المقامة 02:
@@ بلدة الخعخيع @@
حدثني "ماعا" الجوال عن إحدى رحلاته فقال: " بلغني ذات صباح من أيام الربيع أنه في بلدة تدعى الخعخيع إشتهر أهلها بأكل الجرابيع و كذا حبهم للتمنشير و التقطيع - أنه إن صادف مرتحلا و أن سلم عليهم قالو (خع) و إن أمسى عليهم ردوا (خيع) و هذا هو سر تسمية البلدة الوضيع التي كثر فيها الحديث عن عفريت شنيع قيل أنه طويل القامة نحيف الجسم لكنه سريع فهرولت مسرعا إلى إصطبلي البديع فكشر البغل عن أسنانه و كأنه أدرك ما أريد فامتطيته قاصدا بلدة الخعخيع فسمعت لدى وصولي الخبر المريع أن العفريت قد سرق كثيرا من الحليب بل وكل زجاجة رضيع فاندهشت و فكرت مليا ثم أجزمت أن هذه الصفات البليدة لن تكون إلا لصديقي الخبيث اللئيم الطربيع الذي يهاب الجرابيع و المعروف في قريتنا بالمشاغبة و شر الصنيع و كحل لهذه المعضلة فكرنا سوية بوضع حصن منيع لكنني بسرعة أدركت الحل الرفيع فتدخلت فهامتي و نصحتهم بوضع جربوع بكل بيت فكان أن ارتاح الجميع و أختفى الطربيع لأيام و أسابيع فسقت بنشوة بغلي الوديع إلى حيث أروي و أحكي ما سمعت و أذيع , فتمنيت لو أجد ذلك القرد الطربيع فأحمش أهل القرية عليه فينال حظه من الضرب حتى يغدو كالثعبان الصريع و أنا أتمتع بالمنظر دون أن اكون له حاميا أو شفيع."