السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبذة عن حيـاة
الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس - رحمه الله -
هو الإمام المصلح المجدِّد الشيخ عبد الحميد بن محمَّد بن المصطفى بن المكِّي ابن باديس القسنطيني الجزائري، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
وُلد بقسنطينة سنة (1308ﻫ) وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، مشهورة بالعلم والفضل والثراء والجاه، عريقة في التاريخ، يمتدُّ نسبُها إلى المعزّ بن باديس الصنهاجي، فهو في مقابل اعتزازه بالعروبة والإسلام لم يُخْفِ أصله الأمازيغي، بل كان يُبدِيه ويُعلِنُه، ولعلَّ من دواعي الافتخار به قيام سلفه بما يحفظ الدين ويصون الشريعة، فقد كان جدُّه الأوَّل يناضل الإسماعيلية الباطنية، وبدع الشيعة في إفريقية، فصار خلفًا له في مقاومة التقليد والبدع والحوادث، ومحاربة الضلال والشركيّات.
وقد أتمَّ حفظ القرآن الكريم في أوَّل مراحل تعلُّمه بقسنطينة في السنة الثالثة عشر من عمره على يد الشيخ «محمَّد المَدَّاسي»، وقُدّم لصلاة التراويح بالناس على صغره، وأخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام على يد شيخه «حَمدان لُونِيسي»، وقد أثَّر فيه القرآن الكريم وهزَّ كيانه، ليكرِّس فيه بعد ذلك ربع قرن من حياته في محاولة إرجاع الأمَّة الجزائريـة إلى هذا المصدر والنبع الربَّاني بما يحمله من حقيقة توحيدية وهداية أخلاقية، وهو طريق الإصلاح والنهوض الحضاري.
وفي سنة (1327ﻫ) التَحَق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلَّاء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في الحاضرة التونسية العلاّمة «محمَّد النخلي القَيْرَوَانِي»، المتوفَّى سنة (1342ﻫ)، والشيخ «محمَّد الطاهر بن عاشور»، المتوفَّى سنة (1393ﻫ)، فضلًا عن مُربِّين آخَرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نموِّ استعداده، وتعهَّدوه بالتوجيه والتكوين، كالبشير صفر، وسعد العياض السطايفي ومحمَّد بن القاضي وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطِّلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من التغيرات السياسية والتحولات الدينية، مثل حركة «جمال الدين الأفغاني» (١)، و«محمَّد عَبدُه»(٢)، و«محمَّد رشيد رضا»(٣) في مصر، و«شَكِيب أَرسَلان»(٤)، و«الكواكبي»(٥) في الشام وغيرهم، فكان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية، والملازمات المستمرَّة لرجال العلم والإصلاح الأثرُ البالغ في تكوين شخصيَّته ومنهاجه في الحياة.
يتبع................