برغم ما تتميَّز به كلُّ سورةٍ من سُوَرِ القرآن الكريم من سِماتٍ أسلوبيَّة وموضوعيَّة، فإنَّ سورة (العنكبوت) قد جمعَتْ بين أكثر من سِمَة تميِّزها وتُبرِزها عن سُوَرِ القرآن الأخرى، ولأنَّ المقام لا يتَّسِع لذكر كلِّ التفصيلات من كلِّ السِّمات، سنُوجِز المقال، ونُشِير إلى السِّمَة الأساسيَّة التي يقوم عليها هذا العرض، وهو التصوير الفني، أو التكثيف البصري في السورة في مِساحات ضيِّقة.
ونقصد به التصوير الانتِقالي بين العَوالِم المختَلِفة، وإيجاد مَفاتِيح أو محفِّزات الحَكْيِ بما يَبعَث عنصر التشويق، ويَسِير في الوقت نفسه ضمن منظومة زمنيَّة لها قوانينها وتُعرَف في الكتابات الأدبيَّة باسم (الحبْكة).
كما أنَّ هذا التناوُل لا يمسُّ بأيِّ حالٍ من الأحوال علم التفسير، وهو عمل أئمَّة الأمَّة من عُلَماء القرآن وغيرهم، ولا أعدُّ نفسي إلا طالبًا كأقل طالب علم لديهم، لكن هذا التناوُل هو لفتٌ لنظر القارئ لزاوية أخرى أثناءَ قراءة هذه السورة ومُحاوَلة لتدبُّر آي السُّورَة حسب تقسيمها إلى مجموعاتٍ متَّصلة............يتبع /....
التكثيف البصري في سورة العنكبوت
عبدالرحمن الإمام