
ولد محمد يونس عام 1940 في مدينة شيتاجونج Chittagong، التي كانت تعتبر في ذلك الوقت مركزًا تجاريا لمنطقة البنغال الشرقي في شمال شرق الهند، كان والده يعمل صائغًا في المدينة، وهو ما جعله يعيش في سعة من أمره فدفع أبناءه دفعًا إلى بلوغ أعلى المستويات التعليمية، غير أن الأثر الأكبر في حياة يونس كان لأمه "صفية خاتون" التي ما كانت ترد سائلاً فقيرًا يقف ببابهم، والتي تعلّم منها أن الإنسان لا بد أن تكون له رسالة في الحياة.
في عام 1965 حصل على منحة من مؤسسة فولبرايت لدراسة الدكتوراه في جامعة فاندربيلت Vanderbilt بولاية تينيسي الأمريكية، وفي فترة تواجده بالبعثة نشبت حرب تحرير بنجلاديش (باكستان الشرقية سابقا) واستقلالها عن باكستان
عاد إلى بنجلاديش المستقلة حديثا في عام 1972 ليصبح رئيسًا لقسم الاقتصاد في جامعة شيتاجونج، وكان أهالي بنجلاديش يعانون ظروفًا معيشية صعبة ازدادت صعوبة وبشكل مأساوي عام 1974 علي اثر المجاعة التي تعرضت لها البلاد
كانت تلك المجاعة هي المعلم الذي تغيرت عنده حياة يونس إلى الأبد، فبينما كان الناس يموتون جوعاً في الطرقات، كان يونس يعلم تلاميذه النظريات الباهرة في الاقتصاد، وأحس بكراهيته لنفسه لشعوره بمدى عجرفة أمثاله من أساتذة الاقتصاد لادعائهم امتلاك الإجابة على الأسئلة الصعبة: "لقد كنا -نعم- نحن أساتذة الاقتصاد نتميز بشدة الذكاء، لكننا لم نكن نعرف شيئًا عن الفقر الذي كان يحيط بنا من كل جانب".
أمضى يونس بعد ذلك العامين التاليين يقود طلابه في رحلات ميدانية إلى قرية جوبراJobra القريبة من الجامعة، لقد كان من السهل رؤية المشكلة، لكن أين يكمن الحل؟ هذا ما كان يحاول استكشافه .
طرأت فكرة انشاء البنك عندما رأي اثناء تجواله امرأة تقوم بصناعة كراسي من اشجار البامبو التي تنمو بكثرة في انحاء البلاد وعلم منها انها لا تمتلك راس مال المشروع بل تقترض من المرابين لشراء البامبو الخام وتظل في عملها لساعات طويلة حتي تفي بالقرض والفوائد وفي الآخر لا يبق لها الا النذر اليسير من المال
قام محمد يونس بمساعدة طلابة في استطلاع احوال الناس في القري المجاورة ليخرج بنتيجة مفاداها ان احوال هؤلاء الناي لن تنصلح ولا يمكن تحسين احوالهم المعيشية مهما اجتهدوا في العمل لذلك قام باقراض عدد من النساء من ماله الخاص وبدون فوائد وبدون تحديد لموعد السداد .
حاول محمد يونس بعد ذلك اقناع البنك المركزي باقراض الفقراء بدون ضمانات ولكن البنك بالطبع لم يوافق وسخر من الفكرة فما كان منه الا ان اقترض مبلغا من المال لتمويل مشروع يعمل به الفقراء في احدي القري وظل هذا المشروع تحت اشرافه من عام 1976 حتي عام 1979 وقد نجح مشروعه نجاحا باهرا وغير حياة 500 أسرة من الفقراء، وفي عام 1979 اقتنع البنك المركزي بنجاح الفكرة وتبنى مشروع "جرامين" أي "مشروع القرية".
وفي عام 1981 زاد من حجم المشروع ليشمل 5 مقاطعات، وقد أكدت كل مرحلة من تلك المراحل فاعلية نظام القروض المتناهية في الصغر حتى وصل عملاء البنك "المشروع" عام 1983 إلى 59 ألف عميل يخدمهم 86 فرعا، وفي تلك المرحلة قرر يونس إنهاء حياته الأكاديمية وأن يمضي في طريقه حيث تم اعتماد بنك جرامين في ذلك العام كمؤسسة مستقلة لترتبط حياته بهذه المؤسسة التي كانت حلمًا فصارت واقعًا واعدًا منذ تلك اللحظة وإلى الأبد.
وقد تأسست مؤسسة جرامين التابعة للبنك عام 1997 وكونت شبكة عالمية شملت 52 شريكا في 22 دولة قدمت العون لنحو 11 مليونا في آسيا وأفريقيا والأمريكتين والشرق الأوسط. والشرط الوحيد للإفادة من خدمات جرامين هو ان يقدم المستفيدون الطلب ضمن مجموعة لا تقل عن خمسة اشخاص وان يتكاتفوا من اجل دفع الاقساط. وامتدت هذه المبادرة الى عشرات الدول واصبح بامكان ملايين الناس اليوم القيام بنشاط مستقل والخروج من الفاقة بفضل القروض الصغيرة.
ونظرا لجهوده في مجال مساعدة الفقراء فقد حصل في عام 2006 علي جائزة نوبل للسلام مناصفة مع بنك جرامين فقد اثبت محمد يونس والبنك ان الفقراء يمكنهم المشاركة في التنمية واعلن محمد يونس تبرعه بالجائزة لمشروعات غذ1ائية وزراعية مهمتها توفير الغذاء الصحي للفقراء بجودة عالية وبارخص الاسعار