قصيدة ايهوم محند دفاعا عن الاخوة الامازيغ و العرب المؤمنين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى القبائل العربية و البربرية

منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

قصيدة ايهوم محند دفاعا عن الاخوة الامازيغ و العرب المؤمنين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-14, 17:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي قصيدة ايهوم محند دفاعا عن الاخوة الامازيغ و العرب المؤمنين

قصيدة ايهوم محند دفاعا عن الاخوة الامازيغ و العرب المؤمنين

رابط المصدرو المرجع : https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102839
رابط المدونة الشخصية للاخ الامازيغي المغربي الكريم : ايهوم محند https://ihoum1.blogspot.com/2012_02_19_archive.html
من موقع ملتقى اهل الحديث انقل لاخواننا المؤمنين الكرام من الامازيغ و العرب قصيدة و محاولة شعرية جميلة طيبة من الاخ الكريم المؤمن الطاهر الامازيغي الشلحي المغربي الحر : ايهوم محند التناني
هذه القصيدة كتبها هذا الفاضل المؤمن الامازيغي القح دفاعا عن الاسلام و الاخوة الاسلامية الايمانية بين العرب و الامازيغ ضد تيارٌ الامازيغيين العلمانيين الفرنكفونيين المتطرفين الذين ينادون بالانفصال و الارتداد عن الاسلام .
حيث يرى هذا التيار العلماني الفرنكفوني أن العلمانية هي الضمانة الوحيدة لحق الأمازيغية في الحياة والتطور، ونيل الحقوق المسلوبة حتى وصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة بفرض العلمانية على الشعوب الأمازيغية المسلمة، والدعوة علنا لإقصاء الدين ومعادة كل ماله علاقة بالعرب من قريب أو بعيد، وتوظيف الأمازيغية لضرب الإسلام والهجوم على اللغة العربية التي هي لغة القرآن، و إطلاق مصطلح (الغزو) على الفتح الإسلامي، والانحياز للغرب وإلى أجندة تخدم المصالح الأجنبية، ورفض أية علاقة مع الشرق العربي الإسلامي، ومحاولة إحياء بعض أمجاد ما قبل الفتح الإسلامي للمغرب ومقدسات الأمازيغ القدامى و الحديث عن ألوهية (أكوش) وبطولة (تيهيا) الكاهنة اليهودية الكافرة و(كسيلة) عابد الكبش الأقرن قاتل الصحابي المؤمن المسلم الموحد الجليل عقبة بن نافع رضي الله عنه .

إلى دعاة الأمازيغية:

يَا أَمـَازيـــغُ عِـزنَا فـي اتحـادِ * مـعَ مـنْ نطقـوا كـلامَ الضَّـادِ
نحنُ والعُرْبُ إخـوةٌ فلماذَا * نستجيب لما تبُثُّ الأعادِي
دعوة ٌجاهليةٌ حركوها * بخيوطٍ خفيـةٍ وأيـاد
من وراء البحارِ طارتْ إلينا * لتبث السمومَ بين العباد
هدف (الغرب) واضحٌ كيف نسعى * ـ دونَ وعي ـ وراء ذي أحقاد
فسلاح الأعداء (فرق تسدْ) فهـ * ـوَ سيوف تُسَلُّ من أغماد
أنسيتم (ظَهِيرَ هُمْ) حين صاغو * ه لتمزيق شمـلِ أهل البلاد ؟
يا دعاة الأمازيغية مهلا * فعدو الجميع بالمرصاد
لغـةُ الضـاد لا تحارب إلا * من بليدٍ ومن حقود معادِ
ليس فتح الإسلام غزواً ولـكنـ*ــه فجرٌ أَقامـنا من رُقـاد
ليس كل تراثِنا في طقوسٍ * وأغـــانٍ تجــرنا للفساد
أين دور الإسلام أين علومٌ * نسبت للاما زغ الأمجادِ
اسألوا عن تراثهم كتُبَ التاريـ*ـخ فهي تغني عنِ الإشهاد
نشروا الدينَ في البلاد وبثوا * في الأهالي الهدى ونورَ الرشادِ
ترجموه إلى الأمازيغِ حتى * شمِل المدْن نورُه والبوادي
جمع الله شملهم وحباهم * بتــآخ وألــفـة ووداد
طردوا الاستعمارَ حين أتاهم*بـ (ظهيرٍ) يريد نسفَ اتحاد

****** ******* ************** ********* ******** ****** ****

يا ابنَ (ما زيغَ) أنت (أصلٌ) ولكن * وحدَ الدين أهلَ هذي البلاد
جمعتهم عقيدةٌ وتراث * تركتْها الأجداد للأحفادِ
وحد الدينُ بين عربٍ وعجم * فبنوا الفرس فيه كالأكرادِ
أنت ـ حقا ـ لك الحقوق ولكن * ستضيع إذا غرتك الأعادي
لا تضق بـ (الأعرابِ) ذرعا ولا تصـــغ بتاتا لفريـة الأوغـادِ
إن نطقت الامازغية َعدُّو ك بليدا يعيشُ مثل الجمادِ
همشوا نطقَك الجميلَ وقالوا * لهجةٌ باء سوقها بالكسادِ
قل لمن يبتغي خداعك: مهلا *لم أكن قط للهدى بمعاد
رغم كوني أما زغيا فهذي * لغة الضاد قطعة من فؤاد
أنا ضــدُّ عروبـة لاتساوي * بين أهل البلاد في كل ناد
لستُ ضد الأمازيغية لكن * ضد من يستغلها للفساد
لست أرضى (كسيلةً) لي جداً * أنا نجلٌ لـ (طارقِ بن زياد)
كافرٌ بـ (أكُوشَ) لا أرتضيه * حسبي الله سيدُ الأسياد
مَنْ مُناه فصلي عن الدين يوماً * فهو لاشك نافخٌ في رماد









 


آخر تعديل احمد الطيباوي 2012-04-18 في 14:00.
رد مع اقتباس
قديم 2012-04-14, 17:15   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الامازيغ و التطرف العلماني

الامازيغ والتطرف العلماني :

هناك تيارٌ أما زيغي عريض يتمثل في بعض الأحزاب والجمعيات التي تهتم بالدفاع عن حقوق الأمازيغي، وإعادة الاعتبار للثقافة الأمازيغية بالمغرب
غير أن بعض رموزه يرون أن العلمانية هي الضمانة الوحيدة لحق الأمازيغية في الحياة والتطور، ونيل الحقوق المسلوبة حتى وصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة بفرض العلمانية على الشعوب الأمازيغية المسلمة، والدعوة علنا لإقصاء الدين ومعادة كل ماله علاقة بالعرب من قريب أو بعيد، وتوظيف الأمازيغية لضرب الإسلام والهجوم على اللغة العربية التي هي لغة القرآن، و إطلاق مصطلح (الغزو) على الفتح الإسلامي، والانحياز للغرب وإلى أجندة تخدم المصالح الأجنبية، ورفض أية علاقة مع الشرق العربي الإسلامي، ومحاولة إحياء بعض أمجاد ما قبل الفتح الإسلامي للمغرب ومقدسات الأمازيغ القدامى و الحديث عن ألوهية (أكوش) وبطولة (تيهيا) و(كسيلة) ...
وهذا كله لا علاقة له بالأمازيغية، إنها محاولاتٌ توظف الأمازيغية لضرب الإسلام لا غير، وهي أراء جاهلية وأفكار عنصرية غير وطنية؛ لأنه يستحيل بالمغرب فصل المسلم الامازيغي عن هويته وحبه لدينه وللعربية التي يعتبرها وعاءً للإسلام وجزءا منه، وقد أخبره التاريخ بأن تعلمها وتعليمها كان اختيارًا ذاتيًّا لأجداده الأمازيغ، كما يستحيل التمييز في المغرب بين من أصله عربي ومن أصله أما زيغي، فهناك قبائل بكاملها تعرّبت وأخرى تمزّغت، وقد حدث اندماج عبر عشرات القرون حتى أصبح المغرب كتلة واحدة بعنصرين وحَّدهما الإسلام وجعل منهما كيانا واحدا: العرب والامازيغ
إن علاقة المغرب مع المشرق الإسلامي علاقة انتماء روحي عميق، على عكس بعض رموز الأمازيغية العلمانية الذين يزعمون أن مصالح المغرب ليست مع المشرق العربي، وإنما مع الغرب، وأنه ليس للمغرب ما يستفيده من المشرق العربي سوى الفكر الاستبدادي الأصولي والسلفي
وهذا أيضا فكر عنصري وجنوح بالثقافة الأمازيغية نحو التغريب، فالمشرق الإسلامي كان دائما -وسيبقى- الامتداد الحضاري الطبيعي للمغرب. منه جاء الإسلام وفيه نزل الوحي والرسالة وفيه أقدس مقدسات المسلمين
والحقيقة أن هوية المغرب إسلامية لها بعدان كبيران هما البُعد الامازيغي والبُعد العربي، وبهذا المعنى يكون الإسلام حكمًا على الجميع، وليس مجالاً للصراع بين العناصر المكونة للشعب المغربي
يمكن النقاش حول المكانة التي يتعين أن تتمتع بها الأمازيغية، فلا ينكر أحد أن هناك تهميشا وحيفا تعرضت لهما ، ولها مطالب مشروعة يجب أن تتحقق، وحقها في الحياة حق شرعي بنص القرآن الكريم، وحق طبيعي انطلاقًا من المواثيق الدولية: الثقافية واللغوية، ويجب المزيد من النضال في سبيل تحقيق المزيد من تلك المطالب والنهوض بالأمازيغية لغة وثقافة وحضارة
لكن المشكلة أن هذا التيار المتمثل في الجمعيات الأمازيغية العلمانية يحاول الربط بين العلمانية والأمازيغية، و يوظف المطالب الأمازيغية المشروعة لخدمة أهداف إيديولوجية تتنافي تمامًا مع الأمازيغية، وتخدم مصالح الغرب وأعداء الإسلام، وهذه الأهداف تتلخص في ضرب الإسلام والهجوم عليه وعلى لغته العربية بكل الوسائل، وهذا خطأ فادح وتوجه مرفوض لدى جميع المغاربة، فالإسلام هو الضامن الأوحد لحق جميع الثقافات والعرقيات في العيش بسلام، وهو مكونٌ من مكونات الهوية، بل هو الهوية الجامعة
لقد تعايش العرب والامازيغ في المغرب وغيره يجمع بينهم الإسلام لمدة أربعة عشر قرنًا، في وئام وانسجام وتعاون، ومعظم الدول التي تعاقبت على حكم المغرب كانت ذات أصول أمازيغية، ومع ذلك حكمت بالإسلام، ودافعت عنه باستماتة،
ومن هنا يتبين أن الإسلام هو الدعامة الأساسية لبناء الهوية الوطنية، وتبقى الأمازيغية -كالعربية- بتراثها ولغتها وثقافتها رافدًا أساسيًّا لذلك النهر الكبير
فمن أجل الإسلام عبر طارق بن زياد الامازيغي البحر المتوسط لفتح الأندلس في القرن الأول الهجري، كما حكم يوسف بن تاشفين الأمازيغي شمال إفريقيا كلها تقريبًا بالإسلام، وانطلق العلامة الأمازيغي، المهدي بن تومرت، من الإسلام ليؤسس أكبر إمبراطورية عرفها تاريخ المغرب، وبالإسلام أيضًا جاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي الاستعماريين الأسباني والفرنسي، ومن أجل الإسلام كتب العلامة المؤرخ محمد المحتار السوسي الامازيغي بالعربية عشرات من المجلدات والكتب في تاريخ سوس وثقافتها وآدابها وتراثها
الإسلام هو الضامن الأوحد لحق جميع الثقافات والعرقيات في العيش بسلام، وليس هناك تعارض إطلاقا بين الأمازيغية والإسلام، بل الإسلام هو خير مدافع عن الأمازيغية؛ إذ جعل القرآن الكريم من التنوع الثقافي واللغوي والديني آية من آيات الله في الأرض، قال سبحانه وتعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ"










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-14, 17:20   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


الاخ الامازيغي القبائلي صالح الزواوي منتدى lملتقى اهل الحديث يتكلم عن المنصر لويس ماسينيون و عن صنع المنصرين للحركة البربرية :

رابط المشاركة :
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=102839

من أخطر ما قرأت في هذه المسألة و أكثره حسما، لو كان قومي يعلمون، ما قاله المنصر و الجاسوس و المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون، تلميذ أكبر منصر في المغرب الإسلامي دو فوكو، في سيرته حيث قال:

"... بين سنوات 1909 و 1913م كان الأب دو فوكو في مراسلاته و مشافهاته يحثني على تكريس حياتي بعده لهذه الحركة الدؤوبة لطمس اللغة العربية و الإسلام من أرضنا في شمال إفريقيا و إحلال لغتنا الفرنسية و النصرانية، و ذلك على مرحلتين: إحياء الإرث اللغوي و التقليدي البدائي للبربر ثم الإدماج بواسطة لغة و قانون أكثر رقيا هما اللغة الفرنسية و النصرانية.
ككل المؤمنين و المبتدئين، تعاطفت كثيرا مع هذه النظرية: آمنت بإمكانية دمج القبائل (يعني بلاد الزواوة و هي أكثر البلاد التي عانت هجمات التنصير) في الهوية النصرانية الفرنسية و ذلك عبر الحركة البربرية (Berbérisme) ثم تبين لي أن إبعادهم عن الإسلام تحول إلى علمانية ماسونية، ثم إلى قومية شمال إفريقية عنصرية. وهب نفسه (يقصد دو فوكو) و لم يدرك فضاعة هذه الحركة البربرية، و لم أدرك هذا إلا بعد عدة سنوات و ابتعدت عنها..."
نقلا عن سيرة للويس ماسينيون بعنوان "لويس ماسينيون، الشيخ الجليل" لكاتبها كريستيان ديستريمو.

بعبارة أخرى، هذا النصراني المتعجرف يعترف أن الحركة البربرية صنيعة أيديهم و أُريد لها أن تكون نصرانية فأفلتت منهم و صارت علمانية ( و أنى لها أن تكون نصرانية و فرنسا أكبر بلد عادى النصرانية التي دعى إليها هذا السفيه!)

و للفائدة، أنقل النص بالفرنسية:

"... pendant les années 1909 à 1913 où le père de Foucauld, par écrit et de vive voix, me pressait de consacrer après lui, ma vie à ce mouvement tournant qui devait éliminer la langue arabe et l'Islam de notre Afrique du nord au bénéfice de la langue française et de la chrétienté, en deux temps:
Exhumation du tuf linguistique et coutumier primitif des Berbères;
Assimilation par une langue et une loi supérieures, française et chrétienne.
Comme tous les croyants et les débutants, j'étais très sympathique à cette thèse; j'avais cru à l'assimilation franco chrétienne de la Kabylie par le mouvement tournant du berbérisme puis j'ai vu que leur désislamisation tournerait au laïcisme maçonnique, puis à un nationalisme nord africain xénophobe. Martyr, il ne se rendait pas compte de l'ignominie de ce berbérisme et je mis des années à m'en apercevoir et m'en dégager..."

Christian DESTREMAU, "Louis MASSIGNON, le Cheikh admirable"










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-15, 15:35   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
اوراس مازيغ
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكووووووووووووووررررررررررر










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-15, 19:58   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا و بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-15, 19:58   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب رائع : القبائل الامازيغية ادوارها - مواطنها- اعيانها للباحث الكاتب بوزياني الدراجي


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الاخوة الكرام الطيبين من موقع الكاتب و الباحث بوزيان الدراجي على هذا العنوان الالكتروني :

https://bouziani-d.com/

ننقل الى اعضاء هذا المنتدى الكريم الجميل كتاب رائع و بحث جميل من تاليف الباحث بوزيان الدراجي حول انساب القبائل الامازيغية و مشاهير اعلامهم و علمائهم الكبار خاصة في العهد الاسلامي .

و الكاتب يرى في ان بحثه يدخل ضمـن سلسلـة مـن الأعمـال الـتي تعالـج موضـوع العصبيـة القبليـة في المغـرب الإسـلامي.
هذا الكتاب القيم عنوانه "القبائل الأمازيغية أدوارها - مواطنها-أعيانها" صدر في جزئين نشره "دار الكتاب العربي" سنة 2003م،

ويعد هذا الكتاب القيم أهم ما نشر في موضوع الحقبة الأمازيغية منذ الثلاثينيات من القرن الماضي الذي عرف ظهور كتابين تاريخيين هامين تحدثا بشيء من الإسهاب عن تاريخ أجدادنا الأمازيغ هما: كتاب " تاريخ الجزائر في القديم والحديث" للأستاذ المصلح مبارك بن محمد الميلي، و"كتاب الجزائر" للأستاذ المؤرخ أحمد توفيق المدني.

وقد رحب بهما الإمام عبد الحميد ابن باديس أيما ترحيب لأنهما أحييا ماضي الجزائر العريق ولكونهما حجة تاريخية تشد من أزر الحركة الإصلاحية والحركة الوطنية السياسية من أجل مقارعة الاستعمار الجاثم على الوطن المجروح. ويندرج هذا الكتاب ضمن الأعمال العلمية المتميزة بموضوعية الكتابة ونزاهة التحليل ونبل الأهداف التي لا يمكن أن تحيد عن خدمة العلم والوطن. وهكذا فإن سمو هذا الكتاب إلى الأعمال الفكرية الكبرى يجعلني لا أتردد في دعوة مسؤولي وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة والمحافظة السامية للأمازيغية إلى احتضانه بإدراجه ضمن البرامج التعليمية بمدارسنا كمصدر من مصادر التربية الوطنيـة - التي برز موضوعها هذه الأيام في أجندة وزارة التربية- ، كما أنه يستحق مكانة مرموقة في نشاط سنة الثقافة العربية بالجزائر.

وبقدر ما أعتبره لبنة أولى في صرح المصالحة مع الكتابة التاريخية الخاصة "بالحقبة الأمازيغية" لما تميز به من مقاربة وطنية تجعله يتكامل مع البعد العربي الإسلامي في تاريخنا، فإنني أعتبره أيضا بمثابة مسمار في نعش الكتابة التاريخية الكولونيالية التي طالما عبثت بتاريخنا العريق لخدمة المشروع الإستعماري، لذلك فهو يشكل في نظري بداية نهاية لاحتكار المدرسة الفرنسية لجزء هام من ذاكرتنا التاريخية التي زادها عزوفنا نحن المعربين عن دراستها تفاقما، حيث عاثت فيها الأقلام الكولونيالية مسخا وتشويها. هذا وقد تألم المؤرخ الأستاذ بوزياني الدراجي كثيرا من سياسية التعتيم المفروضة قبل اليوم لسنوات عديدة على الحقبة الأمازيغية من تاريخنا، كما تألم من تداعيات إسقاط الرؤى الإيديولوجية لدى الكثير من الكتاب أثناء تعرضهم لها ، الأمر الذي أدى إلى التعامل مع التاريخ بالذاتية والإنتقائية وفق ايديولوجية كل طرف.

ولعل أخطر ما نجم عن تفريغ الشحنة السياسية على تاريخنا هو التنكر لجزء هام لماضينا أدى إلى زرع الأحقاد والضغائن بين أبناء الوطن. ولاشك أن هذه الرؤية الثاقبة ناجمة عن كون المؤلف مثقفا يعي أهمية التاريخ في استقرار أوضاع الأمة وتوازن المجتمع، ونستشف ذلك القلق - الذي صار كابوسا على وعيه- من مقدمة الكتاب التي جاء فيها قوله (ويعتبر موضوع القبائل الأمازيغية من المتطلبات الملحة والهامة، التي كان من الواجب العمل على معالجته في وقت سابق، غير أن ذلك لم يتحقق لأسباب عديدة نتركها للمهتمين بها).

ومهما يكن من أمر فإن الأستاذ المؤلف لم يدخر أي جهد لنفض غبار التنكر عن "القبائل الأمازيغية" ومواطنها وأعيانها وأدوارها السياسية والعسكرية والثقافية، وبالنظر إلى أهمية الموضوع وتشعب محاوره فقد استلزم مراجعة ومطالعة جل المصادر والمراجع التاريخية المختلفة من يونانية ورومانية وعربية وفرنسية، فضلا عن دراسة آثار الإنسان باعتبارها مصادر مادية مكملة للمصادر الكتابية. هذا وقد لاحظ المؤلف أن المصادر اليونانية والرومانية قد ميزتها الضحالة لكون المؤرخين كتبوا وهم بعيدون عن مسرح الأحداث، أما المصادر الفرنسية فرغم وفرة مادتها التاريخية فقد كتبت بمسحة سياسية إستعمارية كانت تصب في خدمة مشروع فرنسة المجتمع الجزائري ومن أهم مؤلفيها: أ.ف. غوتيي / ليفي بروفنسال / أندري باصي / روني باصي / شارل أندري جوليان / جورج مارسي وغيرهم.

أما المصادر العربية فهي مفيدة في العموم وإن كانت تفتقر إلى المنهجية العلمية التي تعتمد على غربلة الأخبار بمعيار العقل مثلما فعل عبد الرحمان بن خلدون في كتابه المشهور (العبر)، ولعل أهم هذه المصادر التي اعتمد عليها المؤلف نذكر كتب:" جمهرة أنساب العرب لإبن حزم الأندلسي، والبيان المغرب لإبن عذاري، و"عنوان الدراية" لأبي العباس أحمد الغبريني، و"بغية الرواد" ليحي بن خلدون، و"تحفة النظار" للرحالة بن بطوطة، و"روض القرطاس" لإبن أبي زرع، وكتاب "الصلة" لإبن بشكوال"، وكتاب "أعز ما يطلب" لإبن تومرت، وكتاب "المقتبس" لإبن حيان، وغيرها من المؤلفات.

ومما يبرز كفاءة الكاتب العلمية التي جعلت قلمه هادئا، أنه يستعرض مختلف الآراء التي قيلت في الحدث التاريخي دون أن يتحيز لقول أو يقصى قولا آخر، وتجلى لنا ذلك في استعماله لعبارات ( إن صحت هذه الرؤية / ربما / وثمة من يرى / ويبدو / قال بعضهم / لو أن الدارسين اختاروا الموضوعية). واضعا جميع الآراء على محك النقد، وعند إبداء رأيه الخاص فإنه يكون مدعوما بما يراه حجة علمية تجعل القارئ يحترمه ويطمئن إلى ما يكتبه، بغض النظر عن التوافق أو الإختلاف مع ما يقدمه من آراء. وهكذا فعندما تعرض بالذكر لتسمية الأمازيغ ذكر التسميات المختلفة من "لوبي" المشاعة عند اليونان و"إفري" المعروفة عند الفينيقيين، و"بربر" المستعملة عند الرومان، وذكر المؤلف إحتمال إشتقاق هذه التسمية الأخيرة من الكلمة اليونانية VARVAROS التي تعني الرطانة واللغط، وقد أطلقها اليونان على الرومان الذين أطلقوها بدورهم على الشعوب الخارجة عن حضارتهم في أسيا الغربية (الصغرى) وشمال افريقيا. أما كلمة "الأمازيغ" فيرى أنها قديمة لكن العرب الفاتحين فضلوا إستعمال كلمة "البربر" عند قدومهم إلى شمال إفريقيا لرواجها منذ عهد الاحتلال الروماني.

ثم إستعرض الكاتب الروايات المختلفة حول نسب الأمازيغ التي تنسبهم إلى اليمن والشام، ذاكرا رواية أصل "بر بن قيس عيلان بن مضر بن نزار"، ورواية انحدارهم عن أبناء الملك "النعمان بن حمير بن سبأ"، ورواية انتسابهم إلى ملك التبابعة المسمى " إفريقش بن قيس بن صيفي" الذي سميت إفريقيا باسمه، كما ذكر رواية أخرى تنسبهم إلى ملك اليمن " أبرهة ذي المنار" وأخرى تنسبهم إلى "يقشان بن إبراهيم الخليل"، وأخرى لا تستبعد تفرهم عن الغساسنة أو أنهم من لخم وجذام.

هذا وقد رفض المؤلف هذه الروايات لسببين هامين على الأقل: غياب الدليل العلمي، وتعارضها مع المنطق، مدعما رأيه بموقف ابن خلدون الذي فند جميع هذه الروايات معتبرا إياها "قولا ساقطا" و "أحاديث خرافة"، وأيد رأي ابن حزم في قوله" ولا كان لحمير طريق إلى بلاد البربر، إلا في تكذيب مؤرخي اليمن". هذا ولم يهمل المؤلف ما تميز به موقف ابن خلدون من خلط وتناقض قائلا (ومن علامات تناقض بن خلدون وبلبلته أنه من جهة يجزم بانتساب البربر إلـــى كنعــان بن حـام وإلى العمالقة، ومن جهة أخرى يصرح في موضع آخر بإنكاره لهذا الطرح).

وفي الأخير أبدى المؤلف رأيه في أصل الأمازيغ، ولئن أقر قدوم هجرات بشرية مشرقية، فقد رجح عراقة وقدم الإنسان في شمال إفريقيا التي أكدتها الدراسات الآثرية ( إنسان الأطلس الذي عاش فيها منذ 400 ألف سنة) ليخلص إلى القول الفصل – في رأيه – (أن سكان البلاد المغربية مشكلون من مزيج بشري تكون عبر قرون عديدة، ومن سلالات مختلفة وأجناس متباينة، انتقل أسلافهم إلى هذه الديار ضمن موجات بشرية عديدة)

أما عن اللغة الأمازيغية فقد ذكر الكاتب أنها كتبت بحروف "تيفيناغ" منذ القديم، وعدﱠها من أقدم اللغات المكتوبة في إفريقيا إلى جنب "الكتابة المروية الإيثيوبية مشيرا أن المثقفين المغاربة خاصة في عهد الاحتلال الروماني كانوا يكتبون باللغة اللاتينية (يوبا الثاني / أبوليوس / القديس أجوستين) هذا وقد أسهب المؤلف في الحديث عن القبائل الأمازيغية بفرعيها الكبيرين البرانس (صنهاجة / كتامة / أوربة / أزداجة / عجيسة / مصمودة / هسكورة وغيرها) والبتر (ضريسة / لواتة / نفوسة / أداسة / زواوة / زناتة / رواغة / مكناسة وغيرها) كما تحدث عن أعيانها وأعلامها الذين خدموا الحضارة العربية الإسلامية بسواعدهم وأقلامهم وألسنتهم.

وإذا كان المقام لا يتسع لذكرهم فلا مناص من ذكر عينات عنهم وفي مقدمتهم الشاعر الأندلسي ابن خفاجة الهواري (من القرن الثاني عشر الميلادي) وهو من فحول الشعراء، وقد وصف الكاتب "ابن خاقان" في كتابه "قلائد العقيان" شعره قائلا (فجاء نظامه أرق من النسيم العليل، وآنق من الروض البليل) أما الكاتب "ابن بسام الشنتيريني" فقد وصفه في كتابه "الذخيرة" بقوله (من شعره ما يبطل السحر ويعطل الزهر). أما الأديب الرحالة الشاعر عبد الله الحجازي الصنهاجي (المتوفى سنة 1126م ) فقد لقب بحافظ الأندلس وبجاحظ الأندلس، وأشهر مؤلفاته "المغرب في حلى المغرب " وهو مستوحى من كتاب كبير بعنوان "المسهب في فضائل المغرب". أما في النحو فقد برز عبد الله بن أجروم الفاسي الصنهاجي (المتوفى سنة 1323 م) وأشهر أعماله "مقدمة الأجرومية" في النحو، ومن النساء الأمازيغيات الشهيرات في حقل العلوم الدينية "عائشة بنت علي الصنهاجية التي أدركتها المنية بمصر سنة 1328م.

أما قيروان فقد أنجبت من ملك ناصية الفقه المالكي (ابو عبد الله النفزي القيرواني المتوفى سنة 996 م) وبلغ من الدرجة العلمية السامقة ما جعل أهل زمانه يلقبونه "بقطب المذهب" و "مالك الأصغر". وبالنظر إلى ضخامة واتساع الموضوع المعالج وعمق أغواره، فإنه من الطبيعي أن يتخلل هذا المجهود الفردي الجبار بعض النقائص في الشكل والمضمون يتوجب على المؤلف تداركها في الطبعات المقبلة ، غير أن ذلك لا ينقص من قيمة هذا الكتاب الذي يستحق التفاتة المثقفين ومن يهمهم أمر تاريخنا العريق الذي أنجب من الأعلام التاريخية والفكرية والأدبية والسياسية ما رصع ماضينا " باللآليء المشعشعة" التي لا يقل بريقها عما أنتجه إخواننا في المشرق العربي، لكن هؤلاء الإخوان دأبوا - مع الأسف – على استصغار "جلائل أعمال المغاربة " ولعمري هو الأمر الذي جعل المثقف ابن حزم الأندلسي يعبر عن ألمه وحسرته من وطأة ظلم" ( ذوي القربى ) بطريقة فنية راقية ترفعت عن أسلوب التجريح حين قال:

أنا الشمس في جو العلوم منيرة *** ولكن عيبي أن مطلعي الغرب.

ومهما يكن من أمر فإن الأستاذ بوزياني الدراجي قد نفض الغبار عن جهود الأمازيغ في إثراء الحضارة الإسلامية أسوة بإخواننا في المشرق. وإذا كان لكل مؤلف كتاب يرفع ذكره في سجل الخلود ويصنع له عمر ثان لا يفنى، فإن كتاب "القبائل الأمازيغية" – في نظري – مرشح لهذه المهمة الحضارية.

روابط تحميل كتاب "القبائل الأمازيغية أدوارها - مواطنها-أعيانها" للباحث بوزيان الدراجي

روابط تحميل كتاب القبائـل الأمازيغيـة الجزء الأول :

القبائل الأمازيغية الجزء الأول القسم ج.
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...5%20%D8%AC.pdf

القبائل الأمازيغية الجزء الأول قسم د.
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...5%20%D8%AF.pdf

القبائل الأمازيغية الجزء الأول قسم هـ
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...87%D9%80_1.pdf

القبائل الأمازيغية جزء أول قسم أ
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...5%20%D8%A3.pdf

القبائل الأمازيغية جزء أول قسم ب
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...5%20%D8%A8.pdf


روابط تحميل كتاب القبائـل الأمازيغيـة الجزء الثاني :

القبائل الأمازيغية الجزء الثاني قطعة أ
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...9%20%D8%A3.pdf

القبائل الأمازيغية الجزء الثاني قطعة ب
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...20%D8%A8_1.pdf

القبائل الأمازيغية الجزء الثاني قطعة ج
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...9%20%D8%AC.pdf

القبائل الأمازيغية الجزء الثاني قطعة د.
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...9%20%D8%AF.pdf

القبائل الأمازيغية الجزء الثاني قطعة هـ.
https://bouziani-d.com/Attachments/ar...9%87%D9%80.pdf










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-17, 23:57   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عربي وأفتخر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
وفي الشيخ المغربي الجليل
أنصار الفكر التضليلي كثر ففي الجزائر نعرفوهم وعلى رأسهم الهالك معطوب اعطبه الله وأتباعه










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-18, 21:12   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأمازيغ والتوجّه الطائفيّ الجديد الاستاذ : محمد المختار العرباوي من كتابه : في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة

الأمازيغ
من الأسماء ذات الشأن في تاريخ البربر العريق، اسم "أمازيغ"([1]) مؤنثه "تامازيغت" وجمعه "إمازيغن" وهو من الأسماء التي كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة في الساحة المغربية والجزائرية خاصة. وقد اتخذ منه أصحاب النزعة البربرية شعاراً سياسياً لهم، عبّؤوا لـه كل ما لديهم من الإمكانيات لترويجه على نطاق واسع داعمينه بعمل ثقافي وأيديولوجي منظّم، مشركين معهم في هذا السياق عناصر من خارج القطرين أوروبية ومغربية سواء بالانخراط في الأكاديمية البربرية بباريس ذات التوجّهات المشبوهة والعدائية لانتماء المنطقة العربي أو بالقيام بأعمال أخرى تخدم الأغراض الانقسامية لأصحاب النزعة البربرية.
وقد كشفت النقاشات الواسعة التي جرت عبر الصحف الجزائرية في السنوات الأخيرة عن مرامي هذه النزعة المتسربلة هذه المرة بشعار "الأمازيغ" و"الأمازيغية" ونظرا للمحتوى التلفيقي الذي أُعطي لهذا الشعار بقصد حجب التوجهات الطائفية للمجموعة المتفرنسة من القبائل، فإنه من المهمّ جداً أن نعرف حقيقة هذا الاسم لما لـه من الأهمية في معرفة أصول الجماعات البربرية الأمر الذي من شأنه أن يفضي إلى عكس ما تطمح إليه النزعة البربرية. وأسوق في الفقرات التالية ما أمكن جمعه من معلومات حول اسم "أمازيغ".
المصادر الكلاسيكية:
تؤكد هذه المصادر من يونانية ولاتينية أنّ اسم أمازيغ قديم جدّاً، كان معروفا في العهد الفينيقي، وورد بصيغ متعددة منها "مازيس" والتحريف الطارئ عليها ناجم من ناحية عن صعوبة النطق بكلمة "أمازيغ" في حد ذاتها، وناجم من ناحية ثانية عمّا يوجد بين اللّغات ـ في حالات النقل ـ من اختلاف في أصول الأصوات، وهو أمر يصعب تفاديه لدى تلك الجماعات الأوروبية من إغريق ولاتين وغيرها حتى أننا نجد الكاتب الروماني القديم "فيلينوس" يقول في هذا الموضوع: يتعذّر على حناجر البربر أن تستطيع النطق بأسماء قبائلهم ومدنهم (1).
ونجد في الأخبار المتفرقة أن "مازيس" كان يطلق على شعب قوي أقلق الرومان كثيراً بثوراته (2) وتذكر المصادر البيزنطية أنه كان أيضاً يطلق على أهل أفريقية (3) ومن المعاصرين الذين تعرّضوا لهذا الاسم المؤرّخ شارل أندري جوليان الذي قال: وقد أطلق الاسم على قبائل عديدة قبيل الاحتلال الروماني (4)، وعالم البربريات "رسل" الذي قال: والجدير بالملاحظة أننا نعرف من المكتشفات الحديثة أن اللوبيين كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "أمازيغ" المعروف عند اللاتينيين بـ Mazax (5) فاسم "أمازيغ" اسم حقيقي كان شائعاً في العهدين "الفينيقي والروماني.
المصادر العربية الإسلامية:
من اللافت للنظر أن هذا الاسم لا نجده شائعاً إلا عند نسابة البربر، أمّا المؤرّخون والنسّابة من العرب من مثل محمد بن السائب الكلبي وابنه هشام بن محمد الكلبي والطبري وابن عبد البر وابن حزم والمسعودي وغيرهم فإنّهم لم يذكروا هذا الاسم في ما كتبوه عن البربر وأصلهم. وعندما رجعت إلى شجرة الأنساب التوراتية لم أجد لـه ذكراً فيها، وبهذا نعرف أن نسّابة البربر وحدهم قد اختصوا بذكر هذا الاسم. وعنهم أخذ ابن خلدون، وهم بصفة عامة يصنفون البربر إلى جذعين كبيرين هما: البرانس (أبناء برنس) والبتر (أبناء مذغيس) ولنسّابة البربر في هذه النقطة رأيان:
الأوّل: للنسّابة الكبير أيوب بن أبي يزيد مخلد بن كيداد الخارجي الإباضي الملقّب بصاحب الحمار الذي يجعل البربر بجذعيهما: البرانس والبتر من أصل واحد ينحدر من نسل مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح (6) وسايره في هذا ابن خلدون المعجب بشخصه وبغزارة علمه.
الثاني: لعموم نسّابة البربر من مثل هاني بن بكور الضريّسي وسابق بن سليم المطماطي وكهلان بن أبي لوا وهاني بن مسرور والكومي سالم بن سليم المطماطي وغيرهم. هؤلاء جميعاً يجعلون "البرنس" من نسل مازيغ بن حام بن نوح مثل صاحب الحمار ويجعلون البتر من نسل قيس عيلان المضري العدناني (7) ويذكر ابن خلدون رأياً آخر لصاحب الحمار (8) يتفق فيه مع نسابة البربر أن "البتر" من نسل قيس عيلان.
وبهذا يجمع نسّابة البربر من مختلف الطبقات والأجيال بشأن انتماء بربر "البتر" إلى الفرع العربي المضري العدناني، وبقطع النظر عن الشكّ في صحّة هذه الأقوال وفي سلاسل الأنساب القديمة عامة، فالمهم هنا ورود اسم "مازيغ" في أخبار النسّابين من البربر إذ هم المصدر الذي ظلّ زمناً طويلاً محتفظاً في ذاكرته بهذا الاسم القديم، فهو عندهم ـ كما مرّ بنا ـ الجد الأعلى لبربر "البرنس" ومن هنا جاءت فكرة تعميم هذا الاسم عند حسان الوزّان المعروف بليون الإفريقي (توفي في حدود 957 هـ ـ 1550م) الذي يقول: "إن هذه الشعوب الخمسة المنقسمة إلى مئات السلالات وآلاف المساكن تستعمل لغة واحدة تطلق عليها اسم أوال أمازيغ أي الكلام النبيل بينما يسميها العرب البربرية" (9) والشعوب الخمسة التي يذكرها هي: صنهاجة ومصمودة وزنانة وهوّارة وغمارة. هذه الشعوب وإن كانت مما ينسب إلى فرعي البرانس والبتر إلاّ أنّها ليست كل البربر، فهناك فروع أخرى كثيرة منها من لم يسمع بذكر حسان الوزّان نفسه، فالتعميم الذي أطلقه استند فيه إلى ما جاء في الأنساب وهو يشبه تعميم اسم "حِمْيَر" على عموم سكان اليمن في القديم مع أنّ الحميريين ليسوا إلاّ مجموعة من القبائل توصّلت إلى الحكم قبل الميلاد بقليل. وممّا تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أنّي لمّا رجعت إلى شجرة الأنساب التوراتية لم أجد من بين أبناء كنعان الأحد عشر(10) من تسمّى باسم "مازيغ".
هل لهذا الاسم أصل غير الأصل البربري؟
مرّ بنا أن المصادر العربية على كثرتها وتنوّع مشاربها لم يرد فيها ذكر لهذا الاسم، وهو أمر مثير للحيرة خاصة أن اسم "مازيغ" من الأسماء التاريخية الثابتة والمعتبرة كما جاء ذلك في مدوّنات الإغريق واللاتين. وبدافع المزيد من التحرّي وجدتني مضطراً إلى التوسّع في دائرة البحث لتشمل تلك المصادر التي يهملها عادة الباحثون لطابعها الخرافي ولما فيها من أوهام وأباطيل مخالفة تماماً للحقائق التاريخية المعروفة والتي نجد فيها عادة مادّة غزيرة تتعلّق بأخبار الأولين وبأقاصيصهم وأساطيرهم، وهذه المصادر وإن كانت موغلة في الانتحال والقصص الخرافي فإنها من حيث تأليف المادة الإخبارية وتركيبها لا تخلو مطلقاً من بعض الحقائق، وهكذا أخذت أطالع بعضها إلى أن وصلت إلى كتاب "التيجان في ملوك حمير".
وكم كانت دهشتي عظيمة عندما عثرت فيه على اسم "أمازيغ" وكان من أبرز الأسماء التي ترددت كثيراً مع سرد أحداث ذات أهمية في تاريخ ملوك حمير (كما جاء في هذا الكتاب) سقطت منه نقطة الزاي ونقطة الغين لنقص في الانتباه أثناء التحقيق والطباعة. والصورة التي وردت عليها مطابقة تماماً لما قاله نسّابة البربر من حيث النسب فهو "مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح" (11) وأكثر المرات التي تردّد فيها يذكر على أنه "مازيغ بن كنعان" (12)، كما ذكر مرة هكذا مازيغ بن كنعان بن مازيغ بن جالوت بن هربال" (13).
وفي بداية الحديث عن نسب حام ذكرت سلسلة النسب على هذا النحو "مازيغ بن كنعان بن حام" (14) وهذا الاضطراب معروف في الروايات وسلاسل الأنساب بصفة عامة، والصيغة الغالبة التي ورد عليها هذا الاسم هي "بنو مازيغ" ممّا يدلّ على أن صاحبه كان رأس قبيلة أو عدة قبائل الأمر الذي تؤكّده المعلومات السابقة وتتطابق معه.
وتقول الروايات أيضاً: إن "بني مازيغ" كانوا يقطنون الشام وأنّ أحداثاً حملتهم على التوجّه إلى بلاد المغرب والاستيطان فيها. ومثل هذه الروايات نجدها مذكورة في المصادر التاريخية الأخرى.
وهكذا يضيف لنا "كتاب التيجان في ملوك حمير" معلومة جديدة في غاية من الأهمية تؤكّد أن اسم "مازيغ" من الأسماء العريقة في التراث الشعبي الشرقي. وإذا كان من المعقول أن نتشكّك في صحّة الأحداث المقترنة به فإنّه لا مجال للشكّ في صحّة هذا الاسم شأنه شأن العديد من الأسماء الواردة في هذا الكتاب، والجديد أيضاً هو أنه اسم عربي صميم.
وبهذا نصل إلى أن لاسم "مازيغ" مصدراً غير المصدر البربري هو المصدر العربي الأكثر عراقة من غيره بحكم طابعه الشعبي. وبما يشير إليه من تحرّك بشري واسع عرفت الجزيرة العربية مثله في أكثر من فترة في تاريخها الطويل.
الأصالة العربية لهذا الاسم:
إذا كان اسم "مازيغ" شرقي المنبت فهل لنا أن نحصل على معلومات أخرى من شأنها أن تثبّت بما لا يدع مجالاً للشك أصالته العربية. وبما أنّ هذا الاسم يعني لدى من تطلقه من الجماعات البربرية على نفسها: الرجل الحرّ النبيل، الشريف فهل نجد في المصادر العربية ما يتفق وهذا المعنى؟ وهنا لابد من التوجه رأساً إلى المصادر اللغوية المتضمنة لوفرة من الكلمات ذات التاريخ الممتدّ إلى آلاف السنين، وعند الرجوع إليها وجدت كلمة "مزر" وبالمقارنة مع كلمة "مزغ" المادة الأصلية لـ "مازيغ" أو "أمازيغ" (الهمزة والألف زائدتان) تبيّن أنّهما متطابقان من حيث المبنى (اللفظ) والمعنى معا.
فمن حيث المبنى نلاحظ أن الراء في الأولى والغين في الثانية لا يعدو أن يكون الأمر فيهما مجرّد تحوّل طرأ على الصوتين أدى إلى إبدال أحدهما بالآخر. وهو شيء مألوف في العربية ولغاتها القديمة. وتحتفظ كتب اللغة بالأمثلة العديدة على هذا، فعلى سبيل المثال يمكن أن ننطق الكلمة التالية بالراء فنقول: ران، يرين، رينا. ويمكن أيضاً أن ننطقها بالغين فنقول: غان، يغين، غينا (15) والكلمة في الحالتين بمعنى واحد هو "غَثَى" والمقصود به الاضطراب الذي يحدث في النفس حتى تكاد تتقيّأ.
وما بين "ران" و"غان" من تبادل في الراء والغين هو نفسه ما بين "مزر" و"مزغ" بدليل اتّحادهما في اللفظ (المادة الأصلية) كذلك المعنى فـ "مازيغ" تعني كما تقدم ـ الرجل الحرّ، النبيل، الشريف وهذا ما تعنيه أيضاً كلمة "مزر" وما اشتق منها:
جاء في "أساس البلاغة" للزمخشري: (15)
رجل مزير: مشبَع العقل نافذ في الأمور قوّي
ومنه قول الشاعر
ترى الرجل النحيف فتزدريه


وفي أثوابه رجل مزير

وجاء أيضاً:
وهو من أمازر الناس: من أفضلهم
ومنه قول الشاعر:
فلا تذهبنَّ عيناك في كلّ شَرْمَحٍ


طُوالٍ فإن الأقصرين أمازره

ويضيف صاحب اللسان: (16)
المزير: الظريف "وهو الكيّس اللبق الذي يحسن التصرف.
ويقال: هو كريم المِزْر: أي كريم الأصل (المنجد)
وإلى هنا نتبين اتفاق الكلمتين: مزر، مازيغ، في المعنى اتفاقاً تامّا فالمشبع العقل النافذ في الأمور الفاضل الظريف الكريم الأصل هو الحرّ والنبيل والشريف وهو ما يدلّ دلالة قاطعة على أن الكلمتين من أصل واحد ومن أرومة لغوية واحدة.
وهكذا نصل إلى حقيقة دامغة لم تكن لتخطر على بال ذوي النزعة البربرية وهي إن كلمة "أمازيغ" عربية مبنى ومعنى فضلاً على أنّها دليل آخر يضاف إلى تأكيد الأصل الشرقي العربي القديم للبربر.
بقاء هذا الاسم:
انطلاقاً ممّا تقدّم يمكن أن نتساءل عن مصير هذا الاسم، هل استمر ذكره يتردد طيلة العصور الماضية؟ وهل هناك من الجماعات البربرية الحالية من تطلقه على نفسها؟
من الثابت أن هذا الاسم ظلّ ذكره يتردّد مدّة طويلة، بدليل وروده في المصادر البيزنطية، أما في العهد الإسلامي فلا نملك دليلاً على استمرار ذكره. وهذا أمر طبيعي بالنسبة لحياة القبائل المحكوم عليها في النهاية بالتلاشي والاختفاء كما هي حال القبائل الكثيرة التي تحدث عنها ابن خلدون فقد تلاشت جميعا ولم يبق منها إلا بعض الأسماء التي لا شأن لها.
ولذا فمن الطبيعي أن تختفي قبائل الأمازيغ حتى قبل العهد البيزنطي وهذه هي سنة الأشياء ولكن هذا لا يعني اختفاء اسم "أمازيغ" في حدّ ذاته. فقد استمرّ ذكره لسبب من الأسباب، فقد ذكر الإدريسي المعروف بالشريف من علماء القرن الثاني عشر الميلادي، مرسى على المحيط الأطلسي ترد عليه مراكب الأندلس يسمّى "مرسى مازيغن" (17).
وفي ما يخصّ عصرنا فالأستاذ محمد سعيد الزاهري يذكر أنّ هناك "قبيلة صغيرة لا تزال إلى الآن تسمّي لغتها (تامازيغت)" (18). ونجد لدى "روم لاندو Rom landou" ما يؤيّد هذا الكلام. وقد تكون هذه القبيلة هي التي عناها في قوله: "الإيمازريون في الأطلس الأوسط يتكلّمون التمازيرت" (19). ومن الواضح أن تحريفا طرأ على الترجمة، والأولى أن يقال "والأمازيغيون والتامازيغت".
وإذا اتّجهنا جنوبا وتوغّلنا في الصحراء فإنّنا نجد قبائل الطوارق ما تزال على بداوتها، تعيش في محيط صحراوي صارم عزلها عزلاً يكاد يكون تاما عن التيارات الحضارية ومتغيراتها، وهذا من شأنه أن يجعلها أكثر أصالة من غيرها في الاحتفاظ بأشيائها القديمة. ولهذا سنفاجأ بأنّ اسم "مازيغ" ما يزال باقياً بينها معبّرة به عن انتمائها وعراقة ماضيها، وهو يستعمل في صيغ متعددة ذات اختلافات ضئيلة. فالأستاذ محمد عبد الرحمان عبد اللطيف، وهو من طوارق النيجر يذكر أن:
ـ طوارق "غدامس و"مرزق" وغات" و"تمنغست" يسمّون أنفسهم (ايموهاغ) وأصلها في نظره (ايموازاغ) جمع أمازيغ.
ـ وطوارق "كيدال" و"أوزاغ" الغربي منحى نهر النيجر يسمّون أنفسهم (ايموشاغ) وأصلها (ايموزاغ)
ـ وطوارق "آبير (أقدز)" و"أوزاغ" الأوسط و"أضر" و"أوزاغ" الشرقي يسمّون أنفسهم (أيماجغن) أو (ايموجاغ) (20)
وأنبّه هنا على أنّ كلمة "إيماجغن" هي من قبيل الجموع ذات الصلة بجمع المذكر السالم كما تدلّ على ذلك النون، فهي مثل "إمازيغن" جمع "أمازيغ" أمّا كلمة "إيموجاغ" فهي جمع تكسير. فالبربرية في نظري وكما ذكرت في مناسبة أخرى، ما تزال تحتفظ بأولويات المرحلة الأولى لتطوّر جمع المذكر السالم.
والاختلاف بين هذه الكلمات الثلاث، هو أنّ المجموعة الأولى تنطق حرف الزاي "هاء" والثانية تنطقه "شينا" والثالثة تنطقه "جيما". فقد استعملت الحروف الثلاثة (هـ، ش، ج) عوض حرف (ز) الأصلي.
وهذا أمر طبيعي في اللغة وقانون من قوانينها يندرج في نطاق تبادل الحروف المعروفة في العربية ولغاتها القديمة.
وبإرجاع حرف "ز" إلى تلك الكلمات فإنها تصير:
إيموهاج
Ù
ايموزاغ
ايموشاغ
Ù
ايموزاغ
ايماجغن، ايموجاغ
Ù
ايمازغن، ايموزاغ
ومن هذا يتّضح أن أصل هذه الكلمات هو "أمازيغ" وإنّ استعمال الحروف الأخرى بدل الزاي لم يحجب هذه الحقيقة الجليّة.
وفي هذا الإطار يذكر الأستاذ محمد أحمد الشفيع وهو أيضاً من طوارق النيجر أنّ:
ـ طوارق ليبيا والجزائر يسمّون أنفسهم: كلتماهق
ـ وطوارق مالي يسمّون أنفسهم: كلتماشق
ـ وطوارق النيجر يسمّون أنفسهم: كلتماجق (21)
ومعنى "كل" في هذه التسميات: أهل، أصحاب، أما بقية الكلمة فهو يعني: اللغة المتحدّث بها، ولذا فالطوارق هم: أهل وأصحاب (تماهق) أو (تماشق) أو (تماجق).
وما ذكره الأستاذ محمد شفيع لا يختلف عمّا ذكره الأستاذ محمد عبد الرحمن من حيث استعمال حروف (هـ، ش، ج) بدل حرف (ز) والاختلاف الوحيد بينهما هو استعمال حرف (ق) بدل حرف (غ). وهذه خصوصية لغوية معروفة في البربرية، إذ نجدها في بعض الحالات تبدل "القاف" غينا، كما في "إروغ" بمعنى (يصفّر) والدليل على أنّ أصلها (ق) هو أنها تماثل (وَرَاقُ) الأكّدية التي هي بمعنى (يصفّر) وبالطبع فإن الإبدال كما كون من القاف إلى الغين يكون أيضاً من الغين إلى القاف مثلما هو الحال في التسميات المذكورة وعند إرجاع الغين إليها تصبح:
كلتماهغ
كلتماشغ
كلتماجغ
وبإعادة "الزاي" فإنّها جميعاً تصير: كلتمازغ
وإذا حذفنا "كل" و"التاء" وهي للتأنيث فإنّها تصبح "مازغ" وهذا هو الاسم "مازيغ: أو "أمازيغ" بكل وضوح دخلت عليه تلك التغييرات في صياغته لاختلاف اللهجات وتباين النطق وما يقتضيه طول الزمن من تبدّل في الأصوات.
وفي هذا السياق يذكر بعض الكاتبين هذه التمسية: تماشاك(22) وهي بالطبع، صيغة لا تختلف عن مثيلاتها من الصيغ السابقة إذ هي بعينها (تماهاغ) أو (تماهاق) السابقتي الذكر.
والخلاصة هي أنّ التسميات التي يطلقها الطوارق على أنفسهم تؤكّد أنّ اسم "مازيغ" منحدر إليهم من أصول قديمة. وأنّهم ظلوا محتفظين به عبر سلالاتهم. وأجيالهم فهم المجموعة البربرية التي ما تزال تحمل هذا الاسم عن جدارة. أمّا اسم "الطوارق" فهم لا يسمّون به أنفسهم ولا ينتسبون إليه في أصولهم، فهو اسم أطلق عليهم من خارجهم، لا يعرفه ـ كما يقول الأستاذ محمد عبد الرحمن ـ "إلاّ المثقفون والمتعلّمون. فنادراً ما يعرفه الشخص الأمي من الطوارق الذي لم يتصل بالثقافات العصرية والعالم الخارجي (23)
وإذا كان هذا الأمر أمرا مهمّا في معرفة أصول هذه المجموعة وغيرها من المجموعات البربرية الأخرى، فإنّ الأمر المهمّ الآخر هو أنّ اعتقاد الطوارق في الانتساب إلى حمير ما يزال شائعاً بين قبائلهم إلى اليوم. وليس ذا الاعتقاد بمستغرب إذ هو متأتٍ إليهم من دون شكّ من أصولهم القريبة، فهم ـ كما هو معروف ـ منحدرون من قبائل مثل "صنهاجة"، "لمطة" و"هوّارة" وهذه كلّها تقول عن نفسها إنها يمنية. وكان الأمير الصنهاجي أبو الفتح المنصور يفتخر بأنّ أجداده من حمير (24).
واحتفاظ الطوارق باسم "أمازيغ" واعتقادهم بأنهم من أصول يمنية، يجعلنا نربط بينهم وبين قبائل "بني مازيغ" العربية القديمة فقد تحدثت الروايات العربية كما مرّ بنا عن انتقالها هي وكذلك صنهاج وقبائل أخرى إلى بلاد المغرب تحت الزعامة اليمنية. وليس من العلم في شيء أن نجنح في مثل هذه الحالة إلى رفض الاتّجاه العام لأحداث الرواية العربية، لانسجامه مع الحقيقة الثابتة. وهي أن البربر هجرات ومن أصول شرقية من دون منازع.
وهكذا فإنّ كلمة "مازيغ" لم يتمكّن الزمن من إلغائها وطيّ صفحاتها، بل ظلّت باقية شأنها شأن كلمتي "مور" و"لوب" الباقيتين إلى الآن.
شيوع هذا الاسم:
من الثابت أن اسم "أمازيغ" لم يكن من الأسماء التي كانت تطلق على عموم البربر سواء في العهد الفينيقي أو في العهود اللاحقة. وكان من الأسماء الكبيرة ذات الشأن مثل "المور" و"جدالة (الجيتول)" و"اللوب" و"المشواش" وغيرها حيث كانت هذه الأسماء تطلق على قبائل كبيرة أو على مجموعة من القبائل ترتبط في ما بينها بصلات القرابة والتحالف. والشيء الذي جعل اسم "أمازيغ" يتردد ذكره في المصادر اليونانية واللاتينية هو تمرد القبائل الأمازيغية ذات البأس والشوكة ورفضها الإذعان للنفوذ الأجنبي فأكسبها شهرة ولكنها لم تصل إلى الحد الذي يصبح فيه اسم "أمازيغ" علما على كل البربر". وهذا ما تؤكّده المعلومات السابقة بعكس ما يدّعيه أصحاب النزعة البربرية التي تشيع باطلا، في أدبياتها أنّ البربر جميعا منذ أقدم العهود ومن قبل أن يقدم الفينيقيون كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "أمازيغ" والشعوب من حولهم كانت تعرفهم بهذا الاسم.
وبما أنّ السجلات المصرية أقدم الوثائق التي سجّلت أسماء القبائل البربرية الواقعة غرب مصر. فالأستاذ محمد شفيق (من المغرب) يزعم أنّ المصريين القدامى كانوا يسمّونهم بهذا الاسم فيقول: "تسمية" البربر" أنفسهم بـ "أمازيغن" ضاربة في القدم، وبها عرفهم أقدم المؤرخين وعرفهم بها أقرب جيرانهم إليهم، وهم المصريون القدماء مع تحريف لاسمهم في النطق، ثمّ في الكتابة" ويضيف: "كان المصريون القدماء في عهد "راعامسيس الثالث" يسمونهم "ماشوش" (25).
هذا الزعم لا أساس لـه من الصحة، ولا يوجد في الوثائق المصرية الفرعونية من أقدمها إلى أحدثها أيّ تسمية كان المصريون يطلقونها على عموم القبائل البربرية، بل كانوا يسمّون كل قبيلة أو مجموعة بالاسم الذي عرفت به، وهي ليست كثيرة وأهمّها أربع، أذكرها في مايلي، على التوالي بحسب أقدميتها التاريخية، وظهورها في الوثائق المصرية:
ـ التحنو: المسجل ظهورهم في الثلث الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد. وظل اسمهم يتردّد في الوثائق المصرية حتّى عهد رمسيس الثالث
(1198 ـ 1166ق.م) مؤسّس الأسرة العشرين، تعرضوا للتدمير على يد "المشواش". يتميّزون ببشرتهم السمراء ويعيشون غرب مصر من ناحية "الدلتا".
ـ التمحو: المسجّل ظهورهم في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد في عهد الأسرة السادسة (2434 ـ 2242 ق.م) فقد ورد ذكرهم في نص "أوني" حاكم الجنوب وقائد القوافل في عهد "بيبي الأول" الملك الثالث من هذه الأسرة. وورد أيضاً في نص "خرخوف" حاكم الجنوب وقائد القوافل في عهد الملكين "مرنرع" بن بيبي الأول و"بيبي الثاني" أخوه. والتمحو من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزّرق والشعر الضارب إلى الشقرة يعيشون أيضاً إلى الغرب من مصر من الناحية الجنوبية، ويبدو أنّ لهم امتداداً داخل الواحات الليبية.
وظلّ اسمهم يتردّد في الوثائق المصرية بين الفينة والأخرى حتّى عهد الدولة الحديثة (1580 ـ 1085 ق.م).
فـ "التحنو" و"التمحو" هما أقدم اسمين سجلتهما الوثائق المصرية للجماعات المجاورة لمصر من الغرب. والتاء فيهما تؤكّد أيضاً بربريتهما وانتماءهما إلى معجم اللغات العربية.
ـ الليبو: أول ظهور عرف لهم حتى الآن كان في عهد الملك "رمسيس الثاني" (1268 ـ 1232 ق.م) من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة، وفي نصوص الملك "مرنبتاح" نحو (1227ق.م) الذي صدّ هجمة قوّية على "الدلتا" تزعّمتها قبيلة "الليبو" تحت إمرة قائدها "مرابي بن دد"([2]) بمشاركة "القهق" و"المشواش" البربريتين وبتحالف مع شعوب البحر، ومن هذا التاريخ لمع اسم "الليبو" حتّى صار على مرّ الأيام علما على منطقة المغرب بأكملها. وتشير تحريّات الباحثين إلى أنهم كانوا منتشرين غرب مواقع "التحنو" في منطقة "برقة" الحالية (في ليبيا)
ـ المشواش: تشير أقدم المعلومات المتوفّرة بشأنهم حتى الآن إلى أن اسمهم ورد للمرة الأولى "على جزء من آنية فخارية في قصر الملك "أمنتحب الثالث" من الأسرة الثامنة عشرة حيث جاء في الشطر الأول ما يدلّ على وصول أواني تحتوي على دهن طازج من أبقار المشواش" (26). كما ورد اسمهم في نصوص رمسيس الثاني الذي استخدمهم مع "القهق" و"الشردن" في جيشه. وكذلك ورد في نصوص "مرنبتاح حيث انضموا إلى "الليبو" في الهجمة السابقة الذكر. وكان عددهم قليلاً ومشاركتهم محدودة. وظهر اسمهم بشكل بارز في نصوص "رمسيس الثالث" (1198 ـ 1166 ق.م) مؤسّس الأسرة العشرين الذي أحبط هجمتين قويتين الأولى في العامّ الخامس من حكمه تضمّ القبائل البربرية: الليبو، والسبد، بتحالف أيضاً مع شعوب البحر، والثانية في العام الحادي عشر بزعامة قبيلة "المشواش" هذه المرة، وبمشاركة عدة قبائل منها: الليبو، والأسبت، والقايقش والشيت، والهسا، والبقن. وفي هذه الهجمة تعرض "التحنو" للسحق والتدمير. كما تقدّم ذكره.
وإثر هذه الهجمة الفاشلة، أخذت الجماعات البربرية (الليبية) تهاجر إلى مصر على مراحل وتستقرّ فيها، ومن بينها "المشواش" التي تمكّن قادتها من الوصول إلى الحكم وأصبحوا ملوك مصر وفراعنتها في الأسرتين 22 و23 وكانت مناطق هذه القبيلة الحيوية حسب تحرّيات الباحثين توجد إلى الغرب من "الليبو" (27) ويقال إنّ انتشارهم يمتد غربا إلى الجنوب التونسي الحالي.
وبهذا نعلم أن "الليبو" و"المشواش" هما الاسمان الكبيران الآخران اللذان أوردتهما الوثائق المصرية بعد "التحنو" و"التمحو". أمّا ما ورد من الأسماء الأخرى في هذه الوثائق مثل: القهق، والسبد، والأسبت، والبقن، والكيكش، فهي مجموعات بربرية صغيرة ليست بذات أهمية.
وإلى هنا نكون قد عرفنا أنّ المصريين القدماء لم يطلقوا أبداً اسم "ماشوش" على القبائل البربرية الواقعة إلى الغرب منهم بل كانوا يدعون كل قبيلة بالاسم الذي هو خاص بها وعلم عليها، وأنّ "ماشوش" هي قبيلة من ضمن القبائل البربرية. عرفت في عهد رمسيس الثالث وقبله كما مرّ بنا. وبهذا يسقط الزعم الأول للأستاذ محمد شفيق.
أمّا زعمه الثاني فيذهب فيه إلى أن اسم "ماشوش" هو في الأصل "مازيغ" حرّفه المصريون في النطق والكتابة لكون "اللغة المصرية في ذلك الوقت كانت تقلب الزاي شيناً والغين شيناً بعد قبله خاء. وتفصل في الكتابة بالواو (بواو فارقة) بين الحرفين المتجانسين" (28). وهذا أيضاً ليس بصحيح طالما أنّنا عرفنا أنّ "ماشوش" هو اسم قبيلة معينة ومعروفة. ثم إن عملية القلب إلى الشين وقبله قلب إلى الخاء متكلّفة وغير منطقية لعدم وجود ما يسوّغها في إثبات العلاقة بين كلمة "ماشوش" وكلمة "مازيغ" خاصة أنّنا عرفنا أنّهما اسمان لقبيلتين مختلفتين. وقد مرّ بنا أن بين "مازيغ" قبيلة عربية قديمة. ويستشفّ من الرواية العربية المتقدّمة أنها متأخرة زمنيا على قبيلة "المشواش". وبهذا يسقط الزعم الثاني وكل المكابرات والتأويلات المفتعلة في هذا المضمار.
والأمر بالنسبة للأستاذ محمد شفيق لا يقف عند هذا الحد بل نجده يواصل ما بدأه فيقول: "وقد اختلط الأمر على المؤرخين الأول ومنهم هيرودوتس، فصاروا يسمّون إمايغن تارة باسمهم محرّفا قليلا أو كثيرا وتارة باسم "ليبيا Libye الدال في شعر هوميروس على الأرض الممتدّة من تخوم مصر القديمة شرقاً إلى المحيط غربا" (29) وما أظنّ أنّ أحدا يملك اطّلاعا على هذا الموضوع، يقبل بهذا الاتّهام الجائر. فاسم "الليبو" حقيقة ثابتة، وإن إطلاقه من قبل المؤرخين الأول على سائر المنطقة وسكانها، هو أيضاً حقيقة لا جدال فيها، كما أن اسم "أمازيغ" لا وجود لـه في الوثائق المصرية ـ كما مر بنا ـ ضمن القبائل السالفة الذكر. فأين الخلط إذن. ألا يحق لنا جميعا أن نعدّ هذا الكلام من قبيل التلفيق؟ بل أننا لنجد فيه دليلا قويا على أن اسم "أمازيغ" الذي عرفناه في العهد الفينيقي وما بعد، لم يكن يطلق في ذلك الوقت على عموم البرابرة وأن الخلط المتحدّث عنه وما فيه من قلب لهذه الحقيقة هو من صنع ذوي النزعة البربرية الطائفية الجديدة.
وكلّ ما تقدم يؤكّد الأسلوب الانتقائي اللاّعلمي للأستاذ محمد شفيق الذي توخّاه أيضاً في ما أورده من أسماء القبائل البربرية القديمة اعتماداً على استقراء "الأستاذ ديزانج Desanges في تعليقه على بلينوس الأكبر" (30) ذاكرا مواقعها في سائر أقطار المغرب العربي إلا أنه بالنسبة للقبائل القاطنة في ليبيا لم يذكر من بينها القبائل السابقة الواردة في الوثائق المصرية. مع أن "ديزانج" تعرض لها في دراسته "البرابر الأصليون" (31). فقد أعرض الأستاذ عن ذكر قبيلتي: "التحنو" و"التمحو" القديمتين جدّا لأنّه يتعذّر عليه تمزيغهما بأيّ طريقة من الطرق ثم إنّ ذكرهما يشهد بوجود جماعات بربرية لا يطلق عليها اسم "مازيغ" وهذا ما لا تريده النزعة البربرية في دعاويها الجديدة. كذلك لم يذكر الأستاذ قبيلتي: الليبو والمشواش لكونهما حقيقتين ناسفتين من الأساس ذلك التعميم وكل ما لبّس بشأن "ماشوش". وكل هذا يؤكّد في النهاية أن كثيراً من تلبيسات النزعة البربرية بشأن الأمازيغ ما هي إلا تلفيقات وإيهامات باطلة.
وهكذا فإنّنا لا نعلم حتى الآن من الأسماء التي أطلقت على عموم سكان شمال أفريقيا قديما سوى اسمين اثنين:
الأول: اللوبي (32) وهو اسم ظهر للمرة الأولى في الوثائق المصرية في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، كما ورد في مصادر أخرى كالتوراة (33) ويبدو أنه انتقل عن طريق الفينيقيين إلى الإغريق الذين كانوا أول من أطلقه على سكان شمال إفريقيا وهو من باب إطلاق الجزء على الكلّ. وهذا راجع إلى مكانة القبائل اللوبية وزعامتها للقبائل الأخرى. لقد استطاع أحد قادتها البارزين "مرابي بن دد" توحيد القبائل بمن فيها من سمّوا "شعوب البحر" لشن هجوم (كما مرّ بنا) على الدلتا في مصر في عهد الملك "مرنبتاح" الذي سجل انتصاره على اللوبيين في نقش "الكرنك".
وعن الإغريق أخذ الرومان هذه التسمية وأشاعوها بدورهم.
الثاني: البربر (34) وهو اسم عربي قديم، ليس خاصا بسكان شمال إفريقيا وحدهم بل كان يطلق على جماعات في العراق وشرق إفريقيا ولا علاقة لـه البتة بكلمة: "varvaras" اليونانية ولا كلمة: "Barbarus" اللاتينية وكلمة "البربر" ذات الطابع البدوي الصحراوي، اكتسبت قيمتها التاريخية منذ مجيء العرب المسلمين حيث صارت منذ ذلك الزمن علما متميزا يطلقه الناس جميعا على سكان شمال أفريقيا، بعيدا تماما عن معاني الاستنقاص الموجودة في اللغتين اليونانية واللاتينية.
ونخلص من هذا إلى أن كلمة "أمازيغ" لم يقع تعميمها في القديم مثل كلمتي "لوبي وبربر" ولابدّ من التنبيه هنا على عدم الخلط بين القبائل الأمازيغية التي عرفت في العهد الفينيقي وما بعده وبين اسم مازيغ "الذي يجعله نسّابة البربر الجد الأعلى لفرع "البرانس" الذي لا نعرف حقيقته. بالإضافة إلى اتّصاله "بحام" وشجرة الأنساب القديمة ذات الطابع الخرافي الذي لا علاقة لـه بالوقائع التاريخية المعروفة.
ومن هنا فإنّ "إشاعة اسم "أمزيغ" كما يفعل أصحاب النزعة البربرية وإفهام الناس بأن سكان المنطقة في القديم كانوا يسمّون "الأمازيغ" وأن اللغة التي كانوا يتكلّمون بها كانت تسمّى "الأمازيغية" أمر مخالف للحقيقة ولا سند لـه من آثار أو تاريخ.
إنّ ما وقع التوصل إليه من أن كلمة "أمازيغ" كلمة عربية صميمية وأنّ قبائل بني مازيغ هم من القبائل العربية القديمة لن يرضي أبداً المعادين لانتماء المنطقة العربي، وسيستشاطون غضباً لهذا الكلام ومثله، فكل شيء يمكن أن يكون مقبولا لديهم ما عدا شيئا واحدا وهو أن يربط بين العرب والبربر بأيّ سبيل، وهذا هو موقف المدرسة التاريخية الاستعمارية التي نجحت في بثّ الكثير من الأفكار المغرضة وتحويلها إلى قناعات مسلّم بها. حتى أن تاريخ المنطقة وما يتعلّق بالبربر وبأصولهم لا ينظر إليه إلاّ في إطار العلاقة مع أوروبا، أما في إطار العلاقة مع المشرق فقد كان هناك رفض مسبق لأنْ تبحث تلك المسائل في نطاق هذه العلاقة وهو رفض ضدّ العلم والنظرة النزيهة والموضوعية للأشياء، فالأمر هنا محكوم في الأساس بالأغراض السياسية وبالذاتيات المريضة. وما المناداة في هذه الظروف بشعار الأمازيغية بمضامينه التلفيقية إلاّ ابتكار جديد يضاف في هذا المساق إلى ابتكارات المدرسة التاريخية الاستعمارية التي عملت على بثّ الانقسام وتحطيم وحدة سكان المنطقة.
وشعار الأمازيغية الحالي ينزع بما يخفيه وراءه من روح طائفية وجهوية انقسامية، تعمل المجموعة القبائلية المتفرنسة على زرعها وتكريسها في صفوف الشعب الجزائري والمغربي بصفة عامة، ولذا فإنّ تبنّيها المبالغ فيه لهذا الشعار هو مجرد تكتيك تمليه ملابسات الظروف القائمة، إذ هي ترفعه على أنه إرث وطنيّ وتاريخيِ مشترك يحقّ لها التمسك به، وهذا من شأنه أن يبعد عنها الشبهات ويسهّل عليها تمرير مواقفها وأهدافها. فهي ترفض الانتماء العربي وتقاوم العربية ومشاريع التعريب مكرّسة في مقابل ذلك الفرنسة والتغريب.
ولكن ما هذه الأمازيغية التي يروّج لها هؤلاء الطائفيون المتفرنسون من القبائل على نطاق واسع؟ قد يتصور بعضهم أو حتى يتوهّم أنها شيء يعني المجموعات البربرية الحالية قاطبة، والحقيقة أن هذه الأمازيغية ليست إلاّ القبائلية التي صاغتها المدرسة التاريخية الاستعمارية بحروف لاتينية ثم سعى الطائفيون الجدد بالاعتماد على أكاديمية باريس إلى اشتقاق رموز لها من أبجدية الطوارق (التيفيناغ) وكتابتها من اليسار إلى اليمين. فكانت في منحاها وخصائصها العامّة صورة متولّدة عن اللاتينية وهو ما يكشف عن التوجّه الغربيّ وعن المضمون الحقيقي لشعار الأمازيغية، وليس ذلك بالأمر الغريب وصاحب هذا الابتكار هو مولود معمر الذي قال: إنّ البربر ينحدرون من أصل أوروبي من العنصر الجرمني، وبهذا يتّضح ألاّ وجود أصلا للغة اسمها الأمازيغية وإنّما هي اللهجة القبائلية مغلّفة بهذه التسمية الملفقة الخادعة، ومن الانعكاسات السلبية لهذه التوجهات مناداة بعض العناصر من الشاوية بأن تعطى للهجتهم ما أعطيت للهجة القبائلية من الحظوظ في التلفزة وغيرها.
أمّا أصحاب النزعة البربرية ورافعو شعار "الأمازيغية" في المغرب الأقصى فلا يختلفون من حيث الجوهر عن المجموعة القبائلية المتفرنسة ذات المنزع الصليبي الحاقد. فقد اتّسم توجّههم في الظاهر بعدم الحدّة في المواقف المعلنة إلاّ أنّ ذلك لم يكن حقيقياً منهم بل مجرّد تكتيك الغاية منه تفادي ردود الفعل المتوقّعة، فخطتهم، في هذه المرحلة توخّي المواربة وأسلوب المداهنة لتثبيت قدمهم، ولذا لم يجدوا أفضل من شعار "الثقافة الأمازيغية" ليتستّروا به وينفّذوا أغراضهم تمهيداً لإعلان المعارضة السياسية على غرار المجموعة القبائلية. فهم مثلهم ساعون إلى غرس الأحقاد والانقسام، وإقامة الحواجز الداخلية الأبدية في صلب المجموعة الوطنية بواسطة مؤسسات الدولة الواحدة (المدرسة، مؤسّسة الثقافة، مؤسسة الإعلام...)، فهل هناك ما هو أفظع وأشدّ من هذا النهج التخريبي المدبّر لبعثرة وحدة السكان وتفكّكها من الداخل فأصحاب النزعة البربرية يشبهون في توجهاتهم تلك المجموعة المسماة بـ "البوند" التي ظهرت في روسيا وغيرها، في أواخر القرن الماضي والتي اتّخذت من شعار "الاستقلال الثقافي الذاتي" سبيلا إلى الانفصال والتخريب السياسي وضرب وحدة نضال الجماهير والحركة العمالية الأمر الذي يكشف مخاطر هذه النزعة عندنا وأنها ذات محتوى طائفي رجعي ومتخلّف.
وشعار "الثقافة الأمازيغية" هو أيضاً مثل شعار "الاستقلال الثقافي الذاتي" البوندي من ابتكار المثقّفين الانتهازيين المعروفين عندنا أيضاً بتوجّهاتهم الفرنكوفونية والصليبية، الناكرين النسب الشرقي لهذه الثقافة والرافضين تنزيلها في إطار الثقافة العربية لما بينهما من الأواصر المشتركة ولانحدارهما من أرومة حضارية واحدة.
وهكذا ندرك جميعاً أنّ الأمر لا يتعلّق في الحقيقة بكلمة "الأمازيغية" الحاملة في ذاتها أصالة البربر العربية وانتماءهم الشرقي العريق. وإنّما بتلك النوايا والتوجّهات وما تكوّنه من خطر على مستقبل المنطقة التي تسعى، في ظروف صعبة للغاية، إلى التكامل والتوحّد. وهاهي فرنسا بمطامعها القديمة تبارك النزعة البربرية وتتستّر خلفها، وتنادي عن طريق وسائل إعلامها بما تسمّيه "حق المغايرة الثقافية" ونحن نعرف فرنسا ما هي؟ وما نواياها الخبيثة تجاهنا؟ ولذا فإنّه لا مفرّ من الوقوف في وجه هذه التيارات الانقسامية، وكلّ التوجّهات الرجعية والطائفية المتستّرة بالأمازيغية.
***
الهوامش
(1) عثمان الكعاك: البربر ـ سلسلة كتاب البعث ص 101 تونس 1956
(2) دائرة معارف البستاني مادة ـ بربر
(3) المصدر نفسه
(4) تاريخ إفريقيا الشمالية: تعريب محمد مزالي وبشير بن سلامة ـ الدار التونسية للنشر، النشرة الثالثة تونس 1978 ج1 ص 12
(5) ص 122 (السمّات السّامية في اللغة اللوبية) Der Semitische chaakter der, libyschen sparach in ZA. 50 (1952)
(6) تاريخ ابن خلدون (دار الكتاب اللبناني) بيروت 1959 ج 6 ص 186
(7) المصدر نفسه ص 77 وص 186
(8) المصدر نفسه ص 177
(9) وصف إفريقيا ترجمه عن الفرنسية محمد حجّي ومحمد الأخضر ـ دار المغرب الإسلامي ـ الطبعة الثانية بيروت 1983 ج1 ص 39
(10) التوراة "سفر التكوين" ـ الأصحاح العاشر، الآيات: 15 و17 و18
(11) كتاب التيجان في ملوك حمير: نشر مركز الدراسات والأبحاث اليمينية الطبعة الثانية صنعاء 1979 ص 180
(12) المصدر نفسه ص 60 ـ 138 ـ 139 ـ 188 ـ 246
(13) المصدر نفسه ص 188
(14) المصدر نفسه ص 33
(15) المزهر في علوم اللغة للسيوطي: تحقيق محمد أحمد جاد ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البداوي منشورات المكتبة العصرية: صيدا ـ بيروت 1987 ج1 ص 557
(15) أ أساس البلاغة ـ تحقيق الأستاذ عبد الرحيم محمود. القاهرة 1953 مادة مزر ص 438
(16) لسان العرب: إعداد وتصنيف يوسف الخياط ـ دار لسان العرب بيروت المجلد الثالث مادة مزر ص 477
(17) المغرب العربي من كتاب (نزهة المشتاق...) للإدريسي حقّقه ونقله عن الفرنسية محمد حاج صادق ص 91
(18) هل البربر عرب وهل لغتهم ضاد أخرى: مجلة الزمان عدد 214 تونس 14 أو ت 1934
(19) تاريخ المغرب في القرن العشرين ـ ترجمة نيقولا زيادة ـ دار الثقافة الطبعة الثانية بيروت 1980 ص 105
(20) د. محمد سعيد القشاط: التوارق عرب الصحراء الكبرى ـ مركز الدراسات وأبحاث شؤون الصحراء ـ الطبعة الثانية (اديتار) كاليري ـ إيطاليا 1989 ص 28
(21) المصدر نفسه ص 28
(22) المصدر نفسه ص 30
(23) المصدر نفسه ص 28
(24) ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب. تحقيق ج. س كولان واليفي برفنسال ـ دار الثقافة. الطبعة الثانية بيروت 1983 ج 1 ص 240
(25) محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين/ دار الكلام للنشر والتوزيع ـ المحمدية ـ المغرب 1989 ص 11
(26) تاريخنا: الكتاب الأول ـ دار التراث ـ ليبيا 1977 ص 103
(27) جيان ديزانج: البربر الأصليون: الوارد في تاريخ إفريقيا العام ـ جون أفريك/ اليونسكو. تورينو (إيطاليا) 1985 ج 2 ص 440
(28) محمد شفيق: المصدر السابق ص 11
(29) المصدر نفسه ص 11
(30) المصدر نفسه ص 12
(31) الواردة في تاريخ إفريقيا العام ج 2 المصدر المذكور سابقا. انظر ص 439 و440
(32) في ما يخص المعلومات المتعلّقة بهذا الاسم. انظر: البربر عرب قدامى للعرباوي: تونس 2000 ص 222 و223
(33) ورد في صيغة "لوبي" في سفر الأخبار، الأيام الثاني الأصحاح 12 الآية 3 والأصحاح 16 الآية 8 وفي سفر دانيال، الأصحاح 11 الآية 43 بصيغته "لوبيم" في سفر ناحوم، الأصحاح 3 الآية 9
(34) لمعرفة المعلومات المفصلة بشأن كلمة "بربر" انظر البربر عرب قدامى ـ المصدر السابق ص 329

([1]) هذا الاسم من الناحية الصرفية، صفة مشبهة، وليس اسم فاعل كما يقول الأستاذ محمد شفيق (ص9) لأنّه من حيث المعنى لا يدلّ على القيام بالفعل وإنّما على صفة في ذات (النبيل الشريف).
وأمّا القول بأنّه مشتق من الفعل "يوزغ" بمعنى "غزا" أو "أغار"، أو من فعل افتراضي وهمي "إزيغ" أو "يوزاغ" (ص9)، فهو أيضاً غير مقبول لافتقاره إلى المبرر والسند، إذ الكلمتان مختلفتان من حيث المعنى. فالأولى "أمازيغ" تعني: الحرّ، النبيل، الشريف. والثانية "يوزغ" تعني الغزو والإغارة، وهو ما ينفي أن تكون الأولى مشتقّة من الثانية.
ولو تخلّص الأستاذ محمد شفيق من هواجس النزعة البربرية لرأى بعين الصدق أنّ "أمازيغ" من حيث المدلول اللغوي والمادة الأصلية أقرب وألصق بكلمة "مزر". ثمّ إنّ الفعل "يوزغ" من ناحية المعنى لا يختلف عن الفعل العربي "غزا" وأن الإشكال بينهما يكمن في ما يسمّى في الصرف العربي بالقلب المكاني أي تقديم حرف على حرف، وهو لا يغيّر من المعنى فالمادة الأصلية هي الزاي والغين مع حرف العلة. وسواء تقدّم الزاي على الغين كما فعل "يوزغ" البربري، أو كانت الغين هي المتقدمة كما في فعل "غزا" العربي، فلا يغيّر هذا من حقيقة أنّهما شيء واحد من حيث المعنى والمادة الأصلية.
([2]) وهناك من يكتبه "مرابي بن أدد" وهذا الاسم (أدّ أو أدد) من الأسماء العربية المشهورة عند العدنانيين والقحطانيين. وفي شجرة الأنساب العربية فهو والد عدنان رأس القبائل العدنانية كما أنه حسب بعض الإخباريين ابن عدنان هذا. فتكون السلالة على هذا النحو: إدّ بن عدنان بن أدد.
ويقال أيضاً أنّ لاسماعيل ابنا يدعى "أدد" [أدد بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل]. كما أنّ إله العواصف عند الآشوريين والبابليين يسمّى (أدد وأدّو) وهو من الآلهة المهمة مرتب في الثالوث الثاني من حيث الترتيب العام للآلهة. يعرف عند الأوغارتيين والآراميين باسم "حدد". فعبادته منتشرة في وادي الرافدين وسورية وفلسطين وآسيا الصغرى. وتسمّى به الكثيرون من آشوريين وبابليين بما في ذلك الملوك مثل: شمس ـ أدد" و"أدد ـ صلالو" و"شرما ـ أدد" و"أدد ـ شم أدنا" و"أدد ـ أيلا ـ أددنا" وغيرهم. ومن الأصنام المهمّة عند عرب الجاهلية صنم "ودّ" عبدته قبيلة كلب في دومة الجندل وعبدته قريش وقبائل أخرى. وهناك من يهمز (الهمزة بدل الواو ـ لسان العرب مادة "ودّ") فيقول: "أدّ" وتسمّى بعضهم باسم هذا الصنم: "عبدود" و"أدّ بن طابخة" ويتضح من هذا أنّ هناك علاقة بين هذا الصنم "وإله" البابليين والآشوريين السابق الذكر. وهذا أمر منطقي لخضوع المنطقة بكاملها إلى عوامل ثقافية مشتركة ومنها العامل الديني. وهذا ما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأنّ "أدد" أو "دد" في اسم القائد الليبي "مرابي بن دد" ينتمي إلى البيئة الثقافية والدينية نفسها الأمر الذي يكشف عن عمق الروابط المتعدّدة بين الجماعات البربرية والجماعات العربية القديمة. وهو شيء منطقي لأن الجماعات البربرية ما هي إلاّ جماعات عربية قديمة.










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-20, 13:00   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عميروش الحر
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عميروش الحر
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ومن قال اننا نريد الانقسام
الامازيغ ليسو فقط في الجزائر بل كل شمال افريقيا من سيوا المصرية الى جزر الكناري
ثانيا هل الافتخار بأننا امازيغ ودفاعنا عن اصلنا حتى لا يندثر يسمى محاولة انفصال او عنصرية ؟
ثالثا أنا جزائري أمازيغي مسلم ويكفينا هذا لأعيش حياتي










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-20, 14:10   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
Le Professeur A
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية Le Professeur A
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

دفاعا عن الاثنين ممن ؟










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 14:06   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة القائدة الأمازيغية البربرية الكاهنة الحقيقية وأكاذيب المحامية الفرنسية جيزيل حليمي
الدكتور عثمان سعدي



نشرت القدس العربي في عدد 16/6/2007، مقالا للكاتب المغربي الدكتور محمد الوادي، تحت عنوان إعادة كتابة تاريخ المغرب من منظور يهودي ، وعلق علي أدعاء الكاتب المغربي اليهودي حاييم الزعفراني بأن يهود المغرب لم يأتوا مهاجرين وإنما هم مغاربة تهودوا ، فقال الوادي: معني هذا أن اليهود هم أصحاب حق في البلاد المغربية، ولا بد من إعادة كتابة تاريخ المغرب من منظور يهودي.

وأنا أكتب في هذا الميدان بلا عقدة لأنني من الذين يقال عنهم أمازيغ ـ بربر.

فقد أصدرت المحامية اليهودية الفرنسية من أصل تونسي جيزيل حليمي سنة 2006 رواية عنوانها (الكاهنية) طبعتها الدار الفرنسية المشهورة Plon زعمت أن الكاهنة يهودية، وهو كذب وافتراء، ويبدو أن يهودية حليمي تغلبت علي تقدمية حليمي فأبرزت الكاهنة كيهودية، بينما يجمع المؤرخون العرب المسلمون الذين أرخوا لها بمن فيهم العلامة ابن خلدون علي أنها كانت وثنية تعبد صنما من خشب، وتنقله علي جمل، وقبل كل معركة تبخّره وترقص حوله، ولو كانت يهودية لروي عنها ذلك الرواة المسلمون علي أنها من أهل الكتاب. كما أن حليمي تردد أكاذيب المستشرقين الفرنسيين الزاعمين بأنها كانت عاشقة لخالد العبسي، بينما يجمع المؤرخون علي أنها عاملته كإبنها بل وتبنته، فهو شاب وهي معمرة عمرها 127 سنة. وحليمي تعكس النظرية الصهيونية، فقد قامت إسرائيل بنحت تمثال للكاهنة قبل سنوات، أثناء المد للنزعة البربرية، واتصلت بعناصر البيربريست في الجزائر وأرسلته إلي روما، تمهيدا لنقله إلي الجزائر، ولا أدري هل التمثال المنصوب في باغاي بالأوراس في الجزائر هو التمثال المصنوع في إسرائيل. وقد رأيت أن أنشر نص ما ورد عن الكاهنة في كتابي (الجزائر في التاريخ) الذي هو بصدد دفعه للمطبعة، وذلك تنويرا لقراء القدس العربي :

وصل حسان بن النعمان المغرب فحاصر قرطاج التي كانت بين أيدي الرومان كعاصمة للمغرب، فاقتحمها وافتتحها وأمر بتدمير سورها، ثم تقدم فافتك بنزرت من الروم، ثم عاد إلي القيروان بعد أن طهر الساحل من برقة حتي قرطاج. ثم توجه إلي جبال أوراس النمامشة للقضاء علي حركة الكاهنة التي خلفت كسيلة في تمردها علي الفتح العربي الإسلامي. كانت الكاهنة جالسة علي عرش رئاسة قبيلة جراوة بهذه الجبال. (توجد قبيلة باليمن حتي الآن تسمي آل جراو).

كان جيش حسان قد أضعفته المعارك التي خاضها ضد البيزنطيين، فعندما واجه جيش الكاهنة الذي كان جاهزا للحرب مرتاحا، انهزم أمامه. اتخذت الكاهنة هضبة ثازبنت كمقر لجيشها قرب مدينة تبسة، تدربه فيها وتستعد للقتال، وما زالت حتي الآن صومعة الكاهنة كما يسميها الشعب قائمة بدوار ثازبنت، وهي عبارة عن برج معسكر بني بحجارة ضخمة يشير إلي أن هذا هو مقر الكاهنة الرئيسي. ومن الغريب أن هذه المنطقة نفسها هي التي اتخذها تاكفاريناس ويوغورطا معقلا لجيوشهما. ومن غير شك فإن الكاهنة كانت تراقب من مرتفعات الهضبة المطلة علي سهل تبسة تحركات الجيش العربي. وتتابع تقدمه، وأنها اختارت هي موقع المعركة سنة 75 هـ 693 م.

يبدو أن القائدة البربرية عندما شاهدت جيش حسان يطل من بكارية آتيا من الحدود التونسية الجزائرية الحالية، ويتقدم نحو الغرب مخترقا سهل تبسة ومتجها نحو منطقة حلوفة، نزلت من هضبة ثازبنت، وتوجهت إلي المنطقة المسماة مسكيانة (اسمها بالبربرية: ميس الكاهنة، أي ابن الكاهنة)، فقد قتل بالمكان ابن الكاهنة فسمي باسمه، وما زالت هذه القرية تحمل نفس الاسم. انتشرت الكاهنة بجيشها في التلال المحيطة بهذه المنطقة، وفاجأت الجيش الإسلامي، فانطلقت من التلال، ويبدو أن الجيش العربي فوجئ بالهجوم الذي كان يشبه كمينا كبيرا، ودارت معركة شرسة، تمكنت الكاهنة من هزم الجيش العربي، وأسر ثمانين من قادته جلهم من التابعين. وعندما شعر حسان بأن المعركة حسمت، انسحب بما تبقي له من قوات. وطاردته الكاهنة حتي مدينة قابس. وانسحب حسان بقواته إلي طرابلس وبقي ينتظر المدد. وبني بهذه المدينة معسكرا لجيشه سمي منازل حسان. أما القيروان فقد بقيت بأيدي المسلمين ولم تلحق الكاهنة بهم أي أذي بل وأمّنتهم. ثم سقطت فيما بعد مدينة قرطاجة بين أيدي البيزنطيين وذلك سنة 76 هـ 695 م. ويذكر المؤرخون أن الزعيمة البربرية كانت تتصور أن العرب مثل الرومان، فقامت بتدمير الحصون، وحرق المدن والبساتين، حتي يزهد العرب في بلاد خراب، فيعودون من حيث أتَوا. ويذكر ابن عذاري: إن الكاهنة عملت علي القضاء علي مظاهر العمران، اعتقادا منها بأن العرب يسعون وراء العمران حيث الذهب والفضة، فوجهت قومها إلي كل ناحية في بلاد إفريقية يحرقون المزارع، ويهدمون الحصون، فبعد أن كانت إفريقيا ظلا واحدا من طرابلس إلي طنجة، قري متصلة ومدنا منتظمة، تلاشي هذا كله، وشمل الخراب سائر هذه البلاد (1). وفي رأيي فإن كلام ابن عذاري فيه كثير من المبالغة.

عادت الكاهنة إلي موقعها في جبال أوراس النمامشة. ويبدو أن هضبة ثازبنت استمرت كمقر لقيادتها. اجتمعت بالأسري الثمانين، حاورتهم وسألتهم عن دينهم فاكتشفت أنهم لم يأتوا مستعمرين وإنما حاملين لرسالة، كما اكتشفت أن لغتهم ليست غريبة عن لغة قومها غرابة لغة الرومان، بل هي أخت لها، ومن غير شك فإنها تمكنت من التحدث مع بعضهم القادمين من اليمن بدون ترجمان، سألتهم عن عاداتهم وتقاليدهم فوجدت توافقا غريبا بينها وبين عادات وتقاليد قومها، فحدث زلزال في نفسها، كانت نتيجته أن أطلقت سراح الأسري، واحتفظت بأذكاهم وأوسعهم ثقافة وحفظا للقرآن وتفقها في الدين وهو خالد بن يزيد العبسي، وكلفته بتعليم ولديها العربية والقرآن. بل وعمدت إلي تبنيها لخالد وفقا لشعائر دينها، ولنستعرض ما كتبه المالكي حول هذا التبني: عمدت إلي دقيق الشعير فلثته بزيت، وجعلته علي ثديها، ودعت ولديها وقالت: كلا معه علي ثديي من هذا.. ففعلا، فقالت: صرتم إخوة (2).

ويبدو وفقا لروايات المؤرخين أن الكاهنة ضعف حماسها بحربها ضد العرب، ودخلت في صراع نفسي حاد، توصلت بضغطه إلي اتخاذ قرار بتحرير ولديها بل وحثهم علي عدم اتباعها في حربها، أما هي فقد وعدت قومها عند تعيينها ملكة عليهم أن تقاتل في سبيلهم حتي الموت، ولا بد لها من أن تفي بوعدها. ويجمع المؤرخون أنه ما كادت الكاهنة تعلم بوصول جيش حسان إلي إفريقية وتوجهه نحو منطقة تبسة حيث ترابط، حتي غادرت المنطقة واتجهت نحو الجنوب، بعد أن أوصت خالد العبسي أن يصحب ولديها ويستأمن لهما عند حسان. ويقول ابن خلدون: وكان للكاهنة ابنان قد لحقا بحسان قبل الواقعة، أشارت عليهما بذلك أمهما دهيا، وهبا لإشارة علم كان لديها في ذلك من شيطانها، فتقبلهما حسان، وحسن إسلامهما واستقامت طاعتهما.. وعقد لهما علي قومهما جراوة ومن انضوي إليهم بجبل الأوراس (3).

ويوعز ابن خلدون موقفها هذا إلي كهانتها، أي مهارتها في قراءة الغيب، التي كشفت لها أن العرب سينتصروا وسيدين المغرب بدينهم. ولهذا فقد لقبها العرب بالكاهنة. ويروي عنها أنها قالت لولديها وهي تودعهما: خذ يا خالد أخويك إلي حسان، أوصيكما يا ولديّ بالإسلام خيرا أما أنا فإنما الملكة من تعرف كيف تموت.. .

ويلاحظ أنها قالت كيف تموت، ولم تقل كيف تنتصر، وهكذا توجهت بغير إيمان بحربها فخاضت آخر معركة لها في منطقة بئر العاتر جنوب ولاية تبسة، سنة 82 هـ ، وهزم جيشها وقتلت في المعركة. وما زالت حتي الآن البئر التي حفرتها عندما حصرها العرب ومنعوا عن جيشها الماء، ما زالت قائمة تدر الماء، ويسميها الناس بهذه المنطقة: (بئر الكاهنة).

نستنتج من قصة الكاهنة ما يلي:

1 ـ إن الكاهنة حاربت العرب لأنها كانت تجهل عنهم أي شيء، وعندما احتكت بهم من خلال حوارها مع الأسري العرب الذين وقعوا بين يديها في معركة مسكيانة، لم تكتشف فيهم فحسب عدالة الرسالة التي حملوها، وإنما اكتشفت في لغتهم وعاداتهم تشابها كبيرا بل وتطابقا مع لغتها وعادات قومها، فاهتز في نفسها الإصرار علي دحر العرب. فقررت أن تفي بعهدها فتقاتل حتي الموت، لكنها حررت ولديها وكل من يريد التخلي عن الحرب.

2 ـ تدل قصتها مع خالد بن يزيد العبسي، ومع ولديها علي ما أوردناه في الفقرة السابقة، لأنه ليس من المعقول أن يقوم قائد عسكري مثل الكاهنة بتسليم فلذات كبده إلي عدوه يربيهم علي دينه وعلي لغته وثقافته، ما لم يقع زلزال في نفسه. لدرجة أن المؤرخين العرب فسروه علي أنه كهانة. أما عن تخريج بعض المؤرخين الغربيين ـ الذي تبنته جيزيل حليمي ـ بأنها وقعت في غرام خالد فأمر غير منطقي، لأن فارق السن كبير. فخالد كان شابا، والكاهنة كان عمرها 127 سنة مثلما يذكر المؤرخون.

3 ـ لقد أورد المؤرخون قصة احتاروا في أمرها، فعندما هزمت جيش حسان وطاردته حتي طرابلس، دخلت مدينة القيروان، وتجولت في شوارعها ثم غادرتها دون أن تتعرض لا للمدينة ولا لأهلها بسوء، وهو أمر غريب ومحير. هل بدأت تدرك مدي قربها وقرب قومها من هؤلاء العرب؟ هل بدأت تقتنع بعدالة الرسالة التي حملوها معهم، وبخاصة وهي المرأة المحنكة مثلما أورد ابن خلدون: عاشت 127 سنة، وملكت 35 سنة ، فأتاحت لها هذه التجربة الواسعة اكتشاف أصول قومها في العرب، فحررت ولديها من مهمة الاستمرار في محاربة العرب، بل وحثتهما علي اعتناق الإسلام، والتآخي مع العرب. يتبين مما سبق أن قصتي كسيلة والكاهنة قد حرفتا من طرف المؤرخين الفرنسيين، المنظرين للاستعمار، وفلاسفة فرْنسة الجزائر، والآباء البيض مبشري الاستعمار ورواده، وتلاميذهم الجزائريين من أتباع النزعة البربرية. إن موقف الكاهنة هذا يؤكد انتماء البربر والعرب إلي أرومة واحدة. فقبل دخول الفرنسيين الجزائر سنة 1830 م، لم يكن في المغرب بربري واحد يقول بفصل العرب عن البربر، وباستبدال العربية بالبربرية. هذه كلها حقائق تفند أكاذيب جيزيل حليمي التي تغلبت يهوديتها علي تقدميتها، التي تزعم أن لليهود الحق في المغرب العربي كما أشار لذلك الدكتور محمد الوادي، وهي نظرية صهيونية، فهي تزعم أن الكاهنة يهودية وهي وثنية بشهادة الرواة والمؤرخين العرب. ونحن لا ننكر أبدا أن الفتح الإسلامي وجد مغاربة يدينون باليهودية والمسيحية فعاملهم معاملة أهل الكتاب، لكن الكاهنة لم تكن يهودية.

كاتب من الجزائر

(1) ابن عذاري (أبو العباس): البيان المغرب في أخبار المغرب صفحة 36 ـ بيروت 1950

(2) المالكي (أبو بكر): رياض النفوس صفحة 34 ـ القاهرة 1951.
(3) ابن خلدون: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والبربر … ج 7 صفحة 18 ـ بيروت 1968.

د. عثمان سعدي

21/06/2007










آخر تعديل احمد الطيباوي 2012-04-28 في 14:08.
رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 14:30   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جمعية أمازيغية إسرائيلية بالمغرب



الدغرني قام بزيارات متعددة لإسرائيل (الجزيرة-أرشيف)

الحسن سرات-الرباط

أعلن ناشطون أمازيغ عن تأسيس جمعية للصداقة الأمازيغية اليهودية بمدينة أكادير جنوبي المغرب.

وأوضحت الجمعية في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه أن هدفها "توثيق الصلات التاريخية بين الأمازيغ واليهود الإسرائيليين الذين استوطنوا المناطق الأمازيغية بالمغرب وهاجروا إلى إسرائيل".

وقالت هذه الجمعية -التي ذكر بيانها أن الإعداد لتأسيسها تم منذ عام 2007- إن بإمكان هؤلاء اليهود الإسرائيليين "العودة إلى المغرب بأي وقت يشاؤون".

وحددت الجمعية لنفسها أهدافا ثقافية وأخرى سياسية وثالثة اقتصادية واجتماعية. وأكدت بهذا الخصوص أنها تسعى ثقافيا لتشجيع التعاون والتبادل الثقافي بين الأمازيغ واليهود والحفاظ على تراث اليهود الذين هاجروا من المغرب إلى جهات أخرى.

وترمي سياسيا -يضيف المصدر- لحماية الحقوق الأساسية للشعبين الأمازيغي واليهودي، ومكافحة اللاسامية والعنصرية، والاعتراف الدستوري والرسمي باللغتين الأمازيغية والعبرية بالشمال الأفريقي وبالعالم كله.

وتسعى أيضا لمكافحة ما تسميه "التشدد" بكل أشكاله واستغلال الدين لأغراض شخصية وسياسية.

أما اقتصاديا واجتماعيا فتعتزم الجمعية ربط صلات لتحقيق مشاريع تنموية وصحية وفلاحية وصناعية بين المغرب وإسرائيل.

"
الدغرني: من حق الأمازيغيين تأسيس مثل هذه الجمعية لتعزيز علاقات تاريخية بين الأمازيغ واليهود
"
فلسطين لا تهمنا
وفي الوقت الذي امتنعت فيه الجمعية عن تقديم تشكيلة مكتبها للجزيرة نت، دون تقديم الأسباب والمبررات، قال الأمين العام للحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور إن من حق الأمازيغيين أن يؤسسوا مثل هذه الجمعية لتعزيز علاقات تاريخية بين الأمازيغ واليهود.

وقال أحمد الدغرني للجزيرة نت إن الصراع الدائر في فلسطين "لا يهمنا لأنه يخص الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم ونحن أبعد ما نكون عنه".


وتعليقا على التعاطف الشعبي المغربي مع فلسطين أثناء كل عدوان إسرائيلي، قال الدغرني إن "كل طرف حر في اختياراته، فمن شاء أن يتعاطف ويتظاهر فله ذلك، ومن شاء أن يعقد علاقات مع إسرائيل فليقم بذلك".

وسبق للدغرني أن سافر مرات متعددة إلى إسرائيل لحضور مؤتمرات، والتقى بشخصيات سياسية مسؤولة، وهو لا يرى في ذلك عيبا أو تطبيعا.

رفض أمازيغي
وفي المقابل، ربط عبد الله أوباري الناشط الأمازيغي بجمعية سوس العالمة بمدينة أكادير، تأسيس الجمعية بدعوة الولايات المتحدة الأميركية الدول الإسلامية للتطبيع مع إسرائيل وحثها المغرب على قيادة هذه الحركة التطبيعية الجديدة.

وقال أوباري للجزيرة نت إنه كلما جاءت دعوة للتطبيع إلا ونشط عقبها هؤلاء الأمازيغيون.

"
أوباري تساءل عن طبيعة العلاقة بين الأمازيغية وهي لغة، واليهودية وهي دين
"
وفسر أوباري الصمت المرافق لتأسيس الجمعية والتكتم عن أسماء مؤسسيها بالرفض الشعبي المغربي الذي يمكن أن يجهضها أو يحاصرها، متسائلا عن طبيعة العلاقة بين الأمازيغية وهي لغة، واليهودية وهي دين.

وقال أيضا "أي علاقة بين الثقافة الأمازيغية المشبعة بالدين الإسلامي والديانة اليهودية".

وانتقد أوباري في هذا الصدد محاولات التشويه التي تعمدها المؤسسون لهذا العمل التطبيعي للميراث الإسلامي للعالم الأمازيغي المغربي الشهير المختار السوسي مؤلف كتاب "سوس العالمة" وللجمعية الأمازيغية الوطنية "سوس العالمة".

وخلص إلى أن هذه الجمعية لن تجد أي ترحيب بين المغاربة سواء كانوا أمازيغيين أو عربا.

يذكر أن محاولة إنشاء جمعية للصداقة الأمازيغية الإسرائيلية جرت سنة 2007 لكن الجدل الذي شهده المغرب جعل المؤسسين يتراجعون عن ذلك، ليعيدوا المحاولة صيف هذه السنة.

كما أن جمعية سوس العالمة نددت في بيان لها بتلك المحاولة التطبيعية، مؤكدة أنها ضد كل عمل تطبيعي مع الإسرائيليين دون أن يعني ذلك موقفا سلبيا من اليهود واليهودية.



المهرولون الامازيغ الى اسرائيل :

قد لا يختلف اثنان في أن الأمازيغية صارت تشغل حيزا كبيرا في المجال التداولي المغربي، بمختلف أنساقه الفكرية والسياسية والتربوية والإعلامية والتنموية، وغير ذلك، لا سيما في العقدين الأخيرين؛ العشرية الأخيرة من الألفية الثانية الماضية، والعشرية الأولى من الألفية الثالثة القائمة، غير أنه قد يختلف اثنان في رؤيتهما للأمازيغية، وتفسيرهما للقضايا التي تمت، بشكل أو بآخر، إليها، وما أكثر هذه القضايا التي يتخذ النقاش حولها طابعا جدليا ساخنا، وتنحو الأسئلة التي تثار حولها منحى إشكاليا شائكا، إلى درجة أنه كل لحظة يطفو على سطح الواقع المغربي مستجد ما، يرتبط بالملف الأمازيغي، غالبا ما يستقطب أنظار الرأي العام، ويسترعي انتباه الرأي الخاص الوطنيين، سواء بسواء. ويعتبر حدث زيارة ثلة من التربويين الأمازيغ المغاربة الأخيرة إلى الكيان الإسرائيلي، أهم مادة إعلامية دسمة، تناولتها مختلف وسائط الإعلام المغربية والعربية والدولية، والعالم على مشارف الاحتفاء بحلول السنة الميلادية الجديدة، وما يهمنا في هذه الورقة، ليس ذلك الحدث في حد ذاته؛ كيف تم؟ ومتى حصل؟ وإنما قراءة أهم المواقف السياسية والفكرية والإعلامية التي نشأت من جرائه، ثم التنقيب في الأسباب المعلنة والخفية التي تقف وراء وقوعه. لكن قبل الشروع في معالجة تلك الحيثيات، التي تتعلق بحدث (الزيارة الأمازيغية إلى إسرائيل)، يقتضي منا السياق أن نوطئ للموضوع بجملة من الأفكار المشروعة والمشرعة، التي تنبثق في خلد أي إنسان وهو يقرأ أو يتأمل هذا الحدث. • في الحقيقة، إن التاريخ يشهد على تلك الأعداد الغفيرة من اليهود الذين هاجروا إلى المغرب، فاستقروا فيه واندمجوا في المجتمع المغربي، بل وساهموا بقسط وافر في الثقافة المغربية، من خلال مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والثقافية والدينية. من هذا المنطلق فإن المكون اليهودي أساسي في تبيان حقيقة التاريخ المغربي، وأي تغييب له، يعني الإخلال بالمنهج العلمي الموضوعي في دراسة هذا التاريخ، مما يترتب عنه تقديم حقائق تاريخية منقوصة أو مزيفة. إلا أنه ينبغي التفريق بين ذلك اليهودي الصهيوني المعتدي، الذي جاء من الشتات، وهو يحشد الدعم العالمي، ليغتصب أرض الغير، ويعتدي على حرمات المسلمين، وبين ذلك اليهودي المؤمن المسالم، الذي يعامل المسلمين باعتبارهم إخوة له في توحيد الله، وشركاء له في الوطن الذي يستقر فيه، وهذا ما ينطبق على العديد من اليهود المغاربة، الذين إما نزحوا إلى المغرب، أو أنهم ذوو أصول أمازيغية صرفة. فليس من العيب أن نتعامل مع هذه الشريحة الاجتماعية، تعاملا إيجابيا، وفق ما تنص عليه قوانين الدولة، وتقاليد المجتمع الإسلامية، مع إشعارهم الدائم بخطر الصهيونية العالمية، التي تسئ إلى الدين اليهودي نفسه. • بعد تاريخ من الصراع الدموي الطاحن بين الفلسطينيين والصهاينة، الذي تخللته حروب شرق أوسطية متعددة نشبت بين العرب وإسرائيل، ومجازر رهيبة اقترفها الكيان الصهيوني الغاشم في حق الفلسطينيين الأبرياء والعزل، وانتفاضات صامدة قام بها الشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته وتياراته، سوف تأتي اللحظة التي سيجلس فيها طرفا المعركة على مائدة واحدة، للتفاوض والتفاهم، لا سيما بعد توقيع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993، وسيلي ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي منذ أوائل عام 1996 من مدن وبلدات الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث سوف يصبح ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبعدئذ سوف تطرأ العديد من الأحداث والمستجدات، كوفاة عرفات في 2004، وانتخاب عباس خلفا له، وانتصار حركة حماس في انتخابات 2006، وصعودها إلى الحكم ثم الانقلاب عليها... وغير ذلك كثير، (عن دراسة تاريخ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، الجزء الأول والثاني، مترجم عنHistory of Israel & Palestine Part I and II الناشر: MidEastWeb for Coexistence RA)، إلا أن ما يهمنا من هذا كله، حسب سياق موضوعنا، هو ذلك التقارب الكبير الذي تم بين ممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية، والكيان الصهيوني، حتى أنهم أصبحوا مجرد عملاء له يحكم من خلالهم تلك الأجزاء المستقلة من فلسطين! وهذا ما سوف يكشف عنه العدوان الأخير الذي مارسته إسرائيل على قطاع غزة، إذ ظهر للعيان تواطؤ السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة عباس مع الصهاينة، على حساب إخوانهم المجاهدين في غزة! حتى أن أكثرهم تفوه بتصريحات غريبة، فحواها أنهم يتمنون إطاحة إسرائيل بحكومة حماس المقالة، والقضاء التام على حركتها المعاندة! • رغم أنه نشأ صراع مرير بين العرب وإسرائيل، ترجم في حروب كبرى (حرب 1948، العدوان الثلاثي 1956، حرب الأيام الستة 1967، حرب العاشر من رمضان 1973، حرب لبنان 1982)، إلا أن ذلك لم يقف عقبة في إقامة علاقات رفيعة المستوى بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني، استهلها الرئيس المصري محمد أنور السادات، الذي وقع اتفاقية مع إسرائيل في سبتمبر 1978 بمنتجع كامب ديفيد، ثم التقاء الحسن الثاني مع شمعون بيريز سنة 1985 بقصر إفران، واتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية في أكتوبر 1994، وغيرها من العلاقات التطبيعية المعلنة والسرية بين مختلف الأطراف العربية والكيان الصهيوني. • ثم إنه من أهم النتائج الملموسة التي أسفرت عنها تلك العلاقات العربية الإسرائيلية، هي حرية التنقل بين بعض الدول العربية والإسلامية والدولة العبرية، وفيما يتعلق بحالة المغرب، فإن هذه الحرية ليست مقتصرة فقط على الأشخاص رفيعي المستوى، كبعض المسئولين (شمعون بيريز 1985، تسيبي ليبني 2009)، والمثقفين والكتاب والفنانين، وإنما تعدتهم إلى المواطنين العاديين، إذ كشف تقرير مركز الإحصاء الإسرائيلي، أن المغرب تصدر لائحة السياح العرب إلى إسرائيل خلال سنوات 2006 و2007 و2008، فقد زار 28 ألف و419 مغربي في الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2008 الكيان الإسرائيلي! لعل هذا الرقم يبدو طبيعيا إذا ما تم ربطه بزيارة اليهود المغاربة لذويهم الذين هاجروا إلى إسرائيل، واستقروا فيها، أما الأمر غير الطبيعي فهو أن العديد من المغاربة غير اليهود، يهاجرون إلى الكيان الصهيوني للعمل هناك، بل ومنهم من يحلم بنيل الجنسية الإسرائيلية، غير مكترث بأنه يتعامل مع أكبر عدو للإسلام والمسلمين، وأنه يعتبر بذلك طرفا مباشرا في تلك المؤامرة الخبيثة! أثناء تفحص هذه الأفكار والحقائق سواء في بعدها التاريخي، أم في بعدها الواقعي، ندرك أن المكون اليهودي أو الصهيوني يقدم في الظاهر باعتباره (طابوها) محرما، غير أن الذين يدعون إلى تحريمه، يتعاملون معه في الخفاء؛ فممثلو السلطة الوطنية الفلسطينية مسموح لهم بأن يصالحوا ويؤاخوا جلادهم الإسرائيلي، والأنظمة العربية حلال على ملوكها وزعمائها أن يهرعوا إلى أسيادهم الصهاينة، والشعب الإسرائيلي يتمتع بحرية التنقل أينما يشاء على خارطة الأمة الإسلامية، والشعوب العربية بدورها يحق لها أن تزور الكيان الصهيوني من أجل العمل أو السياحة. غير أنه عندما يتعلق الأمر بزيارة ثلة من المثقفين الأمازيغ لإسرائيل، تقام في المغرب الدنيا ولا تقعد! فيا لها من مفارقة عجيبة تنم عن ازدواجية في الخطاب، يُغض فيه الطرف عما لا يحصى من المواقف الرسمية المؤثرة المتواطئة مع الكيان الصهيوني، وتحاسب زمرة من المثقفين العاديين على زيارة بسيطة لإسرائيل، وتتهم بالعنصرية والتآمر والتصهين والعداء! ملابسات الزيارة الأمازيغية لإسرائيل لقد سبق لرئيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المنحل، السيد أحمد الدغرني أن زار إسرائيل في ديسمبر 2007، وقد تم التساؤل أثناءها عن الدواعي التي دعت هذا المناضل الأمازيغي للقيام بتلك الزيارة، ولم يقتنع المتتبعون لهذه القضية بذريعة حضور الحزب في ندوة نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بتل أبيب، فكان أن تكتلت معظم الآراء حول استنكار هذا الفعل. وهذا ما سيتكرر بالذات عندما سوف تنظم زيارة أخرى من قبل مجموعة من المثقفين الأمازيغ لإسرائيل، وذلك بتاريخ 23 نوفمبر 2009، كما ورد في مجلة الرابطة اليهودية الرقمية، إذ قام بهذه الزيارة عشرون أستاذا أمازيغيا، للمشاركة في حلقة تكوينية حول (المحرقة اليهودية)، نظمها معهد ياد فاشيم الإسرائيلي، وهي أول زيارة لوفد من دولة إسلامية، كما أن المعهد يأتيه لأول مرة في تاريخه هذا العدد من العالم العربي، وهذا في غاية الأهمية، خصوصا وأنهم سوف يقومون بتدريس موضوع المحرقة لسكان بلد مسلم، كما صرحت مديرة المعهد دوريت نوفاك لوكالة الصحافة الفرنسية في القدس. ثم إن مجلة الرابطة أشارت إلى جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية، باعتبارها هي التي أشرفت على تنظيم هذه الزيارة، وقد تم الإعلان عن تأسيس هذه الجمعية سنة 2007، وتربطها علاقة بإسرائيل، إذ تعمل على التعاون في مختلف الميادين السياسية والثقافية والسوسيو اقتصادية.(اعتمدنا مقال الصحافي جواد غسال المنشور في جريدة التجديد بتاريخ: 28-11- 2009). هكذا فإن قراءتنا الأولية لحدث هذه الزيارة، كما تناقلته مختلف قصاصات الأخبار ومقالات الصحافيين، استنادا إلى ذلك الخبر الذي نشرته مجلة الرابطة الرقمية اليهودية، لا تكتمل إلا بالتريث عند ثلاثة عناصر جوهرية في هذه الزيارة، وهي كالآتي: 1. تدريس موضوع المحرقة اليهودية: إن زيارة أولئك التربويين الأمازيغ إلى إسرائيل ذات طابع أكاديمي محض، كما أثبت ذلك أكثر من مشارك فيها لبعض وسائل الإعلام (بنحسي، الداعور، أوداعديد)، وهذا ما أكدته كذلك مديرة المعهد المنظم لتلك الحلقة التكوينية حول المحرقة، السيدة دوريت نوفاك، غير أنه ما مدى المعرفة الحقيقية لأولئك الأساتذة بقضية الهولوكست، التي شهدت نقاشا ساخنا بين العديد من المثقفين والمفكرين الغربيين، الذين انقسموا ما بين مساند للرؤية الإسرائيلية المضخمة لحدث المحرقة، وبين معارض لها عن طريق التشكيك في حقيقة ضحايا تلك المحرقة النازية، بل وقد وصلت الأمور إلى حد الاعتداء على بعض المشككين ومحاكمتهم، كما حصل للمفكر الفرنسي روجي جارودي، ثم ألا يعي أولئك الأساتذة بأن موضوع المحرقة كما تقدمه الدراسات الإسرائيلية الرسمية، التي تندرج في إطارها تلك الحلقة التكوينية، جد مبالغ فيه بشكل لا يقبله منطق أي إنسان عادي، إذ يزعم أن ضحايا المحرقة قدر بحوالي ستة ملايين شخص يهودي، في حين كان "العدد الإجمالي لليهود الذين كانوا آنذاك يستوطنون ألمانيا والدول الأوروبية التي احتلتها، يربو بقليل على ثلاثة ملايين، وهذا المعطى ورد في الكتاب اليهودي السنوي5702)؛ فمن أين جاء الرقم ستة؟! ثم إن هناك أكثر من مصدر غربي يشير إلى أن عدد اليهود الذين تمت تصفيتهم في المحرقات الألمانية يحدد في المليون وربع مليون قتيل، كما جاء في كتاب (القضاء على يهود أوروبا) لكاتبه رؤول هلبرج، أو في أقل من المليون كما ذكر معهد التاريخ بباريس". (ينظر كتابنا: الموت على طريقة الكوبوي، مركز الحضارة العربية – مصر/2009). على هذا الأساس، هل حقا أن هدف هذه الزيارة أكاديمي محض؟ إن كان الأمر كذلك، أليس موضوع تلك الدورة التكوينية غير أكاديمي، لا سيما وأنه تعرض إلى موضوع أيديولوجي؟ إذن، كيف يمكن تفكيك هذا التناقض العجيب؟! 2. اعتبار الأساتذة الزوار من الوطن العربي: مما لا شك فيه، أن أولئك الأساتذة الذي شملتهم تلك الزيارة، يعتبرون أكثر المثقفين الأمازيغ تمسكا بالهوية الأمازيغية، بل ومنهم من يعتبر بلاد تامزغا مستعمرة عربية ينبغي تحريرها، غير أنهم لم يفطنوا إلى أنهم يظلون في عيون الإسرائيليين مجرد عرب، ينحدرون من العالم العربي المعادي للكيان الصهيوني، وهذا ما لمسناه في تصريح مديرة المعهد، التي ابتهجت بهذا الحضور الكبير لأول مرة من الوطن العربي، فلم نسمع أي واحد من أولئك الأساتذة المناضلين ينفي أو يصحح ما قالته السيدة دوريت نوفاك، بأنهم ينتمون إلى بلاد تامزغا المستعمرة من العرب، وأنهم ليسوا عربا! 3. جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية: إن الهدف الأساس الذي تتبناه هذه الجمعية كما جاء في بلاغها التأسيسي هو "الحفاظ على الموروث الحضاري والتاريخي والهوية الأمازيغية لليهود ذوي الأصول المغربية، والتواصل مع جذورهم وجعلهم فاعلين في التنمية المحلية بمسقط رأس أسلافهم بالمغرب"، ثم ورد في بيان ثان أن تأسيس هذه الجمعية "أمر عادي ما دامت اليهودية تعد رافداً من روافد الثقافة المغربية، وبالتالي رَفْضُ الرافد اليهودي بالمغرب هو رفض لجزء من هوية المغرب التي لا يمكن تقسيمها أو تجزيئها". ربما لا أحد في المغرب يعارض مثل هذه الأهداف في حد ذاتها، فهي تعضد خصوصية التنوع الثقافي الذي تتميز به الحضارة المغربية، التي يمثل فيها المكون اليهودي رافدا مهما، إلا أن ما يستدعي المعارضة والرفض هو التوظيف الأيديولوجي لمثل هذه الأهداف، وهذا ما اتضح بجلاء تام في تصريحات العديد من المنتمين إلى هذه الجمعية، خصوصا بعد عودتهم من تلك الزيارة (الأكاديمية!) لإسرائيل. الإجماع الوطني على استنكار الزيارة باستثناء موقف زمرة من المثقفين الأمازيغ الذين كانوا ينتمون في الماضي القريب إلى الحزب الديمقراطي الأمازيغي المنحل، والآن ينخرطون في جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية، وبعض الكتاب الشباب المتعاطفين معهم، يبدو أن أغلب مكونات المشهد الثقافي المغربي والأمازيغي سارعت إلى التنديد بهذه الزيارة، وقد تخللت مقالات الصحافة المغربية الورقية والرقمية مختلف التصريحات حول هذا الشأن (بما فيها تصريحات الكثير من ممثلي الحركة الثقافية الأمازيغية)، التي أجمعت على الرفض الصريح لهذه المبادرة، التي تندرج في نطاق التواطؤ المعلن مع الحركة الصهيونية الظالمة، والتآمر على القضية الفلسطينية العادلة. ثم إنه عندما يصدر مثل هذا الموقف عن المثقفين والمؤسسات المغربية المحسوبة على التيار العروبي القومي، فيبدو ذلك الأمر طبيعيا، أما عندما يصدر عمن يحسبون على الحركة الثقافية الأمازيغية، فإن ذلك يطرح أكثر من علامة استفهام، وهذا ما حصل في قضية هذه الزيارة، إذ عبرت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان عن "تنديدها الشديد للزيارات المشبوهة التي يقوم بعض الأمازيغيين إلى إسرائيل، وبذلك بسبب عدم استفادة القضية الأمازيغية شيئا من هذه الزيارات المشئومة وما تمثله من إساءة لباقي الأمازيغيين ومن تجريح لمشاعر إخواننا العرب المغاربة". (بيان العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان)، وعلى الدرب نفسه يمضي رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي السيد خالد الزيراري، الذي صرح لجريدة المساء بـ "إنه يرفض مثل تلك المبادرات، وإنه شخصيا تلقى دعوة قبل عامين من مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإلقاء محاضرة في تل أبيب لكنه رفض." بل وأكثر من ذلك فقد وصف من يقومون بذلك بأنهم مجرد "شرذمة أو قراصنة" لا غير! (ع 1001 الخميس 10 ديسمبر 2009)، ويضيف السيد عبد السلام بوطيب، رئيس الذاكرة المشتركة والمستقبل، بأنه لا يمكن الادعاء بأن هذا الوفد يمثل أمازيغ المغرب؛ لأن مثل هذا الادعاء يتعارض مع أبسط أبجديات العمل السياسي. (إذاعة هولندا العالمية). ونحاول في هذا الصدد جرد أهم المواقف التي انطوت عليها تلك تصريحات بعض المشاركين في تلك الزيارة. موقف التواطؤ: إذ رأى بعض المثقفين المغاربة والأمازيغ في هذه الزيارة تواطؤا معلنا مع الكيان الصهيوني، يعتقد رئيس جمعية سوس العالمة، السيد إبراهيم بواغضن أن المخطط الصهيوني قام باختراق التنوع الإثني بالمغرب، وأن على الدولة المغربية بكونها ترأس لجنة القدس، بالتحرك ضد مثل هذا الفعل، عن طريق تطبيق قوانين زجرية ضد هذه المجموعة. (جواد غسال، جريدة التجديد) كما اعتبر المحامي خالد السفياني هذه الزيارة "عملا مخابراتيا إسرائيليا"، وقال بأنه "يجب أن نميز بين أمازيغ المغرب، وبين حفنة من عملاء المخابرات الصهيونية والأمريكية في المغرب، سواء كانوا أمازيغ أو غير أمازيغ. أمازيغ المغرب أبرياء، ولا يمكن أن يلصق بهم عار التنسيق والاعتراف بكيان عنصري". (أمازيغ المغرب يتعرفون على تاريخ ’المحرقة‘ في إسرائيل، محمد أمزيان، موقع إذاعة هولندا العالمية) موقف التطبيع: تكاد تلتقي أغلب الآراء حول فكرة أن المنشود من هذه الزيارة، هو تعبيد الطريق إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويمكن أن يستثمر الملف الأمازيغي كورقة في هذا الصدد، يقول الباحث الأمازيغي الأستاذ عبد الله أوباوي أن ''هناك مخططا واسعا يتم تنفيذه يقوم على استدراج بعض من يشتغلون في الحقل الأمازيغي إلى المشروع السياسي الصهيوني؛ يعمل في نسق متكامل على استهداف جميع المجالات الممكنة في التطبيع." (جريدة التجديد) ويردد الأستاذ عمر الفاتحي الرأي نفسه، بقوله: "زيارة إسرائيل من طرف بعض قيادي وأعضاء الحزب الديمقراطي الأمازيغي، لم يكن الهدف منها الحضور لأشغال ندوة نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، بل تدخل في نطاق التطبيع مع إسرائيل." (الأمازيغية بالمغرب ومحاولات التطبيع مع إسرائيل، عمر الفاتحي، الحوار المتمدن - العدد: 2230 – 2008/3/24)، أما الأستاذ مصطفى الخلفي، فيوضح أكثر، عندما يكتب: "الواقع أن الموضوع الذي اختير للزيارة (...) يكشف دلالة الرهان الصهيوني على الورقة الأمازيغية عبر السعي لتوظيفها لمصلحة التطبيع الكلي مع المنطقة المغاربية، والذي يعيد التذكير بالرهان الذي حصل على الورقة الكردية قبل حوالي العقدين وخاصة بعد حرب الخليج الثانية." (إسرائيل والورقة الإثنية في العالم العربي، مصطفى الخلفي، صحيفة العرب القطرية، 14-12-2009)، إلا أن كل هذه المبادرات، كما يؤكد الصحافي إدريس الكنبوري، "في اتجاه التطبيع مع إسرائيل لا تلقى إجماعا داخل النسيج الجمعوي الأمازيغي." (الخلفيات الحقيقية لتطبيع بعض الأمازيغ مع إسرائيل، إدريس الكنبوري، جريدة المساء العدد 992 الاثنين 30 نوفمبر 2009). موقف الانتقام من العرب والمسلمين: إذ أن أولئك الذين نظموا تلك الزيارة، حاولوا من خلالها أن يكشفوا تارة أولى عن رفضهم للهيمنة العروبية على بلاد تمازغا، وتارة أخرى عن أن القضية الفلسطينية لا تعني الأمازيغ في شيء! يعتبر الأستاذ رضوان جراف تلك الزيارة بمثابة "نكاية في العرب والمسلمين فهم يوطدون علاقاتهم بالكيان الصهيوني وينفتحون عليه، باعتباره عدوا للعرب والمسلمين يحتل أرضهم ويسفك دماءهم ويشرد أبناءهم، وفي دلك عزاء لهم وانتقام لهم من أعدائهم." (أمازيغ خارج السياق، رضوان جراف، جريدة هسبريس الإلكترونية)، أما الأستاذ خالد السفياني، فيستبعد أن يكون الأمازيغ مستهدفين من قبل العرب والمسلمين، يقول: "إذا قصدت المؤتمر القومي العربي، فأحد المؤسسين الرئيسيين له هو المرحوم الفقيه البصري، وهو أمازيغي، والسيد امحمد بن سعيد آيت يدر. وإذا تحدثت عن القوى القومية الإسلامية، ستجد على رأس معظم التنظيمات الإسلامية أمازيغ. هل سعد الدين العثماني ليس أمازيغيا، وهو قضى مدة طويلة رئيسا لحزب العدالة والتنمية، وآخرين في التنظيمات اليسارية. ليس هناك بالنسبة لنا أي فرق بين أي مواطن كان. هناك الانتماء للوطن، وفيه نتساوى". (إذاعة هولندا العالمية). لماذا هذه الزيارة إلى إسرائيل؟ حسب تصريحات طرفي هذه القضية؛ الأساتذة الأمازيغ/الضيوف، والمعهد الإسرائيلي/المضيف، إن هذه الزيارة ذات بعد أكاديمي خالص، كان القصد من ورائها تقديم دورة تكوينية لأولئك التربويين حول موضوع المحرقة اليهودية. غير أنه بتتبعنا لهذه القضية من ألفها إلى يائها، استخلصنا أن البعد الأكاديمي المزعوم باهت ويكاد يغيب، هذا ليس استنادا إلى ردود الفعل التي نشأت حول تلك الزيارة، كما اتضح من المواقف السابقة المجمعة على رفضها واستنكارها، وإنما ارتكازا أولا على طبيعة الموضوع المدروس الذي لا يمت بصلة إلى ما هو علمي وأكاديمي، فهو موضوع سياسي وأيديولوجي وترويجي بامتياز، ثم على الأسباب المعلنة والخفية التي حفزت تلك المجموعة الأمازيغية على الإقدام على ذلك الفعل. بمعنى أنه لا يتأتى استيعاب حقيقة ما وقع إلا بالدنو أكثر من معدن أولئك الأشخاص، الذي يتحدد من خلال تركيبتهم السيكولوجية، ونوعية تحصيلهم العلمي، وطبيعة تفسيرهم لهذه القضية. وبعد القراءة المتأنية في ضوء هذه المحددات، تم التوصل إلى المحصلات الآتية، التي من شأنها أن تحدد طينة هذه الزمرة من المثقفين الأمازيغ: • الاصطدام مع الدولة المغربية: أغلب الأشخاص الذين تشكل منهم الوفد الأمازيغي الذي زار إسرائيل، يعانون من مشاكل عدة مع السلطات المغربية، نتيجة نظرتهم الساخطة إلى المخزن، وتعاطيهم السلبي مع كل من يمت بصلة إلى الدولة، ومرد هذا السلوك الذي يتعاملون به، إلى الرؤية المتذمرة التي يحملونها، فيما يتعلق سواء بالنظام القائم الذي يدعون أنه قومي عروبي يقصي الإثنية الأمازيغية، أم بالمواطنين المغاربة الذين ينحدرون من أصل عربي، وهي في الحقيقة رؤية مختلة وغير متوازنة؛ أولا لأن قسطا عظيما من أصحاب القرار في المغرب، حكومة وأحزابا وقضاة وأمنا وعسكر، وغيرهم، هم أمازيغيون أقحاح، وثانيا تفاديا لآفة التمييز العنصري، لا ينبغي الحديث عن مواطن أمازيغي صرف، أو مواطن عربي خالص، وإنما عن مواطن مغربي، خصوصا وأنه تم تمازج تاريخي وواقعي كبير بين هذين الجنسين، فتمزغت قبائل عربية، وتعربت قبائل أمازيغية، وأصبح العديد من المواطنين المغاربة يتكلمون كلا اللغتين؛ الأمازيغية والعربية، ويحملون كلا الثقافتين؛ الأمازيغية والعربية في ضوء التعايش الاجتماعي الذي تقره تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، لذلك فلا مدعاة لأن نعادي الآخر ونشتمه؛ دولة أو مواطنين، بدعوى أننا نناضل من أجل إنصاف القضية الأمازيغية، فالنضال له آلياته الفعالة وأخلاقه الرفيعة، أما أن تظل حبيس الغوغائية الأيديولوجية والقدح المهين في الغير، فهذا لن يخدم الأمازيغية وغيرها من القضايا الوطنية في شيء! • الشعور بالظلم والإقصاء: يفهم من تصريحات بعض المثقفين الأمازيغ أن الدولة المغربية تمارس عليهم الظلم، وأن القوميين المغاربة يعاملونهم بالإقصاء، وأن المواطنين المغاربة العرب ينظرون إليهم بازدراء وتنقيص، يقول أحد المشاركين في تلك الزيارة وهو محمد الداغور من جمعية تامينوت، في تصريح لجريدة أسيف الرقمية: "إن مصير هذه الثقافة وهذه الحضارة (الأمازيغية) يوجد بين أيادي أبنائها وحدهم لإنقاذها من أنياب العروبيين، الذين يناضلون يوميا لاجتثاث ما تبقى من معالمها الجميلة"، ويقول محمد أجعجاع مؤسس (الاختيار الأمازيغي): "الفلسطينيون يدافعون عن أرضهم ونحن أيضا، وهذا قاسم مشترك بيننا، هم يتحدثون عن التهويد ونحن نتحدث عن التعريب". (جريدة المساء ع 1001)، وهذه التصريحات الشاذة لا يمكن إرجاعها إلا إلى عقدة النقص التي يعاني منها هؤلاء، تجاه الدين الإسلامي لغياب الوازع الإيماني لديهم، وتجاه الجنس العربي من جراء تأصل النزوع العنصري في ذواتهم. • معاداة الإسلام: ويتجلى غياب الوازع الديني لدى هؤلاء من خلال سلوكاتهم المعادية للإسلام، التي تطفو من حين لآخر على سطح الواقع المغربي، كما حصل قبل بضع سنوات عندما تكهن أحمد الدغرني بأن الإسلام سوف يخرج من المغرب كما خرجت المسيحية واليهودية، وها هو الآن قد يمم وجهه شطر اليهودية، بتأسيس جمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية، وزيارة الدولة العبرية، ثم أنه قبل مدة وجيزة، وبالتحديد أثناء الملتقى الأمازيغي الثاني، الذي عقد في سبتمبر 2009 بمدينة الناظور، اعتبر ناشطون أمازيغ "وجود نصوص قرآنية في جل الكتب الدراسية كالتلاوة والتاريخ وحتى مواضيع الإنشاء بـ "الخطير جدا"، يهدم الذاكرة الجماعية للأمازيغ". واليوم يتكرر السيناريو نفسه، إذ اختارت هذه المجموعة الأمازيغية التوجه إلى ألد عدو تاريخي وواقعي للإسلام، وهو الكيان الصهيوني، الذي يعيث فسادا في القدس الشريف، أول قبلة للمسلمين، ومسرى نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم، فلو كانت في قلوب هؤلاء المهرولين ذرة من إيمان، لما أقدموا على هذا الانبطاح أمام أسيادهم الصهاينة! • الاستهتار بالقضية الفلسطينية: عندما نتصفح أقوال وتصريحات بعض المشاركين في تلك الزيارة، ندرك مدى استخفافهم بالقضية الفلسطينية، والتهرب منها بذرائع سخيفة، كاستخدام مصطلح الإرهاب الفلسطيني، يقول عبد الله بن حسي: ""نحن في المغرب معتادون على سماع أسطوانة مشروخة أبطالها هم مجموعة مساندة الكفاح أو الإرهاب الفلسطيني والعراقي"، (إذاعة هولندا العالمية)، واعتبار أن الصراع الفلسطيني الصهيوني لا يعني الأمازيغ، كما قال الدغرني للجزيرة نت: "إنه لا يجد غضاضة في زيارة إسرائيل وإقامة علاقات معها، مبررا موقفه بأن الصراع مع إسرائيل لا يعني الأمازيغ"، وهذا نفسه ما يذهب إليه كل من بوبكر أودعديد وإبراهيم أمقراز، من مؤسسي جمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية، إذ صرحا بما يلي:"نحن لا نكن لإسرائيل أي شعور بالعداء، لأن الصراع يجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهو يهمهم وحدهم، وبيننا وبين تلك الحرب آلاف الكيلومترات فهي لا تهمنا". (أمازيغيون مغاربة يسعون لإنشاء جمعية صداقة إسرائيلية، حسن السرات، الجزيرة نت، الخميس 3-1-2008). • الانبهار الطائش بالآخر: إن ظاهرة الانبهار بالحضارة الغربية مثلا مسألة جد عادية، عبر عنها العديد من المفكرين والكتاب الذين زاروا أو عاشوا في الغرب، غير أن هذا الانبهار لما يتعدى حده، ينقلب إلى ضده، الذي هو الانسياق والتبعية والذوبان، وهذا ما حصل لهذا الوفد الأمازيغي، الذي أعجب بالاحتفاء الإسرائيلي بهم، "الاهتمام بنا فوق كل تصور، والاستقبال أكثر من رائع"، كما عبر أحد المشاركين، وهذا أمر جد عادي، فلو أن هذا الوفد توجه إلى أي دولة في العالم قصد المشاركة في ندوة ما أو مؤتمر ما، فسوف يقابل بالاحتفاء ذاته! فهل كان يترقب هؤلاء أن يستقبلهم الطرف الصهيوني بجفاء وجمود، وهم يشكلون ورقة رابحة في معادلته السياسية القادمة؟! خصوصا وأنه كما صرح بن حسي، "منذ أن عاد الوفد إلى المغرب، والاتصال مستمر مع الإسرائيليين تحسبا لأية مضايقات، سواء من قبل السلطات المغربية أو من التنظيمات المناوئة لإسرائيل". (إذاعة هولندا العالمية). • التناقض والخداع السياسي: هذا ما يسري بيقين تام على السيد أحمد الدغرني؛ رئيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المنحل، وأتباعه وزبانيته، فبمجرد ما تتصفح جانبا من سيرة هذا الرجل، تدرك عمق التناقض الذي يعتري خطابه السياسي، والتضارب الذي يتخلل أفكاره وآراءه، أود أن أشير في هذا الصدد إلى التبرير الذي برر به زيارته الأولى إلى تل أبيب (2007)، وهو حضور الندوة التي نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، ولم يكن يملك حق تحديد البلد المستضيف للندوة، (لكن غاب عنه أنه كان يملك حق عدم الحضور!) وإذا سلمنا جدلا بذلك التبرير، فكيف يعلل الدغرني زياراته الموالية لإسرائيل، بما في ذلك الزيارة الأخيرة للوفد التربوي الأمازيغي؟ أليس هذا عين التناقض والتضارب، بل والكذب السياسي؟! ثم كيف يفسر الدغرني ما أماطت عنه اللثام العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، في إحدى بياناتها، من لقاءات سرية جمعته أولا مع مختلف الجهات المغربية الرسمية، كوزارة الداخلية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التي يظهر للمواطنين الأمازيغ بأنه يواجهها بشراسة، في حين أنه يتملقها ويتزلف إليها، وإلا فلماذا لا يفضل الكشف عن تلك اللقاءات في أوانها! وثانيا مع عدة جهات وشخصيات صهيونية أو عميلة لإسرائيل، كالمستشار الملكي أندري أزولاي، والرئيس الموريتاني المتواطئ مع الكيان الصهيوني، والسفارة البريطانية، واليهودي الهولندي سامي كسبك، وغيرهم. ألا تعبر هذه السلوكات والتحركات عن أن السيد الدغرني ما هو إلا مخادع سياسي، يقدم نفسه في صورة مناضل أمازيغي مثالي! في ضوء هذه المحددات يمكن كشف معدن أولئك الأشخاص الذين شاركوا في زيارة إسرائيل، إذ تجتمع فيهم شتى المساوئ التي ينبذها المجتمع الأمازيغي الأصيل، ولا تقبلها أخلاق أي مواطن أمازيغي مسلم، لأنها تتعارض وفطرة الإنسان العادي، فما بلك والإنسان العارف. إن هذه الزمرة الأمازيغية عكرت بأفكارها الغريبة صفو الحياة العفوية التي يشهدها الواقع المغربي، عندما وجهت نبالها المسمومة إلى ما هو ثابت في الذات المغربية من قيم وتقاليد وحقائق، كالدين الإسلامي، والقضية الفلسطينية، والتعايش الاجتماعي، وغيرها. خلاصة القول عود على بدء، تصورت في البداية أن ما نشب إعلاميا وسياسيا حول هذه الزيارة الأمازيغية، مجرد زوبعة في فنجان، كالتي نعتادها كلما تم طرح قضية أمازيغية معينة، لذلك سعيت حثيثا إلى فهم تبريرات الطرف الأمازيغي المعني بالقضية، فتريثت عند أهم اللحظات التاريخية التي شهدت نوعا من التفاعل بين الجانبين: الإسرائيلي/اليهودي والعربي/الإسلامي، فأدركت ما يشبه المفارقة؛ فحلال على الكثير من الجهات الرسمية والعروبية أن تتعامل مع الكيان الصهيوني، وحرام ذلك على الأمازيغ! غير أنني عندما درست ملابسات تلك الزيارة وأسبابها، وتأملت تصريحات بعض المشاركين فيها ومواقفهم، تيقنت أيما تيقن من أنها لم تكن مجرد زوبعة في فنجان، وإنما حلقة أساسية من حلقات الصراع القائم في المغرب، بين التيار الأمازيغي المتطرف، وبين مختلف مكونات المجتمع المغربي










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 14:39   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي



هل ستنتهي الحركة الأمازيغية في أحضان الصهيونية؟

عبـد الفتـاح الفاتحـي*
الجمعة 01 أكتوبر 2010 - 18:02
عاودت الصحافة المغربية إثارة ملف الحركة الأمازيغية في شمال إفريقيا والسعي الصهيوني لاختراقها في أفق خلق درع لها في دول شمال إفريقيا لجبر الجانب الرسمي والعمومي على التطبيع مع الكيان الصهيوني.

ويتجدد هذا النقاش على خلفية صدور دراسة إسرائيلية حديثة، نهاية شهر غشت الماضي، تكشف عن وجود مخطط إسرائيلي لاختراق الحركة الأمازيغية واستثمارها لتسريع عملية التطبيع في دول اتحاد المغرب العربي.

وذكرت هذه الدراسة التي أصدرها "مركز موشي دايان" التابع لجامعة تل أبيب، أن أكبر عائق للتطبيع في المنطقة يتمثل بشكل كبير في الحركات الإسلامية والقومية، التي تضغط على الأنظمة في دول المنطقة لإيقاف مسار التطبيع مع إسرائيل، وأوصت الدراسة بأن والحالة هذه فإنه استراتيجية إسرائيل لمواجهة هذا التحدي يجب أن تراهن على الحركات الأمازيغية العلمانية التي تدعو إلى القطع مع الرصيد الحضاري العربي الإسلامي، والارتباط بالنموذج الغربي والدفاع عن قيمه الكونية...

واعتبر مراقبون أن استغلال الاستراتيجية الإسرائيلية لدعم التطبيع الرسمي مع المغرب تأتي عبر استغلال التمايزات العرقية والإثنية في منطقة دول شمال إفريقيا، هو مخطط اعتمدته إسرائيل قديما.

ويرى المتتبعون أن اللوبي الصهيوني قد تقدم ميدانيا داخل المغرب، حينما كسب أصوات مغربية ترتفع لإعلان دعمها لإسرائيل علنيا، وهو ما لم يكن ممكنا لإجماع المغرب على جعل القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى.

وهكذا نَحَت قلة من الأمازيغ منحا متطرفا في الآونة الأخيرة، وهو ما اعتبر أن الغاية من تلك المواقف الشاذة هو الخروج بالأمازيغية إلى الساحة الدولية والعمل على تدويلها، ولذلك بادر عدد من متزعمي هذا التوجه إلى الارتماء في أحضان الأجنبي عبر نسج تحالفات شاذة مع جهات خارجية بما فيها بعض المنظمات الإسرائيلية، وهو ما لقي صدى مذويا لدى الرأي العام المغربي، الذي يحمل هذه النزعات اليوم على محمل الجد.

وتلقى مثل هذه التصريحات على غرابتها عن الإجماع المغربي حيزا مهما في إعلامه الوطني، فتطفوا على السطح الإعلامي بين الفينة والأخرى، وكان آخر المواقف المتطرفة إقدام عشرون أستاذا أمازيغيا، للمشاركة في حلقة تكوينية حول (المحرقة اليهودية)، نظمها معهد "ياد فاشيم" الإسرائيلي، حيث تعد زيارتهم هذه الأولى من نوعها لوفد ينتمي إلى دولة إسلامية عربية، كما أن هذه الزيارة كانت الغاية منها تدريس موضوع المحرقة لسكان بلد عربي مسلم، حسب ما صرحت به مديرة المعهد "دوريت نوفاك" لوكالة الصحافة الفرنسية في القدس. كما أن مجلة الرابطة أشارت إلى أن جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية، هي التي أشرفت على تنظيم هذه الزيارة.

ويصر من وصفهم السواد الأعظم من الجمعيات الأمازيغية بـ "الأقلية العاجزة" التي لا تمثل الأمازيغ والقضية الأمازيغية إلا أن يروج لخطاب علماني يؤسس لتواجد شعبي لليهود واليهودية داخل المجتمع المغربي، الذي كان دائم التعايش مع كل الثقافات شعبيا ورسميا، إلا أن رؤية متزعمي هذا التيار ترى في اليهودية بديلا للدفع بمصالحها نحو مقامات ومجالات أوسع، عبر الإبقاء على استمرار لعبة شد الحبل بينه وبين السلطات المغربية التي يصفها بـ "العروبية" بالاستثمار في مغازلة العدو الأبدي للعروبة "إسرائيل".

بل إنه يرى في التغزل بتل أبيب مدخلا لخلق جسر استراتيجي يمر عبره نحو الدعم السياسي والمالي للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، أو بالأحرى الاستقواء بالخارج لفرض توجهاته واختياراته ضدا على استقلالية قرار السياسي والاجتماعي للمغرب وعلى سيادته الوطنية.

والأكيد أن فشل هذا التيار بعد سنوات من العمل الداخلي من إحراز أي اختراق في الإجماع المغربي، هو الذي فرض عليه الارتماء في أحضان الخارج، كحائط قصير لتحقيق مكاسب دستورية، منها دسترة الأمازيغية من أمازيغية متعددة، والمطالبة بتطبيق الحكم الذاتي غبر استقواء بإسبانيا التي لا تبخل أجهزتها الاستخباراتية في دعن الجمعيات الناشطة في هذا المجال في المناطق الأمازيغية بصلاحيات أوسع...

ومعلوم أن متزعمي هذا التيار المتطرف دعا أكثر من مرة إلى إطلاق مبادرات عملية للتقارب مع إسرائيل، فأعلنوا سنة 2007 عن تأسيس كيان جمعوي أسموه "جمعية سوس للصداقة الأمازيغية اليهودية بمدينة أكادير جنوبي المغرب، ثم توالت محاولات تأسيس جمعيات أخرى كجمعية الذاكرة المشتركة بالريف، وجمعية أفراتي للصداقة والتعايش...

وأكدوا أن من أهم أهداف هذه الجمعيات، ما اعتبروه لـ "توثيق الصلات التاريخية بين الأمازيغ واليهود الإسرائيليين الذين استوطنوا المناطق الأمازيغية بالمغرب وهاجروا إلى إسرائيل". ومكافحة اللاسامية والعنصرية، والاعتراف الدستوري والرسمي باللغتين الأمازيغية والعبرية بالشمال الأفريقي وبالعالم كله. بل وذهب البيان التأسيسي لـ"جمعية سوس للصداقة الأمازيغية اليهودية" إلى دعوة اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل للعودة إلى المغرب في أي وقت يشاؤون".

كما تقوم باق أهداف هذه الجمعية على المطالبة بتدريس تاريخ اليهود المغاربة في المدارس المغربية، وإدماج الثقافة اليهودية في وسائل الإعلام السمعي والمرئي، وإعادة الاعتبار للمكون اليهودي في الهوية المغربية...

ويستقرئ في هذا التودد المبالغ فيه لإسرائيل بأنه مؤشر لمخطط استراتيجي طويل الأمد يتوخى تحييد الإسلام والثقافة العربية، لصالح منظور علماني أمازيغي في أفق التأسيس لما يسميه متزعمو هذا التيار "دولة تامزغا"، بعد تخليصها من ما يسمونه باستعمار العرب المسلمين. بل إن رهان متزعمي هذا التوجه صار يشكل غاية معلنة، وهو ما يعبر عنه أحد أقطاب هذا التيار المتطرف عن التوجه المغربي العام أحمد الدغرني – زعيم الحزب الديموقراطي الأمازيغي المنحل – في تصريحات صحفية: "بضرورة تحالف الأمازيغية مع اليهود، وأن الأمازيغية لن تنتصر أبدا بدون مساعدة اليهود، بل وذهب إلى ضرورة تحالف الأمازيغ مع العجم جميعا وليس اليهود وحدهم".

وحتى التماهي مع طرح أحمد الدغرني أحد متطرفي الحركة الأمازيغية، فإن الأمر لا يعدو أن يكون خدمة مجانية لفك الحصار المضروب على إسرائيل عبر صنع قدم للتطبيع الشعبي معها، والذي كانت تسعى إليه منذ زمن بعيد بعدما تأتى لها ذلك على المستوى الرسمي، بل هو عقد مصالحة معها دون جبر للضرر على ما اقترفته وتقترفه وستقترفه من جرائم في حق الإنسانية جمعاء.

وذهب متزعمو هذا الاتجاه إلى تأسيس كيانات جمعوية مع اليهود، وذهبوا مؤكدين أن العلاقة بين الأمازيغ واليهود تعود إلى زمن بعيد؛ باعتبار أن الديانة اليهودية كانت أول ديانة سماوية اعتنقها الأمازيغ قبل المسيحية والإسلام.

واستدل متزعمو هذا التيار بعدة نقط منها أن العرب أنفسهم ورغم صراعهم المرير مع إسرائيل في حروب كبرى: (حرب 1948، العدوان الثلاثي 1956، حرب الأيام الستة 1967، حرب 1973، حرب لبنان 1982)، إلا أن ذلك لم يقف عقبة في إقامة علاقات رفيعة المستوى بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني، منها توقيع الرئيس المصري محمد أنور السادات لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في سبتمبر 1978، ولقاء الحسن الثاني مع شمعون بيريز سنة 1985 بقصر إفران، واتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية في أكتوبر 1994...

كما أن مظاهر التطبيع المغربي مع إسرائيل على المستوى الشعبي بدت في تزايد كبير بعدما أظهر تقرير مركز الإحصاء الإسرائيلي، أن المغاربة يتصدرون لائحة السياح العرب إلى إسرائيل خلال سنوات 2006 و2007 و2008، حيث زار 28 ألف و419 مغربي في الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2008 الكيان الإسرائيلي.

وتحدث هذه المواقف صدى مذويا في أوساط المجتمع المغربي على غرابتها عن الإجماع الوطني، الذي يستغرب اصطفاف أقلية أمازيغية لخلق محور أمازيغي إسرائيلي، بعدما لم يكن في زمن جد قريب حتى التفكير في أي تقارب مع إسرائيل لجعل المغاربة القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى.

وعلى الرغم من ذلك فإن غالبية الجمعيات والمنظمات التي تنشط في الحقل الثقافي الأمازيغي أن الدعوة إلى تأسيس مثل هذه الجمعيات يعد تحللا في الهوية المغربية، لكون هذه المبادرة غريبة عن تقاليد وثقافة المجتمع المغربي المعروف بمواقفه التاريخية المشهودة في مناهضة الكيان الصهيوني. بل واتهمت متزعمي مثل هذا التوجه بأنهم مجموعة من المشبوهين المرتبطين بدوائر استخباراتية أجنبية أمريكية وصهيونية لم يجدوا أي مجال للاشتغال فيه سوى أن يصبحوا سماسرة للشيطان.

وقد عبرت حركات أمازيغية وازنة في المشهد الأمازيغي عن شجبها لمثل هذه المبادرات لأنها تضر بالقضية الأمازيغية أكثر من أن تفيدها، وفي هذا الصدد أعلنت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان عن "تنديدها الشديد لما وصفته بالزيارات المشبوهة التي يقوم بعض الأمازيغيين إلى إسرائيل، لأن هذه الزيارات المشؤومة على حد تعبيرها تمثل إساءة لباقي الأمازيغيين ومن تجريح لمشاعر إخواننا العرب المغاربة".

ووصف البيان المبادرة بمحاولة للارتزاق على حساب القضايا المصيرية المشتركة بين العرب والأمازيغ، كان من ورائها من وصفهم البيان بـ "شرذمة أو قراصنة" محدودو العدد لا يمثلون أمازيغ المغرب.

واستغربوا هذه المواقف الشاذة واعتبروها تزاوجا كاثوليكيا مرفوضا لدى عموم المغاربة عربا وأمازيغ، واعتبروا أن تأسيس جمعية بدعوة أمريكية للتطبيع مع إسرائيل، وتساءلوا باستغراب شديد عن طبيعة العلاقة بين الأمازيغية وهي لغة، واليهودية وهي حركة دينية.

ويرى عدد من المتتبعين أن المغرب اليوم يبقى مستهدفا من أن تتعدد مثل هذه الأصوات الشاذة عن إجماعه الوطني، مما قد يكلفه فيما بعد متاعب كبيرة قد لا يكون بمستطاعه تدبيرها، وعليه فإن المغرب يبقى مستهدفا في وحدته بنقاشات تؤسس لصنع شروخات فكرية ومذهبية في بنيته المجتمعية لم تكن إلى حدود الأمس القريب بالقائمة، والحق أن مثيل حدة هذه السجالات التي باتت تمهد لفلسفة تقوم على الحقد والكراهية تستدعى التوقف عندها مليا للمعالجة أن يستفحل أمرها.

إننا اليوم بحاجة إلى من يدعو إلى توحيد الجهود ولم الشمل بين الإخوة العرب والأمازيغ على رأي دين واحد وهو الإسلام مع احترام دين الأقليات يهود ومسيح، وتقوية الصف الداخلي المغرب لضمان استقراره الاجتماعي والسياسي بدل الاحتماء باليهودي في إسرائيلي.




مركز موشي ديان: اختراق الحركة الأمازيغية في المغرب العربي للتطبيع مع إسرائيل

جريدة صوت الاحرار
Sunday, September 05
الموضوع : الوطــن
كشفت دراسة أعدها » مركز موشي ديان«، التابع لجامعة تل أبيب عن مخطط إسرائيلي يهدف إلى اختراق واستثمار الحركة الأمازيغية في بلدان المغرب العربي، وأشارت إلى أن الحركة القومية والإسلامية هي العائق الرئيسي أمام مشروع التطبيع مع الدولة العبيرية في المنطقة المغاربية عامة، وإن كانت قد اعترفت بأن المسألة تبدو أسهل في المغرب الذي يقيم علاقات اقتصادية وفي مجالات أخرى رسمية وغير رسمية مع الكيان الصهيوني.

محمد الناصر

وأوضحت الدراسة الإسرائيلية التي نشرت في نهاية أوت المنصرم أن الحركة الإسلامية والقومية تمارس ضغوطا على الأنظمة في دول منطقة المغرب العربي للوقوف في وجه مسار التطبيع مع تل أبيب، وأوضحت الدراسة أن الإستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى مراجعة هذه المعادلة تكمن أساسا في »المراهنة على فاعل غير عربي« لمواجهة خطاب الحركات الإسلامية والقومية بخطاب منافس يرتكز على أربعة مكونات أساسية هي: القطيعة مع الرصيد الحضاري العربي الإسلامي، والارتباط بالنموذج الغربي، والتركيز على المشاكل الداخلية الحقيقية، أو بمعنى أخر التخلي عن التركيز على الصراع العربي الإسرائيلي لفائدة الانشغال بالقضايا الوطنية الحساسة والمصيرية المتعلقة بالمصالح اليومية للمواطنين، هذا زيادة عن نبذ فكرة العداء للكيان الإسرائيلي، من خلال ما أسمته دراسة » مركز موشي دايان« بـ » التأصيل التاريخي والحضاري لفكرة التقارب الإسرائيلي الأمازيغي«.

وأشارت الدراسة في نفس السياق إلى الزيارة التي قام بها عدد من النشطاء في الحركة الأمازيغية إلى إسرائيلية ، من دون ذكر الأسماء أو الدول التي ينتمون إليها، باعتبارها تندرج ضمن المخطط الصهيوني المرسوم و الهادف إلى التمكين للموقف الداعم للتطبيع على حساب المواقف المعادية لأي تقارب مع الكيان العبري..

ويبدو أن الإسرائيليين ينظرون بعين الرضا إلى حد ما لمسار التطبيع مع المغرب على خلاف ما هو جاري مع الجزائر وليبيا، بحيث أشارت الدراسة الإسرائيلية إلى التطبيع الاقتصادي والسياسي مع المغرب وإلى التعاون القائم بين الكيان الصهيوني والمملكة المغربية في العديد من المجالات، سواء بشكل رسمي أو عبر أطر أخرى سرية، وهذا على خلاف الوضع القائم مع الجزائر، وهو ما يفسر سبب الدعم الكبير الذي يقدمه اللوبي الإسرائيلي في واشنطن للمغرب في نزاعها بخصوص الصحراء الغربية، والضغوط التي يمارسها على السياسيين في أمريكا من أجل تغليب كفة الطرح المغربي على حساب الطرح الجزائري فيما يخص القضية الصحراوية.

ويعتبر الاهتمام الإسرائيلي بالتمايز الثقافي واللغوي في منطقة المغرب العربي، خاصة الجزائر والمغرب، قديم ويعود إلى عقود خلت، ,وإن كان التركيز على الحركة الثقافية الأمازيغية خاصة في منطقة القبائل الجزائرية والريف المغربي قد تضاعفت في السنوات الأخيرة على خلفية التطورات التي شهدها الصراع العربي الإسرائيلي، وتنامي الحركة الإسلامية في المنطقة.

ويبدو أن تورط بعض نشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية في مخطط صهيوني بالمنطقة المغاربية ليس بجديد، ولقد سبق للأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أن اتهمت فرحات مهني، زعيم ما يسمى بـ » الحركة من أجل الحكم الذاتي بمنطقة القبائل«، بالعمالة لإسرائيل، وتحدثت مصادر أخرى عن لقاء تم في سرية تامة بواشنطن جمع فرحات مهني بخبراء عسكريين تابعين للموساد الإسرائيلي، ولم تتسرب معلومات عن فحوى اللقاء، وإن كانت كل الدلائل تشير إلى أن الصهاينة يولون اهتماما كبيرا لتوجهات الحركة الأمازيغية الراديكالية التي يقودها فرحات مهني كونها تتقاطع مع أهدافهم في الجزائر وفي المنطقة المغاربية.










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 14:52   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب : فرنسا والأطروحة البربرية
" الخلفيات، الأهداف، الوسائل والبدائل" للدكتور الامازيغي احمد بن نعمان


إن المسلمة الكبرى التي ينبغي استحضارها قبل قراءة هذا الكتاب الفريد من نوعه، هي أن فرنسا التي انهزمت في الجزائر بمنطق الحديد والنار وقد خرجت منها وفي نفسها الشيء الكثير من الحقد المكبوت والرغبة الملحة في الثأر والانتقام من شعب الشهداء بالعملاء الذين غرستهم المخططات وتعهدتهم التواطؤات والخيانات، فاستؤمنوا على مقدرات الأمة في أهم مقدساتها ومؤسساتها الحيوية والحساسة، تحت شعار" عفا الله عما سلف" ، وبحكم الامتيازات والحصانات المكتسبة في المرحلة الجديدة تحت شعار الخبرة الفنية والأقدمية الوظيفية وباتوا مطلقي الأيدي والأرجل، لإتمام المهمة بالنيابة عن أولياء النعمة، في الاستحواذ على مكاسب الاستقلال "بالاستحلال" !..
هذه الحقيقة البارزة للعين، المرعبة للنفس، يتناولها هذا الكتاب بكيفية غير معهودة من الجرأة والشمولية في الطرح والدقة في التخصيص والصراحة في العلاج واقتراح البدائل والوضوح في الرؤية المستقبلية التي أثبتت الأيام مصداقية توقعاتها في العديد من المجالات والأحداث... فمعظم فصول هذا الكتاب ذات طابع استشرافي مستقبلي، مبني على معطيات صحيحة ومقدمات سليمة.
والذي يجب التنبيه إليه هو أنه نظرا لأن موضوع هذا الكتاب سيظل يتصدر بعض أحداث الساعة والساحة الوطنية والدولية، لسنوات عديدة، لارتباطه بمصالح إستراتيجية لقوى نافذة في المنطقة، إلى أن تستكمل الجزائر والدول المجاورة لها مقومات استقلالها وهويتها وسيادتها من المستعمر السابق نفسه، باستئصال جميع مخلفاته من مراكز التأثير في الواقع... فقد قرر المؤلف إصدار طبعة جديدة له، بمقدمة وإضافات وتعاليق وملاحق جديدة اقتضتها تطورات الأحداث والظروف الجديدة !..
فرنسا والأطروحة البربرية... هذا الكتاب رحلة مدهشة إلى عمق الواقع التاريخي لفرنسا وسياستها الخبيثة في الجزائر عموما وفي منطقة القبائل منها بصفة خاصة رحلة مثيرة، قوامها الشواهد والوثائق التاريخية التي لا يرقى إليها الشك، ابتداء من سنة 1857، عندما احتل الفرنسيون هذه المنطقة، أي قبل أن تبدأ فرنسا سياستها المفضلة "فرق تسد" إلى أن بدأت بوادر ظهور النزعة البربرية في أوائل هذا القرن على أيدي المستشرقين المبشرين بالصليب (بدل الهلال) !.ثم تولى أمرها بعض من تأثروا بأفكارهم من الأهالي ذوي الثقافة الفرنسية، ثم برزت أول مرة كحركة ذات طابع سياسي، بعد الحرب العالمية الثانية، لتطالب بالبربرية التي يسميها المؤلف "البربرنسية" مع رفض الانتماء العربي الإسلامي للجزائر لصالح اللغة الفرنسية !!
فالمؤلف يؤكد تأكيد باحث خبير ومتتبع دقيق أن الأطروحة البربرية في الجزائر هي خطة فرنسية بعيدة المدى، شرع في وضعها بإتقان، على غرار"بروتوكولات حكماء صهيون"، ليسير نشاطها بالتوازي مع محاولة الجزائر لتحقيق التعريب واسترجاع السيادة الوطنية بعد الاستقلال؛ فهي تظهر في الواقع وتختفي بكيفية طردية مع محاولة الدولة الجزائرية لتحقيق التعريب في البلاد !
والمتتبع لهذه الحركة منذ نشأتها سنة 1949، واستئصال جذورها من جسم الحركة الوطنية في ذلك الوقت، ثم تجديد بعثها بقوة، بتأسيس الأكاديمية البربرية في باريس سنة 1967، بمباركة وتخطيط وتمويل فرنسي وتنفيذ محلي ( جزائري) تحت أقنعة متنوعة، لتحقيق أهداف إستراتيجية فرنسية مستترة وراء الشعار الثقافي لهذه الحركة، يدرك أن المخطط يرمي إلى القضاء على الأساس الأول للهوية الوطنية المتمثل في سيادة اللغة العربية، والقضاء على الوحدة الوطنية للمجتمع الجزائري العربي المسلم !. على اعتبار" ألا وحدة وطنية بدون وحدة لغوية "
من خلال فضح المؤلف لهذه الأهداف المستترة، يفصل الحديث عن علاقة الحركة البربرية بالشيوعية والصليبية وباللائكية والفرانكفونبة؛ كما يسجل في نسق موحد محكم ردود الفعل الوطنية إزاءها؛ وهو يرى أن مرحلة ما بعد أحداث أكتوبر 1988هي التي ساعدت على كشف النوايا الخفية الحقيقية، التي كانت قبل ذلك راسبة في أعماق المستنقع. !
إن الكتاب يقدم الموقف الوطني الذي يتعين اتخاذه من الاحتلال الفرنسي ودعاة النزعة البربرية، حاضرا ومستقبلا هذا الموقف الوطني الذي يقوم أساسا على تمسك الأمة بدينها ولغتها، ثم وضع اللهجات المختلفة في إطارها الطبيعي الذي لا يعارض سواء لغة وطنية واحدة، لغة علم وحضارة، صائغة للوجدان وللذهنية... كما هو شأن سائر أمم الدنيا، السوية السليمة؛ هذا؛ ويضم الكتاب إلى جانب ذلك كله ملاحق، تقدم شواهد ومواقف ووثائق، مما يعطيه صفة المرجعية العلمية في هذا الموضوع الخطير لكل من يبحث عن الحقيقة الوطنية والعلمية المجردة من الأهواء، والنزعات العنصرية والجهوية و "الاستحلالية" المقاولة لحساب "فرنسا الجزائرية" بعد فشل سياسية " الجزائر الفرنسية" التي داس عليها الشهداء بالأقدام القوية وغمروا آثارها بالدماء الزكية. !!

لمطالعة كتاب : فرنسا والأطروحة البربرية
" الخلفيات، الأهداف، الوسائل والبدائل" للدكتور الامازيغي احمد بن نعمان
الرجاء الدخول لهذا الرابط :
https://dar.bibalex.org/webpages/main...-Job:112877&q=










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 15:00   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي



صورة تذكارية للمجاهد و الدكتور الامازيغي الفاضل عثمان سعدي مع العلامة البشير الابرهيمي بمصر


حول دور اللوبي الفرنكفوني في الازمة الكروية المصرية الجزائرية

* د. عثمان سعدي البري



عثمان سعدي
الفرانكفونيون اعترضوا على ما قلته حول 'اللوبي الفرنكفوني في الأزمة الجزائرية المصرية الحالية'، (أستعمل مصطلح 'فرنكفون)، وشككوا في وجود لوبي فرنكفوني، واستشهدوا على ذلك بأنه 'يوجد العديد من الصحافيين الفرنكفونيين الجزائريين الذين دعوا إلى التهدئة وذكّروا بالعلاقات التاريخية بين الجزائر ومصر'.

وهذه حقيقة تثبت أن ذلك حدث انفراديا، ونحن فخورون بوجود العديد من الصحافيين المفرنسين الوطنيين، لكن هذا لا يخفي وجود لوبي فرنكفوني سياسي واجتماعي.

إن من الحقيقة أيضا أنه قد وجد تيار آخر في بعض الصحف الفرنكفونية عمل على صب الزيت على النار، واستغلال الأزمة بهدف الفُرقة (المضادة للعروبة، وإنكار انتماء الجزائر العربي، وهجوم على اللغة العربية، إلخ...).

من مالك حداد إلى محمد ديب

بالنسبة لي فإنني أرى أنه ينبغي أن نفرق بين المفرنس الجزائري الوطني، مثل مالك حداد، الذي أطلق صيحته المشهورة: 'أنا المنفي في اللغة الفرنسية'، وبين المفرنس المستلب مثل كاتب ياسين الكبلوتي العربي الذي يقول: 'الفرنسية غنيمة حرب'. أو محمد ديب العربي الذي أوصى الجزائريين ـ في أيامه الأخيرة ـ أن يهجروا ويتخلصوا من 'اللغة العربية الميتة' ويتتشبثوا بالمخالب 'باللغة الفرنسية الحية'.

اللوبي الفرنكفوني بالجزائر يعمل من أجل تأبيد (بالباء) هيمنة اللغة الفرنسية الحالية على الدولة الجزائرية. نحن المدافعين عن اللغة العربية لسنا ضد حضور اللغة الفرنسية. لكن الذي نرفضه ونقف ضده هيمنتها على حساب اللغة الوطنية. إنني أقرأ بالإضافة للغة العربية، بثلاث لغات: الفرنسية، والإنكليزية، والفارسية، مثريا بذلك ثقافتي الوطنية، لكن أعبر بلغتي الوطنية، فأنا مثقف جزائري سويٌّ.

لكن عندما يقضّي جزائري متعلم في الجزائر سبعا وأربعين سنة من الاستقلال ولا يتعلم العربية، لا بد أن نعترف بأن في ذلك مشكلة. معنى هذا أنه لم يبرهن على ارتباطه المتحمس بوطنيته، لأنه لا توجد وطنية بلا هُوية وطنية ومفتاح الهوية اللغة، إنها من المسلمات البديهية.

يتحدث الفرانكفونيون عن 'تعريب علمي'. التعريب هو التعريب. إن هذا الوصف،الذي لا يحمل أي معنىً لغوي، يخفي وراءه رأيا غريبا، بل ويحمل احتقارا للغة العربية بوصفها غير علمية. إن الفرنسي جون جوريس (الاشتراكي)، والفرنسي لوبين (اليميني المتطرف) يتكلمان جيدا لغة واحدة هي اللغة الفرنسية، لكن الذي يفرُق بينهما هو مضمون وأفكار كلام كل واحد منهما.

كيف توصف اللغة العربية بغير العلمية وهي لغة تصنف ضمن لغة أعظم حضارة إنسانية؟. إن الفيتنام وكوريا وُجدا في وضع لغوي استعماري شبيه بالوضع اللغوي في الجزائر إن لم يكن أخطر. لكن قررا في اليوم الأول للاستقلال فتنمة لهذه وكورنة لتلك فوريتين وشاملتين، إنهما الآن من نمور آسيا اقتصاديا وتنمويا.

تيملالي يدافعون عن تعليم الطب بالفرنسية ويقولون: 'إنه من السخف المطالبة بتعريب الطب'. إن مهنة الطبيب هي مهنة اجتماعية في العمق تعتبر من المهن التي تنطلق من العلوم الإنسانية لأنها مؤسسة على العلاقة بين الطبيب وبين المريض الذي هو قبل كل شيء إنسان. وتؤدي اللغة الوطنية دورا كبيرا كأداة حوار بين الطبيب والمريض.

وقد نجم عن تعليم الطب بالفرنسية طب بسرعتين: بين أولئك المميّزين الذين يستطيعون الحوار مع الطبيب بالفرنسية، وأولئك المنتمين للطبقات الشعبية البسيطة المحكوم عليهم أن يتلقوا توضيحات دُنيا مبهمة. هل يمكن لنا أن نتصور أن الطب يدرّس في ألبانيا ذات الأربعة ملايين نسمة بالألبانية، في الوقت الذي يدرّس فيه بالفرنسية في الجزائر التي تقترب من أربعين مليونا.

إن جيل الأطباء الذين لا يعرفون اللغة العربية هو محال على التقاعد بل على الانطفاء. سائر الأطباء الآخرون يعرفون العربية وقادرون على التعليم بها. أما المصطلحات الطبية والكتب الأكاديمية بالعربية فهي متوفرة.

خط أحمر وطريقة نطق الراء غينا

إن المشكل الحقيقي هو أن الفرنكفونية سطرت خطا أحمر لاستعمال اللغة العربية في 'الجزائر الفرنكفونية' بترسيم أن الفرنسية ينبغي أن تحتكر سيطرتها على ثلاثة ميادين: إدارة الدولة ـ العلم والتكنولوجيا ـ والاقتصاد، هو خط أحمر لا ينبغي أن تتجاوزه اللغة العربية.

إن هذه هي المهمة التي أسندت إلى دفعات (بروموسيون) لاكوست التي خلّفها وراءه الجنرال ديغول التي تزايدت وتوالدت في عقود الاستقلال. إن الدولة الفرنكفونية أوصلت البلاد إلى الإفلاس: فمطار الجزائر الدولي تسيره شركة فرنسية، الماء الذي يشربه سكان العاصمة تسيره شركة فرنسية، وقائمة طويلة في الطريق..

لا يمكن لأي ثورة أن تعتبر نفسها ناجحة إلا إذا حققت هدفين: تحرير الأرض وتحرير الذات، الثورة الفيتنامية والثورة الجزائرية تعتبران أعظم ثورتين إنسانيتين عرفهما القرن العشرون: الأولى حققت الهدفين انطلاقا من المقولة الشهيرة لقائدها العظيم هو شي مينه: 'حافظوا على صفاء اللغة الفيتنامية كما تحافظون على صفاء عيونكم' ومقولة خليفته فام فان دونغ: 'لقد عبرت اللغة الفيتنامية عن الثورة الفيتنامية ورافقتها وكبرت معها'.

لكن الثورة الجزائرية أُجهضت فحررت الأرض وتركت الذات مستعمرة ولا زالت حتى الآن تحت النفوذ الاستعماري عن طريق هيمنة اللغة الفرنسية على الجزائر المستقلة.

إنه خطأ كبير أن يقال 'أن الثوار الجزائريين كانوا في معظمهم فرنكفونيين'، ومعنى هذا في رأيه أن استقلال الجزائر حققه المفرنسون. إنه بالتأكيد أن الذي فجر الثورة هم شباب حزب الشعب الجزائري، لكن جيش التحرير كان مؤلفا من فلاحين بسطاء مؤطرين من طلبة متكونين في معظمهم باللغة العربية في مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

في رسالة وجهها الأمير خالد لصديقه التقدمي فيكتور سبيلمان سنة 1924 عبر فيها عن خيبة أمله في نخبة المدن 'التي تمثل الجيــــل الحالي المثقـــــف الذي ولد وتــــرعرع تحت عبودية وتربية مدرسة أسياده'، ويرى أن الأمل في تحرير الجزائر سيكون الفلاح الذي بقي محصنا في الهــوية الوطنية في الريف التي لم يشوهها تثاقف لغة وثقافة المستعمر.

عشرون شهرا بعد اندلاع الثورة ترك الطلبة في المدارس الفرنسية وفي جامعة المستعمر مقاعدهم. ومن بينهم الكثير مَن التحق بالجهاز الخارجي للثورة بالقاهرة. قادتُهم ساهموا في إجهاض الثورة بتحويلها إلى 'ثورة فرنكفونية' فوقّعوا اتفاقيات إيفيان بنص واحد هو النص الفرنسي الذي مثّل الوفدين، بينما وُقعت اتفاقيات جنيف سنة 1954 التي أنهت الاستعمار الفرنسي بالفيتنام بنصين الفيتنامي والفرنسي.

ودخل هؤلاء الجزائر المستقلة ومنحوا لهذا الاستقلال 'تفسيرا فرنكفونيا' فلخصوه في علَم وفي تأسيس دولة فرنكفونية بلا سيادة. في 2006 جمعتُ إحصائيات بينتْ أن الفيتنام 'بالفتنمة' صدّر مواد زراعية وصناعية ،خارج المحروقات، بما قيمته ستة وعشرون مليار دولار، بينما صدرت الجزائر 'بالفرنسة' بما قيمته ستمئة مليون دولار ثلثها خردة حديد ونحاس. ومقياس أهمية أي بلد (ماذا ينتج؟) وليس كيف ينطق الراء غينا..

بربر وعرب في الأصول والجذور

يزعم الفرنكفونيون أن الزعم بعروبة الجزائر يدخل في إطار 'الهذيان القومي العربي التعصبي الشوفيني (الجزائر عربية منذ التاريخ القديم لا في إطار كلمة (عربية) المستعملة حاليا، وإنما في إطار انتمائها ،منذ الأزمنة البعيدة في قِدمها، لِحوضٍ حضاري وليس حوضا عرقيا وذلك من عُمان وحتى موريتانيا.

إن هذه المنطقة من العالم سكنتها مجموعة بشرية تتكلم لغة واحدة بلهجات منحدرة من لغة أمٍّ مهدها جزيرة العرب منذ آلاف السنين. البربرية هي لغة من هذه اللغات. لقد هاجر البربر من جزيرة العرب التي تعتبر الخزان البشري الكبير، والتي كانت قبل عشرين ألف سنة تتمتع بحياة طبيعية شبيهة بأوروبا الآن، يخترقها نهران.

ثم دخلت الكرة الأرضية في المرحلة الدفيئة الثالثة (Warm3 )، فذاب الجليد في أوروبا وحوض البحر المتوسط . وسطا الجفاف على جزيرة العرب فهاجر الإنسان منها نحو حوض الرافدين دجلة والفرات وحوض النيل وشمال إفريقيا بل وأوروبا.

وهذا ما يؤكده علماء مثل المؤرخ الأمريكي ويل ديورانت Will Durant الذي يقول في كتابه الموسوعي ( قصة الحضارة ) أن مهد الحضارة هي جزيرة العرب والحضارة تعني أيضا اللغة يقول: 'إن الحضارة ـ وهي هنا زراعة الحبوب واستخدام الحيوانات المستأنسة ـ

قد ظهرت في العهود القديمة غير المدونة في بلاد العرب، ثم انتشرت منها في صورة [مثلث ثقافي] إلى ما بين النهرين ( سومر وبابل وآشور) وإلى مصر' (ويل ديورانت : قصة الحضارة، الترجمة العربية، ج2 ص 43 القاهرة 1961 ).

المؤرخ الأمريكي وليام لانغر يرى أن سكان أوروبا الجنوبية أصلهم من الجزيرة العربية فيقول: 'وانتشر فرع من عناصر البحر المتوسط والصحراء، الطويلة الرؤوس وأقاربهم من العرب والبربر وغيرهم في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأدنى' (وليام لانغر: موسوعة تاريخ العالم، الترجمة العربية، ج1 ص 25 و 32، القاهرة 1962 ).

ويقر بهجرة البربر المؤرخ الفرنسي جابرييل كامبس Gabriel Camps في كتابه: (البربر: ذاكرة وهوية صفحة 11 باريس 1995 ) يقول: 'إن علماء الأجناس يؤكدون أن الجماعات البيضاء بشمال إفريقيا سواء أكانت ناطقة بالبربرية أو بالعربية، تنحدر في معظمها من جماعات بحر متوسطية جاءت من الشرق في الألف الثامنة قبل الميلاد بل قبلها، وراحت تنتشر بهدوء بالمغرب العربي والصحراء'.

ويؤكد بوسكيG.H.Bousquet في كتابه (البربر، باريس 1957 ) فيقول: 'وعلى كل حال يوجد ما يجعلنا نقتنع بأن عناصر مهمة من الحضارة البربرية وبخاصة اللغة أتت من آسيا الصغرى عن طريق منخفض مصر، في شكل قبائل تنقلت في هجرات متتابعة على مدى قرون عدة، في زمن قديم لم يبت في تحديده'.

والذي يؤكد الوحدة البشرية الوحدة اللغوية التي لم يأت يها الإسلام بل كانت سائدة قبل ذلك، فاللغة الكنعانية الفينيقية كانت منتشرة كلغة فصحى مكتوبة محاطة باللهجات البربرية القحطانية الشفوية ولمدة سبعة عشر قرنا قبل الفتح الإسلامي، ثم جاء القرآن الكريم باللغة العدنانية فحدث الربط بينها وبين الكنعانية بصورة طبيعية.

يقول هنري باسي H.Baet 'إن البونيقية لم تختف من المغرب إلا بعد دخول العرب، ومعنى هذا أن هذه اللغة بقيت قائمة هذه المدة بالمغرب، سبعة عشر قرنا، وهو أمر عظيم' (المجلة الإفريقية مجلد 62 صفحة 340 : التأثيرات البونيقية عند البربر).

لقد قمت ببحث استغرق سنوات أصدرت إثرها (معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية ـ دار الأمة ـ الجزائر 2007 ) فرّغت قواميس خمس لهجات : الشاوية والقبائلية ولهجات المغرب الأقصى الثلاث، وأثبت أن كلمات الأمازيغية تشترك مع العربية العاربة والمستعربة بنسبة تسعين في المئة.

المؤرخ الفرنسي بيير روسي Pierre Roi في كتابه (وطن إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب، النسخة الفرنسية طبع الجزائر 1991)، يقول : 'إن اللغة اليونانية لم تكن سوى لغة نقل، فالإمداد الثقافي والعلمي والديني قدمه العرب، اليونان لم يكونوا سوى ورثة' ( صفحة 45 ) .

ويستمر روسي فيقول: 'وعلى كل حال فإن اللغة العربية هي لغة الإنسانية الأولى المنظمة بالبحر المتوسط، سبقت لغة هوميروس التي منحت لها قوانينها . منذ نداء النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) الذي أيقظها نحو حياة حديثة من أعماق العصور فجاءت بأصداء عظيمة فرضت نفسها على مئات الملايين من البشر.

وبواسطة اللغة العربية نتمكن نحن الأوروبيين من الشروع في قراءة جديدة لكتاباتنا وتاريخنا. وسنجد أنفسنا نرى مقوماتنا بكل وضوح. إن معرفتنا للغة العربية تساعدنا لا على تجاوز الأفق الضيق لأثينا وروما فقط، وإنما على إيجاد مجالات الشرق الواسعة الكامنة دائما حية فينا، وعلى المشاركة بعمق في مستقبل المجتمع البشري الذي ينطلق من مجالنا السديمي' (صفحة 193 ـ 194).

إن المناورات الكبرى التي تنفذها الدولة الفرنكفونية تستهدف غسل مخ الجيل الجديد من كل أثر متأتٍّ من ثورتنا . مئات قصائد الملحون (الزجل) التي خلدت ثورتنا لم تجمع ويأكلها النسيان. وتعمل على طمس مساعدة العرب لثورتنا التي تُراجع فتقلل أهميتها بل وتُنفى وتُقدم على أنها مجرد 'تدخلات لأجهزة الاستخبارات المصرية'.

إن العرب هم الذين دعموا ثورتنا . الشعراء العرب هم الذين غنّوها، فقد قمت بتجربة عندما عملت سفيرا في قطرين عربيين هما العراق وسورية (1971 ـ 1977 ) فجمعت من أربعين مدينة وقرية فيهما 454 قصيدة نظمها 171 شاعرة وشاعرا في ثورة أول نوفمبر طبعت في أربعة مجلدات.


* رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية
- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -
جريدة القدس العربي
25/2/2010










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مدني, المؤمنين, الامازيغ, الاخوة, العرب, ايهوم, حفاظا, قصيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc