*** بســـــــــــــــــــــم الله الرحمــــــــن الرحـيم ***
ومن قراءة التاريخ.. نستمد الأمل!
إذا اقتربت النفوس من الإحباط لحرج الموقف الذي يمر به إخواننا في فلسطين، ولتكالب قوى الأرض على حصار غزة الاسلام فلا بد لنا من استرجاع مواقف من تاريخ أمتنا كانت أشد ضيقًا، وكان الحصار على المؤمنين أكثر إحكامًا، والاحتلال أثبت أركانًا.. ومع ذلك خرج المؤمنون من أزماتهم لا خروج الكفاف بلا نصر أو هزيمة، ولكن خروج المنتصر العزيز بربه.. الواثق في السيادة والغلبة على عدوه، ومَنْ وَرَاءَ عدوه..
درس من الأحزاب:
لما اشتد الحصار على المدينة من الأحزاب ضاقت النفوس و [زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ] واجتمع على المسلمين البرد والجوع والخوف.. وافتقدوا كل مقومات النجاة الماديَّة – فضلاً عن الانتصار والغلبة – إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبشرهم فقط بالنجاة من حصار قريش وحلفائها.. بل يبشرهم بسيادة العالم!! كما روى أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن صخرة شقَّت على المسلمين وهم يحفرون الخندق، فجاء صلى الله عليه وسلم يُعِينُهُم.. "...فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا"!!. وهي بشارات لا يتحمَّلها (بالنظر إلى مرارة الواقع) إلا قلب المؤمن الصادق وعقله.. أما المنافقون فقالوا: ".. مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا"!!
وتخيَّل الآن أن هناك من يبشِّر المقاومين المسلمين أبطال فلسطين لا بالخروج من أزمتهم الراهنة فقط.. بل بسيادة الأرض وأستاذية العالم!!!
وهذا وهم وخيال في نظر الكثيرين إلا إنه حق لا ريب فيه في نظر المؤمن الصادق [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا]
ومن شكَّ في ذلك فليراجع إيمانه.. [مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ].
وفي قصة الصليبيين عِبرة!
وإذا استطال المسلمون احتلال اليهود لفلسطين، والذي قارب على الستين عامًا.. فلقد احتلَّ الصليبيون قديمًا أرض فلسطين مائتي عام!! وكان احتلالهم استيطانيًّا كاليهود.. أي أنهم ما جاءوا بالجيوش فقط، وإنما جاءوا أيضًا بأهليهم وأموالهم!.. وتوالت أجيال من الصليبيين على أرض فلسطين.. وما يئس المسلمون الصادقون.. بل جاهدوا عدوَّهم طويلاً حتى كتب الله لهم النصر.
فلئن كان أجدادنا قد حرَّروها بعد مائتي عام من الاحتلال.. فإنَّا – بحول الله – اليوم على تحريرها أقدر ومن استعادتها أقرب.
- اللهم كن لاهلنا واخواننا في غزة وفلسطين وسائر بلاد المسلمين المحتلة ناصرا ومعينا ، وللغزاة الحاقدين مدمرا ومهينا اميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــن.
*** من كتاب - انت وفلسطين للدكتور *راغب السرجاني * ***
* نقله بشيئ من التصرف - اخوكم ابو ابراهيم - *