كفانا ... ليصارح نفسه ويصارحها هو أيضا
أعلم أن موضوع "المرأة العاملة" قد تطرق له الكثير والكثيرات ليؤخذ ويرد بين المؤيدات والمؤيدين وزمر الرافضات والرافضين .. دون إهمال فئة المتضعضعين بين أولئك وأولئك ...
لكن ما أود طرحه الآن هو:
من شيمة العربي قبل أن يكون مسلما "الغيرة" حيث تأبى نفسه خروج زوجته بين الرجال أكيد في حيز الرؤية فكيف بالاحتكاك بها في المواصلات والمحيط العملي ونحن نعلم كم أصبح الزحام في كل مكان ... فما بالكم بالإسلام الذي حد حدودا حفظا للنفس والنسل.
كلنا يعلم قصة عثمان رضي الله عنه حين تآمروا على قتله وفي الهجمة الأخيرة؛ طلب من زوجته "نائلة" قائلا: أدخلي فاحتجبي، فقتلي أهون علي من أن يرى شعرك أجنبي.
أقحاح العرب في الجاهلية ومن شدة غيرتهم على نسائهم كانت المرأة بالنسبة لهم مصدر إلهام واستجماع للقوة وضغط نفسي أثناء الحرب لضمان الانتصار مخوفات الأزواج من شر الهزيمة وإلا يسبين، ليعطينا عنترة بن شداد العربي خير درس في الشعور بمسؤولية صون المرأة فيقول:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي *** حتى يواري جارتي مأواها
لذا لتصارح نفسها السيدة عن مدى ما يعانيه زوجها في دواخله من الإحساس بانتقاص رجولته وهو يراها تزاحم الرجال خارجا ...
وليصارح نفسه المتزوج ولا يكبس عليها لحدود الكبت المغيظ والبغيظ أن بداخله صراع يتأجج في أعماقه جراء عمل زوجته ... لا يقل ولا يحلف بأغلض الإيمان عن مدى ثقته في زوجته ... لكن أهذا كاف؟ ... فغيرها ليس بقدر عفافها.
هي حقيقة مهما تلونت المواقف لكن هي بادية علنا عن ما يكابده الزوج من جراء خروج زوجته للعمل والتسوق يزاحمها هذا وتزاحم ذاك ... فالبعض "الله غالب" تحتمت المواقف والبعض عنوة يدفعه مرض بداخله لفعل ذلك.
يا أيها السيد ويا أيتها السيدة:
إن الحياة الزوجية مهما طالت، فيها منحنى التفاهم والتراضي المتبادل في صعود ونزول، وعند نزوله فهل يضمن المتزوج الغيور أن زوجته وقد بلغ منها عدم الرضا عليه أن لا تشعر بتميز زميلها في العمل عنه؟ فهو لطيف المعاملة، قوي الحجة، رتيب الكلام ... فهي من المؤكد تمر ولو لحظة بميزان المقارنة بينه وبين زملائها في محيطها العملي.
لست هنا من أجل شحن القلوب بين الأزواج والزوجات ... ولكن أنا عامل وكم يحز في نفسي استرسال القهقهات في المكاتب بين العاملات والعمال أثناء الاستراحة وحتى العمل، وكم أغتاظ لذاك الزوج المسكين الذي لا يعلم شيئا، تراها أول يوم تستلم عملها كم هي هادئة متحفظة في التعاطي ومن حولها ومع الأيام تبدأ قشور ذلك تتطاير قشرة قشرة حتى لتبدو بعد شهر أو شهرين كم أصبحت ألفتها ممتدة بين كل الزملاء والزميلات، وفي كثير من الأحيان ترى مسؤولها يريها النجوم في وضح النهار نتيجة خطإ عملي. فما تجدها إلا مستكينة إلى منديلها تواري به انهمار دموعها، ورغم كل ذلك لا تنبس ببنت شفة لزوجها مما يحدث معها.
كثيرون من المتزوجين يعلمون ما تكابده الزوجة المسكينة لكن ما باليد حيلة، فالشهرية تعوقه في اتخاذ قرار ينهي أزماته النفسية الداخلية.
لم أتعرض للعاملة بالشكل العام واقتصرت على الزوجة فهي أصبحت تحت مسؤولية معيل هو الزوج، يضمن دوره في الإنفاق بقوة حضور الدين والقانون، فلم الجزع من الفقر والفاقة؟
والله المستعان