خَيْرُ من تَنْتَقِذُ نفسُكَ ، فأنت أبْصَرُ بمثالبِها و أعْرَفُ بمقاصِدِها و زلاتها ؛ فتحدث إليها في خلوة هامسة حديث حساب وتربية. إنه لعمري صراع مُجْهِد مع النّفس (الأمّارة بالسّوء) ، التي تأمرنا بالفجور وبالجنوح إلى مواطن السيئة، كما أخبرعنها القرآن الكريم في قوله تعالى: " وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (يوسف 53 ) .
ما أحوجنا إلى تحويل هذه النفس الشريرة إلى (نفس لوّامة )؛ متيقّظة خائفة ومتوجّسة يغشاها الندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم نفسها . إنها نفس كريمة على الله، لذلك أقسم بها. لا شك أن إصلاح النفوس وتربيتها على المنهج الرباني، سيسمو بها إلى مقام الطمأنينة ، كلما استحضرت قدرة الله، وسكنها الإيمان الصادق ، فلا يستفزها خوف ولا حزن، لأنها خضعت لله وأنِسَت بقربه وذكره ورحمته.
قال الله جل وعلا : " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي " (الفجر27 30).
أحبتي الكرام اجتهدوا كثيرا للوصول بأنفسكم إلى مقام (النفس المطمئنة)؛ وذلك باللجوء إلى الله وحسن عبادته ، والسير على هدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومحاسبة النفس وصقلها بالقرآن والذكر والاستغفار، والمداومة على ذلك في السر والعلن.
واعلموا أن النفس كالطفل الرضيع ، يجب علينا أن نكبح جماحها ولا نتركها كالفرس البري التائه.
والنفس كالطفل إن تتركه شب على**** حب الرضاع وإن تفطمه بنفطم .
اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها.