الوطنيون وقلم رصاص
بدءا أبرئ القلم الذي استخرجه الجراح في العملية الجراحية الموصوفة في لافتة أحمد مطر "قلم رصاص".
قلم الرصاص (المحلي) الذي أعنيه مميز بقدرته على تبين الوطنيين من غير الوطنيين من الجزائريين طبعا، حتى ليحكم بالقول: أنتم لستم وطنيين، مشكوك في وطنيتكم، وطنيتكم مازالت لم ترق إلى النضج ...
قلمنا الرصاصي خاط عباءة بمقاسه ثم أراد كل الوطنيين أن يباهوا أنفسهم بلبسها؟
علما أني:
علمت الوطنيين طوال القامة، شامخي الهامة، "شلولخي" الهامات حسب مفردة "عادل إمام"
علمت الوطنيين صدورهم عريضة تحمل أكبر كمية من الهواء تكفي لإنعاش كل الجزائر من نفخة واحدة ..
علمت الوطنيين ذوي مقابض عريضة بأيد خشنة جراء كدهم حتى لينكسر قلم الرصاص بين أناملهم لمجرد لمسه ...
علمت الوطنيين طوال الأنوف لحدود يصفعون ضعاف البصيرة إن لم ينتبهوا فيصطدموا بها ...
علمت الوطنيين أشداء على الأذلة الرذلة رحماء بينهم تراهم متكلمين محركين كل جماد، فكيف بربكم وهو يفعلون بدلا من أن يتكلموا.
علمت الوطنيين لا يقولون إلا حقا، ولا يعرفون مداهنة ...
علمت الوطنيين كبلوا حين تحررت الثعالب لترتع في مروج الجزائر لاعبة لاهية بذيول بعضها، محاولة أن تصنع لنفسها أثرا بتبولها على كل شجرة شامخة تشهد آثار مجالس أولئك الوطنيين.
علمت الوطنيين لا يُقبلون عند إحقاقهم للحق ... ولا يراد لهم تحرر من أصفادهم ...
علمت الوطنيين لا يموتون .. يخافهم الخونة والمتوشحون بوشاح الخوف وهم في سباتهم ... سبات لا يعني أبدا الموت
علمت الوطنيين سكوتهم لا يعني سهوهم .. بل يعني تفكيرهم ...
علمت الوطنيين عيونهم تبعث الشرر فتضعضع ما حولهم من الجبناء .. إن أشاحوا بوجوهم عن واقع نالته يد القدر بالزلازل والأزمات ...
علمت الوطنيين لا يقرأون كلمات مهلهلة واهية بعمر قصير ... فكلماتهم تنبعث من عمق صمتهم تزمجر كاسحة كل بقايا تلك الكلمات التي تكسرت على العتبات لتبقى منها بعض من المسننات والتعرقات الهشة ليسمع لها وقع القرمشة وهي تتفتت تحت وطآت أقداهم العريضة ...
علمت الوطنيين لا يتقنون إلا تعريفا واحد للجزائر "أحبك يا جزائر، أحبك لأنك الجزائر وفيك الولادات الحرائر" ...
علمت الوطنيين يحضنون الجزائر لا هي تحضنهم ...
علمت الوطنيين وطنيين لأنه لا يتجلى الوطن بمعناه العميق إلا فيهم ...
علمت الوطنيين لا يُكتب تاريخهم قلم رصاص .. بل ينقش تاريخهم بالمطرقة والإزميل ...