اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماح الجيجلية
السلام عليكم ورحمة اله تعالى وبركاته
جئتكم اليوم وانا ارجو ان تعينوني في حل مشكلتي التي تؤرقنا وتدخل الوسواس الى قلبي
فمشكلتي يا اخواني واخواتي هي اني لا استطيع الخشوع بالكامل في صلاتي
فما ان اكبر حتى تبدأامور الدنيا بالتوالي علي لدلك تراني اكافح من اجل طردها من عقلي لكني لاافلح
وكما تعلمون فالصلاة بلا خشوع لاتقبل وانا خائفة من ان تكون صلواتي غير مقبولة وهنا الكارثة
ارجو منكم اعانتي واجركم عند الله
|
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته..أما بعد..أخيتي في الله اعلمي أن المطلوب من المسلم إذا قام يصلي أن يحصل الأسباب التي تعينه على الخشوع فمنها أن يفرغ قلبه عن المشغلات التي تحيل بينه وبين الخشوع في الصلاة وذلك مطلوب منه في جميع الأوقات فلايحضر مجالس اللغو فإن مايذكر فيها من أقوال محرمة وكلمات باطلة أو صور محرمة تعلق في نفسه فربما عرضت له في صلاته فليدخل صلاته وهو صافي القلب فلا يتعلق بقلبه إلا بالله .
ثم قبل أن يدخل في الصلاة يتصور عظمة من سيناجي فيستعد لتلك المناجاة العظيمة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم إذا قام يصلي فإنه يناجي الله فلينظر بما ذا يناجيه خالي المعدة إلا من حاجته من الطعام فقد قيل لاتأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فتناموا كثيرا فتخسروا كثيرا والبطنة تذهب الفطنة وربما عثرت الطريق بالخمول لتحصيل أسباب الخشوع وليتعلم صفة الصلاة الصحيحة الموروثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل صلوا كما رأيتموني أصلي. فإن العمل على الإتيان بها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعته يعين على الخشوع ويقرأ في ذلك كتاب العلامة الشيخ الألباني رحمه الله: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراه والذي جمعه من حوالي مائة كتاب من كتب السنة ويجاهد نفسه على الإتيان بها قال تعالى "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" ويخلي المكان الذي يصلي فيه قبل عن المشغلات الحسية كالزخارف التي في الثياب أو السجاد أو الجدران وليصلي في محل ساذج لاألوان فيه وفي ثياب ساذجة وعلى بساط ساذج لما روى البخاري في صحيحه أن عمر ابن الخطاب قال للذي بنى المسجد لاتحمر ولاتصفر لا تفتن المصلين ولما ثبت في الصحيح أيضا عند البخاري عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَقَالَ شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ . فإذا شغلت سيد الخاشعين فكيف من دونه من الآدميين من المسلمين .
ومن فقه المصلي أن لايدخل الصلاة إلا وهو متفرغ عن المشاغل المحيلة بينه وبين الخشوع كالصلاة وهو حاقن والصلاة وهو يدافع الأخبثين وترك الإبراد بصلاة الظهر إذا اشتد الحر وهذا مأمور به وماقبله منهي عنه ,ثم يتعلم معاني الكلمات التي يتعبد بقولها في الصلاة كقوله الله أكبر أي أن الله أعظم وأجل من كل شيء دونه فلايتعلقن أحد بمشغلة دون رضاه, بإحسان الصلاة والخشوع فيها ويتأمل ذلك كلما كبر راكعا وساجدا ويجاهد نفسه في الخشوع حتى يحصله في نصف صلاته إن قدر ولو حصله في كلها لكان مستغربا في مثل هذا العصر والذي كثرت فيه المشغلات وقد روى الإمام أحمد في مسنده إن الرجل لينصرف من صلاته وليس له إلا نصفها إلى أن قال عشرها .
وتحصيلها كلها أندر من الكبريت الأحمر كما يقال وقد روي عن ابن عباس أنه قال ليس للرجل من صلاته إلا ماعقل فيها, فليدرس معاني تلك الكلمات التي يتكلم بها في الصلاة من أذكار سجود وركوع واعتدال وقيام وقراءة قرآن ولاسيما الفاتحة والتي قال الله فيها قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ماسئل , فقد روى مسلم في صحيحه وأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
وليجاهد نفسه أن يصلي صلاة مودع كأنها آخر صلاة له في هذه الحياة الدنيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلي صلاة مودع كأنك ترى الله فإن لم تكن تراه فإنه يراك
وهذه مقام الإحسان كما في صحيح مسلم من حديث جبريل الذي جاء بتلك الهيئة البشرية لايرى عليه أثر سفر والذي رواه عمر و لايقدر عليه إلا من جاهد نفسه وزكاها وليدعوا الله أن يبلغه الخشوع في الصلاة والذي أساسه قائم على تعظيم الرب والذي من أثاره الأتيان بالصلاة أدبا مع الله على الوجه الذي أداها رسول الله فكان إذا صلى طأطأ رأسه ورمى ببصره إلى موضع سجوده وكان يقول كما في صحيح مسلم أسكنوا في الصلاة ولا يتزيد في صلاته محدثات من الأقول والأفعال ماأنزل الله بها من سلطان كرفع اليدين بعد الركوع على صفة الدعاء عند قول ربنا ولك الحمد والتزام الدعاء للوالدين بين السجدتين رب اغفرلي ولوالدي فإن البدعة لاتزيد العبد من ربه إلا بعد ا وليبتعد عن جميع المعاصي فإنها تزيل النعم ومنها حضور القلب في الصلاة وسكون الجوارح تبعا له
كما قال الشاعر
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وأحسن من ذلك قول ربنا "واتقوا الله ويعلمكم الله" وأي نعمة أعظم من العلم بعد الجهل والذي من أسباب تحصيله وحفظه والعمل به والتوفيق لذلك تقوى الله وطاعة رسوله كما قال تعالى "وإن تطيعوه تهتدوا
والقائل سبحانه "إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا" ومن تقواه إحسانه في صلاته وخشوعه فيها وليذكر كلما جاءه حديث في قلبه أذكر كذا أذكر كذا, أنه الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ليصرفهم عن الخشوع فيها فيجاهد نفسه على الإعراض عنه والإقبال على صلاته يصليها صلاة مودع وكما تعود على طاعته في أمره بذكر كذا وكذا من أمور الدنيا ممايشغل المصلي ليتعود بعد مجاهدته بالإعراض عن وسوسته فإن الفطام من المألوف شاق وليذكر الثمرة العظيمة قوله تعالى "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" وهي التي قام المكلف فيها بحقه.ا
فقد روى البخاري في صحيحه عن أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُذِّنَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ فَإِذَا سَكَتَ أَقْبَلَ فَلَا يَزَالُ بِالْمَرْءِ يَقُولُ لَهُ اذْكُرْ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وقد قال بن القيم أو غيره للعبد موقفان موقف في الدنيا وموقف يوم القيامة فإذا أعطى الموقف الأول حقه سهل عليه الموقف الثاني وإذا لم يعطه حقه شدد عليه في الموقف الثاني والموقف الأول الصلاة والثاني محاسبة الله لعبده ليس بينهما ترجمان كما جاء في الحديث مامنكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينهما ترجمان .والله أعلم
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
من كلام الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله.