![]() |
|
خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() ![]() الوصف الأعمى: استرسل الشيخ في وصف حالة الشاب كما لم يصف الرسام لوحته، و لا المؤلف روايته، و لا حتى المغرور جماله، وصف يقف أمامه اللسان عاجزا، و العقل متأملا، و القلب متأثرا فكان في كل حرف تلده شفته يكبر في نظري أكثر رغم هرمه فقال عنه: أول ما لفت إنتباهي هو رجله المبتورة فظهر كالعصفور المقطوع الجناح، فعلمت أنه فقد حريته. كانت ملابسه باهضة الثمن: قميص من حرير ولكنه ممزق فعلمت أنه جرح من شخص أظهر له إحترام منمق، سروال ذا جودة عالية إلا أنه بال فعلمت أنه صار من غدر الأقرباء مشغول البال، كان يمشي حاف فأيقنت أن الدنيا لم تكن به حفيا، شعره الأشعث و لحيته المهملة أكدت لي أنه لم يعد مهتما بالزمان و لا الأيام عامة و لا الناس خاصة، ساعة ذهبية في يده عرفتني أنه عرف للوقت قيمة فوضعه في الذهب و لكنه لم يهتم بدينه فقد منعه من لبسها فكان بحاجة للمساعدة مني. فسبحان الله الذي جعل هذا الغني يحتاج لرأفتي، و مع يقيني أنه لم يكن ليساندني لو كنت مكانه، فلطالما مددت يدي لمن هم مثله طالبا المساعدة فلم يقيموها إلا بمصافحة و كأن المصافحة ستغذيني أو تسد جوعي، ولكن قلبي الرؤوم لطالما ساعد دون أن يكافئ فعوضه على الله. أدخلته لبيتي المتواضع و أرحت جثته على فراشي الأوضع، و أتيت إليه بلقمة أكثر تواضعا: قدمت إليه كأس لبن و حبتين تمر، و كسرة كانت لتكون زادي ليومين. أكل و استراح ، و نام و ارتاح، و انتظرت بدأه للكلام فمن شدة صمته ظننت خرسه. نطق أخيرا ضيفي الغني الفقير ليشكر لي صنيعي في شخص لم ألتقيه يوما و لم يرفق بي ساعة في وقت سعة الدنيا عليه، فأجبته: لا شكر على واجب، فإنما فعل الخيرات ليوم لا ينفع فيه لا مال و لا ملذات، و لكن لدي فضول لأعلم من أي حبيب إنتهزت الدنيا منه الفرصة لتثأر لوقت أضعته فيها، لتريك قيمتها ووجهها الحقيقي لا المزيف. الأمس الهنئ: وسرد علي قصته "واصل الشيخ العجوز": قال كنت أعيش حياة قياصرة الفينيقيين و آلهة الرومان و ملوك البريطانيين و أباطرة الصين، ورثت عن والدي مالا لو شقيت عمري الى مماتي لما جمعت نصفه حتى لو بدأت منذ أن كنت في بطن أمي، عمل جاهدا لكي يغنيني ضحى بوقته و بكل متعته من أجل متعتي وحدي، لطالما أحببته و أطعته فقد كان نعم الأب و الأم في نفس الوقت، عوضني خيرا عن التي تركتني يتيما صغيرا، كنت أنظر إليه فأرى ذلك الأخ الحنون و الصاحب النصوح و الحبيب القريب الذي لا معنى للحياة من دونه ، لم يحسسني يوما ببعد العمر بيننا، لم يخبرني يوما بمشاكل شغله التي كانت تكاد تفجر رأسه و مع ذلك يبتسم لي عند رِؤيتي، وثق بي لأنه أحبني و لكني للأسف لم أعرف قيمة الثقة، لم و لن أستحقها يوما لأنني دنيء دون لا أعرف معنى الحياة، أخذت ثقته التي منحني إياها فتلاعبت بالفتيات تلاعب الطفل الصغير بالألعاب، لم أهتم يوما لشرفها لأني سمعت أن الرجل لا يمس في شرفه مهما فعل، أخذت أمواله فمتعت أصحابي الأسوء مني بالتي أخذت عقلي إبنة الكرمة التي سيطرت على أفعالي و من يدرك كم من زهرة شريفة سحقت تيجانها فقضيت على رائحتها و مستقبلها فبقيت عالة على أهلها بسببي، و كم من شاب يافع مثلي كان عصفورا ماانفك يحلق من تحت ذراع أمه مبتعدا عن قفص الطفولة ليشم نسيم الحرية ضاع في مسالك الحياة بسببي، فأدخلته متاهة المخدرات معي، علمته دوامة المخزيات مثلي ، فتاجرت بذلك بشرف أبي في سوق الخسائر، و دفعته ثمنا لن يكفي ما جمعه من مبالغ طائلة تسديده، فاشتكى مني بذلك القريب قبل البعيد، و بدأت العلاقة بيني و بين والدي في التفكك يوما بعد يوم ، ولكني بعد أن جرفتني رياح النزق إلى لجة الشهوات لم أعد أكترث لا لحبيب أو قريب، فحتى الذي لم أحبب غيره لم أهتم بأمره، و كان دائما ما ينصحني فيقول: إن الرجل الذي يطغى في الحياة تطغى عليه إمراة، و إن المرأة التي تقسى على زوجها في الحياة يقسى عليها ربها، فلكل مقام مقال و لكل فعل جزاء. ورغم أنني كنت أعلم القدر الذي كان عليه أبي من الحكمة التي شهد له الناس بها لم آبه بما قاله و لم أشغل بالي به لأنه و كما تعلم با أبي أن فطرة الإنسان تحثه على عدم الإعتراف بالخطأ و اللامبالاة بالحق لأنه يعلم أن له فيه صلاح، و لم يمض إلا بضع شهور من قوله هذا حتى إلتقيت و لأول مرة فتح الحب مقلتي على إمرأة أيقظت وجداني بمحاسنها، و جعلت نفسي تعرف مرارة الكتمان و حلاوة البوحان، جعلت عيني تذرف عبرة الفرح و دموع الأسى، رفعت روحي إلى جنة العواطف العلوية ووضعتها هاوية الشوق النارية، سرقت السهاد من ليلي، جعلتني أنشد أول بيت من قصيدة الأحاسيس الجوفية و المشاعر الصادقة، كانت تأثيرها سلبا أكثر مما كان عليه إيجابا فكما أخرجت حواء آدم من الجنة أخرجتني حوائي بسحرها من دنيا الهناء، فكان حبي لها كسيف غمد في قلبي لا حب وضع فيه فانقدت وراءها ألبي لها ما تريد و كل ما أرجوه هو رضاها ، عرفت لماذا يقال الحب أعمى لأنه فعلا أعماني ، لأول مرة خالفت كل مبادئي و تحققت نصيحة والدي. بين الحقيقة و السراب:
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
اللمس, الثالث, الجسم |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc