ملاحظة : لست انا من قال بأن حماس منظمة ارهابية .. بل امريكا واروبا صنفوها على انها منظمة ارهابية .. والان يرحبون بقرارها
أبو مرزوق أسقط القناع الأخير.. و"التايمز" تؤكد أن حماس تجازف بفقدان قاعدتها في دمشق
لم يستغرب الشعب السوري بمختلف أطيافه تلك التصريحات التي أطلقها إسماعيل هنية من القاهرة مؤخراً، واستمات فيها لإعلان التقرّب من قطر و(إخوانها المسلمين) واسترضاء الحليف الأمريكي ووعوده القادمة على جناح وهمٍ سمّاه بعضهم زوراً وكذباً "الربيع العربي".. كما لن يستغرب الاتهامات الباطلة التي يسوقها اليوم موسى أبو مرزوق من أن حماس غادرت دمشق احتجاجاً على ما ادّعاه وروّجت له من قبل أطراف المؤامرة على سورية (قمع الاحتجاجات السلمية!!).
تصريحات إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق المتزامنة مع انفراج الأزمة في سورية، تعكس حالة التخبّط الأعمى والأزمة البنيوية الداخلية التي تعيشها قيادة تلك الحركة بعد أن قرّر (المتسلّطون) فيها، تفريغ حماس من بعدها "المقاوم" وإعلانها بتوجيه قطري حزباً سياسياً، والانحياز إلى المحور الآخر المدعوم أمريكياً، والذي يخطّط لتحويل المنطقة إلى حديقة آمنة للكيان الصهيوني وعربانه الغارقين في العمالة حتى النخاع.
وإذ لم تشفع التصريحات التبريرية التي أدلى بها أسامة حمدان فيما بعد من أن حماس ترغب أن يتوصل السوريون إلى حل سلميّ لقضيتهم بعيداً عن العنف وسفك الدماء، وأن هنية وأثناء إلقاء كلمته كانت تحيط به أصوات من هنا وهناك تندّد بالعنف في سورية، فاختصر موقف حماس بجملة موجزة وبسيطة: (نعم لحرية الشعب السوري البطل)، وهو بهذه الكلمات –حسب حمدان- لم يقصد الانحياز لطرف معيّن، وإنما أراد التأكيد على الحل السلمي في سورية وبأن الشعب السوري هو صاحب القرار، فإن السوريين ما عاد يقنعهم أن حركة حماس غير منحازة أو ليست متورّطة وطرفاً في التحريض ضد إرادة ومصلحة الشعب السوري برمته، ولن تفيد التعمية على الأقنعة التي توالى سقوطها وكان آخرها قناع أبو مرزوق الذي أدلى بكلامه عبر شبكة "cbc" الإخبارية الأميركية وفي هذا دلالة كبرى يعرفها أبو مرزوق وحده؟!!.
يدرك (قادة حماس) أن المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه والمنطق العدائي الذي اتخذوه ضد سورية، سيفضي بهم إلى هامش التاريخ بعد أن كانوا في قلبه، كما سيجلب لهم العار ولعنة كبرى من الشعب الفلسطيني الذي غامروا بإرادته، وأهرقوا دماء شهدائه، ورهنوها لحفنة دولارات (تتصدّق) بها قطر والسعودية، ذلك الشعب الذي يعرف تماماً ويعترف أن ما تتعرّض له سورية هو النتيجة الحتميّة لتبنيها للقضية الفلسطينية، بعد أن تخلّى عنها العرب جميعاً وأعرضوا عن استغاثات اليتامى والثكالى في الأراضي العربية المحتلة، فيما كانت سورية قيادة وجيشاً وشعباً تبذل الدماء وتقدم قوافل الشهداء دفاعاً عن تلك الأراضي المغتصبة.
كما يدرك أولئك المنحازون اليوم إلى (مشيخات النفط والديمقراطية القطرية) أن من يخرج من سورية، فإن ذلك يعني أنه خرج إلى حيث اللاكرامة واللاحرية، واستبدل مظلة (المقاومة) بمظلة (الاستعباد) والإرادة المشلولة المرتهنة فقط للحذاء الأمريكي الذي يضرب طولاً وعرضاً في الرياض والدوحة والكويت والمنامة.. حتى آخر بئر نفط مسخّر فقط لإحراق الشعب الفلسطيني!!.
فهل كان أولئك (القادة) بانتظار صحيفة "التايمز" البريطانية لتقول لهم: إن حماس تجازف بفقدان قاعدتها في دمشق أو "جنتها الآمنة" التي ظلت قيادتها المنفية تتمتّع بها لأكثر من عقد، بعد أن ألقت بثقلها لتأييد (المعارضة السورية)؟؟... وهل يرضون بأن ينبري لتحيتهم (وليد جنبلاط) قاتل اللبنانيين في الحرب الأهلية، والفلسطينيين في حرب المخيمات، والعمال السوريين غداة اغتيال رفيق الحريري، على (موقفهم التاريخي؟!!) من ذبح الشعب السوري على يد العصابات المسلحة والجماعات الإرهابية التكفيرية؟؟..
هم حاولوا في البداية إخفاء تلك النوايا المبيتة، غير أن وسائل الإعلام الغربي التي انتظرت هذه التصريحات وكانت تتوقعها، كان أول من فضح المستور من توجهات حماس، فهاهي صحيفة الـ"واشنطن بوست" الأميركية تؤكد ترحيب الولايات المتحدة بموقف حركة حماس من الأوضاع في سورية، رغم أنها تعتبر الحركة (منظمة إرهابية).. وهاهي التقارير والمعلومات تتالى من الدوحة وتشير إلى أن الفاتورة النهائية التي أصدرها فندق شيراتون الدوحة لإقامة تجاوزت أسبوعين لخالد مشعل في أحد أجنحته الملكية قد تجاوزت مبلغ 2 مليون ريال قطري، وأن البذخ (الحمساوي) وصل إلى الأسماك الفاخرة المشوية، والجمبري الأم، إضافة إلى إرضاء ذائقة الضيوف الليليين من المشروبات الروحية التي يفترض أنها تتعارض تماماً مع مبادئ الحركة، وتؤكد المعلومات أن الفاتورة تمّ تسديدها بالأمر الخاص لإدارة شيراتون الدوحة من قبل المدير المالي في ديوان الحكومة القطرية، ولم يدفع مشعل فلساً واحداً من الفاتورة؟!.
أخيراً.. الشعب السوري الذي تعوّد ألا ينتظر مقابلاً لمواقفه المترسّخة في ثقافته اليومية من أنه الشعب المقاوم الذي يعتصم بدمشق قلعة العروبة النابض بالحرية، لن يضيره ناعق هنا أو نابح هناك، ولاسيما بعد أن قرّر أن يكون إلى جانب السيد الرئيس بشار الأسد في مسيرة التغيير والإصلاح، ومع وطنه الذي لن يتكل إلا على الإرادة الحرة الأبية.