لا يبدو أن مشاكل ليبيا ستنتهي قريبا، ويباشر رجالها بناء الدولة الديمقراطية العصرية التي وعدوا بها الشعب الليبي.
وليس الاعتداء الذي تعرض له عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، الذي استهدف سيارته أو الهجوم على مكتبه ما يدفعنا لقول هذا، وإنما أسلوب تسيير البلاد التي تطرح هذه الأيام مشكلا.
وزير الخارجية، عاشور خيال، هدد أول أمس بالاستقالة، وقال إن عبد الجليل أعطاه قائمة بخمسين اسما من أبناء قبيلته وأقربائه وطلب منه أن يعيّنهم في السلك الدبلوماسي بالخارج، وهي الطريقة التي رفضها وزير الخارجية الذي رأى أنها لا تختلف عن أساليب القذافي التي ثار الشعب الليبي ضدها.
ويبدو أنها ليست المرة الأولى التي توجه فيها انتقادات لرئيس المجلس الانتقالي، الذي يبدو أنه ورث نهج قائده السابق معمر القذافي، حيث ارتفعت قبل اليوم اتهامات لعبد الجليل باستعمال المحاباة والوساطة حتى في إرسال جرحى الأزمة الليبية من أجل العلاج بالخارج، حيث كان الزعيم الليبي الجديد يتوسط لأقربائه وأبناء قبيلته قبل غيرهم.
والتي هي "خير من أختها" على حد تعبيرنا الشعبي، فزعيم طرابلس الجديد قال لمنتقديه ومن هاجموا سيارته ومكتبه إنهم من أزلام القذافي! التهمة السهلة والحجة الواهية التي كانت ومازالت الأنظمة الدكتاتورية تستعملها عندما يثور مواطنون ضدها، تهمة التآمر على الحكم أو اليد الأجنبية، وليس أحسن من تلبيس تهمة أزلام القذافي وأعداء الثورة أو غيرها من التهم الجاهزة.
من الصعب التوقع بما ستؤول إليه ليبيا إذا ما استمر تسيير البلاد بعقلية الماضي وبأسلوب العروشية والقبلية. أليس هذا ما قام من أجله الشعب الليبي، الذي مل استئثار القذافي وعائلته وأبناء قبيلته بخيرات الشعب الليبي؟
أليس من أجل بناء نظام ديمقراطي وقف الليبيون في وجه ظلم القذافي؟ ربما لم يفهم عبد الجليل رسالة الشعب الليبي التي جعلته يثور على القذافي، وكيف له أن يفهم الرسالة وهو الذي لحق متأخرا بانتفاضة الليبيين قبل أن يفوته قطار "الثورة" التي تبناها الناتو. ويبدو أن الرجل جاء ليحافظ فقط على مكاسبه ومكاسب عائلته وعشيرته، لا من أجل تغيير حقيقي في ليبيا ومن أجل بناء دولة المؤسسات.. ثم ما الفائدة من الإطاحة بالقذافي إذا كان سيخلفه قذافي آخر؟!