الهجّــــــــــــــالة..

[tiout]

الهجّــــــــــــــالة..
"دموع اللّفعة" "وجه الهــم" "جلابة العار" "قنبلة في بيتك".. التي لا تأتي لبيتك وحدها ولكن تحضر معها شبح رجل احتضر قبلك..
هذه جملة مما أبدعته الثّقافة الشّعبية في وصف المطلقة أو الأرملة أو كما يسمى عندنا "الهجالة".
والمرأة الهجالة هي التي فقدت بكارتها بعد خضوعها لممارسة جنسية سواء شرعية أوغير شرعية .وأصبحت امرأة ولم تبق(عزبة) كما هو متداول. فالهجالة لفظ عامي يتداول في وسط المجتمع، بحيث لايوجد مصطلح آخر في المجتمع الجزائري يصف الأرملة أو الأيم سوى لفظ "الهجالة".
والتي تهمنا في هذا الطرح، هي المرأة التي تطلقت أو الأرملة التي توفي عنها زوجها. ومما يجب الإشارة إليه أن هذا اللّـفظ خاص بالمرأة، فالرجل لا يسمى هجال كما تسمى المرأة بها.
وقد يحمل هذا اللفظ معنا قدحيا حيث قد يشتم به أحد كأن يقال له يا "ولد الهجالة"
فغالبية المجتمع يرى في الهجّالة على أنها مجرمة ومنحرفة ومستعدة للممارسة الهوى مع أي رجل كان، فهناك من الرّجال ما أن يعلم أن تلك المرأة هجالة حتى تبدأ عيناه بمطاردتها. وقد يصل به الأمر الى التّحرش بها جنسيا لأنّها امرأة مطلقة أو أرملة ولا تملك عذريتها التي أثبتتها في زواجها الأول، فكل شيء في نظره متاح، وممارسة العلاقة غير الشرعية ليس هناك ما يثبتها جسديا. أما هي فما تزال تعاني الأمرين بسبب وفاة زوجها، أو طلاقها وعودتها إلى بيت أهلها، حيث تمت معاملتها كخادمة، ومنعت من الخروج من بيت العائلة، لأنها امرأة مطلقة، وكانت نساء العائلة تنظر إليها وكأنها كتلة من الخطأ والخطيئة، وتلك هي النّظرة في العديد من المناطق.
بل إن هناك الكثير من النساء اللواتي يعشن في بيوت أزواجهن وهن شبيهات بالمطلقات، فترضى الواحدة منهن على العيش بتلك الطريقة فقط لأنها تخاف أن تصبح "هجالة" في نظر العائلة والمجتمع. فقد أسرّت إحداهن لي يوما قائلة: "إن أبي لا يحب الهجالة فالدار" وإن تطلقت فسيحرص على أن يزوجني ثانية ولو من يهودي.
ولقد تفنن الموروث الشّعبي من خلال الأمثال والحكم في إبداع جملة من الأمثال والحكم الشّعبية التي تسخر من الهجالة (مطلقة أو أرملة)، وتقهرها، وتحذر من يقترب منها ، فأكثر من 50 مثلا شعبيا في الجزائر عن الأرملة كلها تحمل مدلولا سلبيا عنها، كأن جرما خطيرا لايغتفر اقترفته هذة المرأة سئية الحظ.
مثل ''الهجالة ربات عجل ما فلح. ربات كلب ما نبح'' كأن لعنة أزلية تطاردها. لا تفلح حتى في أتفه الأعمال.
أو المثل «شرط العازب على الهجالة». يضرب لمن يشترط شرطا مستحيل التحقق، إنه شرط تعجيزي تحقيقه من باب المستحيلات، فقد قال لها: «ولّي عزبة ونتزوجك» ومعناه بالعربية الفصحى: «ارجعي كما كنت بكرا عذراء وعندئذ أتزوجك». ومن هنا يأتي تعجيز الهجّالة لاستحالة تحقيق شرطه،
والزواج من الأرملة أمر مستبعد رغم جمالها: "ما تاخد الهجالة لو كان يكون خدها مشموم أنت تصرف وتجيب وهي تقول الله يرحم المرحوم".
"لوم الهجالة علي بنتها" وفق الأمثال الجزائرية البدوية... وهو مثل يضرب في التظاهر بالتأديب وإضمار الرضا والعطف.
"تربية الهجّالة" للدلالة على التربية الناقصة بالنسبة للذي يعتقد أن الأب هو الذي يربي ، وأن الهجالة / الأرملة عند فقد زوجها ومعيلها تتفرغ لطلب الرزق فلا يبقى لها وقت لتربية أبنائها وبالتّالي تفقد زمام التربية فيفسد أبناؤها ليضرب في النّهاية المثل بتربيتها السّيئة وفشلها في تكوين أبناء ناجحين،
"لا تديش الهجالة ولو تكون بنت الخالة". التحذير من الزواج منها ولو كانت من الأقارب. والرجل الذي يتزوج أرملة أو مطلقة فإنه لن يسلم من الثّلب. فسيتخافت الناس بينهم باحتقار"لقد تزوج هجالة"
"لمرأة الهجالة وثوب الدلالة يورّثو البلاء". والدلالة هي طريقة تباع بها الأشياء العتيقة بالمدن القديمة.
لكن لماذا المرأة الهجّالة ستورّث البلاء لمن يتزوجها؟ هنا يمكن الحديث بإسهاب عن تجربتها الجنسية مع آخرين، ووقوفها على تعدد الأشكال والأنواع والعادات لأناس سبق وأن تعرفت عنهم. ومن تم تجربتها تلك ستكون حاجزا بينها وبين زوجها.ولن يحصل لا الحب ولا التفاهم بينهما إلا إذا كان ذلك الرجل رجلا بما تحمله الكلمة من معنى.

و هذا ليس عند الجزائريين فقط، بل إننا نجد نفس المواقف عند باقي الشعوب رغم اختلاف عقائدها وانتماآتها وحتى درجة تحضرها، تقول الحكمة الهندية لطاغور: "من تمت قبل زوجها فسيوفر هذا لها باقة زهور على قبرها، وإن ماتت بعده فقد تحولت إلى خرقة بالية"، أما المثل الإفريقي فيوصفها بـ"سقطت الشجرة.. الآن يبدأ التسلق عليها". فيوجه المثل الأمريكي لكل أرملة اتهاما بالقتل، ولهذا تكون النصيحة "لا تتزوج الأرملة إلا إذا كان زوجها قد شنق". ولهذا لا يصدق الإنجليز حزنها ويقولون: "البصل يجعل حتى الأرامل يبكين"، "، وإذا أراد أمريكي وصف آخر بالنفاق قال "تبكي كأرملة"، ومثل صيني آخر يقول ''الأرملة كالفرس بدون فارس"

فوجدت أن الجميع على اختلاف ثقافاتهم ينظرون إليها نظرة سلبية، باستثناء الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي تزوج أول امرأة في الإسلام وعمرها 40 سنة لا للاستمتاع بها،ا بل ليكون قدوة للمسلمين في الرأفة بالأرملة والأخذ بيدها، بحيث جعل من يرعي شؤونها كالمجاهد في سبيل الله، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأكرمها صلي الله عليه وسلم عندما بشر كلّ أرملة تسعي على أولادها أنها تزاحمه في الدّخول للجنة.
قال تعالى:{عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }التحريم5
فما الحكمة في تقديم الثيبات على الأبكار؟
هنا في معرض التخيير ما يشعر بأوليتهن وذلك لإن الثيبات لديهن الخبرة بالعشرة الطّيبة ما لا يكون لغيرهن من الأبكار.فزوجات النبي صلى الله عليه وسلم كلهن ثيبات ماعدا عائشة رضي الله عنها وأن الله لا يختار لنبيه إلا الأفضل.
و تذكروا أن البكر تعود بعد يوم واحد فقط من الزواج ثيبا.
لكن في المقابل لم يظلم البكر وأعطاها حقها الذي تستحقه، حيث نجد في الأثر عن النّبي صلى الله عليه وسلم، أنه رغّب في الزواج من البكر، ففي الحديث عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((عليكم بالأبكار ، فإنهنَّ أنتق أرحامـًا ، وأعذب أفواهـًا ، وأقل خبـًا ، وأرضى باليسير)) .
ويقول الغزالي - رحمه الله - : في البكر خواص لا توجد في الثيب ، منها: أنها لا تحن أبدًا إلا للزوج الأول ، وأكد الحب ما يقع في الحبيب الأول .

عقون أحمد. تيوت