مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز
17 - العذر بالجهل والتفصيل في ذلك
س : لقد أجبت يا سماحة الشيخ على أحد الأسئلة المطروحة من أحد السائلين فيما يتعلق بالعذر بالجهل ، متى يعذر ومتى لا يعذر ، وذكرت بأن الأمر فيه تفصيل ، ومما ذكرت بأنه لا يعذر أحد بالجهل في أمور العقيدة ، أقول يا سماحة الشيخ إذا مات رجل وهو لا يستغيث بالأموات ، ولا يفعل مثل هذه الأمور المنهي عنها إلا أنه فعل ذلك مرة واحدة فيما أعلم ، حيث استغاث بالرسول صلى الله علية وسلم وهو لا يعلم أن ذلك حرام وشرك ، ثم حج بعد ذلك دون أن ينبهه أحد على ذلك ، ودون أن يعرف الحكم فيما أظن حتى توفاه الله ، وكان هذا الرجل يصلي ويستغفر الله لكنه لا يعرف أن تلك المرة التي فعلها حرام ، فيا ترى هل من فعل ذلك ولو مرة واحدة ، وإذا مات وهو يجهل مثل ذلك ، هل يعتبر مشركا ؟ نرجو التوضيح والتوجيه جزاكم الله خيرا (1) .
__________
(1) من برنامج ( نور على الدرب ) الشريط الثامن .
(28/215)
--------------------------------------------------------------------------------
ج : إن كان من ذكرته تاب إلى الله بعد المرة التي ذكرت ، ورجع إليه سبحانه واستغفر من ذلك زال حكم ذلك وثبت إسلامه ، أما إذا كان استمر على العقيدة التي هي الاستغاثة بغير الله ، ولم يتب إلى الله من ذلك فإنه يبقى على شركه ، ولو صلى وصام حتى يتوب إلى الله مما هو فيه من الشرك .
وهكذا لو أن إنسانا يسب الله ورسوله ، أو يسب دين الله ، أو يستهزئ بدين الله ، أو بالجنة أو بالنار ، فإنه لا ينفعه كونه يصلي ويصوم ، إذا وجد منه الناقض من نواقض الإسلام بطلت الأعمال حتى يتوب إلى الله من ذلك هذه قاعدة مهمة ، قال تعالى : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (1) وقال سبحانه : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (2) { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } (3) وأم النبي صلى الله عليه وسلى ماتت في الجاهلية ، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه ليستغفر لها فلم يؤذن له .
__________
(1) سورة الأنعام الآية 88
(2) سورة الزمر الآية 65
(3) سورة الزمر الآية 66
(28/216)
--------------------------------------------------------------------------------
وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن أبيه : « إن أبي وأباك في النار » (1) وقد ماتا في الجاهلية .
والمقصود أن من مات على الشرك لا يستغفر له ولا يدعى له ، ولا يتصدق عنه إلا إذا علم أنه تاب إلى الله من ذلك ، هذه هي القاعدة المعروفة عند أهل العلم ، والله ولي التوفيق .
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار برقم 203 .
(28/217)
--------------------------------------------------------------------------------