منذ أشهر قليلة تم تصنيف جامعة تلمسان في المركز 6265 ضمن جامعات الكرة الأرضية، فكانت الأحسن وطنيا أو دعونا نقولها صراحة الأقل سوءا ورداءة ضمن جامعات جزائرية فاق عددها عدد جامعات الدول الاسكندنافية مجتمعة، وفاق عدد طلبتها عدد سكان ما لا يقل عن سبعين دولة، وهي حاليا مطبعة لنسخ الشهادات لجيوش من البطالين،
والآن عادت جامعة تلمسان لتصنع مأساة تناقلتها وكالات دولية واعتبرتها بعضها ضمن أسوأ الأحداث في الجامعات العالمية خلال هذا الموسم الدراسي، وإذا كان حال تلمسان التي يُجمع زائروها على أنها حاليا هي أجمل وأنظف المدن الجزائرية على الإطلاق و وهي عاصمة الثقافة الاسلامية في ترتيب أسوأ من جامعات مدغشقر واليمن،
فكيف هو حال بقية الجامعات؟
المشكلة ليست دائما في الداء وليست أيضا في غياب الدواء أو عدم نجاعته، وإنما في عدم الاجتهاد لأجل إيجاد الحلول، بدليل أن النواب الحاليين الذين معظمهم كانوا طلبة جامعيين وبعضهم يُدرّس حاليا في الجامعة صادف أول اجتماع لهم حادثة محرقة تلمسان فلم يقدموا على الأقل عزاء للضحايا ولو بقراءة فاتحة الكتاب بما فيهم نواب عاصمة الزيانيين وبما فيهم الذين قالوا أنهم سيحرقون عمر عهدتهم الانتخابية في الدفاع عن الجامعيين،
وإذا كانت إسرائيل قد أعلنت حربها في صائفة 1982 على لبنان بدفع من برلمانها على خلفية مقتل أحد أبنائها الذي قالت عنه أنه كان متفوقا في دراسته ومشروع باحث كبير فهاجت وماجت في بيروت وانتهت بمجزرة القرن في صبرا وشاتيلا، فإن برلماننا كفى نفسه "شر قتال الداء" واستكثر على الطلبة النجباء الذين حصلوا على شهادة البكالوريا بعلامة جيد جدا وهي ربما علامة لم يحصل عليها أي من البرلمانيين الحاليين والسابقين، حتى قراءة فاتحة الكتاب.
صحيح أن الموت قضاء وقدر، وصحيح أنه أينما نكون يدركنا الموت ولو في بروج مشيّدة في أفخم الجامعات في العالم، إلا أن الاستهتار بحياة الفرد الجزائري بلغ درجة الجريمة مع سبق الإصرار والترصد، وحتى بعثرة الألقاب على المدن من عاصمة الثقافة العالمية إلى عاصمة العلم والعلماء صار يُثقل كاهل مدننا التاريخية التي وجدت نفسها باسم من غير مسمى، فعذرا تلمسان وعذرا لطلبة العلم والمعرفة.