المناهي اللفظية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المناهي اللفظية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-02-22, 13:34   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










New1 المناهي اللفظية


مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين

المناهي اللفظية

(3/65)


--------------------------------------------------------------------------------

(412) سئل فضيلة الشيخ: عما يقوله بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب؟فأجاب بقوله : إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية، فهذا صحيح، فإنه لا يهم -من جهة سلامة العقيدة- أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية، ما دام المعنى مفهوما وسليما.
أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك، فكلامه غير صحيح، بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان: أطلق لسانك في قول كل شيء ما دامت النية صحيحة، بل نقول: الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية.
(413) سئل فضيلة الشيخ: عن هذه الأسماء، وهي: أبرار -ملاك -إيمان -جبريل -جنى؟فأجاب بقوله : لا يتسمى بأسماء أبرار، وملاك، وإيمان، وجبريل أما جنى (1) فلا أدري معناها.
(414) سئل فضيلته: عن صحة هذه العبارة "اجعل بينك وبين الله صلة، واجعل بينك وبين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلة "؟__________
(1) ( وجنى الجنتين دان)

(3/67)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب قائلا : الذي يقول: اجعل بينك وبين الله صلة، أي بالتعبد له، واجعل بينك وبين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلة، أي باتباعه، فهذا حق.
أما إذا أراد بقوله: اجعل بينك وبين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلة، أي اجعله، هو ملجأك عند الشدائد، ومستغاثك عند الكربات، فإن هذا محرم؛ بل هو شرك أكبر، مخرج عن الملة.
(415) سئل فضيلة الشيخ: عن هذا القول: "أحبائي في رسول الله "؟فأجاب فضيلته قائلا : هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحا، يعني: أجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة، فإن الحديث: « من أحب في الله، وأبغض في الله » ، فالذي ينبغي أن يقول: أحبائي في الله -عز وجل- ولأن هذا القول الذي يقوله فيه عدول عما كان يقوله السلف، ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والغفلة عن الله، والمعروف عن علمائنا، وعن أهل الخير، هو أن يقول: أحبك في الله.









 


قديم 2012-02-22, 13:37   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










New1

(416) وسئل فضيلة الشيخ: إذا كتب الإنسان رسالة، وقال فيها: "إلى والدي العزيز" أو "إلى أخي الكريم" فهل في هذا شيء؟
فأجاب بقوله : هذا ليس فيه شيء، بل هو من الجائز؛ قال الله تعالى: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }

(3/68)


--------------------------------------------------------------------------------

. وقال تعالى: { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } . وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف » ، فهذا دليل على أن مثل هذه الأوصاف تصح لله تعالى ولغيره، ولكن اتصاف الله بها لا يماثله شيء من اتصاف المخلوق بها، فإن صفات الخالق تليق به، وصفات المخلوق تليق به.
وقول القائل لأبيه أو أمه أو صديقه: "العزيز" يعني أنك عزيز علي، غال عندي، وما أشبه ذلك، ولا يقصد بها أبدا الصفة التي تكون لله، وهي العزة التي لا يقهره بها أحد، وإنما يريد أنك عزيز علي، وغال عندي، وما أشبه ذلك.


(417) وسئل: عن عبارة "أدام الله أيامك "؟

فأجاب بقوله : قول: "أدام الله أيامك" من الاعتداء في الدعاء؛ لأن دوام الأيام محال، مناف لقوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } . وقوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } .
(418) وسئل: ما رأي فضيلتكم في هذه الألفاظ: جلالة وصاحب الجلالة، وصاحب السمو؟ وأرجو وآمل؟

(3/69)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب بقوله : لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك، ولم يخش منه الترفع والإعجاب بالنفس، وكذلك أرجو وآمل.
(419) سئل فضيلة الشيخ: عن هذه الألفاظ: "أرجوك"، و"تحياتي"، و"أنعم صباحا"، و"أنعم مساء "؟
فأجاب قائلا : لا بأس أن تقول لفلان: "أرجوك" في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به.
وكذلك "تحياتي لك". و"لك مني التحية"، وما أشبه ذلك؛ لقوله تعالى: { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } . وكذلك: "أنعم صباحا" و"أنعم مساء" لا بأس به، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلا عن السلام الشرعي.

(420) وسئل فضيلة الشيخ: عمن يسأل بوجه الله فيقول: أسألك بوجه الله كذا وكذا، فما الحكم في هذا القول؟
فأجاب قائلا : وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئا من الدنيا، ويجعل سؤاله بوجه الله -عز وجل- كالوسيلة التي يتوسل بها إلى حصول مقصوده من هذا الرجل الذي توسل إليه بذلك، فلا يقدمن أحد على مثل هذا السؤال، أي لا يقل: وجه الله عليك، أو أسألك بوجه الله، أو ما أشبه ذلك.

(3/70)










قديم 2012-02-22, 13:39   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(421) وسئل الشيخ حفظه الله: ما رأيكم فيمن يقول: "آمنت بالله، وتوكلت على الله، واعتصمت بالله، واستجرت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "؟فأجاب بقوله : أما قول القائل: " آمنت بالله، وتوكلت على الله، واعتصمت بالله" فهذا ليس فيه بأس، وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله، مؤمنا به، معتصما به.وأما قوله: "واستجرت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ فإنها كلمة منكرة، والاستجارة بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد موته لا تجوز، أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة، قال الله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } ؛ فالاستجارة بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد موته شرك أكبر، وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه؛ لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس، وهو لا يدري ما معناها وأنت "يا أخي" إذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك، فلعل الله أن ينفعه على يدك، والله الموفق.

(422) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول: "أطال الله بقاءك"، "طال عمرك "؟
فأجاب قائلا : لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء؛ لأن طول البقاء قد يكون خيرا، وقد يكون شرا، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله، وعلى هذا فلو قال: أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه، فلا بأس بذلك.

(3/71)


--------------------------------------------------------------------------------


(423) سئل فضيلة الشيخ: عن قول أحد الخطباء في كلامه حول غزوة بدر: "التقى إله وشيطان"، فقد قال بعض العلماء: إن هذه العبارة كفر صريح؛ لأن ظاهر العبارة إثبات الحركة لله -عز وجل- نرجو من فضيلتكم توضيح ذلك؟


فأجاب بقوله : لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي، وإن كان قائلها قد أراد التجوز، فإن التجوز إنما يسوغ إذا لم يوهم معنى فاسدا لا يليق به. والمعنى الذي لا يليق هنا أن يجعل الشيطان قبيلا لله تعالى، وندا له، وقرنا يواجهه، كما يواجه المرء قرنه، وهذا حرام، ولا يجوز.
ولو أراد الناطق به تنقص الله تعالى وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرا، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول له: هذا التعبير حرام، ثم إن تعبيره به ظانا أنه جائز بالتأويل الذي قصده، فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك.
وأما قوله بعض العلماء الذي نقلت: "إن هذه العبارة كفر صريح" فليس بجيد على إطلاقه، وقد علمت التفصيل فيه.
وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله -عز وجل- فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله، وأن إثباتها كفر، وفيه نظر ظاهر، فقد أثبت الله تعالى لنفسه في كتابه أنه يفعل، وأنه يجيء يوم القيامة، وأنه استوى على العرش، أي علا عليه علوا يليق بجلاله، وأثبت نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين

(3/72)


--------------------------------------------------------------------------------

للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله، وهذه النصوص في إثبات الفعل، والمجيء، والاستواء، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله، فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } . كيف استوى؟ فقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله تعالى لم يكن لنا إثبات الحركة له بهذه النصوص، وليس لنا أيضا أن ننفيها عنه بمقتضى استبعاد عقولنا لها، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص، وذلك أن صفات الله تعالى توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء به الكتاب والسنة؛ لامتناع القياس في حقه تعالى، فإنه لا مثل له ولا ند، وليس في الكتاب والسنة إثبات لفظ الحركة أو نفيه، فالقول بإثبات لفظه أو نفيه قول على الله بلا علم، وقد قال الله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } . وقال تعالى: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } ، فإذا كان مقتضى النصوص السكوت عن إثبات الحركة لله تعالى أو نفيها عنه، فكيف نكفر من تكلم بكلام يثبت ظاهره -حسب زعم هذا العالم- التحرك لله تعالى؟ ! وتكفير المسلم ليس بالأمر

(3/73)


--------------------------------------------------------------------------------

الهين، فإن من دعا رجلا بالكفر فقد باء بها أحدهما، فإن كان المدعو كافرا باء بها، وإلا باء بها الداعي.
وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبين أقوال الناس فيها، وما هو الحق من ذلك، وأن من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف، ومنهم من جزم بنفيها.
والصواب في ذلك: أن ما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله تعالى، ولوازمها فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه نقص ولا مشابهة للخلق، فعليك بهذا الأصل فإنه يفيدك، وأعرض عما كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء عن نية صالحة أو سيئة.










قديم 2012-02-22, 13:41   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(424) وسئل فضيلته: يستعمل بعض الناس عند أداء التحية عبارات عديدة منها: "مساك الله بالخير". و"الله بالخير". و"صبحك الله بالخير". بدلا من لفظة التحية الواردة، وهل يجوز البدء بالسلام بلفظ: "عليك السلام "؟

فأجاب قائلا : السلام الوارد هو أن يقول الإنسان: "السلام عليك"، أو "سلام عليك"، ثم يقول بعد ذلك ما شاء من أنواع التحيات، وأما "مساك الله بالخير". و"صبحك الله بالخير"، أو "الله بالخير"، وما أشبه ذلك، فهذه تقال بعد السلام المشروع، وأما تبديل هذا بالسلام المشروع فهو خطأ.

(3/74)


--------------------------------------------------------------------------------

وأما البداءة بالسلام بلفظ: "عليك السلام" فهو خلاف المشروع؛ لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة.

(425) وسئل: عن هذه الكلمة " الله غير مادي "؟
فأجاب : القول بأن الله غير مادي قول منكر؛ لأن الخوض في مثل هذا بدعة منكرة، فالله تعالى ليس كمثله شيء، وهو الأول الخالق لكل شيء، وهذا شبيه بسؤال المشركين للنبي عليه الصلاة والسلام، هل الله من ذهب، أو من فضة، أو من كذا وكذا؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه، وجوابه في كتاب الله: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } . فكف عن هذا، مالك، ولهذا السؤال.
(426) سئل فضيلته: عن قول بعض الناس إذا انتقم الله من الظالم: "الله ما يضرب بعصا "؟
فأجاب بقوله : لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله -عز وجل- ولكن له أن يقول: إن الله سبحانه وتعالى، حكم لا يظلم أحدا، وإنه ينتقم من الظالم، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية، أما الكلمة التي أشار إليها السائل، فلا أرى أنها جائزة.

(427) سئل فضيلة الشيخ: كثيرا ما نرى على الجدران كتابة لفظ الجلالة "الله" وبجانبها لفظة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو نجد ذلك على الرقاع، أو على الكتب، أو على بعض المصاحف، فهل موضعها هذا صحيح؟(3/75)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب قائلا : موضعها ليس بصحيح؛ لأن هذا يجعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ندا لله مساويا له، ولو أن أحدا رأى هذه الكتابة، وهو لا يدري من المسمى بهما، لأيقن يقينا أنهما متساويان متماثلان، فيجب إزالة اسم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويبقى النظر في كتابة: "الله" وحدها، فإنها كلمة يقولها الصوفية، ويجعلونها بدلا عن الذكر، يقولون: "الله الله الله"، وعلى هذا فتلغى أيضا، فلا يكتب "الله"، ولا " محمد " على الجدران، ولا في الرقاع ولا في غيره.


(428) سئل فضيلة الشيخ: كيف نجمع بين قول الصحابة: "الله ورسوله أعلم " بالعطف بالواو وإقرارهم على ذلك وإنكاره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على من قال: "ما شاء الله وشئت" ؟

فأجاب بقوله : قوله: "الله ورسوله أعلم" جائز، وذلك؛ لأن علم الرسول من علم الله، فالله تعالى هو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر، ولهذا أتى بالواو.
وكذلك في المسائل الشرعية يقال: "الله ورسوله أعلم"؛ لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلم الخلق بشريعة الله، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال الله تعالى: { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } . وليس هذا كقوله: "ما شاء الله وشئت"؛ لأن هذا في باب القدرة والمشيئة، ولا يمكن أن يجعل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مشاركا لله فيها.

(3/76)


--------------------------------------------------------------------------------

ففي الأمور الشرعية يقال: "الله ورسوله أعلم" وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك.
ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } ؛ لأن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يرى العمل بعد موته.

(429) سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة "أعطني الله لا يهينك "؟
فأجاب فضيلته بقوله : هذه العبارة صحيحة، والله سبحانه وتعالى قد يهين العبد ويذله، وقد قال الله تعالى في عذاب الكفار: إنهم يجزون عذاب الهون بما كانوا يستكبرون في الأرض، فأذاقهم الله الهوان والذل بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق، وقال: { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهوان لك فيقول: "الله لا يهينك".

(430) وسئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة "الله يسأل عن حالك"؟
فأجاب بقوله : هذه العبارة: "الله يسأل عن حالك"، لا تجوز لأنها توهم أن الله تعالى يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل، وهذا من المعلوم

(3/77)


--------------------------------------------------------------------------------

أنه أمر منكر عظيم، والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شيء، ويحتاج إلى سؤال، لكن هذه العبارة قد تفيد هذا المعنى، أو توهم هذا المعنى، فالواجب العدول عنها، واستبدالها بأن تقول: "أسأل الله أن يحتفي بك"، و"أن يلطف بك"، وما أشبهها.

(431) وسئل: هل يجوز للإنسان أن يقسم على الله؟

فأجاب بقوله : الإقسام على الله أن يقول الإنسان: والله، لا يكون كذا وكذا، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا، والإقسام على الله نوعان:
أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله -عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء، فهذا جائز، ودليله قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره » ، ودليل آخر واقعي، وهو حديث أنس بن النضر « حينما كسرت أخته الربيع سنا لجارية من الأنصار، فطالب أهلها بالقصاص فطلبوا إليهم العفو فأبوا، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقصاص، فقال أنس بن النضر : أتكسر ثنية الربيع ؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أنس، كتاب الله القصاص" فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره » ، وهو -رضي الله عنه-لم يقسم اعتراضا على الحكم، وإباء لتنفيذه فجعل الله الرحمة في قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها، فعفوا عفوا مطلقا، عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه

(3/78)


--------------------------------------------------------------------------------

وسلم: « إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره » فهذا النوع من الإقسام لا بأس به.
النوع الثاني : من الإقسام على الله: ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس، وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا والعياذ بالله محرم، وقد يكون محبطا للعمل، ودليل ذلك أن رجلا كان عابدا، وكان يمر بشخص عاص لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم: والله لا يغفر الله لفلان -نسأل الله العافية- فهذا تحجر رحمة الله؛ لأنه مغرور بنفسه فقال الله -عز وجل-: « من ذا الذي يتألى علي، ألا أغفر لفلان قد غفرت له، وأحبطت عملك" قال أبو هريرة : "تكلم بكلمة، أوبقت دنياه وآخرته » .
ومن هذا نأخذ أن من أضر ما يكون على الإنسان اللسان كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: « ألا أخبرك بملاك ذلك كله"، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلسانه فقال: كف عليك هذا، فقال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال- على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم » . والله الموفق، والهادي إلى سواء الصراط.










قديم 2012-02-22, 13:43   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(432) وسئل فضيلة الشيخ: عن التسمي بالإمام؟
فأجاب قائلا : التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمى إمام المسجد إماما، ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة "إمام" إلا على من كان قدوة، وله أتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام،

(3/79)


--------------------------------------------------------------------------------

ووصف الإنسان بما لا يستحقه هضم للأمة؛ لأن الإنسان إذا تصور أن هذا إمام، وهذا إمام ممن لم يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه.


(433) سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين؟

فأجاب فضيلته بقوله : هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين؛ لأن مقتضاه أن يكون هو نبيا؛ لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة، وأن يدعو نفسه بعد بالنبي؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله تعالى مما جرى منه.

(434) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول: "يا عبدي" و"يا أمتي "؟
فأجاب : قول القائل: "يا عبدي"، "يا أمتي"، ونحوه له صورتان:
الصورة الأولى : أن يقع بصيغة النداء مثل: يا عبدي، يا أمتي؛ فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لا يقل أحدكم: عبدي وأمتي » .
الصورة الثانية : أن يكون بصيغة الخبر، وهذا على قسمين:
القسم الأول : إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة، فلا بأس فيه.
القسم الثاني : إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه

(3/80)


--------------------------------------------------------------------------------

مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع، وإلا فلا؛ لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له، وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب لا يقول: عبدي وأمتي، وذكره صاحب فتح الباري عن مالك.

(435) وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: "أنا حر "؟
فأجاب بقوله : إذا قال ذلك رجل حر، وأراد أنه حر من رق الخلق، فنعم هو حر من رق الخلق، وأما إن أراد أنه حر من رق العبودية لله -عز وجل- فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية؛ لأن العبودية لغير الله هي الرق، أما عبودية المرء لربه -عز وجل- فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعا نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها.
(436) سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه: "أنا حر في تصرفاتي "؟
فأجاب بقوله : هذا خطأ، نقول: لست حرا في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى.

(437) سئل فضيلة الشيخ عن قول الإنسان: "إن الله على ما يشاء قدير" عند ختم الدعاء ونحوه؟
(3/81)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب بقوله : هذا لا ينبغي لوجوه:
الأول : أن الله تعالى إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة، لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله تعالى: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } وقوله: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، وقوله { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فعمم في القدرة كما عمم في الملك، وقوله: { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة؛ لأن الخلق فعل، والفعل لا يكون إلا بالمشيئة، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء، وما لم يشأه، لكن ما شاءه سبحانه وقع، وما لم يشأه لم يقع، والآيات في ذلك كثيرة.
الثاني : أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأتباعه فقد قال الله عنهم: { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، ولم يقولوا: "إنك على ما تشاء قدير"، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم، فإنهم أهدى علما، وأقوم عملا.
الثالث : أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله

(3/82)


--------------------------------------------------------------------------------

تعالى فقط، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقا حيث يقال: "على ما يشاء قدير"، وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدرة الله تعالى بما يشاؤه، كان ذلك نقصا في مدلولها وقصرا لها عن عمومها، فتكون قدرة الله تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدرة الله تعالى عامة فيما يشاؤه، وما لم يشأه، لكن ما شاءه فلا بد من وقوعه، وما لم يشأه، فلا يمكن وقوعه.
فإذا تبين أن وصف الله تعالى بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله تعالى لنفسه، فإن ذلك لا يعارضه قول الله تعالى: { وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ } فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة، ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء، وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة، رد لقول المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحديا وإنكارا لما يجب الإيمان به من البعث، بين الله تعالى أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئته ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله تعالى: { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ }

(3/83)


--------------------------------------------------------------------------------

والحاصل أن قوله تعالى: { وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ } . لا يعارض ما قررناه من قبل؛ لأن القيد بالمشيئة ليس عائدا إلى القدرة، وإنما يعود إلى الجمع.
وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب "الإيمان" في "باب آخر أهل النار خروجا" من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « آخر من يدخل الجنة رجل » ، فذكر الحديث، وفيه أن الله تعالى قال للرجل: « إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر » وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالى أزلا وأبدا، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل "قادر" دون الصفة المشبهة "قدير" وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغربه المرء أو يستبعده، فقيل له في تقريره: إن الله على ما يشاء قادر، فلا حرج في ذلك، وما زال الناس يعبرون بمثل هذا في مثل ذلك، فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا: قادر على ما يشاء، فيجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على أنها صفة لله تعالى، فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقرير أمر واقع، فلا مانع من تقييدها بالمشيئة؛ لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقرير وقوعه، والله سبحانه أعلم.










قديم 2012-02-22, 13:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(438) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول الإنسان: "أنا مؤمن إن شاء الله"؟فأجاب بقوله : قول القائل: "أنا مؤمن إن شاء الله" يسمى عند العلماء (مسألة الاستثناء في الإيمان)، وفيه تفصيل:
أولا : إن كان الاستثناء صادرا عن شك في وجود أصل الإيمان، فهذا محرم بل كفر؛ لأن الإيمان جزم والشك ينافيه.
ثانيا : إن كان صادرا عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولا وعملا واعتقادا، فهذا واجب خوفا من هذا المحذور.
ثالثا : إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل، وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله، فهذا جائز والتعليق على هذا الوجه -أعني بيان التعليل- لا ينافي تحقق المعلق، فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة كقوله تعالى: { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ } والدعاء في زيارة القبور: « وإنا إن شاء الله بكم لاحقون » ، وبهذا عرف أنه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء في الإيمان، بل لا بد من التفصيل السابق.

(439) سئل فضيلة الشيخ: عن قول: "فلان المرحوم"، و"تغمده الله برحمته"، و"انتقل إلى رحمة الله" ؟
فأجاب بقوله : قول: "فلان المرحوم"، أو "تغمده الله برحمته" لا

(3/85)


--------------------------------------------------------------------------------

بأس بها؛ لأن قولهم: "المرحوم" من باب التفاؤل والرجاء، وليس من باب الخبر، وإذا كان من باب التفاؤل والرجاء، فلا بأس به.
وأما "انتقل إلى رحمة الله"، فهو كذلك فيما يظهر لي أنه من باب التفاؤل، وليس من باب الخبر؛ لأن مثل هذا من أمور الغيب، ولا يمكن الجزم به، وكذلك لا يقال: "انتقل إلى الرفيق الأعلى".
(440) سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة "لكم تحياتنا"، وعبارة "أهدي لكم تحياتي"؟
فأجاب قائلا : عبارة "لكم تحياتنا، وأهدي لكم تحياتي" ونحوهما من العبارات، لا بأس بها؛ قال الله تعالى: { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } . فالتحية من شخص لآخر جائزة، وأما التحيات المطلقة العامة فهي لله، كما أن الحمد لله، والشكر لله، ومع هذا فيصح أن نقول: حمدت فلانا على كذا، وشكرته على كذا قال الله تعالى: { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } .

(441) وسئل فضيلة الشيخ: يقول بعض الناس: "أوجد الله كذا"، فما مدى صحتها؟ وما الفرق بينها وبين: "خلق الله كذا" أو "صور الله كذا "؟
فأجاب بقوله : أوجد وخلق ليس بينهما فرق، فلو قال: أوجد الله

(3/86)


--------------------------------------------------------------------------------

كذا كانت بمعنى خلق الله كذا، وأما صور فتختلف؛ لأن التصوير عائد إلى الكيفية لا إلى الإيجاد.

(442) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التسمي بإيمان؟
فأجاب بقوله : الذي أرى أن اسم إيمان فيه تزكية، وقد صح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه غير اسم " برة " خوفا من التزكية ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه « أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها فسماها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زينب » 10 \575 فتح، وفي صحيح مسلم 3 \1687 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: « كانت جويرية اسمها برة، فحول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمها جويرية وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة، » وفيه أيضا ص1688 « عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن هذا الاسم وسميت برة، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم" فقالوا: بم نسميها؟ قال: "سموها زينب » فبين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجه الكراهة للاسم الذي فيه التزكية، وأنها من وجهين:
الأول : أنه يقال: خرج من عند برة، وكذلك يقال: خرج من برة.
الثاني : التزكية، والله أعلم منا بمن هو أهل للتزكية.
وعلى هذا ينبغي تغيير اسم إيمان؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عما فيه تزكية، ولا سيما إذا كان اسما لامرأة؛ لأنه للذكور أقرب منه للإناث؛ لأن كلمة (إيمان) مذكرة.

(3/87)


--------------------------------------------------------------------------------

(443) وسئل فضيلته: عن التسمي بإيمان؟
فأجاب بقوله : اسم إيمان يحمل نوعا من التزكية، ولهذا لا تنبغي التسمية به؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير اسم برة؛ لكونه دالا على التزكية، والمخاطب في ذلك هم الأولياء الذين يسمون أولادهم بمثل هذه الأسماء التي تحمل التزكية لمن تسمى بها، أما ما كان علما مجردا لا يفهم منه التزكية، فهذا لا بأس به، ولهذا نسمي بصالح وعلي وما أشبههما من الأعلام المجردة، التي لا تحمل معنى التزكية.
(444) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم هذه الألقاب "حجة الله"، "حجة الإسلام"، "آية الله "؟
فأجاب بقوله : هذه الألقاب "حجة الله"، "حجة الإسلام" ألقاب حادثة لا تنبغي؛ لأنه لا حجة لله على عباده إلا الرسل.
وأما "آية الله" فإن أريد المعنى الأعم، فهو يدخل فيه كل شيء:
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
وإن أريد أنه آية خارقة، فهذا لا يكون إلا على أيدي الرسل، لكن يقال: عالم، مفت، قاضي، حاكم، إمام لمن كان مستحقا لذلك.
(445) سئل الشيخ: عن هذه العبارات: "باسم الوطن، باسم الشعب، باسم العروبة "؟
فأجاب قائلا : هذه العبارات إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبر عن العرب، أو يعبر عن أهل البلد، فهذا لا بأس به، وإن قصد التبرك والاستعانة

(3/88)


--------------------------------------------------------------------------------

فهو نوع من الشرك، وقد يكون شركا أكبر، بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به.
(446) وسئل فضيلته: هل هذه العبارة صحيحة "بفضل فلان تغير هذا الأمر، أو بجهدي صار كذا"؟
فأجاب الشيخ بقوله : هذه العبارة صحيحة، إذا كان للمذكور أثر في حصوله، فإن الإنسان له فضل على أخيه إذا أحسن إليه، فإذا كان للإنسان في هذا الأمر أثر حقيقي، فلا بأس أن يقال: هذا بفضل فلان، أو بجهود فلان، أو ما أشبه ذلك؛ لأن إضافة الشيء إلى سببه المعلوم جائزة شرعا وحسا، ففي صحيح مسلم « أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في عمه أبي طالب : "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار » . وكان أبو طالب يعذب في نار جهنم في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وهو أهون أهل النار عذابا -والعياذ بالله- فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار » .
أما إذا أضاف الشيء إلى سبب وليس بصحيح، فإن هذا لا يجوز، وقد يكون شركا، كما لو أضاف حدوث أمر لا يحدثه إلا الله إلى أحد من المخلوقين، أو أضاف شيئا إلى أحد من الأموات أنه هو الذي جلبه له، فإن هذا من الشرك في الربوبية.


(447) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: "البقية في حياتك"، عند التعزية ورد أهل الميت بقولهم: "حياتك الباقية" ؟

(3/89)



--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب فضيلته بقوله : لا أرى فيها مانعا إذا قال الإنسان: "البقية في حياتك" لا أرى فيها مانعا، ولكن الأولى أن يقال: إن في الله خلفا من كل هالك، أحسن من أن يقال: "البقية في حياتك"، كذلك الرد عليه إذا غير المعزي، هذا الأسلوب فسوف يتغير الرد.
(448) وسئل حفظه الله تعالى: عن حكم ثناء الإنسان على الله تعالى بهذه العبارة "بيده الخير والشر "؟
فأجاب بقوله : أفضل ما يثني به العبد على ربه، هو ما أثنى به سبحانه على نفسه، أو أثنى به عليه أعلم الناس به نبيه محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والله -عز وجل- لم يثن على نفسه، وهو يتحدث عن عموم ملكه، وتمام سلطانه وتصرفه أن بيده الشر كما في قوله تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، فأثنى سبحانه على نفسه بأن بيده الخير في هذا المقام الذي قد يكون شرا بالنسبة لمحله، وهو الإنسان المقدر عليه الذل، ولكنه خير بالنسبة إلى فعل الله لصدوره عن حكمة بالغة، ولذلك أعقبه بقوله: { بِيَدِكَ الْخَيْرُ } ، وهكذا كل ما يقدره الله من شرور في مخلوقاته هي شرور بالنسبة لمحالها، أما بالنسبة لفعل الله تعالى لها وإيجاده، فهي خير لصدورها عن حكمة بالغة، فهناك فرق بين فعل الله تعالى الذي هو فعله كله خير، وبين مفعولاته ومخلوقاته البائنة عنه، ففيها الخير والشر، ويزيد الأمر وضوحا أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أثنى على ربه تبارك وتعالى بأن الخير بيده، ونفى نسبة الشر إليه كما في حديث

(3/90)


--------------------------------------------------------------------------------

علي رضي الله عنه الذي رواه مسلم وغيره مطولا، وفيه « أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول إذا قام إلى الصلاة: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض"، إلى أن قال: "لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك » ، فنفى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يكون الشر إلى الله تعالى؛ لأن أفعاله وإن كانت شرا بالنسبة إلى محالها، ومن قامت به، فليست شرا بالنسبة إليه تعالى؛ لصدورها عن حكمة بالغة تتضمن الخير، وبهذا تبين أن الأولى بل الأوجب في الثناء على الله أن نقتصر على ما أثنى به على نفسه، وأثنى به عليه رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه تعالى أعلم بنفسه، ورسوله محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلم الخلق به؛ فنقول: بيده الخير، ونقتصر على ذلك كما هو في القرآن الكريم والسنة.

(449) سئل فضيلة الشيخ: عن قول العامة: "تباركت علينا؟"، "زارتنا البركة؟ ".
فأجاب قائلا : قول العامة: "تباركت علينا" لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة إلى الله -عز وجل- وإنما يريدون أصابنا بركة من مجيئك، والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان، قال أسيد بن حضير لما نزلت آية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها قال: " ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر ".
وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول : أن يكون طلب البركة بأمر شرعي معلوم مثل القرآن الكريم قال الله تعالى: { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } فمن بركته أن

(3/91)


--------------------------------------------------------------------------------

من أخذ به وجاهد به حصل له الفتح، فأنقذ الله به أمما كثيرة من الشرك، ومن بركته أن الحرف الواحد بعشر حسنات، وهذه توفر للإنسان الجهد والوقت.
الأمر الثاني : أن يكون طلب البركة بأمر حسي معلوم، مثل العلم، فهذا الرجل يتبرك به بعلمه، ودعوته إلى الخير، قال أسيد بن حضير : "ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر "، فإن الله قد يجري على أيدي بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه على يد الآخر.
وهناك بركات موهومة باطلة مثل ما يزعمه الدجالون أن فلانا الميت الذي يزعمون أنه ولي أنزل عليكم من بركته، وما أشبه ذلك، فهذه بركة باطلة لا أثر لها، وقد يكون للشيطان أثر في هذا الأمر لكنها لا تعدو أن تكون آثارا حسية، بحيث إن الشيطان يخدم هذا الشيخ فيكون في ذلك فتنة.
أما كيفية معرفة هل هذه من البركات الباطلة أو الصحيحة؟
فيعرف ذلك بحال الشخص، فإن كان من أولياء الله المتقين المتبعين للسنة المبتعدين عن البدعة، فإن الله قد يجعل على يديه من الخير والبركة ما لا يحصل لغيره، أما إن كان مخالفا للكتاب والسنة، أو يدعو إلى باطل، فإن بركته موهومة، وقد تضعها الشياطين له مساعدة على باطله










قديم 2012-02-22, 13:50   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










New1

(450) سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق عبارة: "كتب التراث" على كتب السلف؟

فأجاب بقوله : الظاهر أنه صحيح؛ لأن معناه الكتب الموروثة عمن سبق، ولا أعلم في هذا مانعا.

(3/92)


--------------------------------------------------------------------------------

(451) وسئل فضيلة الشيخ: هل في الإسلام تجديد تشريع؟
فأجاب بقوله : من قال: إن في الإسلام تجديد تشريع، فالواقع خلافه؛ فالإسلام كمل بوفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والتشريع انتهى بها، نعم الحوادث والوقائع تتجدد، ويحدث في كل عصر ومكان ما لا يحدث في غيره، ثم ينظر فيها بتشريع، ويحكم عليها على ضوء الكتاب والسنة، ويكون هذا الحكم من التشريع الإسلامي الأول، ولا ينبغي أن يسمى تشريعا جديدا؛ لأنه هضم للإسلام، ومخالف للواقع، ولا ينبغي أيضا أن يسمى تغييرا للتشريع؛ لما فيه من كسر سياج حرمة الشريعة، وهيبتها في النفوس، أو تعريضها لتغيير لا يسير على ضوء الكتاب والسنة، ولا يرضاه أحد من أهل العلم والإيمان.
أما إذا كان الحكم على الحادثة ليس على ضوء الكتاب والسنة، فهو تشريع باطل، لا يدخل تحت التقسيم في التشريع الإسلامي.
ولا يرد على ما قلت إمضاء عمر -رضي الله عنه- للطلاق الثلاث، مع أنه كان واحدة لمدة سنتين من خلافته، ومدة عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعهد أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن هذا من باب التعزير بإلزام المرء ما التزمه، ولذا قال عمر -رضي الله عنه-: " أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم "، فأمضاه عليهم، وباب التعزير واسع في الشريعة؛ لأن المقصود به التقويم والتأديب.

(452) وسئل عن حكم قولهم: تدخل القدر؟ وتدخلت عناية الله؟
فأجاب قائلا : قولهم: "تدخل القدر" لا يصلح؛ لأنها تعني أن القدر

(3/93)


--------------------------------------------------------------------------------

اعتدى بالتدخل، وأنه كالمتطفل على الأمر، مع أنه -أي القدر- هو الأصل، فكيف يقال: تدخل؟ والأصح أن يقال: ولكن نزل القضاء والقدر أو غلب القدر ونحو ذلك، ومثل ذلك "تدخلت عناية الله" الأولى إبدالها بكلمة حصلت عناية الله، أو اقتضت عناية الله.

(453) وسئل: عن حكم التسمي بأسماء الله مثل كريم، وعزيز ونحوهما؟
فأجاب بقوله : التسمي بأسماء الله -عز وجل- يكون على وجهين:
الوجه الأول: وهو على قسمين :
القسم الأول : أن يحلى بـ "ال" ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله -عز وجل- (1) كما لو سميت أحدا بالعزيز، والسيد، والحكيم، وما أشبه ذلك، فإن هذا لا يسمى به غير الله؛ لأن "ال" هذه تدل على لمح الأصل، وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم.
القسم الثاني : إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلى بـ "ال" فإنه لا يسمى به، ولهذا « غير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كنية أبي الحكم التي تكنى بها؛ لأن أصحابه يتحاكمون إليه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله هو الحكم، وإليه الحكم" ثم كناه بأكبر أولاده شريح، » فدل
__________
(1) راجع الفتوى رقم (103) حيث إنه يشترط أن يلاحظ معنى الصفة.

(3/94)


--------------------------------------------------------------------------------

ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظا بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم، فإنه يمنع؛ لأن هذه التسمية تكون مطابقة تماما لأسماء الله سبحانه وتعالى، فإن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم.
الوجه الثاني : أن يتسمى بالاسم غير محلى بـ "ال"، وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به مثل حكيم، ومن أسماء بعض الصحابة حكيم بن حزام الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام: « لا تبع ما ليس عندك » ، وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة، فإنه لا بأس به.
لكن في مثل "جبار" لا ينبغي أن يتسمى به، وإن كان لم يلاحظ الصفة، وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المسمى، فيكون معه جبروت، وغلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها، ينبغي للإنسان أن يتجنبها، والله أعلم.

(454) وسئل: عن حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم؟
فأجاب بقوله : يجوز أن يسمي الإنسان بهذه الأسماء بشرط ألا يلاحظ فيها المعنى الذي اشتقت منه، بأن تكون مجرد علم فقط، ومن أسماء الصحابة الحكم، وحكيم بن حزام، وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر، أما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء، فإن

(3/95)


--------------------------------------------------------------------------------

الظاهر أنه لا يجوز؛ « لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير اسم أبي الحكم الذي تكنى به؛ لكون قومه يتحاكمون إليه وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله هو الحكم، وإليه الحكم"، ثم كناه بأكبر أولاده شريح، وقال له: "أنت أبو شريح » ، وذلك أن هذه الكنية التي تكنى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الاسم، فكان هذا مماثلا لأسماء الله سبحانه وتعالى؛ لأن أسماء الله -عز وجل-، ليست مجرد أعلام، بل هي أعلام من حيث دلالتها على ذات الله سبحانه وتعالى، وأوصاف من حيث دلالتها على المعنى الذي تتضمنه، وأما أسماء غيره سبحانه وتعالى، فإنها مجرد أعلام إلا أسماء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فإنها أعلام وأوصاف، وكذلك أسماء كتب الله -عز وجل- فهي أعلام وأوصاف أيضا.


(455) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم ثناء الإنسان على نفسه؟
فأجاب قائلا : الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله -عز وجل- أو أن يتأسى به غيره من أقرانه ونظرائه، فهذا لا بأس به، وإن أراد به الإنسان تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه -عز وجل- فإن هذا فيه شيء من المنة، فلا يجوز، وقد قال الله تعالى: { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .

(3/96)


--------------------------------------------------------------------------------

وإن أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تركه .
فالأحوال إذن في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع :
الحال الأولى : أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات .
الحال الثانية : أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظرائه على مثل ما كان عليه .
فهاتان الحالان محمودتان لما تشتملان عليه من هذه النية الطيبة .
الحال الثالثة : أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله - عز وجل - بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية .
الحال الرابعة : أن يريد بذلك مجرد الخبر عن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه .
( 456 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول " يا حاج " ، و" السيد فلان " ؟
فأجاب بقوله : قول : " حاج " يعني أدى الحج لا شيء فيها .
وأما السيد فينظر إن كان صحيحًا أنه ذو سيادة فيقال : هو سيد بدون أل فلا بأس به ، بشرط ألا يكون فاسقًا ولا كافرًا ، فإن كان فاسقًا أو كافرًا فإنه لا يجوز إطلاق لفظ سيد إلا مضافًا إلى قومه ، مثل سيد بني فلان ، أو سيد الشعب الفلاني ونحو ذلك
.

(3/97)


--------------------------------------------------------------------------------

( 457 ) وسئل أيضًا : عن حكم ما درج على ألسنة بعض الناس من قولهم : " حرام عليك أن تفعل كذا وكذا " ؟
فأجاب بقوله : هذا الذي وصفوه بالتحريم إما أن يكون مما حرمه الله كما لو قالوا حرام أن يعتدي الرجل على أخيه وما أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع .
وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظًا ؛ لأن ذلك قد يوهم تحريم ما أحل الله - عز وجل - أو يوهم الحجر على الله - عز وجل - في قضائه وقدره بحيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري ؛ لأن التحريم يكون قدريًّا ويكون شرعيًّا فما يتعلق بفعل الله - عز وجل - فإنه يكون تحريمًا قدريًا ، وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريمًا شرعيًّا وعلى هذا فينهى هؤلاء عن إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي ؛ لأن التحريم القدري ليس إليهم أيضًا بل هو إلى الله - عز وجل - هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما شاء أن يحدث ويمنع ما شاء أن يمنعه ، فالمهم أن الذي أرى أنهم يتنزهون عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شيئًا صحيحًا . والله الموفق .
( 458 ) سئل فضيلة الشيخ : قلتم في الفتوى رقم " 457 " : أن التحريم يكون قدريًّا ويكون شرعيًّا فنأمل من فضيلتكم التكرم ببيان بعض الأمثلة ؟
فأجاب بقوله : سؤالكم عما ورد في جوابنا رقم " 457 " من أن

(3/98)


--------------------------------------------------------------------------------

التحريم يكون قدريًّا ويكون شرعيًّا وطلبكم أمثلة لذلك فإليكم ما طلبتم :
فمن التحريم القدري قوله تعالى في موسى : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ } . وقوله تعالى : { وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ } . ومن التحريم الشرعي قوله تعالى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } . وقوله تعالى : { قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً } ا
لآية .
( 459 ) وسئل فضيلة الشيخ : نسمع ونقرأ كلمة ، " حرية الفكر " ، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد ، فما تعليقكم على ذلك ؟ .

فأجاب بقوله : تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد ، يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر ؛ لأن كل من اعتقد أن أحدًا يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإنه كافر بالله - عز وجل - يستتاب ، فإن تاب وإلا وجب قتله .
والأديان ليست أفكارًا ، ولكنها وحي من الله - عز وجل - ينزله على رسله ، ليسير عباده عليه ، وهذه الكلمة - أعني كلمة فكر - التي يقصد بها الدين : يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية ؛ لأنها تؤدي إلى هذا

(3/99)


--------------------------------------------------------------------------------

المعنى الفاسد ، وهو أن يقال عن الإسلام : فكر ، والنصرانية فكر ، واليهودية فكر - وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية - فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس ، والواقع أن الأديان السماوية أديان سماوية من عند الله - عز وجل - يعتقدها الإنسان على أنها وحي من الله تعبد بها عباده ، ولا يجوز أن يطلق عليها " فكر " .
وخلاصة الجواب : أن من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به فإنه كافر بالله - عز وجل - لأن الله تعالى يقول : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } . ويقول : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } . فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن دينًا سوى الإسلام جائز يجوز للإنسان أن يتعبد به بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفرًا مخرجًا عن الملة .

( 460 ) سئل فضيلة الشيخ : هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي : ما حكم الإسلام في كذا وكذا ؟ أو ما رأي الإسلام ؟
فأجاب بقوله : لا ينبغي أن يقال : " ما حكم الإسلام في كذا " ، أو " ما رأي الإسلام في كذا " فإنه قد يخطئ فلا يكون ما قاله حكم الإسلام ، لكن لو كان الحكم نصًّا صريحًا فلا بأس مثل أن يقول : ما حكم الإسلام في أكل الميتة ؟ فنقول : حكم الإسلام في أكل الميتة أنها حرام .

(3/100)


--------------------------------------------------------------------------------

( 461 ) سئل فضيلة الشيخ : عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق ؟
فأجاب بقوله : الحيوان الناطق يطلق على الإنسان كما ذكره أهل المنطق ، وليس فيه عندهم عيب ؛ لأنه تعريف بحقيقة الإنسان ، لكنه في العرف قول يعتبر قدحًا في الإنسان ، ولهذا إذا خاطب الإنسان به عاميًّا فإن العامي سيعتقد أن هذا قدحٌ فيه ، وحينئذ لا يجوز أن يخاطب به العامي ؛ لأن كل شيء يسيء إلى المسلم فهو حرام ، أما إذا خوطب به من يفهم الأمر على حسب اصطلاح المناطقة ، فإن هذا لا حرج فيه ؛ لأن الإنسان لا شك أنه حيوان باعتبار أنه فيه حياة ، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق . ولهذا قالوا : إن كلمة " حيوان " جنس ، وكلمة " ناطق " فصل ، والجنس يعم المعرف وغيره ، والفصل يميز المعرف عن غيره .

( 462 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول بعض الناس : " خسرت في الحج كذا ، وخسرت في العمرة كذا ، وخسرت في الجهاد كذا ، وكذا " ؟ .
فأجاب قائلًا : هذه العبارات غير صحيحة ؛ لأن ما بذل في طاعة الله ليس بخسارة ، بل هو الربح الحقيقي ، وإنما الخسارة ما صرف في معصية ، أو في ما لا فائدة فيه ، وأما ما فيه فائدة دنيوية أو دينية فإنه ليس بخسارة .

(3/101)


--------------------------------------------------------------------------------

( 463 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان لرجل : " أنت يا فلان خليفة الله في أرضه " ؟
فأجاب بقوله : إذا كان ذلك صدقًا بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد ، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد ، فإن هذا لا بأس به ، ومعنى قولنا : " خليفة الله " أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعه ؛ لأن الله - تعالى -استخلفه على الأرض ، والله - سبحانه وتعالى - مستخلفنا في الأرض جميعًا وناظر ما كنا نعمل ، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله تعالى يحتاج إلى أحد يخلفه في خلقه ، أو يعينه على تدبير شئونهم ، ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه ، ويقوم بأعباء ما كلفه الله .

( 464 ) وسئل فضيلته : يستخدم بعض الناس عبارة " راعني " ويقصدون بها انظرني ، فما صحة هذه الكلمة ؟
فأجاب قائلًا : الذي أعرف أن كلمة : " راعني " يعني من المراعاة أي أنزل لنا في السعر مثلًا ، وانظر إلى ما أريد ، ووافقني عليه ، وما أشبه ذلك ، وهذه لا شيء فيها . وأما قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا } .
فهذا كان اليهود يقولون : " راعنا " ، من الرعونة فينادون بذلك الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، يريدون الدعاء عليه ، فلهذا قال الله لهم : { وَقُولُوا انْظُرْنَا } . وأما " راعني " ، فليست مثل " راعنا " ؛ لأن راعنا منصوبة بالألف وليست بالياء .

(3/102)


--------------------------------------------------------------------------------

( 465 ) وسئل حفظه الله : ما حكم قول : " رب البيت " ؟ " رب المنزل " ؟
فأجاب : قولهم : رب البيت ونحوه ينقسم أقسامًا أربعة :
القسم الأول : أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله - عز وجل - مثل أن يقول : " أطعم ربك " فهذا منهي عنه لوجهين :
الوجه الأول : من جهة الصيغة ؛ لأنه يوهم معنى فاسدًا بالنسبة لكلمة رب ؛ لأن الرب من أسمائه سبحانه ، وهو سبحانه يُطعِم ولا يطعَم ، وإن كان لا شك أن الرب هنا غير الرب الذي يطعم ولا يطعم .
الوجه الثاني : من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذل لأنه إذا كان السيد ربًّا كان العبد مربوبًا والأمة مربوبة .
وأما إذا كان في معنى يليق بالله -تعالى- مثل أطع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني .
القسم الثاني : أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه ، وربها ، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه ، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها ، لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله .
وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور .
ودليل ذلك قوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه : « حتى يجدها ربها » ، وقال بعض أهل العلم : إن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان ، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها . قال تعالى :

(3/103)


--------------------------------------------------------------------------------

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ } وقال في العباد : { وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ } ليس جميعهم : { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ } .
القسم الثالث : أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف : { إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ } أي سيدي ، وإن المحذور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتفٍ لأن هذا من العبد لسيده .
القسم الرابع : أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال : هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز وهو كذلك ما لم يوجد محذور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق لمملوكه .










قديم 2012-02-22, 13:53   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










New1

( 466 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول من يقول : إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد ، وعنصر من الله وهو الروح ؟
فأجاب بقوله : هذا الكلام يحتمل معنيين :
أحدهما : أن الروح جزء من الله .
والثاني : أن الروح من الله خلقًا .
وأظهرهما أنه أراد أن الروح جزء من الله ؛ لأنه لو أراد أن الروح من

(3/104)


--------------------------------------------------------------------------------

الله خلقًا لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من الله تعالى خلقًا وإيجادًا .
والجواب على قوله : أن نقول : لا شك أن الله أضاف روح آدم إليه في قوله - تعالى - : { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي } . وأضاف روح عيسى إليه فقال : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } . وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله : { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ } . وقوله : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ } . وقوله عن رسوله صالح : { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا } ولكن المضاف إلى الله نوعان :
أحدهما : ما يكون منفصلًا بائنًا عنه ، قائمًا بنفسه أو قائمًا بغيره ، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكوين ، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمة الله تعالى ، لعظم المضاف ، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله ، ولا من صفاته ، أما كونه لا يمكن أن يكون من ذات الله تعالى ، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن أن تتجزأ أو تتفرق ، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه ، كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والقوة ، والسمع ، والبصر وغيرها . فإن هذه الصفات صفات لا تباين

(3/105)


--------------------------------------------------------------------------------

موصوفها ، ومن هذا النوع إضافة الله تعالى روح آدم وعيسى إليه ، وإضافة البيت وما في السماوات والأرض إليه ، وإضافة الناقة إليه ، فروح آدم ، وعيسى قائمة بهما ، وليست من ذات الله تعالى ، ولا من صفاته قطعًا ، والبيت وما في السماوات والأرض ، والناقة أعيان قائمة بنفسها ، وليست من ذات الله ولا من صفاته ، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يقول : إن بيت الله ، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته فكذلك الروح التي أضافها إليه ليست من ذاته ولا من صفاته ، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله - عز وجل - وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذن الله ، يتوفاها الله حين موتها ، ويمسك التي قضى عليها الموت ، ويتبعها بصر الميت حين تقبض ، لكنها جسم من جنس آخر .
النوع الثاني : من المضاف إلى الله : ما لا يكون منفصلًا عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية ، كوجهه ، ويده ، وسمعه ، وبصره ، واستوائه على عرشه ، ونزوله إلى السماء الدنيا ، ونحو ذلك ، فإضافته إلى الله تعالى من باب إضافة الصفة إلى موصوفها ، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه .
وقول المتكلم : " إن الروح من الله " يحتمل معنى آخر غير ما قلنا : إنه الأظهر ، وهو أن البدن مادته معلومة ، وهي التراب ، أما الروح فمادتها غير معلومة ، وهذا المعنى صحيح . كما قال الله تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا } . وهذه - والله أعلم - من الحكمة في إضافتها إليه أنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم

(3/106)


--------------------------------------------------------------------------------

البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل ، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله - تبارك وتعالى - .
فنسأل الله تعالى ، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه ما به صلاحنا ، وفلاحنا في الدنيا والآخرة .

( 467 ) سئل فضيلة الشيخ : عن المراد بالروح والنفس ؟ والفرق بينهما ؟
فأجاب قائلًا : الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسًّا أو معنى ، فالقرآن يسمى روحًا قال الله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان ، والروح التي يحيا بها البدن تسمى روحًا كما قال الله - تعالى - : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } .
أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيرًا كما في قوله تعالى : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } .
وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه ، فيقال : جاء فلان نفسه ، فتكون بمعنى الذات ، فهما يفترقان أحيانًا ، ويتفقان أحيانًا ، بحسب السياق .

(3/107)


--------------------------------------------------------------------------------

وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق ، ومعنى آخر في سياق ، فالقرية مثلًا تطلق أحيانًا على نفس المساكن ، وتطلق أحيانًا على الساكن نفسه ففي قوله تعالى عن الملائكة الذين جاءوا إبراهيم : { قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ } المراد بالقرية هنا المساكن ، وفي قوله - تعالى - : { وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا } المراد بها الساكن ، وفي قوله تعالى : { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } المراد بها المساكن ، وفي قوله : { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا } المراد بها الساكن ، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه ، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القرآن الكريم ليس فيه مجاز ، وأن جميع الكلمات التي في القرآن كلها حقيقة ؛ لأن الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان ، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول : إن في القرآن مجازًا ، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه ، ومن أبين ما يجعل هذا القول صوابًا أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال : فلان أسد ، صح لك نفيه ، وهذا لا يمكن أن يكون في القرآن ، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئًا مما ذكره الله تعالى في القرآن الكريم .

(3/108)


--------------------------------------------------------------------------------

( 468 ) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إطلاق لفظ " السيد " على غير الله تعالى ؟
فأجاب بقوله : إطلاق السيد على غير الله تعالى إن كان يقصد معناه وهي السيادة المطلقة فهذا لا يجوز ، وإن كان يقصد به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب به أهلًا للإكرام فلا بأس به . ولكن لا يقول : السيد بل يقول يا سيد ، أو نحو ذلك ، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به .
( 469 ) سئل فضيلة الشيخ : من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة ؟
فأجاب بقوله : لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله - عز وجل - فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد ، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم ، لرسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والسيادة قد تكون بالنسب ، وقد تكون بالعلم ، وقد تكون بالكرم ، وقد تكون بالشجاعة ، وقد تكون بالملك ، كسيد المملوك ، وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدًا ، وقد يقال للزوج : سيد بالنسبة لزوجته ، كما في قوله تعالى : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } .
فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد به من كان من نسل رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهم أولاد فاطمة - رضي الله عنها - أي ذريتها من بنين وبنات ، وكذلك الشريف ، وربما يراد بالشريف من كان هاشميًا

(3/109)


--------------------------------------------------------------------------------

وأيًّا كان الرجل أو المرأة سيدًا أو شريفًا فإنه لا يمتنع شرعًا أن يتزوج من غير السيد والشريف ، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم ، محمد رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان ، وليس هاشميًّا ، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشميًّا .

(470) وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال : « انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقلنا : أنت سيدنا فقال : ( السيد الله تبارك وتعالى ) » . وما جاء في التشهد " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد " . وحديث « أنا سيد ولد آدم » ؟

فأجاب قائلًا : لا يرتاب عاقل أن محمدًا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك ، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة ، وطاعة النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، من طاعة الله - سبحانه وتعالى - : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سيدنا ، وخيرنا ، وأفضلنا عند الله - سبحانه وتعالى - وأنه المطاع فيما يأمر به ، صلوات الله وسلامه عليه ، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع ، عليه الصلاة والسلام ، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد : " أن نقول : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " أو

(3/110)


--------------------------------------------------------------------------------

نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي : " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد " وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي ، عليه الصلاة والسلام ، فإن الأفضل ألا نصلي على النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بها ، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها .
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدًا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه ، وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، علينا .
وعلى هذا فإن أولئكم المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدًا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سيد ؛ لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه ، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع .
وقد ثبت عن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قال : « أنا سيد ولد آدم » والجمع بينه وبين قوله : " السيد الله " أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور ، وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شيء محدود ، وفي زمن محدود ، ومكان محدود ، وعلى قوم دون قوم ، أو نوع من الخلائق دون نوع .

(3/111)


--------------------------------------------------------------------------------

( 471 ) وسئل فضيلته : عن هذه العبارة " السيدة عائشة رضي الله عنها " ؟ .
فأجاب قائلًا : لا شك أن عائشة - رضي الله عنها - من سيدات نساء الأمة ، ولكن إطلاق " السيدة " على المرأة و" السيدات " على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب حيث يسمون كل امرأة سيدة وإن كانت من أوضع النساء ، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهن سيدات مطلقًا ، والحقيقة أن المرأة امرأة ، وأن الرجل رجل ، وتسمية المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح ، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة ، ولكن ليس مقتضى ذلك أننا نسمي كل امرأة سيدة .
كما أن التعبير بالسيدة عائشة ، والسيدة خديجة ، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفًا عند السلف بل كانوا يقولون : أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة ، فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ونحو ذلك .

( 472 ) سئل فضيلة الشيخ : عن الجمع بين قول النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « السيد الله تبارك وتعالى » وقوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أنا سيد ولد آدم » وقوله : « قوموا إلى سيدكم » وقوله في الرقيق : « وليقل : سيدي » ؟


فأجاب بقوله : اختلف في ذلك على أقوال :
القول الأول : أن النهي على سبيل الأدب ، والإباحة على سبيل

(3/112)


--------------------------------------------------------------------------------

الجواز ، فالنهي ليس للتحريم حتى يعارض الجواز .
القول الثاني : أن النهي حيث يخشى منه المفسدة وهي التدرج إلى الغلو ، والإباحة إذا لم يكن هناك محذور .
القول الثالث : إن النهي بالخطاب أي أن تخاطب الغير بقولك : " سيدي أو سيدنا " لأنه ربما يكون في نفسه عجب وغلو إذا دعي بذلك ، ولأن فيه شيئًا آخر وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له ، بخلاف إذا جاء على غير هذا الوجه مثل « قوموا إلى سيدكم » و« أنا سيد ولد آدم » .
لكن هذا يرد عليه إباحته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، للرقيق أن يقول لمالكه : " سيدي " ؟
لكن يجاب عن هذا بأن قول الرقيق لمالكه : " سيدي " أمر معلوم لا غضاضة فيه ، ولهذا يحرم عليه أن يمتنع مما يجب عليه نحو سيده والذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذا جائز لكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلًا لذلك ، وأن لا يخشى محذور من إعجاب المخاطب وخنوع المتكلم ، أما إذا لم يكن أهلًا ، كما لو كان فاسقًا أو زنديقًا فلا يقال له ذلك حتى ولو فرض أنه أعلى منه مرتبة أو جاهًا ، وقد جاء في الحديث : « لا تقولوا للمنافق : سيد فإنكم إذا قلتم ذلك أغضبتم الله » وكذلك لا يقال إذا خشي محذور من إعجاب المخاطب أو خنوع المتكلم .

( 473 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن قول : " شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا " ، " وشاءت الأقدار كذا وكذا " ؟ .
فأجاب قائلًا : قول : " شاءت الأقدار " ، و" شاءت الظروف " ألفاظ منكرة ؛ لأن الظروف جمع ظرف وهو الزمن ، والزمن لا مشيئة له ،

(3/113)


--------------------------------------------------------------------------------

وكذلك الأقدار جمع قدر ، والقدر لا مشيئة له ، وإنما الذي يشاء هو الله - عز وجل - نعم لو قال الإنسان : " اقتضى قدر الله كذا وكذا " . فلا بأس به . أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة ، ولا إرادة للوصف ، إنما الإرادة للموصوف .

( 474 ) وسئل فضيلته : عن حكم قول : " وشاءت قدرة الله " و" شاء القدر " ؟
فأجاب بقوله : لا يصح أن نقول : " شاءت قدرة الله " لأن المشيئة إرادة ، والقدرة معنى ، والمعنى لا إرادة له ، وإنما الإرادة للمريد ، والمشيئة لمن يشاء ، ولكننا نقول : اقتضت حكمة الله كذا وكذا ، أو نقول عن الشيء إذا وقع : هذه قدرة الله أي مقدوره كما تقول : هذا خلق الله أي مخلوقه . وأما أن نضيف أمرًا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز .
ومثل ذلك قولهم : " شاء القدر كذا وكذا " وهذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما ، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدّر . والله أعلم .

( 475 ) وسئل فضيلته : هل يجوز إطلاق " شهيد " على شخص بعينه فيقال : الشهيد فلان ؟
فأجاب بقوله : لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى ، لو قتل مظلومًا ، أو قتل وهو يدافع عن الحق ، فإنه لا يجوز أن نقول : فلان شهيد وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا

(3/114)


--------------------------------------------------------------------------------

كل من قتل حتى ولو كان مقتولًا في عصبية جاهلية يسمونه شهيدًا ، وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل : هو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة ، سوف يقال لك : هل عندك علم أنه قتل شهيدًا ؟ ولهذا لما قال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دمًا ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك » فتأمل قول النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « والله أعلم بمن يكلم في سبيله » - يكلم : يعني يجرح - فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه ، وأنه خلاف ما يظهر من فعله ، ولهذا بوب البخاري رحمه الله على هذه المسألة في صحيحه فقال : " باب لا يقال : فلان شهيد " لأن مدار الشهادة على القلب ، ولا يعلم ما في القلب إلا الله - عز وجل - فأمر النية أمر عظيم ، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه » والله أعلم










قديم 2012-02-22, 13:59   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

( 476 ) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم قول : فلان شهيد ؟ .

فأجاب بقوله : الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين :
أحدهما : أن تقيد بوصف مثل أن يقال : كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن مات بالطاعون فهو شهيد ،

(3/115)


--------------------------------------------------------------------------------

ونحو ذلك ، فهذا جائز كما جاءت به النصوص ، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ونعني بقولنا : - جائز - أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقًا لخبر رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الثاني : أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه : إنه شهيد ، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري - رحمه الله - لهذا بقوله : " باب لا يقال : فلان شهيد " قال في الفتح 90\6 : " أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي " وكأنه أشار إلى « حديث عمر أنه خطب فقال : تقولون في مغازيكم : فلان شهيد ، ومات فلان شهيدًا ولعله قد يكون قد أوقر راحلته ، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : من مات في سبيل الله ، أو قُتل فهو شهيد » وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر " ا . هـ . كلامه .
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به ، وشرط كون الإنسان شهيدًا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها ، ولهذا قال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مشيرًا إلى ذلك : « مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله » . وقال : « والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دمًا اللون لون الدم ، والريح ريح المسك » .
رواهما البخاري من حديث أبي هريرة ، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك ، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن . والرجاء مرتبة بين المرتبتين ، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولًا في

(3/116)


--------------------------------------------------------------------------------

الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه ، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه .
ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بالوصف أو بالشخص ، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - .
وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق ، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق ، وهذا كاف في منقبته ، وعلمه عند خالقه - سبحانه وتعالى - .

( 477 ) سئل فضيلة الشيخ : عن لقب " شيخ الإسلام " هل يجوز ؟

فأجاب بقوله : لقب شيخ الإسلام عند الإطلاق لا يجوز ، أي إن الشيخ المطلق الذي يرجع إليه الإسلام لا يجوز أن يوصف به شخص ؛ لأنه لا يعصم أحد من الخطأ فيما يقول في الإسلام إلا الرسل .
أما إذا قصد بشيخ الإسلام أنه شيخ كبير له قدم صدق في الإسلام فإنه لا بأس بوصف الشيخ به وتلقيبه به .

( 478 ) وسئل : ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة " صدفة " ؟ .
فأجاب بقوله : رأينا في هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف

(3/117)


--------------------------------------------------------------------------------

وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله " لكن لا يحضرني الآن حديث معين في هذا الخصوص " .
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ؛ لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له ، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا ، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو - سبحانه وتعالى - لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبدًا ، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له : صدفة ، ولا حرج فيه ، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز .
( 479 ) سئل فضيلة الشيخ : عن تسمية بعض الزهور بـ " عباد الشمس " لأنه يستقبل الشمس عند الشروق والغروب ؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس ، إنما تعبد الله - عز وجل - كما قال الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ } . وإنما يقال عبارة أخرى ليس فيها ذكر العبودية كمراقبة الشمس ، ونحو ذلك من العبارات .

( 480 ) وسئل فضيلة الشيخ : لماذا كان التسمي بعبد الحارث من الشرك مع أن الله هو الحارث ؟
(3/118)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب قائلًا : التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية لغير الله - عز وجل - فإن الحارث هو الإنسان كما قال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « كلكم حارث وكلكم همام » فإذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعًا من الشرك ، لكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر ، ولهذا لو سمي رجل بهذا الاسم لوجب أن يغيره فيضاف إلى اسم الله - سبحانه وتعالى - أو يسمى باسم آخر غير مضاف وقد ثبت عن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قال : « أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن » وما اشتهر عند العامة من قولهم : خير الأسماء ما حمد وعبد ونسبتهم ذلك إلى رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فليس ذلك بصحيح أي ليس نسبته إلى النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، صحيحة فإنه لم يرد عن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بهذا اللفظ وإنما ورد « أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن » .
أما قول السائل في سؤاله : " مع أن الله هو الحارث " فلا أعلم اسمًا لله تعالى بهذا اللفظ ، وإنما يوصف - عز وجل - بأنه الزارع ولا يسمى به كما في قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } .

( 481 ) سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة : " العصمة لله وحده " ، مع أن العصمة لا بد فيها من عاصم ؟ .
فأجاب قائلًا : هذه العبارة قد يقولها من يقولها يريد بذلك أن كلام الله - عز وجل - وحكمه كله صواب ، وليس فيه خطأ وهي بهذا المعنى

(3/119)


--------------------------------------------------------------------------------

صحيحة ، لكن لفظها مستنكر ومستكره ؛ لأنه كما قال السائل قد يوحي بأن هناك عاصمًا عصم الله - عز وجل - والله - سبحانه وتعالى - هو الخالق ، وما سواه مخلوق ، فالأولى أن لا يعبر الإنسان بمثل هذا التعبير ، بل يقول : الصواب في كلام الله ، وكلام رسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

( 482 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن قول : " على هواك " وقول بعض الناس في مثل مشهور : " العين وماترى والنفس وما تشتهي " ؟

فأجاب بقوله : هذه الألفاظ ليس فيها بأس إلا أنها تقيد بما يكون غير مخالف للشرع ، فليس الإنسان على هواه في كل شيء ، وليست العين في كل شيء تراه ، المهم أن هذه العبارة من حيث هي لا بأس بها لكنها مقيدة بما لا يخالف الشرع .

( 483 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن عبارة : " فال الله ولا فالك " ؟

فأجاب قائلًا : هذا التعبير صحيح ؛ لأن المراد الفأل الذي هو من الله ، وهو أني أتفاءل بالخير دونما أتفاءل بما قلت ، هذا هو معنى العبارة ، وهو معنى صحيح أن الإنسان يتمنى الفأل الكلمة الطيبة من الله - سبحانه وتعالى - دون أن يتفاءل بما سمعه من هذا الشخص الذي تشاءم من كلامه .

( 484 ) سئل فضيلة الشيخ : عن مصطلح " فكر إسلامي " و" مفكر إسلامي " ؟
(3/120)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب قائلًا : كلمة " فكر إسلامي " من الألفاظ التي يحذر عنها ، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد ، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر .
أما " مفكر إسلامي " فلا أعلم فيه بأسًا لأنه وصف للرجل المسلم والرجل المسلم يكون مفكرًا .

( 485 ) سئل فضيلة الشيخ : جاء في الفتوى رقم " 484 " أن كلمة الفكر الإسلامي كلمة لا تجوز لأنها تعني أن الإسلام قد يكون عبارة عن أفكار قد تصح أو لا تصح وهكذا ، بينما قلتم : إن إطلاق كلمة ( المفكر الإسلامي ) تجوز لأن فكر الشخص يتغير وقد يكون صحيحًا أو العكس ، ولكن الأشخاص الذين يستخدمون مصطلح ( الفكر الإسلامي ) يقولون : إننا نقصد فكر الأشخاص ولا نتكلم عن الإسلام ككل أو عن الشريعة الإسلامية بالتحديد فهل هذا المصطلح ( الفكر الإسلامي ) جائز بهذا التفسير أم لا وما هو البديل ؟

فأجاب فضيلته بقوله : ثبت عن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قال : " « إنما أقضي بنحو ما أسمع » ونحن لا نحكم على الأفراد إلا بما يظهر منهم فإذا قيل : ( الفكر الإسلامي ) فهذا يعني أن الإسلام فكر ، وإذا كان القائل بهذا التعبير يريد فكر الرجل الإسلامي فليقل : ( فكر الرجل الإسلامي ) أو ( المفكر الإسلامي ) وبدلًا من أن نقول : ( الفكر الإسلامي )

(3/121)


--------------------------------------------------------------------------------

نقول : ( الحكم الإسلامي ) لأن الإسلام حكم والقرآن الكريم إما خبر وإما حكم كما قال تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .
( 486 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول بعض الناس إذا شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب : " فلان بعيد عن الهداية ، أو عن الجنة ، أو عن مغفرة الله " فما حكم ذلك ؟ .

فأجاب بقوله : هذا لا يجوز لأنه من باب التألي على الله - عز وجل - وقد ثبت في الصحيح « أن رجلًا كان مسرفًا على نفسه ، وكان يمر به رجل آخر فيقول : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله - عز وجل - : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان قد غفرت له ، وأحبطت عملك » . ولا يجوز للإنسان أن يستبعد رحمة الله - عز وجل - ، كم من إنسان قد بلغ في الكفر مبلغًا عظيمًا ، ثم هداه الله فصار من الأئمة الذين يهدون بأمر الله - عز وجل - ، والواجب على من قال ذلك أن يتوب إلى الله ، حيث يندم على ما فعل ، ويعزم على أن لا يعود في المستقبل .
( 487 ) وسئل فضيلته : عن قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريبًا قال : " فلان ربنا افتكره " ؟


فأجاب فضيلته بقوله : إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته

(3/122)


--------------------------------------------------------------------------------

فهذه كلمة كفر ؛ لأنه يقتضي أن الله - عز وجل - ينسى ، والله - سبحانه وتعالى - لا ينسى ، كما قال موسى ، عليه الصلاة والسلام ، لما سأله فرعون : { فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى } . فإذا كان هذا هو قصد المجيب وكان يعلم ويدري معنى ما يقول فهذا كفر .
أما إذا كان جاهلًا ولا يدري ويريد بقوله : " أن الله افتكره " يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر ، لكن يجب أن يطهر لسانه عن هذا الكلام ؛ لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين - عز وجل - ويجيب بقوله : " توفاه الله أو نحو ذلك " .
( 488 ) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم التسمي بقاضي القضاة ؟
فأجاب قائلًا : قاضي القضاة بهذا المعنى الشامل العام لا يصلح إلا لله - عز وجل - فمن تسمى بذلك فقد جعل نفسه شريكًا لله - عز وجل - فيما لا يستحقه إلا الله - عز وجل - ، وهو القاضي فوق كل قاضٍ . والحكم وإليه يرجع الحكم كله ، وإن قيد بزمان أو مكان فهذا جائز ، لكن الأفضل أن لا يفعل ؛ لأنه قد يؤدي إلى الإعجاب بالنفس والغرور حتى لا يقبل الحق إذا خالف قوله ، وإنما جاز هذا لأن قضاء الله لا يتقيد ، فلا يكون فيه مشاركة لله - عز وجل - وذلك مثل قاضي قضاة العراق ، أو قاضي قضاة الشام ، أو قاضي قضاة عصره .
وأما إن قيد بفن من الفنون فبمقتضى التقييد يكون جائزًا ، لكن إن قيد بالفقه بأن قيل : عالم العلماء في الفقه سواء قلنا بأن الفقه يشمل أصول

(3/123)


--------------------------------------------------------------------------------

الدين وفروعه على حد قوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين » أو قلنا بأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية العملية كما هو المعروف عند الأصوليين صار فيه عموم واسع مقتضاه أن مرجع الناس كلهم في الشرع إليه فأنا أشك في جوازه والأولى التنزه عنه . وكذلك إن قيد بقبيلة فهو جائز ولكن يجب مع الجواز مراعاة جانب الموصوف حتى لا يغتر ويعجب بنفسه ، ولهذا « قال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، للمادح : " قطعت عنق صاحبك » .
( 489 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن تقسيم الدين إلى قشور ولب ، ( مثل اللحية ) ؟
فأجاب فضيلته بقوله : تقسيم الدين إلى قشور ولب ، تقسيم خاطئ ، وباطل ، فالدين كله لب ، وكله نافع للعبد ، وكله يقربه لله - عز وجل - وكله يثاب عليه المرء ، وكله ينتفع به المرء ، بزيادة إيمانه وإخباته لربه - عز وجل - حتى المسائل المتعلقة باللباس والهيئات ، وما أشبهها ، كلها إذا فعلها الإنسان تقربًا إلى الله - عز وجل - واتباعًا لرسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإنه يثاب على ذلك ، والقشور كما نعلم لا ينتفع بها ، بل ترمى ، وليس في الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية ما هذا شأنه ، بل كل الشريعة الإسلامية لب ينتفع به المرء إذا أخلص النية لله ، وأحسن في اتباعه رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وعلى الذين يروجون هذه المقالة ، أن يفكروا في الأمر تفكيرًا جديًّا ، حتى يعرفوا الحق والصواب ، ثم عليهم أن يتبعوه ، وأن يدعوا مثل هذه التعبيرات ، صحيح أن الدين الإسلامي

(3/124)


--------------------------------------------------------------------------------

فيه أمور مهمة كبيرة عظيمة ، كأركان الإسلام الخمسة ، التي بينها الرسول ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بقوله : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام » . وفيه أشياء دون ذلك ، لكنه ليس فيه قشور لا ينتفع بها الإنسان ، بل يرميها ويطرحها .
وأما بالنسبة لمسألة اللحية : فلا ريب أن إعفاءها عبادة ؛ لأن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمر به ، وكل ما أمر به النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه ، بامتثاله أمر نبيه ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل إنها من هدي النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسائر إخوانه المرسلين ، كما قال الله تعالى عن هارون : أنه قال لموسى : { يَاابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي } . وثبت عن النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أن إعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الناس عليها ، فإعفاؤها من العبادة ، وليس من العادة ، وليس من القشور كما يزعمه من يزعمه .
( 490 ) سئل فضيلة الشيخ : عن عبارة " كل عام وأنتم بخير " ؟
فأجاب بقوله : قول : " كل عام وأنتم بخير " جائز إذا قصد به الدعاء بالخير .
( 491 ) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم لعن الشيطان ؟
فأجاب بقوله : الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان ، وإنما أمر بالاستعاذة منه كما قال الله تعالى : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

(3/125)


--------------------------------------------------------------------------------

وقال تعالى في سورة فصلت : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .
( 492 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان متسخطًا : " لو أني فعلت كذا لكان كذا " ، أو يقول : " لعنة الله على المرض هو الذي أعاقني " ؟
فأجاب بقوله : إذا قال : " لو فعلت كذا لكان كذا " ندمًا وسخطًا على القدر ، فإن هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يقوله ، لقول النبي ، عليه الصلاة والسلام : « احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، فإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت لكان كذا وكذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ، ولكن قل : قد قدر الله وما شاء فعل » . وهذا هو الواجب على الإنسان أن يفعل المأمور وأن يستسلم للمقدور ، فإنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .
وأما من يلعن المرض وما أصابه من فعل الله - عز وجل - فهذا من أعظم القبائح - والعياذ بالله - لأن لعنه للمرض الذي هو من تقدير الله تعالى بمنزلة سب الله - سبحانه وتعالى - فعلى من قال مثل هذه الكلمة أن يتوب إلى الله ، وأن يرجع إلى دينه ، وأن يعلم أن المرض بتقدير الله ، وأن ما أصابه من مصيبة فهو بما كسبت يده ، وما ظلمه الله ، ولكن كان هو الظالم لنفسه .

(3/126)


--------------------------------------------------------------------------------

( 493 ) وسئل : عن قول : " لك الله " ؟
فأجاب بقوله : لفظ " لك الله " الظاهر أنه من جنس " لله درك " وإذا كان من جنس هذا فإن هذا اللفظ جائز ، ومستعمل عند أهل العلم وغيرهم ، والأصل في هذا وشبهه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ، والواجب التحرز عن التحريم فيما الأصل فيه الحل .
( 494 ) سئل فضيلة الشيخ : عن عبارة لم تسمح لي الظروف ؟ أو لم يسمح لي الوقت ؟
فأجاب قائلًا : إن كان القصد أنه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به ، وإن كان القصد أن للوقت تأثيرًا فلا يجوز .
( 495 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم استعمال " لو " ؟
فأجاب بقوله : استعمال " لو " فيه تفصيل على الوجوه التالية :
الوجه الأول : أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول الإنسان لشخص : لو زرتني لأكرمتك ، أو لو علمت بك لجئت إليك .
الوجه الثاني : أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن تمنى بها خيرًا فهو مأجور بنيته ، وإن تمنى بها سوى ذلك فهو بحسبه ، ولهذا « قال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، في الرجل الذي له مال ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ورجل آخر ليس عنده مال ، قال : لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، : " هما »

(3/127)


--------------------------------------------------------------------------------

« في الأجر سواء " والثاني رجل ذو مال لكنه ينفقه في غير وجوه الخير فقال رجل آخر : لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هما في الوزر سواء » فهي إذا جاءت للتمني تكون بحسب ما تمناه العبد إن تمنى خيرًا فهي خير ، وإن تمنى سوى ذلك فله ما تمنى .
الوجه الثالث : أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها ، لأنها لا تفيد شيئًا وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت لكان كذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان » . وحقيقة أنه لا فائدة منها في هذا المقام لأن الإنسان عمل ما هو مأمور به من السعي لما ينفعه ولكن القضاء والقدر كان بخلاف ما يريد فكلمة " لو " في هذا المقام إنما تفتح باب الندم والحزن ، ولهذا نهى عنها رسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لأن الإسلام لا يريد من الإنسان أن يكون محزونًا ومهمومًا بل يريد منه أن يكون منشرح الصدر وأن يكون مسرورًا طليق الوجه ، ونبه الله المؤمنين لهذه النقطة بقوله : { إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } . وكذلك في الأحلام المكروهة التي يراها النائم في منامه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشد المرء إلى أن يتفل عن يساره ثلاث مرات ، وأن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ، وأن ينقلب إلى الجنب الآخر ،

(3/128)


--------------------------------------------------------------------------------

وألا يحدث بها أحدًا لأجل أن ينساها ولا تطرأ على باله قال : « فإن ذلك لا يضره » .
والمهم أن الشرع يحب من المرء أن يكون دائمًا في سرور ، ودائمًا في فرح ليكون متقبلًا لما يأتيه من أوامر الشرع ؛ لأن الرجل إذا كان في ندم وهم وفي غم وحزن لا شك أنه يضيق ذرعًا بما يلقى عليه من أمور الشرع وغيرها ، ولهذا يقول الله تعالى لرسوله دائمًا : { وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } وهذه النقطة بالذات تجد بعض الغيورين على دينهم إذا رأوا من الناس ما يكرهون تجدهم يؤثر ذلك عليهم ، حتى على عبادتهم الخاصة ولكن الذي ينبغي أن يتلقوا ذلك بحزم وقوة ونشاط فيقوموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة إلى الله على بصيرة ، ثم إنه لا يضرهم من خالفهم .
( 496 ) سئل الشيخ حفظه الله تعالى : عن هذه العبارة " لولا الله وفلان " ؟
فأجاب قائلًا : قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز ، ففي المشيئة مثلًا لا يجوز أن تقول : " ما شاء الله وشئت " لأن هذا قرن لمشيئة الله بمشيئة المخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو نوع من الشرك ، لكن لا بد أن تأتي بـ " ثم " فتقول " ما شاء الله ثم شئت " كذلك أيضًا إضافة الشيء إلى سببه مقرون بالله بحرف يقتضي التسوية ممنوع فلا تقول : " لولا الله وفلان أنقذني لغرقت " فهذا حرام ولا يجوز

(3/129)


--------------------------------------------------------------------------------

لأنك جعلت السبب المخلوق مساويًّا لخالق السبب ، وهذا نوع من الشرك ، ولكن يجوز أن تضيف الشيء إلى سببه بدون قرن مع الله فتقول : " لولا فلان لغرقت " إذا كان السبب صحيحًا وواقعًا ولهذا « قال الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، في أبي طالب حين أخبر أن عليه نعلين يغلي منهما دماغه قال : "ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار » فلم يقل : لولا الله ثم أنا مع أنه ما كان في هذه الحال من العذاب إلا بمشيئة الله ، فإضافة الِشيء إلى سببه المعلوم شرعًا أو حسًّا جائز وإن لم يذكر معه الله - جل وعلا - وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعًا أو حسًّا جائز بشرط أن يكون بحرف لا يقتضي التسوية كـ " ثم " وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعًا أو حسًّا بحرف يقتضي التسوية كـ " الواو " حرام ونوع من الشرك ، وإضافة الشيء إلى سبب موهوم غير معلوم حرام ولا يجوز وهو نوع من الشرك مثل العقد والتمائم وما أشبهها فإضافة الشيء إليها خطأ محض ، ونوع من الشرك لأن إثبات سبب من الأسباب لم يجعله الله سببًا نوع من الإشراك به ، فكأنك أنت جعلت هذا الشيء سببًا والله تعالى لم يجعله فلذلك صار نوعًا من الشرك بهذا الاعتبار .
( 497 ) وسئل فضيلة الشيخ عن قولهم : " المادة لا تفنى ولا تزول ولم تخلق من عدم " .
فأجاب قائلًا : القول بأن المادة لا تفنى وأنها لم تخلق من عدم كفر لا يمكن أن يقوله مؤمن ، فكل شيء في السماوات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال الله - تعالى - : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } وليس

(3/130)


--------------------------------------------------------------------------------

هناك شيء أزلي أبدي سوى الله .
وأما كونها لا تفنى فإن عنى بذلك أن كل شيء لا يفنى لذاته فهذا أيضًا خطأ وليس بصواب ؛ لأن كل شيء موجود فهو قابل للفناء ، وإن أراد به أن من مخلوقات الله ما لا يفنى بإرادة الله فهذا حق ، فالجنة لا تفنى وما فيها من نعيم لا يفنى ، وأهل الجنة لا يفنون ، وأهل النار لا يفنون . لكن هذه الكلمة المطلقة " المادة ليس لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء " هذه على إطلاقها كلمة إلحادية فتقول : المادة مخلوقة من عدم ، فكل شيء سوى الله فالأصل فيه العدم .
أما مسألة الفناء فقد تقدم التفصيل فيها، والله الموفق










قديم 2012-02-22, 14:03   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










New1

( 498 ) سئل فضيلة الشيخ : ما حكم قول : " شاءت قدرة الله " ، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا ؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها ، والصفة لا تنفك عن ذات الله ؟

فأجاب قائلًا : لا يصح أن نقول : " شاءت قدرة الله " ؛ لأن المشيئة إرادة ، والقدرة معنى ، والمعنى لا إرادة له ، وإنما الإرادة للمريد ، والمشيئة للشائي ولكننا نقول : اقتضت حكمة الله كذا وكذا ، أو نقول عن الشيء إذا وقع : هذه قدرة الله ، كما نقول : هذا خلق الله ، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز .
وأما قول السائل : " إن الصفة تتبع الموصوف " فنقول : نعم ، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شيئًا يستقل به الموصوف ، وهي دارجة على لسان كثير من الناس ، يقول : شاءت قدرة الله كذا وكذا ، شاء القدر كذا وكذا ، وهذا لا يجوز ؛ لأن القدر والقدرة أمران

(3/131)


--------------------------------------------------------------------------------

معنويان ولا مشيئة لهما ، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر .
( 499 ) سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة : " ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا " .
فأجاب قائلًا : يقول الناس : ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا ، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلًا ، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهني هذا الأمر ، هذا هو المراد بهذا التعبير ، فالمعنى إذن صحيح لكن اللفظ فيه إيهام ، وعلى هذا يكون تجنب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم ، ولكن التحريم صعب أن نقول : حرام مع وضوح المعنى وأنه لا يقصد به إلا ذلك .
( 500 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان إذا شاهد جنازة : " من المتوفي " بالياء ؟
فأجاب بقوله : الأحسن أن يقال : من المتوفى ؟ وإذا قال من المتوفي ؟ فلها معنى في اللغة العربية ؛ لأن هذا الرجل توفي حياته وأنهاها .
( 501 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول : " إن فلانًا له المثل الأعلى " ، أو " فلان كان المثل الأعلى ".
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق ، إلا لله - سبحانه وتعالى - فهو الذي له المثل الأعلى ، وأما إذا قال : " فلان كان المثل الأعلى في كذا كذا " ، وقيده فهذا لا بأس به
.

(3/132)


--------------------------------------------------------------------------------

( 502 ) سئل فضيلة الشيخ : ما حكم قولهم : " دفن في مثواه الأخير " ؟
فأجاب قائلًا : قول القائل : " دفن في مثواه الأخير " حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت : في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شيء له ، وهذا يتضمن إنكار البعث ، ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شيء ، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر ، فالقبر آخر شيء عندهم ، أما المسلم فليس آخر شيء عنده القبر وقد سمع أعرابي رجلًا يقرأ قوله تعالى : { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } فقال : " والله ما الزائر بمقيم " لأن الذي يزور يمشي فلا بد من بعث وهذا صحيح .
لهذا يجب تجنب هذه العبارة فلا يقال عن القبر : إنه المثوى الأخير ؛ لأن المثوى الأخير إما الجنة ، وإما النار في يوم القيامة .
( 503 ) وسئل : عن قول : " مسيجيد ، مصيحيف " .
فأجاب قائلًا : الأولى أن يقال : المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا بلفظ التصغير ؛ لأنه قد يوهم الاستهانة به .
( 504 ) سئل فضيلة الشيخ : عن إطلاق المسيحية على النصرانية ، والمسيحي على النصراني .
فأجاب بقوله : لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، انتساب غير صحيح لأنه لو كان صحيحًا

(3/133)


--------------------------------------------------------------------------------

لآمنوا بمحمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإن إيمانهم بمحمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ؛ لأن الله تعالى قال : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } ولم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما لا ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلًا ، فضلًا عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولي العزم عيسى ابن مريم ، عليه الصلاة والسلام ، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بني إسرائيل هو محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقوله : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } . وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفروا به وقالوا : هذا سحر مبين ، فإذا كفروا بمحمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإن هذا كفر بعيسى ابن مريم الذي بشرهم بمحمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وحينئذ لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا : إنهم مسيحيون ، إذ لو كانوا حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كما قال الله - تعالى - : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ } . قال :

(3/134)


--------------------------------------------------------------------------------

أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين } والذي جاء مصدقا لما معهم هو محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لقوله ـ تعالىـ : { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم } .
وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام.
(505) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: "فلان المغفور له"، "فلان المرحوم"؟.
فأجاب بقوله: بعض الناس ينكر قول القائل : "فلان المغفور له، فلان المرحوم" ويقولون: إننا لا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبراً أن هذا الميت قد رحم أو غفر له، لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم، أو غفر له بدون علم قال الله تعالى: { ولا تقف ما ليس لك به علم } لكن الناس لا يريدون بذلك الإخبار قطعاً، فالإنسان الذي يقول : المرحوم الوالد، المرحومة الوالدة ونحو ذلك لا يريد بهذا الجزم أو الإخبار بأنهم

(3/135)


--------------------------------------------------------------------------------

مرحومون ، وإنما يريدون بذلك الدعاء أن الله تعالى قد رحمهم والرجاء ، وفرق بين الدعاء والخبر ، ولهذا نحن نقول : فلان رحمه الله ، فلان غفر الله له ، فلان عفا الله عنه ، ولا فرق من حيث اللغة العربية بين قولنا : " فلان المرحوم " و" فلان رحمه الله " لأن جملة " رحمه الله " جملة خبرية ، والمرحوم بمعنى الذي رحم فهي أيضًا خبرية ، فلا فرق بينهما أي بين مدلوليهما في اللغة العربية فمن منع " فلان المرحوم " يجب أن يمنع " فلان رحمه الله " .
على كل حال نقول " لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا : فلان المرحوم ، فلان المغفور له " وما أشبه ذلك؛ لأننا لسنا نخبر بذلك خبرًا ونقول : إن الله قد رحمه ، وإن الله قد غفر له ، ولكننا نسأل الله ونرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار ، وفرق بين هذا وهذا .
( 506 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن هذه العبارة : " المكتوب على الجبين لا بد أن تراه العين "

فأجاب بقوله : هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الإنسان ، لكن الآثار هذه ليست إلى ذاك في الصحة ، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها ، فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله ، وعمله ، ورزقه ، وشقي أم سعيد .
( 507 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان إذا خاطب ملكًا : " يا مولاي "
.

(3/136)


--------------------------------------------------------------------------------

فأجاب بقوله : الولاية تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة ، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله تعالى : { ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ } فجعل له سبحانه الولاية على هؤلاء المفترين ، وهذه ولاية عامة ، وأما بالمعنى الخاص فهي خاصة بالمؤمنين المتقين قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ } وقال الله تعالى : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } وهذه ولاية خاصة .
القسم الثاني : ولاية مقيدة مضافة ، فهذه تكون لغير الله ، ولها في اللغة معان كثيرة منها الناصر ، والمتولي للأمور ، والسيد ، قال الله تعالى : { وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } وقال ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « من كنت مولاه فعلي مولاه » وقال ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إنما الولاء لمن أعتق » .
وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك : مولاي بمعنى سيدي ما لم يخش من ذلك محذور .

(3/137)


--------------------------------------------------------------------------------

( 508 ) وسئل فضيلة الشيخ : يحتج بعض الناس إذا نهي عن أمر مخالف للشريعة أو الآداب الإسلامية بقوله : " الناس يفعلون كذا " .
فأجاب بقوله : هذا ليس بحجة لقوله تعالى : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } . ولقوله : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } . والحجة فيما قاله الله ورسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو كان عليه السلف الصالح .
( 509 ) وسئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان لضيفه : " وجه الله إلا أن تأكل " ؟
فأجاب بقوله : لا يجوز لأحد أن يستشفع بالله - عز وجل - إلى أحد من الخلق ، فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع به إلى خلقه ، وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع والمشفوع له ، فكيف يصح أن يجعل الله تعالى شافعًا عند أحد ؟ !
( 510 ) سئل الشيخ : عن قولهم : " هذا نوء محمود " .
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز وهو يشبه قول القائل : مطرنا بنوء كذا وكذا الذي « قال فيه النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فيما يرويه عن الله - عز وجل - : " من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب » .

(3/138)


--------------------------------------------------------------------------------

والأنواء ما هي إلا أوقات لا تحمد ولا تذم ، وما يكون فيها من النعم والرخاء فهو من الله تعالى وهو الذي له الحمد أولًا وآخرًا ، وله الحمد على كل حال .
( 511 ) وسئل فضيلة الشيخ - حفظه الله - : عن قول : " لا حول الله "
فأجاب قائلًا : قول " لا حول الله " ، ما سمعت أحدًا يقولها وكأنهم يريدون " لا حول ولا قوة إلا بالله " ، فيكون الخطأ فيها في التعبير ، والواجب أن تعدل على الوجه الذي يراد بها ، فيقال : " لا حول ولا قوة إلا بالله " .
( 512 ) سئل فضيلة الشيخ : ما رأيكم في هذه العبارة " لا سمح الله " .
فأجاب قائلًا : أكره أن يقول القائل : " لا سمح الله " لأن قوله : " لا سمح الله " ربما توهم أن أحدًا يجبر الله على شيء فيقول: " لا سمح الله " والله - عز وجل - كما قال الرسول ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " لا مكره له " . قال الرسول ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لا يقول أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ولكن ليعزم المسألة ، وليعظم الرغبة فإن الله لا مكره له ، ولا يتعاظمه شيء أعطاه » والأولى أن يقول : " لا قدر الله " بدلًا من قوله : " لا سمح الله " لأنه أبعد عن توهم ما لا يجوز في حق الله تعالى .

(3/139)


--------------------------------------------------------------------------------

( 513 ) سئل فضيلة الشيخ غفر الله له : ما حكم قول : " لا قدر الله " ؟

فأجاب بقوله : " لا قدر الله " معناه الدعاء بأن الله لا يقدر ذلك ، والدعاء بأن الله لا يقدر هذا جائز ، وقول : " لا قدر الله " ليس معناه نفي أن يقدر الله ذلك ، إذ إن الحكم لله يقدر ما يشاء ، لكنه نفي بمعنى الطلب فهو خبر بمعنى الطلب بلا شك ، فكأنه حين يقول : " لا قدر الله " أي أسأل الله أن لا يقدره ، واستعمال النفي بمعنى الطلب شائع كثير في اللغة العربية وعلى هذا فلا بأس بهذه العبارة .
( 514 ) سئل فضيلة الشيخ : عن قول بعض الناس إذا مات شخص : { يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } { ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } ؟
فأجاب بقوله : هذا لا يجوز أن يطلق على شخص بعينه ؛ لأن هذه شهادة بأنه من هذا الصنف .
( 515 ) سئل فضيلة الشيخ : ما رأيكم في قول بعض الناس : " يا هادي ، يا دليل " ؟
فأجاب بقوله : " يا هادي ، يا دليل " لا أعلمها من أسماء الله ، فإن قصد به الإنسان الصفة فلا بأس كما يقول : اللهم يا مجري السحاب ، يا منزل الكتاب وما أشبه ذلك ، فإن الله يهدي من يشاء و" الدليل " هنا بمعنى الهادي .

(3/140)


--------------------------------------------------------------------------------

( 516 ) وسئل غفر الله له : عن قول بعض الناس : " يعلم الله كذا وكذا " ؟
فأجاب بقوله : قول : " يعلم الله " هذه مسألة خطيرة ، حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شيء : يعلم الله والأمر بخلافه صار كافرًا خارجًا عن الملة ، فإذا قلت : " يعلم الله أني ما فعلت هذا " وأنت فاعله فمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر ، " يعلم الله أني ما زرت فلانًا " وأنت زائره صار الله لا يعلم بما يقع ، ومعلوم أن من نفى عن الله العلم فقد كفر ، ولهذا قال الشافعي - رحمه الله - في القدرية قال : " جادلوهم بالعلم فإن أنكروه كفروا ، وإن أقروا به خصموا " ا . هـ . والحاصل أن قول القائل : " يعلم الله " إذا قالها والأمر على خلاف ما قال فإن ذلك خطير جدًا وهو حرام بلا شك .
أما إذا كان مصيبًا ، والأمر على وفق ما قال فلا بأس بذلك ؛ لأنه صادق في قوله ولأن الله بكل شيء عليم كما قالت الرسل في سورة يس : { قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } .

(3/141)


--------------------------------------------------------------------------------










قديم 2012-02-22, 14:04   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أم البراء السلفية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم البراء السلفية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

انتهى الموضوع اتمنى لكم الاستفادة










قديم 2012-02-22, 17:42   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
- بصمة خير -
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ياأختي الموضوع جد جد طويل

لو قمت بتقسيمه على عدة مواضيع احسن

انا سوف اقوم بتقسيمه على عدة ايام من اجل قرأته

في كل الاحوال شكرا على المجهود

ربي يوفق و صلوا على الرسول و ال الرسول










قديم 2012-02-22, 18:20   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
راجي الصّمدِ
عضو متألق
 
الصورة الرمزية راجي الصّمدِ
 

 

 
الأوسمة
مبدع في خيمة الجلفة 
إحصائية العضو










افتراضي

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على الإفادة وحبّذا ينقل الموضوع هنا للفائدة :
أخطاء شائعة في بعض الألفاظ والعبارات











 

الكلمات الدلالية (Tags)
اللفظية, المناهج


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:44

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc