القضاء والقدر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

القضاء والقدر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-02-26, 03:52   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Icon24 القضاء والقدر

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

القضاء والقدر

الإيمان بالقضاء والقدر هو السعادة، وهو ركن الإفادة من هذه الدنيا والاستفادة، منه تنشرح الصدور، ويعلوها الفرح والحبور، وتنزاح عنها الأحزان والكدور، فما أحلاها من حياة عندما يسلِّم العبد زمام أموره لخالقه، فيرضى بما قسم له، ويسلِّم لما قدّر عليه، فتراه يحكي عبداً مستسلماً لمولاه، الذي خلقه وأنشأه وسواه، وبنعمه وفضله رباه وغذاه، فيسعد في الدنيا ويؤجر في الأخرى.

ولا يتم ذلك إلا لمن فهم القضاء والقدر، وعرف أسراره، وعلم حكمه على فهم سلف الأمة، فهم على علم أقدموا، وعن فهم كفوا وأحجموا، فلابد من الوقوف حيث وقفوا، وقصر الأفهام على ما فهموا.


القضاء والقدر لغة وشرعا :-

القضاء لغة فهو:

الحكم، والقدر: هو التقدير.

فالقدر:

هو ما قدره الله سبحانه من أمور خلقه في علمه.

والقضاء:

هو ما حكم به الله سبحانه من أمور خلقه وأوجده في الواقع.

وعلى هذا فالإيمان بالقضاء والقدر معناه: الإيمان بعلم الله الأزلي، والإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة سبحانه


@ حكم الخوض فى مسائل القدر :-

الأصل أن المؤمن يؤمن بقضاء الله وقدره ويمسك لسانه عن الخوض فى دقائق القدر , ويضع نصب عينيه عدل الله ورحمته . بهذا ينجو من أمواج هذا البحر العميق .

وقبل أن نسبح فى هذا المحيط العظيم أذكر بأن اعظم الأخطار فى مسائل الإعتقاد أن تنظر إليها من جانب واحد دون الإمساك بخيوطها جميعها .


@ مراتب القدر وأركانه :-

الإيمان بالقدر يقوم على أربعة اركان تسمى مراتب القدر أو اركانه , وهى المدخل لفهم باب القدر ولا يتم الإيمان به إلا بتحقيقها كلها , فبعضها مرتبط ببعض , فمن أقر بها جميعا اكتمل إيمانه بالقدر ومن انتتقص واحداً منها أو أكثر اختل إيمانه بالقدر ,
وهذه الأركان هى :-

1) العلم 2) الكتابة
3) المشيئة 4) الخلق


المرتبة الأولى : العلم :-

وهو الإيمان بأن الله عالم بكل شئ جملة وتفصيلاً , ازلاً وأبداً , سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله , أو بأفعال عباده , فعلمه محيط بما كان , وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف كان يكون , ويعلم الموجود والمعدوم والممكن والمستحيل , وقد علم جميع خلقه قبل أن يخلقهم , فعلم أرزاقهم وآجالهم , واقوالهم واعمالهم , وجميع حركاتهم وسكناتهم ,,اهل الجنة , وأهل النار .

والأدلة على هذه المرتبة من القرآن الكريم والسنة المطهرة كثيرة جداً منها .

1) قوله تعالى ((هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ )) ( الحشر / 22 )

أى عالم ما غاب من الإحساس و ما حضر , وقيل عالم السر والعلانية , وقيل ما كان وما يكون وقيل الآخرة والدنيا
وقوله تعالى ((أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )) ( الطلاق /12)

2) وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : « سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم عن أولاد المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين » (البخاري) .


المرتبة الثانية : الكتابة :-

وهى الإيمان بأن الله كتب ما سبق به علمه من مقادير الخلائق إلى يوم القيامة فى اللوح المحفوظ .
وقد اجمع الصحابة والتابعون وجميع أهل السنة والحديث على أن كل كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب فى ام الكتاب التى هى اللوح المحفوظ .

والأدلة على هذه المرتبة كثيرة من الكتاب والسنة منها .

أولا : الأدلة من الكتاب :

1) قوله تعالى :- { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } (الأنعام/38) .

2) وقوله جل وعلا :- { وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } (يونس / 61) .

3) وقوله تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } (الحج / 70) .


ثانيا : الأدلة من السنة :

1) روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن علي رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس وجعل ينكت بمخصرته ثم قال : « ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا ؟ فقال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما من كان من أهل السعادة فسيصير لعمل أهل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاوة فسيصير لعمل أهل الشقاء ثم قرأ ».

2) وروى مسلم عن جابر بن عبد الله قال : « جاء سراقة بن مالك بن جعثم فقال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، فيم العمل اليوم ، أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ، أم فيما نستقبل ؟ قال : " لا ، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير " ، قال : ففيم العمل ؟ قال : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له وكل عامل بعمله » .

3) وروى الإمام أحمد والترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : « كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال لي : يا غلام إني معلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام وجفت الصحف » .

قوله ( صلى الله عليه وسلم ) (رفعت الأقلام وجفت الصحف) يعنى : على اللوح المحفوظ , فهذا اللوح المحفوظ ليس فيه محو ولا إثبات للتغير .

فاللوح المحفوظ كتب اللله فيه ما سيكون إلى يوم القيامة , وما هو كائن , حتى لو أن كتاباً آخر مُحى فيه شئ واثبت آخر لكان هذا موجوداً فى اللوح المحفوظ أن يُمحى من كتاب فلان كذا وكذا ولا محو ولا لإثبات فى الللوح المحفوظ , رفعت الأقلام وجفت الصحف .


ويتبع هذه الكتابة الأولى – وهى الكتابة فى اللوح المحفوظ – كتابات وتقديرات أخر :-

1) التقدير يوم القبضتين :-

قال صلى الله عليه وسلم (( إن الله عز وجل حلق آدم , ثم أخذ الخلق من ظهره , وقال هؤلاء فى الجنة ولا أبالى , وهؤلاء فى النار ولا أبالى )) فقال قائل : يا رسول الله فعلى ماذا نعمل ؟ قال صلى الله عليه وسلم (( على مواقع القدر )) وفى رواية (( أخذ قبضة بيمينه فقال :- هؤلاء فى الجنة ولا أبالى واخذ قبضة بشماله وقال هؤلاء فى النار ولا أبالى ))

فلا يبالى الله عز وجل بطاعة الطائعين , ولا معصية العاصين ولا يزيد فى ملكه طاعة طائع , ولا ينقص من ملكه معصية عاصٍ , ولو أن أول خلقه وآخرهم وإنسهم وجنهم كانوا على أتقى قلب رجل منهم ما زاد ذلك فى ملكه شيئاً لأنه هو الذى قدر ذلك , وهو الذى جعله كذلك سبحانه وتعالى ولكنهم مأمورين بالأخذ بالأسباب وبين النبى صلى الله عليه وسلم أن وجود القدر السابق لا يعنى ترك العمل , لأن الله عز وجل كتب المقادير بأسبابها فقال (( هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون )) وقال (( وهؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون )) رواه الترمذى وصححه الشيخ الألبانى رحمه الله
وليس هذا أمرأ مكتوباً بلا أسباب فلذا عليك أن تأخذ بالأسباب لأن الله عز وجل خلق لك قدرة وإرادة يقع بها فعلك ولكن ذلك لا يعنى الخروج عن القدر .

وهذه المسألة هى التى حيرت البشرية و جوابها فى هذا الحديث الذى لا يتجاوز السطر أن الناس تعمل , وكل ميسر لما خلق له , فالإنسان ليس مُيسراً فقط , ولا مخيرا ً فقط , لأن كلمة " مسير " يعنى إنه لا اختيار له كالسيارة يقودها صاحبها ويوجهها وكونه مخيراً يعنى إنه لا سلطان لأحد عليه , فكلا الأمرين باطل .

إنما يُجمع بين الأمرين فالإنسان له أختيار ومشيئة وجعل الله وقدر له قدرة فلا يلزمنا أحد بأحدى إجابتين كلاهما خطأ , فيقول لك الإنسان مسير أم مخير ؟ وكأنه يقول 5+ 5 = 9 أم 11 فنقول كلتى الإجابيتين خطأ , والصواب ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم (( اعملوا فكل ميسر لما خلق له )) فكلمة (( اعملوا )) قالها ما إثبات القدر , فإثبات القدر لا يعنى ترك العمل , فقال ( اعملوا )) فأثبت العمل (( فكل ميسر لما خلق له )) فكلمة (( لما خلق له )) لا تعنى أنه يدخله بغير عمل غلا أن بعض اهل الجنة يدخلهم الله جل وعلا الجنة بلا عمل عملوه ولا خير قدموه , وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء , ولكن النار لا يدخلها أحد غلا بعمله ولا يدخلها أحد غلا بعدل الله سبحانه .


2) التقدير العمرى :-

وهو تقدير كل ما يجرى على العبد فى حياته إلى نهاية أجله , وكتابة شقاوته أو سعادته .

وقد دل على ذلك حديث الصادق المصدوق فى الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعاً (0 إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوماً , ثم يكون علقة مثل ذلك , ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات , يكتب رزقه وأجله , وعمله , وشقى أم سعيد )) رواه البخارى ومسلم وابن ماجه .


3) التقدير السنوى :-

وذلك فى ليلة القدر من كل سنة , ويدل عليه قوله سبحانه وتعالى ((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )) الدخان / 4
فكل أمور السنة تقدر تقديراً أخر فى ليلة القدر وهذه كتابات وتقديرات قد تكون منسوخة – أى منقوله – من اللوح المحفوظ فكتب الله عز وجل ما يشاء فى ليلة القدر :- من يحج ومن يموت ومن يغزو ........الخ


4 ) التقدير اليومى :-

قال تعالى ((كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ )) الرحمن / 29
(( من شأنه أن يغفر ذنباً , ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويخفض أخرين )) حسنه الألبانى


المرتبة الثالثة :- المشيئة :-

وهذه المرتبة تقتضى الإيمان بمشيئة الله النافذة , وقدرته الشاملة , فما شاء كان , ومالم يشأ لم يكن , وأنه لا حركة , ولا سكون , ولا هداية , ولا إضلال إلا بمشيئته .

والنصوص الدالة على هذا الأصل كثيرة جداً من الكتاب والسنة :-

1- قال تعالى ((وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) التكوير / 29

ومشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة يجتمعان فيما كان وما سيكون ويفترقان فيما لم يكن , ولا هو كائن , فما شاء الله كونه فهو كائن بقدرته لا محالة ومالم يشأ كونه فإنه لا يكون , لعدم مشيئته له لا لعدم قدرته عليه .

قال تعالى ((وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ )) البقرة / 253
فعدم اقتتالهم ليس لعدم قدرة الله ولكن لعدم مشيئته ذلك


@ الإرادة مردافة للمشيئة .

وهى تنقسم إلى قسمين : _

إرادة شرعية وإرادة كونية قدرية

1) فالإرادة الكونية القدرية :-

بها تكون الأشياء , وتقع كقوله تعالى ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) يس /82

وهذه تشمل كل الموجودات , خيرها وشرها , ما الله منها وما أبغض , وما مدحه وما ذمه , يشمل كل شئ وجد بإرادة الله سبحانه اراد وجود غبليس وأبى لهب وفرعون ووجود الشر , وهو يبغض كل ذلك .

كما أنه الذى أراد وجود الملائكة , والأنبياء والمؤمنين , وكل الخير , ويحب ذلك فخلق ما يرضاه وما لا يرضاه , وما أراده شرعاً , ومن نهى عنه شرعاً , وخلق كلا لحكمة يعلمها فلو سأل سائل :-

فلماذا خلق الله عز وجل مالا يحب ؟

فنقول : خلق هذه الأشياء لحكمة يعلمها , وقد يُطلع بعض خلقه على بعض حكمه .

قال النبى صلى الله عليه وسلم فى بيان حكمة وقوع الذنوب المكروهة لله عز وجل من عباده (( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) رواه مسلم

فهنا يظهر آثار الأسماء والصفات , فالله عز وجل يجب أن يغفر عز وجل فكيف يغفر لمن يوجد منه الذنب ؟ وإنما الأمر مرتبط بوجود الذنوب وهذا يقاس عليه ما تراه , فظهور آثار الرحمة , وظهور أثار شدة العقاب , وظهور اثار العزة , وظهور أنه ذو انتقام عز وجل وإنما ينتقم من المجرمين , ولا ينتقم من المؤمنين الذى اطاعوه عز وجل , وهذا بعض معانى حكمته عز وجل وهى كثيرة جداً فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فيكثر بيان أنواع من الحكم الكونية , كما يكثر بيان أنواع من الحكم الشرعية , ولكن لا يحيط علماً بحكمته عز وجل إلا هو .


2) الإرادة الشرعية :-

وهذه الغرادة تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه فقط , سواء أوجد أم لم يوجد (( والله يريد أن يتوب عليكم )) النساء /27
وهذه الإرادة ليست غرادة كونية وإنما هى إرادة شرعية , فمن الناس من يتوب, ومنهم من لا يتوب , والله يريد التوبة من الجميع شرعاً ولا يريدها كوناً إلا من بعضهم فالتوبة التى حدثت من بعضهم متعلقة بإرادة الله الكونية , التى هى متعلقة بكل ما يوجد مما يحبه ومما لا يحبه , والتوبة عمل يحبه عز وجل .


المرتبة الرابعة :- الخلق :-

وهذه المرتبة تقتضى الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله بذواتها وصفاتها وحركاتها وبأن كل من سوى الله مخلوق موجد من العدم , كائن بعد أن لم يكن .

والأدلة على هذه المرتبة لا تكاد تحصر منها :- قوله تعالى (( الله خالق كل شئ )) الزمر / 62

وكذلك أفعال العباد هة من الله خلقاً وإيجاداً وتقديراً , وهى من العباد فعلاً وكسباً , فالله هو الخالق لفعالهم , وهم الفاعلون لها


اخوة الاسلام

ادعوكم لمعرفه المزيد بالتفصيل
واسالكم الدعاء بظهر الغيب









 


رد مع اقتباس
قديم 2018-02-26, 04:00   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

هل توضح لي نظرة الإسلام للقضاء والقدر، وماذا يجب علي اعتقاده في هذا الشأن ؟.

الجواب

الحمد لله

فالكلام على نظرة الإسلام للقضاء والقدر قد يطول قليلاً وحرصاً على الفائدة فسنبدأ بمختصر مهم في هذا الباب ثم نتبعه ببعض الشرح الذي يسمح به المقام سائلين الله النفع والقبول :

اعلم وفقك الله أن حقيقة الإيمان بالقضاء هي : التصديق الجازم بأن كل ما يقع في هذا الكون فهو بتقدير الله تعالى .

وأن الإيمان بالقدر هو الركن السادس من أركان الإيمان وأنه لا يتم إيمان أحد إلا به ففي صحيح مسلم ( 8 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه بلغه أن بعض الناس ينكر القدر فقال : " إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني براء منهم وأنهم برآء مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر ( أي : يحلف بالله ) لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا ثم أنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر"

ثم اعلم أن الإيمان بالقدر لا يصح حتى تؤمن بمراتب القدر الأربع وهي :

1) الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .

2) الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .

3) الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة فلا يكون في هذا الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .

4) الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق صفاتهم وأفعالهم كما قال سبحانه : ( ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء ) الأنعام/102

ومن لوازم صحة الإيمان بالقدر أن تؤمن :

- بأن للعبد مشيئة واختياراً بها تتحقق أفعاله كما قال تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) التكوير/28 وقال : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة/286

- وأن مشيئة العبد وقدرته غير خارجة عن قدرة الله ومشيئته فهو الذي منح العبد ذلك وجعله قادراً على التمييز والاختيار كما قال تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) التكوير/29

- وأن القدر سر الله في خلقه فما بينه لنا علمناه وآمنا به وما غاب عنا سلمنا به وآمنا ، وألا ننازع الله في أفعاله وأحكامه بعقولنا القاصرة وأفهامنا الضعيفة بل نؤمن بعدل الله التام وحكمته البالغة وأنه لا يسأل عما يفعل سبحانه وبحمده .

وبعد فهذا مجمل اعتقاد السلف الصالح في هذا الباب العظيم وسنذكر فيما يلي تفصيلاً لبعض ما تقدم من القضايا فنقول سائلين الله العون والتسديد :

أولاً : معنى القضاء والقدر في اللغة :

القضاء لغة : هو إحكام الشيء وإتمام الأمر ، وأما القدر فهو في اللغة: بمعنى التقدير .

ثانيا : تعريف القضاء والقدر في الشرع :

القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .

ثالثاً : هل هناك فرق بين القضاء والقدر؟ :

من العلماء من فرق بينهما ، ولعل الأقرب أنه لا فرق بين ( القضاء ) و ( القدر ) في المعنى فكلٌ منهما يدل على معنى الآخر ، ولا يوجد دليل واضح في الكتاب والسنة يدل على التفريق بينهما ، وقد وقع الاتفاق على أن أحدهما يصح أن يطلق على الآخر ، مع ملاحظة أن لفظ القدر أكثر وروداً في نصوص الكتاب والسنة التي تدل على وجوب الإيمان بهذا الركن . والله أعلم .

رابعاً : منزلة الإيمان بالقدر من الدين :

الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة التي وردت في قوله صلى الله عليه وسلم عندما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم ( 8 ) وقد ورد ذكر القدر في القرآن في قوله تعالى : ( إنا كل شئ خلقناه بقدر ) القمر/49 . وقوله تعالى: ( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) الأحزاب/38 .

خامساً : مراتب الإيمان بالقدر:

اعلم وفقك الله لرضاه أن الإيمان بالقدر لا يتم حتى تؤمن بهذه المراتب الأربع وهي :

أ ـ مرتبة العلم : وهي الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأن الله قد علم جميع خلقه قبل أن يخلقهم ، وعلم ما هم عاملون بعلمه القديم وأدلة هذا كثيرة منها قوله تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) الحشر/22 ، وقوله تعالى : ( وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) الطلاق/12 .

ب ـ مرتبة الكتابة : وهي الإيمان بأن الله كتب مقادير جميع الخلائق في اللوح المحفوظ . ودليل هذا قوله تعالى : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحج/70 .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " رواه مسلم ( 2653 ) .

ج ـ مرتبة الإرادة والمشيئة : وهي الإيمان بأن كل ما يجري في هذا الكون فهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى ؛ فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فلا يخرج عن إرادته شيء .

والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّه ُ) الكهف/23 ،24 وقوله تعالى : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/29 .

د ـ مرتبة الخلق : وهي الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء ، ومن ذلك أفعال العباد ، فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه ، لقوله تعالى: ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الزمر/62 . وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون ) الصافات/96 .

وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد( 25 ) وابن أبي عاصم في السنة ( 257و 358 ) وصححه الألباني في الصحيحة ( 1637) .

قال الشيح ابن سعدي ـ رحمه الله ـ : " إن الله كما أنه الذي خلقهم ـ أي الناس ـ ، فإنه خلق ما به يفعلون من قدرتهم وإرادتهم ؛ ثم هم فعلوا الأفعال المتنوعة : من طاعة ومعصية ، بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقها الله ) ( الدرة البهية شرح القصيدة التائية ص 18 )

التحذير من الخوض بالعقل في مسائل القدر :

الإيمان بالقدر هو المحك الحقيقي لمدى الإيمان بالله تعالى على الوجه الصحيح ، وهو الاختبار القوي لمدى معرفة الإنسان بربه تعالى ، وما يترتب على هذه المعرفة من يقين صادق بالله ، وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ، وذلك لأن القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها ، وقد كثر الاختلاف حول القدر ، وتوسع الناس في الجدل والتأويل لآيات القرآن الواردة بذكره

بل وأصبح أعداء الإسلام في كل زمن يثيرون البلبلة في عقيدة المسلمين عن طريق الكلام في القدر ، ودس الشبهات حوله ، ومن ثم أصبح لا يثبت على الإيمان الصحيح واليقين القاطع إلا من عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، مسلِّماً الأمر لله ، مطمئن النفس ، واثقاً بربه تعالى ، فلا تجد الشكوك والشبهات إلى نفسه سبيلاً ، وهذا ولا شك أكبر دليل على أهمية الإيمان به من بين بقية الأركان

وأن العقل لا يمكنه الاستقلال بمعرفة القدر فالقدر سر الله في خلقه فما كشفه الله لنا في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم علمناه وصدقناه وآمنا به، وما سكت عنه ربنا آمنا به وبعدله التام وحكمته البالغة ، وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون . والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه .

يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد )









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-26, 04:11   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

في باب القضاء والقدر وللتفريق بينهما ، قال أهل العلم : إن فيهما خلاف ، فمنهم من فسر القضاء بالقدر، ومنهم من قال : إن القضاء غير القدر، فسؤالي : هل هناك قول يرجح أحدهما على الآخر ؟ وإن كان هناك ترجيح فما هو الدليل عليه ؟ وأيهما أسبق القضاء أم القدر؟

الجواب :

الحمد لله

ذهب بعض العلماء إلى أن القضاء والقدر مترادفان .

وهذا موافق لقول بعض أئمة اللغة الذين فسروا القدر بالقضاء .

جاء في "القاموس" المحيط للفيروزآبادي (ص 591) :

" القدر : القضاء والحكم" انتهى .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما الفرق بين القضاء والقدر ؟

فأجاب " القضاء والقدر، هو شيء واحد، الشيء الذي قضاه الله سابقاً ، وقدره سابقاً، يقال لهذا القضاء ، ويقال له القدر "

انتهى من موقع الشيخ


https://www.binbaz.org.sa/noor/1480

وذهب آخرون من العلماء إلى التفريق بينهما .

فذهب بعضهم إلى أن القضاء سابق على القدر .

فالقضاء هو ما علمه الله وحكم به في الأزل ، والقدر هو وجود المخلوقات موافقة لهذا العلم والحكم .

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/477) : " قال العلماء : القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل ، والقدر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله " انتهى .

وقال في موضع آخر (11/149) : "القضاء الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل ، والقدر الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل" انتهى .

وقال الجرجاني في "التعريفات" (ص174) :

"القدر : خروج الممكنات من العدم إلى الوجود ، واحدا بعد واحد ، مطابقا للقضاء .

والقضاء في الأزل، والقدر فيما لا يزال .

والفرق بين القدر والقضاء : هو أن القضاء وجود جميع الموجودات في اللوح المحفوظ مجتمعة، والقدر وجودها متفرقة في الأعيان بعد حصول شرائطها" انتهى .

ورأى فريق آخر من العلماء عكس هذا القول ، فجعلوا القدر سابقا على القضاء ، فالقدر هو الحكم السابق الأزلي ، والقضاء هو الخلق .

قال الراغب الأصفهاني في "المفردات" (ص675)

"والقضاء من الله تعالى أخص من القدر؛ لأنه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع .
وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المُعَدِّ للكيل ، والقضاء بمنزلة الكيل ، ويشهد لذلك قوله تعالى: ( وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ) ، وقوله: ( كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ) ، وقوله: ( وَقُضِيَ الأَمْرُ). أي فصل ، تنبيهًا أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه " انتهى .

ومن العلماء من اختار أنهما بمعنى واحد إذا افترقا ، فإذا اجتمعا في عبارة واحدة : صار لكل واحد منهما معنى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" القدر في اللغة ؛ بمعنى : التقدير؛ قال تعالى: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر: 49]، وقال تعالى: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) [المرسلات: 23]. - وأما القضاء ؛ فهو في اللغة : الحكم.

ولهذا نقول : إن القضاء والقدر متباينان إن اجتمعا، ومترادفان إن تفرقا؛ على حد قول العلماء: هما كلمتان: إن اجتمعتا افترقتا، وإن افترقتا اجتمعتا.

فإذا قيل: هذا قدر الله؛ فهو شامل للقضاء، أما إذا ذكرا جميعًا؛ فلكل واحد منهما معنى.

- فالتقدير: هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه.

- وأما القضاء؛ فهو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وعلى هذا يكون التقدير سابقًا.

فإن قال قائل: متى قلنا: إن القضاء هو ما يقضيه الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وإن القدر سابق عليه إذا اجتمعا؛ فإن هذا يعارض قوله تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) [الفرقان: 2]؛ فإن هذه الآية ظاهرها أن التقدير بعد الخلق؟

فالجواب على ذلك من أحد وجهين:

- إما أن نقول: إن هذا من باب الترتيب الذكري لا المعنوي، وإنما قدم الخلق على التقدير لتتناسب رؤوس الآيات.
ألم تر إلى أن موسى أفضل من هارون، لكن قدم هارون عليه في سورة طه في قوله تعالى عن السحرة: (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى) [طه: 70]؛ لتتناسب رؤوس الآيات
.
وهذا لا يدل على أن المتأخر في اللفظ متأخر في الرتبة.

-أو نقول : إن التقدير هنا بمعنى التسوية ؛ أي : خلقه على قدر معين ؛ كقوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) [الأعلى: 2]؛ فيكون التقدير بمعنى التسوية.

وهذا المعنى أقرب من الأول؛ لأنه يطابق تمامًا لقوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)؛ فلا إشكال

" انتهى، من "شرح العقيدة الواسطية" (2/189).

والخطب في هذه المسألة يسير جدا ، وليس وراءها كبير فائدة ، ولا تتعلق بعمل ولا اعتقاد ، وغاية ما فيها اختلاف في التعريف ، ولا دليل من الكتاب والسنة يفصل فيها ، والمهم هو الإيمان بهذا الركن العظيم من أركان الإيمان ، والتصديق به .

قال الخطابي رحمه الله في "معالم السنن" (2/323) بعد أن ذكر أن القدر هو التقدير السابق وأن القضاء هو الخلق ، قال : "جماع القول في هذا الباب - أي القضاء والقدر - أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر ؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس ، والآخر بمنزلة البناء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه" انتهى.

وسئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ : ما الفرق بين القضاء والقدر؟

فأجاب : " القضاء والقدر؛ من العلماء من يسوي بينهما، ويقول القضاء هو القدر، والقدر هو القضاء، ومنهم من يأتي بفرق ويقول: القدر أعم ، والقضاء أخص، فالقدر عمومًا والقضاء جزءٌ من القدر .

والكل واجب الإيمان به، بأن ما قدّر الله، وقضى الله لابد من الإيمان به والتصديق به " انتهى من موقع الشيخ على الانترنت


https://mufti.af.org.sa/node/3687

وقال الشيخ عبد الرحمن المحمود :

" لا فائدة من هذا الخلاف ؛ لأنه قد وقع الاتفاق على أن أحدهما يطلق على الآخر... فلا مشاحة من تعريف أحدهما بما يدل عليه الآخر " .

انتهى من " القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة " (ص 44) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-26, 04:14   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

ما منزلة الصبر في الإسلام ؟

وعلى ماذا يصبر المسلم ؟.


الجواب

الحمد لله

الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان .. ولا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطؤه .. وما أخطأه لم يكن ليصيبه .. وأن كل شيء بقضاء الله وقدره كما قال سبحانه .. ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) القمر/49 .

الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد . والصبر صفة كريمة .. وعاقبته حميدة . والصابرون يأخذون أجرهم بغير حساب كما قال سبحانه : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر / 10.

وكل ما يقع من المصائب والفتن في الأرض , أو في النفس , أو في المال, أو في الأهل , أو في غير ذلك .. فالله سبحانه قد علمه قبل وقوعه .. وكتبه في اللوح المحفوظ كما قال سبحانه : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ) الحديد/22.

وما يصيب الإنسان من المصائب فهي خير له , علم ذلك أو لم يعلم لأن الله لا يقضي قضاءً إلا هو خير كما قال سبحانه ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) التوبة/51 .

وكل مصيبة تقع فهي بإذن الله ومن يؤمن بالله ولو شاء ما وقعت .. ولكن الله أذن بها وقدرها فوقعت كما قال سبحانه : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ) التغابن/11.

وإذا علم العبد أن المصائب كلها إنما بقضاء الله وقدره .. فيجب عليه الإيمان والتسليم والصبر.. والصبر جزاؤه الجنة كما قال سبحانه : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ) الإنسان/12.

والدعوة إلى الله رسالة عظيمة .. يتعرض من يقوم بها لكثير من الأذى والمصائب .. لذا أمر الله رسوله بالصبر كغيره من الأنبياء فقال ( فاصبر كما صبر ألوا العزم من الرسل ) الأحقاف/35.

وقد أرشد الله المؤمنين .. إذا حزبهم أمر .. أو وقعت لهم مصيبة أن يستعينوا على ذلك بالصبر , والصلاة , ليكشف الله همهم .. ويُعجل بفرجهم .. ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) البقرة / 153.

ويجب على المؤمن الصبر على أقدار الله .. والصبر على طاعة الله .. والصبر عن معاص الله .. ومن صبر أعطاه الله الأجر يوم القيامة بغير حساب كما قال سبحانه : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر / 10 .

والمؤمن خاصة مأجور في حال السراء والضراء .. قال عليه الصلاة والسلام .. ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير , وليس ذلك لأحد إلاّ للمؤمن , إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له , وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) رواه مسلم برقم 2999.

وقد أرشدنا الله إلى ما نقوله عند المصيبة .. وبين أن للصابرين مقاماً كريماً عند ربهم فقال : ( وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة /155-157 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي تأليف الشيخ محمد بن ابراهيم التويجري









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-26, 04:18   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

هل يصح للمذنب أن يحتج على وقوعه في المعصية بأن هذا ما قدره الله عليه ؟.

الجواب

الحمد لله

قد يتعلل بعض المذنبين المقصرين على تقصيرهم وخطئهم بأن الله هو الذي قدر هذا عليهم؛ وعليه فلا ينبغي أن يلاموا على ذلك .

وهذا لا يصح منهم بحال ؛ فلا شك أن الإيمان بالقدر لا يمنح العاصي حجة على ما ترك من الواجبات ، أو فَعَلَ من المعاصي . باتفاق المسلمين والعقلاء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "

وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين ، وسائر أهل الملل ، وسائر العقلاء ؛ فإن هذا لو كان مقبولاً لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النفوس وأخذ الأموال ، وسائر أنواع الفساد في الأرض ، ويحتج بالقدر. ونفس المحتج بالقدر إذا اعتدي عليه ، واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه ، بل يتناقض ، وتناقض القول يدل على فساده ، فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في بدائه العقول

" مجموع الفتاوى ( 8/179)

وقد دل على فساد الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي أو ترك الطاعات ؛ الشرع والعقل ، فمن الأدلة الشرعية :

1ـ قول الله- تعالى - : ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا ءَابَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ ) الأنعام/39 ، فهؤلاء المشركون احتجوا بالقدر على شركهم ، ولو كان احتجاجهم مقبولاً صحيحاً ما أذاقهم الله بأسه . فمن احتج بالقدر على الذنوب والمعائب فيلزمه أن يصحح مذهب الكفار ، وينسب إلى الله الظلم تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً .

2ـ قال تعالى : ( رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء/165 ، فلو كان الاحتجاج بالقدر على المعاصي سائغاً لما انقطعت الحجة بإرسال الرسل ، بل كان إرسال الرسل لا فائدة له في الواقع .

3ـ أن الله أمر العبد ونهاه ، ولم يكلفه إلا ما يستطيع ، قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 ، وقال سبحانه : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286

ولو كان العبد مجبراً على الفعل لكان مكلفاً بما لا يستطيع الخلاص منه ، وهذا باطل ، ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل ، أو إكراه ، فلا إثم عليه لأنه معذور . ولو صح هذا الاحتجاج لم يكن هناك فرق بين المكره والجاهل ، وبين العامد المتعمد ، ومعلوم في الواقع ، وبدائه العقول أن هناك فرقا جليا بينهما .

4ـ أن القدر سر مكتوم ، لا يعلمه أحد من الخلق إلا بعد وقوعه ، وإرادة العبد لما يفعله سابقة لفعله ، فتكون إرادته للفعل غير مبنية على علم بقدر الله ، فادعاؤه أن الله قدر عليه كذا وكذا ادعاء باطل ؛ لأنه ادعاءٌ لعلم الغيب ، والغيب لا يعلمه إلا الله ، فحجته إذاً داحضة ؛ إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه .

5ـ أنه يترتب على الاحتجاج بالقدر على الذنوب تعطيل الشرائع والحساب والمعاد والثواب والعقاب .

6- لو كان القدر حجة لأهل المعاصي لاحتج به أهل النار ، إذا عاينوها ، وظنوا أنهم مواقعوها ، كذلك إذا دخلوها ، وبدأ توبيخهم وتقريعهم ، لكن الواقع أنهم لم يحتجوا به ، بل إنهم يقولون كما قال الله عز وجل عنهم : ( رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل ) إبراهيم/44 . ويقولون : ( ربنا غلبت علينا شقوتنا ) المؤمنون/106

وقالوا : ( لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك/10 . و ( قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) المدثر/44 ، إلى غير ذلك مما يقولون .

ولو كان الاحتجاج بالقدر على المعاصي سائغاً لاحتجوا به ؛ فهم في بأمس الحاجة إلى ما ينقذهم من نار جهنم .

7- لو كان الاحتجاج بالقدر صحيحا لكان حجة لإبليس الذي قال : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) الأعراف/16 ، ولتساوى فرعون عدو الله ، مع موسى كليم الله عليه السلام .

8- ومما يرد هذا القول ، ويبين فساده : أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه في أمور دنياه حتى يدركه ، ولا تجد شخصا يترك ما يصلح أمور دنياه ويعمل بما يضره فيها بحجة القدر فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر ؟!

وإليك مثالاً يوضح ذلك : لو أن إنساناً أراد السفر إلى بلد ، وهذا البلد له طريقان ، أحدهما آمن مطمئن ، والآخر كله فوضى واضطراب ، وقتل ، وسلب ، فأيهما سيسلك ؟

لاشك أنه سيسلك الطريق الأول ، فلماذا لا يسلك في أمر الآخرة طريق الجنة دون طريق النار ؟

9 ـ ومما يمكن أن يُرد به على هذا المحتج ـ بناء على مذهبه ـ أن يقال له : لا تتزوج ، فإن كان الله قد قضى لك بولد فسيأتيك ، وإلا فلن يأتيك . ولا تأكل ولا تشرب ، فإن قدر الله لك شبعاً ورياً فسيكون ، وإلا فلن يكون . وإذا هاجمك سبع ضار فلا تفر منه ، فإن قدر الله لك النجاة فستنجو ، وإن لم يقدرها لك فلن ينفعك الفرار . وإذا مرضت فلا تتداو ، فإن قدر الله لك شفاءً شفيت ، وإلا فلن ينفعك الدواء .

فهل سيوافقنا على هذا القول أم لا ؟ فإن وافقنا علمنا فساد عقله ، وإن خالفنا علمنا فساد قوله ، وبطلان حجته .

10- المحتج بالقدر على المعاصي شبه نفسه بالمجانين ، والصبيان ، فهم غير مكلفين ، ولا مؤاخذين ، ولو عومل معاملتهم في أمور الدنيا لما رضي .

11- لو قبلنا هذا الاحتجاج الباطل لما كان هناك حاجة للاستغفار ، والتوبة ، والدعاء ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

12- لو كان القدر حجة على المعائب والذنوب لتعطلت مصالح الناس ، ولعمت الفوضى ، ولما كان هناك داع للحدود ، والتعزيرات ، والجزاءات ، لأن المسيىء سيحتج بالقدر ، ولما احتجنا لوضع عقوبات للظلمة ، وقطاع الطريق ، ولا إلى فتح المحاكم ، ونصب القضاء ، بحجة أن كل ما وقع إنما وقع بقدر الله ، وهذا لا يقول به عاقل .

13- أن هذا المحتج بالقدر الذي يقول : لا نؤاخذ ، لأن الله كتب ذلك علينا ، فكيف نؤاخذ بما كتب علينا ؟

فيقال له : إننا لا نؤاخذ على الكتابة السابقة ، إنما نؤاخذ بما فعلناه ، وكسبناه ، فلسنا مأمورين بما قدره الله لنا ، أو كتبه علينا ، وإنما نحن مأمورين بالقيام بما يأمرنا به ، فهناك فرق بين ما أريد بنا ، وما أريد منا ، فما أراده بنا طواه عنا ، وما أراده منا أمرنا بالقيام به .

وكون الله علم وقوع ذلك الفعل من القدم ثم كتبه لا حجة فيه لأن مقتضى علمه الشامل المحيط أن يعلم ما خلقه صانعون ، وليس في ذلك أي نوع من أنواع الجبر ، ومثال ذلك من الواقع ـ ولله المثل الأعلى ـ : لو أن مدرسا علم من حال بعض تلاميذه أنه لا ينجح هذا العام لشدة تفريطه وكسله ، ثم إن هذا الطالب لم ينجح كما علم بذلك الأستاذ فهل يقول عاقل بأن المدرس أجبره على هذا الفشل ، أو يصح للطالب أن يقال أنا لم أنجح لأن هذا المدرس قد علم أني لن أنجح ؟‍!

وبالجملة فإن الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي ، أو ترك الطاعات احتجاج باطل في الشرع ، والعقل ، والواقع .

ومما تجدر الإشارة إليه أن احتجاج كثير من هؤلاء ليس ناتجاً عن قناعة وإيمان ، وإنما هو ناتج عن نوع هوى ومعاندة ، ولهذا قال بعض العلماء فيمن هذا شأنه : " أنت عند الطاعة قدري ، وعند المعصية جبري ، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به " ( مجموع الفتاوى 8/107 ) يعني أنه إذا فعل الطاعة نسب ذلك نفسه ، وأنكر أن يكون الله قدر ذلك له ، وإذا فعل المعصية احتج بالقدر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن المحتجين بالقدر : " هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى " ( مجموع الفتاوى 8 / 262 )

وعليه فلا يسوغ للعبد أن يحتج على معايبه ومعاصيه بالقدر .

وإنما يسوغ الاحتجاج بالقدر :عند المصائب التي تحل بالإنسان كالفقر ، والمرض ، وفقد القريب ، وتلف الزرع ، وخسارة المال ، وقتل الخطأ ، ونحو ذلك ؛ فهذا من تمام الرضا بالله رباً ، فالاحتجاج إنما يكون على المصائب ، لا المعائب ، " فالسعيد يستغفر من المعائب ، ويصبر على المصائب ، كما قال تعالى : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) والشقي يجزع عند المصائب ، ويحتج بالقدر على المعائب "

ويوضح ذلك المثال الآتي : لو أن رجلاً أسرع بسيارته وفرَّط في أسباب القيادة السليمة فتسبب في وقوع حادث ، فوبِّخ على ذلك ، وحوسب عليه فاحتج بالقدر ، لم يكن الاحتجاج منه مقبولاً ، بينما لو أن شخصا صُدِمت سيارته وهي في مكانها لم يتحرك بها ، فلامه شخص فاحتج بالقدر لكان احتجاجه مقبولا ، إلا أن يكون قد أخطأ في طريقة إيقافها .

فالمقصود أن ما كان من فعل العبد واختياره فإنه لا يصح له أن يحتج بالقدر ، وما كان خارجا عن اختياره وإرادته فيصح له أن يحتج عليه بالقدر .

ولهذا حَجَّ آدم موسى عليهما السلام كما في قوله صلى الله عليه وسلم في محاجتهما : " احتج آدم وموسى فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، ثم تلومني على أمر قد قدّر علي قبل أن أخلق ؟ فحج آدمُ موسى" ( أي : غلبه في الحجة ) رواه مسلم ( 2652 ).

فآدم عليه السلام لم يحتج بالقدر على الذنب كما يظن ذلك من لم يتأمل في الحديث ، وموسى عليه السلام لم يلم آدم على الذنب ؛ لأنه يعلم أن آدم استغفر ربه وتاب ، فاجتباه ربه ، وتاب عليه ، وهداه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

ولو أن موسى لام آدم على الذنب لأجابه : إنني أذنبت فتبت ، فتاب الله علي ، ولقال له : أنت يا موسى أيضاً قتلت نفساً ، وألقيت الألواح إلى غير ذلك ، إنما احتج موسى بالمصيبة فحجه آدم بالقدر . انظر الاحتجاج بالقدر لشيخ الإسلام ابن تيمية ( 18 – 22 )

" فما قُدِّر من المصائب يجب الاستسلام له ؛ فإنه من تمام الرضا بالله رباً ، أما الذنوب فليس لأحد أن يذنب ، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب ، فيتوب من المعائب ويصبر على المصائب " شرح الطحاوية ( 147 ) .

تنبيه :

ذكر بعض العلماء أن ممن يسوغ له الاحتجاج بالقدر التائبُ من الذنب ، فلو لامه أحد على ذنب تاب منه لساغ له أن يحتج بالقدر .

فلو قيل لأحد التائبين : لم فعلت كذا وكذا ؟ ثم قال : هذا بقضاء الله وقدره ، وأنا تبت واستغفرت ، لقُبل منه ذلك الاحتجاج ، لأن الذنب في حقه صار مصيبة وهو لم يحتج على تفريطه بالقدر بل يحتج على المصيبة التي ألمت به وهي معصية الله ولا شك أن المعصية من المصائب ، كما أن الاحتجاج هنا بعد أن وقع الفعل وانتهى ، واعترف فاعله بعهدته وأقر بذنبه ، فلا يسوغ لأحد أن يلوم التائب من الذنب ، فالعبرة بكمال النهاية ، لا بنقص البداية .

والله أعلم .

يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد ) وتلخيص الشيخ سليمان الخراشي لعقيدة أهل السنة في القدر من هذين الكتابين في كتابه : ( تركي الحمد في ميزان أهل السنة ) .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-27, 02:01   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال

ما هي الأشياء التي يمكن أن تغير القدر وما قد كتبه الله لنا ؟.

الجواب

الحمد لله

لا يوجد شيء يغير القدَر ؛ لأن الله تعالى قال : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22 ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم قال " رفعت الأقلام وجفَّت الصحف " – رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - .

قال المباركفوري :

" رفعت الأقلام وجفت الصحف " أي : كُتب في اللوح المحفوظ ما كتب من التقديرات ، ولا يكتب بعد الفراغ منه شيء آخر .

" تحفة الأحوذي " ( 7 / 186 ) .

والكتابة نوعان : نوع لا يتبدل ولا يتغير وهو ما في اللوح المحفوظ ، ونوع يتغير ويتبدل وهو ما بأيدي الملائكة ، وما يستقر أمره أخيراً عندهم هو الذي قد كتب في اللوح المحفوظ ، وهو أحد معاني قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد / 39 ، ومن هذا يمكننا فهم ما جاء في السنة الصحيحة من كون صلة الرحم تزيد في الأجل أو تُبسط في الرزق ، أو ما جاء في أن الدعاء يرد القضاء ، ففي علم الله تعالى أن عبده يصل رحمه وأنه يدعوه فكتب له في اللوح المحفوظ سعةً في الرزق وزيادةً في الأجل .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :

عن الرزق هل يزيد أو ينقص ؟ وهل هو ما أكل أو ما ملكه العبد ؟

فأجاب :

الرزق نوعان :

أحدهما : ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير ، والثاني : ما كتبه وأعلم به الملائكة ، فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب ، فإن العبد يأمر الله الملائكة أن تكتب له رزقاً ، وإن وصل رحمه زاده الله على ذلك ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصِل رحِمه " ، وكذلك عُمُر داود زاد ستين سنة فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين ، ومِن هذا الباب قول عمر : " اللهم إن كنت كتبتَني شقيّاً فامحني واكتبني سعيداً فإنك تمحو ما تشاء وتُثبت "

، ومن هذا الباب قوله تعالى عن نوح ( أنِ اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم و يؤخركم إلى أجلٍ مسمَّى ) ، وشواهده كثيرة ، والأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدَّره الله وكتبه ، فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه واكتسابه : ألهمه السعي والاكتساب ، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب ، وما قدره له بغير اكتساب كموت موروثه يأتيه به بغير اكتساب .

والسعي سعيان : سعي فيما نصب للرزق كالصناعة والزارعة والتجارة ، وسعي بالدعاء والتوكل والإحسان إلى الخلق ومحو ذلك ، فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

" مجموع الفتاوى " ( 8 / 540 ، 541 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-27, 02:04   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

الله عليم بكل شيء حتى الذي لم يحصل بعد ، ما رأي الإسلام في القضاء والقدر أو هل يمكن للرجل بأن يتحكم في القسمة والنصيب أم أنه شيء مكتوب ؟ مثلاً : إذا كان شخص يموت فإن بعض الناس يقولون موته في يد الله ومشيئته والبعض يحاول علاجه و إنقاذه من الموت ، هل هو مكتوب أم أن الرجل يمكن أن يكتب قدره بنفسه ؟ .

الجواب :

الحمد لله

كل شيء مكتوب ومقدر كما قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) ، وقال تعالى : ( وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر ) . وفي الحديث الصحيح : ( أول ما خلق الله القلم قال له : اكتب قال : يا رب وما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) وفي الحديث الآخر : ( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ) .

وهذا التقدير غائب عنا لا نعلمه ولا يجوز أن نتكل عليه وندع العمل والأخذ بالأسباب فلا تنافي بين الأمرين وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام فإن الله ما أنزل داء وإلا أنزل له شفاء أو دواء ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) ونحن لا نعلم عن المكتوب إلا بعد حصوله ، وقد جعل الله لنا إرادة وقدرة ومشيئة واختياراً لا نخرج عن قدرة الله ومشيئته ، والخلاصة أنه لا تعارض بين محاولة إنقاذ إنسان من الموت وبين قضاء الله المقدر والمكتوب والذي لا نعلمه إلا بعد حصوله

والله تعالى أعلم .

كتبه : د. سليمان الغصن .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-27, 02:08   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

كيف ينظر الإسلام للقضاء والقدر ؟

الجواب :

الحمد لله

الإيمان بالقضاء والقدر أصل من أصول الإيمان وهو يعني أن الله عالم بكل شيء ،

خالق لكل شيء ،

وأنه لا يخرج شيء عن إرادته وتقديره ،

وكتب كل شيء عنده في اللوح المحفوظ ،

وذلك قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف عام ،

وأن ما في الكون خلق لله تعالى هم وأفعالهم ،

فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن

وما أصاب العبد لا يمكن أن يخطئه وما أخطأه لا يمكن أن يصيبه وأن العبد ليس بمجبور على فعل الطاعات أو المعاصي بل له إرادة تليق بحاله ولكنها تحت إرادة الخالق .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-27, 02:15   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

أبي رحمه الله توفى يوم 27 من رمضان - أسكنه الله الجنة آمين - لم يتجاوز عمره السبعين عاما ، وأسئلتي في نفس الموضوع هي : أولا : هل لكل منا عمر محدد لا يتجاوزه ؟

ثانيا : هل يطيل الله العمر أو يقصره تبعا لصلاح أو فساد أفعال الإنسان ؟ ثالثا : اذا أهمل شخص جسده ولم يأخذ الدواء ، هل يحتمل أن يكون ذلك سببا أن يقصر الله عمره ؟

رابعا: إذا كان عمر كل منا محددا ، بغض النظر عن أفعالنا ، فلماذا نتعاطى الأدوية ؟

إذا كان العمر محددا ولن يموت الشخص قبل انتهاء أجله حتى ولو لم يأخذ الدواء .


الجواب

الحمد لله


الموت والأجل من قضاء الله وقدره الذي كتبه في اللوح المحفوظ عنده سبحانه قبل أن يخلق الخلائق بخمسين ألف سنة ، فلا يلحقه تغيير ولا تبديل ؛ فقد كتبه سبحانه بعلمه الذي لا يخطئ ، ومشيئته التي لا تتخلف .

يقول الله عز وجل :

( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ . وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المنافقون/10-11.

ويقول تبارك وتعالى :

( قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ . يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) نوح/2-4.

وذلك لا يعني أن الموت والأجل غير خاضعين لقانون السببية الذي خلقه الله في هذا الكون ، بل أَمْرُ الموت كسائر ما يقدَّر في هذه الدنيا مبنيٌّ على الأسباب المادية المكتوبة أيضا في اللوح المحفوظ .

فمن رغب أن يحفظ القرآن الكريم – مثلا – فلا بد أن يأخذ له أسبابه : من قراءة ، ومراجعة ، واستماع ، وتَكرار ، ونحو ذلك ، فإذا استكمل هذه الأسباب أتمَّ الحفظ ، وإن قَصَّرَ فيها لم يُتِمَّ ما أراد .

وعلم الله تعالى الأزلي محيطٌ بما سيكون من هذا الإنسان ، فهو سبحانه يعلم إن كان سيجتهد في الحفظ والتلاوة أو سيقصر في ذلك ، وأَمَرَ بِكَتبِ ذلك المعلوم الذي لا يخطئ في اللوح المحفوظ عنده سبحانه .

وكذلك الموت : له أسبابه المادية التي يعلمها جميع الناس ، كالسقوط من شاهق ، والجرح الغائر في المقاتل ، والأمراض الخطيرة ، ونحو ذلك .

كما له أسبابه المادية التي تؤخره وتؤجله : كحفظ الصحة ، والبعد عن أماكن الخطر ، ونحو ذلك .

وأيضا الأسباب المعنوية التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها تزيد في العمر وتمد الأجل ، كالدعاء ، وصلة الرحم ، وبر الوالدين ، وأعمال البر كلها .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :

( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) . رواه البخاري (2067) ، ومسلم (2557)

وعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلاَّ البِرُّ )

رواه الترمذي (رقم/2139) وقال : حسن غريب . وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (154)

فمن أتى بهذه الأسباب استحق زيادة العمر ، ومن نقص أسباب الحياة فقد عرَّض نفسه للموت ، وكل ذلك – سواء الأسباب أو المسببات – معلومة مكتوبة عند الله تعالى في ابتدائها وانتهائها ، لا تتغير لأنها معلومة لله على ما ستكون ، مهما غير العبد من أسبابه ، رفعت عنها الأقلام ، وجفت بها الصحف .

وهذا معنى قوله سبحانه :

( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) فاطر/11.

يقول ابن عباس في تفسير هذه الآية :

" ليس أحد قضيت له طول الحياة والعمر إلا هو بالغ ما قدرت له من العمر ، قد قضيت ذلك ، فإنما ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت له ، لا يزاد عليه ، ليس أحد قضيت له أنه قصير العمر ببالغ العمر ، ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتبت له ، فذلك قوله : ( ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) ، يقول : كل ذلك في كتاب عنده " انتهى.

رواه البيهقي في "القضاء والقدر" (1/218)

يقول البيهقي رحمه الله :

" والمعنى في هذا أن الله جل ثناؤه قد كتب ما يصيب عبدا من عباده من البلاء والحرمان والموت وغير ذلك ، وأنه إن دعا الله تعالى أو أطاعه في صلة الرحم وغيرها ، لم يصبه ذلك البلاء ، ورزقه كثيرا ، وعمّره طويلا ، وكتب في أم الكتاب ما هو كائن من الأمرين " انتهى.

"القضاء والقدر" (1/211)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
" إن الله أمر الملك أن يكتب أجلاً ، وقال : إن وصل رحمه زدته كذا وكذا ، والملك لا يعلم أيزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر ، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (8/517)

ويقول الشيخ ابن جبرين حفظه الله :

" اعلم : أن الآجال والأرزاق - كسائر الأشياء - مربوطة بقضاء الله وقدره ، فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ؛ ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) الأعراف/34.

فهذا أمر لا ريب فيه ولا شك ، ومع ذلك ، فهي أيضاً كغيرها : لها أسباب دينية ، وأسباب طبيعية مادية ، والأسباب تبع قضاء الله وقدره ، فمن الأسباب الدينية لطول العمر ، وسعة الرزق : لزوم التقوى والإحسان إلى الخلق ، لاسيما الأقارب .
كما ثبت في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال : ( من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره - أي يطيل عمره - فليصل رحمه ) .

وذلك : أن الله يجازي العبد من جنس عمله ؛ فمن وصل رحمه : وصل الله أجله ورزقه ، وصلاً حقيقياً . وضده : من قطع رحمه ، قطعه الله : في أجله وفي رزقه .

قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ) الطلاق/2

ومن الأسباب الدينية لقطع طول العمر : البغي والظلم للعباد . فالباغي سريع المصرع ، والظالم لا يغفل الله عن عقوبته ، وقد يعاقبه عاجلاً بقصم العمر " انتهى.

نقلا عن موقعه على هذا الرابط :


https://www.ibn-jebreen.com/book.php?...36&subid=29295

فالتداوي من الأسباب المادية المحسوسة التي تحفظ للإنسان عمره وصحته بإذن الله ، وإذا أهمل قد يؤدي إلى الضرر أو الوفاة ، وذلك لا يتعارض بأي وجه مع ما تقرره الآيات والأحاديث أن الأجل والعمر محدود ، فهو محدود بأسبابه ، وكل شيء عنده سبحانه وتعالى بمقدار ، فإن تداوى المرء وتعافى فطالت أيامه في هذه الدنيا فذلك بقدر الله ، وإن قصر أو ترك التداوي حتى قضى أجله فهو بقدر الله كذلك .

عَنْ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا ، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ ، وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا ؛ هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا ؟

قَالَ : ( هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ) رواه الترمذي (2065) وابن ماجة (3437) ، وروي موقوفا . قال الترمذي : هذا أصح .

نسأل الله أن يتغمد والدك برحمته ، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-27, 02:19   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

هل قدَّر الله سبحانه لكل شخص من تكون زوجته ؟

وهل للمعصية والطاعة دور في تغيير القدر ؟ .

أنا أحب فتاة ذات دين وخلق ، ولكن هي لا تحبني ، فهل يجوز لي أن أدعو الله بأن يحببها فيَّ ويجعلها زوجتي في المستقبل ؟.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .

والإيمان بالقدر من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان أحدٍ إلا به ، ويلزم فيه الإيمان بمراتب القدر الأربع وهي :

1. الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .

2. الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ ، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .

3. الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة ؛ فلا يكون في هذا الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .

4. الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق صفاتهم وأفعالهم .

وهذا التفصيل يبين لك أن الله تعالى قدَّر في الأزل من يكون أهلك ، ومن تكون زوجتك ، ومن يكون أبناؤك ، وكل ما كان ويكون في الكون فهو بتقدير الله تعالى ، قال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .

ثانياً :

لا يعني هذا أن الإنسان يكون في الدنيا بلا إرادة ، كما لا يعني هذا أن لا يسعى الإنسان في أسباب سعادته وعافيته ، فكل شيء جعل الله له سبباً ، فمن أراد الولد فلا بدَّ له من الزواج ، ومن أراد السعادة في الآخرة فلا بدَّ أن يسعى لها سعيها ، وأن يأخذ في طريق الهداية ، ومن أراد المال والغنى فلا بدَّ أن يسعى للكد والتعب .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ .. ) متفق عليه .

ولم يُطلع الله تعالى أحداً على تفصيل ما سيحصل له من خير أو شر ، لذا فإن كل أحدٍ يسعى لجلب الخير لنفسه ودفع الأذى عن نفسه ، ولا يكون عاقلاً من يسير في طريق سريع عكس الاتجاه ثم يقول " لن يحصل معي إلا ما كُتب لي أو عليَّ " ولا يجلس أحدٌ في بيته ثم يقول " لن يأتيني إلا ما قدِّر لي من رزق " و لا يأكل أحد طعاماً فاسداً ثم يقول " لن يصيبني إلا ما كتب الله لي أو عليَّ " وهذه الأمور لو فعلها أحدٌ وقالها لعدَّ من المجانين ، وهو كذلك .

وفي خصوص الزواج فإن المسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حثَّه على التزوج بذات الدِّين ، وهذا يقتضي منه البحث والتحري عن صاحبة الدِّين ، ولا يقول عاقل إنني لن أسعى في هذا ؛ لأنه لو عرض عليه امرأة مجنونة أو دميمة أو كبيرة في السن أو ذات أخلاق سيئة فإنه لن يقبل بها زوجة ! ولن يدَّعي أنه سيتزوج بأول من يراها أو أول من تُعرض عليه ، وهذا يؤكد ما قلناه من أنه سيعرض عن بعض النساء ، ويتأمل في أخريات ويتردد في بعضهن وهكذا ، ولو اختار ، بعد النظر والتأمل والاستشارة والاستخارة ، امرأة تناسبه فليعلم أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فليجعل رجاءه في ربه عز وجل أن يهيئ له من أمره رشدا ، وأن يقدر له أرشد الأمور بالنسبة إليه ، وأحبها إلى رب العزة تبارك وتعالى .

ثم عليه ، إذا وقع الأمر ، وقدر له ربه عطاءً أو منعا ، على ما وافق هواه أو خالفه ، أن يحسن الظن بربه عز وجل ، ويعلم أن الله لا تعالى لا يقضي لعبده المؤمن الصبار الشكور إلا قضاء الخير . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم ( 2999) .

ثالثاً :

أما بالنسبة لأثر الطاعة والمعصية على تغيير القدَر ، فلتعلم أن أما ما كان في اللوح المحفوظ فإنه لن يتغير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( رُفعت الأَقْلاَم وَجَفَّت الصُّحُف ) - رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - ، وأما ما في أيدي الملائكة من صحف فإن الله تعالى قد يأمر ملائكته بتغييرها لطاعة يفعلها المسلم أو معصية يرتكبها ، ولا يكون في النهاية إلا ما كُتب أزلاً ، ويدل على ذلك قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد/39 .

وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على القيام ببعض الطاعات التي لها أثر في زيادة عمر الإنسان ، كصلة الرحِم ، وأخبر أن الدعاء يرد القضاء ، وهذا معناه : أن الله تعالى علِم أولاً أن عبده فلان سيأتي بهذه الطاعات فقدَّر له عمراً مديداً أو بركة في الرزق ، والعكس كذلك فقد يرتكب الإنسان معصية يُحرم بسببها الرزق ، ويكون الله تعالى قد علَم ذلك أزلاً فقدَّره وكتبه بحسب علمه ، ولم يجبر الله تعالى أحداً على طاعة ولا معصية .

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا في حديث واحد :

عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلا الْبِرُّ وَلا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ) . رواه ابن ماجه ( 4022 ) .

قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ( رقم 33 ) :

سألت شيخنا أبا الفضل العراقي – رحمه الله – عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث حسن . انتهى

وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه البخاري ( 5640 ) ومسلم ( 2557 ) .

وروى الطبري بإسناده ، عن أبي عثمان النهدي : أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي : اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة

وكان أبو وائل شقيق بن سلمة التابعي مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات : اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . [ تفسير الطبري 7/398]

رابعاً :

حبُّك للفتاة ذات الخلق والدِّين يوجب عليك الحذر من أن تقع في مخالفات شرعية كمراسلتها أو محادثتها أو الخلوة بها ، ولا ننصحك أن تدعو الله تعالى أن يحببك لها ، بل ننصحك بالدعاء أن يرزقك الله تعالى زوجة صالحة ، وإذا رأيتَ من تنطبق عليها مواصفات المرأة الصالحة فتقدَّم لها واخطبها ، ولا داعي لتعيين امرأة بعينها فقد تبادلك المحبة ثم تقعان في مخالفات شرعية ، وقد لا يتيسر لكما أمر الزواج ، فدعاء الله تعالى بأن ييسر لك زوجة صالحة خير لك فيما نرى .

وحين تكون جادا في أمر الزواج، واستخره في شأنها ، وامض في خطبتك ، فإن تيسرالأمر فاستعن بالله تعالى وإلا ، فالنساء سواها كثير ؛ فاظفر منهن بذات الدين ؛ تربت يداك

نسأل الله تعالى أن يهديك لما فيه رضاه ، وأن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يرزقك زوجة صالحة وذرية طيبة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-27, 02:22   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

هل تعطيل الزواج للفتاة له علاقة بالقضاء والقدر ؟

أنا فتاة أخاف الله تعالى وأصلي وتعطل زواجي كان خُطّابي قليلين جدّاً وكلهم عيوب أكثرهم في الدين ، أسأل : هل تعطيل الزواج له ارتباط بقضاء الله وقدره أم أني ارتكبت ذنباً والله تعالى غاضب مني ؟

مع أني أخاف الله بشدة وأعطاني تعالى نصيباً من الجمال ، أريد راحة لبالي بسؤالكم ، ولكم جزيل الشكر والثواب
.

الجواب

الحمد لله

دلَّ القرآن والسنَّة الصحيحة وإجماع سلف الأمة على وجوب الإيمان بالقدر , خيره وشره , وأنه من أصول الإيمان الستة التي لا يتم إيمان العبد إلا بها ، قال تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد/22 ، وقال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في تعريف الإيمان : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) رواه مسلم ( 8 ) .

وكل ما يحصل في الكون إنما هو بقدر الله تعالى ، ويجب على من يؤمن بالقدر أن يؤمن أن الله تعالى علِم الأشياء قبل وقوعها ، ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، ثم شاء تعالى وجودها ، ثم خلقها ، وهذه هي مراتب القدر الأربعة المشهورة ، وعلى كل مرتبة أدلة ، وقد سبق بيان ذلك مفصَّلاً في جواب السؤال رقم ( 49004 ) فلينظر .

فالزواج وتقدمه وتأخره وتيسره وتعسره كل ذلك بقدر الله ، ولا يعني هذا أن المسلم لا يفعل الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤدية إلى مسبباتها ، ولا يتنافى الأخذ بالأسباب مع كون الشيء مقدراً في الأزل ، فالمرء لا يدري ما كُتب له ، وهو مأمور بفعل الأسباب .

والمصائب التي يقدرها الله تعالى على العبد , تكون خيراً للمؤمن إذا صبر عليها واحتسب ولم يجزع , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

وهذه المصائب قد تكون عقوبة على المعاصي , ولكن هذا ليس بلازم , فقد تكون لرفع درجات المؤمن , وزيادة حسناته إذا صبر ورضي ........ أو غير ذلك من الحكم العظيمة .

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاء سيئ في النفس أو المال ، فكيف يعرف أن ذلك الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله ؟

فأجاب :

" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء , وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم , كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) ، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب

فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ، فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب ، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله ، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعاً في الدرجات , وتعظيماً للأجور , وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب .

فالحاصل : أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات , وإعظام الأجور , كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار ، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى : ( من يعمل سوءً يُجز به ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أصاب المسلم من همٍّ ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفَّر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يُصِب منه ) ،

وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة ) خرجه الترمذي وحسنه " انتهى

"مجموع فتاوى ومقالات" (4/370) .

وبما أنك تركت الزواج من هؤلاء الذين خطبوك من أجل الله وبسبب أنهم غير مستقيمين في الدين فسيعوضك الله تعالى خيراً منهم ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2 ، 3 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه ) رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني في " حجاب المرأة المسلمة " ( 47 ) .

فعليك أن تُقبلي على الله بالدعاء والقربات ، ولا تجزعي ، واعلمي أن رحمة الله قريب من المحسنين .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 17:03   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

هل الإنسان مسير أو مخير

السؤال

هل قدرنا مكتوب ؟

البعض يقول بأنه لدينا الخيار في الطريق الذي نسلكه ولكن الذي سوف تجد في نهاية هذا الطريق هو ما قد قدره الله لك ، وقد قرأت أيضاً أن القدر ربما خلقه الجهم بن صفوان وليس الله .

أين يمكن أن أجد معلومات في القرآن ؟ إذا كانت الأقدار قد قُدرت فكم النسبة منها قد قدره الله ؟ هل صحيح أنه معلوم اليوم الذي ولد فيه الشخص الذي سيتزوجني ومتى وأين سيموت ؟

ماذا لو قابلت الشخص الذي من المفترض أن أتزوجه ولكن بطريقة ما اخترت الطريق الخطأ فهل سيعود لطريقي مرة أخرى أم أن هذا سيكون قدري وأن هذا عقابي فلن أحصل على هذا الرجل مرة أخرى في حياتي ؟.


الجواب

الحمد لله

الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في جواب جبريل عليه السلام حين سأل عن الإيمان : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".

والمراد بالقدر : تقدير الله تعالى للأشياء في القَدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده ، وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها . [ القضاء والقدر للدكتور عبد الرحمن المحمود ص 39 ] .

فالإيمان بالقدر يقوم على الإيمان بأربعة أمور :

الأول : العلم : أي أن الله علم ما الخلق عاملون ، بعلمه القديم .

الثاني : الكتابة : أي أن الله كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ .

الثالث : المشيئة : أي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فليس في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه .

الرابع : الخلق والتكوين : أي أن الله خالق كل شيء ، ومن ذلك أفعال العباد ، فهم يعملونها حقيقة ، وهو خالقهم وخالق أفعالهم .

فمن آمن بهذه الأمور الأربعة فقد آمن بالقدر.

وقد قرر القرآن هذه الأمور في آيات عدة ، منها قوله تعالى : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) الأنعام / 59 وقوله : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22 وقوله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/ 29 وقوله : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر / 49 وروى مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال : وعرشه على الماء ".

وبهذا يتبين لك أن القول بأن القدر خلقه الجهم بن صفوان ، قول لا أساس له من الصحة ، والقدر لا يُخلق ، بل الخلق داخل في الإيمان بالقدر. والجهم إنما غلا في إثبات القدر ، وزعم أن الناس مجبورون على أفعالهم لا اختيار لهم وهو قول باطل .

والذي عليه أهل السنة والجماعة أن العبد له مشيئة واختيار ، ولهذا يثاب ويعاقب ، ولكن مشيئته تابعة لمشيئة الله تعالى ، فلا يقع في الكون شئ لا يريده الله.

فما قاله البعض من أن لدينا الخيار في الطريق الذي نسلكه ولكن الذي سوف تجده في نهاية هذا الطريق قد قدره الله لك، قول صحيح . قال الله تعالى : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) الانسان / 3 , وقال : ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) البلد / 10

وقال : )وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر ) الكهف / 29

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبينا مذهب أهل السنة في أفعال العباد : ( والعباد فاعلون حقيقة ، والله خالق أفعالهم. والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم. وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة ، والله خالق قدرتهم وإرادتهم ، كما قال تعالى " لمن شاء منكم أن يستقيم. وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين" ) [الواسطية مع شرح هراس ص 65].

والزواج من جملة ما قدره الله تعالى ، والشخص الذي سيتزوجك ، قد علم الله من هو ، ومتى ولد وأين ومتى سيموت ، وكيف سيكون حاله معك ، إلى غير ذلك من التفاصيل ، كل ذلك قد علمه الله وكتبه في اللوح المحفوظ ، وهو واقع لا محالة كما قدر الله.

وإذا قدر الله لك الزواج من شخص ، لكنك اخترت غيره ، فإنك مهما طال الزمن ستتزوجين من ذلك الشخص ، وزواجك من غيره مقدر عليك أيضا، فليس شئ إلا بتقدير الله تعالى. فقد يكون مقدرا لامرأة أن تتزوج من فلان بن فلان ، فيتقدم لها فتأباه ، وترفضه ، وتتزوج من غيره ، فيموت عنها أو يطلقها ، ثم تقبل بالأول ، وكل ذلك مقدر . مقدر لها أن تتزوج بفلان بن فلان بعد رفضه أو بعد تجربة أو محنة أو غير ذلك.

وقد يقدر للمرأة أن رجلا صالحا يتقدم لها ، فترفضه ، فلا يعود لها أبدا ، بل تتزوج وتعيش مع غيره ممن هو أكثر أو أقل صلاحاً ، على ما قدره الله تعالى لها .

ولما كان الإنسان لا يدري ما قدر له ، كان سبيله أن يلتزم الشرع ، وأن يتقيد بالأمر والنهي ، وأن يستعين بالله تعالى ويستخيره في كل أمر مع ما يبذله من الأسباب الحسية والتي من أهمها استشارية أهل النصح ممن لهم خبرة .

فمتى ما تقدم الرجل الصالح لخطبة امرأة ، كان عليها أن تستخير الله تعالى ، وأن تقبل الزواج منه ، فإن تيسرت الأمور وسُهُلت ، كان هذا دليلا على أن الخير لها في الارتباط به.

والخلاصة أن على الإنسان أن ينظر في شرع الله تعالى ويطبق أمر الله وإن كرهت نفسه ؛ ويترك ما نهى عنه ولو تعلقت به نفسه ، فإن الخير كله في امتثال الشرع ، قال الله : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 ، ولا ينظر إلى القدر من يحتج به على ترك الأوامر وفعل المحرمات وإنما ينظر إليه نظر الرضا بما قد لا يكون موافقاً لما يحبه من الأقدار المؤلمة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 17:07   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا يقدِّر الله لبعض الناس دخول النار

السؤال:

كثير ممن أعرف من الذين هم مهتمون بالإسلام يتساءلون كثيراً عن القضاء القدر ، السؤال الذي وجدته صعباً في إجابته وأريدكم أن تساعدوني فيه هو : لماذا يقدِّر الله لبعض الناس دخول النار ؟ أعرف أن الإنسان يرتكب أعمالا تدخله النار ، ولكن إذا كان الله خلقَنا وخلق أعمالَنا فلماذا إذن نعاقَب على ذلك ؟ جزاكم الله خيراً .

الجواب:

الحمد لله

إن تقدير الله تعالى لأحد أنه يدخل النار ليس يعني أنه قد أجبره على الكفر حتى يتحقق في الآخرة دخول ذلك الكافر النار ، وهذا ليس اعتقاداً صحيحاً بل الله تعالى منزَّه عنه ، وإنما الواقع أن الله تعالى قد علِم ما سيفعله خلقه في حياتهم الدنيوية ، وقد أمر عز وجل القلمَ أن يكتب ذلك العلم الذي سيحصل من خلقه ، ولم يُطلع الله تعالى على ذلك العلم ملَكاً مقرَّباً ولا نبيّاً مرسلاً ، فلا أحد يعلم ماذا كُتب له أو عليه في اللوح المحفوظ

وهو يدل على أن ما يحتج به بعضهم بالقدَر لا قيمة له ، فالعبد مكلَّف بالإيمان والعمل ، وسيجازيه ربُّه تعالى يوم القيامة على ما قدمت يداه لا على ما كتبه الله تعالى عليه في اللوح المحفوظ ، وقد أقام الله عز وجل الحجة على خلقه بإرساله الرسل مبشرين ومنذرين ، قال تعالى ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) النساء/165 ، ولولا ذلك لكان لهم حجة على الله تعالى ، والله تعالى منزَّه – أصلاً –

أن يعاقب أحداً إلا على ما عمل بعد أن يقيم عليه الحجة ، ولذا كان الذين لم تصلهم الرسالات أو كانوا غير مكلفين عند إرسال الرسل يحتجون على الله تعالى يوم القيامة ، والله تعالى سيختبرهم في تلك الدار ، وأما في الدنيا : فإنه مَن جاءه البلاغ وهو مكلَّف : فليس له عند الله تعالى حجة يوم القيامة ، وهو تعالى قد أوضح له طريق الحق والضلال وخيَّره بين سلوك الطريق الأول وله الجنة ، أو الثاني وله النار ، ولم يُجبره على أن يسلك أحد الطريقين

قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) الكهف/ 29 – 31 .

يا عبد الله ؛ إذا كنا نؤمن بأن الله قد قدر كل ما هو كائن ، وأن الله تعالى علمه ، وخلقه ؛ فإن التفكير الإيجابي حقا أن نفترض أن الله كتب علينا الهدى والصلاح ، وهذا قد كتبه علينا شرعا ، وأمرنا به ، وإذا كان لا بد لك من أن تفترض واحدا من أمرين ، وتستسلم له : فافترض أنه قد قدر عليك الخير ، وكتبه عليك ، وكتبك من أهل الجنة ، وهذا هو اللائق بحسن الظن بالله ، ورحمته التي سبقت غضبه ، ورضاه الذي غلب سخطه ؛ وامض على ذلك التقدير ، واعمل بعمل أهل الجنة ، فكل ميسر لما خلق له !!

يا عبد الله ؛ إن مثل القدر السابق ، كمثل الشمس التي لا غنى لنا عنها في حياتنا ، ولا خروج لنا عن ضوئها في سيرنا ، فنحن ننتفع بها ما دمنا فاهمين لذلك ، مقدرين له ؛ لكن متى جئنا إليها ، وهي واضحة بينة في وقت الظهيرة ، ودققنا النظر إليها : لم نستفد شيئا من تدقيقنا ذلك ، وأوشكت أن تخطف أبصارنا !!
وهكذا القدر ؛ لا غنى لك عن الإيمان به ، فهو أحد أركان الإيمان ، ولا خروج لك عنه ، فهو كالشمس المضيئة لنا ، أو كالسماء التي فوقنا ؛ ولكن متى دققت في ضوئها ، ولم تكتف بالسير فيه ، أضر ذلك بعينك حتى كاد أن يذهب بها !!

هذا هو اعتقاد المسلمين ، ولا مجال فيه لأحد أن يطعن عليه أو يستشكله ، ومن يفهم أركان القدَر لم يقع في شباك الوسوسة ولم يسلك طريق الانحراف ، وهذه المراتب هي : العلم ، ثم الكتابة ، ثم المشيئة ، ثم الخلق

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 17:12   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرق بين الصبر والرضا

السؤال :

أواجه أذى من أهل زوجي ، أي أنهم يتكلموا عني كثيرا وربما يخرجون أسراري هداهم الله وغفر لهم وأنا بفضل الله أصبر على أذاهم وأحتسب ذلك عند الله ، ولكن بعض اﻷوقات أشعر بضيق شديد وأشعر أني لم أعد أتحمل وأتمنى لو لم أكن علمت هؤلاء الناس مع أن زوجي ولله الحمد يتقي الله في ولكنه مسافر وأنا أعيش مع أهله فلابد لي من المشاكل ، وسؤالي :

هل ضيقي وشعوري بعدم التحمل ينافي الصبر ؟

وكيف أصل لدرجة الرضا بحيث أرى ما أنا فيه هو نعمة من الله فقدره كله خير ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

قد أحسنت في صبرك على أذى أهل زوجك واحتسابك ذلك عند الله تعالى . وتلك درجة عالية من درجات الإيمان نسأل الله تعالى أن يجزيك عليها خيرا ، ويعوضك خيرا . قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ) رواه الإمام أحمد (5002) ، والترمذي (5307) ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (939) .

ثانيا :

هناك فرق بين الصبر والرضا ، فرق في التعريف ، وفرق في الحكم .
أما الحكم ، فالصبر واجب ، بحيث يأثم الإنسان إذا لم يصبر على ما أصابه من مكروه ، ويعرض نفسه بهذا لعقوبة الله تعالى .

وأما الرضا ، فهو درجة أعلى من الصبر ، وهي درجة السابقين بالخيرات ، ولذلك كانت مستحبة وليست واجبة ، فلا يأثم المسلم إذا لم يصل إليها ، غير أنه مطالب بمجاهدة نفسه والشيطان حتى يصل إلى تلك الدرجة العالية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (10/682) :

" الرضا بالمصائب كالفقر والمرض والذل : مستحب في أحد قولي العلماء وليس بواجب ، وقد قيل : إنه واجب ، والصحيح أن الواجب هو الصبر" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فما يقع من المصائب يستحب الرضا به عند أكثر أهل العلم ولا يجب ، لكن يجب الصبر عليه "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (2/92) .

وأما الفرق بين الصبر والرضا في التعريف ، فالصبر هو أن يمنع الإنسان نفسه من فعل شيء ، أو قول شيء يدل على كراهته لما قدره الله ، ولما نزل به من البلاء ، فالصابر يمسك لسانه عن الاعتراض على قدر الله ، وعن الشكوى لغير الله ، ويمسك جوارحه عن كل ما يدل على الجزع وعدم الصبر ، كاللطم وشق الثياب وكسر الأشياء وضرب رأسه في الحائط وما أشبه ذلك .

قال ابن القيم رحمه الله في " عدة الصابرين " (ص/231) :

" الصبر : حبس اللسان عن الشكوى الى غير الله ، والقلب عن التسخط ، والجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها " انتهى .

وأما الرضا فهو صبر وزيادة ، فالراضي صابر ، ومع هذا الصبر فهو راضٍ بقضاء الله ، لا يتألم به .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"الصبر : يتألم الإنسان من المصيبة جدا ويحزن ، ولكنه يصبر ، لا ينطق بلسانه ، ولا يفعل بجوارحه ، قابض على قلبه ، موقفه أنه قال : ( اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها ) ، ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) ...
الرضا : تصيبه المصيبة ، فيرضى بقضاء الله .

والفرق بين الرضا والصبر : أن الراضي لم يتألم قلبه بذلك أبدا ، فهو يسير مع القضاء ( إن إصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ) ، ولا يرى الفرق بين هذا وهذا بالنسبة لتقبله لما قدره الله عز وجل ، أي إن الراضي تكون المصيبة وعدمها عنده سواء "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (3/206) .

ثالثاً :

مجرد شعور الإنسان بالضيق وعدم التحمل ، وتمنيه أن ما وقع به من الشدة لم يكن وقع .. كل هذا لا ينافي الصبر ، مادام قد أمسك قلبه ولسانه وجوارحه عن كل ما يدل على الجزع ، وما دام لم يعترض على قضاء الله تعالى ، بل الصبر في الغالب لا يكون إلا مع هذا الضيق والمشقة والتعب .

وأما الراضي : فلا يجد ذلك الضيق والألم ؛ لأنه يعلم أن الله تعالى لن يختار له إلا ما هو خير ، فهو يتقلب فيما يختاره الله بنفس راضية مطمئنة .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"الصبر مثل اسمه مر مذاقته ... لكن عواقبه أحلى من العسل

فيرى الإنسان أن هذا الشيء ثقيل عليه ويكرهه ، لكنه يتحمله ويتصبر ، وليس وقوعه وعدمه سواء عنده ، بل يكره هذا ، ولكن إيمانه يحميه من السخط .

والرضا ، وهو أعلى من ذلك ، وهو أن يكون الأمران عنده سواء بالنسبة لقضاء الله وقدره ، وإن كان قد يحزن من المصيبة ؛ لأنه رجل يسبح في القضاء والقدر ، أينما ينزل به القضاء والقدر فهو نازل به على سهل أو جبل ، إن أصيب بنعمة ، أو أُصيب بضدها ، فالكل عنده سواء ، لا لأن قلبه ميت ، بل لتمام رضاه بربه سبحانه وتعالى يتقلب في تصرفات الرب عز وجل ، ولكنها عنده سواء ، إذ ينظر إليها باعتبارها قضاء لربه"

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (10/692) .

رابعاً :

هناك درجة أعلى من الرضا وهي درجة الشكر ، بأن يشكر الإنسان الله تعالى على ما أصابه من بلاء وشدة ، فيرى أن ما أصابه كان نعمة من الله ولذلك يقوم بشكرها .

ويصل الإنسان إلى درجة الصبر ثم الرضا ثم الشكر بما يأتي :

1- أن ينظر إلى اختيار الله تعالى له ، وأن الله لن يختار له إلا الخير . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

2- أن يتأمل فيما أصابه : فإنه سبب لتكفير ذنوبه ، حتى يلقى الله تعالى طاهرا من الخطايا ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي ، وصححه الألباني في " سنن صحيح الترمذي " .

3- أن ينظر إلى ما أصابه وأن الله تعالى رفق به فيه ، فكم من الناس أصيب بما هو أشد من ذلك وأعظم ؟ قال ابن القيم في الفوائد (1/112-113) بعد أن ذكر الصبر والرضا : " عبودية العبد لربه في قضاء المصائب الصبر عليها ، ثم الرضا بها وهو أعلى منه ، ثم الشكر عليها وهو أعلى من الرضا ، وهذا إنما يتأتى منه ، إذا تمكن حبه من قلبه ، وعلم حسن اختياره له وبره به ولطفه به وإحسانه إليه بالمصيبة ، وإن كره المصيبة " انتهى .

4- أن ينظر إلى عواقب الابتلاء والشدة ، وأن الله يسوقه إليه بهذه الشدة التي تجعله يكثر من ذكر الله تعالى ودعائه والتضرع إليه .

5- أن ينظر إلى ثواب الصبر والرضا ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر: 10 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ) رواه الترمذي وصححه الألباني في " سنن صحيح الترمذي " . ورضا الله تعالى عن العبد أعظم من دخول الجنة ، قال الله تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/72 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ . فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ . فَيَقُولُ : أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ! فَيَقُولُونَ : يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا ) رواه البخاري (6549) ، ومسلم (2829) .

قال ابن القيم في " طريق الهجرتين " (1/417)

بعد أن ذكر نحوا من هذه الأسباب التي تعين العبد على الرضا بقضاء الله تعالى : " فهذه الأسباب ونحوها تثمر الصبر على البلاء ، فإن قويت أثمرت الرضا والشكر " انتهى .

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين الراضين الشاكرين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 17:17   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كلمات في أسباب المصائب والصبر عليها

السؤال

من المعلوم أن الصبر على أقدار الله عز وجل واحتساب أجرها عند الله من عقيدة المسلم ، وكذلك الرضا بالمقدور الذي قدَّره الله عز وجل منزلة من منازل المؤمنين الذين يتفاوتون فيها ، فهل هناك فرق بين المصيبة الحاصلة على الإنسان بتفريطه وتهاونه ، أم الكل سواء ، بمعنى آخر : إنسان فاته التعليم ، والجد ، والاجتهاد في طلب العلم ، وهو قادر عليه ثم بعد أن بلغ من العمر ما بلغ أخذ يتحسر ، بل ويصل به الحزن إلى درجة كبيرة ، ويقول : كيف فرطت أيام كانت الظروف مواتية ومتاحة لي ، ويرى بعض الإخوان أن هذا الحزن والتأفف فيه اعتراض على القدر ؛ لأنهم يقولون لو أراد الله لك ذلك لكان . أرجو التوضيح أكثر؟

الجواب

الحمد لله

1. المؤمن الموحد يعلم أن كل شيء إنما هو بقدَر الله تعالى ، وأن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأنه ليس ثمة شيء يمكن أن يحجز قدر الله أن ينفذ في خلقه سبحانه وتعالى ، وبذا يطمئن قلب المؤمن الموحِّد ، ويعلم أن لا مجال للأسى والحزن أن يكونا في حياته ؛ لأن أمر الله سبق ، ومشيئته نفذت .

قال الله تعالى : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) الحديد/ 22 ، 23 .
وقال تعالى : ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) التوبة/ 51 .

2. وإذا كان هذا هو حال المؤمن الموحد لم يكن في حياته ندم على ما فاته ، ولن يكون للتحسر و" لو " موضع في كلامه ، وهذا الذي قدَّره الله تعالى على عبده لا يخلو من حالين :

الأول : أن يكون بسبب معصية وقع فيها العبد ، فقدَّر الله عليه بسببها مصائب .
قال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) الشورى/ 30 .

والثاني : أن يكون ذلك ابتلاء من الله لرفع درجته ، وتكفير سيئاته .
فماذا يصنع المؤمن الموحِّد بعد أن يعلم هذا ويعتقده اعتقاداً جازماً ؟

الواجب عليه إن كانت المصيبة بسبب معصية فعلها ، أو آثام ارتكبها ، أو تفريط فيما ينبغي عليه ، أن يبادر إلى التوبة والاستغفار ، وأن يرجع إلى ربه ويئوب ، ويندم على ما اكتسبه ، ويُصلح ما بينه وبين خالقه ومولاه ، قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/ 82 .

وإن كانت المصيبة مجرد ابتلاء لرفع الدرجات وتكفير السيئات : فليس أمام المؤمن الموحِّد إلا الرضا بقدر الله ، واحتساب ما أصابه لربه تعالى ، راجياً الأجور ، طامعاً في تكفير الذنوب .

وفي كلا الحالين لن يكون قلب المؤمن الموحد إلا قويّاً مطمئنّاً ، ولن يصيبه الضعف والخور ، بل يبادر إلى الطاعة والعمل ، وإن كان عاصياً ترك معاصيه وعاد أفضل مما كان ، وإن كان طائعاً ازداد في طاعة خالقه ومولاه .

3. والشيطان يحاول إضعاف قلب المؤمن ، وإدخال الحزن والأسى على قلبه ، ويبذل جهده لقذف العجز في جوارحه ، وكل ذلك بقول " لو " على ما مضى مما فعله ، أو مما لم يفعله ، ومع هذا الشر والفساد كله : فهو يجعله يعيش في الأوهام والظنون الكاذبة ، ويقول " لو كان كذا لكان كذا " ! وما يدريه أن الأمر كذلك ؟

فانظر – رعاك الله – إلى ما يحدثه الشيطان من التحسر والحزن والتخرص والظن على قدر الله تعالى ، ومع ذلك كله فهو يضعفه عن العمل ، ويُعجزه عن الطاعة ، ويظل يندب حظه ويتحسر حتى يفوت عمره ! وقد أخبرنا الله تعالى أن هذا من فعل المنافقين ، وحذَّرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من أن نسلك هذا الطريق .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) . رواه مسلم (6945) .

وانظر وتأمل هذا الحديث العظيم ، وفيه بيان الفرق بين المؤمن القوي والمؤمن الضعيف ، وفيه الحث على العمل وعدم العجز ، وكل ذلك مناسب تماماً للنهي عن التحسر بقول " لو " .

قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله -

عندما يقع الإنسان في مكروه أو تصيبه مصيبة فإنه لا يقول : " لو أني فعلت كذا ما حصل عليَّ هذا ! ، أو : لو أني لم أفعل لم يحصل كذا ! " ؛ لما في ذلك من الإشعار بعدم الصبر على ما فات مما لا يمكن استدراكه ؛ ولما يشعر به اللفظ من عدم الإيمان بالقضاء والقدر ؛ ولما في ذلك من إيلام النفس ، وتسليط الشيطان على الإنسان بالوساوس والهموم .
والواجب بعد نزول المصائب : التسليم للقدر ، والصبر على ما أصاب الإنسان ، مع عمل الأسباب الجالبة للخير ، والواقية من الشر والمكروه بدون تلوم .

وقد ذمَّ الله الذين قالوا هذه الكلمة عند المصيبة التي حلَّت بالمسلمين في وقعة أحد ، فقال تعالى : ( يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ) ، هذه مقالة قالها بعض المنافقين يوم " أُحد " لمَّا حصل على المسلمين ما حصل من المصيبة ، قالوها يعارضون القدَر ، ويعتبون على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين خروجهم إلى العدو ، فردَّ الله عليهم بقوله تعالى : ( قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ) ، أي : هذا قدَر مقدَّر من الله لابد أن يقع ، ولا يمنع منه التحرز في البيوت والتلهف.

وقول " لو " بعد نزول المصيبة لا يفيد إلا التحسر ، والحزن ، وإيلام النفس ، والضعف ، مع تأثيره على العقيدة ، من حيث إنه يوحي بعدم التسليم للقدر

ثم ذكر سبحانه عن هؤلاء المنافقين مقالة أخرى ، وذلك في قوله تعالى : ( الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ) ، وهذه من مقالات المنافقين يوم " أحُد " أيضاً ، ويروى أن عبد الله بن أبي كان يعارض القدر ويقول : لو سمعوا مشورتنا عليهم بالقعود وعدم الخروج : ما قُتلوا مع من قتل ، فردَّ الله عليهم بقوله : ( قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ ) ؛ أي : إذا كان القعود وعدم الخروج يسلَم به الشخص من القتل أو الموت : فينبغي أن لا تموتوا ، والموت لا بدَّ أن يأتي إليكم في أي مكان ؛ فادفعوه عن أنفسكم إن كنتم صادقين في دعواكم أن من أطاعكم سلِم من القتل ...
فقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى فعل الأسباب التي تنفع العبد في دنياه وآخرته مما شرعه الله تعالى لعباده من الأسباب الواجبة ، والمستحبة

والمباحة ، ويكون العبد في حال فعله السبب مستعيناً بالله ، ليتم له سببه وينفعه ؛ لأن الله تعالى هو الذي خلق السبب والمسبب ، والجمع بين فعل السبب والتوكل على الله توحيد ، ثم نهى عن العجز ، وهو ترك فعل الأسباب النافعة ، وهو ضد الحرص على ما ينفع ، فإذا حرص على ما ينفعه ، وبذل السبب ، ثم وقع خلاف ما أراد أو أصابه ما يكره : فلا يقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ؛ لأن هذه الكلمة لا تجدي شيئاً ، وإنما تفتح عمل الشيطان ، وتبعث على التأسف ولوم القدر ، وذلك ينافي الصبر والرضى

والصبر واجب ، والإيمان بالقدر فرض ، ثم أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى اللفظ النافع المتضمن للإيمان بالقدر ، وهو أن يقول : ( قدر الله وما شاء فعل ) ؛ لأن ما قدره الله لا بدَّ أن يكون ، والواجب التسليم للمقدور ، وما شاء الله فعل ؛ لأن أفعاله لا تصدر إلا عن حكمة .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " والعبد إذا فاته المقدور له حالتان : حالة عجز : وهي عمل الشيطان، فيلقيه العجز إلى " لو " ، ولا فائدة فيها ، بل هي مفتاح اللوم .

والحالة الثانية : النظر إلى المقدور وملاحظته ، وأنه لو قدر لم يفته ، ولم يغلبه عليه أحد ، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما ينفعه حال حصول مطلوبه وحال فواته ، ونهاه عن قول " لو " ، وأخبره أنها تفتح عمل الشيطان ؛ لما فيها من التأسف على ما فات ، والتحسر والحزن ، ولوم القدر ، فيأثم بذلك ، وذلك من عمل الشيطان ، وليس هذا لمجرد لفظ " لو " ؛ بل لما قارنها من الأمور القائمة بقلبه المنافية لكمال الإيمان الفاتحة لعمل الشيطان ...

فهذا الحديث الذي رواه أبو هريرة لا يستغني عنه العبد ، وهو يتضمن إثبات القدر ، وإثبات الكسب ، والقيام بالعبودية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى هذا الحديث : " لا تعجز عن مأمور ، ولا تجزع من مقدور " .
" الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد " ( ص 130 – 133 ) .

4. ومن فاته التعليم في الصغر : فليكن ندمه على تفريطه دافعاً له لاستثمار ما بقي من عمره ، لا أنه يضعف ويعجز ويترك التعلم ، ومن فاته الحج في شبابه : فليبادر في أول فرصة لكي يحج ولا ينبغي له أن يتوانى ويكس أكثر وأكثر ، وهكذا في طاعة وخير فاته ، فإنما عليه أن يؤمن بأنه قدر الله ، ولا ينبغي له أن يعجز ، وعليه أن يكون قويّاً ، ويحرص على ما ينفعه ، وإن كان ما فات بسبب معاصيه : فليفعل كل ما سبق ذكره ، ويضيف إليه : التوبة الصادقة من الذنوب والآثام ، وليسأل ربه تعالى أن يرزقه اعتقادا حسناً ، وأن يوفقه لما يحب ويرضى من القول والعمل .
على أننا ننبهك ـ أخي الكريم ـ إلى أن الخير والصلاح ، والهدى والفلاح ، في الجنة والآخرة ، ليس له باب واحد ، بل له أبواب كثيرة ؛ فمن عجز عن باب العلم ، فعنده من العلم أبواب ، يعوض بها ما فاته من العلم وفضله ، فإن كنت ذا مال ، فأنفق في سبيل الله ، وجاهد بمالك ، وإن ذا قوة ، فعندك الصوم فإنه لا عدل له ، وعندك الصلاة فإنها خير موضوع ، وعندك الحج والعمرة ، وعندك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعندك الذكر والتسبيح وتلاوة القرآن ... ، وعندك من الخير أبواب وأبواب ، وكل ميسر لما خلق له ، ولا يهلك على الله إلا هالك .

نسأل الله أن يوفقك ، ويهديك ، ويثبتك على الخير .

والله الموفق









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤاال وجواب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:10

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc