![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]()
تعريف الغيرة فضل الغيرة على الأعراض وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما مِن أحدٍ أغيرُ من اللهِ؛ مِن أجْلِ ذلك حَرَّمَ الفواحشَ» [رواه البخاري ومسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أُمَةَ محمدٍ ! واللهِ ما مِن أحدٍ أغيرُ من اللهِ أن يزنيَ عبدُه، أو تزنيَ أَمَتُه» [رواه البخاري]. وأهلُ السنةِ يُثبِتون صفةَ الغيرةِ لله تعالى، ويُؤمنون بأن الله تعالى يغارُ حقيقةً، وأن غيرته ليست كغيرةِ المخلوقين، بل غيرةُ الله تليقُ به سبحانه. قال الإمام السيوطي رحمه الله في شرحه لصحيح الإمام مسلم المسمى الديباج: غيرة الله أي أنها مَنْعُه الناسَ من الفواحش وأما ما يُقارنها في حق الناسِ من تغيُّرٍ وانزعاج فإنه مستحيلُ في حقه تعالى. وقال بدر الدين العيني في شرحه لصحيح البخاري (عمدة القاري): معنى غيرة الله تعالى الزجر عن الفواحش والتحريم لها والمنع منها لأن الغيور هو الذي يزجر عما يغار عليه. وقال الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله في تعليقاته على فتح الباري: والغيرة في مثل هذا السياق تتضمن الغضب لانتهاك الحُرمة.إ.هـ وتتميزُ صفةُ الغيرةِ بكونها من صفات الأنبياء أيضا فقد روى الإمامُ أحمدُ رحمه الله في مسنده عن أبي هريرة أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: كان النبيُ داودُ عليه السلام فيه غيرةٌ شديدةٌ وكان إذا خرج أُغلقتِ الأبوابُ فلم يدخلْ على أهلِه أحدٌ حتى يرجع. وذكر ابنُ قدامةَ في الشرح الكبير أثراً عن محمد بنِ علي بنِ الحسين أنه قال: كان ابراهيمُ عليه السلام غيوراً وما مِن امرئٍ لا يغار.. إلا منكوسُ القلب. وها هو خاتَمُ الأنبياءِ محمدٌ صلى الله عليه وسلم قد ضرب أروع الأمثلةِ في الغيرة. فعن سهلٍ بنِ سعدٍ قال: «اطَّلع رَجُلٌ من جُحْرٍ في حُجَرِ النبيِ -صلى الله عليه وسلم - ومع النبيِ -صلى الله عليه وسلم - مُدْرَى يَحُكُ به رأسَه، فقال: لو أعلمُ أنك تنظرُ لطعنتُ به في عينِك، إنما جُعِلَ الاستئذانُ من أجل البصر » [رواه البخاري]. ومن تأمل موقف النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكره ابن كثير في البداية والنهاية فقال: قال ابن هشام: كان أمرُ بني قينقاع أنَّ امرأةً من العربِ قدِمتْ بجَلَبٍ لها فباعتْه بسوقِ بني قَينُقاع وجلستْ إلى صائغٍ هناك منهم فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبتْ فعمِد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتُها فضحكوا بها فصاحت فوثب رجلٌ من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً فشدتْ اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهلُ المسلم المسلمين على اليهود فأُغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع. قال ابن إسحاق: فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه.إ.هـ مَنْ تأمل هذا استبان له كيف كانت غيرةُ النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يُعنِّف أولياء المسلم الذي قتل اليهودي إنما اقتص للمرأة وللرجل المسلم. وإذا عرفنا هذا فإنه يتأكدُ لدينا أنَّ الغيرةَ ليستْ محلَ تندُّرٍ واستهزاء بل هي صفةُ كمالٍ وعِزةٍ وفَخْرٍ وقد تأسى بالأنبياء مَنْ دُونَهم مِن الأسوياءِ والشرفاءِ بِدأً من الصحابة الكرام رضوانُ اللهِ عليهم أجمعين فها هو أبو بكر - رضي الله عنه - يوم أن قيل ما قيل في بنته عائشة رضي الله عنها قال (ما رضينا به في الجاهلية أفنرضى به في الإسلام )؟! وها هو سعد بن عبادة - رضي الله عنه - في القصة المشهورة لمَّا سمع قولَ النبيصلى الله عليه وسلم : «مَن رأى رجلا مع زوجته فليستشهد أربعةً من الرجال ...) قال: لو رأيتُ رجلا مع امرأتي لضربتُه بالسيف غير مُصْفَحٍ أأذهبُ لأطلُبَ أربعةً يشهدون حتى يقضيَ حاجتَه ؟ فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتعجبون من غيرة سعدٍ واللهِ لأنا أغيرُ منه واللهُ أغيرُ مني ومِن أجل غَيْرَةِ الله حرَّم الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن ...» [أخرجه البخاري ومسلم] وفي هذا مدحٌ لسعد رضي الله عنه وعِتابٌ فكأن النبي صلى الله عليه يُشيرُ إلى أن الله تعالى لمَّا حكم بهذا لا يعني ضعف غيرته تعالى وتقدَّس إنما هي حِكمةُ الحليمِ سبحانه وبحمده. وتأمل أيضاً هذا الموقفَ الجليلَ لهذه الصحابيةِ الصالحةِ التي حفظتْ زوجها في غيابه - رضي الله عنهم - فقد أخرج البخاريُ وغيرُه عن أسماء بنت أبي بكر زوجةِ الزبير بن العوام - رضي الله عنهم - أنها قالت: (كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ .. عَلَى رَأْسِي .. فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي) وذكر حمادٌ بنُ زيدٍ عن أيوبَ عن ابن أبي مُليكةَ أنَّ ابنَ عمر رضي الله عنهما سمع امرأته تُكلِّمُ رجلا مِن وراء جِدار ـ بينَها وبينَه قرابةٌ لا يعلمُها ابنُ عمر ـ فجَمَعَ لها جَرائدَ ثم ضربها حتى أضْبَتْ حسيسا. وذكر الخرائطيُ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يأكلُ تُفاحاً ومعه امرأتُه فدخل عليه غلامٌ له فناولتْه تفاحةً قد أكلتْ منها فأوجعها معاذٌ ضرباً ودخل يوما على امرأته وهي تطلع في خِبَاءِ أُدُمٍ فضربها. ومِن بعد الصحابة مَن سار على نهجهم من المؤمنين نعم فإنَّ الغيرةَ من صفات المؤمنِ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن المؤمن يغار» [أخرجه مسلم]. والغيرةُ من الإيمان والدِينِ لذا قال ابن القيم في الجواب الكافي: إن أصلَ الدِينِ الغيرةُ. ومَن لا غيرةَ له لا دينَ له؛ ولهذا كان الديوثُ أخبثَ خَلْق اللهِ. والجنةُ عليه حرامٌ إ.هـ وسيأتي الكلامُ إن شاء الله عن معنى الديوث. لقد كانت الغيرةُ متأصلةً في العرب قبل الإسلام إذ هم أشدُ الناس محافظةً على أنسابهم – لكنها لا تنفك عن إفراط وشطح لذا وَأَدُوا بناتِهم - فجاء الإسلامُ وأَقَرَ الغيرةَ واستحسنها وشرَّفها ولكن مع تهذيبها فأكَرَمَ المرأةَ واحتَرَمَ مقامَها وجعل الموتَ من أجل المحافظةِ والدفاعِ عن عِرضِها شهادةً بعد ما كانتْ تُدفنُ حيةً ففي الحديث «ومن قُتل دون أهله فهو شهيد» [أخرجه الأربعة]. نعم لقد حرَّم اللهُ قتلَ الأُنثى بغير حق – سوى الغيرة المذمومة -لأنها شقيقة الرجل وهي جنسٌ لطيفٌ لا تستقيمُ الحياةُ بدونه فهي إن كانت بنتاً فهي رحمةٌ لوالديها وحجاباً عن النار إنْ أديا حقَ اللهِ فيها. وإن كانت زوجة فهي سكنٌ لبعلها ولباسٌ ساترٌ له. وإن كانت أُماً فهي حِضْنٌ دافئٌ وحنانٌ وارفٌ. وإنَّ مِن اللطائفِ أنَّ من حقوقِ الزوجةِ على زوجها أنْ يغارَ عليها، وأنْ يحميَها؛ بل إنَّ هذا دليلٌ على صِدْقِ حُبِه لها. يقول أحدُ الرجالِ مُبالغِاً في وصف شِدَةِ غيرتِه على زوجته : أغارُ عليك مِن عيني ومنِّي "حضرتْ امرأةٌ عند أحد القضاة، وادّعت على زوجها أن لها عليه خمسَمائة دينارٍ مهراً، فأنكر الزوج، فقال القاضي: هاتِ شهودَك يُشيرون إليها في الشهادة، فأحضرهم، فأمر القاضي أحدَهم أنْ انظُر إلى وجه الزوجةِ لتُشير إليها في شهادتك، فقام الشاهدُ وقال للزوجة: قومي، فأخذتْ الرجلَ الحميّةُ، وحرّكتْه الغيرةُ على زوجته، وصاح أمام الناس: إني أُشْهِدُ القاضي على أن لزوجتي في ذمتي هذا المهر، ولا تُسفرْ عن وجهِها ".سبحان الله حمَّل نفسه مالاً قد يكونُ صادقاً في إنكاره حمايةً لعرضِه وصيانةً لحُرمته. أين هذا من رجل جاء ببنته ذات الرابعةِ عشرة من عمرها لحلاقٍ رجل وقد رأيتُها واللهِ كانت لا تسعُها ثيابُها حياءً وخجلاً بين الرجال ولمّا وعظْتُ أباها قال: المشاغل النسائية غاليةٌ. يالله أما سمع هذا البخيلُ قولَ الشاعرِ :ومِنك ومِن زمانِك والمكانِ ولو أني خبأتُك في عيوني إلى يومِ القيامة ما كفاني أصونُ عرضي بمالي لا أدنسه لطيفةٌ: إنَّ مجتمعاً تُحفظُ فيه النساءُ؛ مجتمعُ طُهرٍ وعفافٍ. قال الغزاليُ رحمه الله في الإحياء: كلُ أُمةٍ وَضعتْ الغيرةَ في رجالها وضعتْ الصيانةَ في نسائها. وقال المناوي رحمه الله في الفَيض: أشرفُ الناسِ وأعلاهم هِمةً أشدُهم غيرةً.لا بارك الله بعد العرض في المال إن الغيرة فطرةٌ قبل أن تكون شِرعة، وإنّ التفريطَ فيها عارٌ ومذمةٌ قبل أن يكون معصيةً. فإن الله تعالى ركَّبها في الآدميين كما قد ركَّبها في البهائمِ فإنَّ البهائم تغارُ على إناثها, ففي صحيح البخاري عن عمروٍ بنِ ميمونَ أنَّ قِردةً زنتْ فرآها زوجُها فجَمَعَ عليها القِرَدَةَ فرجموها وشريكَها. وذكر ابنُ القيم للديك تسعَ خصال وذكر منها غيرتَه على أُنثاه. في نوعي الغيرة والريبةُ: هي التُهمةُ والترددُ على مظانِها .. وبالمثال يتضحُ المقالُ فمن أمثلةِ الغيرةِ المحمودة الغيرةُ على المحارم مِن أنْ يتلبَسِنَّ بشيء من قلةِ الحياء كأن يُخاطبنّ الرجالَ بكل صَفاقةٍ أو بخضوعٍ يُطْمِعُ أهلَ القلوبِ المريضةِ أو يخرُجنّ من البيتِ مُتبرجاتٍ متعطِراتٍ. وكذا الغيرةُ على الموليةِ من التردُدِ على الأسواق بمفردها من غير حاجة سوى التسكُعِ والاستعراضِ. فهذا هو موطنُ الريبةِ ونحو ذلك وفي الجملة فالغيرة المحمودة هي الغيرةُ المعتدلةُ الشرعيةُ التي تجعلُ صاحبَها يحمي محارمَه من الوقوعِ في المنكرِ أو أن يُعتدى عليهن من السفهاء. وفائدتُها أنها تضعُ الرهبةَ في نفس المُغارِ عليه وتُعِينُه على البعدِ عن المعصية. أما التي يكرهُها اللهُ فهي الغيرةُ مِن غَير رِيبةٍ: كأنْ يغارَ الرجلُ على أُمه أنْ ينكحَها زوجُها. أو أنْ يمنعَ بنتَه أو سائرِ محارمِه من الزواجِ؛ غيرةً عليهن أو يغارُ على بناته من صِلَةِ أخْوَالهن أو أعمامِهن سواءً بالنسب أو الرَضاعةِ فيمنَعُهُنَّ من ذلك. أو أن يغار في غير تهمة وهذا أشبهُ ما يكونُ بالوِسواسِ والشك فيَمنعُ زوجتَه من الاتصال بالجوال أو من الخروج من المنزل لحاجة ونحو ذلك وهذه الغيرةُ تُفسِدُ المحبةَ وتُوقعُ العَداوةَ بين المُحِبِ ومحبوبِه. نعم واللهِ فالغيرةُ المذمومةُ لا تحمي عِرضاً ولا تَغْرِسُ شَرَفاً بل تزرعُ الخيانةَ من حيثُ لا يشعُرُ الرجالُ فكم امرأةٍ وقعتْ في الفاحشة بسبب اتهام الرجل لها، يُوَسْوِسُ لها الشيطانُ أن تعملَ الفاحشة! إذ هي على كلِ حالٍ ُمتهمةٌ, وفي المقابل ذاك الرجلُ المتساهلُ المحسنُ الظنَ دائما المتغافلُ عما يدور حوله يُجَرِؤ مَن تحت يده على المعصيةِ كما هي الحال في الأموال وفي المثل المصري ( المال السايب يعلم السرقة ). إذن كِلا طرفي قصدِ الأمورِ ذميمُ والخيرُ كلَ الخير في المتوسط الفطِن. ذكر السيوطيُ رحمه الله في جامعه أنَّ عليَ ابنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: ( الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة يُصلِحُ الرجلُ بها أهلَه وغيرةٌ تُدخلُه النارَ ). وقال ابنُ تيميةَ رحمه الله في كتابه الاستقامة: فالغيرةُ المحبوبةُ هي ما وافقتْ غيرةَ اللهِ تعالى وهذه الغيرةُ هي أنْ تُنْتَهَكَ محارمُ اللهِ وهي أن تُؤتى الفواحشُ الباطنةُ والظاهرةُ... وغيرةُ العبدِ الخاصةِ هي مِن أنْ يُشاركَه الغيرُ في أهلِه... ولهذا كانت الغيرةُ الواجبةُ عليه غيرتُه على أهله وأعظمُهم امرأتُه ثم أقاربُه ومَن هو تحت طاعته...إ.هـ يقول بدرُ الدينِ العينيُ رحمه الله في «عمدة القاري شرح صحيح البخاري »: قال شيخنا: إنَّ ذلك يختلفُ باختلافِ الأشخاصِ؛ فرُبَ رَجُلٍ شديدِ التخيُّلِ فيَظُنُ ما ليس بِرِيبَةٍ ريبةً، ورُبَ رَجُلٍ مُتساهلٍ في ذلك فيَحْمِلُ الرِيبةَ على مَحْمَلٍ يَحسُنُ به ظنُه.إ.هـ وبعد هذا اعلموا رحمني اللهُ وإياكم أنّ الغيرةَ لا تَنْمُو ويَقْوَى عودُها بالقراءةِ والمواعظِ فقط إنما هذا يفيدُ في تجديدِها في النفسِ وقد يستحثُها مِن بعد فُتُورٍ. وأما الذي يُكْسِبُها ويرعى نُمُوَها في نفوسِ الرجالِ والأبناءِ فالفِطرةُ السليمةُ الصافيةُ ثم التربيةُ الجادةُ والبيئاتُ الطاهرةُ العفيفةُ المحافظةُ. إنَّ طريق السلامةِ لمن يريدُ السلامةَ... بعد الإيمان بالله وعصمتِه ورحمتِه تبدأُ من البيتِ والبيئةِ. نعم ... فثمَّت بيوتٌ تُظلُها العِفةُ والحِشمةُ وأخرى تَرْزَحُ تحت غُبارِ التساهلِ والمنكر والعياذُ بالله. إن المروءة والعِرضَ لا يَسْلمانِ ولا يُحفظانِ إلا حين يعيشُ الفتى والفتاةُ في بيتٍ محتشمٍ معمورٍ بتعاليمِ الإسلام وآدابِ القرآن قد تزيَّن أهلُه _ نساؤهم ورجالُهم _ بالسِتْرِ والحياءِ. قد انطفأتْ فيه نارُ الشهواتِ إذ لا وَقُود يُوقِدُها كآلاتِ اللهو والزمر وقنوات التفسخ والمجون. وهذا كلُه قائمٌ على قَوامةِ الرجلِ في أُسرته وبيتِه ومتى ضَعُفَ القَوَّامُ فَسَدَتْ الأقوامُ وإذا فسدتْ الأقوامُ خسروا الفضيلةَ وفقدوا العِفةَ وأصبحوا كالمياه في المفازات يَلْغُ فيها كلُ كلبٍ ويُكدرِّها كلُ واردٍ. فياااا معشرَ المسلمين لنربي أبناءنا مِن صِغَرِهم على الغَيرة على أخواتِهم ثم زوجاتِهم وبناتِهم وعلى سائر مجتمعهم ولْنَئد تلك الظاهرةَ التي تفشَّتْ: أولئك الشبابُ المائعُ الذي يسير أحدُهم بجوار أخته لا يدفع سوءً ولا يُضفي هيبةً. معشر العقلاء والعاقلات: مما مضى يتبيَّنُ لكل منصفٍ وعاقلٍ أنَّ الغيرة واجبةٌ في حق الرجال على نسائهم وأن التقصيرَ فيها محرمٌ. كما يتضحُ أنها هي الأصل في الخَلْقِ وأن عدمَها طارئٌ وله أسباب؛ فمن أجل ذلك سأذكرُ بعضَ الصورِ والمظاهرِ التي يظهر فيها خُلُقُ الغيرةِ عند الفرد والمجتمع واضحاً جلياً.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
بالغيرة, عهدك |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc