ذكرى معركة الكرامة
- تطل علينا ذكرى معركة الكرامة التي خاضها المقاتل الفلسطيني في مخيم الكرامة ، ليعيد للأمة العربية كرامتها التي هدرت في حرب حزيران عام 67م ولتتهاوى أمام صموده وبسالته أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر .
إننا ونحن نستذكر هذه المعركة المجيدة فان دروساً وعبر لا زال بإمكاننا أن نستوحيها من هذه الملحمة البطولية الرائعة فموازين القوى قابلة للتغيير وان قوة العدو مهما بلغت لن تمنحه الأمن والاستقرار، فشعبنا مصمم على قلب تلك الموازين، كما أن وحدة المقاتلين الفلسطينيين وتصويب نيران بنادقهم محملة بإيمانهم الذي لا يقهر بحقهم في الحرية والاستقلال صوب صدور العدو المتباهي بانتصاراته والذي جاء إلى ذلك المخيم الصغير على ضفاف نهر الأردن معتقداً انه سيجتث في نزهة سريعة بعض الفدائيين الفلسطينيين وسيقضي على المقاومة الفلسطينية الآخذة في التنامي وليضيف إلى سجله انتصاراً جديداً ، ولكن الفدائي الفلسطيني استطاع في هذه المعركة أن يسجل ملحمة تاريخية للأجيال يثبت فيها أن المقاومة والصمود والإيمان العميق بالحق لا يمكن له أن يتزحزح أمام العدوان مهما بلغت قوته واشتدت وطأته ، واستطاع هذا الفدائي الفلسطيني أن يعيد الأمل للأمة العربية بأكملها وان يخرجها سريعا من الشعور بالهزيمة التي سادت بعد حرب 67م ، وليعزز إيمانها بقدرة المقاومة وإصرارها على نيل كامل حقوقها الوطنية وان إرادة الشعوب لا يمكن أن تكسر أو تهزم.
يا جماهير شعبنا المناضل :
تأتي معركة الكرامة والعدوان الإسرائيلي لا زال متواصلاً على شعبنا مدعوماً من الإدارة الأمريكية التي لا زالت تتعاطى مع قضيتنا الوطنية كورقة في سباق انتخاباتها الرئاسية، وتقدم في سبيل ذلك الغطاء السياسي والدولي لحكومة نتنياهو- ليبرمان المتطرفة لمواصلة التهرب من استحقاقات السلام بل وتوفر له الحماية لمواصلة استيطانه وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد مدينة القدس،ومواصلة عدوانه الغاشم على شعبنا الفلسطيني على كافة الصعد، وتقف سداً أمام نضالنا الفلسطيني في كافة المحافل الدولية لانتزاع الاعتراف بدولتنا الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967م، لتؤكد بذلك انحيازاً فاضحاً لإسرائيل، بعد أن تأكد للعالم أن حكومة اليمين المتطرف في اسرئيل لا يمكن أن تكون شريكاً في عملية السلام بإصرارها على عدم وقف الاستيطان وبمواصلتها إفشال أي جهد دولي لاستئناف المفاوضات، مما يتطلب موقفاً أوروبيا ودولياً واضحاً يقر بحقوق شعبنا ويلزم إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية.
إن ذكرى معركة الكرامة تجعلنا ندرك أن الطريق أمام شعبنا طويل، وان التوحد الفلسطيني كما في معركة الكرامة هو السبيل إلى كسب كل المعارك التي يخوضها شعبنا ، الأمر الذي يتطلب منا أن نعزز من أواصر وحدتنا الوطنية عبر البدء الفوري بتطبيق اتفاق المصالحة وإعادة تصويب مسارنا إلى وجهته الأساسية في مواجهة الاحتلال من اجل حشد كل الطاقات الوطنية لمعارك الكرامة التي يخوضها شعبنا يومياً في غزة ورام الله وجنين ونابلس وطولكرم والقدس الشريف التي تتعرض لأشرس حملة تهويد تستهدف طمس هويتها العربية والإسلامية ، وعزلها عن محيطها الفلسطيني .
يا جماهير شعبنا العظيم:
تتزامن ذكرى الكرامة مع يوم الأم الذي يحتفل به شعبنا كبقية شعوب العالم ، لكن شعبنا قد جعل لهذا اليوم نكهة خاصة بذكرى الكرامة التي تتوارثها الأجيال وتزيد من اعتزازنا وإكبارنا، وتشكل صفحة ناصعة في تاريخٍ مشرف سطره أبناء فلسطين وصفحات مجد زين بها تاريخ الأمة ، ليهدي الأم الفلسطينية هدية لا تبليها الأيام، ووساماً تتوسمه الأم الفلسطينية وأمنا فلسطين تفتخر من خلاله بإنجابها لهذا المقاتل الذي قاتل وظهره للحائط مدافعاً عن كرامة شعبه وكرامة الأمة بأسرها، ويدفع إسرائيل لتعيد حساباتها ألف مرة بعد أن تأكد لها أن هذا الشعب لا يموت وانه قادر على انتزاع النصر مهما قلت عدته وعتاده، ولديه من الصمود ما يمكنه من مواجهة اعتى آلة حرب في المنطقة، ولا زال شعبنا يسجل بكل بسالة واقتدار يومياً نموذجاً للفدائي الصامد المتسلح بعدالة قضيته والمؤمن بحتمية النصر مهما بلغت التحديات ، ولعل أسطورة الصمود لأسيراتنا وأسرانا في السجون الذين يخوضون اليوم معركة الأمعاء الخاوية في مواجهة إدارة السجون الإسرائيلية وساماً آخر تتوسمه فلسطين الأم والأرض ليجعل من شعبها نموذجا ومدرسة لكل شعوب العالم ولكل المناضلين المدافعين عن حقوقهم والمناهضين للاستعباد والهيمنة والاستعمار.
إننا وبهذه المناسبة فإننا نستذكر شهداء الكرامة الفلسطينية الذين سقطوا على مدار تاريخ نضالنا الوطني لنجدد لهم العهد بان نبقى ماضين على الدرب الذي مضوا فيه حتى تحقيق أهدافهم التي سقطوا من اجلها، مؤكدين لهم أن شعبنا الفلسطيني سيبقى وفياً لدمائهم وانه سيبقى عصيا على الكسر والهزيمة .