ما الذي ترجوه من الصديق؟ سؤال وجهته العصا للحكيم مُخيّرة إياه بين نمطين للأصدقاء الأول الذي يوصف بالوفاء في كل الأوقات، والثاني الذي يُقبل عليك وقت الفرج ويختفي وقت الشدة، قال الحكيم لها أن هناك فرق بين ما نتعلمه في الكتب وما تعلمه لنا الحياة، ففي الكتب نفهم أن الصديق الحق هو الذي يلازمنا وقت الشدائد فقط لكن الحياة تقول لنا العكس حيث أن الصديق المرموق بها هو الذي يختفي وقت الشدة، والعجيب أن الغالبية من الناس تغلب الصداقة لمن يلازمها وقت الرخاء وليس وقت الشدة، وهذا يوضح أن الإنسان يحب الصداقة التي تسره أكثر من تلك التي يحترمها.
هل الشر يولد في الإنسان أم أن طبيعة الإنسان مفطورة على الخير والمجتمع هو الذي يغيرها ويوجهها؟ سؤال فلسفي وجهته العصا للحكيم الذي أكد أنه يعتقد أن الإنسان فُطِرَ على الخير، لكن المجتمع له تأثير قوي في تحويل تلك الفطرة، وهناك الكثير من الأمثلة التي توضح ذلك منها مارواه للحكيم طفل صغير كان يلعب على شاطئ البحر وعثر على منديل به بعض القروش الصغيرة، فطرته السليمة أوحت له بأن يسلم ذلك المنديل لرجل الشرطة، وبالفعل قام بما أملته عليه الفطرة فما كان من رجل البوليس إلا أن قام بالصراخ في وجه متسائلاً عمّا إذا كان أخفى بعض النقود عن الشرطة، هذا الطفل في طريقه عثر على الطفل الذي ضاع منه المنديل المحمل بالمال وتوجه معه للشرطي للحصول على منديله، فأستقبله الشرطي قائلاً: سرعان ما أخبرته أيها الكلب....
مثل تلك القصة ترسم لنا الطريق الذي قد يتجه له هذا الطفل الأمين، حيث سيتأكد من أن الأمانة خرافة، وأن الحكومة خصم وليس معين، وذلك هو المجتمع الذي يصنع بيده العجينة الأولى للصوص والخونة والمجرمين.