السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..اما بعد..جزاكم الله خيرا اخي الفاضل استسمحك ان تقرا هذا الحديث العظيم لتعرف سبيل النجاة من هذه الفتن اعاذنا الله و اياكم من الوقوع فيها. ..عَنْ أَبي نَجِيحٍ العِرْباضِ بنِ سَاريةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْها القُلوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْها العُيُونُ , فَقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، كَأنَّها مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ فَأَوْصِنا. قالَ: ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا, فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ , تَمَسَّكُوا بِهَا , وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)). رواهُ أبو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ ، وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ..الشَّرْحُ:
عَنْ أبي نَجِيحٍ قالَ: (وَعَظَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً)
(وَجِلَتْ) خَافَتْ وَرَقَّتْ (مِنْها) لأَِجْلِهَا (القُلوبُ، وَذَرَفَتْ) سَالَتْ (مِنْها) لِسَمَاعِهَا دُموعُ العُيونِ؛ لأِنَّها خَرَجَتْ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ، وَقَلْبٍ نَقِيٍّ، وَلِسَانٍ تَقِيٍّ، وَوَقَعَتْ على قُلُوبٍ صَافِيَةٍ عَنِ الأرجَاسِ، مُشَاهِدَةٍ لِمُحْصِي الأَنْفَاسِ.
(فَقُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّهَا) كأَنَّ هذهِ المَوْعِظَةَ البَلِيغَةَ، (مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ) أَحْبَابَهُ وَأَصْحَابَهُ، وَهُوَ لا يَتْرُكُ في مَوْعِظَتِهِ مَا يَرَاهُ خَيْرًا لأَصحَابِهِ،(فَأَوْصِنَا) بمَا هُوَ نافِعٌ لَنَا في الدَّارَيْنِ.
(( قالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ)) أَنْ تَتَّقُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، بِفِعْلِ مَا يُقَرِّبُ إِلَيْهِ وَتَرْكِ مَا يُبْعِدُ عَنْهُ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَالتَّقْوَى خَيرُ الزَّادِ لِلمَعَادِ وَسَبَبُ الإِكْرامِ عندَ ربِّ العبَادِ، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[سورة المطففين الآية: 6].
((وَالسَّمْعِ)) لأَقوَالِ وُلاَةِ الأُمُورِ.
((والطَّاعَةِ)) في غَيرِ الإثْمِ؛ إذْ لا طاعةَ لِمخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ.
((وَإِنْ تَأَمَّرَ عَليْكُمْ عَبْدٌ))حَبَشِيٌّ مَمْلُوكٌ، مُتَغَلِّبًا أَوْ نَائِبًا عَنِ الخَلِيفَةِ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّ الإِطَاعَةَ- إِذَا أَمَرَ بِغَيْرِ الإثْمِ - في الحقيقةِ للهِ الَّذِي أَمَرَ بالطَّاعَةِ لا لَهُ.
((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا)) في أَمْرِ الدينِ، حتَّى يَصِيرَ الناسُ ثلاثةً وَسَبْعِينَ فِرْقَةً يُكَفِّرُ بَعْضُهُم بَعْضًا أَوْ يَبْتَدِعُونَ أَوْ يَفْسُقُونَ، وَتَتَعَصَّبُ كُلُّ طائفَةٍ لِمَا تَذْهَبُ إليهِ، وَتُقَاتِلُ على ذلكَ في أَمْرِ الإِمَارَةِ، حتَّى يَكُونُوا خُلَفَاءَ مُخْتَلِفَةً، وَأُمَرَاءَ مُتَفَرِّقَةً، كُلٌّ يَدَّعِي أَنَّ الحقَّ مَعَهُ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ أُمُورِهِمُ الظُّلْمُ وَالبَغْيُ.
فإذَا كانَ الأمرُ كذَلكَ ((فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ)) من الأَئِمَّةِ المُتَّبَعِينَ، والعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ مِنْ بَعْدِي، ((عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّوَاجِذِ))بالذَّالِ المُعْجَمَةِ أَي: الأَنْيَابِ.
أَي: اسْتَمْسِكُوا بِهَا أَشَدَّ الاسْتِمْسَاكِ، ولا تَتْرُكُوهَا أَبَدًا، إذَا أَرَادَ أهلُ السَّوءِ مِنْكُمْ تَرْكَهَا؛ فإنَّ النَّجَاةَ فيهَا والْهُدَى بِحَذَافِيرِهِ في التَّعَلُّقِ بِأَذْيَالِهَا.
((وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ)) أَي: احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ عَنِ الوقُوعِ في البِدَعَاتِ عَمَلاً وَاعْتِقَادًا.
((فإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ)) في الدِّينِ ((ضَلاَلةٌ)) عنِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ بِقَدْرِهَا.
ومعرفةُ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ ومَا وَافَقَهَا مِنْ أَهَمِّ المَهَمَّاتِ لِيُؤْخَذَ بِهَا؛ لأَنَّها سَفِينَةُ النَّجَاةِ، ومَعْرِفَةُ البِدَعَاتِ مِنْ أَوْكَدِ الأُمُورِ، لِيُحْتَرَزَ عَنْهَا؛ لأِنَّها سببُ الهَلاَكِ، ومَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ يَقَعْ فيهِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ غَافِلُونَ، وَلِلسُّنَنِ السُّنِّيَّةِ تَارِكُونَ، وَلِلْبِدْعَةِ القَبِيحَةِ فَاعِلُونَ. إِنَّا للهِ وَإِنَّاإِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَا أَعْظَمَ هَذِهِ المُصِيبَةَ في الدينِ...منقول للفائدة و الموعظة و التذكير..و اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.