موقفه من الإمام الأشعري ..
كان ابن تيمية يعتبر الإمام الأشعري رحمه الله هو نتاج جامع بين منهج الإمام ابن كلاب والإمام ابن حنبل رحمهما الله تعالى، حيث كان يقول : ( وكان الأشعري أقرب إلى مذهب أحمد بن حنبل وأهل السنة من كثير من المتأخرين المنتسبين إلى أحمد الذين مالوا إلى بعض كلام المعتزلة )، ورد في "درء التعارض" [ج1/ص: 270] ..
وكان يقول أن الأشاعرة من مثبتي الصفات الخبرية فيقول : ( ما الأشعري نفسه وأئمة أصحابه، فلم يختلف قولهم في إثبات الصفات الخبرية، وفي الرد على من يتأولها، كمن يقول : استوى بمعنى استولى. وهذا مذكور في كتبه كلها )، ورد في "مجموع الفتاوى" [ج12/ص: 203] ..
أما تهمة نفي الصفات الخبرية التي يحاول التيمية المتـأخرين "الوهابية"، فهي خاصة بالأشاعرة المتأخرين "الكلابية"، والذين عاد أكثرهم لنهج الأشعري المتقدم "الأصولي" ..
وصدق شيخ الإمام الشافعي "وكيع بن الجراح" رحمه الله تعالى : ( أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم )، رواه الدار قطني في "سننه" [ج1/ص: 26]، بإسناد صحيح ..
ثم عاد وقال منصفا الإمام الأشعري رحمه الله حيث يقول في نفس المصدر : ( فمن قال : أن الأشعري كان ينفيها [الصفات الخبرية]، فقد افترى عليه، ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه، كأبي المعالي ونحوه فإن هؤلاء أدخلوا في مذهبه أشياء من أصول المعتزلة )، ورد في "مجموع الفتاوى" [ج12/ص: 203] ..
تتمة
ينتسب المذهب الأشعري إلى مؤسسه أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري البغدادي (ت. 324 ﻫ)، المتكلم النظار، الذي كان فيما قال عنه ابن عساكر الدمشقي (ت. 571 ﻫ): «أشد العلماء اهتماماً بعلم الكلام، وألدهم لمن حاول الإلحاد في أسماء الله وصفاته خصاماً، وأمدهم سناناً لمن عاند السنة، وأحدهم حساماً وأمضاهم جناناً عند وقوع المحنة وأصعبهم مراماً، ألزم الحجة لمن خالف السنة والمحجة إلزاماً، فلم يسرف في التعطيل، ولم يغل في التشبيه، وابتغى بين ذلك قواماً، وألهمه الله نصرة السنة بحجج العقول، حتى انتظم شمل أهلها به انتظاماً، وقسم الموجودات من المحدثات أعراضاً وجواهر وأجساماً، وأثبت لله سبحانه ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات إعظاماً، ونفى عنه ما لا يليق بجلاله من شبه خلقه إجلالاً له وإكراماً، ونزهه عن سمات الحدث تغيراً وانتقالاً وإدباراً وإقبالاً وأعضاء وأجراماً، وائتم به من وفقه الله لاتّباع الحق في التمسك بالسنة ائتماماً»([2]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
([2]) تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، ص. 26