أضرار كرة القدم
المتأمّلُ في مبارياتِ (كرةِ القدمِ) في أَنحاءِ العالمِ، يجدُ فيها مجموعةً من السلبياتِ والظواهرِ السيئةِ، يمكن إجمالُها بالآتي ( 5 ) :
أَولاً: إنَّ كرةَ القدمِ أَصبحت وسيلةً لتفريِق الأُمّةِ، وإِشاعةِ العداوةِ والبغضاءِ بين أَفرادِها؛ حيثُ أَوجدت التعصبَ المقيتَ للفرقِ الرياضيّةِ المختلفةِ، فهذا يشجعُ فريقاً، وذاكَ يشجَّع فريقًا آخرَ، بل إنَّ أَهلَ البيتِ الواحد ينقسمونَ على أنفسِهم، هذا يتبعُ فريقًا، وذاكَ يتبعُ فريقًا آخرَ، ولم يقف الأَمرُ عند حدِّ التشجيعِ، بل تعداهُ إِلى سخريةِ أَتباعِ الفريقِ المنتصرِ من أَتباعِ المنهزمين، وفي نهايةِ المطافِ يكونُ هناكَ الشجارُ والعراكُ الّذي يدور بين مشجعي الفريقين، وسقوطُ الجرحى والقتلى بالمئاتِ، من ضحايا كرة القدم !!
وقد اضطرَّ منظمو المباراةِ النهائيّةِ لكأسِ العالمِ بين (البرازيل ) و (الأورغواي ) الّتي أُقيمت في 16 تموز 1950م على ملعب (ماراكانا ) البلديِّ في مدينةِ (رويودي جانيرو ) في (البرازيل ) ـ إِلى صنعِ حفرةٍ عرضها (13) متراً، وعمقها أكثر من متر ونصف، لتصون اللاعبين من الجمهور، وبالعكس .
ثانياً: الأصلُ في حَضِّ الإسلامِ على الرياضةِ، هو أن يباشرَها المسلمُ بنفسِه أو مع غيرِه، لتحصلَ له القوّةُ المطلوبةُ، أمّا كرةُ القدمِ الآنَ فإنَّ أَهمَّ عنصرٍ مقصودٍ فيها هم المشاهدون المشجعونَ، الّذين يصلُ عددُهم إلى مئاتِ الألوفِوأَكثر، ولايستفيدونَ من كرةِ القدمِ شيئاً ، فكانَ أَكبر عددٍ من المشاهدين لتتبع مباراةِ رياضيّة واحدةٍ ـ باستثناء مبارياتِ الألعاب الأولمبيّة ـ حوالي (1500) مليون مشاهد حضروا المباراة النهائية لكأس العالمِ في كرة ِالقدم ِسنة (1982).
وفي سنةِ (1950) م، وخلال مباريات كأس العالمِ، وفي المباراة الّتي جرت بين البرازيل والأورغواي في ملعبِ ( ماراكانا ) في البرازيل حضرَ هذه المباراة ( 205000 ) متفرّج، بينهم (199854 ) ببطاقات مدفوعة.
فقل لي بربّك، ماذا استفادت هذه الأَعدادُ من حضورِ المباريات؟! من هدرٍ للأَوقات ِوالطاقاتِ ؟! فضلاً عن الشرورِ الّتي تصيبُ بعضَهم ، وقد تصلُ إِلى المماتِ ، إِثْرَ نوباتِ القلبِ أَو الانتحاراتِ.
أمّا ما يعتادُه كثيرٌ من المشاهدين من بذاءةِ الأَلسنِ ووقاحةِ العباراتِ، والتخاطبِ بالفحشِ، ورديءِ الكلامِ، وقذفٍ ولعنٍ لبعضِهم وللحكَّام، فهذا ممّا يُعَدَّ من الحرام.
ثالثاً: إنَّ في لعبِ (كرةِ القدم ) صدًّا للمتفرّجين، الذين تصلُ أَعدادُهم إِلى مئاتِ الأُلوفِ، عن ذكرِ الله، وعن الصلاةِ، وهذا أَمرٌ معروفٌ عندَ النَّاسِ عامّتهم وخاصّتِهم. وتعاطي ما يصدُّ عن ذكرِ الله، وعن الصلاّةِ حرامٌ. فكم سمعنا عن أُناسٍ مّمن يتابعونَ مبارياتِ كأسِ العالمِ ، أَنَّهم يستيقظونَ في النصفِ الأَخيرِ من الليلِ ؛ ليشاهدوا المباريات على شاشة (التلفاز ) ،وتفوتهم صلاةُ الفجرِ ؟! وكم من المصلين فاتتهم الصلاةُ في الجماعاتِ، بسببِ جلوسِهم أَمامَ ( الشاشات) ؟! والأَدهى من ذلك كلِّه ما يقعُ فيه أولئكَ النَّفرُ ممن يسافرونَ من قطرٍ إِلى قطرٍ، أو ينتقلونَ من مدينةٍ إِلى أُخرى، لحضورِ ( مباراة )، وقد تكونُ في وقتِ ( صلاةِ الجمعة )
ـ عن أبن عباسٍ رضي الله عنهما قال: (( من تركَ الجمعةَ ثلاثَ جمعٍ متوالياتٍ، فقد نبذَ الإِسلام وراءَ ظهره )).
ـ وعن أَبي الجعد الضَّمْري _ وكانت له صحبة رضي الله عنه _ عن النبيِّ r قال: ((من تركَ ثلاثَ جمعٍ تهاوناً بها طبع َ اللهُ على قلبِه )) ومعنى ( تهاو نًابها ) أَي: لقلّةِ الاهتمامِ بأَمرِها، لأنَّ الاستخفافَ بفرائضِ اللهِ تعالى كفرً، ونُصِبَ على أنّه مفعولً لأَجلِه أو حاٌل، أَي: متهاوناً.
فلعلَّ تاركي صلاةِ الجمعةِ _ من هؤلاءِ وغيرهم _ ينتبهونَ، ويفيقونَ من غَيِّهم الّذي هم فيه سادرون، وإِلاّ، فمصيرُهم الطبعُ على قلوبِهم، فلا تغشاها الأَلطافُ، ولا رحمةُ اللهِ تعالى، بل تبقى دنسةً وسخةً، مستعملةً في الآثام والقبائحِ
_ والعياذُ باللهِ _ إِذ الطبعُ: الختمُ، فتكون قلوبُهم ذات جفاءٍ، لا يَصلُ إِليها شيءٌ من الخير.
وظاهرُ الحديث والأَثرِ السابقين: أنَّ من تَرَكَ ثلاثَ جمعِ تهاونًا _ أَي بلا عذر _ يطبعُ على قلبِه ، ويكونُ من الغافلين والمنافقين ،ولو كانَ التركُ متفرقاً ، وبه قال بعضُهم ، حتّى لو تركَ كلَّ سنةٍ جمعةٍ ، لطبعَ على قلبِه بعد الثالثة .
ويحتملُ أن يكونَ المرادُ ثلاثَ جمعٍ متواليات. ويؤيدُه أَثرُ ابنِ عباسٍ السابق.
واعتبارُ الثّلاث إِمهالٌ من اللهِ _ تعالى _ للعبدِ، ورحمةٌ به، لعلّه يتوبُ من ذنبِه، ويثوبُ إِلى رشدِه، ويؤدّي الجمعةَ، ولا يتركها بلا عذرٍ.
وأَفادَ الحديثُ: أنَّ مَن وَجَبَت عليه الجمعةُ، وتركَها لغيرٍٍٍٍ عُذرٍٍ، فهو آثمٌ إِثمًا كبيرًا، يستحقٌّ مرتكبُه العذابَ الأَليمَ.
رابعًا: في لعبِ (كرة القدم ) كشفٌ للعوراتِ، إَذ فيها كشفُ الأَفخاذ، ونظر الناس إَِليها، ونظر بعضهم فخذَ بعضٍ، وهذا لا يجوزُ، لأنَّ الفخذَ من العورةِ، وستر العورةِ واجبٌ، إلاّ من الزوجات والإِماءِ، لقول النبيِّ r :
(( احفظ عورتَك، إِلاّ من زوجتِك، أو ما ملكت يمينُك )). والأَدلةُ على أنَّ الفخذَ من العورةِ كثيرة، منها: * ما أَخرجه مالك وأَحمدُ وأَبو داود والترمذي وابن حبان والحاكمُ عن جرهد الأَسلميّ ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النبيَّ r مَرَّ به وهو كاشفٌ عن فخذِه، فقال النبيُّ r :
(( غطِّ فَخذَك؛ فإنَّها من العورةِ ))
وما أَخرجه أَبو داود وغيره عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : (( لا تكشف فخذَك ، ولا تنظر إلى فخذِ حَيًّ ولا ميتٍ )) (إِذا عُلم هذا ، فالنظرُ إِلى عورةِ الآخرين حرامٌ ، وهذا هو السائدُ في مبارياتِ هذه الأيامِ ، إِذ لا توجدُ مباراةٌ إِلاّ وتظهرُ فيها الفخذُ ، ولا تحدّث عن العوراتِ في ( الرياضات النسائيّة )!! ومنها ( كرة القدم )، وقد تظهرُ ( الحسناواتُ ) على ( شاشات التلفاز ) كدعايةٍ للجهةِ الّتي تغطي نفقاتِ ( البثّ ) أو غيرها، ولا حول ولا قوّةَ إِلاّ بالله .
خامسًا: ثمَّ إنَّ مسابقاتِ كرةِ القدمِ، أصبحت وسيلةً لقلبِ الموازين؛ حيثُ أصبحَ البطلُ في هذا الزمانِ لاعبَ الكرةِ، لا المجاهد المدافع عن كرامةِ الأُمةِ وعزّتها، بالإضافةِ إِلى بذلِ الأموالِ الضخمةِ للاعبين ، والإسلامُ لا يقرُّ قلبَ الموازينِ، بل يعرفُ لكلِّ إنسانٍ قيمتَه ، بلاإفراطٍ ولا تفريطٍ .
ومن العجبِ أن اللعبَ بـ ( الكرةِ ) قد جُعَل في زمننا من الفنون !! التي تدرّس في المدارسِ ، ويعتني بتعلّمه وتعليمِه أعظم ممّا يعتنى بتعلّيمِ القرآن ِ ، والعلمِ النافعِ ، وتعليمهما .
وهذا دليلٌ على اشتدادِ غربةِ الإِسلامِ في هذا الزمانِ، ونقصِ العلمِ فيه ،