![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
قصيدة لها تاريخ: (صلوات في هيكل الحب)
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() أقبلي كالصلاة رقرقها النسكُ بمحراب عابدٍ مُتبتلْ أقبلي آية من الله عُليا زفها للفنون وحي مُنزل أنت لحن على فمي عبقري وأنا في حدائق الله بُلبل ويقول إبراهيم ناجي في مستهل قصيدته: (العودة): هذه الكعبة كنا طائفيها والمصلين صباحاً ومساءَ كم سجدنا وعبدنا الحسن فيها كيف بالله رجعنا غُرباءَ هذا المعجم الذي يضم مفردات الصلاة والنسك والمحراب والعابد المتبتل والآية من الله والوحي المنزل وحدائق الله عند محمود حسن إسماعيل ومفردات الكعبة وطائفيها والمصلين وسجدناً وعبدنا وبالله عند إبراهيم ناجي، تأكيد لمعنى التقديس الذي تصطبغ به القصيدة العاطفية عند هؤلاء الرومانسيين، فالحبيبة معبود، ونجاوى الحب صلوات، وعش الحب دير ومعبدوهيكل، والشاعر المحب عابد متبتل يؤدي فرائض المحبة قصائد عمدها عشق روحاني عارم، يخرج الكون والطبيعة والحياة والوجود في ألواح ومزامير، وأناشيد عليا، تنضح بالضراعة والتذلل ـ على حد تعبير محمود حسن إسماعيل: أنت دير الهوى وشعري صلاة لك طابت ضراعتي والتذلل وقبل هذا البيت ـ الناطق التعبير ـ يقول: أنتِ طيف الغيوب، رفرف بالرحمة والطهر والهدى والتبتل أنتِ لي توبة إذا زل عمري وصحا الإثم في دمي وتململ أنتِ لي رحمة براها شعاع هلّ من أعين السما وتنزل لن تستوقفنا طويلاً هذه الـ (أنت) التي يستهل بها الشاعر ثمانية عشر بيتاً متصلة من قصيدته، محاكياً الـ (أنت) التي ترددت سبع مرات متتابعة في قصيدة الشابي وقبلها خمس مرات متباعدة ـ غير متصلة ـ مؤكدة هذا التعلق العميق، وهذا التلذذ بمجرد التوجه الخطابي، وهذا القصر للمعنى والدلالة والخطاب على شاخص بعينه ملء حنايا القصيدة وأرجائها ومقاطعها هو هذه المحبوبة المتفردة بسمات وملامح قلّ أن تجتمع في بشر! لن يستوقفنا ذلك كله بقدر ما تستوقفنا تلك الروح المفعمة بالتطهر والمثاليات ونزعة التقديس التي تسيطر على قصيدة الشابي، والتي تبلغ أوجها في تصويره للعيشة التي يتمناها في ظلال معشوقته المعبودة، وهو يقول: عيشة للجمال، والفن، والإلهام والطهر، والسنا، والسجود عيشة الناسك البتول يُناجي الربَّ في نشوة الذهول الشديد وصولاً إلى ختام القصيدة، وطلقتها الأخيرة، في صورة شعرية عميقة المغزى والدلالة، تلخص كل ما حاولنا الاقتراب منه في السطور السابقة: فالإله العظيم لا يرجمُ العبد إذا كان في جلال السجود إن قصيدة (صلوات في هيكل الحب) لأبي القاسم الشابي واحدة من أبرز القصائد التي صنعت تأثيراً كاسحاً، وأشاعت روحاً شعرية، عارمة، وتناولاً شعرياً مغايراً لموقف الشاعر من جلوة الوجد العاطفي مختلطاً بأقباس روحية وصوفية... إنها قصيدة لها تاريخ! يقول أبوالقاسم الشابي: عذبةٌ أنتِ كالطفولةِ، كالأحلام كاللّحن، كالصباح الجديد كالسماء الضحوك كالليلة القمراء كالورد، كابتسام الوليد يا لها من وداعةٍ وجمال وشباب منَّعم أُمْلود! يا لها من طهارة، تبعثُ التقديـ ـسَ في مهجة الشقيِّ العنيد!... يا لها رقَّةً يكادُ يَرفُ الوَر ْدُ منها في الصّخرة الجلمود! أيُ شيء تُراكِ؟ هل أنتِ (فينيسُ) تهادتْ بين الورى من جديد لتُعيدَ الشبابَ والفرح المعسولَ للعالم التعيس العميد! أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأر ض ليُحيي روحَ السلام العهيد! أنتِ.. ما أنتِ؟ أنت رسمٌ جميلٌ عبقريٌ من فنِّ هذا الوجود وجمالٍ مُقَدَّسٍ معبود أنتِ.. ما أنتِ؟ أنتِ فجرٌ من السحر تجلّى لقلبِيَ المعمود فأراه الحياةَ في مونِق الحسن وجلّى له خفايا الخلود أنتِ روح الربيع، تختال في الدنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورود وتهبُّ الحياةُ سكرى من العطر ويدوي الوجودُ بالتغريد كلما أبْصرتْكِ عينايَ تمشِين بخطوٍ موقَّعٍ كالنّشيد خَفَقَ القلبُ للحياة، ورفّ الزّهرُ في حقل عمريَ المجرود وانتشتْ روحيَ الكئيبةُ بالحبِّ وغنتْ كالبلبل الغرِّيد أنتِ تُحيِينَ فؤادي ماقد مات في أمسيَ السعيدِ الفقيد وتَشِيدينَ في خرائِب روحي ماتلاشى في عهديَ المجدود من طموح إلى الجمالِ إلى الفنِّ إلى ذلك الفضاء البعيد وتبُثِّين رقة الشوق، والأحلامِ والشدوِ، والهوى، في نشيدي بعد أن عانقتْ كآبةُ أيَّامي فؤادِي، وألجمتْ تغريدي أنت أنشودة الأناشيد غنّاكِ إله الغناءِ، رَبُّ القصيد فيكِ شبّ الشَّبابُ، وشَّحهُ السِّحرُ وشدوُ الهوى، وعِطْرُ الورود وتراءى الجمالُ، يرقص رقصاً قُدُسياً، على أغاني الوجود وتهادتْ في أفْقِ روحِكِ أوزْانُ الأغاني، ورقْةُ التغريد فتمايلتِ في الوجود، كلحْنٍ عبقريِّ الخيالِ حلوِ النشيد: خطواتٌ، سكرانةٌ بالأناشيد، وصوتٌ، كرجْع ناي بعيد أنتَ..، أنتِ الحياةُ في قدْسها السامي، وفي سحرها الشجيِّ الفريد أنتِ.. أنتِ الحياةُ، في رِقّةِ الفجر وفي رونق الربيع الوليد أنتِ.. أنتِ الحياةُ كلَّ أوانٍ في رُواءٍ من الشباب جديد أنتِ.. أنتِ الحياةُ فيك وفي عيـ نيكِ آياتُ سحرها المَمْدود أنتِ دنيا من الأناشيد والأحلام والسحْر والخيال المديد أنتِ فوْق الخيال، والشِّعرِ، والفنِّ وفوّقَ النُّهَى وفوق الحدود أنتِ قُدْسي، ومَعبدي، وصباحي وربيعي، ونشوتي، وخلودي. منقول كاتب المقالة هو :فاروق شوشة من مجلة العربي الأحد1 اكتوبر 2000 3/7/1421هـ / العدد503
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
(صلوات, الحب), تاريخ:, هيكل, قصيدة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc