- وقال الشيخ مبارك الميلي -رحمه الله- مبيِّنًا أنَّ العقيدة السلفية هي الأصل في أهل المغرب، وإنما دخلتْهم الأشعرية بسبب ابن تومرت: «وكان أهل المغرب سلفيِّين حتَّى رحل ابن تومرت إلى الشرق وعزم على إحداث انقلابٍ بالمغرب سياسيٍّ علميٍّ دينيٍّ، فأخذ بطريقة الأشعري ونصرها، وسمَّى المرابطين السلفيِّين مجسِّمين، ثمَّ انقلابه على يد عبد المؤمن، فتمَّ انتصار الأشاعرة بالمغرب، واحتجبت السلفية بسقوط دولة صنهاجة، فلم ينصرْها بعدهم إلاَّ أفرادٌ قليلون من أهل العلم في أزمنةٍ مختلفةٍ، ولشيخ قسنطينة في القرن الثاني عشر عبد القادر الراشدي أبياتٌ في الانتصار للسلفيّين طَالِعها:
خَبِّرَا عَنِّيَ المُؤَوِّلَ أَنِّي * كَافِرٌ بِالَّذِي قَضَتْهُ العُقُولُ»(٢٦).
قال الشيخ العربي التبسي -رحمه الله-: «أمَّا السلفيُّون الذين نجَّاهم الله مما كِدْتُم لهم فهُم قومٌ ما أَتَوْا بجديدٍ وأحدثوا تحريفًا، ولا زعموا لأنفسهم شيئًا ممَّا زعمه شيخكم، وإنما هم قومٌ أمروا بالمعروف ونَهَوْا عن المنكر في حدود الكتاب والسنَّة، وما نقمتم منهم إلاَّ أن آمنوا بالله وكفروا بكم»(٣١).
لأجل هذا وذاك رأيت أن أنقل في هذا الموضع شيئا من كلام محمد البشير الإبراهيمي حول هذه التهمة ، قال رحمه الله (1/123 الآثار)
" ويقولون عنا إننا وهابيون كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أنست ما قبلها من كلمات: عبداويين وإباضيين وخوارج، فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد وهو مستقر الحق ، ولكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة ويسموننا في كل لحظة بسمة، وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منا وإبعادها عنا وأسلحة يقاتلوننا بها، وكلما كلت أداة جاءوا بأداة ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم الغناء ، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المغلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة وهابي ، ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها … ولا دافع لهم إلى الحشد إلا أنهم موتورون لهذه الوهابية التي هدمت أنصابهم ومحت بدعهم فيما وقع تحت سلطانها من أرض الله ، وقد ضج مبتدعة الحجاز فضج هؤلاء لضجيجهم والبدعة رحم ماسة".
ثم بين أن دعوتهم ودعوة الوهابيين دعوةٌ واحدة وقال (1/124الآثار):" ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة ، ونحن نعمل في طريق الإصلاح الأقلام وهم يعملون فيها الأقدام ، وهم يعملون في الأضرحة المعاول ونحن نعمل في بانيها المقاول".
- ويُخبر الشيخ أبو يعلى الزواوي -رحمه الله- بكلامٍ واضحٍ جليٍّ لا غبارَ عليه يفهمه العامُّ والخاصُّ، أنه وإخوانَه على العقيدة السلفية، وأنهم متبرِّئون من الأشعرية وغيرها من المذاهب الكلامية فيقول: «أمَّا أنا ومن على شاكلتي من إخواني الكثيرين فلا شريعةَ لنا ولا دينَ ولا ديوانَ إلا الكتاب والسنَّة وما عليه محمَّدٌ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابُه وعقيدةُ السلف الصالح، فلا اعتزالَ ولا ماتريديَّ ولا أشعريَّ، وذلك أنَّ الأشاعرة تفرَّقوا واختلفوا، أيِ المتقدِّمون منهم والمتأخِّرون، ووقعوا في ارتباكٍ من التأويل والحيرة في مسائلَ يطول شرحها»(٢٨).
وقال -رحمه الله تعالى- منتسبًا إلى السلفية ومتبرِّئا من سواها: «فالجواب عنه أنِّي أعلنتُ عن نفسي أنِّي سلفيٌّ، وأعلنتُ أنِّي تبرَّأتُ ممَّا يخالف الكتاب والسنَّة، ورجعتُ عن كلِّ قولةٍ قلتُها لم يقُلْها السلف الصالح»(٢٩).
وقال -رحمه الله- عن الشيخ ابن باديس: «لمَّا كنتُ كثير الكتابة في جريدة «الشهاب الثاقب»، وعرفتُ بظهر الغيب الأستاذَ الشيخ عبد الحميد بن باديس المشرف على «الشهاب» أنه قطب دائرتنا السلفية»(٣٠).