مصطلح العلوم العلمية غير دقيق . هناك العلوم الدقيقة ,علوم الطبيعة و العلوم الإنسانية إلى جانب العلوم الإقتصادية كفرع بدأ يستقل بنفسه . هناك علوم اخرى لا يمكن تصنيفها ضمن هذه الاطر كالعلوم القانونية و علوم الدين , لكن من تجربتي الخاصة أعتقد أن الخلفية العلمية مهمة جدا و التوجه المبكر للعلوم الإنسانية يعطي غالبا طلبة عاجزين عن فهم هذه العلوم . لأن الظاهرة الإنسانية معقدة جدا و محاولة فهمها و السيطرة عليها تحتاج لعقل علمي صارم .
في الجزائر بالذات هناك مشكلة توجيه , حيث يزج بالطلبة الاضعف في الشعب الادبية . و الذي أراه أصلا هو إلغاء الشعبة الادبية من اساسها و حصر التعليم قبل الجامعي على العلوم الدقيقة و الطبيعية و التقنية , بالإضافة إلى التمهين الجيد . و الدول المتقدمة تعطى العلوم الدقيقة و الطبيعية إهتماما اكبر في مرحلة التعليم قبل الجامعي و تستمر الاهمية بعد ذلك لانها الإختصاصات التي تساهم في تحريك الإقتصاد و زيادة القيمة المضافة و رفع الإنتاجية , و هذه الدول ليست في حاجة لجيوش من طلبة العلوم الإنسانية (كما هو عندنا) بل تكتفي بالإنتفاع من الدراسات و البحوث التي تقدمها مراكز البحث المختلفة و التي لا يمكن فصلها عن العلوم الاخرى .
التكوين العلمي مهم جدا للفرد ليس فقط من اجل مستقبله المهني بل من اجل منحه معارف تسمح له بالتعامل مع الحياة المعاصرة , كهرباء إلكترونيك , معلوماتية , إحصاء , طب و صيدلة , مواد كيميائية من حولنا من كل جانب , ظواهر فلكية و طبيعة تؤثر على حياتنا , من الجيد أن يكون للفرد فهم لما حوله .
لهذا اعتقد أن الحصول على خلفية علمية في مراحل التعليم ما قبل الجامعي مهم جدا و الاهم العمل على تعزيز تلك المعارف عبر المطالعة و التعلم المستمر , أما العلوم الإنسانية فهي تحتاج لعقول ناضجة و منظمة و هو ما يمكن إكتسابه عبر التكوين العلمي المبكر . و الأدلة على ذلك واضحة جدا . و الواقع يشهد على ذلك .