علموا ولا تعنفوا.. - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

علموا ولا تعنفوا..

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-12-28, 18:11   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
kadamtm
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kadamtm
 

 

 
إحصائية العضو










B11 علموا ولا تعنفوا..

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُّ لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمَّدٍ الصادقُ الوعد الأمين ، اللهمَّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنَّك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علّما، وأرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتِّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيُّها الإخوة الكرام : مع الدرس الرابع من دروس تربية الأولاد في الإسلام ، وقد كنَّا في الدرس الماضي في موضوع التربية الخُلقيَّة ، وقد ذكرت لكم أنَّ من المفاسد الخطيرة التي تصيب أولاد المسلمين .. ظاهرة الكذب وقد تحدَّثنا عنها ، والآن نتحدَّث عن ظاهرة السرقة ، لكن أودُّ أن أذكر عنها شيئاً دقيقاً هو أنَّ الأب القاسي على أولاده يدفعُهم إلى الكذب ، فحينما يكون العقابُ أليماً يلجأُ الطفلُ إلى الكذب لينجوَ من العقاب بحكمِ الدفاعِ عن نفسه ، أمّا إذا كان الأب متفهماً لابنه فإنه يُشعِرَهُ أنَّ الصدقَ منجاة ، وأنَّه إذا أخطأ ينبغي أن يذكر خطأه ، وأنَّ الأبَ لا يملك إلا أن ينصحهُ ويبيِّن له .
إن القسوة البالغة من الآباء كثيراً ما تحمل الأبناء على الكذب ، لينجوَ الطفلُ من عقاب الأب، هو لا ينوي أن يكذب ولكن يريد أن ينجوَ من العقاب الأليم ، ولذلك فإن أحد أسباب الكذب قسوة الآباء في معاملة أولادهم المذنبين ، وأُذكِّركم دائماً بالحديث الشريف :
" علِّموا ولا تعنِّفوا " .
ورُبَّما كان التعنيف أسهل ولكنَّ التعليم يحتاج إلى نفسٍ طويل .. ويحتاج إلى بيان، وإلى حنان ، و إلى صبر وتروِّ ، و إلى تأنٍِّ ، والثمارُ اليانعة التي يقطفها المعلِّم لا تُقدَّر بثمن ، أمَّا الثمار التي يقطفها المعنِّف رُبَّما أَدَّت إلى الكذب ، وإلى تركِ المنزل ، وإلى الخوفِ من الأب ، وإلى أن يصبح وجود الأب في البيت مكروهاً ، وإذا خرج الأب من بيته تنفَّس أولاده الصُعداء فإذا عاد صار جوِّ البيت عبوساً قمطريراً ، فأنت لا تنجح كأبٍ إلا إذا كان دخولك إلى البيت عيداً لهم ، وعُرساً ، وإلا إذا كان غيابك مأساة ، وهذا هو الأب الناجح .
والإنسان حينما يرعى أولاده وأهلهُ ، أقول لكم دائماً هذا الكلام : الغيرُ أنت له وغيرُك له، لكنَّ أولادك من لهم ومن يرعاهم ، ومن يعلِّمهم ، ومن يحرِصُ على مستقبلهم غيرُك ؟ أنت أبوهم .. بحكم أبوَّتك وحكم المسؤوليَّة التي أُنيطت بك ، فلذلك ظاهرة الكذب أحياناً تعود إلى المربي توجد عندنا قاعدة في التربية ربَّما نفعتنا هنا : يجب أن يوقن المعلِّم أنَّ أكثر المشكلات التي يعاني منها في تربية تلاميذه تعودُ إليه ، فلو كان ليِّناً صار الصف فوضى وإذا صار فوضى اشتدَّ اضطراب المدرِّس وكان عنيفاً جداً معهم ، لينهُ سبَّب الفوضى ، والفوضى سبَّبت له هذه الشدَّة النفسيَّة ، وهذه سببت له القسوة البالغة في معاملته ، فلذلك ترى المعلِّم الناجح لا يعزوها إليهم ، بل يعزو أخطاء تلاميذه إليه .
والأب الناجح كُلَّما رأى من ابنه انحِرافاً أو تقصيراً أو خُروجاً لا ينبغي له أن يقول : يا أخي جيل صعب .. لا تقل ذلك ، بل اتَّهم نفسك واتَّهم أسلوبك في التربية ، واتَّهم تقصيرك مع أبنائك قبل أن تتهم الأبناء هذا هو الأصل ، أي إنَّ أخطاءُ الأولاد تُعزى إلى إهمال الآباء ، أو إلى لينِهم الشديد ، أو إلى قسوتهم البالِغة ،( لا تكُن ليِّناً فتعصر ولا قاسياً فتُكسر) ، فليس من الصعوبة أن تكون قاسياً ، ولا أن تكون ليِّناً فكلاهما سهل ، ولكنَّ الصعوبة البالغة أن يحارَ ابنُك فيك ، لين يشفُّ عن رحمة وقسوة تشِفُّ عن حزم ، وهكذا علَّمنا الله عزَّ وجلَّ .. والأنبياء الكرام يعبدون الله رغباً ورهباً ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، وربنا عزَّ وجلَّ يعاملك معاملةً ترى أنَّه رحيم رحيم ، فإذا توسَّعت في الرَّحمة وتجاوزتَ الحدود رأيت قسوةً لا حدود لها ، ربُّنا عزَّ وجلَّ يؤدِّبك، لا يريدك أن تكون منبسطاً إلى درجة التجاوز ، ولا منقبضاً إلى درجة اليأس ، بل يُريدُك أن تكون راغِباً وراهِباً ، راجياً وخائِفاً. وهذا هو الأكمل (لا تكن ليِّناً فتعصر ولا قاسياً فتكسر )
هذا الكلام موجَّه للأبِّ ، وللمعلِّم ، ولمدير الدائرة ، ولمدير الثانويَّة ، ولأيِّ منصب قيادي ، من السهل أن تكون عنيفاً ، ومن السهل أن تكون ليِّنا ، ولكنَّ البطولة أن تجمع بينهما ، وأن يحارَ فيكَ مرءوسوك ، أي ليِّن وقاسٍ .. حازم ورحيم .
والآن ننتقل إلى ظاهرة السرقة .. من قبل سنتين أو ثلاث لزم المسجِّد شاب قد أقبل على الدين إقبالاً عجيباً ، والله حين أُحدِّثه كنت أرى الدموع تنهمر على خدِّه ، وحينما كان يجلس في الدرس أشعر أنَّه يتلقَّف العلم بشغفٍ عجيب ، ثمَّ فجأةً غاب عن الأبصار ، سألتُ عنه .. فقيل لي : إنه في السجن . قلتُّ : لم ؟! قيل : قبل أن يتوب إلى الله كان له رفقاء منحرفون ، أو بالأصح كانوا عصابة سرقة ، فمرَّة كان معهم فكلَّفوه أن يقف في هذا المكان ليرقُبَ شيئاً ما ، وصعدوا إلى البيت إلى الطابق الثالث ، وسرقوا بيتاً ، وأُحيلوا إلى محكمةٍ ميدانيَّة فأقرّوا عن زميلهم الذي وقف على الطريق يراقب لهم شيئاً ما ، فكان نصيبه ثماني سنوات سجن، والآن هو في السِّجن .
وصحبة قرناء السوء شيء خطير جداً ، لا شيء يشغل الآباء كأن ترى من هو صديق ابنك؟ ولا يوجد عمل أعظم من هذا العمل، فلا شيء تسعد به في الدنيا سوى أن تربِّي ابنك ، فمثلاً إن وجدَّت مع ابنك ممحاة جديدة فاسأله من أين ؟ هذا اليوم لم يأخذ منك مصروفاً ، فمن أين أحضرتها يا بنيّ ؟ أغلب الظَّن أن رفيقه أعطاه إياها ، وأنت قبلت هذا الكلام .. لا هذا كلام غير صحيح ، ولو كلَّفك أن تذهب إلى المدرسة وتطلب إحضار رفيقه وتسأله مرَّة واحدة فيتعلَّم الابن أنَّه قبل أن يكذب يعدَّ للألف ، ودائماً الآباء يجدون مع أبنائهم إمَّا مالاً أو حاجات أو أقلاماً أو دفاتر، فيوجد آباء لا يسألون أبداً ولا يهتمُّون ، فيطرح الأب سؤالاً فيتلقى جواباً تقليدياً .. وجدها في الطريق ، أو رفيقه أعطاها إياها ، فأين أنت سائر، هذا قبول ساذج ، فيجب أن تحقّق.
يقولون عن إنسان بدأ حياته سارقاً ، ثمَّ تلبَّس بجريمة قتل ، وأذكر قصَّة تقليديَّة صيغت في خمسين بيتاً من الشعر ، فيوم أن حكم على هذا السارق القاتل بالقتل وجيء به إلى المشنقة ، والمألوف فيمن سيشنق أن يسأل : هل لك من طلب ؟ فقال : نعم أُريدُ أن أرى أُمِّي . وهو طلب معقول ، فتوقَّف تنفيذ حكم الإعدام وجيء بأُمِّه ، وهكذا تُروى القصَّة وهكذا صيغت شعراً يقول لها:
يا أمِّي مُدّي لسانك كي أُقبِّله ، فلمَّا مدَّت لسانها قطعه ، وقال : لو لم يكن هذا اللسانُ مشجعاً لي في الجرائم ما فقدّتُ حياتي . هذا الرجل سرق بيضة في صغره من بيت الجيران ، فالأمُّ حينما رأته أتى ببيضة أكبرت عمله وفرحت لأنه أصبح رجلاً فقد أحضر معه بيضة ، وهذه البيضة جرَّت إلى دجاجة ، ثمَّ إلى حاجات ، ثمَّ أصبح محترفاً للسرقة ، ثمَّ تلبَّس بجريمة قتل ، فحكم عليه بالإعدام ، فقال لأُمِّه :

لو لم يكن هذا اللسان مشجِّعاً لي في الجرائم ما فقدتُ حياتي
والآن أقول لكم : الأب الذي يغضُّ النظر عن غرضٍ أو حاجةٍ عند ابنه .. يجب أن يسأله: من أين جئت بها ؟ فيجيب : اشتريتها . فتسأله : من أعطاك المال ؟ .. لأنَّ معظم النار من مستصغر الشرر . ويقولون : أمَّهات الفضائل .. الصدق والأمانة . تذكَّروا قول سيِّدنا جعفر عندما سأله النجاشي ملك الحبشة عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال :
أيُّها الملك كنَّا قوماً أهل جاهليَّة ، نعبدُ الأصنام ، ونأتي الفواحش، ونسيءُ الجوار ، ويأكل القويُّ منَّا الضعيف ، ونقطعُ الرَّحم . تكلَّم عن الجاهليَّة ، قال : حتَّى بعث الله فينا رجُلاً نعرف أمانته وصدقه وعفافه .. وهذه أُمَّهات الفضائل ، وبصراحة أقول لكم : من عنده أمانةً وصدق ، ولم يكن عنده عفاف ..بالتعبير الشائع (نفسه خضراء) .. لأن غضُّ البصر أمانة ، أيضاً هناك قاعدةٌ في الأخلاق : إن الأخلاق لا تُجزَّأ .. فالأمين على أموال الناس أمينٌ على أعراضهم في الوقت نفسِّه ، فالذي يخونُ الناس في أعراضهم ليس بعيداً أن يخونهم في أموالهم ، فالأمانة لا تجزَّأَ .
إذاً الشيء الّذي أتمناه أن تراقب .. أحياناً الابن يسرق من دون أن يكون سارقاً ، أي توجد عنده رغبةً تملُّك من دون أن يعي ، فقد يزور أقاربه فيجد لعبة تعجبه فيأخُذها ، أو يجد حاجةً فيضعها في جيبه ويذهب ، فلا تعدُّه سارقاً ..لا ، ولكن نبِّهه وقل له : هذه ليست لك . علّمه قبل أن تعاقبه ، وبالمناسبة فكثيرٌ من الآباء يُنزِلون أشدَّ العقاب بأولادهم قبل أن يبيِّنوا لهم أن هذا ممنوع . وعندنا قاعدةً في الدين : لا معصيةً من دون تكليف وهو لم يكلَّف .. ليس هناك معصية فالأب الذي ينهال ضرباً على ابنه لأنَّه رأى معهُ حاجةً ليست له ، فقبل أن يضربه يجب أن يبلِّغه ويقول له : يا بني هذه ليست لك ، وهذه مخالفة للشرع ، والله عزَّ وجلَّ هكذا علَّمنا : أدُّوا الأمانات إلى أهلها ، لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، ذكِّره بالآيات وبالأحاديث ، وبيِّن له .. ثمَّ حاسبه ، ولا تحاسب قبل أن تبيِّن ، ولا تنزل العقاب قبل أن تشرح ، وقبل أن تبيِّن أمر الله عزَّ وجلَّ .
إذاً أحد أسباب انتشار ظاهرة السرقة بين الأولاد ، أن الآباء يستثقلون التحقيق في حاجات يجدونها مع أبنائهم ، وقد يسألون فيأتي جوابٌ ساذج ، أو جواب تقليدي ، إنّه التقطها من الطريق أو أعاره إياها صديقه في المدرسة ، فيقتنع الأب بهذا الجواب ، ولا يتابع التحقيق ، أمَّا الأب الذي يخاف على مستقبل أولاده ، فيتابع التحقيق إلى أن يضع يده على حقيقة ما جرى ، ثمَّ يوجِّه ثمَّ يحاسب .
وسيدنا عمر رضي الله عنه أصدر قانوناً يمنع غشَّ اللبن بالماء ، القصَّة المشهورة : وهي أنَّ الأمَّ التي أرادت أن تخلط اللبن بالماء ليزداد ثمنه ، ورفضت ابنتها ذلك ، قالت أمَّها : إنَّ عمرَ لا يرانا يا بنيَّتي . فقالت ابنتها : إن كان أميرُ المؤمنين لا يرانا ، فربُّ أميرُ المؤمنين يرانا .
فأنت عندما تنمِّي الوازع الباطني عند ابنك ، هذا أرقى من أن تنمِّي الوازع الخارجي ، وسأقول لكم نقطةٌ دقيقة : الإنسان يتحرَّك إمَّا بوازع باطني أو برادع خارجيّ . فلو فرضنا من باب المثل المضحك : أن أحدُ الأشخاص يسبح في المسبح ، وأراد أن يتبوَّل لم يحدث شيء ، ولم يشعر به أحد ، الآن يقال إنَّ بعض المسابح أضيفت لمائه مادةٌ تتفاعل مع البول ، فإذا فعلها أحد السابحين ، طفت حوله دائرةً بنفسجيَّة اللون ، ويوجد حارس معه مكبِّر شديد للضوء ، فيأخذونه ويدخلونه غرفةٍ خاصَّة على مدخل هذا المسبح ، ومعلق على جدرانها عباراتٌ قاسية جدَّاً بحقِّه .. وضع المادَّة التي تتلون مع البول في المسبح هذا رادع خارجي ، وأُوربَّا كلُّها والغرب كلُّه النظام الدقيق المطبَّق عليهم أساسه الرادع الخارجي .
فلمّا قطعت الكهرباء عنهم ليلةً ، تمَّت في هذه الليلة مائتا ألف سرقة، السرعة الآن في الطرقات .. يوجد رادار مخفي يكشف السرعة الفائقة ، فاخترعوا جهازاً يشوِّش على الرادار ، فاخترعت الدولة جهازاً يكشف عن أجهزة التشويش ، فالحياة الغربيَّة كلَّها ، والحياة المادِّية كلُّها ، وحياة أهل الإعراض عن الله ، أساسها الرادع الخارجيّ ، ولكنَّ الدين الإسلاميّ إضافةً لوجود الرادع الخارجيّ هناك أساس الالتزام الوازع الباطنيّ ، فالمربِّي الناجح يربي أبناءه على الوازع الباطنيّ قبل أن يربِّيهم على الوازع الخارجيّ .. فالوازع الباطنيّ ، علِّمه الخوف من الله عزَّ وجلَّ، علِّمه أنَّ الله يراقبه ، وعلِّمه الخشيةَ من الله من دون رقيب .
والمثل الشهير الذي تعرِفونه والذي رويته كثيراً ، عندما رأى سيدنا عبد الله بن عمر راعياً ومعه شياه فقال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ، يريد أن يمتحنه . قال له : ليست لي . قال له : قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب. قال : ليست لي . قال له : خذ ثمنها . قال له : والله إنّي لفي أشدُّ الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدَّقني فإنِّي عنده صادقٌ أمين ، ولكن أين الله .!
يا إخواننا الكرام هذا الراعي وضع يده على جوهر الدِّين ، عندمَّا تقول لي : أين الله .. أَعدُّك فقيهاً وأَعدُّك عالماً ، ومتديناً حقيقياً ، وإن كانت معلوماتك قليلةً جداً ، وطالما أنك قلت : أين الله ؟ فقد وضعت يدك على جوهر الدين ، هذا هو الدين . (ركعتان من ورِع خيرٌ من ألف ركعةً من مخلِّط ) إلى أن تراقب الله ، وإلى أن تخشاه في سرِّك قبل علانيتك .
من لم يكن له ورعٌ يصدُّه عن معصية الله إذا خلا ، لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله . عوِّد نفسك أن تقول : أين الله ؟ المؤمن يؤَدِّي ما عليه من دون قضاء ، ويؤدِّي ما عليه من دون إزعاج ، لأنَّه يعرفُ أين الله ، الله مراقب .
توجد عندنا ظاهرةٌ أُخرى سيِّئة جداً .. الكلام البذيء والسباب والشتائم ، فالحقيقة ولو كان الكلام فيه قسوة .. أن أحد أكبر أسباب بذاءة لسان الصغار ، هو أنَّ الأب أحياناً يتكلَّم كلاماً بذيئاً إمَّا في ساعة غضبه الشديد ، أو في ساعة انبساطه ، فالكلمات البذيئة التي يقولها الأب في البيت مازحاً أو جاداً ، غاضباً أو راضياً ، هذه تُحفَر في نفس الأبناء ، فهل من الممكن أن طفلاً يسبُّ الدين ؟ نعم .. إذا سمعها من أبيه ، وهل من الممكن أن طفلاً يتكلَّمَ بأسماء العورات صراحةً ؟ نعم .. إذا سمعها من أبيه .
فأوَّل سببٍ رئيس لبذاءة اللسان ولظاهرة السباب والشتائم .. هو الأب نفسه .
(الحمَّى : الحرارة ) ، ما رضيَ النبيّ من ابنته أن تلعن الحمَّى فإذا كان الأب يلعن كلَّ شيء والأمَّ تلعن كلَّ شيء مع كلام مجاوزٍ للحدود ، وهذا الطفل موجود ويسمع ، والطفل يتكلّم بما يسمع ، إذاً أوَّل أسلوب في تربية الأقوال تهذيب اللسان أن يكون الأبُ والأمُّ على أعلى مستوى من تهذيب اللسان ، هناك كلمات ليست معصية .. مثلاً أين هو وماذا يفعل ؟ أُجيب : والله في الحمام ، هذه كلمة لطيفة ، توجد أسماء أخرى مثلاً : يتوضَّأ أيضاً كلمة لطيفة . ومثلاً ألبسته الداخليَّة تلوثت هذه أحلى من كلمات أُخرى ، وبالمقابل يمكن أن تعوِّد ابنك أن يتكلَّم الكلمات التي يقولُها معظم الناس بأسمائها الصريحة .. فهبط بذلك مستواه .
ولم يتكلَّم كلمة تثير الشهوة ، والقرآن كلُّه آداب وحياء ، الكلمة التي لا أُطيقها أن يقول الإنسان : لا حياء في الدين ويتكلّم أشكالاً وألواناً ، الدين كلُّه حياء ، وهذه الكلمة








 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc