قصة جزائرية و غزة و ورثة المليون والنصف ؟

[هدهد بلقيس]

السؤال هل تذكرون غزة، والجواب هل نتذكر أنفسنا قبل حوالي عام ونصف من الان . هل نتذكر حالتنا وبكائنا ثم عجزنا حتى عن البكاء. هل أخذنا شيئا من تلك الأيام عندما كنا نرى اخواننا أشلاءا على المباشر .عندما تجسد الظلم في أقسى صوره. عندما رأيت أبي يبكي كالنساء أمامي وهو الذي لم يبك عند وفاة أخيه وأبيه .تعلمون أننا شعب فطرته كرهه للحقرة.والعجز .أتذكرعندما توقف عقلي عن الترجمة ووصلتُ الى عتبة الاحساس .عندما أخَذَت منا غزة كل ما نملك من معاني والسؤال هل أعادتها لنا؟عندما رفضت منا كل الصدقات والحسنات. فقد كانت ترفض المال والدماء والاعانات ترفض كل شيء ليس منها، وكان ذلك يؤلمني أكثر.شككت في طـُهر مالي ودمي فحرضت اخرين على التبرع علها تتقبلني. كنت أخاطب الله انني :لا أستطيع. أنك لا تكلف نفسا الا وسعها. كانت تلك أول رسالات غزة، أن "لست أنا من أحتاج المساعدة". وبدأت تعيد الينا معانيها .... أصبح كل ما أفعله في الحياة هو العد التصاعدي للشهداء . لا أتذكر شيئا الا انني فقدت احساسي. وبدأت أتأمل .كنت استغرب وأبحث في نشرات الأخبار عن شخص غزاوي يقول عكس ماتقول غزة، فلم أجد. غيرت القناة الى قناة محايدة وبحثت فلم أجد، ذهبت الى قنوات الأعداء فلم أجد. استغربت أن يحدث مثل هذا ، أتعلمون أنني كنت أبحث عن أي أحد في غزة يقول شيئا يفسد عليها عرسها. فلم أجد وفي يوم تحصلت على أرقام الهاتف للاتصال بأهلنا هناك لمواساتهم وتصبيرهم وبدأت أنشرها على الناس بأن يشاركو حتى بالمواسات. واصطدمت مرة أخرى : بأننا نحن من نحتاج للمواسات ، اتصلت برقم كما نقول "فالزهر" واذا بصوت امرأة غزاوية ومن وراء صوتها صوت الانفجارات. تواسيني وتصبرني وتقول نحن صائمون ونحن ندعو الله وسينصرنا ، لم أضف ولا كلمة. أدركت بعدها انهم هم المليون والنصف مليون. وكأنني انتقلت من بعد الى أخر. أيقنت بعدها أنه لا يكلف الله نفسا الا وسعها. بدأت غزة تتلو علي اياتها: تابعت في أحد الحصص المجاهدين يتكلمون عن ايات وكرامات في المعارك وصدقتهم وفرحت لهم ثم بدأت أغار. كانو يطلبون منا أن نقرأ سورة الانفال . فلم أستوعبها الى في تلك الأيام ..علمتني غزة ماهو الجهاد ولمذا هو ذروة سنام الاسلام. أصبح قدوتي هو جدي الشهيد. فهمت أشيائا ما كنت لأفهمها. و أدركت مرة أخرى وبطريقة اخرى أن الله لا اله الا هو.هو رب الكون ومحمد رسوله . ومازالت للآن ترتل الايات فاستمعوا يا أولي الألباب. أعادت الي غزة نفسي وكل ما أتمناه هو أن اهبها هته النفس في سبيل الله و عزتها وعزة الاسلام . والسلام عليكم