لقد كانت تركيا في عهد النظام العلماني بائسة - بأتم معنى الكلمة - سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومتخلفة عن جيرانها في الجهتين: آسيا وأوروبا، فلا هي غربية أوروبية، ولا هي شرقية مسلمة..!
لكن عندما جاء الرئيس المؤمن "أردوغان" إلى الحكم بطريقة ديمقراطية بعيدا عن التزوير الذي أهلك الحرث والنسل، وبإرادة فولاذية ومعه رجال صادقون أصحاب مبادئ لا أصحاب بطون لا تشبع، وضع عن علم ودراية برنامجا طموحا لتركيا المس...لمة التي اكتشفت هويتها الحقيقية من جديد، وتوحدت رغم التنوع الإيديولوجي والعرقي والديني، وقاد"أردوغان" -رئيس الجميع- السفينة بما عليها بمهارة عالية حتى أوصلها إلى بر النجاة..!
وكأن لسان حاله يقول ما قاله المتنبي من قبل:
أريد من زمني ذا أن يبلِّغني
ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
بل لقد أصبحت تركيا في عهد أردوغان "الإسلامي" في بضع سنين دولة مرهوبة الجانب لها كلمتها المسموعة في العالم كله، واستطاعت أن تؤدب الكيان الصهيوني المغتصب المسمى"إسرائيل"، وترغم أنف فرنسا -التي يُسبح بحمدها بعض ساستنا- في التراب، وتتعامل مع أمريكا ندا لند دون شعور بالدونية أو بالنقص، ويحسب لها جيرانها كبارا وصغارا ألف حساب..!
إن تحول تركيا من الضعف إلى القوة في مرحلة وجيزة بحساب عمر الدول مسألة لابد من التأمل فيها بعمق واستخلاص الدروس من تجربتها العملاقة..!
ولعلي أشير هنا بشيء من الاختصار إلى أن القيادة العليمة الحفيظة، والقوية الأمينة، بالمفهوم القرآني:{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }[سورة يوسف الآية:55]،{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }[سورة القصص الآية:26].حينما تمسك - هذه القيادة - بزمام الأمور تكون قادرة على صنع المعجزات، بإذن الله، وبناء صروح من الأمجاد بفضل العزيمة التي يُساندها إخلاص الشعب وتجاوبه إذا ظهر له أنه مقود من رجل صادق حريص على ماضيه وحاضره ومستقبله، يحيا ويموت من أجله..!
إن مواقف "أردوغان"- ولا ندخل في تفسير النيات- صنعت منه بطلا قوميا وزعيما عالميا بعد أن أثبت كفاءته في سياسة الدولة وإعادة بناء تركيا اقتصاديا من جديد دون أن تتلطخ يداه المتوضئتان بسرقة المال العام واستغلال السلطة من أجل الغنى الفاحش غير المشروع، ولو فعل لأسرع خصومه من العلمانيين الذين ينتظرون منه زلة واحدة إلى فضحه وتشويه صورته كما هو ديدنهم في أرض الله رغم أنهم أفسد خلق الله.!
ويضاف إلى هذا أن برنامج "أردوغان" لبعث نهضة جديدة في كل المجالات لم يكن للهف وتشييد الأوهام مثلما فعل بعض الساسة العرب الذين منهم من قضى نحبه، ومنهم من سقط، ومنهم من ينتظر وما تعلموا من تجارب غيرهم، فهؤلاء الساسة أذاعوا على الناس برامج زائفة ليسحروا أعينهم، ويستنزفوا الأموال، ويطيلوا بقاءهم جالسين على الكراسي أطول مدة ممكنة..!
وأشهد أن "أردوغان" لو كان رئيسا لحكومتنا في بلدنا هذا الذي يملك من المقدرات المادية والمعنوية الشيء الهام والكثير، و"شكارة" بمليارات الدولارات، لتحولت الجزائر في سنوات قليلة إلى دولة قوية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، ولقلَّ عندنا "السكارى" و" المنتحرون" و"السراق" و"قطاع الطرق" و"البونديا" الذين يلبسون بدلات إفرنجية بربطات عنق ويدخنون السيجار الكوبي..!
والله لو كان رؤساء الحكومات يُستعارون لكتبت طلبا بذلك ودعوت الناس لمساندة هذا المطلب بإمضاءاتهم، ولكنه حلم ويا له من حلم ...