بدء الخلق وعجائب المخلوقات - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بدء الخلق وعجائب المخلوقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-30, 00:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة بدء الخلق وعجائب المخلوقات

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



الجمع بين القول بكروية الأرض
وبين قوله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا )


السؤال :

طلب شخص غير مسلم منى أن أشرح هذه الآيات : في سورة نوح الآية 19 (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) ، وفى سورة النبأ الآية 6 (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) ؛ ماذا يعنى هذا ؟

وفى سورة الحجر الآية 19 (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) ؛ هل يعني ذلك أن الأرض مسطحة ؟ وفي "تفسير الجلالين" أن الأرض مسطحة ، وهذا ضد العلوم القائمة .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

أجمع أهل العلم على كروية الأرض ، إلا أنها في أعين الناظرين مسطحة ؛ لأنها كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة ، لكنها في جملتها وحقيقتها كروية .

قال ابن حزم رحمه الله :

" البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها "

انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/78) .
.
ثانيا :

قوله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا ) نوح/ 19 ، يدل على أنها منبسطة ، مهيأة للانتفاع بها ، قال ابن كثير :" أَيْ بَسَطَهَا وَمَهَّدَهَا وَقَرَّرَهَا وَثَبَّتَهَا بِالْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 247) .

وكذا قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) النبأ/ 6 ، أي: ممهدة مهيأة لكم ولمصالحكم، من الحروث والمساكن والسبل .
قال ابن كثير :

" أَيْ مُمَهَّدَةٌ لِلْخَلَائِقِ ذَلُولًا لَهُمْ قَارَّةً سَاكِنَةً ثَابِتَةً "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 307) .

وقوله تعالى : (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) الحجر/ 19 ، أي بسطناها وجعلنا فيها جبالا ثوابت ، وهذا كقوله : ( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ) الرعد/ 3 .

ولا منافاة بين القول بكرويتها والقول بانبساطها ، فهي في حقيقتها وجملتها العظيمة الكبيرة الهائلة : كروية ، وهي في عين الناظر مسطحة مستوية ، كما يظهر لكل الخلق .

قال الرازي رحمه الله :

" فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَدُلُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) عَلَى أَنَّهَا بَسِيطَةٌ؟

قُلْنَا: نَعَمْ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ ، بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا كُرَةً ؛ فَهِيَ كُرَةٌ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ ، وَالْكُرَةُ الْعَظِيمَةُ يَكُونُ كُلُّ قِطْعَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْهَا ، إِذَا نُظِرَ إِلَيْهَا ، فَإِنَّهَا تُرَى كَالسَّطْحِ الْمُسْتَوِي، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ زَالَ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْإِشْكَالِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) النَّبَأِ/ 7 ، سَمَّاهَا أَوْتَادًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يحصل عليها سطوح عظيمة مستوية، فكذا هاهنا "

انتهى من "تفسير الرازي" (19/ 131) .

وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

" إِذَا كَانَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ يُثْبِتُونَ كُرَوِيَّةَ الْأَرْضِ، فَمَاذَا يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) إِلَى قَوْلِهِ (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) ؟

وَجَوَابُهُمْ كَجَوَابِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ، أَيْ فِي نَظَرِ الْعَيْنِ ; لِأَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ عَنْ أُمَّةٍ ، وَتَسْتَمِرُّ فِي الْأُفُقِ عَلَى أُمَّةٍ أُخْرَى، حَتَّى تَأْتِيَ مَطْلَعَهَا مِنَ الشَّرْقِ فِي صَبِيحَةِ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَيَكُونُ بَسْطُ الْأَرْضِ وَتَمْهِيدُهَا، نَظَرًا لِكُلِّ إِقْلِيمٍ وَجُزْءٍ مِنْهَا ، لِسِعَتِهَا وَعِظَمِ جِرْمِهَا.

وَهَذَا لَا يَتَنَافَى مَعَ حَقِيقَةِ شَكْلِهَا ; فَقَدْ نَرَى الْجَبَلَ الشَّاهِقَ، وَإِذَا تَسَلَّقْنَاهُ وَوَصَلْنَا قِمَّتَهُ وَجَدْنَا سَطْحًا مُسْتَوِيًا ، وَوَجَدْنَا أُمَّةً بِكَامِلِ لَوَازِمِهَا، وَقَدْ لَا يَعْلَمُ بَعْضُ مَنْ فِيهِ عَنْ بَقِيَّةِ الْعَالَمِ ، وَهَكَذَا "

انتهى من "أضواء البيان" (8/ 428) .

وقال الشيخ رفيع الدين ابن ولي الله الدهلوي رحمه الله ، في كتاب "التكميل":

"أهل الشرائع يفهمون من مثل قوله تعالى (الْأَرْضَ فِرَاشًا)، و (دَحَاهَا)، و (سُطِحَتْ) أنها سطح مستو، والحكماء يثبتون كرويتها بالأدلة الصحيحة فيتوهم الخلاف، ويدفع بأن القدر المحسوس منها في كل بقعة سطح مستو، فإن الدائرة كلما عظمت قل انجذاب أجزائها فاستواؤها باعتبار محسوسية، أجزائها، وكرويتها باعتبار معقولية جملتها انتهى " .
نقله عنه " صديق حسن خان"

في تفسيره "فتح البيان" (15/208) .

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-30, 00:52   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل هناك تعارض بين الآيات الدالة على كروية الأرض
والآيات التي تدل على أن الأرض مسطّحة؟


السؤال:


في قوله : ( والأرض بعد ذلك دحاها ) ، ( والأرض مددناها ) ، ( نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) .

فما هي أطراف الأرض ؟

وهذه الآيات تدل على أن الأرض مسطحة ، فهل تتعارض مع الآيات التي تدل على أن الأرض كروية ؟


الجواب
:

الحمد لله

أولا :

أجمع أهل العلم على كروية الأرض ، ودل على ذلك كتاب الله تعالى ، كما في قوله عز وجل : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) الزمر/5 .

ولكنها في أعين الناظرين مسطحة ؛ لأنها كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة ، لكنها في جملتها كروية .

سئل علماء اللجنة :

هل الأرض كروية أو مسطحة ؟

فأجابوا : " الأرض كروية الكل مسطحة الجزء " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 414) .

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" لو قال قائل: إن الله عز وجل أخبر أن الأرض قد سطحت، قال: ( وإلى الأرض كيف سطحت) الغاشية/ 20 ، ونحن نشاهد أن الأرض مكورة ، فكيف يكون خبره خلاف الواقع ؟

فجوابه : أن الآية لا تخالف الواقع ، ولكن فهمه خاطئ إما لقصوره أو تقصيره ، فالأرض مكورة مسطحة ، وذلك لأنها مستديرة ، ولكن لكبر حجمها لا تظهر استدارتها ، وحينئذ يكون الخطأ في فهمه، حيث ظن أن كونها قد سطحت مخالف لكونها كروية "

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 644) .

ثانيا :

قال الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد/ 41 .

وقال تعالى : ( أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الأنبياء/ 44 .

اختلف العلماء في تفسير هذا النقصان المذكور لأطراف الأرض ، على عدة أوجه :

قال ابن كثير رحمه الله :

" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ : ( نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) ، قَالَ: خَرَابُهَا ، وَقَالَ الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ : هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتُهَا ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَقْعُدُ فِيهِ ، وَلَكِنْ هُوَ الْمَوْتُ ، وَقَالَ ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية ، كقوله: ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى ... ) الآية الأحقاف/27 . وهذا اختيار ابن جرير "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/406) ، وينظر "زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 501) .

وقال الشوكاني رحمه الله :

" أَيْ: نَأْتِي أَرْضَ الْكُفْرِ كَمَكَّةَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِالْفُتُوحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَهْرِهِمْ قَدْ ظَهَرَ، يَقُولُ:

أولم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ ، فَكَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ؟ وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : مَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الطَّرَفُ : الرَّجُلُ الْكَرِيمُ ،

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآيَةِ : أَنَّا أَرَيْنَاهُمُ النُّقْصَانَ فِي أَمْرِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِقَابِ عَنْهُمْ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَوْتِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ : خَرَابُ الْأَرْضِ الْمَعْمُورَةِ حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ: هَلَاكُ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَمِ وَقِيلَ : الْمُرَادُ : نَقْصُ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: جَوْرُ وُلَاتِهَا حَتَّى تَنْقُصَ "

انتهى من "فتح القدير" (3/ 108) .

وما اختار الإمام ابن جرير رحمه الله ، وتابعه عليه ابن كثير ، هو أيضا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره
.
قال السعدي رحمه الله :

" والظاهر - والله أعلم - أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها، ويحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد، ولهذا قال: ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي " انتهى من " تفسير السعدي" (ص 420) .
واختاره ـ كذلك ـ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كما في "لقاء الباب المفتوح" (167/ 22) بترقيم الشاملة .

وعلى ذلك : فيكون معنى أطراف الأرض : نواحيها وجوانبها .

قال الأزهري رحمه الله في "التهذيب" (13/219) :

" أطرافُ الأَرْض : نَوَاحِيهَا ، الْوَاحِد طَرَف ، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: ( أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) ، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة نَاحيَة " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-30, 00:57   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإجماع على كروية الأرض

السؤال :

هل هناك إجماع على كروية الأرض ؟ وإذا كان فما هي الأدلة من القرآن أو السنة أن الأرض كروية أو بيضاوية ؟


الجواب :

الحمد لله

حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على كروية الأرض ، ومن ذلك :

ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أبي الحسين ابن المنادي رحمه الله ، حيث قال " وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد : لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة .....
.
قال : وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة . قال : ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد ، بل على المشرق قبل المغرب "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/195) باختصار .

وسئل رحمه الله

: عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان " ؟ فقال أحدهما كريان ؛ وأنكر الآخر هذه المقالة وقال : ليس لها أصل وردها فما الصواب ؟ فأجاب : " السموات مستديرة عند علماء المسلمين ، وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام : مثل أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف

وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي ، وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين ، وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ، وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية ، وإن كان قد أقيم على ذلك أيضا دلائل حسابية ، ولا أعلم في علماء المسلمين المعروفين من أنكر ذلك

إلا فرقة يسيرة من أهل الجدل لما ناظروا المنجمين قالوا على سبيل التجويز : يجوز أن تكون مربعة أو مسدسة أو غير ذلك ، ولم ينفوا أن تكون مستديرة ، لكن جوزوا ضد ذلك ، وما علمت من قال إنها غير مستديرة - وجزم بذلك - إلا من لا يؤبه له من الجهال ..."

انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/586) .

وقال أبو محمد ابن حزم رحمه الله : " مطلب بيان كروية الأرض :

قال أبو محمد وهذا حين نأخذ إن شاء الله تعالى في ذكر بعض ما اعترضوا به ، وذلك أنهم قالوا : إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية ، والعامة تقول غير ذلك ، وجوابنا وبالله تعالى التوفيق : أن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ، ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة ، بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها ... " وساق جملة من الأدلة على ذلك

"الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/78) .

ومن الأدلة على كروية الأرض :

قوله تعالى : ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) الزمر/5 .

وقد استدل ابن حزم وغيره بهذه الآية .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الأرض كروية بدلالة القرآن ، والواقع ، وكلام أهل العلم ، أما دلالة القرآن ، فإن الله تعالى يقول : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) ، والتكوير جعل الشيء كالكور ، مثل كور العمامة ، ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض ، وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية ؛ لأنك إذا كورت شيئاً على شيء ، وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية .

وأما دلالة الواقع فإن هذا قد ثبت ، فإن الرجل إذا طار من جدة مثلاً متجهاً إلي الغرب خرج إلى جدة من الناحية الشرقية إذا كان على خط مستقيم ، وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان .

وأما كلام أهل العلم فإنهم ذكروا أنه لو مات رجل بالمشرق عند غروب الشمس ، ومات آخر بالمغرب عند غروب الشمس ، وبينهما مسافة ، فإن من مات بالمغرب عند غروب الشمس يرث من مات بالمشرق عند غروب الشمس إذا كان من ورثته ، فدل هذا على أن الأرض كروية ، لأنها لو كانت الأرض سطحية لزم أن يكون غروب الشمس عنها من جميع الجهات في آن واحد ، وإذا تقرر ذلك فإنه لا يمكن لأحد إنكاره

ولا يشكل على هذا قوله تعالى : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ . وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ . وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ . وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) لأن الأرض كبيرة الحجم ، وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة ، فهي بحسب النظر مسطحة سطحاً لا تجد فيها شيئاً يوجب القلق على السكون عليها

ولا ينافي ذلك أن تكون كروية ، لأن جسمها كبير جداً ، ولكن مع هذا ذكروا أنها ليست كروية متساوية الأطراف ، بل إنها منبعجة نحو الشمال والجنوب ، فهم يقولون : إنها بيضاوية ، أي على شكل البيضة في انبعاجها شمالاً وجنوباً " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

وبهذا تعلم أن كون الأرض كروية ، لا ينافي كونها كالبيضة ، وإنما القول الباطل هو الزعم بأنها مسطحة كما كانت تعتقد الكنيسة ، ولهذا كانت تلعن وتحرق من يقول بكرويتها من العلماء

وينظر : "العلمانية نشأتها وتطورها" (1/130) .
\
والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-30, 01:01   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عنده تساؤل حول حركة الأرض ودورانها .

السؤال :

ينص القرآن على أن الأرض لا تتحرك ، وأن الشمس والقمر يدوران حولها ، وهو الرأي الذي يقول به الشيخ ابن عثيمين ، وابن باز ، والفوزان ، ولكن هذا القول مخالف لما تعلمناه في المدرسة في بريطانيا ، وأن هذه من الحقائق العلمية ، ولكنني أتبع القران والسنة ، ولذلك أتجاهل هذه النظريات العلمية متى ما تعارضت مع الإسلام

ولكن تأتيني خواطر سيئة ، ومتى ما حصل ذلك أتجهم ، وأشعر بالغثيان بسبب هذه الأفكار ، فأنا دائمًا أقول : إنني أؤمن بما في القرآن والسنة ، وفي بعض الأحيان أقول لنفسي : تجاهل هذه الوساوس ، ولكن هذه الوساوس لا تغادرني ، لذا أبحث عن الأجوبة على الانترنت

وهذا جعلني أفكر أن سبب بحثي عن الجواب هو لإنني شككت في البداية في صحة ما جاء به القرآن وعليه فقد كفرت ، مع العلم أنني قرأت في الماضي بعض المواد المعادية للإسلام مما جعلني في ضيق ، فبحثت عن الأجوبة عن طريق الانترنت ، فهل هذا الشك الذي يساوروني مخرج من الملة ؟

مع العلم لو شكك أحدهم بالقرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أمامي أشعر بالضيق مباشرة ، وأرفض ما يقال أمامي
.
الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا بد أن تعرف أولاً : أن ما نص عليه الكتاب والسنة الصحيحة نصاً لا يحتمل إلا معنى واحداً ، فإن منكره كافر لا محالة .

فمن ذلك : أن الله خالق كل شيء ، الكون بما فيه ، ومن فيه ؛ فمن زعم أن شيئا في الكون ، لم يخلقه الله : فهو كافر كفرا أكبر ، خارج من ملة الإسلام .

وأما ما لم يذكره الكتاب والسنة الصحيحة بخصوصه ، أو لم ينصا عليه ، فهو دون الأول .

ويخبو وهج الإنكار على المختلفين فيه ووصمهم بالبدعة أو الكفر ، كلما تضاءلت درجة دلالة النصوص على المسألة ، وظهورها فيما هو محل الإشكال ؛ حسبما هو مقرر في علم أصول الفقه.

ثانيا :

ومن الأمور التي لم ينص عليها صراحة ، بخصوصها : حركة الأرض ؛ فإن الكتاب والسنة الصحيحة ، لم يعمدا إلى بيان حال ذلك ؛ إثباتاً أو نفياً .

نعم توجد بعض النصوص التي تشير إليها ، كعادة القرآن والسنة في الإشارة إلى بعض الظواهر العلمية التي لم يتوصل إليها أهل ذلك العصر ، فيشير إليها القرآن بإشارة تثبتها ، ولكن دون صراحة تُنَفِّرُ الناس حينها وتشككهم في القرآن لقصور معارفهم العلمية الطبيعية . وتكون هذه الإشارة دليلاً لأهل العصور التالية

حين يتقدم العلم وينكشف المزيد من الحقائق ، فيتطابق حينها العلم مع إشارات القرآن ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) سورة فصلت /53 .

قال الزحيلي في " التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج " (25/16)

" أي سنظهر لهم دلالات صدق القرآن، وعلامات كونه من عند الله ، في أقطار السموات والأرض ، المشتملة على خلق الشمس والقمر والنجوم، وتعاقب الليل والنهار، وأحداث الكون الرهيبة من الأعاصير والبراكين والصواعق، وعظمة الجبال والبحار، وإبداع صنع النباتات والأشجار، وما يحدث في الأرض من فتوحات كبري على أيدي المسلمين في أرجاء الأرض المحيطة بمكة والجزيرة العربية. وهذا الإخبار عن الغيب معجزة .

وسنظهر صدق القرآن وأنه منزل من عند الله أيضا في خلق أنفس البشر، وما فيها من إبداع الصنعة، وعظمة التركيب : ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ، وفي مصائر الناس وتبدل أحوال أهل مكة العتاة من سادة متكبرين إلى أذلة صاغرين .

كل ذلك ليعرفوا من هذه الوقائع والأحداث والخلائق ، ويتبينوا بجلاء : أن القرآن ، ومُنْزِلَه ، ومن أُنزل عليه : حق وصدق لا شك فيه .

وإذا لم ينظروا ويتأملوا ، فتكفي شهادة الله بأن القرآن حق، فقال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ؟ أي كفى بالله شاهدا على أفعال عباده وأقوالهم ، من الكفار وغيرهم ، وكفى به شاهدا على أن القرآن منزل من عنده " انتهى .

وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله : في هذا المعنى " س - ماذا تقولون في دوران الأرض ؟

الشيخ : نحن الحقيقة لا نشك في أن قضية دوران الأرض حقيقة علمية لا تقبل جدلا .

في الوقت الذي نعتقد أن ليس من وظيفة الشرع عموما ، والقرآن خصوصا : أن يتحدث عن علم الفلك .

ودقائق علم الفلك وإنما هذه تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تأبير النخل حينما قال لهم ( إنما هو ظن ظننته فإذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فأتوا منه ما استطعتم وما أمرتكم من شيء من أمور دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .

فهذه قضايا ليس من المفروض أن يتحدث عنها الرسول عليه السلام ، وإن تحدث هو في حديثه، أو ربنا عز وجل في كتابه ؛ فإنما لبالغة أو لآية أو معجزة ، أو نحو ذلك .

ولذلك فنستطيع أن نقول : إنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما ينافي هذه الحقيقة العلمية المعروفة اليوم ، أو التي تقول بأن الأرض كروية ، وأنها تدور بقدرة الله عز وجل في هذا الفضاء الواسع .

بل يمكن للمسلم أن يجد ما يشعر ، إن لم نقل ما ينص على أن الأرض ، كالشمس وكالقمر ، من حيث إنها كلها في هذا الفراغ ، كما قال عز وجل ( وكل في فلك يسبحون ) .

لا سيما إذا استحضرنا أن قبل هذا التعميم الإلهي بلفظة ( وكل ) ؛ هي تعني الكواكب الثلاثة ، حيث ابتدأ بالأرض فقال ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ) ، ثم قال ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) سورة يس / 33- 40 .

لفظة (كل) تشمل الآية الأولى ؛ الأرض ، ثم الشمس ، ثم القمر ، ثم قال تعالى ( وكل في فلك يسبحون ) هذا ظاهر من سياق الآيات هذه ......

هذا أقوله ؛ فإن صح ، فبها ونعمت .

وإن لم يصح ، فأقل ما يقال : إنه لا يوجد في القرآن ، كما قلت آنفا ، ولا في السنة ، ما ينفي هذه الحقيقة العلمية "

انتهى من "سلسلة الهدى والنور" للشيخ الألباني - الإصدار 4 (497/ 10) .

وعلى كلٍ ، فمنكر حركة الأرض لا تثريب عليه شرعاً إذا لم تتضح له الإشارة القرآنية السابقة .

ومثبت الحركة لا تثريب عليه كذلك شرعاً، إذا فهمها من القرآن، أو علمها من العلوم الطبيعية .

وذلك أن حركة الأرض لا تُعد من العقائد الدينية التي يجب إثباتها ، أو نفيها .

وإنما هي – أصالة - مسألة من مسائل العلوم الطبيعية والتجريبية ، تبحث في علمها وفي بابها ، بحسب الأدوات الموصلة إلى اليقين ، أو الظن فيها . وقد جعل الله لكل شيء قدرا .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وفي قوله تعالى: (إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ) (وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُم) : دليل على أن الشمس هي التي تتحرك ، وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب .

خلافاً لما يقوله الناس اليوم ، من أن الذي يدور هو الأرض، وأما الشمس فهي ثابتة .

فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره ، وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلاَّ بدليل بَيِّن .

فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع : أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض ، فحينئذ يجب أن نؤول الآيات ، إلى المعنى المطابق للواقع . فنقول: إذا طلعت في رأي العين ، وإذا غربت في رأي العين، تزاور في رأي العين، تقرض في رأي العين .

أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع ، أن الشمس ثابتة ، والأرض هي التي تدور ، وبدورانها يختلف الليل والنهار ؛ فإننا لا نقبل هذا أبداً، علينا أن نقول: إنَّ الشمس هي التي بدورانها يكون الليل والنهار، لأن الله أضاف الأفعال إليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم حينما غربت الشمس قال لأبي ذر: "أتدري أين تذهب؟ " ؛ فأسند الذَّهاب إليها .

ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ، ولا نقبل حدْساً ولا ظناً، ولكن لو تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكانها ، وأن الأرض تدور حولها، ويكون الليل والنهار، فحينئذ تأويل الآيات واجب ، حتى لا يخالف القرآن الشيء المقطوع به. " انتهى من "تفسير سورة الكهف" (32-33) .

والحاصل :

أن مسألة دوران الأرض من عدمها : لا مدخل لها في زعزعة إيمانك ، أو تثبيته ؛ فاحذر من همزات الشيطان ، ووساوسه ، وتلبيسه .

وإنما الواجب أن تقدر المسألة بقدرها ؛ فمتى ثبت دوران الأرض ، أمكن تأويل ظواهر النصوص ؛ فإن الشرع لم يعمد إلى بيان ذلك صريحا ، ولا هو مما نزل القرآن لأجله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-30, 01:09   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

النيازك والأجرام المتحركة تسمى
في اللغة العربية نجوما وكواكب


السؤال:

سؤالي بخصوص الآية رقم/ 5 من سورة الملك، التي يقول الله سبحانه وتعالى فيها: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) إذ يقول ابن كثيرٍ في تفسيره : إنها تشير إلى النيازك ، وأنها مصنوعةٌ منها. إلا إننا نعرف من خلال العلم أن النيازك ليست لها علاقة بالنجوم إطلاقًا

وأنا أُدرك أنه لا يجوز الحكم على القرآن من خلال العلم ؛ لأن العلم متغير، ولكني أشعر أن لهذا القول سببًا وجيهًا؛ فلا يمكن للعلم أن يقرر ما إذا كان الشيء صحيحًا بنسبة (100%)؛ بل يمكنه أن يقرر خطأ هذا الشيء بنسبة (100%) ، فعلى سبيل المثال أن الأرض ليست مستوية. فنحن نعلم بنسبة (100%) أنها ليست مستوية

إلا أنه لا يمكننا الجزم بأنها مستديرة بنسبة (100%). لذا فما هو التأويل الصحيح لهذه المسألة ؟ فهذه هي الحجة الوحيدة التي يتداولها الكفار، والتي أشعر أنه من الصعب دحضها.


الجواب :


الحمد لله

هذا الشك أو الطعن لا نرى له وجها إطلاقا، ولا نعتقد أنه يستحق الوصف المذكور في السؤال، أنه "حجة يتداولها الكفار من الصعب دحضها"، لسبب يسير واضح لا يختلف فيه اثنان؛ ذلك أن اللغة العربية تطلق كلمة "النجم" على جميع الأجرام السماوية، فالشهاب نجم، والنيزك نجم، والكوكب نجم .

أما تخصيص اسم "نجم" بالجرم الضخم الثابت الملتهب المضيء بنفسه ، كالشمس، وتخصيص اسم "الكوكب" بالجرم الصلب غير الملتهب ، ككواكب المجموعة الشمسية، فهذا اصطلاح فلكي حادث جديد، لا ضير في اصطلاحه واستعماله؛ إذ لا مشاحة في الاصطلاح، ولكن من الغلط البيِّن محاكمة لغة القرآن الكريم إلى اصطلاحات المتأخرين

بل الواجب هو فهم القرآن الكريم بما تقتضيه اللغة العربية ، لأنها اللغة التي نزل بها القرآن ، ومن يغالط في هذا، حاله كحال من يفهم من كلمة (سيارة) في قوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ) يوسف/20، أنها هذه الآلة المعروفة اليوم التي يركبها الناس للسير بها بالطاقة الميكانيكية، ثم يعترض على القرآن بأن تاريخ صنع السيارات لم يكن على عهد يوسف عليه السلام، فكيف ذكرت السيارة فيه!

والجواب - هنا وهناك - : أنه لا بد من مراعاة اختلاف المفاهيم والمصطلحات، ولا بد من مراعاة لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم، فهي لا تعرف تخصيص كلمة "نجم" بالجرم المضيء، وإنما فيها أن الأجرام السماوية تنقسم إلى ثابت، ومتحرك ثاقب، ومضيء ومظلم، وكلها تسمى "نجوم"

هكذا جاء إطلاق القرآن الكريم، وفي الآية المذكورة من سورة الملك، قسمت النجوم إلى نوعين: نوع هي مصابيح للسماء تضيئها، وهي النجوم المضيئة المعروفة.

ونوع متحرك سيار، يشمل كل الشهب والنيازك والكواكب وغيرها، وهذه يسميها العرب "نجوما" أيضا.
فليس في الموضوع أي خطأ علمي، وإنما فيه تنوع في الدلالة والإطلاق والمعاني.

ولهذا كانت الهاء في قوله تعالى: (وجعلناها رجوما للشياطين) عائدة على جنس النجوم، والأجرام المتحركة ، وجميع الكواكب السيارة تسمى "نجوما" ، بلا تردد ، في اللغة العربية، فلا يوجد أي إشكال علمي في الآية الكريمة.
وهذه أقوال بعض أئمة اللغة العربية ، وأهل المعرفة بلسانها ، وطرائق بيانها :

يقول الفراهيدي رحمه الله:

"كل كوكب من أعلام الكواكب : يُسمى نجماً، والنُّجومُ تجمعُ الكواكب كلَّها" .

انتهى من " العين" (6/154)

ويقول ابن سيده:

"النجم: الكوكب" انتهى من "المحكم والمحيط الأعظم" (7/ 469) .

ويقول ابن منظور:

"النجم في الأصل: اسم لكل واحد من كواكب السماء"

انتهى من "لسان العرب" (12/ 570) .

ويقول الفيروزآبادي:

"النجم: الكوكب"

انتهى من "القاموس المحيط" (ص: 1161) .

ويقول الزبيدي:

"(النجم) اللام فيه للجنس، وكذا لام الكوكب، أي: كل منهما يطلق على الآخر"
.
انتهى من "تاج العروس" (4/ 157).

ومن الشعر الجاهلي يقول عامر المحاربي:

وكنا نجوما كلما انقض كوكب *** بدا زاهر منهن ليس بأقتما

ينظر "منتهى الطلب من أشعار العرب" (ص130) .

فتأمل كيف أطلق اسم "الكوكب" على ما ينقض ، أي يتحرك بسرعة وقوة منها.

ولتأكيد ذلك نسوق هنا – بعد الاستقراء – جميع موارد كلمتي "نجم"، و"كوكب" في القرآن الكريم، ليظهر فيها بدلالة واضحة ، مقدار الترادف بينهما، وأن الأجرام الفلكية المتحركة كالشهب والنيازك تسمى أيضا في اللغة العربية "نجوما" و"كواكب".

(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) النجم/ 1 .

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ) الطارق/ 1 –

3 .

(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ. لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى
وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)
الصافات/ 6 – 10 .

(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ
السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحِجر/ 16 – 18.

(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ
يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن/ 8، 9 .

ومنه أيضا ما ورد في "صحيح مسلم" (رقم/220) عن حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ ؟" .

فسماه كوكبا ، رغم كونه ساقطا متحركا.

وبذلك يتبين أن الشهب والنيازك هي – في عرف العرب – تسمى كواكب ونجوم أيضا.

ولكن ليست جميع الكواكب والنجوم ، شهبا ونيازك .

ويؤكد ما سبق أيضا : هذه الآيات الكريمات التي تتحدث عن زينة السماء ، وهداية الطريق ، والتسخير للإنسان : كلها تسمى : "نجوم"، كما هي أيضا : "كواكب" ؛ فمن ذلك :

(وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) النحل/ 16 .

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأنعام/ 97 .

(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) الأعراف/ 54 .

(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) النحل/ 12.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج/ 18 .

(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) الصافات/ 88.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) الطور/ 49.

(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) الواقعة/ 75 .

(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) المرسلات/ 8 .

(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) التكوير/ 1، 2 .

(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) الأنعام/ 76 .

(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) يوسف/ 4 .

(إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ) الانفطار/ 1، 2 .

هكذا يتبين بكل سهولة لقارئ القرآن الكريم : أنه جرى على ما جرت عليه عراقة اللغة العربية من التوسع في إطلاق كلمة "النجم" على الأجرام السماوية بأنواعها.

ولا ينكَر وجودُ تفريق دقيق بين "النجم"، و"الكوكب" لدى بعض علماء اللغة، لكن مناط الفرق هو الحجم، أو الحركة ، وأقوال أخرى ، وليس هو المناط المعاصر ، الذي هو الإضاءة بذاته من عدمها.

كما أن وجود التفريق : لا ينفي بحال من الأحوال إطلاق "النجم" و "الكوكب" على الأجرام السيارة المتحركة كالشهب
.
يقول العسكري رحمه الله:

"الكوكب : اسم للكبير من النجوم ، وكوكب كل شيء : معظمه .

والنجم : عام في صغيرها وكبيرها.

ويجوز أن يقال: الكواكب هي الثوابت. ومنه يقال: فيه كوكب من ذهب أو فضة؛ لأنه ثابت لا يزول.

والنجم : الذي يطلع منها ويغرب .

ولهذا قيل للمنجم: منجم ؛ لأنه ينظر في ما يطلع منها. ولا يقال له : مكوكب" .

انتهى من "الفروق اللغوية" (ص: 301) .

نرجو بهذا أن يزول الإشكال عن السائل الكريم بسهولة ووضوح.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 02:54   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



يستشكل طريقة زواج أولاد آدم عليه السلام ؟

السؤال:


على حد علمي فقد ذكر الإسلام أن آدم وحواء كانوا أول البشر والأنبياءعلى وجه الأرض ، وأن الناس جميعًا من ذريتهما، فإن كان هذا هو الحال، فسيتعين عليهم التزاوج من أجل إنجاب الذرية ، ثم سيتعين على ذريتهم التزاوج مع بعضهم أو مع آبائهم ؛ نكاح المحارم ، زواج الأقارب ؛ لإنجاب ذريةً أخرى

وهكذا ، فكيف يمكن ذلك؟ وكيف يوضح الإسلام ذلك؟ فنكاح المحارم محرمٌ في الإسلام على حد علمي ، وحتى إن لم يكن كذلك ، فوفقًا لعلم الوراثة فلن تكون هناك أجيال جديدة بعد خمسة أو ستة أجيال ناتجة من نكاح المحارم ، وإنما سيؤدي ذلك إلى ولادة أجنة ميتة ، أو أطفال مشوهة مع مشكلات وراثية كثيرة.

فكيف يمكن لشخصين فقط إنجاب هذا الكم الهائل من البشر في هذا الكوكب ، إلى أن وصل إلى التنوع الوراثي الذي نراه اليوم ؟ أو بالأحرى كيف يمكن لشخصين فعل ذلك على الإطلاق؟ وكيف يوضح الإسلام ذلك ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

الذي نص عليه القرآن الكريم من قصة بداية خلق البشر :

1- أن الله تعالى بدأ خلق الإنسان من طين ، وهو آدم أبو البشر عليه السلام .

قال الله تعالى :( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ) السجدة /7 .

2- وأن الله سبحانه وتعالى بعد أن خلق الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام ، خلق منه زوجته ، ثم خلق منهما جميع البشر .

قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء /1 .

وقال الله تعالى :( يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات /13 .

3- وبين القرآن الكريم أن خلق آدم عليه السلام كان من طين ، لكن نسله حصل بالتناسل من الماء (المني) .

قال الله تعالى :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون /12 – 14 .

وقال الله تعالى : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ) السجدة /7 – 9 .

أما كيف حصل تزاوج أولاد آدم عليه السلام ، وكيف حصل نسلهم ؟

فلم يثبت في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة بيان ذلك ، وإنما نسب إلى بعض الصحابة – ويحتمل أنه مأخوذ من كتب أهل الكتاب – أن آدم عليه السلام كان يولد لزوجه في كل حمل ذكر وأنثى ، فيزوج ذكر حمل بأنثى حمل آخر ، وهكذا تكاثر أولاده .

روى ابن جرير الطبري بإسناده عن السدي :

" عن السُّدِّي ، فيما ذكر عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مُرَّة عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ( وكان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوج جارية هذا البطن غلام البطن الآخر ... ) "

انتهى من " تفسير الطبري " (8 / 322) .

وهذا القول هو المشهور بين علماء الإسلام ؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وذكر السُّدِّي في تفسيره عن مشايخه بأسانيده : أن سبب قتل قابيل لأخيه هابيل أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن من ولده ، بأنثى الآخر ، وأن أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل ، فأراد قابيل أن يستأئر بأخته ، فمنعه آدم ، فلما ألح عليه ، أمرهما أن يقربا قربانا ، فقرب قابيل حزمة من زرع

وكان صاحب زرع ، وقرب هابيل جذعة سمينة ، وكان صاحب مواش ، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل ، دون قابيل [أي : تُقبل قربان هابيل دون قابيل] ، وكان ذلك سبب الشر بينهما . وهذا هو المشهور "

انتهى من " فتح الباري " (6 / 369) .

وهذا القول ، وإن افترضنا أن مصدره فقط كتب أهل الكتاب ، فإنه لا يرفضه العقل السليم ، ولا يوجد نص في ديننا يكذبه ؛ فليس هناك سبب وجيه يدعوننا إلى تكذيبه أو يمنعنا من روايته .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) البخاري (3461) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" وقال الشافعي من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب ، فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه ، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم "

انتهى من " فتح الباري " (6 / 499) .

ثانيا :

من المعلوم من دين الإسلام أن الزواج بالأخت حرام بنص القرآن .

قال الله تعالى :( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ... ) النساء /23 .

فهل هذه الآية تناقض ما روي من طريقة تزويج آدم لأولاده ؟

الجواب : لا يوجد أي تناقض ؛ وبيان ذلك من وجهين :

الوجه الأول :

نحن نوقن بأن الإسلام هو دين الله الوحيد وهو دين جميع الأنبياء .

قال الله تعالى :( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران /19 .

ورغم أن الدين ، في أصله ، واحد ، إلا أن هذا لا يمنع من وجود اختلاف بين شرائع الأنبياء في بعض الأحكام الفقهية العملية لحكمة يعلمها الله تعالى .

قال الله تعالى :( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) المائدة /48 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" والذي أنزله الله هو دين واحد ، اتفقت عليه الكتب والرسل ، وهم متفقون في أصول الدين ، وقواعد الشريعة ، وإن تنوعوا في الشرعة والمنهاج ، بين ناسخ ومنسوخ ، فهو شبيه بتنوع حال الكتاب الواحد ، فإن المسلمين كانوا أولا مأمورين بالصلاة لبيت المقدس ، ثم أمروا أن يصلوا إلى المسجد الحرام ، وفي كلا الأمرين : إنما اتبعوا ما أنزل الله عز وجل " .

انتهى من " الجواب الصحيح " (2 / 438) .

فإذن لا مانع أن يكون من شرع آدم عليه السلام : جواز زواج الأخت من أخيها الذي ليس توأما لها ، لحكمة ومصلحة راجحة ، وحرم ذلك في ديننا لعدم وجود تلك الحكمة .

قال العيني رحمه الله تعالى
:
" والأحكام شرعت لمصالح العباد ، وتتبدلُ باختلاف الزمان ...

فلا شك أن نكاح الأخوات كان مشروعاً في شريعة آدم عليه السلام ، وبه حصل التناسل ، وهذا لا ينكره أحد ، ثم نسخ ذلك في شريعة غيره ... " .

انتهى من " شرح سنن أبي داود " (4 / 356).

الوجه الثاني :

أن أهل العلم قد تتبعوا نصوص الشرع وأحكامه ، فتحصل من هذا الاستقراء ؛ أن الأحكام الشرعية إنما شرعت لتحقيق مصالح العباد ، ودفع الفساد عنهم ؛ فالله تعالى لا يحرم شيئا إلا لاحتوائه على مفسدة راجحة ، ولا يحل شيئا إلا لخلوه من تلك المفسدة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإن الله بعث الرسل بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، فكل ما أمر الله به ورسوله : فمصلحته راجحة على مفسدته ، ومنفعته راجحة على المضرة ، وإن كرهته النفوس "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (24 / 278) .

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها ؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى العبث ؛ فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل "

انتهى من " إعلام الموقعين " (4 / 337) .

وفي شرع آدم عليه السلام زواج الأخت بأخيها الذي ليس بتوأم لها ، تحقيق مصلحة هامة وضرورية ، وهي حفظ النسل من الانقطاع والاندثار ؛ لأنه إذا لم يحصل تزاوج بينهم فلن يكون هناك استمرار للجنس البشري ، أما المفاسد فهي منعدمة أو لا تكاد تُذكر أمام هذه المصلحة العظيمة .

قال ابن علان رحمه الله تعالى:

" وكان شريعة آدم عليه السلام ؛ أن بطون حواء كانت بمنزلة الأقارب الأباعد ، وحكمته تعذر التزوج ، فاقتضت مصلحة بقاء النسل تجويز ذلك "

انتهى من " دليل الفالحين " (2 / 448) .

بل لو قدر أنه لم تصح هذه الروايات ، وكان الواحد يتزوج من أخته التوأم : فلا مانع من أن يكون ذلك مباحا لهم ، قد أذن الله لهم فيه على لسان نبيه آدم عليه السلام ؛ بل مثل هذا التزاوج ، سواء من الأخت التوأم ، أو غيرها : هو من ضرورات الحياة التي أرادها الله لعباده ، ولا يتصور توالد البشر ، على سنة الله التي أرادها لهم ، بغير ذلك ؛ ومثل هذا لا يمنع منه شرع ، ولا عقل !!

وهذا بخلاف الزواج من الأخت في شرعنا فقد حرّم ؛ لأنه لا يحقق أي مصلحة ، ولا ضرورة ولا حاجة إليه أصلا ، وفي نفس الوقت لا يخلو من مفاسد خطيرة أهونها ما أشرت إليه في سؤالك من الأمراض والعلل .

ثالثا :

ما ذكرته عن الأمراض الوراثية عند حصول التناكح بين الأقارب من الدرجة الأولى .

نعم ؛ يقرر الأطباء والباحثون هذه المضار ؛ ومن خلال بحوث علم الوراثة توصل الباحثون إلى أنّ الكثير من الأمراض والتغيرات التي يتعرض لها الآباء ، بسبب الطفرات الجينية أو العوامل البيئية وغيرها ، ستورث من قبل نسلهم .

وتوصلوا أيضا إلى أنّ اشتراك الزوجين في النسب القريب سيؤدي إلى أنّ أولادهم كما سيكونون معرضين للأمراض الجينية السائدة التي تلحق غيرهم من الأطفال ، سيكونون في الوقت نفسه معرضين بنسبة أكبر من غيرهم للأمراض " الجينية المتنحية " ، وهي التي من شروط ظهورها أن يكون كل واحد من الوالدين حاملا للجين المرضي

وهذا إنما يكون محتملا بدرجة كبيرة إذا كان الوالدان بينهما نسب قريب جدا ؛ وبهذا فالزواج من الأقارب من الدرجة الأولى يعرض إلى الإصابة بالأمراض التي تتنقل بالوراثة بنسبة احتمال أكبر.

لكن هذه النتائج لا تبطل ما روي من طريقة تناسل أبناء آدم عليه السلام للآتي :

1- هذه البحوث تقرر بجلاء أن البحوث تتحدث عن نسبة احتمال حصول هذه الأمراض والعلل ، ولا تقطع وتجزم بحدوثها ، فإذن رواية تزاوج أبناء آدم عليه السلام ، لا يوجد فيها أي مناقضة للحقائق أو النظريات العلمية ؛ لأن من طبع الاحتمال أن يتخلف أحيانا ، وإن كانت نسبة وقوعه كبيرة .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

في تقريره لمسألة إباحة صيد الكلاب : " ومقتضى ذلك : أنه معفوٌّ عنه، فالله سبحانه هو القادر ، وهو الخالق وهو المشرِّع، وإِذا كان معفوًّا عنه شرعاً ، زال ضرره قدراً . فمثلاً الميتة نجسة، ومحرَّمة، وإِذا اضطُرَّ الإِنسان إِلى أكلها صارت حلالاً لا ضرر فيها على المضطرِّ "

انتهى من " الشرح الممتع" (1/420) وهذا واضح في مسألتنا .

2- غالب الظن أن المعلومة التي أشرت إليها تتحدث عن حصول التزاوج بين المحارم في كل جيل من الأجيال ، أما في قصة أولاد آدم فالرواية تتحدث عن التزاوج بين أفراد الجيل الأول ، فقط ولم تنص على استمرار طريقة التزاوج هذه في الأجيال التالية .

3- هذا الذي يقرره علم الوراثة إنما يصدق على البشرية الآن ، لأنه لا يكاد يخلو إنسان من تعرض بعض آبائه أو أجداده لبعض العلل والاختلال .

أما آدم عليه السلام فلا يصدق عليه هذا القول ، لأنه هو المخلوق الأول ، وقد خلق في أحسن تقويم .
قال الله تعالى :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) التين /4 .

ثم أسكن هو وزوجه الجنة وهي مكان للنعيم التام الذي لا شقاء ولا علل فيه .

قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ، وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى ، فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ، إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى ، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) طه /115 –.

فإذن لا يتصور أنه كان عنده شيء من الأمراض أو الطفرات الجينية التي سيورثها لأولاده ، بل الأمر المتصور والمعقول أن هذه العلل كلها حادثة بعده بمرور الزمن وتعاقب الأجيال .

رابعا :

استشكالك أن يكون آدم وزوجه هما فقط مصدر هذا الكم الهائل من البشر ، إنما يكون وجيها لو كنت تعلم على وجه اليقين عمر البشرية على هذه الأرض ، ونسبة التوالد في كل عصر ، أما مادام ذلك كله مجهولا ، فلا يصح عقلا طرح مثل هذا الاستشكال ؛ كما أن الحساب لا يترك مجالا لهذا الاستغراب إذا افترضنا لعمر البشرية فترة زمنية ليست بالقصيرة ، ونسبة توالد معقولة.

ونسأل الله تعالى أن يبصرك بالحق ويوفقك إليه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 02:58   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تسأل عن مقطع لفتاة ركلت القرآن فتحولت إلى حيوان

السؤال

: سمعت أن هناك فتاة ركلت القرآن فأصبحت سحالي وقد رأيت ذلك على اليوتيوب. بعض الأنواع المختلفة من الناس رأسهم مثل البشر وجسدهم مثل الحيوانات هل من الممكن شرح الحقيقة وراء هؤلاء الناس.


الجواب :

الحمد لله

أولا:

تعمد ركل القرآن بالرجل، أو إلقاؤه في قذر، أو السخرية منه أو الاستهزاء به، جريمة عظيمة منكرة، وهي كفر بالله تعالى؛ لأن القرآن كلامه سبحانه. قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة/65، 66

وقد يعاقب الله العصاة بألوان من العقوبات : منها المسخ إلى حيوانات، كما قال تعالى عن نفر من بني إسرائيل: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) البقرة/65، وقال: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) الأعراف/166

قال ابن كثير رحمه الله:

"يقول تعالى: {ولقد علمتم} يا معشر اليهود، ما حل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره، إذ كان مشروعا لهم، فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت، بما وضعوا لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت

فلما جاءت يوم السبت ، على عادتها في الكثرة ، نشبت بتلك الحبائل والحيل، فلم تخلص منها يومها ذلك، فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت. فلما فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة، وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر ، وليست بإنسان حقيقة. فكذلك أعمال هؤلاء وحيلهم : لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ، ومخالفة له في الباطن، كان جزاؤهم من جنس عملهم"

انتهى من تفسير ابن كثير (1/ 288).

روى الترمذي (2212) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .

قال في تحفة الأحوذي (6/ 348): "قَوْلُهُ (خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ) قَالَ في القاموس: خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ: مَسَخَهُ كَمَنَعَهُ حَوَّلَ صُورَتَهُ إِلَى أُخْرَى أَقْبَحَ.

وَقَالَ: قَذَفَ بِالْحِجَارَةِ يَقْذِفُ رَمَى بِهَا" انتهى.

فمن حيث الإمكان والقدرة : فإن الله تعالى قادر على ما ذكرت من تحويل هذه الفتاة إلى هذه الصورة .

وكذلك من حيث الوقوع : فقد حصل المسخ قديما، وسيقع مستقبلا كما في الحديث.

ثانيا:

ينبغي التنبه إلى أن أكثر هذه المقاطع ، أو عامتها : غير حقيقي، وهي من صنع الملاحدة غالبا، يريدون بها السخرية من المؤمنين؛ إذ يحرص كثير منهم على نقلها والتعليق عليها، وبيان قدرة الله وعظمته، فيسخر الملحد من ذلك لأنه يعلم أن القصة لا حقيقة لها.

والموقف من هذه القصص ألا تصدق وألا تكذب، وألا يلتفت إليها أصلا ، فضلا عن أن تُتَدولَ وتُنشر ، إلا إذا ثبت للإنسان ـ على وجه القطع واليقين ـ صحتها .

والغالب ـ في مثل ذلك ـ أنها لو صحت ، لسارعت القنوات إلى التصوير ، وإجراء حوار ونحوه، ولم يقف الأمر عند مجرد مقطع يمكن لأي هاوٍ أن يعمله.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 02:59   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الفتاة السعيدة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الفتاة السعيدة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك.الله.فيك.










رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 03:21   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة حزينة مشاهدة المشاركة
بارك.الله.فيك.

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

اختي الفاضله

اسعدني حضورك الطيب
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 03:04   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الحكمة من خلق الكواكب والنجوم زينة
السماء فحسب أم أن هناك حكم أخرى؟


السؤال:

عندما أتأمل في الكون ، أرى أن الأرض لا تساوي شيئا أمام هذا الملكوت والكون الكبير جدا. فهناك ملايين الكواكب تسبح في هذا الفلك ، فكيف تكون الحياة فقط في الأرض . وإذا كانت الحياة فقط في الأرض ، فما الحكمة من خلق هذا العدد الهائل من الكواكب . هل يعقل فقط أن تكون مصابيح لتزيين السماء ؟


الجواب :

الحمد لله

من أخطر أنواع التعاطي المعرفي مع نصوص الكتاب والسنة أن يتم إقحامها في متاهات العلوم الطبيعية ، وتفاصيل خلق الكون ، وكأن الوحي نزل ليحدث الناس عن مخلوقات الفضاء ، أو عن الكواكب السيارة في الأفلاك وما فيها من موت أو حياة !!

القرآن الكريم لم يرد بنفي الحياة على الكواكب الأخرى ، ولا بإثباتها ، ولم يرد بحصر العلة أو الحكمة من خلق الكواكب والنجوم في الجمال والزينة ، ولم يفصل الحديث عن هذه الكواكب بالقدر الذي يستدعي من السائل إشكاله .

فما ورد في الآيات الكريمة في الحديث عن النجوم والكواكب والأفلاك جاء عرضا غير مقصود بالأصالة ، سيق للدلالة على شيء من عظمة الله تعالى التي لا نحيط بها علما ، وليس لتسجيل المعلومات الخاصة بتفاصيل هذا الكون الفسيح ، من حيث أعداد الكواكب وما عليها من عجيب صنع الله عز وجل .

ولهذا فليس من محكم العلم ، ولا من الحكمة ، الجزم بنسبة مقولة خاصة للشريعة الإسلامية في شأن الحياة على الكواكب والمجرات الأخرى ، سواء بالنفي أو بالإثبات ، وما نؤمن به يقينا أن خلق الله عز وجل أعظم من أن نحيط به ، وأكبر من أن تحده أوهامنا وعقولنا .

قال عزوجل : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، وقال جل وعلا : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) الشورى/49.

وما ورد في القرآن الكريم من بعض حكم خلق النجوم ، كهداية الطريق ، وتزيين السماء ، ورجوم الشياطين ، إنما هي أمثلة ونماذج يسيرة لحكمة الله سبحانه ، وإلا فأول حكمة من هذا الخلق العظيم : الاستدلال بالنظر فيه ، ومعرفته : على عظمة الخالق جل وعلا ، والتفكر في آلائه وأنعامه ، والتبصر في كونه ، وما أودعه من حكم وعجائب ، كلها تدل على أن الله عز وجل واحد في ذاته وصفاته .

والقرآن الكريم مليء بمثل هذه الدلائل والآيات ، من ذلك قول الله سبحانه : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) يونس/5-6.

فكل ما خلقه الله سبحانه في السماوات والأرض وما بينهما إنما خلق بالحق ، وللحق ، ولتكون آيات الله للمتقين ، وذلك أعظم دلالة على عظمة الحكمة التي خلقت لها هذه الأجرام الهائلة .

ويقول سبحانه وتعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الأعراف/54 ، فكلمة ( مسخرات ) هنا تحمل في طياتها ما لا يعد من الحكم والمنافع لخلق النجوم في فضاء الله سبحانه .

ولا فرق بين الكواكب والنجوم في الاصطلاح القرآني ، اللهم إلا ما ذكره العسكري في " الفروق اللغوية " (ص: 301): " أن الكوكب : اسم للكبير من النجوم . وكوكب كل شيء معظمه ، والنجم عام في صغيرها وكبيرها " انتهى.

فهذا الخلق العظيم ، الذي لا تدركه عقول البشر ، لا يمكن أن تحيط بجميع الحكمة من خلقه ، والاكتشافات الفلكية تتحدث عن أعداد هائلة للمجرات وأعداد لا يحيط بها العقل من النجوم ، وحينئذ ندرك أن لله عز وجل آيات في خلقه لا نعلمها ، ولكن الأمر ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) النحل/8 .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 03:16   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ
وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)


السؤال:


سؤالي متعلق بالآية رقم 12 من سورة فصلت، هل صحيح أنّ آخر ما خلق الله في الأيام الستة هي النجوم ؟ وهل معنى كلمة "زينا" في الآية يعني خلقنا وجملنا ؟ وهل الشمس تعتبر من النجوم-كواكب- بروج-مصابيح ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

خلق الله عز وجل السموات والأرض في ستة أيام ، كما قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) الأعراف/ 54

وكان خلق الأرض متقدما على خلق السماوات ، ثم كان دحو الأرض ـ بأن (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) ـ متأخرا عن خلق السماوات ، كما قال تعالى : (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ

اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فصلت/9 -12 .

انظر : "تفسير السعدي" (ص 745) .

وقال تعالى : ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) النازعات/27-30 .

ثانيا :

لا نعلم دليلا صحيحا من الكتاب أو السنة يبين لنا متى خلق الله النجوم التي في السماء .

وأما قوله تعالى : (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا) بعد قوله : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) فلا يدل على أن النجوم هي آخر ما خلق الله ، وإنما هو إخبار عن الحكمة من خلق النجوم ، وهذا داخل في جملة خبر الله عن السماء وخلقها ، وما جعل فيها من الآيات .

قال العلامة ابن عاشور رحمه الله :

" ووقع الالتفات من طريق الغيبة إلى طريق التكلم في قوله: (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) تجديدا لنشاط السامعين لطول استعمال طريق الغيبة ابتداء من قوله: (بالذي خلق الأرض في يومين) [فصلت: 9] مع إظهار العناية بتخصيص هذا الصنع الذي ينفع الناس دينا ودنيا وهو خلق النجوم الدقيقة والشهب بتخصيصه بالذكر من بين عموم (وأوحى في كل سماء أمرها) ، فما السماء الدنيا إلا من جملة السماوات، وما النجوم والشهب إلا من جملة أمرها.

والمصابيح : جمع مصباح ، وهو ما يوقد بالنار في الزيت للإضاءة وهو مشتق من الصباح لأنهم يحاولون أن يجعلوه خلفا عن الصباح ، والمراد بالمصابيح: النجوم، استعير لها المصابيح لما يبدو من نورها.

وانتصب (حفظا) على أنه مفعول لأجله لفعل محذوف دل عليه فعل (زينا).

والتقدير: وجعلناها حفظا. والمراد: حفظا للسماء من الشياطين المسترقة للسمع. وتقدم الكلام على نظيره في سورة الصافات.

(ذلك تقدير العزيز العليم) الإشارة إلى المذكور من قوله: (وجعل فيها رواسي من فوقها) [فصلت: 10] إلى قوله: وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا" .

انتهى من "التحرير والتنوير" (24/251) .

والحاصل : أنه لا يوجد دليل واضح بوقت خلق النجوم ، على وجه التخصيص ، وليس في العلم بذلك منفعة للعبد في دينه ، ولا في الجهل به مضرة عليه ، أو نقص من إيمانه ، وإنما الذي ينفعه أن يتأمل في خلقها ، ويتفكر في حكمة الخالق جل جلاله ، ويستدل بذلك على عظمته ، ووحدانيته ، ويخضع لطاعته .

ثالثًا

هذه النجوم التي في السماء- بما فيها الشمس - يطلق عليها ـ في لسان العرب ـ : مصابيح ، ونجوم ، وكواكب ، وسرج ، وإنما التفريق بين هذه الأجناس : هو من اصطلاح أهل العلوم ، الذي لا تستوجبه لغة العرب
.
فمن سأل عن إطلاق ذلك : إن كان يقصد في لسان العرب ، وأعرافها : فالأمر في ذلك كله واسع ، سائغ .
وإن كان يقصد الاصطلاح الحادث لأهل العلوم : فلا ، وإنما يرجع في اصطلاح كل علم ، إلى ما تعارف عليه أهله .

قال ابن سيده وغيره : " الكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ : النَّجْم "

لسان العرب (1 /720) .

وقال ابن الجوزي :

" (بِمَصابِيحَ) وهي النًّجوم، والمصابيح: السُّرُج، فسمِّي الكوكب مصباحاً " .

انتهى من " زاد المسير " (4/ 47) .

وتقول العرب : نَجَمَ الشيءُ يَنْجُم نُجوماً: طَلَعَ وظهر، ويقال لكل ما طلع: قد نَجمَ.

وقال أَهل اللغة: النُّجوم تَجمع الكواكب كلها .

"لسان العرب" (12 /568) .

وأصل البروج في اللغة : الظهور .

قال القرطبي رحمه الله :\

" أصل البروج الظهور، ومنه تبرج المرأة بإظهار زينتها ، وقال الحسن وقتادة : البروج النجوم ، وسميت بذلك لظهورها. وارتفاعها " .

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (10 /9) .

وقد جاء إطلاقها في القرآن على نجوم السماء ، وأيضا على منازل الشمس والقمر.

فمن الأول : قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) الحجر/ 16

قال السعدي : " أي: نجوما كالأبراج والأعلام العظام ، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 430) .

ومن الثاني : قوله تعالى : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) البروج/ 1 .

قال الطبري رحمه الله:

" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: معنى ذلك: والسماء ذات منازل الشمس والقمر، وذلك أن البروج جمع برج، وهي منازل تتخذ عالية عن الأرض مرتفعة، ومن ذلك قول الله: (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) : هي منازل مرتفعة عالية في السماء، وهي اثنا عشر برجًا، فمسير القمر في كلّ برج منها يومان وثلث، فذلك ثمانية وعشرون منزلا ، ثم يستسرّ ليلتين ، ومسير الشمس في كلّ برج منها شهر " .

انتهى من " تفسير الطبري " (24/ 332).

والله تعالى أعلم .


>>>>>>>>>>>>>>>>

السؤال :

جاء في القرأن قوله تعالى " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين" ولكني لم أستطع فهم هذه الأية. فهل المقصود بالمصابيح هنا النجوم أم الشهب والنيازك؟

فإذا كانت الأولى فكيف يمكن لمخلوق بحجم النجم أن يستخدم لرجم الشياطين؟

ارجو التوضيح ، ولكم جزيل الشكر.


الجواب :


الحمد لله

المقصود بالمصابيح في الآية : النجوم التي خلقها الله في السماء ، وقد جعل من هذه النجوم رجوما للشياطين ، كما قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) : " خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ : جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا ؛ فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ : أَخْطَأَ ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ " .

ذكره البخاري عنه في صحيحه (4/107) معلقا مجزوما .

وراجع : "تفسير الطبري" (23 / 508) – "تفسير ابن كثير" (3 / 305) - "فتح القدير" (5 / 363) .

والمقصود بجعلها رجوما للشياطين أنه يخرج منها شهب من نار ، فتصيب هذه الشياطين ، ولا يعني جعلها رجوما أنها بذواتها يُقذف بها ، كما قال تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات / 10 . فالذي يصيب هذه الشياطين من تلك النجوم هي تلك الشهب التي تخرج منها .

ويدل عليه ما رواه البخاري (4701) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ ، يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟

قَالُوا لِلَّذِي قَالَ : الْحَقَّ ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ . فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ ، حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الْأَرْضِ ، فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ، فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ يُخْبِرْنَا : يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا ؟ - لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ ) .

فقوله في هذا الحديث : ( فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ) يدل على أن شهاب النار يخرج من تلك النجوم فيصيب تلك الشياطين .

قال القرطبي رحمه الله :

" أي جعلنا شهبها ؛ فحذف المضاف ، دليله : ( إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها .

وقيل : إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب ، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شيء يرجم به ، من غير أن ينقص ضوءه ولا صورته " انتهى .

"الجامع لأحكام القرآن" (18 / 210-211)

وقال ابن كثير رحمه الله :

" عاد الضمير في قوله : ( وَجَعَلْنَاهَا ) على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم "

انتهى . "تفسير ابن كثير" (8 / 177)

وقال الألوسي رحمه الله :

" جعلها رجوماً : يجوز أن يكون لأنه بواسطة وقوع أشعتها ... تحدث الشهب ، فهي رجوم بذلك الاعتبار ، ولا يتوقف جعلها رجوماً على أن تكون نفسها كذلك ، بأن تنقلع عن مراكزها ويرجم بها ، وهذا كما تقول : جعل الله تعالى الشمس يحرق بها بعض الأجسام ، فإنه صادق فيما إذا أحرق بها بتوسيط بعض المناظر ، وانعكاس شعاعها على قابل الإحراق " انتهى .

"تفسير الألوسي" (17 / 70)

وقال السعدي رحمه الله :

" جعل الله هذه النجوم حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض ، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم ، أعدها الله في الدنيا للشياطين " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 875)

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" قال العلماء في تفسير قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين ) : أي : جعلنا شهابها الذي ينطلق منها ، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل .

فالشهب : نيازك تنطلق من النجوم .

وهي كما قال أهل الفلك : تنزل إلى الأرض ، وقد تحدث تصدعاً فيها ، أما النجم فلو وصل إلى الأرض لأحرقها " انتهى .
"القول المفيد على كتاب التوحيد" (1 / 227) .

ثانيا :

هذه مسألة قديمة ، أثارها الزنادقة في العصور المتقدمة طعنا في القرآن ، وقد تعرض الجاحظ للرد عليها ، والجاحظ وإن كان من أهل البدعة ، فلا بأس الاستئناس بكلامه ، في أمر لا يتعلق ببدعته .

قال الجاحظ عفا الله عنه ، في كتابه "الحيوان" (6 / 497-496) :

" قالوا : زعمتم أنَّ اللّه تعالى قال : ( وَلَقد زَيَّنا السَّمَاءَ الدُّنْيا بمصَابيحَ وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشّياطين ) ، ونحنُ لم نجدْ قطُّ كوكباً خلا مكانهُ ، فما ينبغي أنْ يكون واحدٌ من جميع هذا الخلق من سكّان الصحارى والبحار ومن يَراعِي النُّجوم للاهتداء أو يفَكِّر في خلق السموات أن يكون يرى كوكباً واحداً زائلاً مع قوله : ( وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشَّياطينِ ) ؟ .

قيل لهم : قد يحرِّك الإنسانُ يدَه أو حاجبَه أو إصبَعه فتضاف تلك الحركةُ إلى كلِّه فلا يشكُّون أنّ الكلَّ هو العاملُ لتلك الحركة ، ومتى فصَل شهابٌ من كوكب فأحرق وأضاء في جميع البلاد ، فقد حكَم كلُّ إنسانٍ بإضافة ذلك الإحراق إلى الكوكب . وهذا جواب قريبٌ سهل ، والحمد للّه "

انتهى كلامه .

والله تعالى أعلم .


>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-31, 03:42   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الفتاة السعيدة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الفتاة السعيدة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك.الله.فيك.يا.اخي










رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 02:42   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة حزينة مشاهدة المشاركة
بارك.الله.فيك.يا.اخي
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات



.









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 03:08   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



ما الفرق بين خلق عيسى عليه السلام
وخلق غيره من بني آدم ؟


السؤال:

هل يمكن أن نقول : إن الفرق بين خلق عيسى عليه السلام وبقية البشر أن الله أرسل جبريل عليه السلام بروح عيسى عليه السلام ، أما بقية البشر يرسل الله ملكا لنفخ الأرواح بعد مائة وعشرين يوما ، هل ورد ما يدل على اسم هذا الملك فى السنة ؟

وهل هناك فروقات بين خلق عيسى عليه السلام وبقية البشر ؟


الجواب :

الحمد لله

وكل الله عز وجل بخلق عيسى من أمه ، ملكا كريما ، تمثل لها في صورة بشر .

قال الله تعالى : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/ 91 ، وقال تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) التحريم/ 12 .

وهذا الملك : هو جبريل عليه السلام ، كما يدل عليه سياق الآيات ، وكما يدل عليه وصفه بأنه "روح" ، وأنه "رسول" ، وإضافة ذلك إلى رب العزة سبحانه .

قال الله تعالى :

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ) مريم/16-21 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَقَوْلُهُ: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا} أَيِ: اسْتَتَرَتْ مِنْهُمْ وَتَوَارَتْ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} أَيْ: عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ تَامٍّ كَامِلٍ.

قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْج وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّه، والسُّدِّي، فِي قَوْلِهِ: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} يعني: جبريل، عليه السلام.

وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشُّعَرَاءِ: 193، 194] ..." .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/219-220) .

وقد خلق الله عز وجل نبيه عيسى عليه السلام ، على هذه الصفة ، وبهذه الطريقة المخالفة لخلق عامة البشر ، تنبيها للعباد على قدرة الخالق عز وجل ، ومشيئته واختياره ، وأنه ـ تبارك وتعالى ـ يخلق ما يشاء ويختار ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لكلماته ، سبحانه .

قال الله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران/ 59 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يَقُولُ تَعَالَى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ) فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ (كَمَثَلِ آدَمَ) فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ ، بَلْ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، وَالَّذِي خَلَقَ آدَمَ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ عِيسَى ، بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 49) .

وقال ابن كثير رحمه الله أيضا :

" {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا} أَيْ: فَتَعَجَّبَتْ مَرْيَمُ مِنْ هَذَا وَقَالَتْ: كَيْفَ يَكُونُ لِي غُلَامٌ ؟ أَيْ: عَلَى أَيِّ صِفَةٍ يُوجَدُ هَذَا الْغُلَامُ مِنِّي ، وَلَسْتُ بِذَاتِ زَوْجٍ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنِّي الْفُجُورُ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} وَالْبَغِيُّ: هِيَ الزَّانِيَةُ ..

{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أَيْ: فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ مُجِيبًا لَهَا عَمَّا سَأَلَتْ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ: إِنَّهُ سَيُوجَدُ مِنْكِ غُلَامًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكِ بَعْلٌ ، وَلَا تُوجَدُ مِنْكِ فَاحِشَةٌ ، فَإِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَادِرٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} أَيْ: دَلَالَةً وَعَلَامَةً لِلنَّاسِ عَلَى قُدْرَةِ بَارِئِهِمْ وَخَالِقِهِمُ ، الَّذِي نَوَّعَ فِي خَلْقِهِمْ ، فَخَلَقَ أَبَاهُمْ آدَمَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى ، وَخَلَقَ بَقِيَّةَ الذُّرِّيَّةِ مَنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ، إِلَّا عِيسَى فَإِنَّهُ أَوْجَدَهُ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، فَتَمَّتِ الْقِسْمَةُ الرُّبَاعِيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ .

وَقَوْلُهُ: {وَرَحْمَةً مِنَّا} أَيْ وَنَجْعَلُ هَذَا الْغُلَامَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ نَبِيًّا من الأنبياء يدعو إلى عبادة اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ .. "

انتهى باختصار من "تفسير ابن كثير" (5/220) .

والحاصل : أن عيسى عليه السلام قد خلقه الله عز وجل من أم بلا أب ، وقد أوكل نفخ الروح في أمه إلى ملك كريم ، ورسول أمين ، وهو جبريل عليه السلام ، الذي سماه الله عز وجل "روح القدس" .

وأما من عداه من بني آدم ، فإنما يخلقون من التقاء ماء الرجل بالمرأة ، فإذا شاء الله عز وجل أن يخلق خلقا حصل الإخصاب ، ونُفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين يوما ، في قول جمهور الفقهاء .

روى البخاري (3208) ، ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: " حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ) .

فتصوير الجنين وتخليقه وكتابة ما يتعلق به ونفخ الروح فيه : يباشره الملك الموكل به ، بأمر من الله تعالى .

وهذا الملك ، جبريل عليه السلام ، هو الذي تولى نفخ روح عيسى عليه السلام ، في أمه مريم ، بأمر الله عز وجل له ، على أظهر الأقوال في ذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وأما المسيح، فيقال : إنه ولدته مريم ، ويقال : المسيح ابن مريم، فكان المسيح جزءًا من مريم، وخلق بعد نفخ الروح في فرج مريم ، كما قال تعالى : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } [ التحريم : 12 ] ، وفي الأخرى : { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 91 ] .

وأما حواء، فخلقها الله من مادة أخذت من آدم ، كما خلق آدم من المادة الأرضية ، وهي الماء والتراب والريح الذي أيبسته حتى صار صلصالًا ، فلهذا لا يقال : إن آدم وَلَدَ حواء، ولا آدم وَلَدَهُ الترابُ ، ويقال في المسيح : ولدته مريم ، فإنه كان من أصلين : من مريم ومن النفخ الذي نفخ فيها جبريل .

قال الله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ على هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا } [ مريم : 17 : 22 ] ، إلى آخر القصة، فهي إنما حملت به بعد النفخ ، لم تحمل به مدة بلا نفخ ، ثم نفخت فيه روح الحياة كسائر الآدميين ، ففرق بين النفخ للحمل ، وبين النفخ لروح الحياة " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/271) ، وينظر أيضا (5/266) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله في " تفسيره " (ص 530) :

" وحين جاءها جبريل في صورة بشر سوي تام الخلق والحسن { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا } فجازاها الله من جنس عملها، ورزقها ولدا من غير أب ، بل نفخ فيها جبريل عليه السلام ، فحملت بإذن الله " انتهى .

وقال أيضا (ص 874)

" وقوله { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي: صانته وحفظته عن الفاحشة ، لكمال ديانتها، وعفتها ، ونزاهتها.

{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [عليه السلام] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم ، فجاء منها عيسى ابن مريم [عليه السلام]، الرسول الكريم والسيد العظيم " انتهى .

وينظر : "تفسير القرطبي" (18/204) ، "أضواء البيان" (3/449) .

واختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام :

فذهب الجمهور إلى أنها تسعة أشهر كغيره من البشر .

وقال عكرمة : ثمانية أشهر ، قال : ولهذا لا يعيش ولد الثمانية أشهر ، حفظاً لخاصة عيسى .

وروي عن ابن عباس أنه قال : لم يكن إلا أن حملت فوضعت .

والراجح : أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن .

أما الملك الموكل بنفخ الروح : فلم نجد في نصوص الشرع نصا يصرح باسمه ، فالبحث والسؤال عن ذلك من التكلف ، ولا فائدة ترجى من وراء معرفة اسمه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 03:11   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام

السؤال

هل حملت مريم العذراء بعيسى عليه السلام تسعة أشهر? أم عندما جاءها الملاك وأمرها باللجوء إلى جدع النخلة ووضعته عليه السلام عندئذ ؟ .

الجوااب


الحمد لله

اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام .

فذهب الجمهور إلى أنها تسعة أشهر كغيره من البشر .

وقال عكرمة : ثمانية أشهر . قال : ولهذا لا يعيش ولد الثمانية أشهر ، حفظاً لخاصة عيسى .

وروي عن ابن عباس أنه قال : لم يكن إلا أن حملت فوضعت .

قال ابن كثير رحمه الله (3/117) عن هذا الأثر المروي عن ابن عباس :

"وهذا غريب ، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى : ( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) فالفاء وإن كانت للتعقيب لكن تعقيب كل شيء بحسبه ، كقوله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما ) فهذه الفاء للتعقيب بحسبها . وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل صفتين أربعين يوما [ يعني

: تبقى النطفة أربعين يوماً والعلقة أربعين والمضغة أربعين ] . وقال تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ) فالمشهور الظاهر - والله على كل شيء قدير- أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ، ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس يقال له يوسف النجار ، فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه

فحمل نفسه على أن عَرَّض لها في القول ، فقال : يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليّ . قالت : وما هو ؟ قال : هل يكون قط شجر من غير حب ؟ وهل يكون زرع من غير بذر ؟ وهل يكون ولد من غير أب ؟ فقالت : نعم ، وفهمت ما أشار إليه ، أما قولك : هل يكون شجر من غير حب ؟ وزرع من غير بذر ؟ فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما

خلقهما من غير حب ولا بذر . وهل يكون ولد من غير أب ؟ فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم . فصدقها وسَلَّم لها حالَها .

ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة انتبذت منهم مكانا قصيا أي قاصيا منهم بعيدا عنهم لئلا تراهم ولا يروها قال محمد بن إسحاق فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والترحم وتغير اللون حتى فطر لسانها فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل فقالوا إنما صاحبها يوسف ولم يكن معها في الكنيسة غيره وتوارت من الناس واتخذت من دونهم حجابا فلا يراها أحد ولا تراه "

انتهى كلام ابن كثير رحمه الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التاريخ والسيره


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:59

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc