بعد حوالي شهر من العقوبات الجماعية القاسية والحصار للإنساني وقطع كل سبل الحياة عن الحي وسكانه المدنيين، وبعد قصف عنيف وباستخدام أسلحة ثقيلة بأصناف شتى استطاع النظام أن يسيطر على الحي والذي شكل رمزية كبيرة للثورة ومنعطفا هامة في مسيرتها. النظام حاول أن يختزل الثورة فيما يحدث في بابا عمرو وكأن دخوله المتأخر للمنطقة شكل انتصارا كبيرا له أحتفل فيه إعلامه بشكل مبالغ فيه.
غير أن الصورة ليست كذلك تماما، فتجربة بابا عمرو أعطت الثورة زخما كبيرا وأظهرت الفارق الكبير أخلاقيا ومعنويا بين الثوار وكتائب الأسد. كما إن ملحمة بابا عمرو دفعت بكثير من الأطراف وعلى رأسها الرياض إلى الحديث العلني والواضح عن تسليح المعارضة خصوصا بعد أن نحج الثوار في التصرف كرجال دولة فيما يخص الصحافيين الأجانب والذي أستهدفهم النظام بالقصف والقتل. وإذا صحت الأخبار بأن النظام أستخدم الفرقة الرابعة لاقتحام بابا عمرو (وهي ورقته العسكرية الأساسية والأخيرة) فإن بابا عمرو تكون قد أضافت وبشكل واضح عبئا كبيرا على كتائب الأسد المنهكة ماديا وشبه المنهارة معنويا.
بابا عمرو والتي شكلت معجزة في الصمود لثوار محاصرين وبإمكانيات محدودة تطرح سؤالا كبيرا، لو أن أكثر من بابا عمرو تفجرت في وقت واحد في سوريا وكان لثوارها خطوط إمداد، كم يوم سيصمد نظام القتل والإرهاب في سورية؟ ربما تأثر كثيرون بسيطرة كتائب الأسد على بابا عمرو غير أن الثوار مدركين تماما إن مسارات الثورة فيها الكر والفر والمد والجزر، بيد أن ما حدث في بابا عمرو أضاف الكثير من الخبرات العسكرية والإنسانية والإعلامية للثوار والذين يظهرون يوما بعد أخر قدرات أكبر على المناورة والمبادرة.
علينا أن نتعاطى مع بابا عمرو كانتصار عسكري للثوار من خلال صمودهم الأسطوري وتفوق أخلاقي وإنساني لهم.. بابا عمرو فضح عجز عربي وإسلامي وحتى من أطراف المعارضة السورية والذي وصل إلى حد الخذلان. فإلى شهداء وأبطال بابا عمرو..معذرة واعتذار... فلقد انتصرتم وانهزمت الأمة.