بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين،و الصلاة و السلام على عبده و رسوله و خيرته من خلقه،و أمينه على وحيه نبينا و إمامنا محمد بن عبد الله،وعلى آله و صحبه،و من سلك سبيله و اتبع هداه إلى يوم الدين.
........
المرأةُ كَوْكَبٌ يَستنيرُ به الرّجُلُ!
آمال عوّاد رضوان.
"و لو كُنَّ النّساءُ كمَنْ فقدْنا/ لفضّلتُ النّساءَ على الرِّجَال/ فما التّأنيثُ لاسْمِ الشّمسِ عيْبًا/ و لا التّذكيرُ فخْرًا للهلالِ"!
بهذه الكلماتِ رثى المتنبّي شاعرُ البلاط إحدى قريباتِ الأمير سيفِ الدّولة الحمَداني،فهل كانَ الرّثاءُ رياءً،و مجرّدَ مجاملةٍ فيها منفعةٌ خاصّة،أم أنّه يعكسُ حقيقةَ المرأةِ و تقديرَها آنذاك؟
و هاهو شكسبير يقول: "المرأةُ كوكبٌ يَستنيرُ به الرّجُلُ،و مِنْ غيرِها يَبيتُ الرّجلُ في الظّلام"!
لقد نظرَ المتنبّي الشّرقيّ و شكسبير الغربيّ بانفتاحٍ لمكانةِ المرأة و تعزيزها،فليستْ تاءُ التّأنيثِ وصمةَ عارٍ أو شارةَ انتقاصٍ،بل تزيدُها وقارًا و قدْرًا،فكما أنَّ الشّمسَ أمُّ الضّوءِ،و قاهرةُ العتمةِ و آيةٌ لحياتِنا و أرزاقِنا،و كما تعكسُ نورَها على الهلالِ فيبدو مضيئّا،كذلك المرأةُ هي شمسُ البشريّةِ و الوجودِ،إذ تُضفي لمسةَ جمالٍ للطّبيعةِ البشريّةِ و الكونيّة،بحنانِها و ضوئِها و دفئِها، و تكتملُ دورةُ الحياةِ بشروقِها و غروبِها،فيقولُ الموسيقار بتهوفن:
"أيّتُها المرأةُ،إنّي لا أحسُّ بجَمالِ و روعةِ الطّبيعة، إلاّ عندما تلمَسينَ أزهارَها بأناملِكِ الجميلة"!
فهل قصدَ بتهوفن الطّبيعةَ بتضاريسِها،أم شخصَهُ و طبيعةَ الجسدِ،ليؤكّدَ بذلك مقولة أخرى،بأنّ "الرّجلَ جذعُ الشّجرةِ و ساقُها و أوراقُها،أمّا المرأةُ فهي ثمارُها"؟ و إن كان صِدْقًا "مِن ثمارِهِم تعرفونَهم"،فهل عرفنا عن المرأةِ إلاّ ما يوجِبُ أن نفخرَ بها و نُمجّدَها و نُكرّمَها،تلكَ مَن سمَتْ بأنوثتِها حُبًّا وعطاءً،وعَلتْ بأمومتِها حنانًا و تضحية؟!
المرأةُ؛هذا المخلوقُ اللّينُ،أمكنَها أن تتكيّفَ و بيئتَها بكلِّ أناةٍ و جلَدٍ،و قد وهبَها الباري قدرةً فائقةً على تحمّلِ الظّروفِ البيئيّةِ الصّعبةِ كي تتأقلمَ معها،ليسَ مِن منطلقِ ضعْفِها أو رضاها بمهانتِها،و إنّما محاولةً منها بصبْرها و حِكمتِها، أن تُوازنَ كلّ خللٍ قد يودي بالأسْرةِ و المجتمع، فتتحمّلُ بتضحيتِها مِن أجل الآخرين،لأنّها لا تجدُ مَن يُنصِفُها في مجتمعٍ أدمنَ على قهرِها و إذلالِها، و لا شكّ أنّها دوْمًا تحلُمُ رغمَ كلِّ المآسي العاصفةِ بها،أنّها ستحظى بواحةِ الأمان فلا تنكسر،كما يقول الفيلسوف (زواتلى): "المرأةُ كالغصنِ الرّطبِ،تميلُ إلى كلِّ جانبٍ مع الرّياح،و لكنّها لا تنكسرُ في العاصفة"!
فهل المرأةُ شجرةٌ أم فننٌ أم ثمرُ،أم هديّةٌ ربّانيّةٌ كرّمها الله فجعلَ منها أمَّ البشريّةَ،كما يقول الفيلسوف سقراط": "المرأةُ أحلى هديّةٍ قدّمَها اللهُ إلى الإنسان"؟
و "سعيد فريحة" يصرّحُ بملءِ كبريائِهِ: "المرأةُ في نظري هي الّتي تجعلُني أحسُّ بكياني كرجُل"!
فهل واهبةُ الحنانِ و العاطفةِ،و زارعةُ حقول الحياةِ بابتساماتِها الورديّة،يمكنها أن تعطّرَ القلوبَ المتعبةَ بأريج السّعادةِ و الطّمأنينةِ دائمًا؟
و إنْ كانت هي منبعُ البهجةُ و السّعادة،كما يقول كونفوشيوس: "المرأةُ أبهجُ شيءٍ في الحياة"،
فهل يؤمنُ الرّجلُ الشّرقيُّ أنّ المرأةَ ليستْ مِن سقط المتاع و الميراث،و لا تخضعُ شرعًا للضّربِ و الهجرِ و الحرمانِ و التّهديد و الوعيد،كما لا يمكنُ الاستغناء عنها؟
بلزاك يؤكّدُ: "المرأةُ مخلوقٌ بينَ الملائكةِ و البَشر، و أقربُ الكائناتِ للكمالِ"!
فهل نقرُّ أنّ لها حقًّا في إنسانيّتها،إضافة إلى واجباتها،و أنّها قد تفوقُ الرّجلَ علمًا و صلاحًا و جدوى؟
نعم،مدرسةُ الأجيال هي،كما أشادَتْ بها الرّسالاتُ السّماويّة،و كما بَجّلها فلاسفةُ الأرضِ و شعراؤُها و أدباؤُها،فها رديارد كبلنج قال: "المرأةُ وحدَها الّتي علّمتْني ما هي المرأة"!
و أناتول فرانس قال: "المرأةُ هي أكبرُ مربّيةٍ للرّجل،فهي تعلّمُهُ الفضائلَ الجميلةَ،و أدبَ السّلوكِ و رقّةَ الشّعور"!
و شاعرُ النّيل حافظ إبراهيم يُجْمِلُ إيمانَهُ: "الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها/ أعددْتَ شعبًا طيّبَ الأعراقِ"!
هذا الكيانُ المدعو "امرأةً"،قد يشكّلُ نصفَ المجتمع و الأمّةِ إنْ لم يكنْ أكثر،فيَقرعُ النّاقوسَ منبِّهًا جمالُ الدّين الأفغاني: يا بني أمّي،"لا أمّةَ بدونِ أخلاق،و لا أخلاقَ بدونِ عقيدةٍ،و لا عقيدةَ بدون فهم"!
نقطةٌ مركّبةُ الأبعادِ و الاتّجاهات انبثقتْ مُجلجلةً، فهل حقًّا نفتقر إلى العقيدة،أم أنّها مُتواجدةٌ مُغيَّبةٌ، لكنّنا نفتقرُ إلى فهمِها و التحلّي بها،فنزدانُ بفضائلِها حينَ نتخلّقُ بها؟
هل يمكنُنا أن نصحّحَ اعوجاجَ مجتمعاتِنا فكريًّا، لنخرجَ عن عاداتِنا المتوارثةِ البالية بشأن المرأة، و نُحْسِنُ التّعامل معَها كإنسانٍ و كيانٍ؟
كيفَ يتأتّى لنا الصّلاحُ و الإصلاح؟
أ.ح.
........
هذا النمط من المواضيع يذكرني بمواضيعي في منتدى اللغة الفرنسية و المتمثلة ب larb! show
و التي تتمثل في جمع و نقل مجموعة من الأقوال و الأمثال و المأثورات في موضوع واحد لتشكيل رؤية معينة و التي لاقت نجاحا و غالبا ما يطلب مني الأعضاء الإستمرار في هذا الأسلوب و جميل أن تطبق نفس الفكرة على المواضيع باللغة العربية فهي لا تقل سحرا عن باقي اللغات..
ملاحظة أخرى في الموضوع الكاتبة قالت المتنبي شاعر بلاط و لا أوافقها الرأي لأن المتنبي لم يكن كذلك فالمتنبي كان شاعرا بأتم معنى الكلمة و ألقى بظله على جميع أشعاره صحيح أنه كان ينتقل من ممدوح إلى آخر و لكن وصفه بشاعر بلاط أعتبرها إهانة للمتنبي....ينابيع الصفاء.
