وزارة التربية والنقابات ... صراع مواقف ام تبادل أدوار

[العابدالكنتي]

إن المتتبع للواقع التربوي الذي نعيشه في الوقت الحالي يمكن ان يلحظ ان يتميز بجملة من المفارقات يمكن ان نحصرها في ما يلي:

- إن نقابة cnapest في آخر تصريح إعلامي لها بتاريخ 20 أفريل 2012 طالبت الوزارة بالإسراع في إصدار القانون الأساسي لعمال التربية دون إبطاء أو تأخير, بعدها .... صمت مطبق!!!

- نقابة unpef حاولت الضغط على الوزارة قبل الانتخابات التشريعية للعاشر من ماي , بعد التذمر الكبير المسجل من طرف القاعدة العمالية خاصة أسلاك الإدارة والتفتيش و أساتذة التعليم الأساسي وبشكل أقل المساعدين التربويين , وذلك من خلال القيام بإضراب مفتوح استمر لأكثر من أسبوع, متبوعا باعتصام وطني في ساحة أول ماي بالعاصمة بتاريخ 06 ماي 2012 , انتهى ببيان وقف الإضراب والعودة للعمل , ومطالبة الوزارة بتأجيل إصدار القانون الأساسي , وبعدها ..... صمت مطبق؟

- إن اللجان الوطنية التابعة لنقابة unpef لمختلف الأسلاك , دخلت في صيام وعطلة عن الاحتجاج وإصدار البيانات والتصريحات الصحفية , ما عدا لجنة مدراء ونظّار الثانويات , التي أصدرت تصريح صحفي بتاريخ 15 ماي 2012 أوضحت فيه بجلاء أنها ترفض أن يتساوى الأستاذ المكّون مع مديره في التصنيف!!!

- ما يميز الساحة التربوية هاته الأيام ظهور صراع جليّ بين النقابتين الفاعلتين في قطاع التربية , واقصد بهما cnapest وunpef, صراع لا ادري يخدم من؟ وفي صالح من تبادل الاتهامات والخيانة والتشكيك في التاريخ النضال لهذا أو ذاك؟

ومن المستفيد من الطعن تحت الحزام والطعن خلف الظهر, وإعادة أحداث ووقائع مضى عليها الزمن, حدثت منذ 2003 و2011 ؟

وبالتزامن مع هذا الصراع الذي طفا على السطح , نجد أن وزارة التربية تستثمر في هذا الصراع و بالتعاون مع يومية الخبر - الجريدة الأكثر مصداقية في الجزائر حسب نظري على الأقل- يطل علينا يوميا السيد بوخطة مدير استثمار الموارد البشرية بوزارة التربية الوطنية في شروحات قانونية تفصيلية مختصرة وواضحة بلغة يفهمها الجميع لأهم المحاور والتعديلات التي جاء بها القانون الأساسي الجديد, وفي غياب كامل وتام لأي رد فعل نقابي , طبعا في ظل انشغالها بصراعاتها الداخلية أو مع بعضها البعض أو لترتيب البيت الداخلي.( الموضوع تمت كتابته قبل أن تصدر unpef التصريح الصحفي رقم 18/2012 المؤرخ في 18 ماي 2012 ردا على شرح السيد بوخطة لاتفاقية الوزارة حول تكوين الأساتذة والمعلمين؟)

- وفي ظل انشغال الجميع بالقانون الأساسي لعمال التربية, والتساؤل الكبير والمحيّر: هل وقع عليه الوزير الأول أم لم يوقع؟ , و بعد انقطاع أخبارها عنا , فجأة يظهر للسطح جديد الخدمات الاجتماعية للتربية , حيث سيتم تنصيب اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية لعمال التربية من طرف وزير التربية يوم 20 ماي 2012 ؟(ولا ندري أي وزير سيوقع على القرار ؟ أهو الوزير الحالي أم الوزير الحالي المتجدد أم وزير جديد)

- و مع قرب انتهاء الموسم الدراسي وبداية الامتحانات الرسمية بدءا من الامتحانات التجريبية , فشهادة التعليم الابتدائي , ثم شهادة الباكلوريا , متبوعة بشهادة التعليم المتوسط وأخيرا الدورة الاستدراكية لشهادة التعليم الابتدائي , ثم إعلان النتائج ومجالس القبول والتوجيه , ليخرج بعدها المدرسين والإداريين في عطلة صيفية طويلة.

إن خريطة الطريق هذه التي رسمتها لن تُمكن أي نقابة تحترم نفسها وعمالها من القيام بأي احتجاج ناجح ولن تستطيع أن تمارس أي نوع من الضغوط الممكنة في إطار القوانين المعمول بها.

لكل هذا ولأسباب أخرى متعلقة بالانتخابات التي جرت وما أفرزته من نتائج , وما يمكن أن ينجر عنه من تغيير في الحكومة الجزائرية ووزارة التربية , وهو الأمر وان حدث - هو في الحكم المؤكد- فإننا يمكن أن افترض فرضيتين لهذا الواقع:

الفرضية الأولى:

يمكن أن نستنتج أو نفترض أن هناك اتفاق ضمني بين النقابات و وزارة التربية ينص على تقاسم الأدوار بينهم , من أجل تشتيت انتباه أو صرف انتباه الأسرة التربوية حول ما تم الاتفاق عليه فيما يخص القانون الأساسي بين الطرفين , ومن اجل تمرير القانون كما ورد في نسخته النهائية , في صمت وبأقل ضجة واقل خسائر وأضرار للطرفين.

بمعنى انه على الطرفين أن يتعاونوا فيما بينهما على تسيير الوضع الراهن إلى غاية خروج المدرسين في العطلة الصيفية مع بداية جويلية. ومع بداية الموسم الدراسي القادم , يكون القانون الأساسي قد صدر في الجريدة الرسمية وشرعت مديريات التربية بالولايات خلال الصيف في إعداد مقررات الإدماج الجديدة وتسوية وضعية جميع الأسلاك , ويمكن عندها إسكات كل العمال المحتجين بصب الشطر الثاني من المخلفات قبل شهر رمضان القادم وقبل الدخول المدرسي , وعندما يعود عمال القطاع لمدارسهم فإنهم يجدون أن الأمور قد انتهت , أو كما يقول المثل الشعبي: (صَبّتْ و سّحَاتْ).

الفرضية الثانية:

هي أن الوزارة نجحت في تشتيت الصف النقابي وخلق فتنة داخل قطاع التربية بين الفئات والأسلاك المختلفة , وقد عملت على زيادة الشرخ بين نقابتي cnapest وunpef لان اتحادهما واستمرار التنسيق بينهما يجعل الأمور صعبة على الوزارة فـ (سياسة فرق تسد ) ’ تجعل الاستفراد بكل نقابة أمر أساسي , ومن ثم محاولة إبعادها أو خلق قطيعة بينها وبين قاعدتها العمالية والنضالية , فعندئذ تصبح نقابة ضعيفة دون دعم أو مساندة عمالية , فيضعف الموقف التفاوضي للنقابة أمام الوزارة , فيسهل عندئذ فرض شروط الوزارة عليها , وفرض مزيدا من التنازلات والتي تكون عادة على حساب الفئات الضعيفة وقليلة العدد في القطاع.

وما نشاهده اليوم من تحول حليفا الأمس القريب إلى عدوين لدودين أمر يدعونا جميعا, نقابيين وعمال إلى التأمل في هذا الواقع المزري وفي هذا التشتت المريب. لأنه واقع لا يخدم قطاع التربية وعماله البتة, ويجعل آمالنا في قانون عادل ومنصف وخاصة الفئات الضعيفة وقليلة العدد فينا تذهب مع الريح.

نصيحة أخوية:

وأخيرا أحببت أن أتقدم بنصيحتي لمن يهمه الأمر , ولن اكرر ما قلته في مواضيع سابقة عن الأخطاء الإستراتيجية الكبرى التي وقعت فيها النقابات و حول منهجية التفاوض والرؤيا الواضحة للمطالب , وإنما سأقول انه دائما في الاتحاد قوة وعودة التنسيق والتحالف الاستراتيجي بين cnapest وunpefوحسن اختيار المفاوضين والاستماع للقاعدة , هو الكفيل بخلق قوة ضغط على الوزارة لكي تستجيب لمطالب عمال التربية من أجل الوصول إلى قانون عادل ومنصف يرضي جُل الأسلاك.

وفي الختام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العابد الكنتي – تمنراست