اتضح جليا بأن الجفاء النقابي بين نقابتي الكنابست والاتحاد الوطني كان في جزء منه مرده لتصادم استراتيجية كل منهما في تصور واقتراح التعديلات المناسبة والضرورية لمعالجة الاختلالات التي وردت في القانون المسير لموظفي التربية .
فبينما اعتمدت نقابة الكنابست على دراسة واقعية ومهنية لمنخرطيها ودونت الاختلالات المسجلة واقترحت مشروعا شاملا جمع بين سد الثغرات الواردة في القانون السابق مع تثمين المسار المهني لموظفيها باعتمادها على فكرة أساسية ومحورية وجوهرية و مستقبلية ألا وهي توازي المسارين البيداغوجي والمهني للأستاذ مما يفتح أفقا جديدا ويعزز من امكانية الترقية ويثمن العملية التربوية بخلق منصب أستاذ مكون كسقف أعلى للمسار البيداغوجي ويقابله في المسار الإداري منصب مدير وبعده منصب مفتش.
أما التعديلات المقترحة من طرف نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية فقد اتسمت بادئ الأمر بالضبابية والشمولية واقتراح الخطوط العريضة للمطالب بدون ظهور دراسة علمية حقيقية للاختلالات المسجلة مما يحقق التوازن والعدالة بين الأطوار والأسلاك الكثيرة المنضوية تحت لواءها .غير أنها استدركت الأمر لاحقا مع انطلاق المفاوضات بصورة جدية وتعاملت مع الأحداث والمستجدات المطلبية لكل النقابات بصورة ايجابية مما حسن من اقتراحاتها ومطالبها التي تكاد تشبه إلى حد كبير ما تقدمت به نقابة الكنابست وخصوصا في توازي المسارين واقتراح رتبة أستاذ مكون لجميع الأطوار برتبة مدير بعد أن تمت الاستجابة السريعة لمطلبها بإلغاء المناصب العليا لسلك الإدارة ونقاطها الاستدلالية وتعويضها بالرتب المناسبة مع الاستفادة من فارق مالي مقبول وهذا منذ المسودة صفر المقترحة من طرف الوزارة .
غير أن الملاحظ والمتمعن والمراقب لسير المفاوضات ونتائجها وما رافقها من تأخير وتأجيل وأخذ ورد وتماطل من طرف الوصاية
ووصولها لمرحلتها النهائية بإقرار اللجنة الحكومية لجزء من المقترحات ورفضها لجزء أخر لا بد وأن يسجل النقاط التالية :
- حمل المشروع المعدل في نسخته النهائية بصمة واضحة وظاهرة للعيان وبصورة تكاد تكون استفزازية لقاصري النظر من النقابات لمقترحات نقابة الكنابست التي برعت - وهذا شرف للأسرة التربوية – وأتقنت لعبة المفاوضات وخرجت بنتائج مشرفة ومنها افتكاكها لنسبة خيالية لترقية موظفيها عن طريق آلية الإدماج .
- اعتماد الوصاية لفلسفتها القانونية بقبولها لفكرة توازي المسارين التربوي والإداري وجعلهما خيارين متاحين للموظف حسب ميولاته وقدراته ورغباته.
- بينما في الجهة المقابلة تعرضت نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين لانتقادات لاذعة ترجمت إلى سخط عارم من النتائج الهزيلة التي منيت بها وخصوصا من طرف أسلاكها الآيلة للزوال بعجزها عن مجاراة نقابة الكنابست في الجزء المتعلق بالإدماج وإحساسهم بأنها لم تدافع عنهم بالصورة المطلوبة رغم أحقية مطالبهم ومشروعيتها واعتمادها على النصوص القانونية المنظمة للقطاع مما دفع بقيادتها إلى إعلان إضراب وطني بعد تثمينها ومباركتها للقانون ؟؟؟؟؟؟ غير أن المفاجأة الكبرى جاءت في بيان الإضراب الذي جاء من صفحتين متضمنا عددا ضخما من المطالب لكل الأسلاك والرتب مما يجعلنا نطرح السؤال التالي : كيف حققت الكنابست ما حققت وعجزت نقابة الاتحاد الوطني عن تحقيق جزء بسيط من مطالبها ؟
موضوع للإثراء