا تليق، وعرَّض به كثيراً في مقالاته وأشار إلى تناقضاته في القول والفعل والحكم كما يزعم، وتحامل عليه بطريقة غريبة؛ وإنْ زعم أنه لم يصرِّح باسمه!، وأنَّ هذا من قبيل "ما بال أقوام"!!، وأنه يقدِّر الشيخ ربيعاً ولا يطعن به لكنَّه لا يُقدِّسه!!!
، لكن طعوناته في الشيخ لا تخفى على أصغر طلبة العلم السلفيين فضلاً عمن فوقهم!، فضلاً عن طريقته في نقل كلام الشيخ من كتبه أو مجالسه المعروفة ثم يلحقه بوصفه بأوصاف السوء وأحكام الجور".
قلت : أما موقفي من الشيخ ربيع –حفظه الله- فقد صرحت به مرارا وتكرارا حتى مللت من تكراره ؛ ولينظره من شاء في ردي على اولى مقالاتي (أبي عمر العتيبي) على الرابط :
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=3924
وكذلك لينظر في مقالي المنشور على الرابط :
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=4585
ثم ليعلم الأخ رائد وغيره أني لا يضرني –بل ولا أبالي- أن ينسب هو أو غيره لي أني أطعن بالشيخ ربيع –حفظه الله- ؛ لكن ليستحضر :
أني لو أردت الطعن –حقيقة- لأتيته هو وغيره بما يعجزون عن رده !!! –وأعني تماما ما أقوله- .
ولو أردت أن أطعن بالشيخ ربيع –فعلا- لوجد هو وغيره أن الساحة الدعوية في مناطق عدة في العراق قد أمتلأت بالعشرات من الكتب والنشرات والمقالات , والعشرات من الأشرطة , والمئات من المقاطع الصوتية ؛ تجمع كلها في قرص مدمج واحد –لا أكثر- عندها سوف يعرف هو وأمثاله كيف يكون طعني بالشيخ ربيع -لو أردته-!!!
ولو أردت أن أطعن –صدقا- بالشيخ ربيع –حفظه الله- فما الذي يمنعني وأنا ممن قد صنف أنه يطعن في الشيخ ربيع , –وأكرر- ولا أبالي -أفلا تعقلون- ؟؟.
بل لو أردت أن اطعن في الشيخ ربيع –كما يزعمون- فهذا هو الوقت المناسب لأن أشغل الأخ رائد وأمثاله بالدفاع عن الشيخ ربيع بدل اشتغالهم اليوم بالكلام في (أبي العباس) والتباكي على طعوناته في الشيخ ربيع !!!
لكني مقدر تماما لمصلحة الدعوة في العراق أين تكون .
ولهذا لم أوص أحدا –حتى الساعة- بأن ينشر ولو مقالا واحدا لي مما كتبته في (كل السلفيين) ؛ فضلا عن أوصي بنشر أي شيء فيه طعن بالشيخ ربيع , ولو أردت لفعلت (والمبلل لا يخشى من المطر) !!
لكن ما هي المصلحة التي سوف ترجع على الدعوة السلفية –عند ذاك-فيما لو كنت أتبناه -كما يزعم الأخ رائد وغيره- في تقديري لا شيء بل العكس . .

وإلا فهي نصيحة مني للأخ رائد ولأمثاله ممن ركبوا موجة أن (أبا العباس يطعن بالشيخ ربيع) ؛ أن ينظروا في عاقبة تكرارهم لهذه النغمة ؛ لا سيما وعذرهم أنهم يجهلون بحقيقة الذي يتكلمون ؛ ولا يعرفون حقيقة ما عند من يهاجمون من دلائل وحجج ووثائق !!!.
ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة ؛ وللصبر حدود –لم يحن أوان تجاوزها بعد- ؛ لكن إذا حان -ونساله تعالى أن لا يحين- فلا خط أحمر –ساعتئذ- , ولن يوقفنا –لا أنا ولا من معي من إخواني في العراق- وهم مثير كثير شيء –بعونه تعالى- فنحن أعلم بما عندنا من غيرنا ممن له الظواهر ؛ وعلى الباغي ستدور –قطعا- الدوائر , ولن نلام حينها –إن شاء الله- , فقد أعذر من أنذر , ولكننا نتصبر -لا أكثر-!!.

وأما خلاصة ما أقوله في الشيخ ربيع زيادة على ما في الرابط المتقدم:
أن الشيخ ربيع شيخ من شيوخ الدعوة السلفية , وعالم من علمائها .
وله أخطاء كما لغيره أخطاء- , وأخطاؤه لا توجب إخراجه عن دائرة الدعوة السلفية –كما أن جنسها لا توجب إخراج غيره عن دائرة الدعوة السلفية- .
ومدحه كقدحه كلاهما لا يوجبان إخراجا من دائرة السلفية وإن كانا يوجبان ذم صاحبها -إن كان بغير حق أو بهوى- . والامتحان بشخصه أو اختياراته بدعة .
وحبه -لسلفيته- طاعة وعلامة على صحة المنهج , وبغضه -لسلفيته- معصية وعلامة انحراف .
والتحزب له من أسباب الفرقة .
والغلو فيه من أسباب ضعف الدعوة .
ولا أراه إمام وقته .
بل ولا أراه إماما للجرح والتعديل ., وإن كان هو -بشهادة الشيخ الألباني- حامل راية الجرح والتعديل .
ولا أتبنى أن أقواله في الجماعات والرجال يجب الأخذ بها –على كل حال- .
وأبرأ من القول : أن مخالفته في مسائل المنهج تعد مخالفة لأصل سلفي .
وكل من سمع مني أو فهم عني قبل اليوم (مدحا) أو (قدحا) في الشيخ ربيع يخالف ما تقدم فليعتبرني ضاربا به عرض الحائط
.

وعمدتي في موقفي هذا ما في جعبتي من عشرات الفتاوى الصوتية والمكتوبة لأكابر علماء الدعوة السلفية المعاصرين –ممن هم أعلم من الشيخ ربيع- والمقررين لخلاف تقريرات الشيخ ربيع في (مسائل الموقف من المخالف) !!

خامسا : قوله "وإذا كانت مصادر طعونه في الشيخ ربيع هي الأكاذيب التي أشاعها عنه الأفاكون!؛ فلا غرابة أن يظهر الكاتب بهذه الصورة من التحامل على الشيخ ربيع حفظه الله تعالى.
ثم لا أدري ما وجه التهديد بـ((إلا....؟؟؟؟)) بعد هذه الجرأة والطعون والردود، ماذا في جعبته بعد ذلك؟! نسأل الله تعالى السلامة والعافية".
قلت : أما أن مصادري في الطعن -الموهوم- في الشيخ ربيع ؛ فهذه الدعوى مبنية على الأصل الذي تم نقضه سابقا , وهو أني أطعن في الشيخ ربيع في كتاباتي في (منتديات كل السلفيين) ؛ فإذا ثبت بطلانها ؛ بطل تباعا الزعم أن لي مصادر اعتمدها في الطعن في الشيخ ربيع .
لكني أقول –للأخ رائد –ومن معه- أسألوا الله تعالى السلامة مما في جعبتي ؛ كما أني أسأله سبحانه أن لا أضطر يوما إلى إخراج ما في هذه الجعبة ففيها ما لم يسمع به لا الشيخ المأربي , ولا خطر يوما على بال موقع الأثري ؛ ولا أظن فحلا من أنصار الشيخ ربيع قادرا على توجيهه إلا (بنقض أصوله) , أو (إلزامه بنقيض مقصوده) –وأنا على شبه يقين مما أقول- !!!
وليعلم الأخ رائد –ومن معه- أني من أكثر الناس قراءة ومتابعة –وبدقة- لما يقوله الشيخ ربيع –حفظه الله- ويكتبه منذ سنوات – وعندي من بديع كلامه ما يحتاج إليه محبوا الشيخ ربيع , وعندي من ضد ذلك ما خصوم الشيخ ربيع بحاجة إليه ؛ لكن معاذ الله أن أنشر إلا ما تحتاج إليه الدعوة السلفية ؛ فأرجو أن يستوعب هذا أخي الفاضل (رائد آل طاهر) ؛ وأرجو الله تعالى أن يعينني على كبح جماح (ردود الأفعال) .

سادسا : قول الأخ "ولكني أذِّكر الكاتب بالنصيحة السلفية: ((لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أعراض منتقصيهم معلومة، ومَنْ وقع فيهم بالثلب: ابتلاه الله قبل موته بموت القلب))".
أقول : قائل هذه العبارة هو ابن عساكر الأشعري ؛ فأين هو من السلفية ؛ حتى تكون نصيحته (سلفية) !!.
نعم معنى كلامه –رحمه الله- حق ؛ وما أحوج (غلاة التجريح) –بمختلف مراتبهم- إلى اعتبار هذه النصيحة الغالية ؛ فهم من أكثر الناس طعنا باهل العلم ؛ فلم يسلم منهم لا الشيخ ابن باز , ولا الألباني , ولا ابن عثيمين , ولا المفتي العام , ولا ابن قعود , ولا ابن حميد , ولا ابن جبرين , ولا بكر أبو زيد , ولا مشايخنا في بلاد الشام الذين يتفكه بأعراضهم في مجالس (بعض الناس)!!... إلخ .
أم أن هؤلاء ليسوا بعلماء ؟
أم أنهم علماء لكن أعراض بعضهم مستباحة لاستباحة (غلاة التجريح) لها ؟

سابعا : قال الأخ رائد –وفقه الله- : "ثم إنَّ الكاتب عفا الله تعالى عنه لم يكتف بتلك المقالات حتى أنشأ سلسلة من الحلقات لبيان سعة الخلاف بين منهج الطرفين، وهو بهذا الصنيع يُخالف كذلك نهج مشايخه الذين يدافع عنهم حيث قالوا في بيانهم الموثَّق في مكة حيث قالوا فيه: ((وأنَّ الأصلَ احتواءُ أيِّ خِلاف علميٍّ بين السلفيِّين؛ ليستمروا على ما هم عليه من وحدة المنهج والعقيدة، وسلامة الصدور والقلوب))!!، فأين هو من هذا التوجيه؟! أم أنَّ هذا التوجيه يعمل مع المأربي وأمثاله ولا يعمل مع الشيخ ربيع وأصحابه؟!".
قلت : وهل فهم الأخ رائد من كلمة احتواء الخلاف عدم مناقشته , وبيان الراجح من المرجوح فيه ؛ فإن كان كذلك فهو فهم مغلوط قطعا لكلمة الاحتواء .
لكن بما أن الأخ رائد قد اعتبر لكلام المشايخ , وفهمه على أنه لا يتعرض لأحد من المختلفين ؛ فهل هو مستعد لأن يلتزم به ؟
فهل فهم الأخ رائد لكلام المشايخ يتنزل على الردود التي تناولت الشيخ المأربي ؟
وهل هو –كذلك- يتنزل على الردود التي تناولت شيخنا الحلبي ؟
أم أنه فقط يتناول عند الأخ الشيخ ربيع المدخلي ؟!
فإن لم يكن كذلك ؛ فليعلم الأخ أن فهمه لكلمة الإحتواء في هذا البيان مغلوطة ؛ ثم لينظر هل استشهاده هذا يدخل في باب (تتبع الرخص) –لو سلمنا بصحة إيراده للمسألة هنا- ؟
أم هل هو يصلح كمثال على (المنهج التلفيقي) الذي نسبه إليّ؟ .

ثامنا : قول الأخ "وإنما كتبتُ لتبصير البعض وتحذيرهم ... من منهج متولِّد جديد يظهر للمتأمِّل بوضوح في سلسلة ومقالات هذا الكاتب؛ هذا المنهج الحادث المبني على الأخذ بكل الأقوال التي هي من اجتهادات العلماء في مسألة ما، فكل ما صدر عن أحد من أهل العلم من باب الاجتهاد في مسائل الخلاف المعاصرة يسوغ لمن بعدهم أن يقولوا به ولا يسوغ فيه الإنكار!!؛ بل ويكون أصلاً علمياً عنده! ولو قيل اجتهاداً، بل ولو كان قولاً قديماً ... [ثم ساق كلاما لشيخ الاسلام ابن تيمية , وآخر للشاطبي , وقال بعدهما] : ومنهج التخيير هذا بدوره يؤدي إلى المنهج الواسع الأفيح الذي يراد به إدخال الفرق والأحزاب المعاصرة في مصطلح السلفية أهل السنة والجماعة".
قلت : هذا هو خلاصة ما خرج به الأخ رائد من تقييم لمقصود سلسة مقالات بين منهجين ؛ وهو أني أنصر منهج التخيير ولا أدري كيف تأتى له هذا الفهم ؟!
هل وجد هذه النصرة في قولي في الحلقة الثالثة من سلسلة بين منهجين : "من اقتنع برجحان أمر عمل به لزوما شرعيا أو عقليا-بحسب هذا الأمر- وإلا كان متبعا للظن المرجوح الموجب للذم شرعا أو عقلا-بحسب هذا الأمر-, لكن ليس له أن يلزم غيره , ومن اقتنع بشيء ولم يعمل بمقتضاه كان مذموما شرعا أو عقلا -بحسب هذا الأمر- , لكن عمل المقتنع شيء وإلزام المقتنع لغيره بما هو مقتنع به شيء آخر".
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=7947
أم لعله وجده في صريح قولي في ردي على موضوع الأخ (أبي عمر العتيبي) : "لا يعلم أين وجد .. أن شيخنا أو تلامذته يقولون أنه لا ينكر على المسائل المخالفة لنصوص الكتاب والسنة , بل أين وجد من قول الجميع أنه لا إنكار إلا على مخالفة الإجماع , ونحن نقول بما قاله أهل العلم , أنه لا إنكار في مسائل الإجتهاد , وفرق بين مسائل الاجتهاد التي لا يسوغ الإنكار فيها , وبين ومسائل الخلاف التي يشرع بل أحيانا يجب الإنكار فيها".
بل لعله وجده في مشاركتي التي قلت فيها : "أخي الكريم : لا يخفاك أن المسائل على قسمين :
القسم الأول : مسائل متفق عليها -سواء كانت نصية أو اجتهادية- : فهذه لا يسوغ مخالفتها
بالاتفاق .
القسم الثاني : مسائل مختلف فيها , وهذه على نوعين :
النوع الأول : ما كان مخالفا لقطعي (نص أو إجماع) , فهذه يجب الإنكار على مخالفها .
النوع الثاني : ما كان مخالفا لظني (نص ذو دلالة ظنية , أو اجتهاد) , وهنا لا يسوغ الإنكار على المخالف الذي له دليله ونظره , ويقال بما قاله أهل العلم : لا إنكار في مسائل الاجتهاد"
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=3
أم لعله فهم هذا من قولي في موضوع (التقريرات السلفية لاحكام المسائل الاجتهادية) : "وليس معنى أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد أنه لا يسوغ الإنكار في مسائل الخلاف , ففرق بين نوعي المسألتين -كما تقدم- , وقد قرر مشروعية الإنكار على مسائل الخلاف التي لا تدخل ضمن باب الاجتهاد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عندما قرر حرمة التحايل ووجوب إنكاره مع وجود من خالف فيه من العلماء فقال في الفتاوى الكبرى (6\96) : "وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار، إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل .
أما الأول : فإذا كان القول يخالف سنة، أو إجماعا قديما وجب إنكاره وفاقا .
وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء .
وأما العمل : فإذا كان على خلاف سنة، أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار كما ذكرناه من حديث شارب النبيذ المختلف فيه، وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة، وإن كان قد اتبع بعض العلماء.
وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ [فلا] ينكر على من عمل بها مجتهدا، أو مقلدا" .
وقال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين (3\288) : "وقولهم إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الانكار إما ان يتوجه الى : القول , والفتوى , او العمل .
أما الأول : فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعا شائعا وجب إنكاره اتفاقا إن لم يكن كذلك فإن بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله .
وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة او اجماع وجب إنكاره بحسب درجات الانكار وكيف يقول فقيه لا إنكار في المسائل المختلف فيها والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقص حكم الحاكم إذا خالف كتابا او سنة وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل بها مجتهدا أو مقلدا .
وإنما دخل هذا اللبس من جهة ان القائل يعتقد ان مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم".
https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=4312
فهل يفهم من هذا الكلام وما سبقه أني أنصر منهج التخيير الكاسد ؛ أم أني أنصر منهج العمل بالعلم أو الظن الراجح ؛ والإنكار على من خالف نصوص الكتاب والسنة والإجماع , بل وبيان ضعف القول المرجوح المعارض للاجتهاد الراجح , ونعوذ بالله من سوء القصد .
ونسبة هذا الفهم الكاسد إليّ هو ما سوف يسعى (الأخ رائد) لإثباته في باقي موضوعه عند متابعته لحلقلات (بين منهجين) , وإلى الله المشتكى .

تاسعا : استشهد الأخ –وفقه الله- بكلام للشاطبي –رحمه الله- وفسره على ما يهواه لا على مراد الشاطبي ؛ فقال –ناسبا إليّ منهجا مفاده : "فكل ما صدر عن أحد من أهل العلم من باب الاجتهاد في مسائل الخلاف المعاصرة يسوغ لمن بعدهم أن يقولوا به ولا يسوغ فيه الإنكار!!؛ بل ويكون أصلاً علمياً عنده! ولو قيل اجتهاداً، بل ولو كان قولاً قديماً ... [ثم كلاما لشيخ الاسلام ابن تيمية ,وقال بعده] وهذا المسلك يُذكِّرنا بكلمة قالها العلامة الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات [4/142] في حق مَنْ يبيح التخير من أقوال المجتهدين إذا كان في المسألة قولان؛ حيث قال: ((فإنه إذا أفتى بالقولين معاً على التخيير؛ فقد أفتى في النازلة بالإباحة وإطلاق العنان؛ وهو قول ثالث خارج عن القولين، وهذا لا يجوز له)).
أي لو أنَّ بعض أهل العلم أفتى في مسألة بالمنع وأفتى آخر بالجواز، فمن قال: يتخير الإنسان أحد القولين، فإنَّ هذا قول ثالث في المسألة؛ وهو خارج عن أقوال المجتهدين!!".
قلت : -غفر الله للأخ رائد- فهو لم يحسن مطلقا فهم كلام الشاطبي ؛ ذلك إن كلام الشاطبي متوجه للمفتي الذي يفتي بمجرد موافقة الغرض -لا للمستفتي- , ولا لمن يفتي بناء على ما ترجح عنده ؛ بينما حمله الأخ رائد على المستفيد من كلام المفتي بقرينة شرحه لكلام الشاطبي بقوله : " أي لو أنَّ بعض أهل العلم أفتى في مسألة بالمنع وأفتى آخر بالجواز، فمن قال: يتخير الإنسان أحد القولين، فإنَّ هذا قول ثالث في المسألة؛ وهو خارج عن أقوال المجتهدين".
وتمام كلام الشاطبي يبين المقصود , حيث قال -رحمه الله- : "المتخير بالقولين مثلًا بمجرد موافقة الغرض ، إما أن يكون حاكمًا به ، أو مفتيًا، أو مقلدًا عاملًا بما أفتاه به المفتي :
أما الأول [الحاكم] فلا يصح على الإطلاق؛ لأنه إن كان متخيرًا بلا دليل لم يكن أحد الخصمين بالحكم له أولى من الآخر ... .
وأما الثاني [المفتي] فإنه إذا أفتى بالقولين معًا على التخيير فقد أفتى فى النازلة بالإباحة وإطلاق العنان، وهو قول ثالث خارج عن القولين وهذا لا يجوز له
إن لم يبلغ درجة الاجتهاد باتفاق، وإن بلغها لم يصح له القولان فى وقت واحد ونازلة واحدة أيضًا حسبما بسطه أهل الأصول.
وأيضًا، فإن المفتي قد أقامه المستفتي مقام الحاكم على نفسه، إلا أنه لا يلزمه المفتي ما أفتاه به، فكما لا يجوز للحاكم التخيير؛ كذلك هذا ..
وأما إن كان عاميًا؛ فهو قد استند فى فتواه إلى شهوته وهواه، واتباع الهوى عين مخالفة الشرع ".
فكلامه –رحمه الله- فيمن يتخير من أقوال أهل العلم ما يوافق غرضه وهواه ؛ سواء كان حاكما أو مفتيا أو مقلدا .
فاما المفتي إن أفتى لأحد القولين (تخيرا) لا (تحريا) كان هو المذموم .
وكذلك كلامه في العامي كان متوجها فيما لو (أفتى) العامي لا فيما يتبناه (العامي) .
والأليق بمسألتنا هو نقل كلام أهل العلم في تبني أحد القولين ؛ وهي مسألة معروفة مشهورة
؛ وقد رجح الشاطبي –رحمه الله- عدم جواز التخيير للعامي فقال في الموافقات : "كذلك لا يجوز للعامي اتباع المفتيين معًا , ولا أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح.
وقول من قال: "إذا تعارضا عليه تخير" غير صحيح من وجهين.." .
وتعقبه شيخنا مشهور –جفظه الله- على قوله : (من غير اجتهاد ولا ترجيح) فقال : "هذا إذا وسعه الترجيح، وإلا؛ فيخير بين أيهما شاء؛ لأن كلا القولين موجود بالفعل، معمول به عند قائله؛ فهو في سعة من الأخذ بأيهما أراد، بخلاف المجتهد إذا تعارض في نظره دليلان ولم يسعه الترجيح؛ فليس هناك قول موجود بالفعل حتى يكون في سعة من العمل به؛ فيلزمه التردد والتوقف كما نقل عن الشافعي في بضعة مسائل، وقد يستأنس لهذا بما قيل من جواز تقليد العامي المفضول من المجتهدين، مع وجود الفاضل، مع أنه لا يجوز للمجتهد الأخذ بالمرجوح من الأدلة مع وجود الراجح. "ف".
قلت: انظر: التقرير والتحبير" (3/ 351)، و"القسطاس المستقيم" (ص76) للغزالي، تحقيق محمد السمان ط دار الثقافة 1381هـ والمدخل للفقه الإسلامي لمحمد سلام مدكور (ص325)، و"عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق" للباني".
ثم علق على قوله –رحمه الله- : (وقول من قال: "إذا تعارضا عليه تخير" غير صحيح) بالقول : "التخيير في حق العامي هو الذي صححه الرافعي والشيرازي في "اللمع"، واختاره ابن الصباغ فيما إذا تساوى المفتيان في نفسه، واختاره الآمدي مستدلًا بحادثة بني قريظة، وفي هذا الاستدلال نظر، كما قدمناه في التعليق على (3/ 407-409)، وقال الغزالي في "المحصول" "(6/ 82): "منهم في خيره، ومنهم من أوجب الأخذ بقول الإعلم"، قال: "وهو الأقرب لمزيته"، وانظر: "البحر المحيط" (6/ 313)، وفيه: "وأغرب الروياني فقال: إنه غلط".
قلت: ودليل المصنف على التغليط قوي، وهو موافق للروياني، ونصره الفاسي في "تحفة الأكابر" كما في "رفع العتاب" (ص95).
فهل من قال بالتخيير من أهل العلم –يراه الأخ رائد- يدعو –كذلك- إلى المنهج الواسع الأفيح !!!.

عاشرا : قوله –غفر الله له- : "ومنهج التخيير هذا بدوره يؤدي إلى المنهج الواسع الأفيح الذي يراد به إدخال الفرق والأحزاب المعاصرة في مصطلح السلفية أهل السنة والجماعة!، هذا المنهج الحادث الذي أصَّله المأربي حيث قال في شريط له: ((الموفَّق مَنْ يقرأ تراجم السلف يتخذ من طريقة السلف في فهمهم لكلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم منهجاً واسعاً أفيح يسع الأمة ويسع أهل السنة))، وقد ردَّ مشايخ الكاتب هذا في بيانهم حيث قالوا: ((وأما دعوى بعض الناس أنَّ منهج أهل السنة "واسع" فهي كلمة باطلة!؛ لما يبنى عليها من إدخال أهل البدع في السنة، والتهوين من ضلالاتهم وانحرافاتهم))!!".
قلت : ونسبة إرادة إدخال الفرق والأحزاب المعاصرة في مصطلح السلفية أهل السنة والجماعة إلى الشيخ أبي الحسن المأربي هو من قبيل الكذب عليه –بل الكذب الذي له قرون- ؛ وتحميل لكلمته ما لا تحتمله عنده ؛ لا سيما وهو قد أوضح مراده منها مرات ومرات , ومن ذلك قوله في (القول المفحم) : "وأما قولي: "نريد منهجًا واسعًا يسع الأمة"، فلا زلت أقوله -ولله الحمد- وقد بينت مرادي بذلك، كما في أشرطة "القول الأمين، في صد العدوان المبين"، وعندما سألني بعض مشايخ المدينة عن ذلك، فأعدت لهم ملخص كلامي الذي في الأشرطة، ولم يعترضوا على ذلك، بل نشروه في بيانهم الأول، الصادر بتاريخ 12/3/1423هـ - وذلك لما كان كثير منهم يدعي الإنصاف والثبات على الحق، لكنه هيهات هيهات، فإنهم إذا غضب الشيخ ربيع عليهم؛ ضاقت عليهم الأرض بما رحبت!!
وهذا نص كلامي في بيانهم : "المراد به -أي: بهذا القول- عندي: أن منهج السلف يسع في كيفية تعامل أهل السنة بينهم البين، ويسعهم مع مخالفيهم، بالضوابط الشرعية، ولاءً وبراءً، وأما أن يُفهم من ذلك: العملُ بقاعدة "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، فأبرأ إلى الله من ذلك، وفي كتبي وأشرطتي الرد على هذه القاعدة".اهـ.
فماذا بعد هذا البيان - يا فضيلة الشيخ-؟!
وكذلك يراد به أنه منهج شامل لجميع نواحي الحياة، ليس منحصرًا في الجرح والتعديل، أو الردود على المخالفين فقط، بل كل من أراد علما؛ فهو عند أهل السنة، ومن قويت نفسه للعبادة؛ فعلى منهج أهل السنة، ومن أحب تعليم الناس أو الخروج للدعوة؛ فبطريقة أهل السنة، وقُلْ نحو ذلك في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقصص والمواعظ، والتأليف والتصنيف... إلى غير ذلك، وسياق كلامي -مجتمعًا ومفترقًا- يدل على هذا كله، ولله الحمد.
ثم أليس الشيخ ربيع هو الذي قال في رسالته "تنبيه أبي الحسن، إلى القول بالتي هي أحسن" (ص40) تعليقًا على قول الغلاة: "إن أبا الحسن يريد -أي: بهذه الكلمة- منهجًا جديدًا يدخل فيه جميع الطوائف من تبليغ وإخوان وقطبية ومغراويين وعرعوريين".اهـ.
فقال الشيخ معلقًا في الحاشية: "وأقول أنا: إن كان أبوالحسن يريد بهذا المنهج الواسع: المنهجَ الإسلاميَّ الذي يهتم بالقضايا كلها، عقائديًّا، وسياسيًّا، ومعاملاتٍ، وعلاقة الفرد بالفرد، وبالأسرة، وبالمجتمع، ومعالجة المشاكل التي تتصل بالناس في عقائدهم ومناهجهم؛ فحبذا، وإن كان يريد أن منهج السلفيين مثل منهج الإخوان: يسع الروافض والخوارج وغلاة الصوفية وغيرهم من أهل الضلال؛ فالقول به والدعوة إليه في غاية الخطورة، وأرجو أن أبا الحسن لا يريد ذلك".اهـ.
فها أنت -أيها الشيخ - تحتمل لهذه الكلمة احتمالين، أحدهما حسن، والآخر قبيح، ثم إنك نزَّهتني -آنذاك- عن المعنى القبيح، بقولك: "وأرجو أن أبا الحسن لا يريد ذلك" فما هو الجديد الذي طرأ عليك، حتى حَشَرْتَ هذه الكلمة في جملة ما تنتقده عليَّ؟!! الجواب يعرفه كثير من الناس، والحمد لله رب العالمين".
واما شيوخنا الذين ردوا هذه الكلمة ؛ فكانوا مصيبين في ردهم لاحتمالها معنى باطلا –كما اقر بذلك أبو الحسن نفسه- , فقد يبني عليها البعض لإدخال أهل البدع في أهل السنة ؛ والتهوين من ضلالاتهم وانحرافاتهم ؛ لكن هل هم نسبوا ذه الإرادة للشيخ أبي الحسن المأربي ؟؟ قطعا كلا .

أحد عشر : ثم ربط الأخ ما نسبه إليّ من قولي بمنهج التخيير المذموم في الفتوى ؛ بمسلك تتبع الرخص في مسائل الخلاف -الذي حذّر منه أهل العلم- ؛ ويستطرد في نقل فتاوى مختلفة لأهل العلم في نحو ثمان صفحات , جميعها تدور حول مسألتي (الموقف من الأخذ بالرخص) , والموقف من (مسائل الخلاف) ؛ ليخرج بنتيجة –يسلم بها الجميه- وهي أن "هناك فرق بين الاستدلال بكلام أهل العلم في الخلاف، وبين التشهي والتخير من أقوالهم وتتبع رخصهم، فلابدَّ من التنبه لهذا الفرق , ومسلك تتبع رخص العلماء مسلك خطير وعواقبه وخيمة".
أقول : كل هذا محاولة من الأخ ليقنع نفسه بأن أبا العباس (يقول بمنهج التخيير) , ويقول (بتتبع الرخص) –إن لم يكن بلسان المقال فبلسان الحال- ؛ وكما يقال (لسان الحال أبلغ من لسان المقال) ؛ فلنتابع الأخ في محاولاته لإثبات أن أبا العباس يقول أو يعمل بهذين المنهجين الفاسدين (منهج التخيير في الأخذ بالأقوال) , ومنهج (الأخذ بالرخص)

إثنتا عشر : ثم نسب الأخ –غفر الله له- إليّ منهجا كاسدا آخر , وهو منهج التلفيق بين أقوال المجتهدين ؛ فقال : "وهناك مسلك هو أعظم خطراً من تتبع الرخص؛ ألا وهو التلفيق بين أقوال المجتهدين!، فيأتي أحدهم بقول أحد المجتهدين في جزء من مسألة، ثم يأتي بقول الآخر في جزئها الآخر، ثم يُزاوج القولين فيخرج منها قول مركب لا يقرُّه أحد المجتهدين!، ... وهذا التلفيق رأيته كثيراً في جملة من المقالات في المواقع والمنتديات؛ ومنها بعض مقالات الكاتب!!.
والفرق بين التلفيق وبين تتبع الرخص؛ هو أنَّ التلفيق جمع بين أقوال العلماء وتصرف فيها بقول لا يصححه أحد من المجتهدين، وقد ينتج عن ذلك إحداث قول جديد في المسألة لم يقل به مجتهد!!".
قلت : والأخ –غفر الله له- لم يقم دليلا على دعواه في مقدمته بل أحاله إلى بقية موضوعه بقوله –بعد ذلك- : "ولنشرع الآن في بيان تتبع الرخص والتلفيق بين أقوال أهل العلم الذي سلكه الكاتب في سلسلته!؛ والذي ظنَّه البعض أنه استدلال بكلام أهل العلم!!".

ثلاثة عشر : ثم لم يكتف بذلك –كله- من اتهامات جائرات ؛ حتى أضاف إليها على عجالة- تهمتين أخريتين مفادهما " أنَّ الكاتب يناقش في بعض المسائل في غير محل النزاع!، ويحمل كلام بعض أهل العلم ما لا يحتمل!، ويضعه في غير موضعه!".
فأقول : وهذه التهمة كسابقاتها مرجئا ذلك إلى تتمة الموضوع .

قلت : وزبدة المقدمة وخلاصتها :
ان الأخ رائد سوف يحاول في بقية موضوعه أن يثبت بأن (أبا العباس) :
أولا : يتبنى (منهج التخيير) المبني على الأخذ بكل الأقوال التي هي من اجتهادات العلماء في مسألة ما، فكل ما صدر عن أحد من أهل العلم من باب الاجتهاد في مسائل الخلاف المعاصرة يسوغ لمن بعدهم أن يقولوا به ولا يسوغ فيه الإنكار!!؛ بل ويكون أصلاً علمياً عندي! ولو قيل اجتهاداً، بل ولو كان قولاً قديماً .
ثانيا : وأنه يتبنى (تتبع رخص العلماء) بمعنى : بناء الأصول على كل ما هو الأهون والأسهل والأرفق والأوسع من كلام أهل العلم من غير متابعة لهم بدافع قوة الدليل وإنما بدافع الرغبة في إتباع الأيسر أو الأخف أو الأوسع .
ثالثا : وأنه يعتمد أسلوب (التلفيق بين أقوال المجتهدين) بمعنى : "الجمع بين أقوال العلماء وأتصرف فيها بقول لا يصححه أحد من المجتهدين، وقد ينتج عن ذلك إحداث قول جديد في المسألة لم يقل به مجتهد" , أي "أنه يأتي بقول أحد المجتهدين في جزء من مسألة، ثم يأتي بقول الآخر في جزئها الآخر، ثم يزاوج القولين ليخرج منها قول مركب لا يقرُّه أحد المجتهدين".
رابعا : أنه " يناقش في بعض المسائل في غير محل النزاع".
خامسا : وأنه "يحمل كلام بعض أهل العلم ما لا يحتمل! ويضعه في غير موضعه".
ونحن -بعون الله- سوف نقف مع الأخ في كل حلقة من حلقات (بين منهجين) , ونوقفه عند كل واحدة منها ؛ لنعرف حقّ طرحه من باطله , وصدق اتهاماته من ؟؟ , ومدى علمه بما يتكلم به !!, والله الموفق .

تنبيه : لمتابعة تتمة النقض ينظر -لاحقا- في (الحلقة الأولى) من سلسلة (بين منهجين) : (مبنى الحكم على الرجال هل هو اجتهادي او نصي؟) على الرابط :

https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=4856









قديم 2014-02-08, 12:56   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
علي الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية علي الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومحمد17 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
هو احد المشايخ السلفيين وهو من كتاب موقع كل السلفيين
ولا يعنينا الكاتب بقدر ما يعنيننا ما يكتب

غفر الله لك ..
كيف لا يعنينا الكاتب ؟
قال الإمام ابن سيرين رحمه الله :
إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم !..

بل و نسبت إلى الصحابة رضوان الله عليهم ..

**********
هل من ترجمة لأبي العباس ؟









آخر تعديل علي الجزائري 2014-02-08 في 13:49.
موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
منهجية, منهجين, سلسلة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc