المبحـث الثانـي(II): الطائـرات والمطـارات.
المطلب الأول(I): الطائرات.
الفـرع الأول: تعـريف الطائـرة وتصنيفاتهـا.
01 – تعـريف الطائـرة:
الطائرة في اللغة العربية تعني بأنها مركب آلي مجنح على هيئة الطائر، يسبح في الجو بقوة البنزين الخالص، ويستعمل في النقل والحرب، والطائرة جمعها طائرات وهي مركبة هوائية أثقل من الهواء ذات جناحين ومحرك أو أكثر.
وأما التعريف الاصطلاحي فيوجد أكثر من تعريف. فعرفتها اتفاقية باريس لسنة 1919 في ملحقها A بأنها كل آلة تستطيع أن تبقى في الفضاء بفضل ردود فعل الهواء وبالفرنسية : « Appelle aéronef : tout appareil pouvant se soutenir dans l’atmosphère grâce aux réactions de l’air » وتعرفها اتفاقية جنيف لسنة 1948 الخاصة بالحقوق العينية الواردة على الطائرات في مادتها(16) بأنها« تشمل الخلايا والمحركات والمراوح وآلات الراديو وكل قطعة مخصصة لخدمة الطائرة سواء أكانت متصلة أم منفصلة» وبالفرنسية: « Appelle aéronef : comprend, la cellule, les moteurs, hélices, appareils de radio et toutes pièces quelles fassent corps avec lui ou en soient temporairement sépares » .
وعرفتها اتفاقية شيكاغو في ملحقها H وV بأنها« تعني كل آلة تستطيع البقاء في الهواء بفضل ردود فعل الهواء» ، وعرفها القانون الفرنسي لسنة 1924 في مادته(1) بأنها« التي يسري عليها هذا القانون وهي كل آلة قادرة على الارتفاع أو الملاحة في الهواء»، وعرفها قانون الطيران الأمريكي لسنة 1938 بأنها« كل ابتكار معروف أو يمكن أن يبتكر يستخدم أو يخصص للملاحة أو الطيران في الهواء»، وبخلاف قانوني الطيران الإنجليزي لسنتي 1920 و1938 فإنهما لم يتضمنا أي تعريف للطائرة.
وأما قانون الطيران الأردني فعرفها في مادته(2) بأنها« أي آلة في استطاعتها أن تستمد بقائها في الجو من ردود فعل الهواء، غير ردود فعل الهواء المنعكسة على سطح الأرض، وتشمل جميع المركبات الهوائية مثل المناطيد والطائرات الشراعية ذات الأجنحة الثابتة وما إلى ذلك».
أما قانون الخدمات الجوية قانون رقم 98- 06 مؤرخ في ربيع الأول / 27 يونيو 1998 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني الجزائري في مادته(2) وفي الفقرات 1، 2، 3 على التوالي« الطائرة 1: هي كل آلة تستطيع الارتفاع والتماسك والانتقال في الجو بفضل تفاعلات هوائية من غير التفاعلات الهوائية على سطح الأرض».« الطائرات المدنية 2 : هي كل الطائرات باستثناء الطائرات التابعة للدولة».« طائرات الدولة 3: هي كل الطائرات المملوكة للدولة، والتي تؤجرها الدولة أو تستأجرها وتخصصها لإحدى خدماتها فقط، وتشمل بوجه خاص طائرات رئاسة الجمهورية والطائرات العسكرية بما في ذلك الطائرات التابعة للشرطة وللجمارك وللحماية المدنية».
والجديد ذكره أن اللجنة الفنية للخبراء القانونيين الجويين ويرمز إليها C. I. T. E. J. A
اختصار ل:
« Le Comite Technique d’Experts Juridique Aériens »
عند اجتماعها في بودابست علم 1930 قد تخلت عن محاولة إعطاء تعريف الطائرة.
* مناقشـة التعـاريف:
بعض التعاريف واسعة جدا، إذ بموجبها تعتبر الطائرة كل آلة يمكن أن ترتفع في الهواء أو بإمكانها الملاحة فيه بمجرد أن توضع في الهواء وبهذا المفهوم يعد البالون طائرة. وبصرف النظر فيما إذا كانت الآلة قد باشرت الملاحة من خلال وسائلها الخاصة بها أم من خلال وسائل مستقلة عنها، أو فيما كان يقودها طيار أم بدونه، فتعتبر طائرة بموجب هذه التعاريف الواسعة المعنى. الطائرة التي تسير باللاسلكي ومن دون طيار على متنها، فتعتبر طائرة كل ما له القدرة على الملاحة في الهواء، وعلى هذا يمكن للمظلة أن تعتبر طائرة وكذلك بالنسبة لكل من الصواريخ والقذائف وطائرات الأطفال لأن ما يؤخذ بنظر الاعتبار هو إمكانية الآلة على الملاحة في الفضاء.
وإن تلك التعاريف تشترك في هدف واحد، هو تحديد الآلة بمفهوم واسع بقدر الإمكان، هي تسري عليها قواعد القانون الجوي، بالرغم من أن اسم الطائرة ذاته صار عديم الدقة في وقتنا الحاضر، بفضل التطور التقني الهائل الحاصل في علم الطيران، فربما يأتي اليوم الذي نحتاج فيه إلى البحث عن اسم آخر غير اسم الطائرة، فالانتقاد الذي يوجه إلى تلك التعاريف هو أنها لا تقدم مفهوما واضحا للطائرة ذاتها، لاسيما بالنسبة للقطع والأجزاء التي تتألف منها، وأهمية هذا التحديد تظهر بوضوح عند ورود حقوق عينية على الطائرة، فهل تشمل هذه القطع والأجزاء؟ لقد تم الجواب عن هذا السؤال في القانون البحري بالنسبة للسفينة، فصار واضحا بأن الباخرة تشمل الأشرعة والآلات التي تعتبر تفرعات عنها، بينما لا نلاحظ الإشارة إلى هذه التفرعات بالنسبة للطائرة في تلك التعاريف، فيما عدا التعريف الذي تضمنته اتفاقية جنيف آنفة الذكر، حيث لم تهمل هذه الناحية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن بعض القوانين أعطت مفهوما ضيقا للطائرة، كالقانون الياباني لسنة 1921 والقانون الإيطالي للملاحة الجوية لسنة 1942 اللذان عرفا الطائرة بأنها الآلة المخصصة لنقل الأشخاص أو الأشياء.
02 - تصنيـف الطائـرات:
بعد أن تعرضنا لتباين التعاريف المقدمة للطائرة، أصبحت الحاجة قائمة إلى تحديد مفهومها عن طريق آخر هو إيجاد تصنيفات لها، فلا يمكن أن تخضع الطائرات كلها لنظام قانوني واحد إذا ما لاحظنا الناحية التقنية منها والغرض المطلوب منها والتصنيفات التي وضعت هي من حيث الناحية التقنية ومن حيث ملكيتها ومن حيث جنسيتها وهذا ما سنراه بتتابع.
أ- تصنيـف الطائـرات مـن الناحية التقنية Du point de vue technique :
وتصنف الطائرات بموجب هذا العيار إلى طائرات أخف من الهواء وإلى طائرات أثقل من الهواء، ويشمل النوع الأول طائفتين من الطائرات هما: Aérostats وهي بدون محرك أو بدون قوة دافعة كالبالونات، وأما طائفتها الثانية فهي: Aérostats ذات المحرك أو القوة الدافعة الخاصة بها.
وأما الطائرات الأثقل من الهواء وتسمى: Aérodynes فهي تشمل طائفتين أيضا، الأولى مثل الطائرات المروحية والنفاثة والثانية تشمل الطائرات من دون محرك دافع مثل المظلة والطائرة الشراعية.
ب- تصنيـف الطائـرات مـن حيـث مكـان إقلاعهـا وهبوطهـا:
ويمكن إدراج هذا التصنيف ضمن هذا التقسيم التقني بتميزها إلى طائرات تقلع من الأرض: terrestres» « Aéronefs وإلى طائرات بحرية: « Aéronefs terrestres» وإلى طائرات برمائية: Aéronefs amphibies » «
ج- تصنيـف الطائـرات مـن حيـث القيـادة:
ويمكن إدراج هذا التصنيف أيضا ضمن التقسيم التقني بتميز الطائرة إلى كونها تطير بطيار أم بدونه.
د- تصنيـف الطائـرات مـن حيـث ملكيتهـا:
وتصنف الطائرات بموجب هذا التصنيف إلى طائرات الدولة وإلى طائرات تعود للقطاع الخاص وأشارت إلى هذا التصنيف كل من القوانين الجوية الوطنية والاتفاقيات الدولية. فطائرات الدولة كما تعرضنا لها سابقا في المادة(2) الفقرة (3) من قانون رقم 98- 06 مؤرخ في ربيع الأول /27 يونيو سنة 1998 يعتبر المعيار الأفضل كما تنص المادة 3 من اتفاقية شيكاغو، حيث أن القانون الجوي الفرنسي يعرفها بأنها« الطائرات العسكرية والطائرات التي تعود ملكيتها للدولة والمخصصة فقط لخدمة المرافق العامة».ولوحظ أن هذا التعريف يعتمد على معيار مزدوج، ينظر الأول إلى ملكية الدولة للطائرة، والثاني إلى تخصيصها لخدمة مرفق عام. فالمعيار الثاني منتقد لأكثر من سبب، فهو يلجأ إلى استخدام تعبير المرفق العام، وإن هذا التعبير بحد ذاته غير محدد المعنى ولازال غامضا، وإذا ما أخذنا بمعناه الواسع فالمرفق العام يشمل إضافة إلى ما تقدم مرفق البريد ومرفق النقل، وبالتالي تعتبر كل الطائرات التي تستخدمها الدولة ولو كانت لأغراض تجارية طائرات دولة، في حين أن الأخيرة تعد في نظر التشريعات المدنية طائرات مدنية عادية، كما أن المعيار غير دولي يوقعنا في أخطاء فاستبعاد طائرات الدولة من نطاق التشريع المدني لا يمكن اعتبارها عائدة للدولة، وإنما يكمن في الغرض المخصص لتلك الطائرات وغالبا ما يكون غرضا متعلقا بسيادة الدولة.
الفـرع الثانـي(I): جنسيـة الطائـرة.
تمهيــد:
كان من المتفق عليه أن الأشخاص الطبيعيين هم وحدهم لهم الحق بالتمتع بالجنسية، ثم سرى هذا المبدأ على الأشخاص المعنويين وبتطور القانون البحري ظهرت الحاجة إلى تخصيص السفينة بالجنسية أيضا وبالرغم من كونها من المنقولات المادية وعدم تمتعها بالشخصية المعنوية قانونا، إلا أن شخصية السفينة صار معمولا بها بموجب الحالة المدنية التي تتمتع بها وأن القانون يعاملها معاملة الأشخاص وعندما ظهرت الطائرة حصل نقاش بشأن منحها جنسية أم لا. فهناك من دعا إلى معاملتها معاملة*** النقل البرية حيث يقتصر على تخصيصها وتمييزها بعلامات معينة، ولا داعي لمعاملتها معاملة السفينة، لأن الطائرة تحلق في أجواء عائدة لدول بخلاف الباخرة حيث تبحر المياه الدولية في أغلب الأحيان، وإن هذه المياه لا تختص بدولة معينة، وشغل هذا الموضوع المختصين القانونيين في باريس سنة 1910 وجمعية القانون الدولي في نيويورك سنة 1930 وغرفة التجارة الدولية في اجتماعها المنعقد بواشنطن سنة 1931، وعندما جاءت اتفاقية شيكاغو نصت مادتها(17) على أن« تتحدد جنسية الطائرات بجنسية الدولة التي تم تسجيلها في سجلاتها» ونصت في مادتها(20) على أن« كل طائرة مستخدمة في الملاحة الجوية الدولية تحمل علامات جنسية دولة التسجيل» فأصبح بمقتضى هذه النصوص الصريحة أن تكون لكل طائرة جنسية معينة وهذا ما يفهم من نص المادة(18) من الاتفاقية «باشتراطها عدم جواز تسجيل الطائرة في أكثر من دولة مع جواز نقل تسجيلها من دولة لأخرى».
01 - معيـار جنسيـة الطائـرة:
قدمت عدة معايير مثل معيار جنسية الميناء المعتاد لإيواء الطائرة، ومعيار الدولة التي تمت صناعة الطائرة فيها، ومعيار مكان إقامة المالك ومعيار جنسية المالك أو الحائز عليها وأخيرا سار الاتجاه نحو معيار دولة التسجيل وهذا هو نفس المعيار الذي ساد القانون البحري. ولو دققناه وجدناه يتضمن معيار جنسية مالك الطائرة، فاتفاقية شيكاغو تنص في مادتها(19) على« أن تسجيل أو نقل تسجيل الطائرة الذي يتم في أي دولة متعاقدة يجب أن يتم وفقا للقوانين والأنظمة لتلك الدولة» وإن مصلحة الدفاع الوطني تقتضي اختيار هذا المعيار.
وأما قانون الطيران الأردني فإنه أخذ بنفس المعيار الدولي في مواده(16) وما يليها. فتنص مادته(19) على« تتمتع كل طائرة يتم تسجيلها في السجل المنصوص عليه في المادة(18) وعليها أن تحمل علامات جنسيتها وتسجيلها».
وفي القانون رقم 98- 06 مؤرخ في 27/06/1998 قانون الخدمات الجوية استعمل كلمة« ترقيم » بدل« تسجيل» في الجزائر. ولمعرفة عن اكتساب الطائرة للجنسية الجزائرية نتطرق إلى المادة(17) وما يليها من هذا القانون حيث تنص على أن« يؤسس لدى السلطة المكلفة بالطيران المدني سجل للترقيم يسمى« سجل ترقيم الطيران» كما أن المادة(18) تحتم على ترقيم أي طائرة قبل بداية ملاحتها الجوية فتنص على« ترقم كل طائرة على سجل ترقيم الطيران قبل شروعها في الملاحة الجوية»، ويسلم مستخرج منه له قيمة وثيقة الملكية. وبذلك تعطى الجنسية الجزائرية لكل طائرة تم ترقيمها في سجل الترقيم الخاص حسب ما تنص عليه المادة(20)« تمنح الجنسية الجزائرية لكل طائرة مقيدة في سجل ترقيم الطيران» وتلزم الطائرة المرقمة في هذه الحالة بحمل الإشارات البارزة لهذه الجنسية وفقا لما هو محدد عن طريق التنظيم. ونلاحظ أن المادة(22) أكثر تعمقا حيث تنص على أن« لا يجوز ترقيم طائرة إلا إذا كانت مملوكة كليا لشخص طبيعي ذو جنسية جزائرية أو مملوكة لشخص اعتباري خاضع للقانون الجزائري».ويجب في هذه الحالة الأخيرة أن يكون من ذوي الجنسية الجزائرية. والفقرات الأخرى بالنسبة لشركات الأشخاص الشركاء المتضامنون أو الشركاء بالتوصية، الشركات ذات المسؤولية المحدودة، المالكون لأغلبية الحصص، الشركات المساهمة، المالكون لأغلبية رأس المال وحسب حالة الرئيس المدير العام ومعظم أعضاء مجلس الإدارة أو الهيئة المديرة وأغلبية أعضاء مجلس المراقبة، وبالنسبة للجمعيات المسؤولة ومجمل الأعضاء المنخرطين.
02 – فقـدان الجنسيـة:
تفقد الطائرة جنسيتها عندما تفقد أحد الشروط اللازمة لاستمرار تسجيلها، وإن قانون النقل الجزائري لم يستعمل مصطلح« فقدان الجنسية» وإنما استعمل عبارة تشطب الطائرة من سجل ترقيم الطيران تلقائيا في الحالات التالية التي تنص عليها المادة(27):
- عندما تصرح السلطة المختصة أن الطائرة غير قابلة للاستعمال نهائيا.
- عندما تنعدم الأخبار عن الطائرة منذ ثلاثة(3) أشهر إبتداءا من يوم رحيل الطائرة أو من اليوم الذي سجلت فيه آخر أخبار عنها.
- عندما ينعدم استيفاء شروط الترقيم يبلغ إجراء الشطب لصاحب الطائرة، ويمكن تسليم شهادة شطب لأي شخص يثبت مصلحته من ذلك ويقدم طلبا.
وتحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.
03 – فائـدة تمييـز الطائـرات الوطنيـة عـن الأجنبيـة:
يمكن تلخيص هذه الفوائد كما يلي:
- يمكن تحديد تبعية الطائرة لدولة معينة إذ تعتبر الدولة بمثابة كفيل للطائرة باحترامها لالتزاماتها وتعد الدولة مسؤولة عنها في نطاق القانون الدولي العام.
- وإن تحديد الجنسية يساعد على تعيين القانون المختص الذي يسري على الوقائع التي تحدث على متنها، فالطائرة تنتقل بسرعة فائقة من سماء دولة إلى سماء دولة أخرى، وقد تطير في سماء أعالي البحار حيث لا سيادة لدولة معينة عليه وإن تطبيق القانون يؤدي إلى استبعاد الكثير من النزاعات التي تدور حول تحديد القانون واجب التطبيق على التصرفات والوقائع التي تحدث على متنها. وإن هذه القوانين هي أفضل من القوانين الأخرى التي اقترحها البعض مثل قانون الدولة التي تحلق الطائرة فوق إقليمها وقانون دولة الهبوط وإن هذه القوانين الأخيرة صعبة التحديد نظرا لصعوبة تحديد مكان وقوع التصرف أو الواقعة بسبب أن الطائرة تعبر الحدود وتنتقل بين الدول في وقت قصير، فضلا أن هذه الدول لا يكون لها مصلحة أو صلة في تطبيق أحكام قانونها في هذه الحالة. ويذهب بعض الشراح إلى إبعاد هذا القانون في المسائل الجزائية عندما تكون الضحية من جنسية الدولة التي حطت فيها الطائرة، أو أن الجريمة وقعت في الطائرة بعد هبوطها فيها. وبهذا الصدد توجد اتفاقية طوكيو الموقعة في سنة 1963 والخاصة بتحديد القانون الواجب التطبيق على ما يقع في الطائرة من جرائم، وقد أخذت هذه الاتفاقية بمعيار الجنسية في تحديد القانون الواجب التطبيق إذ تقضي مادتها(3) بان تختص دولة تسجيل الطائرة بمحاكمة الأشخاص عن الجرائم والأفعال التي تقع على متن الطائرة، إلا إذا تخلت دولة التسجيل بإرادتها عن اختصاصها لدولة أخرى أو كان قانون دولة التسجيل يحيل إلى اختصاص دولة أخرى.
الفـرع الثالـث(III): طاقـم الطائـرة ووثائقهـا وسجلاتهـا.
طاقـم الطائـرة:
تمهيــد:
لا يمكن أن تكون قيادة الطائرة الحديثة مقتصرة على طيار واحد وإنما تستوجب عددا من الأشخاص، يعتمد تحديده على عدة أمور كنوعية الطائرة وطرازها والمسافة التي تقطعها والأقاليم التي تحلق فوقها، ويمكن تقسيم طاقم الطائرة إلى طاقم فني وآخر خدمي. فالطاقم الأول يشارك في ملاحة الطائرة وبموجب التخصص الفني المحدد لكل منهم. والطاقم الثاني يشمل الذين لا يشاركون في أداء هذه الوظائف الفنية وإنما يسهرون على خدمة الركاب. ويجب أن تكون بحيازة الطاقم الفني المؤهلات اللازمة المطلوبة دوليا. وقد تناولت اتفاقية شيكاغو ذلك وبموجبها تلتزم الدول المتعاقدة بان تعترف بالشهادات التي تصدرها هذه الدول لطاقم طائراتها ولكن بشرط أن تكون هذه الشهادات ممنوحة وفق الشروط القانونية اللازمة، والتي يشترط أن تكون ذات مستوى أعلى كما عليه في الدولة الأخرى أو في الأقل تمثل الحد الأدنى من تلك الشروط التي تكون قابلة للتغيير والتطور حسب مستلزمات الملاحة الجوية.
01 – عضـو طاقـم الطائـرة:
عضو طاقم الطائرة يعرف بأنه أي شخص مكلف من قبل المستثمر بواجبات على الطائرة أثناء فترة الطيران ويشمل هذا التعريف عضو الطاقم الفني إضافة إلى عضو الطاقم الخدمي، كما يشترط في هذا العضو مايلي:
- أن يكون حائزا على إجازة سارية المفعول صادرة من سلطات الطيران المدني أو معتمدة لديها إن كانت صادرة بالخارج.
- وأن يجتاز الاختبارات النظرية والعملية التي تقررها السلطات المذكورة.
- وأن تكون حالته الصحية مساعدة على أداء واجباته، وإن تقدير هذا الالتزام يقع على عاتقه الشخصي ويتحمل مسؤوليته، فلا يجوز له أن يستمر في عمله إذا ما توافر لديه من الأسباب ما يحمله على الاعتقاد بأن حالته الصحية لا تجعله صالحا للقيام بعمله، سواء كان بصورة وقتية أم دائمة، وتعتبر إجازته موقفة بحكم القانون إذا ما أصابه جرح يعوقه عن أداء عمله، أو حصل على إجازة لمدة عشرين يوما فأكثر بسبب حالته الصحية، فعليه أن يخطر سلطات الطيران المدني كتابة بذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الكشف الطبي المقرر للإجازة التي يحملها.
- ولا يجوز لأي عضو من أعضاء هيئة القيادة أن يقوم في نفس الرحلة بواجبات عضوين أو أكثر من أعضاء هيئة القيادة. وتتمتع سلطات الطيران المدني أن تقرر بالنسبة لجميع الرحلات أو بعضها إضافة عضو أو أكثر في هيئة القيادة علاوة على التشكيل المقرر في شهادة صلاحية الطائرة للطيران ونفس الشيء بالنسبة للمضيفين. ومن أجل تنفيذ كل رحلة جوية لابد من وجود قائد للطاقم ليكون على رأس هيئة قيادة الطائرة، وهو الذي يعد استنادا لاتفاقية شيكاغو في ملحقها(2 و6) المسؤول عن الطيران وسلامة الطائرة أثناء الرحلة بقولها« أن الطيار مسؤول عن تشغيل وسلامة الطائرة أثناء فترة الطيران». وفي حالة وفاته أو حدوث أي مانع له أثناء أداء واجباته فإن الشخص التالي له في القائمة يحل محله« تشكيل هيئة قيادة الطائرة لكل مرحلة على كافة الخطوط الجوية المسيرة بما فيها تعيين ترتيب تسلسل القيادة».
ومستثمر الطائرة ملزم قانونا بتعيين أحد الطيارين قائدا للطائرة قبل القيام بأي رحلة نقل جوي تجاري ليكون مسؤولا عن سلامة الطائرة، فقائد الطائرة يخضع في أداء واجباته إلى سلطتين إحداهما الجهة التي يعمل لحسابها وهي شركة الطيران ويرتبط معها بعقد، والثانية هي السلطة الإدارية والتي يلتزم اتجاهها بمراعاة القواعد والأنظمة والتعليمات التي تصدرها وإلا تحمل المسؤولية.
02 – وثائـق الطائـرة:
إن وثائق الطائرة تتمثل في شهادات متعددة ونبحثها على التوالي:
أ- شهـادة تسجيـل الطائـرة:
عالجت اتفاقية شيكاغو هذه الشهادة بعناية فائقة فاعتبرتها التزاما مفروضا على الطائرة الدولية، فبموجب مادتها(20)« يتعين على كل طائرة مستخدمة في الملاحة الجوية أن تثبت على هيكلها الخارجي علاماتها الدالة على جنسيتها وتسجيلها». وتقضي بمادتها(29) بأن الطائرة يجب أن تحمل معها هذه الشهادة إضافة إلى الشهادات الأخرى اللازمة ما دامت الطائرة مستخدمة في الملاحة الجوية الدولية. وإن الدول المنظمة لهذه الاتفاقية تلتزم بمراعاة كل الأحكام الواردة بشأن هذه الشهادة فبموجب مادته(21)« كل دولة متعاقدة تلتزم بتزويد بناءا على طلب أي دولة متعاقدة أو منظمة الطيران الدولية المدنية المعلومات والبيانات الخاصة بالتسجيل ومالك كل طائرة مسجلة لديها وكل دولة متعاقدة تزود هذه المنظمة بتقارير واضحة وموجزة عن ملكية الطائرات المسجلة لديها والمستخدمة اعتياديا في الملاحة الجوية الدولية، وبإمكان المنظمة الجوية الدولية تزويد هذه المعلومات الواردة إليها لأي دولة متعاقدة أخرى تطلبها منها».
ويشير المختصون إلى ضرورة هذا التسجيل وعلاماته من أجل عدم حصول الاختلاط بين الطائرات والتمكن من تمييزها لاسيما عندما تكون محلقة في الأجواء، ومع ذلك فإن الاتفاقية تتيح للدول المتعاقدة الحرية في تنظيم إجراءات التسجيل لديها.
* الآثـار القانونيـة الناجمـة عـن صـدور شهـادة التسجيـل:
يمكن تلخيص هذه الآثار كما يلي:
1- يحدد التسجيل جنسية الطائرة واسمها ورقمها وتساعد هذه البيانات على تمييزها عن غيرها من الطائرات.
2- وتكون دليلا قانونيا على ملكيتها.
3- وكل تصرف قانوني يرد على الطائرة لا يكون نافذا اتجاه الغير ما لم يتم تسجيله، ولو كان التصرف متمثلا في وصية أو إرث أو حكم قضائي إذ لا يكون منتجا آثاره إلا بعد تسجيله مما يقتضي تعديل شهادة التسجيل، إذ أن الطائرة مال منقول فيما يتعلق بتطبيق القوانين والأنظمة المعمول بها ويتم نقل ملكية الطائرة بموجب سند رسمي ولا يكون له أي أثر اتجاه الغير إلا بعد قيده في السجل المنصوص عليه.
ب- شهـادة التسجيـل المشتـرك:
وتصدر إما من الدولة التي يودع لديها السجل المشترك وهي التي تقوم بإجراءات التسجيل فيه إن كان هذا السجل موحدا، وإما أن تصدر من الدولة ذات العلاقة إن كان السجل المشترك مجزأ وتمسك كل دولة جزء منه، وإن مثل هذه السجلات مستقلة من السجلات الوطنية ولا يجوز تكرار تسجيل نفس الطائرة في سجل آخر وتحمل هذه الطائرة علامة موحدة.
ج- شهـادة التسجيـل الدولـي للطائـرات:
وتصدرها المنظمة الدولية التي تختارها الدول المتعاقدة لتسجيل طائرتها لديها، ولا يجوز تسجيلها لدى أكثر من منظمة واحدة في نفس الوقت وعلامتها موحدة.
د- شهـادة صلاحيـة الطائـرة للملاحـة الجويـة:
ويرمز إليها بالحروف C. D. N وهي اختصار للعبارة الفرنسية Certificat De Navigabilité وتقضي أيضا اتفاقية شيكاغو بأن تحمل هذه الشهادة كل طائرة تمارس الملاحة الجوية الدولية وتلزم الدول المتعاقدة بالاعتراف بها واعتمادها ولو أنها صادرة من جهات أجنبية ومن دول أخرى، ولكن بشرط ألا تكون صادرة من دون تحقيق الحد الأدنى من الشروط اللازمة لأمان الطائرة والسلامة المطلوبة لرحلتها الجوية، كما أنه لا يجوز لأي طائرة أن تعمل في إقليم الجزائر والفضاء الذي يعلوها ما لم تكن لديها شهادة صلاحية للطيران سارية المفعول صادرة عن أو معتمدة من السلطات المختصة بدولة التسجيل طبقا للقوانين والقواعد والأنظمة المعمول بها لديها، ويشترط أن تلتزم بما تحويه شهادة الصلاحية من شروط وقيود ويستثنى من ذلك الطائرات المسجلة في الجزائر والتي تحلق في إقليم الدولة والفضاء الذي يعلوها فقط بقصد التجربة أو الفحص أو أي عملية أخرى تتعلق بآلية الطيران وفقا للشروط والقيود التي تقررها سلطات الطيران المدني.
تعتبر هذه الشهادة عديمة المفعول تلقائيا في الحالات التالية:
- عندما تقوم الطائرة بملاحة جوية خلاف الشروط المثبتة في الشهادة.
- عندما يصاب أحد أجهزتها الرئيسية بعطل أو بضرر جسيم.
- عندما يطرأ تعديل على الطائرة من دون إستحصال موافقة السلطات المختصة.
و- شهـادات أخـرى:
وتتمثل في إجازات أعضاء طاقم الطائرة ورخصة محطة اللاسلكي الخاص بالطائرة ووثائق الصيانة وقائمة بشحن البضائع والبريد وإقرار بكل التفصيلات الخاصة بها وصور مصدقة عن وثائق التأمين المقررة وأي وثائق أخرى تحددها سلطات الطيران المدني.
03 – سجـلات الطائـرة:
إضافة إلى الشهادات والمستندات سالفة الذكر يجب أن تحمل الطائرة معها جملة سجلات وهي ملزمة لطائرات النقل التجاري للأشخاص كان أم للبضائع، ويمكن إجمال هذه السجلات كما يلي:
أ- سجـل الرحـلات:
وتسجل فيه كل الرحلات التي تمت على أن تثبت حالة الطائرة في بداية كل رحلة، تاريخ ومكان الإقلاع وساعته والهبوط عند الوصول، والزمن الذي استغرقته الرحلة، وكمية الوقود المستهلكة، وما كانت تحمله، وتشكيل طاقم الطائرة، والوقت الذي استغرقته تجربة محركات الطائرة وهي على الأرض قبل الإقلاع، وقد يتضمن أي شيء يقيد فيه إذا ما حدثت أحداث أثناء الرحلة، وما يتلقاه قائد الطائرة من رسائل.
ب- سجـل الطائـرة:
وتقيد فيه البيانات الخاصة بالطائرة كعلامتها وجنسيتها وطرازها وخصائص محركاتها وأنظمتها وأجهزة اللاسلكي والراديو فيها. وتبدو فائدة هذا السجل عندما يتم استبدال طاقم الطائرة وحلول طاقم جديد لها فيتمكن من معرفة شؤون الطائرة بالرجوع إلى هذا السجل.
ج- سجـل المحـرك:
لكل محرك سجل خاص به، فيمكن القول بوجود سجلات بعدد المحركات وتتضمن أنظمتها وأسمائها والمصنع لها وتاريخ صنعها وطرازها وأرقامها وكيفية تشغيلها، وتشبه هذه السجلات سجل الطائرة آنف الذكر.
المطلـب الثانـي(II): المطـارات.
الفـرع الأول(I):
01- التعريـف القانونـي للمطـار:
للمطار مصطلحان في اللغة الفرنسية هما Aérodrome وAéroport، ويشير الفرنسيون إلى أنهما متميزان بالمعنى لغة ولكنهما يستعملان كلفظين مرادفين، Aéroport بالنسبة لهم« يحتوي على المنشآت التقنية والتجارية المتطورة بشكل خاص والتي تساعد مرفق الطيران على أدائه» فهو يمثل نموذجا خاصا من Aérodrome والأخير يعني لهم« كل أرض أو سطح ماء بحيث تتمكن الطائرة الإقلاع منه أو الهبوط عليه» غير أن هذا التمييز بين اللفظين لا يتبعه كل الفرنسيون مثل الأستاذ الكبير موريس لموان والأستاذ بول شوفو، فهؤلاء يستخدمون اللفظين كمرادفين، فالأستاذ موريس لموان عند إشارته إلى التعريف الوارد بالقانون الفرنسي لسنة 1924 يشير إلى وجوب توافر شرطين لاعتبار المكان Aérodrome » « أولهما شرط تقني وثانيهما شرط الاستعمال، وللتوضيح يقول الأرض المنبسطة أو سطح الماء بحيث تتمكن الطائرة من الإقلاع منه أو الهبوط عليه، إن هذا وحده لا يكفي لاعتبار المكان Aérodrome ويشير أيضا إلى عدم اعتباره كذلك المكان المخصص للألعاب ولو أن الطائرة تتمكن من الإقلاع منه أو الهبوط عليه. ويذكر السبب في عدم اعتبار هذا المكان بالرغم من تمكن الطائرة من الإقلاع منه والهبوط عليه هو أن هذه الأمكنة لم تهيأ بشكل خاص للطيران وبذلك لم يتوفر شرط الاستعمال وسواء أكان« « Aérodrome أمAéroport » « فإن القوانين الفرنسية تقضي توفر شرطين فيهما هما:
- أن يكون المكان مخصصا ومعدا لإقلاع وهبوط الطائرات.
- وجود موافقة الجهات الرسمية المختصة على تخصيص ذلك المكان للغرض المذكور.
أما في اللغة العربية فبعض الشراح يستعمل لفظ« ميناء جوي» للإشارة إلى Aedrome ولفظ« مطار» للإشارة إلى Aéroport، وأما على الصعيد الدولي فإن لفظ المطار هو الشائع في الاستعمال، حيث يعرف بأنه مساحة محدودة على سطح الأرض أو الماء بما فيها من مباني ومنشآت مخصصة للاستعمال كليا أو جزئيا لوصول ومغادرة وتحرك الطائرة.
إن إيجاد التعريف القانوني للمطار تبدو أهميته في عدم جواز هبوط الطائرة أو الإقلاع إلا من المكان الذي يعد قانونا مطارا وتستثنى من ذلك حالة القوة القاهرة.
02 – إنشـاء المطـارات:
يعد المطار من المستلزمات الأساسية لسلامة الطيران ومن شأنه تسهيل مهمة طاقم الطائرة ومستعمليها، وتشبه حاجة الطائرة للمطار حاجة القطار للسكة الحديدية. وألزمت اتفاقية شيكاغو أطرافها مراعاة حد أدنى عند إنشاء المطار، فبالإضافة إلى إقامة الأرضية للهبوط والإقلاع العادي وممرات للهبوط الاضطراري والدهاليز الجوية وكافة المباني الأخرى من حظائر للطائرات والحجر الصحي ومحطة الركاب، أن يزود المطار بوسائل الاتصالات اللاسلكية ومحطات الأرصاد الجوية وكافة التسهيلات اللازمة لتأمين حركة الطيران، كإقامة حد أدنى من الاتصالات والشفرة والعلامات والإشارات والأنوار الملاحية والمساحات المضاءة لتحديد معالم المكان ووسائل وطرق مكافحة الحريق. وخولت هذه المعاهدة المجلس التنفيذي للهيئة الدولية للطيران المدني« الإيكاو» حق متابعة مدى انصياع الدول الأطراف في مراعاة الحد الأدنى في مستوى المطارات والتسهيلات الملاحية. وللمجلس أن يقدم النصح والمشورة في ذلك إلى الدول المعنية، وغالبا ما تستجيب لهذه التوصيات ولو أنها غير ملزمة لها، حفاظا على سعة مطاراتها وما قد ينجم عن التشهير بها من أضرار اقتصادية، ويجب لاستكمال وإنشاء المطار وإعداده لاستقبال الطائرات أن يرتبط بغيره من المطارات الأخرى بما يسمى بالطرق الجوية أو بتعبير آخر« الدهاليز الجوية»، وهذه الطرق الجوية لها أهمية قصوى بالنسبة لأمن وسلامة الطيران ويقصد بها الخط« المرسوم» في الجو والذي يجب أن تتبعه الطائرة في رحلتها ويقابله على الأرض الوسائل الفنية لتوجيه الطائرة وإرشادها وأنوار الملاحة الجوية والمطارات التي تمزق من فوقها أو تهبط عليها وتكون دائما على صلة بها.
03 – أنشـاء المطـار وحقـوق الارتفـاق الجويـة:
إن إنشاء المطار يرتب حقوقا خاصة تقتضيها سلامة الملاحة الجوية وضمان حسن أداء الأجهزة والمنشآت الموجودة في المطار، وتسمى هذه الحقوق الخاصة بحقوق الارتفاق الجوية الخاصة، وتستدعي هذه الحقوق« بأن يحاط المطار بسياج من مناطق الأمان حتى تتمكن الطائرات من التحليق على ارتفاع منخفض والدوران حول المطار وهو الأمر الذي تستلزمه عمليات الهبوط والإقلاع ويكون ذلك عن طريق إيجاد منظمة خالية من العوائق والموانع سواء أكانت طبيعية أو من صنع الإنسان، وهذه المناطق هي ما تعرفه التشريعات بالارتفاقات الجوية» والتي أخذت بها أيضا اتفاقية شيكاغو، ولو أن هذه الحقوق تمثل قيدا على حقوق الملكية على سطح الأرض، لكنه يهون من أجل تأمين وسلامة مرفق النقل الجوي وأن هذه الاتفاقية قسمت هذا السياج الأمني للمطار إلى ثلاثة مناطق وهي:
- المنطقـة الأولـى: وهي الملاصقة للمطار مباشرة وتسمى بمنطقة الأمان، حيث يمنع إقامة أي بناء أو غراس أو أي عقبة مهما كان نوعها.
- المنطقـة الثانيـة: وهي التي يحضر إقامة أي بناء فيها أو أي عائق أو تغيير في طبيعة القائم إلا بموجب ترخيص من سلطات الطيران المدني.
- المنطقـة الثالثـة: وتسمى بمنطقة ارتفاق أنوار الملاحة الجوية واتصالاتها اللاسلكية، فلا يجوز وضع أنوار تبهر النظر فتحجب إشارات وأنوار المطار، ويحضر نصب أي تجهيزات كهربائية أو لاسلكية إلا بإذن السلطات المكلفة بالطيران المدني.
« إن كل من ملك أرضا ملك ما فوقها وما تحتها إلى حد المفيد في التمتع بها علوا وعمقا»، إن هذا النص لا يعطي المالك الحق الغير محدود وجاء على أساس تمكين المالك من الانتفاع بملكه بكافة أوجه الانتفاع المفيدة والمشروعة، كما أنه يستحيل القول بوجود أي مصلحة مشروعة للمالك العقاري في منع استخدام الفضاء الجوي وليس له سوى المطالبة بالتعويض طبقا لقواعد المسؤولية المدنية إذا ما لحق بملكه ضرر، وهذه تكفلت بها معاهدة روما سنة 1952.
الفـرع الثانـي(II) : تصنيـف المطـارات.
تمهيــد:
يمكن تصنيف المطارات بحسب العناصر التي تؤخذ بنظر الاعتبار، وقد يؤدي مع ذلك إلى إيجاد مشاكل بسبب المصطلح المستعمل لأنه قد يؤدي أكثر من معنى. فيوجد مطار دولي وإن هذه التسمية تعني أن المطار معد بمشاركة دولتين أو أكثر، في حين أن ذات التسمية تعبر عن مطار وطني بالنسبة للجهة المالكة له والتي تستثمره ومفتوح إلى الملاحة الجوية الدولية، وقد يعني في نفس الوقت بأنه مطار يعود إلى شخص معنوي عام وممنوع للجمهور المرور من خلاله مثل المطارات العسكرية. إزاء ما تقدم حاولت المنظمة الدولية للطيران المدني تقديم بعض التوضيحات من أجل حصر تلك المشكلة الناتجة عن استعمال مثل تلك المصطلحات فظهر الاتجاه القاضي بتصنيف المطارات باستعمال حروف أو أرقام.
01 – المطـار والقواعـد التنظيميـة الدوليـة:
لتأمين سلامة الملاحة الجوية لا تعتمد فقط المصلحة الوطنية وإنما يجب أن تؤخذ أيضا المصلحة المشتركة للمجموعة الدولية والتي تقضي بوجود شبكة من المطارات والمنشآت الجوية التي تؤمن حاجات الملاحة الجوية الآمنة. وإن واضعي اتفاقية شيكاغو لاحظوا هذه الناحية وحاولوا تقديم حلول لا تتعارض وسيادة كل دولة واستقلالها. فتنص مادتها(38) على« كل دولة طرف في الاتفاقية تلتزم في النطاق الممكن بإعداد المنشآت الجوية الصالحة»، ومن أجل تحقيق هذا الممكن تقدم المنظمة الدولية للطيران المدني توصيات ونماذج للمطارات التي يمكن إنشائها من قبل الدول، ولا تعتبر ملزمة لها فالدول تلتزم بهذه التوصيات والنماذج بموجب إمكانياتها، وإن مجلس إدارة هذه المنظمة له صلاحية في التدخل لدى الدول المعنية عندما يرى عدم كفاية أو عدم صلاحية منشآتها الجوية المخصصة للملاحة المدنية الآمنة، فيقدم لها المشورة والمقترحات لمعالجة الوضع القائم لديها من دون أن تعتبر الدولة مخالفة للاتفاقية، عندما تعوزها القدرة المالية على تنفيذ تلك المقترحات ترفضها بسبب السيادة الوطنية.
وتجيز الاتفاقية أن تتحمل المنظمة الدولية للطيران المدني المصاريف كلا أو جزءا في حالة عدم توفر القدرة المالية للدولة المعينة، إنشاء أو إدارة وبموجب الشروط الواردة في الاتفاقية وحينئذ يستلزم إبرام اتفاقية بين هذه المنظمة وبين الدولة المعنية والتي يمكنها شراء هذه المستلزمات في المستقبل.
الفـرع الثالـث(III): إدارة المطـارات.
تمهيــد:
ظهرت عدة طرق لإدارة المطارات سواء أكان ذلك في فرنسا أم غيرها، تمثل بعضها باللجوء إلى الوسائل القانونية التي يتيحها القانون الخاص حيث تناط الإدارة إلى أشخاص طبيعيين أو إلى شركات تجارية كما حصل ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وألمانيا، وتمثل البعض الآخر بإناطة الإدارة إلى منظمات مهنية مثل غرفة التجارة وغيرها، وتمثل البعض الآخر بإناطة الإدارة إلى الدولة مباشرة، وأحيانا يعتبر المطار ذاته منطقة مستقلة يدير نفسه بنفسه، ويمكن تصنيف طرق الإدارة تلك إلى ثلاثة أنظمة مختلفة وهي:« الريجي –La régie » و« الامتياز –Concession » و
« الشخص المستقل –Statut autonome »، وكل هذه الأنظمة وضعت موضع التطبيق العملي والمشكلة هي في اختيار الأصلح فلكل نظام عيوبه ومزاياه.
01 – نظـام الريجـي:
يقوم هذا النظام على تنصيب كادر من موظفي الدولة يتولون إدارة المطار باستعمالهم وسائل السلطة العامة، ولهم ميزانية تابعة لميزانية الدول وبالرغم من أنها هيئة قائمة بذاتها إلا أنها تعد سلطة إدارية تتميز بروتين طويل ومعقد بسبب أن موظفيها ينتسبون إلى أشخاص معنويين عامين متعددين وبعبارة أخرى إلى وزارات ومؤسسات متعددة ومستقلة بعضها عن البعض الآخر مما يشكل عقبة عند اتخاذ القرارات اللازمة، كما لا يمكن مراعاة السرعة في اتخاذها لأن القرار يتطلب مروره فعلا وواقعا من خلال عدة جهات، كما لاحظنا إضافة إلى ما تقدم فإن الموظف لا يكون أهلا لأداء ما يتطلبه الاستغلال التجاري.
02 – نظـام الامتيـاز:
وبموجبه تتخلى الدولة عن إدارة المطار إلى شخص طبيعي أو معنوي غالبا ما يكون شركة تجارية استنادا إلى عقد امتياز يبرم بينهما، على أن لا تتخلى الدولة عن كل صلاحياتها في المطار فتحتفظ لها بحق تعيين المسؤول عن الاتصالات اللاسلكية والبريدية فيه وعن الجمارك والشرطة والإشراف على قانونية الإجراءات التي يتبعها صاحب الامتياز في إدارته للمطار، فمن مزايا هذا النظام أنه يفسح المجال لصاحب الامتياز بإتباع وسائل القانون التجاري في الإدارة ويستفيد بنفس الوقت من أساليب السلطة العامة في بعض الحالات ولكن ما يعيبه أنه يهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق أكبر ربح، بينما الناحية التقنية ومتطلباتها فإنها تأتي في الدرجة الثانية. كما أن صاحب الامتياز مهما كان لا يكون بمقدوره متابعة التطورات والاختراعات في مجال المنشآت والوسائل التي تستخدم في إدارة المطارات لأن مثل هذه المتابعة والتقيد بها مكلف له مما تنشأ الحاجة إلى وضع هذه الأعباء على الدولة إضافة إلى أن نظام الامتياز لا ينسجم مع سياسة الدولة الرامية إلى التدخل والسيطرة والتوجيه في الاقتصاد والتجارة.
03 – نظـام الشخـص المستقـل:
وبموجبه يعتبر المطار مؤسسة عامة لها شخصيتها المعنوية المستقلة وتترتب عليها كل الآثار القانونية من جراء وجود هذه الشخصية، فيتكلم باسمها مدير عام ومجلس إدارة. فيمثل الأول الإدارة التنفيذية للثاني ويتوقف نجاح هذا النظام على تركيبة المجلس وكيفيتها، وكيفية تعيين مديره العام ومدى الصلاحيات الممنوحة.
الفـرع الرابـع(IV): حمايـة المطـارات:
تمهيــد:
جميع الهيئات الدولية تعتبر أن الأمتعة والبضائع التي يود شحنها على متن طائرة مصدر يجلب الاهتمام لما يمكن أن يشكله من خطر على سلامة الطائرة والركاب، إذ يجب تطبيق جملة من الإجراءات الأمنية في نقلها لتجنب أي عملية شحن مواد محظورة على متن الطائرة من المتفجرات أو أي مواد أخرى يمكن أن تشكل خطرا. على شركات الطيران أن تمنع شحن أي أمتعة أو عتاد لم يتقدم بفحص أثناء عملية الركوب، لذا يسمح بشحن ما يلي:
- الأمتعة الخاصة بالمسافرين الذين تم صعودهم.
- الأمتعة الخاصة بالمسافرين الغائبين إلا بعد فحص أمني دقيق.
وعليه يتم تلخيص بعض الإجراءات الأمنية المتبعة في حماية المطارات في ما يلي:
01 – وضـع الأنظمـة الخاصـة بأمـن المطـارات والطائـرات:
تقوم سلطات الطيران المدني بالاشتراك مع السلطات المختصة الأخرى بوضع الأنظمة والتعليمات اللازمة لحفظ الأمن بمطارات الدولة، وضمان سلامة الطائرات والمساعدات الملاحية ولها في سبيل ذلك أن تقوم بالآتي:
- تقييد أو منع دخول الأفراد إلى بعض المناطق بالمطارات.
- التحقق من شخصية الأفراد والمركبات التي تدخل المطارات ومراقبتهم واستجواب أي شخص تشك في أمره.
- التأكد من عدم حيازة الركاب لأية أسلحة أو مواد قابلة للاشتعال أو أي مواد أخرى يمكن استعمالها فيما يهدد الطائرة أو الركاب أو البضائع بالخطر.
02 – حمـل الأسلحـة والمـواد الخطـرة بالطائـرات:
- لا يجوز لأي شخص على متن الطائرة أن يحمل دون تصريح من سلطات الطيران المدني سلاحا أو مواد قابلة للاشتعال أو أية مواد أخرى يمكن استعمالها في أي عمل من أعمال التخريب أو العنف أو التهديد أثناء الرحلة.
- إذا ما تطلب الأمر نقل سلاح خال من الذخيرة أو أية مواد قابلة للاشتعال أو أية مواد أخرى يمكن استعمالها في أي عمل من أعمال التخريب أو العنف أو التهديد يجب على حائزها تسليمها إلى ممثل المستثمر قبل دخوله الطائرة وتوضع مثل هذه الأسلحة أو المواد في مكان بالطائرة لا يمكن وصول الركاب إليه وترد لمن سلمها بعد انتهاء الرحلة.
03 – نقـل البريـد الجـوي:
لا يجوز نقل أي بريد أو طرود بريدية مرسلة عن طريق الجو إلا وفقا للإجراءات البريدية المقررة ومع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية المنظمة إليها الجمهورية.
04 – تطبيـق الاحتياطـات الأمنيـة:
يتم تطبيق الاحتياطات الأمنية المعتمدة سواء من طرف شركة الطيران المدني أو من طرف المصالح الأمنية تبعا لأصناف البضائع:
- البضائع والأمتعة المسجلة محليا وتعني بذلك البضائع والأمتعة مع أصحابها وهذا انطلاقا من بدأ الرحلة إلى غاية انتهائها بحيث تخضع هذه البضائع والأمتعة إلى الرقابة بواسطة التقرب.
- البضائع التابعة للمسافرين الذين سجلوها ضمن رحلة جوية أخرى تابعة لنفس شركة الطيران وذلك بمطار آخر لتصل في الأخير إلى نفس وجهة صاحبها. هذه البضائع تخضع مبدئيا إلى الرقابة بواسطة التقرب في حالة تسجيلها من طرف أصحابها، أما إذا استعان الأمر فإنه تطبق عليه الرقابة الفيزيائية الأمنية.
- البضائع والأمتعة العابرة يخضع هذا الصنف من البضائع إلى رقابة بواسطة التقرب هذا إذا أخضعت هته البضائع بدأ من مطار الانطلاق إلى الرقابة الفيزيائية الأمنية بحيث يتم التأكد من حقيقة هذه الأمتعة من قبل شركة الطيران.
المبحـث الثـالث(III): النقـل الجـوي والأحـوال الجويـة.
المـطلب الأول (I): ماهيـة النقـل الجـوي.
تتعدد أغراض الملاحة الجوية في واقع الأمر وتتنوع، إذ قد تستخدم الطائرة في أغراض النقل، وأغراض الدعاية والإعلان، والأغراض الرياضية، هذا فضلا عن طائرات الدولة التي تستخدم في أغراض المرافقة العامة.
يبدو أن استخدام الطائرة في أغراض النقل يعد أهم أغراض الملاحة الجوية، ولذا يستأثر بكل اهتمام الفقه والقضاء والتشريع على الصعيدين الوطني والدولي، بل يمكن القول أن موضوع النقل الجوي فاق أهميته سائر الموضوعات الأخرى.
إذا فإن النقل الجوي باستخدام الطائرات يعتبر من أهم الانجازات التي حققها الإنسان في بداية القرن العشرين متحديا بذلك حواجز المكان والزمان في آن واحد، فإذا كانت كل وسائل النقل تحقق مزايا الانتقال من مكان إلى آخر، فإن مزايا الطائرة أنها تحقق ذلك بسرعة فائقة مما يعني " ادخار وتوفير" أثمن ما وهبه الله للإنسان وهو " الوقت " الذي به يقاس المرء نفسه وما يستطيع تحقيقه حتى ينقضي " زمنه " في الأجل المسمى.
تستخدم الطائرة شأنها شأن وسائل النقل الأخرى في نقل الأشخاص والبضائع وقد يتم هذا أو ذاك داخل حدود الدولة، فيكون نقلا جويا داخليا، وقد يتم بين دولتين أو أكثر، فكون نقلا دوليا. وتظهر أهمية التفرقة بين النقل الداخلي والدولي من حيث تحديد القواعد القانونية التي تحكم عقد النقل الجوي، إذ يخضع النقل الجوي الداخلي إلى التشريع الوطني، بينما يخضع النقل الجوي الدولي للاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها اتفاقية وارسو لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي الدولي والمبرمة في 12 أكتوبر 1929 وتعديلاتها اللاحقة والتي انضمت إليها الجزائر وصدر على أثرها القانون رقم 98-06 المؤرخ في ربيع الأول 27 يونيو سنة 1998 والذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني.
الفـرع الأول(I): مفهـوم عقـد النقـل الجـوي الداخلـي.
نستهل معالجة النقل الجوي الداخلي بالتعريف بالعقد وكذا تحديد خصائصه بالإضافة إلى دراسة عقد النقل الجوي المتعلق بعقد نقل الأشخاص.
1- المقصـود بعقـد النقـل الجـوي الداخلـي:
تعرض المشرع لتعريف عقد النقل في الأحكام العامة حيث عرفه على أنه: " عقد النقل إنفاق يلتزم بمقتضاه الناقل بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شخص أو شيء إلى مكان معين مقابل أجر " المادة 208 من الأحكام العامة للقانون المصري.
كما عرف النقل الجوي على أنه: " يقصد بالنقل الجوي نقل الأشخاص أو الأمتعة أو البضائع بالطائرات بهدف تحقيق الربح." المادة 284 من الأحكام العامة .ق.مصري حيث اعتبر المشرع أن النقل الجوي يعتبر داخليا إذا كانت النقطتان المعينتان باتفاق المتعاقدين للقيام والوصول واقعتين داخل إقليم الدولة ولو كانت الطائرة تواصل رحلتها بعد مغادرة نقطة الوصول إلى ما وراء الحدود الإقليمية للدولة.
فمن خلال التعاريف السابقة يمكننا تعريف عقد النقل الجوي الداخلي بأنه: " الاتفاق الذي يلتزم الناقل بمقتضاه بنقل الأشخاص أو الأشياء جوا باستخدام الطائرات من مكان إلى آخر، يقع كلاهما داخل الحدود الإقليمية للدولة وذلك مقابل أجرة وبهدف تحقيق ربح. "،
ويتضح مما سبق أن خصوصية عقد النقل الجوي بصفة عامة تأتي من وسيلة النقل وهي الطائرة شريطة أن يكون النقل عن طريق تحليقها في الفضاء.
كما تجدر الإشارة إلى أن اعتبار عقد النقل جوي داخلي، إلى ما اتجهت إليه إدارة أطراف عقد النقل وما قاموا بإثباته في اتفاق النقل بشأن تحديد نقطة القيام ونقطة الوصول اللتان تقع داخل إقليم الدولة الواحدة.
2- خصـائص عقـد النقـل الجـوي:
ينفرد عقد النقل الجوي بخصائص تجعله يتميز عن باقي العقود الأخرى حيث أنه يعتبر عقد النقل الجوي من العقود الرضائية التي تدخل في زمرة عقود المعاوضة ذات الطابع الإذعاني وهو يعد من العقود التجارية دائما بالنسبة للناقل.
أ- عقـد النقـل الجـوي عقـد رضـائي: ويقصد بالرضائية كفاية تلاقي الإيجاب والقبول لانعقاد العقد دون حاجة لإفراغه في شكل خاص بالكتابة الرسمية أو العرقية، حيث أنه يتم عقد النقل الجوي بمجرد الاتفاق ويجوز إثبات العقد بكافة طرق الإثبات المقررة قانونيا، حيث يجري العمل سواءا في نقل الأشخاص أو البضائع من خلال إصدار أوراق مكتوبة كتذاكر السفر أو وثائق الشحن.
ب- طابـع عقـود المعاوضـة: وتبرز فكرة المعاوضة من خلال ضرورة وجود الأجرة وهذا ما يؤكد أن يتم عقد النقل الجوي وأن يتم النقل بهدف تحقيق الربح.
ج- طابـع عقـود الإذعـان: كان مقتضى الرضائية أن يتمتع أطراف العقد بحرية التفاوض ومناقشة شروط العقد، ولكن الواقع تمخض عن سيطرة شركات النقل وإعدادها نماذج عقود متضمنة شروطها التي لا يملك المسافر أو شاحن البضاعة سوى قبولها أو رفضها والبحث عن ناقل آخر، فقبول المتعاقد مع الناقل ما هو في الحقيقة إلا التسليم بما فرضه الناقل لشروط لا تقبل المجادلة والتفاوض مما يعني استجماع كل خصائص عقود الإذعان.
د- الطابـع التجـاري: يعتبر عقد النقل الجوي من العقود التجارية دائما بالنسبة للناقل سواء كان معترفا أو غير معترف حيث يدخل في أعمال تجارية كل عمل يتعلق بالملاحة التجارية بحرية كانت أم جوية.
م1- إبـرام عقـد النقـل الجـوي للأشخـاص وتحديـد أطرافـه:
أ- انعقـاد العقـد وإثباتـه:
ينعقد عقد نقل الأشخاص جوا شأنه شأن عقود النقل بصفة عامة بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول وذلك باعتباره عقدا رضائيا، وقد يكون القبول ضمنيا فمجرد صعود الراكب داخل الطائرة يعد قبولا لإيجاب الناقل،إلا إذا ثبت عدم اتجاه نية الراكب للسفر ولا يخفى صعوبة تصور ذلك عملا بالنسبة للناقل الجوي، نظرا للإجراءات الإدارية والأمنية التي تسبق دخول المطار.
ويجوز إثبات عقد النقل بكافة طرق الإثبات وإذا كان العمل يجري على إصدار تذكرة النقل الجوي، فإنها تعد وسيلة للإثبات ولكن عدم إصدارها لا يحول دون انعقاد العقد وإثباته بكل الطرق.
ب- أطـراف عقـد النقـل الجـوي للأشخـاص:
لا تثور أي صفة في تحديد المسافر الذي يتعاقد لنقله جوا كما لا تثور أيضا أي صعوبة إذا تم التعاقد مع ناقل معين تولى تنفيذ عقد النقل، ولكن قد يتم التعاقد مع ناقل ثم يعهد هذا الناقل لشركة نقل أخرى تتولى تنفيذ عملية النقل كلها أو تتولى تنفيذ جزء منها كما قد يتدخل في إبرام العقد وكيل بالعمولة أو وكالة سياحية أو تكون الطائرة محلا لعقد إيجار ويتولى المستأجر إبرام العقود، ففي كل هذه الصور يثور التساؤل عن تحديد من هو الناقل المسؤول في مواجهة المسافر وسنتعرض لهذه الصور تباعا:
1- الناقـل المتعـاقد والناقـل الفعلـي:
قد لا يتولى الناقل المتعاقد تنفيذ العقد ويعهد ناقل آخر يتولى ذلك، وتحتفظ شركات الطيران في عقودها النموذجية عادة لنفسها. بهذه الرخصة فالأصل بالنسبة للمسافر أنه لا يعرف سوى الناقل الذي تعاقد معه ويظهر الناقل الفعلي أمامه كتابع للناقل المتعاقد ولذا لا يجوز للمسافر الرجوع إلى هذا الأخير إلى على أساس المسؤولية التقصيرية، ولذا يجوز للمسافر مقاضاة الناقل الذي تعاقد معه.
2- الوكيـل بالعمولـة للنقـل:
يتعاقد الوكيل بالعمولة باسمه ولحساب موكله والذي قد يكون في مقام عقد النقل هو المسافر أو الناقل، ويهمنا ونحن بصدد تحديد من هو الناقل حالة تعاقده مع الراكب باسمه ولحساب الناقل. ويستوي في ذلك أن يتولى التنفيذ الكامل أو الجزئي، فهو في الحالتين ناقل متعاقد يسأل أمام الراكب عن الرحلة كاملة.
3- الوكـالات السياحيـة:
تتولى هذه الوكالات تنظيم رحلات سياحية جماعية فيكون من مهامها اتخاذ إجراءات الحجز والتعاقد مع شركات الطيران باسم الركاب المشتركين في الرحلات التي تنظمها، وهي في هذه الحالة لا علاقة لها بعملية النقل التي يتولاها الناقلون كما أن المسافرين يتم التعاقد باسمهم مما يعني نشوء علاقات مباشرة بينهم وبين الناقل ولا تتحول للوكالة السياحية ولا تكتسب وصف الناقل في هذه الحالة.
4- مستـأجر الطائـرة:
إن الطائرة شأنها شأن السفينة يمكن أن تكون محلا لعقد إيجار سواءا تم تأجيرها عارية أو مجهزة فإن تسلمها المستأجر في الحالة الأولى وتولى تعيين الطاقم وتجهيزها وأبرمت عقود النقل مع الركاب فإنه يكتسب صفة الناقل وسأل عن أفعال الربان والطاقم بوصفه متبوعا.
أما إذا تم استئجار الطائرة مزودة بطاقمها ومجهزة، فالأمر يتوقف على معرفة ما إذا كان المستأجر سيتولى الإدارة الملاحية والتجارية أم يقتصر على الأخيرة فقط، فإذا اجتمعت في يده الإدارتين فإنه يكون وحده الناقل المتعاقد والمتبوع لطاقم الطائرة.
م2- آثـار عقـد النقـل الجـوي الداخلـي:
1- حقـوق والتزامـات المسافـر:
يتمثل الحق الأساسي للراكب في تنفيذ عملية النقل لمطار الوصول سليما مع أمتعته، وهو حق تتضح معالمه عند معالجة التزام الناقل بضمان السلامة وتنفيذ عقد النقل. فللمسافر الحق في التمسك بشغل مقعده في الدرجة المتفق عليها والحصول على جميع المزايا المحددة في الإتفاق.
كما للمسافر الحق بالمطالبة بتعويض أضرار التأخير، إذ يلزم أن يتم النقل في الميعاد المتفق عليه أو الميعاد المعقول، في حيث يلتزم المسافر بإتباع تعليمات الناقل أثناء عملية النقل وفي حالة ارتكابه أي مخالفات يجوز لقائد الطائرة التدخل لاتخاذ ما يلزم حتى لو اقتضى الأمر تقييد حركة الراكب أو إنزاله في أول مطار وتسليمه للسلطات مثلا حالات ارتكاب جرائم وأفعال تمس بسلامة الطائرة أو الإخلال بالنظام العام.
كما يلتزم المسافر في حالة حصوله على ترخيص بنقل أمتعة أو حيوانات بحراستها ويسأل عن أي أضرار تلحق الناقل أو الغير نتيجة حمل هذه الأمتعة، كما يلزم المسافر بالحضور في الميعاد المحدد بالاتفاق.
ويتمثل الالتزام الرئيسي للمسافر في التزامه بدفع الأجرة في الميعاد المتفق عليه أو الذي تحدده لوائح النقل أو يقضي به العرف ويسقط الالتزام بدفع الأجرة إذا حالت القوة القاهرة د ون مباشرة النقل، أو إذا قامت القوة القاهرة أو الخطر أثناء النقل فلا يلتزم المسافر بالأجرة إلا في حدود الجزء الذي تم تنفيذه من النقل.
2- حقـوق والتزامـات النـاقل:
يعد الحق في اقتضاء الأجرة هو الحق الأساسي للناقل، ويتم دفعه في الوقت المحدد اتفاقا أو عرفا على النحو السابق بيانه إلا أذا عرضت حالة من الحالات التي يسقط فيها الالتزام بدفع الأجرة.
ويتمتع الناقل بالحق في حسب المتعة للراكب ضمانا لأجرة النقل وغيرها من المصاريف كما يتمتع بامتياز على ثمن الناتج من التنفيذ على هذه الأمتعة لاستيفاء جميع مستحقاته.
ويلتزم الناقل أساسا بتنفيذ النقل بإتباع الطريق المتفق عليه وفي الميعاد المحدد وإذا تعطل النقل بسبب يرجع إليه أو إلى تابعيه أو إلى وسائل النقل المستخدمة فللمسافر اختيار وسيلة أخرى على نفقة الناقل الذي يتحمل مصاريف نقله إلى المكان المتفق عليه، كما يحق للراكب مطالبة الناقل بالتعويض إذا كان له مقتضى، كما يلتزم الناقل أثناء النقل بتقديم الخدمات المتفق عليها كتقديم الوجبات والمشروبات والعمل على راحة المسافر والالتزام بضمان سلامته، بالإضافة إلى الالتزام بالمحافظة على أمتعة الراكب ويخضع التزامه لأحكام عقد نقل الأشياء.
الفـرع الثاني(II): مفهـوم عقـد النقـل الجـوي الدولـي.
أشرنا فيما سبق إلى عودة المشرع للتفرقة بين النقل الجوي الداخلي والنقل الجوي الدولي عادلا بذلك عن توحيد القواعد بالنسبة لهما وإخضاعهما سويا لأحكام اتفاقية وارسو حيث تعتبر اتفاقية وارسو والاتفاقيات المكملة لها والتي انضمت إليها الجزائر هي الحاكمة لعقود النقل الجوية الدولية.
ففي بداية دراستنا لمحتوى عقد النقل الجوي الدولي سنعرج إلى تحديد نطاق تطبيق الاتفاقية، ثم معالجة ما وضع من أحكام خاصة بعقد النقل الجوي الدولي في مجال النقل بصفة عامة.
I- نطـاق تطبيـق اتفاقيـة وارسـو:
يتضح من خلال دراسة نصوص اتفاقية وارسو وما طرأ عليها من تعديلات ببروتوكول لاهاي عام 1955. أنه يلزم لتطبيق الاتفاقية توفر الشروط الآتية:
1- أن يتعلق الأمر بنقل بمقابل.
2- أن يكون النقل دوليا.
3- ألا يتعلق الأمر بنقل الرسائل والطرود البريدية.
4- ألا يتعلق الأمر بإجراء تجارب بهدف إنشاء خطوط جوية جديدة.
5- ألا يتعلق الأمر بعمليات نقل تتم في ظروف استثنائية.
ونتناول دراستنا هذه من خلال معالجة هذه الشروط على النحو التالي:
1- أن يكـون النقـل بمقابـل:
طبقا لنص المادة الأولى من اتفاقية وارسو، تنطبق أحكام الاتفاقية على النقل الدولي الذي يتم لقاء مقابل Contre Rémunération ويأخذ هذا المقابل عادة صورة مبلغ نقدي ، ولكن لا يلزم عن ذلك استبعاد صور المقابل الأخرى فلا يوجد ما يمنع مع عمومية اللفظ من شمول المقابل لصورة أداء عمل أو تقديم خدمة يرتضيها الناقل مقابل قيامه بنقل المسافر أو شحن البضاعة، فالجوهر هو وجود مقابل يكشف عن تجارية نشاط الناقل حيث يرى البعض على ضرورة أن يكون المقابل متناسبا مع قيمة الخدمة، أما قيام المسافرين بالمساهمة في نفقات رحلة سياحية أو الاكتفاء بدفع أجور رمزية، فإن النقل لا يعتبر قد تم بمقابل في هذه الحالة ونعتقد أن التناسب ليس حتميا لتوافر المقابل وأن الأمر يتعلق بظروف الواقع التي يمكن للقاضي أن يستشف منها وجود مقابل أو عدم وجوده.
كان من الطبيعي ترتيبا على ما تقدم، أن يخرج النقل المجاني من نطاق تطبيق الاتفاقية إلا أن المادة الأولى تستطرد معلنة إخضاع هذا النقل لأحكام الاتفاقية إذ باشرته شركة للنقل الجويEntreprise De Transports Aériens.
2- أن يكـون النقـل دوليـا:
الحالات التي يكون فيها النقل دوليا طبقا لاتفاقية وارسو:
تنص المادة الأولى من الاتفاقية في فقرتها الثانية على أنه يوصف بصفة النقل الدولي طبقا للاتفاقية:
" كل نقل تكون فيه( طبقا لشروط الأطراف) نقطة الرحيل ونقطة الوصول( سواء كان هناك انقطاع في النقل أو انتقال من طائرة إلى أخرى)واقعتين إما على إقليم دولتين من الدول العليا المتعاقدة وإما على إقليم دولة عليا متعاقدة واحدة، إذا كان متفقا على وجود مرسى في إقليم خاضع لسيادة أو إمارة أو انتداب أو سلطان دولة أخرى حتى لو لم تكن طرفا ".
" النقل الذي يتم بين الأقاليم خاضعة لسيادة أو إمارة أو انتداب أو سلطان نفس الدولة المتعاقدة، دون وجود مثل هذا المرسى، لا يعتبر نقلا دوليا في مفهوم هذه الاتفاقية " فمن خلال هذا النص، إن النقل يعتبر دوليا في حالتين:
أ- إذا كـانت نقطـة الرحيـل ونقطـة الوصـول تقعـان فـي دولتيـن مـن الدول الأطـراف فـي الاتفاقيـة:
يلزم في هذه الحالة أن تكون الرحلة بين دولتين من الدول الأطراف في الاتفاقية، والعبرة باتفاق الأطراف، أي الناقل من جهة والمسافر أو شاحن البضاعة من جهة أخرى. فلو أن عقدا أبرم لنقل المسافر من الجزائر إلى مصر وكلاهما طرف في الاتفاقية فإن النقل يعتبر دوليا يخضع للاتفاقية، حتى لو لم تتم الرحلة نظرا لعودة الرحلة بسبب سوء الأحوال الجوية والعكس صحيح، فلو أن الرحلة المتفق عليها تبدأ أو تنتهي في إقليم دولة واحدة من الدول الموقعة على الاتفاقية، ثم اضطرت الطائرة إلى الهبوط في دولة أخرى من أطراف الاتفاقية فإن النقل يظل خاضعا للقانون الوطني، باعتباره نقلا داخليا فالعبرة دائما باتفاق أطراف عقد النقل وليس بخط سير الطائرة الفعلي.
ب- إذا كـانت نقطتـا القيـام والوصـول فـي دولـة متعاقـدة واحـدة مـع وجـود اتفـاق علـى هبـوط الطـائرة فـي دولـة أخـرى أثنـاء الرحلـة:
الفرض في هذه الصورة، أن النقل يبدأ وينتهي على إقليم دولة واحدة من الدول الأطراف في الاتفاقية، ولكن يتم الاتفاق في عقد النقل على وجود محطة تهبط فيها الطائرة في دولة أخرى قبل الهبوط النهائي في محطة الوصول ولا أهمية في هذه الحالة، أن تكون الدولة التي يتم فيها الهبوط المؤقت طرفا في الاتفاقية، فتسري أحكام الاتفاقية على هذا النقل حتى ولو كانت هذه الدولة ليست طرفا في اتفاقية وارسو ومثال هذا الفرض، أن تبدأ الرحلة من القاهرة متجهة إلى أسوان مع وجود محطة جوية في الرياض مثلا، والعبرة دائما باتفاق أطراف عقد النقل ولا أهمية لما يحدث بالفعل فلو أن رحلة الطائرة في المثال السابق اتجهت من القاهرة إلى أسوان رأسا نظرا لسوء الأحوال الجوية التي أدت إلى إلغاء الهبوط في الرياض فإن النقل مع ذلك يظل دوليا ويخضع لأحكام الاتفاقية.
3- ألا يتعلـق الأمـر بنقـل الرسائـل والطـرود البريديـة:
نصت المادة الثانية من الاتفاقية في فقرتها الثانية على استثناء النقل الذي يتم بشأن الرسائل والطرود البريدية والحكمة من استبعاد هذا النقل، من نطاق تطبيق أحكام الاتفاقية هي منع التعارض بين اتفاقية وارسو والاتفاقيات الدولية المنظمة لنقل البريد.
4- ألا يتعلـق الأمـر بإجـراء تجـارب بهـدف إنشـاء خطـوط ملاحيـة منتظمـة:
نصت المادة 34 من الاتفاقية، على أنها لا تنطبق على صور النقل الجوي الدولي التي تتم بواسطة منشآت الملاحة الجوية على سبيل " التجارب الأولى بهدف تأسيس خطوط منتظمة للملاحة الجوية ". والهدف من هذا النص تشجيع إنشاء خطوط الملاحة الجوية المنتظمة في وقت لم تكن فيه هذه الخطوط قد امتدت على نحو كاف لربط دول العالم، فأراد واضعو الاتفاقية استبعاد تطبيقها وتطبيق ما تضمنته من أحكام بخصوص مسؤولية الناقل على صور النقل التي تتم على سبيل التجربة تمهيدا لانتظام خط ملاحي جوي جديد.
5- ألا يتعلـق الأمـر بعمليـات نقـل تتـم فـي ظـروف غيـر عاديـة:
نصت المادة 34 في فقرتها الثانية على أن الاتفاقية لا تنطبق على عمليات النقل التي تتم في " ظروف استثنائية خارج العمليات العادية للاستغلال الجوي ".
ويتوخى هذا النص، التخفيف عن عاتق الناقل الذي يباشر عمليات نقل تخرج عن المألوف، وتصطبغ بصبغة استثنائية ويواجه فيها مخاطر لا يمكن معها إخضاعه لأحكام المسؤولية المشددة التي تتضمنها الاتفاقية.
II- عقـد النقـل الجـوي الدولـي للأشخـاص:
نتناول دراسة هذا العقد بادئين بمعالجة تكوين العقد وإثباته، ثم تحديد الآثار المترتبة عن هذا العقد من خلال تحديد التزامات وحقوق كل طرف في العقد.
1- تكويـن عقـد نقـل الأشخـاص وإثباتـه:
أ- تكويـن عقـد النقـل: يخضع عقد النقل للأشخاص جوا للقواعد العامة التي تحكم تكوين العقود بصفة عامة سواء تعلقت هذه القواعد بأهلية أطراف العقد أو أركانه العامة، أي الرضا والمحل والسبب.
ويعتبر عقد النقل بصفة عامة عقدا رضائيا ينعقد بمجرد التراضي ولا يلزم توفر شكل خاص، كما يمكن إثباته بكافة طرق الإثبات في مواجهة الناقل المحترف، ولا يثير تكوين العقد مشكلة خاصة إلا فيما يتعلق بإلزام الناقل بقبول التعاقد مع المسافرين، إذ يعتبر الناقل في حالة إيجاب عام يتسم بالدوام، فهو يمارس عملا قد يأخذ صفة المرفق العام، والذي يلزم أن يقدم خدماته للجمهور وأن يجري تقديم هذه الخدمات طبقا لمبدأ المساواة بين الأفراد. ومع ذلك فإن اتفاقية وارسو تضمنت حكما يشكك في سريات هذه القواعد على الناقل الجوي، فقد نصت الاتفاقية على أن الناقل يمكنه رفض التعاقد، ولم تقيد الاتفاقية سلطة الرفض بأي قيد مما يوحي بأن الناقل يستطيع ممارسة سلطة مطلقة وتحكيمية في مواجهة الجمهور.
ب- إثبـات عقـد النقـل: أشرنا فيما سبق، إلى أن المسافر يمكنه إثبات عقد النقل بكافة طرق الإثبات، ومع ذلك فإننا نجد اتفاقية وارسو تلزم الناقل بتسليم تذكرة سفر إلى المسافر، حيث فرضت الاتفاقية ذكر بيانات معينة تتضمنها هذه التذكرة، فهل يعني ذلك إن هذه التذكرة ضرورية لإثبات عقد النقل؟ أجابت اتفاقية وارسو على ذلك من خلال اعتبار أن عدم تسليم التذكرة أو عدم تضمنها البيانات المطلوبة لا يمس بالعقد وتكوينه، فالتذكرة ليست وسيلة وحيدة لإثبات العقد وعدم وجودها لا يعني عدم وجود العقد، فقد رتبت الاتفاقية على قبول الناقل المسافرين، دون إصدار تذاكر النقل الناقل من التمسك بأحكام الاتفاقية الخاصة بإعفاء الناقل من المسؤولية.
ومن خلال تعديل لاهاي عام 1955، الذي أوجب وجود بيانات اللازم إثباتها في التذكرة وقصرها على بيانات ثلاثة: 1- بيان نقطتي القيام والوصول 2- بيان محطات الهبوط في الدول الأجنبية 3- إعلان خضوع النقل للحدود القصوى للتعويض.
ولم يعدل بروتوكول لاهاي في الجزء المترتب على عدم وجود التذكرة أو عدم انتظام بياناتها فظل الجزاء كما هو.
2- آثـار عقـد نقـل الأشخـاص:
أ- حقـوق والتزامـات المسافـر: يبرم المسافر عقد النقل بهدف الانتقال من مكان إلى آخر ويمثل هذا الهدف الحق الأساسي للمسافر، وحوله تدور كافة الحقوق الأخرى فللمسافر حق مطالبة الناقل بتنفيذ عملية النقل من مكان القيام إلى مكان الوصول وفي الموعد المتفق عليه وإذا أخل الناقل يمكن للمسافر استرجاع قيمة التذكرة، فضلا عن التعويضات التي قد تستحق له طبقا للقواعد العامة.
ويلتزم المسافر أساسا، بدفع قيمة التذكرة طبقا لتعريفة الأجور المحددة للخطوط المنتظمة، كما يلتزم بالانصياع لتعليمات الناقل فعليه التواجد في المكان والزمان المحددين لبدء الرحلة، كما يتعين عليه حمل كل المستندات المطلوبة طبقا للقوانين واللوائح المنظمة للشؤون المالية أو الصحية.
ب- حقـوق والتزامـات الناقـل: للناقل الحق في طلب قيمة التذكرة واقتضائها مسبقا، وله الحق في رفض أي راكب لا يحمل التذكرة التي تتسم بطابع شخصي فلا تقبل التحويل وإلا فإن الناقل لا يعد مسؤولا عن الأضرار التي تلحق المتنازل إليه. وللناقل أن يصدر ما يراه لازما من التعليمات تهدف إلى تأمين سلامة الرحلة ويلتزم الناقل أساسا بإتمام عملية النقل طبقا لشروط الاتفاق، ويمتد الالتزام ليشمل الشخص المسافر وأمتعته الشخصية ويلتزم الناقل بضمان السلامة، وهو التزام سيكون مدار دراستنا في موضوع مسؤولية الناقل وفضلا عما سبق ، فثمة التزامات تكميلية تتمثل في التزام الناقل بالسهر على راحة الركاب وتوفير حد أدنى من الخدمات اللازمة لهم.
المطلـب الثانـي(II): مدخـل للأرصـاد الجويـة:
الفـرع الأول(I): مفهـوم محطـة الأرصـاد الجويـة.
تأسست الأرصاد الجوية على شكل مكتب للرصد والتنبؤات الجوية في المطار وكان عدد محطات الرصد الجوي محدودا بعد الاستقلال، كما كانت مهامها أيضا لا تتعدى إصدار نشرات وتنبؤات جوية ومعلومات مناخية أحيانا، وبعد ذلك تواصلت عمليات التوسع في إنشاء المحطات واستخدام أحدث الأجهزة إلى أن أصبحت الأرصاد الجوية على النحو الذي نراه اليوم وهي تدخل في كثير من المجالات الحياتية الأساسية للمواطن إذ لا يقتصر دورها على إصدار النشرة الجوية فحسب ولكنها تقدم الخدمات المختلفة في مجالات الطيران والزراعة والمناخ والإنشاءات.
- تقوم الهيئة العامة للأرصاد الجوية بتقديم خدماتها للطيران المدني من خلال مراكز التنبؤات الجوية الملحقة بالمطارات والتي تعمل على مدار الساعة حيث تصدر التقارير والتنبؤات الجوية لخطوط الطيران الوطنية والدولية والتي تعمل في الجزائر أو العابرة للأجواء الجزائرية، وتشمل التقارير بيانات نصف ساعية وساعية عن الأحوال الجوية بالمطارات كما يتم إصدار الإنذارات في حالة الطوارئ ويتم تزويد الطائرات قبل الإقلاع بتقارير كاملة عن الأحوال الجوية عن خط السير بكل رحلة حيث تستخدم في تحديد حمولة الطائرات وزمن الرحلة وكمية الوقود المستخدم وغيرها من عناصر اقتصاديات الطيران.
الفـرع الثانـي(II):أهميـة محطـة الأرصـاد الجويـة.
الأهـداف الرئيسيـة للهيئـة العامـة للأرصـاد الجويـة:
من أهم الأهداف للهيئة العامة للأرصاد الجوية مراقبة التغيرات التي تحدث بالغلاف الجوي والتنبؤ بحدوثها وتقديم كافة الخدمات والمعلومات الخاصة بالأرصاد الجوية لقطاعات الدولة المختلفة بالإضافة إلى تبادل البيانات في إطار التعليمات الصادرة من المنظمة العالمية للأرصاد الجويةWMO والمنظمة الدولية للطيران المدني ICAO .
الأهـداف العامـة:
المساهمة في حماية الأرواح والممتلكات وزيادة الإنتاج الوطني وذلك عن طريق القيام بالمهام التالية:
- قياس عناصر الطقس.
- إنشاء شبكة محطات للرصد الجوي.
- إصدار النشرات والتنبؤات الجوية.
- تبادل معلومات الأرصاد الجوية بين الجزائر وباقي دول العالم.
- بناء بنك للمعلومات المناخية.
- المساهمة في سلامة الملاحة الجوية والبحرية.
- المساهمة في التخطيط الإنشائي والاقتصادي.
- المساهمة في مشاريع التنمية الزراعية.
- إصدار الدراسات المناخية.
- الحد من آثار الكوارث الطبيعية عن طريق إصدار نشرات تحذيرية.